إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المغني (( مصطفى الكرد )) رائد الفن الثوري الفلسطيني -بسام الكعبي أفراسيا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المغني (( مصطفى الكرد )) رائد الفن الثوري الفلسطيني -بسام الكعبي أفراسيا

    المغني (( مـصـطـفـى الـكــرد ))
    رائد الفن الثوري الفلسطيني

    مصطفى الكرد: الموسيقى لغة مكثفة للإبداع
    بسام الكعبي -أفراسيا
    اشتعل حنينه للقدس عندما كان يعيش بعيدا عنها في برلين مطلع الثمانينات، فحضرت على وقع موسيقاه لحنا جميلا، ولمعت صورا شعرية في أحرف كلماته وحروف أصدقائه الشعراء، وغنى لأحيائها القديمة في محاولة لإطفاء الحنين، لكنه كان يشتعل كلما صعدت إلى الذاكرة طقوس سهرات الأصدقاء حتى الصباح بمقهى أبو بكر عيد في باب العمود بمدخل حي المصرارة..وقد أشعل النار حنينا بأوتار عوده مستحضرا أحياء البلدة داخل الأسوار ومتعة حياتها القديمة وطقوس سهرات أصدقاء الحارة :


    من باب حطة بنظم كلامي
    من خان الزيت بعمل أنغامي
    من الباشورة نبع الأماني
    كل الناس تحيا بأمان
    آه يا زمان ما أحلاها عيشة
    نبقى جماعة وتدور الشيشة
    وعمك ناتان يرشي الشاويش
    ونغني أمان أمان
    آه يا زمان وين السهر
    وين الليالي ع ضو القمر
    وين السحلب يا أبو عمر
    نشربه صبحية مع الآذان

    ولد مصطفى درويش الكرد في العشرين من كانون أول العام 1945 في بيت قديم على طريق الجبشة قرب حارة النصارى بمدخل البلدة العتيقة في القدس، لوالد يعمل في تجارة السكاكر والمكسرات بمشاركة شقيقه من أمه الحاج حافظ الطحان في إدارة شؤون محل تجاري يمتلكاه في باب الخليل.
    تزوجت جدة مصطفى من زوجين الأول من عائلة الطحان والثاني من عائلة الكرد وأنجبت ابنيها حفاظ الطحان ودرويش الكرد، وعاش الشقيقان في كنف والدتهما وزوجها مصطفى الكرد (الجد) منذ طفولتهما. فتحا معا محلا لبيع السكاكر والمكسرات في باب الخليل، وحرصا على بناء بيت مشترك في حي البقعة غربي المدينة وقد انتقلا للسكن فيه قبل التجهيز الكامل لطابقه العلوي لكن النكبة الكبرى العام 1948 أطاحت بأحلامهما في الاستقرار بمنزل جميل ودفعت الشقيقان مع آلاف العائلات للرحيل القسري والشتات. استقرت العائلتان حتى مطلع الخمسينات في أريحا ثم عادت أدراجهما إلى البلدة القديمة في القدس عقب شفاء الأخ الأكبر حافظ من إصابته التي تعرض لها أثناء المواجهات المسلحة في معركة "النوتردام" الشهيرة التي شهدت اشتباكات واسعة لوقف تقدم العدوان الإسرائيلي باتجاه أسوار القدس.
    2
    استعادت ذاكرة الطفل مصطفى بوضوح عودة أفراد عائلته من أريحا إلى القدس العام 1951 لكن الصور في ذاكرته عن بيته في البقعة ومنزل اللجوء في أريحا كانت من رماد وخيال:"لا أذكرُ بيتنا الجديد في البقعة ولا أذكرُ بوضوح خروجنا منه أثناء الحرب باتجاه الشرق، لكن أستعيدُ صورا من خيال في أريحا لدرج خشبي خارجي معلق وساحة واسعة أمام بيت من طين".
    عاد والده ووالدته وأفراد العائلة إلى البيت القديم داخل أسوار القدس، لكن المنزل الصغير لم يعد قادرا على تحمل أسرة كبيرة ومجموعة من الفتيان والفتيات شبوا سريعا خلال سنوات قليلة، فانتقل مصطفى مع والده ووالدته وشقيقته وصال إلى بيت للعائلة في حارة السعدية:" قضيتُ طفولتي في حوش البسطامي الواسع حيث تسكن فيه عائلات المصري، الوعري، الأفغاني، جودة والصحصاح، وتميزت الحارة بدرج حجري شكل مكاناً لألعابنا، كنتُ أرتبُ عليه أقراني من أطفال الحارة وكأنهم يجلسون في مسرح ثم أغني لهم".
    ورث صوت والده الذي كان يتلو القرآن بتجويد جميل بعد صلاة كل فجر:"كنتُ أسمعُ صوته الجميل كأني في حلم، وكنتُ أتشرب هذا الصوت العذب عند كل فجر، وحتى اليوم لا زال صدى صوته يحلق في سماء خيالي".
