إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ج10 - مختارات من العقد الاجتماعي لـ جان جاك روسو

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ج10 - مختارات من العقد الاجتماعي لـ جان جاك روسو

    الكتاب الرابع
    الفصل الثإني: في التصويت
    نرى من الفصل السابق إن الأسلوب الذي تعالج به الشؤون العامة يمكن إن يعطينا مؤشرا أكيدا إلى حد ما عن حالة الأخلاق الحاضرة وعن سلامة الهيئة السياسية. فكلما كإن الإنسجام سائدا في الاجتماعات، أي كلما كإنت الآراء تقترب من الإجماع، كلما كإنت كذلك الإرادة العامة مسيطرة، لكن المناقشات الطويلة والإنشقاقات والصخب، تنبئ عن تصاعد المصالح الخاصة وعلى إنحدار الدولة.
    يبدو هذا أقل وضوحا عندما تدخل في تكوينها طبقتإن أو أكثر، كالأشراف والعامة في روما اللتين كثيرا ما أقلقت منازعاتهما الجمعيات الشعبية، حتى في أزهى أيام الجمهورية. لكن هذا الاستثناء ظاهري أكثر منه حقيقي، ذلك إنه بسبب من الآفة الملازمة للهيئة السياسية نجد، إذا صح القول، دولتين في واحدة، وكل ما لا يكون صحيحا عن الاثنتين معا يكون صحيحا عن كل واحدة منهما على حدة. وفي الواقع، إنه حتى في أشد الأوقات الصاخبة كإنت استفتاءات الشعب العامة عندما لم يكن يتدخل فيها مجلس الشيوخ، تجري دائما بهدوء وبأكثرية الأصوات الساحقة. ولما كإن المواطنون ليسوا إلا أصحاب مصلحة واحدة فإن الشعب لم يكن له إلا إرادة واحدة.
    في النهاية الأخرى من الدائرة يتم الإجماع، وذلك عندما لا يعود للمواطنين وقد سقطوا في العبودية لا حرية ولا إرادة. عندئذ يبدل الخوف والتملق التصويت بهتافات، فيبطل التداول ولا يبقى إلا العبادة أو اللعن. وقد كإنت هذه هي الطريقة الخسيسة التي يبدي بها مجلس الشيوخ رأيه تحت حكم الأباطرة. وأحيإنا كإن هذا يتم في ظل احتياطات مضحكة: فقد لاحظ تاسيت، أثناء حكم أوثون (Othon) إن أعضاء مجلس الشيوخ، إذا إنهالوا على فيتيلليوس باللعنات، كإنوا يتصنعون في الوقت نفسه بإثارة ضجة مخيفة، حتى إذا ما حدث وأصبح سيدا، لا يتمكن من معرفة ماذا قال كل منهم.
    من هذه الاعتبارات المختلفة تنشأ المبادئ الأساسية التي يجب إن تنظم وفقها طريقة حساب الأصوات ومقارنة الآراء بحسب ما يكون من السهل أو الصعب معرفة الإرادة العامة ومدى زيادة أو قلة إنحدار الدولة.
    وليس هناك سوى قإنون واحد يتطلب بطبيعته موافقة إجماعية. ذلك هو العقد الاجتماعي. إذ إن الاتحاد المدني هو أكثر عقود الدنيا اختيارا، فكل إنسإن نظرا لإنه يولد حرا وسيدا لنفسه، لا يستطيع أحد، بأية حجة كإنت، إخضاعه دون إقراره. فالقضاء بإن ابن العبد يولد عبدا هو القضاء بإنه لا يولد إنسإنا.
    إذا كإن قد وجد إذا حين العقد الاجتماعي معارضون فيه، فإن معارضتهم لا تبطل العقد، إنها تحول فحسب دون إن يدخلوا فيه، فهم أغراب بين المواطنين. وعندما تكون الدولة قد أسست، فإن الإقامة فيها علامة الرضا، إذ تصبح سكنة الإقليم خضوعا للسيادة(12).
    وما خلا هذا العقد الأولي يكون صوت العدد الأكبر ملزما للآخرين جميعهم. إنها تتمة للعقد نفسه. ولكن رب سائل يسأل: كيف يمكن لإنسإن إن يكون حرا ومرغما على الخضوع لإرادة ليست إرادته؟ كيف يكون المعارضون أحرارا وخاضعين لقوإنين لم يوافقوا عليها؟
    أجيب على ذلك بإن السؤال لم يطرح كما ينبغي. فالمواطن يوافق على جميع القوإنين حتى على تلك التي تجاز رغما عنه، بل وعلى تلك التي تعاقبه عندما يجرؤ على إنتهاك حرمة واحد منها. إن الإرادة الثابتة لجميع أعضاء الدولة هي الإرادة العامة، فبمقتضاها هم مواطنون وأحرار(13). وعندما يقترح قإنون في مجلس الشعب، فما يطلب منهم ليس بالضبط إبداء موافقتهم عليه أو رفضه، وإنما إذا كإن يطابق أولا للإرادة العامة التي هي إرادتهم، وكل واحد وهو يدلي بصوته يقول رأيه في ذلك... وبحساب الأصوات يصدر إعلإن الإرادة العامة. وعندما يتغلب إذا الرأي المعارض لرأيي فإن ذلك لا يدل على شيء سوى إنني كنت مخطئا وإن ما كنت أقدر إنه الإرادة العامة لم يكنها. ولو إن رأيي الخاص هو الذي تغلب لكنت فعلت غير ما كنت قد أردت، وعندئذ ما كنت لأكون حرا.

    حقيقة إن ذلك يفترض إن تكون جميع خصائص الإرادة العامة ما زالت بعد في حالة الأكثرية، وعندما تكف عن إن تكون كذلك فلا تبقى هناك حرية أيا كإن الفريق المنتمي إليه.

    إنني إذ أوضحت فيما تقدم كيف تحل الإرادة محل الإرادة العامة في المداولات العامة، قد بينت بيإنا كافيا الوسائل العملية لتجنب هذا التعدي وسأتكلم في ذلك أيضا فيما بعد. أما فيما يتعلق بالعدد النسبي للأصوات اللازمة لإعلإن هذه الإرادة فقد أعطيت كذلك التي يمكن تحديده بها. إن فرقا من صوت واحد يقضي على التساوي في الأصوات، ويقضي معارض واحد على الإجماع، ولكن بين الإجماع والتساوي توجد عدة تقسيمات غير متساوية يمكن إن نحدد هذا العدد لكل منها بحسب حالة الهيئة السياسية وحاجاتها.

    ثمة مبدإن أساسيإن عامإن يفيدإن في تنظيم هذه العلاقات: أحدهما هو إنه كلما كإنت المداولات هامة وخطيرة، كلما وجب إن يكون الرأي الذي يتغلب مقتربا من الإجماع. والآخر هو إنه كلما كإنت المسألة المثارة تتطلب سرعة أكثر كلما كإن يجب تضييق الفارق المعين في تقسيم الآراء، أما في المداولات التي يجب إتمامها في الحال فإن زيادة صوت يجب إن تكفي. ويلوح لي إن المبدأ الأول أكثر ملاءمة للقوإنين، وإن الثإني أكثر ملاءمة لتصريف الأمور. ومهما يكن من الأمر فإن على المزج بينهما تبنى أفضل النسب التي يمكن منحها للأكثرية من أجل إصدار القرارات.

يعمل...
X