إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تحفة دمشق الحضارية اقترب من مراحله الأخيرة مشروع ترميم المكتبة الظاهرية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تحفة دمشق الحضارية اقترب من مراحله الأخيرة مشروع ترميم المكتبة الظاهرية

    مشروع ترميم المكتبة الظاهرية
    تحفة دمشق الحضارية اقترب من مراحله الأخيرة

    دمشق - سانا
    تشهد المكتبة الظاهرية بدمشق المراحل الأخيرة من عمليات الترميم التي قامت بها مؤخراً كل من مديرية الآثار والمتاحف ومجمع اللغة العربية بالتعاون مع حكومة جمهورية كازاخستان الصديقة.
    وقال الدكتور محمد دغمان المدير المشرف على مشروع ترميم المكتبة الظاهرية إن فكرة ترميم هذا الصرح العمراني الهائل في أهميته التاريخية جاءت بهدف الحفاظ على المخزون الثقافي والعمراني للمكتبة الظاهرية التي عانت عبر فترات زمنية طويلة من تداعيات في بنيتها العمرانية وبناها التحتية مما حدا بمديرية الآثار والمتاحف ومجمع اللغة العربية إلى وضع خطة شاملة لإعادة تأهيل بناء هذه المكتبة حيث تم وضع ميزانيات خاصة لدعم مشروع الترميم بالتعاون مع حكومة كازخستان الصديقة التي قدمت هبة مالية من أجل هذا الغرض.
    وأوضح الدكتور دغمان في حديث خاص لوكالة سانا أن فكرة ترميم هذا الصرح التاريخي العريق بدأت بدعوة من مجمع اللغة العربية بدمشق حيث كلفت بإعداد المشروعات الترميمية لمشروع الترميم والتأهيل اعتمدت فيها على مخططات توثيقية دقيقة اتكأت على التحليل التاريخي والتنقيبات الأثرية ودراسات المقارنة من أجل استعادة مكانة هذه المكتبة عربياً وعالمياً ولاسيما في قسميها القبلي والشرقي بغية تخديم الكتب الثمينة التي تضمها وجعلها في مأمن من التلف المادي إضافة إلى وضع تقنيات فنية معاصرة خاصة بالعمل المكتبي وأرشفته.
    وأضاف دغمان أن مشروع الترميم عمد إلى إعادة تأهيل قبة ضريح الملك الظاهر بيبرس من قبل مديرية الآثار والمتاحف بصفتها السلطة الأثرية الوحيدة القادرة على القيام بهذا العمل وفق دقة تاريخية توثيقية وبمساعدة خبراء آثاريين من مختلف أنحاء العالم وذلك بإعداد المخططات والوثائق وتدقيقها وتحليلها علمياً وصولاً إلى إشراك متعهدي أعمال متخصصين في هذا المجال وحسب الأصول.
    وكشف دغمان أن مشروع ترميم المكتبة الظاهرية تألف من تضافر مجموعة كوادر وطنية خبيرة كل حسب اختصاصه حيث يعد اتساع المكتبة وتعدد وظائفها الحضارية تحدياً حقيقياً لاشتمالها على القسم القبلي المخصص للمدرسة الحنفية وشرقي مخصص للمدرسة الشافعية إضافة إلى صالة لعرض الكتب تقع في القسم الأرضي من المكتبة ترفدها مستودعات ضخمة من الكتب والمخطوطات التاريخية الهامة.
    وأوضح الدكتور دغمان المحاضر في جامعة دمشق أن المشروع عمل على إعادة تأهيل بوابة دار الحديث الظاهرية للمكتبة من خلال إعادة تكوينها عمرانياً وآثارياً مما تطلب فريق إشراف كبيرا واكب أولاً بأول أعمال التنفيذ من ناحية ودقة في اختيار المواد المستخدمة في الترميم بالابتعاد عن أي تشويه لأي عنصر في هذه المنشأة من ناحيةٍ أخرى فتم التخلص نهائياً من كل العناصر الدخيلة الطارئة على بناء المكتبة في فترة الستينيات حيث شهدت ترميماً جائراً بمادة البيتون المسلح تطلب إزالة كاملة لها للوصول إلى الجدران الحجرية العائدة إلى الفترة المملوكية إضافةً إلى تخلص المشروع من طبقات مماثلة في الإيوانين القبلي والشرقي بعناية عالية من قبل المهندسين المختصين.
    وبين دغمان أنه في أثناء القيام بعمليات إعادة البنية التحتية للمكتبة تكشفت آثار القصر العقيقي التي قامت عليه المكتبة الظاهرية ما تطلب توثيقا دقيقا لكافة مكوناته وحفظها حتى تكون بمثابة وثيقة لكل باحث يقوم بدراسة هذا الموقع الحضاري الفريد.