    عمل والده بعد النكبة في منجرة وكان قد أتم تعليمه المهني في مدرسة شنلر الصناعية في القدس، وبعد ضياع تجارته وتبدد أمواله اثر النكبة وبيع محله التجاري، لجأ لمهنته في النجارة حيث يعمل طوال النهار، لكنه كان يقضي أمسياته في بيت الشيخ محمد المصري في حارة السعدية وبرفقة أصدقائه لترديد حلقات الذكر الصوفية وجلسات يتخللها الأناشيد والغناء الصوفي والمدائح الدينية بطمأنينة وراحة بال، ويلتقي كثيرا مع مجموعة أخرى من أصدقائه ومنهم يوسف النجار، إسماعيل النجار وأبو فهمي القطب وآخرين لغناء الموشحات ونقاش الجملة الموسيقية عند السيد صفطي، السيد درويش، عبد حامولي ومحمد عبد الوهاب وطريقة كل منهم في الغناء.
    حرصت مجموعة الأصدقاء على سماع قراءة القرآن الكريم طوال شهر رمضان، بترتيل من مقرئي مصر الذين يأتون تباعا لقضاء شهر رمضان الفضيل في رحاب المسجد الأقصى: الشيخ مصطفى إسماعيل، الشيخ قبارة، الشيخ المنشاوي، الشيخ عبد الباسط عبد الصمد. كانوا يقيمون في الفندق الوطني، ويتناولون وجبات إفطارهم عند وجهاء المدينة، فيما كان والده حريصا على اصطحاب نجله مصطفى للاستماع إلى فن تجويد القرآن الكريم في المسجد الأقصى وقبة الصخرة وأسلوب الغناء الصوفي في بيت أصدقائه.
    لم يورث مصطفى صوت والده فقط بل أخذ كثيرا من نبرات والدته انتصار الشوا:" مع أنها تجاوزت الثمانينات من عمرها المديد إلا أنها لا زالت تمتلك صوتاً جميلا يفيض بإحساس غريب وحنان عجيب يبدع في مزج طاقة صوتها بمأساتها الشخصية حيث فقدت زوجها قبل أن تجتاز عتبة الثلاثين من عمرها، وحتى الآن تجود بغناء جميل تحمل مفرداته الجمال والغزل والحزن".
    3
    في السادسة من عمره اصطحبه والده إلى مدرسة العمرية، قبّل الأب يد أستاذه وديع حبش وقدم له نجله، وبات مصطفى يُقبّل يد أستاذه ومعلم والده كلما شاهده في أسواق المدينة حتى عقب مغادرته المدرسة شابا يافعا:" مدير المدرسة محمد القيمري وله فضله على والدي وتجاه الكثير من الطلبة، وهناك مجموعة من المعلمين أبرزهم الشيخ كمال الركن، من سكان باب حطة، وكان يحوز على تقدير والدي ويقبل يده كلما التقى به، وقد علمني الشيخ الركن المواد الأساسية وخاصة اللغة العربية والدين، ولفت انتباهي بشكل خاص إلى أحكام تجويد القرآن الكريم، وكنت أحاول جهدي لتنغيم القرآن في حصته، وكان يوضح لي قواعد الإضغام والإقلام والقلقلة، وهناك أيضا المعلم العسلي الذي أعطاني جانبا من الاهتمام، لكن لم يهتم المدرسون كثيرا بتنمية مواهبنا الطلابية، ومع ذلك انتبهوا لصوتي الغنائي فكانوا يطلبون الغناء أثناء الرحلات المدرسية. كنت أجلس خلف مقعد السائق وأترك لصوتي العنان من غناء وتجويد في جو من فرح زملائي وتقدير أساتذتي".
    لم يكمل مصطفى تعليمه المدرسي واضطر لمغادرة المدرسة للعمل عقب وفاة والده العام 1958، رحل والده قبل أن يتجاوز الأربعين من عمره. أصيب بمرض الالتهاب الرئوي "الأزمة" مبكرا بعد أن استنشق مواد كيماوية من مخلفات جيش الاحتلال البريطاني أثناء عمله في منطقة البحر الميت بعد النكبة، وظل يراجع المستشفيات بصورة منتظمة لكن المرض تمكن للأسف من هزيمته. تولت أرملة الراحل شؤون الأسرة وكافحت من أجل صغارها الخمسة وقد كان مصطفى أكبرهم وله ثلاث شقيقات: وصال، خولة وأروى وعلي الأخ الصغير، وأثبتت قوة إرادتها بالدفاع عن أطفالها ورفضها الرضوخ للأقوياء من أفراد الأسرة وتسليم الأبناء والاعتناء بحياتها الشخصية.
