إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المذيع المخضرم (( نايف حمود )) ورحلته خلال الـ 36 عاما من العمل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المذيع المخضرم (( نايف حمود )) ورحلته خلال الـ 36 عاما من العمل

    المذيع المخضرم (( نايف حمود ))
    ورحلته خلال الـ 36 عاما من العمل

    نايف حمود

    حاوره
    وضاح الخاطر



    خلال ستة وثلاثين عاما من العمل الإعلامي المتواصل، أعدّ وقدم الأستاذ نايف حمود، الكثير من البرامج السياسية والثقافية والمنوعة، فكان مميزا وقريبا من عقول المستمعين ووجدانهم بشكل لافت.
    وبحرفية قلّ نظيرها، استطاع نايف حمود أن يدير إذاعة دمشق، وأن ينتقل بها إلى فضاءات أرحب، ومدايات أوسع ..
    فما اللحظات التي لا ينساها ؟ وكيف يقيّم تجربته الإدارية ؟ وأسئلة أيضا حملناها للأستاذ نايف حمود الذي استقبلنا بحيويته المعتادة، وبسماته اللطيفة، وكانت بداية الحديث عن علاقته مع إذاعة دمشق ..

    لم تكن الإذاعة بالنسبة لي - في صغري – ذلك العالم المسحور، أو الحلم الذي يراه البعض بعيد المنال، فقد ترددت على مبنى الإذاعة بصحبة والدي الذي كان يعمل في إعداد وتقديم بعض البرامج الإذاعية، ومرة أخذني مخرج تلفزيوني لأجلس في استديو التلفزيون مع مجموعة من الأطفال، في مسلسل تلفزيوني قديم من تأليف المرحوم نهاد قلعي .. تلك كانت ذكرى كأني بها بداية الخليقة أو مطلع التاريخ .
    أما البداية الحقيقية فكانت عندما أعلنت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون عن مسابقة للمذيعين والمذيعات في عام 1974 ونجح فيها سبعة كنت واحدا منهم وبدأنا العمل في عام 1975، وكان أول برنامج أعددته وقدمته من حلقة واحدة ذكرى عيد الشهداء 6/ أيار 1975 .

    ما تقييمك لهذه العقود من العمل الإذاعي ؟
    لأنه لا يمكن السباحة خارج الماء، فقد تتلمذنا وتطورنا في معترك العمل الإذاعي،واكتسبنا خبرة مع الأيام من خلال التجارب وممارسة مختلف صنوف العمل الإذاعي، خاصة وأن الله قيض لنا مجموعة من أساتذة الرعيل الأول أحاطونا بالرعاية والتدريب العملي – أذكر منهم المرحوم مروان شيخو وعدنان شيخو والأستاذ فاروق حيدر وغيرهم.
    كانت عقودا غنية، بقسوتها وبأفراحها وأتراحها، بحلوها بمرها، ولكنها كانت تجربة صقلت عقولنا وقلوبنا وهيأتنا لممارسة العمل الإذاعي بشكل أفضل.

    اللحظات التي لا تفارق نايف حمود وهو يسترجع كل هذه السنين ؟
    في مكتبي المتواضع عندما كنت رئيسا لدائرة المذيعين في إذاعة صوت الشعب، كانت تنعقد كل يوم تقريبا جلسات هي أشبه بندوات فكرية سياسية ثقافية إخبارية وفكاهية يحضرها عدد من الأصدقاء الصحفيين الذين أدمنوا زيارة الإذاعة، من صحف البعث والثورة وتشرين ووكالة سانا، وكثيرا ما كان ينضم إلينا في زيارة طارئة مدير الإذاعة في ذلك الحين المرحوم خضر عمران، وغالبا ما كنا نكمل حواراتنا في سهرات ممتعة تمتد بنا لساعات طويلة.
    ارتبط اسم نايف حمود مع برنامج مع الفلاحين في حقولهم، فما المكانة التي يشغلها هذا البرنامج في وجدانكم ؟
    منذ عام 1975 لم تمر دورة إذاعية إلا وكان لي فيها برنامج من إعدادي وتقديمي، وما ارتباط اسمي ببرنامج الفلاحين، إلا مرحلة من تلك المراحل.
    صحيح أنه يرتبط بنفسي بوشائج تاريخية واجتماعية، ذلك أنني أنتمي إليه اجتماعيا بحكم مولدي من أسرة تعمل في الزراعة، وتسكن قرية من قرى محافظة حماه، هناك حيث حصدت القمح بيدي، وقطفت القطن وتعلمت ركوب الخيل، وساعدت والدتي في سلق البرغل لموسم الشتاء، إلا أن برنامج الفلاحين أحد هذه البرامج فقط .