    وكشف دغمان أن المشروع قام بإزالة التشوهات على مستوى الخدمات والبنى التحتية بتنقية الأرض الواقعة في باطن المكتبة بتلافي العيوب الفنية في الصرف الصحي لحفظ أساسات المكتبة ومكوناتها العمرانية والوثائقية من مياه الحمام الروماني الواقع في شمال المكتبة.
    وقال دغمان إن أعمال الترميم شملت قاعة ضريح الظاهر بيبرس لما تضمه هذه القاعة من أصناف متنوعة ذات قيمة فنية عالية ابتداء من الفسيفساء الدمشقية المزججة مروراً بالصدف والرخام المشقف والأعمال الخشبية الزخرفية التي تتوضع على جانبي قبة الضريح بتناسق عمراني إسلامي عربي فريد من نوعه حيث طالت أعمال الترميم هذه الواجهات الفنية الرائعة على أيدي ذات خبرة فنية عالية جداً لا تحتمل أي خطأ مهما كان صغيراً ولذلك سعى المشروع على الإشراف على أعمال ترميم الواجهات من توثيق دقيق لكل مكونات الجدران وحنايا القبة وتحديد المشاكل التي ألمت بتلف كلي أو جزئي أصاب مكوناتها ومن ثم الشروع عبر الفريق الفني لمديرية الآثار والمتاحف بترميم وإعادة الألق لهذه الواجهات الفنية النادرة.
    وأضاف دغمان أن ترميم الإيوان القبلي للمكتبة الظاهرية تضمن إزالة السقائف البيتونية الجائرة التي أساءت للكتل الحجرية الأصلية عبر إزالة التشوهات الجدرانية حيث سيكون من المفروض تحويل الإيوان القبلي إلى قاعة خاصة بدراسات الباحثين المتخصصين والدراسين الأكاديميين عبر تشبيكها بتوصيلات شبكة الإنترنت الدولية لربطها بالمكتبات المحلية والعربية والعالمية أسوةً بالمكتبات الحديثة في العالم.
    كما تم في الإيوان الشرقي من المكتبة إعادة تظهير القوس الحجري الرئيس بإزالة طبقات الإكساء الضارة عن الجدران التي تم وضعها في الستينيات من القرن الفائت وكشف المحراب على الفسحة السماوية الخاصة بالمكتبة من أجل إعادة الفضاء الأصلي للكتل العمرانية كمكان له خصوصية فيزيائية وجمالية سيساهم في تخديم الجامعات والمؤسسات العلمية والبحثية في سورية والعالم.
    وقام الفريق الفني لمديرية الآثار والمتاحف بوضع خطة زمنية ومكانية للبدء بعمليات الترميم فيما قام فريق من المهندسين المتخصصين بإعادة تأهيل البنى التحتية لقاعة الضريح عبر تمديد شبكة إضاءة وتمديدات كهربائية مخفية عبر طبقة إكساء خاصة دون المساس بالعناصر الأثرية الأصلية حيث استغرقت هذه العمليات ما يقارب عاماً ونصف العام شملت أقسام المكتبة كافة من الإيوانين الشرقي والقبلي والبوابة والفسحة السماوية الخاصة بالمكتبة.
    وتمت الاستعانة في هذا المشروع الحضاري الكبير بوثائق تاريخية من صور ومخطوطات مكتوبة توضح معالم قبة ضريح الظاهر بيبرس ساعدت القائمين على مشروع الترميم بإعادة تأهيل قبة المكتبة بشكل دقيق تاريخياً دون أي تحريف لهيئتها العمرانية الخاصة لتقدم بعضها على شكل دراسة أكاديمية للفريق الفني التابع لمديرية الآثار والمتاحف ساعدته في عمليات ترميم الخشبيات والأرضيات وأعمال الفسيفساء الموجودة في قاعة ضريح الظاهر بيبرس.
    من جهته قال محمد الكايد رئيس البعثة الأثرية لمديرية الآثار والمتاحف إن لوحات الفسيفساء الموجودة في قبة الضريح تعود إلى الفترة المملوكية في القرن السادس عشر الميلادي وهي منفذة على أيدي فنانين دمشقيين بتعاليم بيزنطية حيث تحتوي هذه اللوحات على ملايين من المكعبات الزجاجية ذات الأرضية المذهبة إذ عانت هذه التحف عبر الزمن من تدهور كبير في بنيتها نتيجة العوامل الطبيعية والبشرية تمثلت في انفصال الطبقات الحاملة للوحات عن الجدران الحجرية للقبة إضافة إلى فقدان بنسبة عشرين بالمئة من سطح اللوحة الفسيفسائية لتكون بداية العمل الترميمي لفريق المديرية بإجراء جميع العمليات التوثيقية واللوجستية باستخدام مقياس "واحد على واحد" للحفاظ على اتجاه كل مكعب فسيفسائي موجود على سطح اللوحات الجدارية للمكتبة.