    سعى يوسف النجار صديق والده الراحل لدى صديقه يعقوب كمال، أحد أبرز أصحاب الحدادة في القدس، لتعلم مهنة الحدادة لديه. يعقوب كمال خريج مدرسة شنلر للصناعة من أشهر المهنيين بمجاله في المنطقة:"تعلمتُ المهنة جيدا وأتقنتها، لكن كنتُ معروفا بين الحدادين باسم الفنان، وكنتُ أغني باستمرار أثناء عملي في الحدادة، وصاحب العمل الذي لا يعجبه غنائي أغادر محددته بلا رجعة. اشتريتُ في تلك الفترة اوكورديون ثم كلارنيت، وكان علي الزعانين وحسني وهما من معارفي يعزفان ترمبت، الكلارنيت والساكسفون بفرقة موسيقى الجيش الأردني، تعرفتُ جيدا من خلالهما على الموسيقى. أخذتُ بالتدرب على كل آلة موسيقية بانفراد وذلك كلما سنحت الفرصة بعودة الزميلين علي وحسني من الوظيفة في إجازات خاطفة".
    4
    اخذ قرارا قبل أن يكمل السادسة عشرة، رغم معارضة والدته، بمغادرة عمله في القدس والتوجه إلى مدينة نابلس للعمل فيها، وساعده نزول والدته عند رغبته، وجود خالته "أم علي" المقيمة في المدينة والمتزوجة من عائلة الأسطة:"سكنتُ بحارة العقبة في البلدة القديمة بغرفة تطل نافتها على شباك للجيران، وكنتُ بحالة من الهيام والغرام والانفتاح على جماليات جديدة في المدينة، وفي المساء أطلق صوتي الغنائي، سمعني جاري حسن داود حسنين "أبو علي"، فطلب من زوجته لسؤال خالتي عن الصوت الذي يصدح كل مساء في بيتها، وعندما علم بأمري طلب مني زيارته وواظبتُ على قضاء معظم الأمسيات في بيته".
    اكتشف مصطفى أن "أبوعلي" عازف عود جيد ويحمل أفكارا يسارية شيوعية، وأقام سنوات طويلة كلاجئ سياسي في سوريا:"التجربة مع أبوعلي كانت مثيرة، بدءا بالانفتاح على الموسيقى مرورا بالفلسفة والمفاهيم الفكرية، وليس انتهاء بالانتقاص من الخلفية والرؤية الصوفية التي صاحبت سلوكي المحافظ والمتدين. ساعدني على التدقيق الجيد بتفاصيل الأحداث التاريخية التي شهدتها البلاد. لم يطرح أبو علي القضايا التي تشغله بشكل مباشر، بل وفر لي مكتبة أخرى مختلفة عن صنف ونوع الكتب التي تأثرتُ بها ومتوفرة في مكتبة بيت عمي الحاج حافظ. لم تكن العلاقة قائمة معه على التثقيف الأيديولوجي، بل لم يعرف حجم وطبيعة وأثر القضايا التي اكتسبتها منه، واعترفُ بحق أنها تجربة أخرى تركت بصمة في مجرى حياتي الفلسفية ورؤيتي للعلاقة بنوع الموسيقى والغناء الذي يتلمس أوجاع الناس".
    رفض "أبو علي" بداية تعليمه العزف على العود بذريعة أن الموسيقى قد تخطفه من كل شيء وبخاصة أنه يعيل أسرة كبيرة. ظل مصطفى يصر على التعلم حتى جاءت الفرصة:"اشترى أحد شبان نابلس ويدعى الشاويش عودا بائسا من الشام بعشرة دنانير، دفعتُ له نصف المبلغ وأصبحنا شركاء في الآلة الموسيقية، وأخذتُ بالتدرب المتواصل عليها، وكلما احتاجت لضبط الأوتار والدوزان كنتُ أرسلها لأبي علي مع شريكي الشاويش. كان يتدرب عنده على الكمنجة مساء كل يوم جمعة بائع حلويات يدعى أبو أميرة. كنتُ أجلس في حلقة التدريب وأطبع المعلومات والمصطلحات في رأسي، رغم الاختلاف الموسيقي بين آلتي العود والكمان. أحد الأيام خرج أبوعلي من غرفته وكنا شلة أصدقاء في بيته، فتناولتُ على الفور عوده الخاص الذي يختلف عن عودي بالمستوى الرفيع للأوتار والصوت، وأخذتُ بالعزف وكانت المفاجئة، سمع رنات العود تنبعث من الغرفة وتكشف له معرفتي بالعزف، واستسلم للإجابة على أسئلتي بشأن موسيقى العود، بل أخذ يقدم لي المعلومة السليمة ويعلمني، وأصبحتُ أعزفُ على العود بشكل أفضل، ثم استسلم لمشاركتي بأمسياته الموسيقية عند الأصدقاء".
