إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عمر حجو .. الممثل الدائم الخضرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عمر حجو .. الممثل الدائم الخضرة




    دمشق ..
    سنوات طويلة مرت على ذلك الرجل الذي أتى ستينيات القرن الفائت من مدينة حلب بعد أن أسس هناك مسرح الشوك، فـ «عمر حجو» الذي اكتفى بأن يكون ثانياً على الدوام، وألا يجاهر مرة واحدة على الأقل بأهمية الجهد الذي قدمه سواء في المسرح أو التلفزيون، فهو ابن حلب الماثل في ذاكرتنا بأدائه لبعض الاسكيتشات الكوميدية بالأبيض والأسود كان دائماً حريصاً على أداء مقامات خاصة في أدواره، معنى ذلك أنه تمكن على مدى أكثر من أربعين عاماً أن يحافظ على نكهته الفريدة سواء في أدوار الكوميديا أو الميلودراما، فـ«حجو» لم تطب له أدوار الشر، لقد ظل متمسكاً بصورته الأبوية الطيبة، شعبية لم يتنازل عنها في كل خطوة خطاها نحو جمهوره العريض.
    بالمقابل لا يمكن أن ننسى ذلك الألق الذي سجله بطل مسرحيات «ضيعة تشرين» و«غربة» و«كاسك يا وطن» حيث أسر هذا الفنان المسرحي قلوب مشاهديه من اللحظة الأولى، مترجماً عشقه إلى لمحات لا تنسى إلى جانب «دريد لحام» و«نهاد قلعي»، فلا نستطيع أن نقول ان الحظ وحده من وضع «عمر حجو» على هذا الطريق، بل هو من اختار ذلك بكامل قواه العقلية، إنه عاشق صامت، لكنه عميق وأخاذ في آنٍ معاً، ممثلٌ يضج بالمواهب من غير ادعاء أو حتى ميل إلى تصنيع كاركترات باهظة، فقط دعوه يتكلم أو يصغي بوجهه الأليف أمام الكاميرا كي نرى «أبو الليث» حاضراً بكل جوارحه في كل مشهد يؤديه بعفوية منقطعة النظير. هذا ما سجلته شخصياً على الأقل عندما وقفت إلى جانبه في أحد الأعمال الدرامية التي أخرجها «هشام شربتجي» وقتها وبعد أن دارت الكاميرا في أحد المشاهد، ظننته ما زال يتكلم إليّ خارج النص، وما إن انتبهت إلى صِياح المخرج حتى عرفت أن «عمر حجو» كان يمثّل ولم يكن يتكلم معي، انظروا جيداً إلى هذا الصدق النادر، ممثل من زمن الكبار حقاً، ممثل يكتب نصه الخاص بوجهه الأبوي القادر في كل مرة على مباغتتك بنظرة تختصر كل شيء، أجل لم يلجأ مؤسس مسرح الشوك إلى إكسسوارات ضخمة، ولم يلجأ كأبناء جيله إلى المبالغات الباروكية في فن التمثيل، بل راهن على مصداقية الفعل، تقشَّف واقتصد في كل الأدوار التي لعبها، محولاً بفهمه الفطري تلك الأدوار إلى معناها الواسع؛ أقصد هنا تحويل الدور إلى شخصية، وعدم الاكتفاء باللعب وأداء الواجب، إنه مسكون حتى الثمالة بتطريز الشخصية من الداخل، معايشتها وكتابتها من جديد كنصوص فرعية تتعامل بجدية مطلقة مع الممثل الشريك، أو ما يمكن تسميته مسرحياً بالممثل القرين، لذلك كله لم ينزع «حجو» إلى المنافسة على أدوار الصف الأول، لقد كان أولاً في كل أدواره الثانية. ‏
    ميزة أخرى يمكن أن نراها في هذا الفنان وهي سرّ تألقه واستمراره غنياً وفعالاً في ذاكرة المشاهد، إنها قدرته على مجاراة الأجيال الجديدة، فـ«عمر» الذي رأيناه في مسرحيات أسرة تشرين هو الأكثر تجدداً كأبٍ في مسلسل «الانتظار»، ها هو وتحت إمرة ولده المخرج الشاب «الليث حجو» يعلمنا درساً كبيراً في الامتثال للعصر، دون أية استعارات من فنون البهلوان التي يتقنها، فقط انظروا إليه كأبٍ يبيع الخضار في حارة شعبية، أبٍ ينوء بين أخلاقه التقليدية إزاء بناته الأربع، وبين عاطفته المكسورة، إنه دور استثنائي سجّله بطل فيلم «الحدود»، فليس غريباً على هذه القامة الفنية العالية أن تقدم رسائلها السرية إلى آباء المجتمع السوري، صحيح ان النص الذي كتبه كل من «حسن سامي يوسف» و«نجيب نصير» كان هاماً، لكن انظروا فقط إلى النص الخاص الذي كتبه «عمر حجو» لنفسه، وتذكروا وجهه في المشهد الذي ينظر فيه ذلك الأب إلى ابنته العائدة من المخفر. ‏