    وأضاف الكايد أن اللوحات الفسيفسائية الموجودة في قبة ضريح المكتبة الظاهرية من أهم اللوحات الجدارية في العالم بعد لوحة الجامع الأموي لما تتمتع به من فنية الصانع ودقته وشفافية تكويناته الإبداعية في تنسيق معطيات العمل الجداري حيث تعكس هذه اللوحات حسب دراسات الباحثين فكرةً حضارية عن مدينة دمشق عبر موضوعين الأول دمشق وغوطتاها الشرقية والغربية والثاني تصوير تخيلي لجنة عدن وأنهارها المذكورة في القرآن الكريم عبر احتوائها القصور المشيدة وأكمات الأشجار المثمرة.
    وذكر الكايد أن الفريق الفني لمديرية الآثار والمتاحف قام بترميم كلٍ من الحزام الصدفي والحزام الحجري ورخاميات الجدران التابعة لقاعة ضريح الظاهر بيبرس إضافةً إلى إعادة إحياء كتابات الخط العربي الإسلامي بزخارفه العائدة إلى القرن السادس عشر الميلادي.
    بدوره قال برهان الزراع "مرمم آثار" إن اشتغاله مع زملائه في مديرية الآثار والمتاحف كان منصباً على ترميم دقيق للوحات الفسيفساء الخاصة بالمكتبة الظاهرية حيث كانت عمليات الترميم صعبة ودقيقة للغاية كون التدخل على اللوحة هذه المرة على نموذج فريد من اللوحات الجدارية لإعادتها أقرب ما تكون إلى حالتها الأصلية عبر خبرات ومواهب وطنية استخدمت مواد مصنعة محلياً ضاهت بجودتها مواد الترميم الإيطالية المستوردة وبشهادة خبراء عالميين أثنوا على شغل الفريق الفني الخاص بمديرية الآثار السورية.
    وبين الزراع أن تدعيم اللوحات الفسيفسائية تم من حوافها بحقنها بمادة الكلس الهيدروليكي المصنعة محلياً بخبرات سورية ليتم إزالة التدخلات الإسمنتية الجائرة على تكوينات اللوحة عبر التدخل على اللوحات الجدراية من خلال الموجات فوق الصوتية وبتقنية الميكانيك البسيط لتنظيف المكعبات الزجاجية المكونة للوحة بطريقة كيميائية بسيطة.
    كما قام الفريق الفني بإعادة تأهيل المحراب القائم في وسط قاعة ضريح الظاهر بيبرس بإزالة المكونات الضارة وإعادة التكوين الأصلي بتقطيع المكعبات الحجرية المشكلة للمحراب بطريقة الزيدي إكس من خلال بحث علمي دقيق متأن في كل خطوة من خطوات التأهيل وفق مقاييس المكعبات الموجودة في التشكيل الأصلي.
    وشهدت القاعة الرئيسية للمكتبة إعادة ترميم من قبل فريق عمل فني خاص بالمديرية اشتمل على اختصاصات متعددة أهمها: (الراسم-الراصف-الفني-التقني) حيث قام هؤلاء بإعادة صقل للمحراب من خلال تدقيق الألوان الأصلية المكونة للبنية البصرية للقاعة وبإشراف خبراء عالميين في عملية الصقل الأثري.
    بدوره قال رؤوف يوسف مساعد مهندس في مجمع اللغة العربية إن مشروع تأهيل المكتبة الظاهرية انطلق في بداياته من مجمع اللغة العربية لإعادة تأهيل قاعة المطالعة الخاصة بالمكتبة عبر ربط مستودعات دار الكتب العلوية بمستودعات دار الكتب السفلية عبر مصعد كهربائي يمكن الباحث من التنقل بسهولة بين أجنحة وأقسام المكتبة.
    وأوضح رؤوف أن مستودعات الكتب الجديدة تم تزويدها بأنظمة الإنذار السريع إضافةً لأنظمة إنذار الصرخة فضلاً عن وحدة معالجة وتجفيف الكتب حيث يقوم مجمع اللغة العربية حالياً بإجراء صيانة وترميم دقيقين للكتب القديمة من خلال إعداد فهرسة إلكترونية والاستغناء عن الفهرسة اليدوية الورقية حيث أصبح من السهولة بمكان للباحثين والأكاديميين طلب عناوين معينة من أرشيف المكتبة الرقمي عبر الدخول إلى برامج الفهرسة الإلكترونية الموجودة على حواش ضخمة تضم في قوائمها جميع خزائن المكتبة الظاهرية منذ مئات السنين.