    عاش في نابلس ثلاث سنوات تقريبا انتظم خلالها بزيارة والدته وشقيقاته مرة كل أسبوع.غادر بيت خالته بعد فترة قصيرة واستأجر بيتا برفقة أحد أصدقائه في حي القصبة وعاش حياة مهنية غير مستقرة في النهار فيما حجزت الأمسيات عالمه الموسيقي والفني والثقافي وحلقت به بعيدا عن مهنته، ونجح أيضا بنسج شبكة من الصداقات الاجتماعية الواسعة، وأحب المدينة وعالمها وناسها، وتعرف في تلك الفترة على الكاتب والشاعر المرموق عبد اللطيف عقل، أستاذ الفلسفة في كلية النجاح الوطنية، واكتشف أيضا تقدير ومحبة الأصدقاء المتبادل:"بدأتُ أشارك أبو علي أمسياته وحفلاته الموسيقية، وكنتُ أغني لعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وكارم محمود ومحمد رشدي وغيرهم، ولم نشارك على الإطلاق في إحياء الأمسيات كمأجورين مقابل المال، بل كضيوف لهم مكانتهم الخاصة وميزتهم في التعامل، وكنتُ أواصل حياتي الموسيقية بصورة اعتيادية، لكن حرب حزيران العام 1967 أجبرتني على العودة إلى القدس".
    5
    حاول التطوع مع زملائه عندما بدأت حرب العام 1967 وتوجه صباح الخامس من حزيران برفقتهم إلى معسكر حوارة على مسافة قدرها خمسة كيلو مترات جنوبي المدينة:"رفضنا قادة المعسكر وطالبونا الانخراط بصفوف لجان الدفاع المدني. رجعتُ على البيت جمعتُ أغراضي في حقيبة وانطلقتُ قبل الظهر نحو القدس، برفقة مجموعة من الركاب بسيارة عمومية يقودها السائق الصيرفي. سمع الركاب قرب مخيم الجلزون أخبار سقوط جبل المكبر، أوقف السائق المحرك وقال أنه لا يستطيع متابعة رحلته وطلب من الركاب مغادرة سيارته. قطعنا المسافة على الأقدام من الجلزون مرورا بمدينة البيرة، كنتُ أرتدي بذلة وأحملُ حقيبتي وعودي، عثرتُ على سيارة متجهة إلى القدس لكنها لم تتمكن من تجاوز بيت حنينا. كانت النقطة العسكرية الإسرائيلية في الجامعة العبرية على التلة الفرنسية تقطع الطريق على المارة، وتحت الخطر عبرنا الطريق باتجاه مستشفى العيون وحي الشيخ جراح ثم دار الطفل وشارع المأمونية، وصلتُ باب البريد عند الخامسة مساء ولم يتبق سوى ستين مترا باتجاه باب الساهرة لاجتياز أسوار البلدة القديمة. المسافة القصيرة مكشوفة لقوات الاحتلال المتمركزة في منطقتي النوتردام والجامعة العبرية، غامرتُ وركضتُ باتجاه الباب وعبرته بمساعدة مجموعة من حراسه الذين فتحوا الباب واسعا. شاهدتُ مجموعة من الجيش الأردني في ساحة ملعب النظامية، كانت قيادة الجيش في المدرسة القادسية برفقة مجموعة من الوجهاء والنواب، وحاولتُ البحث عن دور طوعي. طَلبَت قيادة الجيش من مجموعة شبان نقل صناديق ذخائر من مركز شرطة القشلة في باب الخليل إلى ملعب النظامية، لكنها لم تسعف الجيش الأردني بصمود مقاومة جنوده. سقطت البلدة القديمة بقبضة المحتل وتجددت مسيرة العذاب لأبناء شعبنا، وأحضرتْ قوات الجيش حافلات للراغبين بالهجرة ومغادرة المدينة، تمسك سكان حارة السعدية وحوش البسطامي، كما الآخرين في القدس، بالبقاء في بيوتهم رغم الاحتلال واستمرار حظر التجول".
    6
    بدأت البلدة تفتح بالتدريج بعد رفع حظر التجول المفروض على المواطنين، وأعاد مصطفى علاقته مع المهتمين بالموسيقى:"بدأتُ التقي مع عازفي الكمنجة أبو روحي عبيدو وداود أبو خاطر وعثمان الأفغاني وموسقيين آخرين، ثم التقيتُ لاحقا مع أبو حسن زمرد أمين سر نقابة الحدادة والطراشة، وعرض تنظيم نشاطات في مقر النقابة الواقع بشارع الزهرة. التقيتُ اللجنة الثقافية وبدأنا العمل الغناء في محاولة لاستقطاب الشبان المقدسيين من نادي بيت داوود الذي أسسته بلدية القدس. توسع نشاط النقابة على المستوى الرياضي والدبكة الشعبية والغناء التراثي، ونظمت النقابة احتفالات في شهر تشرين أول العام1967 بمشاركة فرقة للدبكة جمعت في صفوفها رياضي النقابة ومنهم ماجد أبو خالد، زكي درويش، خالد خلف، عدنان العويوي، أيوب حجازي وآخرين وباتت النقابة عنوانا وطنيا بارزا".