    إضافة لهذا البرنامج ، ما البرامج التي قمت بإعدادها وتقديمها؟
    على مدى أكثر من ثلاثة عقود كنت أعد مختلف أنواع البرامج السياسية والثقافية والمنوعة، أذكر منها :
    مواقف عربية – الشريط الطائر – قصة مدينة – في ربوع دمشق – طرائف من التراث – البيئة والحياة والعديد من الندوات السياسية في المناسبات الوطنية والقومية واللقاءات الميدانية والريبورتاجات في شتى المجالات .
    ولعل الأهم هو تكليفي بالإشراف على برنامج سياسي موجه مدته ساعة يوميا كان يبث على موجات إذاعة دمشق .

    نسمع عن الكثير من الأسماء الكبيرة التي عملت في المجال الإعلامي، أنها قد تركت العمل، بداعي التقاعد الوظيفي، ما رأيك في ذلك ؟
    من المفهوم تماما أن يتقاعد موظف ما من عمل إداري يمارسه ولكن من غير المفهوم أن يتقاعد صحفي من كتابة مقالة أو زاوية كان يكتبها لسنين طويلة في صحيفته التي أمضى عمره فيها ، أو إعداد برنامج في إذاعة أخذت زهرة عمره وذلك بحجة أنه بلغ الستين من العمر .
    إن خسارة خبرة متراكمة عبر السنين لدى أشخاص امتهنوا العمل الإعلامي أو الثقافي أو أي عمل فكري إنما هو هدر للطاقات والكفاءات، وبذلك يتكبد الوطن خسائر فادحة غير منظورة .

    إضافة لعملك المهني كنت مديرا لإذاعة دمشق لعدة سنوات، كيف يقيم نايف حمود تجربته الإدارية ؟
    أن يكون الإعلامي مديرا للإذاعة او أي مؤسسة إعلامية فهي تجربة بلا شك ، لكنها تجربة إدارية – مجرد إدارية ، أعني أنها لا تضيف إلى خبرته الإعلامية الشيء الكثير ، إن لم نقل العكس ، فانغماس المدير في الشؤون الإدارية والعلاقات العامة وتعريف الأمور اليومية قد ترضي لدى الإنسان شهوة السلطة أو حب الظهور والتميز ، وهذه طبيعة البشر ، لكنها كما قلت لن تضيف إلى رصيده الفكري وخبرته الإعلامية الشيء الكثير .
    أما أنا فقد كلفت بإدارة إذاعة دمشق وفي ذهني شيء واحد، أن أكافح ما أمكن من مظاهر الفساد .. والفساد بطبيعة الحال ليس الفساد المادي بمفهومه السائد فقط، فهناك الفساد الأخلاقي والمهني والفساد الروحي والنفسي.
    وإذا لم يكن بمقدورك صياغة الناس كما تهوى، فبإمكانك ألا تتيح لهم فرص الفساد، وقد عملت على ذلك بكل قناعتي واستطاعتي، فمنهم من صفق وبارك تلك الخطوات، ومنهم من أطلق النار من مكامن مصالحه التي تضررت وتجارته التي خسرت.. وهذه طبيعة البشر من صلب المسيح إلى يومنا هذا ..

    وهل من قرارات اتخذتها وقتها وكانت خاطئة، وهل من قرارات تتمنى لو اتخذتها في ذلك الحين ؟
    عندما لا يسمح الإنسان للأهواء أن تستبد به وبحياته ، فنادرا ما يندم على قرار اتخذه ، وجلّ من لا يخطئ .
    ولكن خطأي الأكبر أنني تحملت وزر بعض القرارات التي لم أتخذها، وكان معظمها خاطئ وبعضها مصيب، ولكنني لم أتخذ قرارا واحدا منها ، إنما أصدرتها سلطات أعلى وفوجئت تماما بأنني أتحمل مسؤوليتها، وفي ذلك ظلم فادح، وللإنصاف فإنني أتحمل مسؤولية الصمت .
    وبعد تلك القرارات صممت ألا أسمح بتحميلي أوزار الآخرين وليكن ما يكون، حتى لو اضطرني الأمر لإعلان الحقائق في بعض الصحف العربية ، وهذا ما حصل فعلا، وكان الثمن معروفا بالنسبة لي .

    ما الذي يقوله الأستاذ نايف لزملائه المذيعين وخاصة الجدد منهم ؟
    أقول لزملائي وأحبتي المذيعين الجدد: كل بناء يشيد على أساس هش لن يكتب له البقاء الطويل، مهما امتد وشمخ وطاول عنان السماء، فسريع النمو، سريع الفناء، وهذا ما يجعل السنديانة أكثر رسوخا في الأرض وأطول عمرا من شجرة العليق.
    وأقول لهم أيضا إن آفة العمل الإذاعي ومرضه الخبيث، أن يشعر المرء أنه أوتي من المعرفة والتميز ما لم يؤته الله للآخرين، وأن الله خصه بما يفتقر إليه غيره، فتلك آفة تفتك بصاحبها فقط دون الآخرين.


يعمل...
X