    وبين رؤوف أن مجمع اللغة العربية سيدأب في المستقبل القريب على إنشاء موقع خاص للمكتبة الظاهرية على شبكة الإنترنت لتوفير عناوين الكتب الموجودة للطلاب والباحثين في مختلف أنحاء العالم دون الحاجة للقدوم إلى بناء المكتبة في دمشق.
    وتعتبر المكتبة الظاهرية تحفة عمرانية فريدة في العالم العربي والإسلامي تقع شمال المسجد الأموي الكبير إزاء مثيلاتها من المدارس الإسلامية التي تتوضع إلى جانب بعضها في مدينة دمشق القديمة كالمدرسة الجقمقية والشميساطية والصادرية والعزيزية إذ تعتبر من أهم المعالم الثقافية القديمة في العاصمة السورية لما لها من دور طليعي في الحياة الثقافية منذ الفترة الحمدانية حيث كانت المكتبة الظاهرية قصراً لأحد أمراء بني حمدان يدعى "قصرالأمير العقيقي" متاخماً لحمام روماني قديم لتتحول المدرسة الظاهرية في المرحلة الأيوبية إلى قصر للأمير نجم الدين والد الفاتح صلاح الدين الذي كانت المدرسة الظاهرية مرتعاً لصباه وتعلمه على أيدي علماء وحكماء دمشق.
    وفي العهد المملوكي تحول القصر إلى المكتبة الظاهرية حيث يعدها الباحثون من أهم المشيدات العمرانية في القسم الغربي من مدينة دمشق القديمة والتي بناها ابن الملك الظاهر بيبرس الذي يعود بنشأته إلى مدينة القبجاق في كازاخستان ليجعلها منارة للعلم في كل من أيوانيها القبلي والشرقي اللذين كانا مقصداً للباحثين والتراجمة في تلقي العلوم الروحية والدنيوية.
    وتسجل الوثائق تحول المدرسة الظاهرية إلى أهم مكتبة في الشرق الإسلامي في عهد السلطان العثماني عبد الحميد وعهد والي دمشق مدحت باشا حيث أوعز هذا الأخير عام 1881 للعلامة الطاهر الجزائري بتأسيس هذه الصرح كأول مكتبة عمومية في مدينة دمشق ليعمل الجزائري فيما بعد على جمع الوثائق والمخطوطات الهامة ووضعها في قاعة ضريح الظاهر بيبرس إذ وصلت مصنفات المكتبة الظاهرية إلى أكثر من 75 ألف عنوان وما يزيد على 12 ألف مخطوط نادر نقل معظمها إلى مكتبة الأسد الوطنية فيما بعد.
    يذكر أن المكتبة الظاهرية بنيت عام 676 هجرية على يد الملك السعيد بن الملك الظاهر بيبرس واستخدمت في البداية كمقرٍ للحاكم الأيوبي نجم الدين والد القائد العربي صلاح الدين الأيوبي حيث تعد هذه المكتبة من المباني الإسلامية الهامة الواقعة في حي العمارة الجوانية في مدينة دمشق القديمة وإحدى أقدم المكتبات العمومية في بلاد الشام ويتميز بناؤها بالمقرنصات الحجرية التي تضيف جمالاً على الواجهة والمدخل الخاصين بالمكتبة كما أنها تضم ضريح الملك الظاهر بيبرس.
    واستخدمت المكتبة الظاهرية لتدريس علوم الفقه والقرآن لمدة طويلة في عهد والي دمشق مدحت باشا وقد أعيد ترميمها في الآونة الأخيرة لتصبح جاهزةً لاستقبال الكتب فيها من جديد وتخزينها بطريقةٍ تكنولوجيةٍ حديثة تعتمد نظاماً إلكترونياً كما تمت صيانة وفهرسة 75 ألف كتاب بشكلٍ رقمي لتخديم حاجات الدارسين والباحثين ومشروع ترميم المكتبة الظاهرية يعتبر جزءا من مشروع ثقافي اجتماعي كبير بين الجمهورية العربية السورية وجمهورية كازاخستان قوامه الوصول إلى صيغة حي ثقافي في قلب مدينة دمشق القديمة يعزز التواصل الحضاري بين الأجيال ويدعم البحث العلمي في البلدين الصديقين.


  • #2
    رد: تحفة دمشق الحضارية اقترب من مراحله الأخيرة مشروع ترميم المكتبة الظاهرية

    عبير
    :p

    تعليق

    يعمل...
    X