    واصلت النقابة نشاطاتها وأبدت اهتماما بالمسرح ونجحت في تنظيم عرض مسرحي بعنوان "هزيمة الشيطان" أواخر العام 1967 يروي محاكمة الأموات للشيطان وتحميله وزر خطاياهم في محاولة لتبرئة سلوكهم:"لعبتُ دور أحد الأموات تجتاحني رغبة بمحاسبته باعتباره المسؤول عن مصائبي التي ارتكبتها في حياتي. مثل دور الشيطان في المسرحية أيوب حجازي، وبرزت شواهد القبور على الخشبة باعتبارها الديكور الأساسي للمسرحية التي أخرجتها بمشاركة زميلي زكريا شاهين، ومدتها نحو تسعين دقيقة وعرضتْ مرارا في أماكن كثيرة".
    عرضت مسرحية "الطريد" العام 1968 وتروي حكاية شاب يجنح بعيدا عن سلوك مجتمعه، وبات يعيش حياة الرذيلة والضياع نتيجة الظروف المستجدة بعد الاحتلال، إلا أن القيم الأساسية المتأصلة به انتصرت في النهاية وأعادته إلى رشده:"لعبتُ دور المحامي الذي يدافع عن سلوك المجرم وأرجعت سلوكه السلبي إلى الأسباب الموضوعية التي يعيشها المجتمع وساهمت في خلق الضحايا. تزامنت مع المسرحية شهرة أغاني الأمل، الأرض والسكة، وتواصل النشاط الثقافي والغنائي والمسرحي والرياضي في النقابة حتى أواخر العام 1969 حيث شهدت حالة من الخلاف والانقسام".
    غادر مع مجموعة من زملائه النشيطين نقابة الحدادة والطراشة والتحق الجميع في نادي القدس الرياضي وأشرف على تأسيسه:محمد أبو صوي، نادي خوري، سامي الكرد، يعقوب الأنصاري ومجموعة أخرى رياضية بارزة. واصلت المجموعة نشاطاتها في عرض مسرحية الطريد وتنظيم حفلات الدبكة والغناء على مدار سنة كاملة ثم غادروا النادي الرياضي:"تابعتُ مع زكريا النشاطات الفنية في الطابق الثاني لمطعم ميرامار الذي استأجره مقابل المحكمة، وبعد سبعة أشهر قررنا الانتقال للانطلاق بمؤسسة فنية ثقافية، استأجرنا أربع غرف بعمارة هندية في باب العمود، وفتحنا العام 1970 معهد القدس للفنون والمسرح. اشترينا التجهيزات اللازمة وتعاقدنا مع أساتذة للموسيقى: عبد اللطيف الأشهب، عبد الحميد عبيدو"أبو روحي"، فرانسوا نيكوديم وسميح شيلكو مراد، وكانت أسماء لامعة".
    واصل معهد القدس للفنون نشاطه على مدار عام ونصف لكنه لم يتمكن من متابعة مهمته لقلة الإمكانيات المتوفرة، التحق زكريا بوظيفة في جريدة الشعب التي كان يملكها محمود يعيش ويرأس تحريرها الأستاذ محمود الخطيب، فيما تابع مصطفى مهمته في إقامة الأمسيات الغنائية ، وبدأ يغني للعمال ويعيد توظيف بعض الألحان الفلكلورية لتنسجم مع الأغنيات الشعبية التي بات لها جمهورها، وتزايد الاهتمام من أجل خلق رؤية للغناء المقاوم وتبلوره في إطار مؤسسي جماعي:
    :"أقام في القدس قادما من شفاعمرو الشاب الياس نصرالله، طالب في الجامعة العبرية ومن أنصار الحزب الشيوعي الإسرائيلي، اشتغل مترجما للغة العبرية في صحيفة الشعب، ثم فتح مع رفيقيه داود خوري من الرامة في الجليل وتوفيق أبو رحمة من شفاعمرو، مكتب صلاح الدين للنشر. بذل الشبان الثلاثة جهودهم لتوحيد الحركة الثقافية، وعرض نصرالله العام 1972 لقاء مجموعة بلالين المسرحية التي أسسها فرانسوا أبو سالم، سامح عبوشي، اميل عشراوي، هاني أبو شنب وماجد الماني. واستجابة لفكرته شاركتُ بنشاطات الفرقة التي تحظى باهتمام مجموعة من مثقفي اليسار الذين يمتلكون خبرة وتجربة، ونجحتْ الفرقة في تنظيم مهرجان متميز العام 1973. شاركتُ بأول عمل لي مع فرقة بلالين بعنوان "يونس الأعرج" وغنيتُ "بيت سكاريا" من كلمات عمر يوسف وأيضا قصيدة "الجلاد" للشهيد كمال ناصر، وقدم النشاط الثقافي لاحقا كعمل استعراضي راقص بمشاركة هاني أبو شنب وماجد الماني. وتضمن "يونس الأعرج" أيضا نصوصا شعرية للشاعر التركي التقدمي ناظم حكمت".