    هذه الاستثنائية ليست من باب الاحتفال به وحسب، إنه ضيف الشرف على دراما إنسانية قرّبته إلينا عبر عشرات الأدوار المنسوجة ببساطة العمق، والابتعاد الجذري عن السطحية والاستسهال بعقل المشاهد، تعرفوا أيضاً على مَلَكة غاية في الحساسية لاسيما أثناء تقديمه للكوميديا، سنتذكره جيداً في مسلسل «جلنار» أو «صراع الزمن» عندما قدّم دور الجَدّ مرحاً متخففاً من شيخوخته لطيفاً وعبقرياً في أداء المقالب الصغيرة، صانعاً للضحك الأدبي من دون الإسفاف أو التهريج، إضافة إلى قدرته في مخاطبة الذوق الشعبي للجمهور، صاحب القلب الطيب والمؤثر دونما جلبة أمام الكاميرا أو خلفها. ‏
    قد يكون «عمر حجو» أحد الممثلين القلائل من جيل الرواد الذين حافظوا على مكانتهم في وجدان المتلقي، فالجميع يعرف أن هذا الممثل قدّم الكثير في المسرح. داس على أشواكه دون أن نسمع أنّة الوجع في قلبه إلا على شكل كوميديا تخطف الأنظار بتلقائيتها ومرونة أدواتها، مجرد مروره على المسرح كان كافياً للاعتراف به كنجم من نجوم الدراما السورية، منعتقاً من سطوة الصف الأول، غير لاهثٍ وراءها، بل هي من كانت تمتثل له كلما اقتربت الكاميرا أكثر من وجهه المُحبَّب، ولعل «حجو» أدرك منذ البداية أن سر السطوع سيكون في فهم معنى التواضع، ليس كاحتقار للآخرين وإنما احترام الآخر وتقديره، والتعاون معه أياً كان الجيل الذي ينتمي إليه هذا الآخر. ‏
    ربما كانت الأدوار التي لعبها هذا الرجل أقل بكثير من المنجم الذي يكتنزه في داخله، ولا أبالغ إذا قلت ان «عمر حجو» القادم من مدينة الموشحات والقدود هو الممثل الأكثر قرباً إلى نموذج الكوميديان الشعبي؛ وفق صيغة تدنو يوماً بعد آخر من نجاحاتها المؤكدة، لأن الفنان الحقيقي كما أكّد لنا «حجو» هو من يعمل بصمت دون أن يبالغ في طبقة صوته أمام الصحافة، ولهذا لم يكن إعلانه الأخير على أحد المواقع الإلكترونية بإعادة الحياة إلى مسرح حلب عبر إخراج جديد لمسرحيات أسرة تشرين إلا التزاماً كاملاً لحبه الأول، هذا الحب الذي بقي في خلده رغم صولات طويلة أمام الكاميرا التلفزيونية، فمن النادر جداً أن نرى فناناً بهذا الصدق والولاء للمسرح، ناهيك عن خصلة لا يمكن إنكارها عند «حجو» وهي كما قلت بسالته في مجاراة الجيل الجديد، شباب دائم لأنه -حكماً - من الأشجار الدائمة الخضرة.

    دراما - سامر محمد إسماعيل ‏

  • #2
    رد: عمر حجو .. الممثل الدائم الخضرة

    الفنان عمر حجو من الفنانين القلائل الذين أعطوا بصمت وبحب وأدى الكثير من الأدوار المتنوعة الكوميدية والتراجيدية التي ما زالت يتردد صداها ويسكن القلوب
    تحية للفنان عمر حجو وأطال الله بعمره
    وتحية للفنان ويليام المبدع
    قيمة المرء ما يحسنه

    تعليق


    • #3
      رد: عمر حجو .. الممثل الدائم الخضرة

      كلنا تلاميذ مبتدئين عند شخص مثل الأستاذ عمر حجو
      شكرا لمرورك زين

      تعليق


      • #4
        رد: عمر حجو .. الممثل الدائم الخضرة

        Thank you William!! Good job!!

        تعليق


        • #5
          رد: عمر حجو .. الممثل الدائم الخضرة

          شكرا لمرورك الحلو

          تعليق

          يعمل...
          X