    قدم مسرحية "تع تخرفك يا صاحبي" للمخرج وليد عبد السلام العائد من إجازته الدراسية من جامعات مصر، ثم "تربايتك عمي" بمشاركة الممثل جبر الزبيدي، وقدم مع فرانسوا أبو سالم مسرحية "القاعدة والاستثناء" للمسرحي الألماني بريخت:"وقدمتُ في تلك الفترة مجموعة أغاني من كلمات الشاعر خليل توما، وتواصلتْ نشاطاتي مع فرقة بلالين حتى انقسامها العام 1974 بين جناحي بَلالين وبِِلا لين. لكن واصلتُ عروضي الغنائية في الجليل والمثلث بتنسيق مع مكتب صلاح الدين للنشر والحزب الشيوعي".
    شارك العام 1975 مع فرانسوا أبو سالم، عادل الترتير وأنيس البرغوثي في أول تجربة للمسرح المحترف بتشكيل "صندوق العجب" وعرضت الفرقة باكورة أعمالها "لما انجنينا" ولعب فيها مصطفى دور أبو الجنازير فيما لعب الترتير دور عنتر:"لعبتُ دور الجنرال المصاب بجنون العظمة والراغب بأن تستجيب البلاد له بقرع طبول الحرب، فيما لعب زميلي الترتير دور المستكين الذي يدعو بتجنب شر القتال لأن البلاد في ظرف بائس تحت الاحتلال. اشتغلنا على العمل المميز فترة طويلة، وعرض ثلاث ليال متتالية في مدرسة الفرير بالقدس، وليلة العرض الأخيرة تعرضتُ للاعتقال والضرب ومكثتُ عدة أيام في التحقيق بسجن المسكوبية قبل الإفراج عني لعدم ثبوت التهمة".
    أعاد الاحتلال اعتقاله في شباط العام 1976 بذريعة توفر اعترافات لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية حول نشاطه الوطني وعلاقته بفصائل المقاومة:"تعرضتُ للتحقيق المتواصل لثمانية وعشرين يوما دون انتزاع أي اعتراف بالإدانة، وصدر بحقي قرار بالاعتقال الإداري مدة ستة أشهر قابلة للتجديد. واصل المحامون: محمد كيوان، فليتسيا لانغر، ليئا تسيمل، وليد الفاهوم وعلي رافع الدفاع عني. تقرر إبعادي عن الوطن، وغادرتُ إلى عمان في التاسع والعشرين من كانون أول العام 1976 ثم تابعتُ إلى بيروت وقد سبقني للعاصمة اللبنانية اسطوانتي الأولى التي أصدرها مكتب صلاح الدين العام 1974".
    7
    تعرف في بيروت على مجموعة كبيرة من المثقفين والفنانين اللبنانيين والعرب، أبرزهم الموسيقار زياد الرحباني والسينمائي جان شمعون والمسرحي روجيه عساف:"عملتُ مع عساف بتحضير مسرحية عرضها بعدة مناطق في لبنان، وأبدى اهتماما للاستماع عبر جلسات طويلة حول تجارب المسرح في فلسطين وبخاصة تجربة بلالين وفكرة تميزها بالإخراج الجماعي".
    غنى لجمهور المخيمات الفلسطينية، وأنتج اسطوانته "نوح إبراهيم" نسبة لشاعر ثورة 36، وتضمنت الاسطوانة الجديدة أغان من كلمات محمود درويش، توفيق زياد، خليل توما وسميح القاسم، ودفع تكاليف إنتاجها ماجد أبو شرار مسؤول دائرة الإعلام لحركة "فتح". أقام مدرسة لتعليم الموسيقى لأبناء جميع الفصائل دون تمييز، وتعرف على مارسيل خليفة في مهرجان برلين الشرقية العام 1977.
    تعرف على زوجته الاكاديمية الألمانية هيلغا التي ربطتها علاقة متينة بالحركة الطلابية اليسارية عندما اندلعت شرارة ثورتها العام 1968 في العواصم الأوربية. وصلت الطالبة الألمانية لبنان لأول مرة العام 1973 لإجراء دراسة أكاديمية حول القضية الفلسطينية، ثم عادت العام 1975 لمتابعة أبحاثها الأكاديمية لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية، وعملت في الجامعة الأميركية في بيروت كمحاضرة للدراسات الثقافية. عندما وقع مخيم تل الزعتر تحت حصار قوات الكتائب اللبنانية العام 1976 تطوعت مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لمساعدة المحاصرين:"تزوجتُ هيلغا بوكالة شيخ المحكمة الذي أصبح وكيلها وبشهادة اثنين من رفاقي: الدكتور عبد الرحمن برقاوي والسينمائي مصطفى أبو علي، وأقمنا احتفالا بسيطا في أحد مقاهي بيروت، ثم حصلتُ على وثيقة الزواج وترجمتها للغة الألمانية استعدادا لمغادرة لبنان".
    عاش في بيروت أثناء اشتداد الحرب الأهلية واتساع رقعة الانقسام بين الفصائل الفلسطينية عقب دخول القوات السورية للأراضي اللبنانية وتدخلها لصالح الجبهة اليمنية الانعزالية:"كانت تجربة قاسية تحطمت فيها الطهارة المتخيلة في ذاكرتي عن المقاومة، وشهدتُ التصفيات الداخلية وتصادم القوى المسلحة الفلسطينية. كان أصدقائي من المقربين للجبهة الشعبية- القيادة العامة بزعامة أحمد جبريل وراقبتُ بحزن صدامه مع الطرف الذي غادر صفوف الجبهة بزعامة طلعت يعقوب وأبو العباس. عندما انفجرت بناية الفاكهاني في بيروت الغربية استشهد العشرات من الأبرياء ومنهم أبو ريا رفيق صديقي عازف العود أبوعلي الذي عاد إلى نابلس، فيما ظل أبو ريا لاجئا سياسيا في الشام، وتزوج في سورية، وعمل في صناعة الأحذية، إلى أن أقنعه رفاقه بالسفر إلى بيروت والعمل فيها. عندما ذهبتُ إلى دمشق برفقة زميلي الكاتب رشاد أبو شاور، تعرفتُ عليه لأول مرة في محله المتواضع، تناول على الفور حذاء جديدا وقدمه هدية، وعلمتُ أنها عادته المنتظمة مع المناضلين يقدم لهم الأحذية دون مقابل. كان يطل من وجهه نور الصدق، وخسرته كصديق عزيز فيما خسر هو كل أفراد أسرته في الانفجار القاتل، ولم يتبق من عائلته الكبيرة سوى ابنته الصغيرة فيروز التي لم تتجاوز الثالثة عشرة، وكانت تزور جدتها في الشام حين وقع الانفجار. بات الأمر معقدا وقاسيا في لبنان وشعرتُ أن دوري الموسيقي بلا جدوى ولا بد من الرحيل".
    8
    غادر بيروت بعد عامين ونصف على إقامته برفقة زوجته عبر الطريق البري في سيارة صغيرة اشتراها من ألمانيا العام 1977:"غادرتُ صباحا قاصدا ألمانيا وتركنا البيت بعهدة الدكتور البرقاوي، وقطعنا سبعة أيام في الطريق البري عبر تركيا، بلغاريا، يوغسلافيا والنمسا وتابعنا على ألمانيا حتى وصلنا حرم جامعة غوتنغن وانتظرت هيلغا فترة من الوقت لاستكمال كتابة رسالتها وتقديمها للمناقشة في الجامعة. أقمنا في بيت للطلاب لمدة شهر، وخلاله نجحت في تنظيم أسبوع للثقافة الفلسطينية من محاضرات وأفلام وموسيقى وغناء. وفوجئت أن هذا النشاط لم يعجب المؤسسة الرسمية الفلسطينية، وحاول بعضهم توصيل رسالة أن النشاطات التي تخص فلسطين لا تتم إلا من خلالهم. لم أستجب لهذه النزعة وواصلتُ نشاطي الفني بطريقتي الخاصة، وتوسعت علاقتي بأوساط الغناء اليساري العالمي وتعرفت على مغنين من أميركا اللاتينية وإيران وإفريقيا، وأدركت أبعاد قضيتي وامتدادها مع حركات التحرر الأممية".
    بات يسعى لتطوير أدائه الموسيقى وتطوير إمكاناته في عالم مزدحم بألوان الموسيقى والأصوات المختلفة:"درستُ الموسيقى الغربية، واشتريتُ بيانو وبدأتُ التعلم عند أستاذ وأحضرُ نفسي لامتحان جامعي، لكن سفري الدائم حال دون تمكني من متابعة دروسي، لكني بدأت التعرف على عالم جديد في الموسيقى يختلف عما كنت أعرفه. قضيتُ سنة كاملة في غوتنغن تعلمت فيها اللغة الألمانية والموسيقى الغربية ثم نقلنا إلى برلين للاستقرار فيها".
    تابع شغفه بمتابعة دراسة الموسيقى في برلين، وتواصل مع كلية العلوم الموسيقية في جامعة برلين الحرة:"فشلتُ في التسجيل رسميا في الكلية لعدم وجود شهادة الثانوية العامة. تعاطف البروفيسور كوكرز عميد كلية العلوم الموسيقية مع خصوصية تجربتي عندما قدمتُ له أعمالي الموسيقية, وافق على متابعتي للمحاضرات بشكل زائر مشارك ودون الحصول على شهادة أكاديمية. تعرفتُ في الكلية على تاريخ الموسيقى العربية والنهضة الموسيقية التي شهدتها الفترة العباسية. قضيتُ في الكلية عامين وحصلت على وثائق تفيد بدراستي لمواد متخصصة في الموسيقى".
    قضي في برلين خمسة أعوام، وفرح فيها مع زوجته هيلغا بقدوم نجله الوحيد درويش العام 1981. أنتج أثناء إقامته في ألمانيا ثلاث اسطوانات موسيقية غنائية، شارك فيها مع مجموعة من الشعراء بصياغة كلماتها. وغنى وعزف بمجموعة واسعة من العروض الموسيقية ومهرجانات أقيمت في أوروبا والولايات المتحدة وكندا. عاد إلى القدس العام 1983 واستقر نهائيا في مسقط رأسه وزهرة مدنه بعد تسلم الجنسية الألمانية:"تابعتْ المحامية الإسرائيلية ليئا تسيمل ملفي الشخصي، وانتزعت قرارا من المحكمة يقضي بعودتي لانتهاء فترة إبعادي. غنيتُ في الأمسية الأولى لافتتاح مسرح الحكواتي العام 1984. عرضت المؤسسة فيما بعد تأسيس قسم للموسيقى في مبنى المسرح، قدمتُ مشروعي لرئيس مجلس الأمناء فيصل الحسيني قبل تسلم أنيس القاق المنصب، وتابعتُ شؤون تمويله مع الدكتور خليل نخلة مدير مكتب مؤسسة التعاون في جنيف، ومنذ ذلك الوقت حتى الآن أشرف على إدارة القسم الموسيقي الذي ظل في المبنى لكنه بات مستقلا عن إدارة الحكواتي منذ العام 1991 عقب خلافات إدارية بين الشركاء ليصبح مركز القدس للموسيقى العربية".
    شارك بتأسيس قسم الموسيقى في الإذاعة الفلسطينية عقب تأسيسها العام 1994 في أريحا:"قبيل تأسيس الإذاعة نظم حزب الخضر الألماني اليساري بمتابعة زوجتي هيلغا، دورات لمجموعة من صحافيي الأرض المحتلة، ووفرت أجهزة تقنية وفنية للتدريب، وشاركتُ بتقديم تدريب يتناول إعداد البرامج الموسيقية. عند تأسيس الإذاعة ساعدت الأجهزة المتوفرة والتدريب المتواضع على انطلاقة صوتها، وتسلمت فيها مديرا لدائرة الموسيقى ووفرت لها من أرشيف مركز القدس معظم أشرطة الموسيقى التي كانت تبثها الإذاعة. في البداية كان العمل بروح الفريق الواحد والبرامج بمستوى جيد، ثم دبت التكتلات ومحاولات الإقصاء والتهميش ووجدتُ نفسي عالقا في خلافات متشعبة، قررتُ المغادرة دون استقالة".
    9
    ولد وحيده درويش في برلين العام 1981 تعلم حتى الصف التاسع في مدرسة المطران في القدس، ثم تابع الثانوية بمدرسة الانجليكان في القدس الغربية. أنهى البكالوريوس متخصصا في الموسيقى وهندسة الصوت في جامعة مانشيستر البريطانية، ويتابع تعليمه لنيل الماجستير في حقل الإنتاج الموسيقي. ملحن وعازف "جيتار" ويهتم بالغناء الغربي وعاش سنوات عديدة في لندن، وأنتج ثلاث اسطوانات في الموسيقى الغربية. تعمل زوجة مصطفى الدكتورة هيلغا منذ العام 1993 في جامعة بيرزيت.
    تابع نشاطه بإدارة مركز القدس للموسيقى، ويواصل مشاركاته في المهرجانات المحلية والعربية والدولية، وأنتج العام 2009 اسطوانة "المداح" وتتضمن ثماني أغاني:"أحكي فيها ذكرياتي بالمدينة وعلاقاتي مع الأحباء والأصدقاء والشوارع والحارات وأحياء البلدة القديمة، وتتضمن أغنية تكريم للمسرحي الراحل يعقوب إسماعيل بعنوان صاحب الطير، وأغنية "عتم الليل" باللهجة اللبنانية المحلية من كلمات الشاعر عز الدين المناصرة الذي أعتز بصداقته، وقد تعرفتُ عليه منذ سنوات الجمر في بيروت، وتواصلتُ معه بعلاقة صداقة حميمة منذ عمر بعيد".
    غاب عن القدس قسرا نحو تسع سنوات، وعندما اشتدت عليه قسوة المنفى استحضر من ذاكرته شواهد المدينة التي يعشقها، ليكتشف أن وقائع يومياتها وتفاصيل جوامعها وكنائسها وحاراتها وشوارعها وأبوابها وجدرانها محفورة في قلبه، فأطلق لها أجمل الألحان وغنى لها بنبرة صوته الجميل:
    من باب حطة بنظم كلامي




    تتميز أغاني مصطفى الكرد الذي يعتبر من رواد الفن الثوري الفلسطيني بقوة الكلمة التي يظهر فيها أحاسيسه ومشاعره.

    وتعتمد اغانيه على قوة الكلمة التي وجهت مسار حياته.

    صوته الذي ورثه عن والديه هو ما دفعه للتعبير عن شعور الانسان العميق في خضم الحياة وربما هذا ما يفسر عودته لعالمه الإبداعي رغم ان موت والده منعه من مواصلة تعليمة ودفعه للعمل كحداد.

  • #2
    رد: المغني (( مصطفى الكرد )) رائد الفن الثوري الفلسطيني -بسام الكعبي أفراسيا

    تعريف رائع بهرم من اهرامات الغناء السياسي.

    مجهود كبير تستحقين عليه جزيل الشكر.

    مودتي آسيا العزيزة.

    تعليق

    يعمل...
    X