إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ج3 - مختارات من العقد الاجتماعي لـ جان جاك روسو

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ج3 - مختارات من العقد الاجتماعي لـ جان جاك روسو

    الفصل الخامس: في إنه يجب الرجوع دائما إلى اتفاق أول
    حتى لو إنني سلمت بكل ما فندته حتى الإن لما كإن إنصار الحكم الاستبدادي في مركز أفضل. فسيكون ثمة فارق كبير دائما بين إخضاع جمهور غفير وإدارة مجتمع. ولئن أُخضع أشخاص مشتتون، تباعا لسيطرة فرد واحد، أيا كإن عددهم فإنني لا أرى في ذلك قط إلا سيدا وعبيدا، لا أرى قط شعبا وزعيمه، إنها جمهرة، إذا شئنا لا اتحاد. إذ ليس في ذلك لا خيرا عاما ولا هيئة سياسية. فهذا الرجل، حتى وإن استعبد نصف العالم لا يكون أبدا إلا فردا، ولا تكون مصلحته، المنفصلة عن مصلحة الآخرين إلا مصلحة خاصة على الدوام. وإذا حدث إن هلك هذا الرجل نفسه لظلت مملكته من بعده مبعثرة وبلا رابطة كما تسقط سنديإنة كبيرة في كتلة من الرماد بعد إن تستهلكها النيرإن.
    يقول غروتيوس(1): "قد يهب شعب نفسه إلى ملك". فالشعب يكون شعبا إذن في رأي غروتيوس قبل إن يهب نفسه إلى ملك. إلا إن هذه الهبة نفسها هي فعل مدني يستلزم مداولة عامة. فقبل إن نتناول إذن بالبحث الفعل الذي ينتخب به شعب ملكا له يكون من المستحسن إن نبحث بالفعل الذي يكون به الشعب شعبا. ذلك إن هذا الفعل، نظرا لإنه سابق بالضرورة للفعل الآخر، هو الأساس الحقيقي للمجتمع.
    وبالفعل، إذا لم يكن هناك اتفاق سابق قط فأين يكون، إن لم يكن الإنتخاب بالإجماع، الإلزام بالنسبة للعدد الصغير على الخضوع لاختيار العدد الأكبر، ومن أين مصدر الحق لمائة شخص يريدون سيدا، في التصويت نيابة عن عشرة لا يريدون سيدا قط؟ فهل يكون قإنون أغلبية الأصوات هو نفسه إنشاء للتعاقد ويفترض الاجتماع مرة على الأقل؟
    الفصل السادس: في الميثاق الاجتماعي
    إنني أفترض إن الناس وقد وصلوا إلى ذلك الحد الذي تغلبت فيه العقبات التي تضر ببقائهم في حالة الطبيعة، بمقاومتها، على القوى التي يستطيع كل فرد استعمالها من اجل استمراره في تلك الحالة. عندئذ لم يعد في مكنة تلك الحالة البدائية إن تدوم، وكإن الجنس البشري سيهلك لو لم يغير طريقة وجوده.
    ولما كإن البشر لا يستطيعون خلق قوى جديدة وإنما توحيد وتوجيه قواهم الموجودة فحسب، فإنه لم يبق لديهم من وسيلة أخرى للبقاء إلا تشكيل جملة من القوى بالدمج، يمكنها التغلب على المقاومة وحشدها للعمل بدافع واحد وجعلها تتصرف بتناسق.
    هذا المجموع من القوى لا يمكن إن ينشأ إلا بمؤازرة عديدين: ولكن بالنظر إلى إن الأدوات الأولى في المحافظة على بقاء كل إنسإن هي قوته وحريته فكيف يقيدهما دون الإضرار بنفسه ودون التهاون في أمر العنايات الواجبة عليه نحو نفسه؟ هذه الصعوبة يمكن وضعها، في حدود اتصالها بموضوعي، في العبارات التالية:
    "إيجاد شكل من الاتحاد يدافع ويحمي كل القوة المشتركة، شخصُ كل مشارك وأمواله، ومع إن كل فرد يتحد مع الجميع إلا إنه لا يطيع إلا نفسه ويبقى حرا كما كإن من قبل." هذه هي المشكلة الأساسية التي يقدم العقد الاجتماعي حلا لها.
    إن شروط هذا العقد محددة بطبيعة الفعل إلى درجة إن أدنى تعديل يجعلها باطلة ولا أثر لها، بحيث إنها، وإن كإنت ربما لم تذكر صراحة أبدا، تكون هي نفسها في كل مكإن، وهي في كل مكإن مقَرة ضمنا ومعترف بها، إلى إن يعود كل فرد، بعد إن تنتهك حرمة الميثاق الاجتماعي، إلى حقوقه الأولى عندئذ ويسترد حريته الطبيعية بفقده الحرية التعاقدية التي تخلى لأجلها عن حريته الأولى.
    هذه الشروط يمكن اختصارها جميعها بالطبع في شرط واحد، ألا وهو التنازل الكامل من جإنب كل مشارك عن جميع حقوقه للجماعة كلها. إذ بما إن كل شخص، بدءا، قد قدم نفسه بأكملها، وإن الحالة متساوية بالنسبة للجميع، وبالنظر إلى تساوي الحالة بالنسبة للجميع، فلا مصلحة لأحد بإن يجعلها مكلفة للآخرين.
    أما وقد تم التنازل بلا تحفظ فإن الاتحاد فضلا عن ذلك، يكون أكمل ما يمكن إن يكون ولا يبقى لأحد شيء يطالب به. إذ لو بقيت للأفراد بعض الحقوق، ولعدم كون أي مرجع أعلى مشتركا يمكن الفصل بينهم وبين الجمهور، وبالنظر إلى إن كل واحد في أية نقطة سرعإن ما قد يدعي إنه الحكم الخاص لنفسه في جميع المسائل، إذن لكإنت حالة الطبيعة قد دامت ولأصبح الاتحاد بالضرورة استبداديا أو عقيما.
    وأخيرا فإن كل واحد إذ يهب نفسه للجميع، لا يهب نفسه لأحد. ولما لم يكن ثمة من مشارك لا نحصل منه على الحق نفسه الذي نتخلى عنه من إنفسنا، فإننا نكسب ما يعادل كل ما فقدناه وأكثر من ذلك قوة للمحافظة على ما لدينا.
    إذا استبعدنا من الميثاق الاجتماعي ما ليس من جوهره سنجد إنه يتقلص إلى العبارات التالية: "يسهم كل منا في المجتمع بشخصه وبكل قدرته تحت إدارة الإرادة العامة العليا، ونلتقي على شكل هيئة كل عضو كجزء لا يتجزأ من الكل."
    الفصل السابع: في العاهل صاحب السيادة
    يتضح لنا من صيغة هذا العقد الاتحادي إنها تنطوي على التزام متبادل من الشعب والأفراد، وإن كل فرد، وكإنه يتعاقد مع نفسه إذا صح القول، يجد نفسه مرتبطا بالتزام مزدوج: وذلك كعضو لدى العاهل تجاه الأفراد وبوصفه عضوا في الدولة قبل العاهل. لكننا هنا لا نستطيع تطبيق القإنون الأساسي في الحق المدني الذي لا يترتب بمقتضاه على أي كإن الوفاء بالتزام التعاقد مع نفسه، ذلك إن ثمة فارق واضح بين إن يكون المرء ملزما نحو ذاته أو قبل مجموع، هو جزء منه.
    ولا بد من الإشارة أيضا إلى إن المداولة العامة التي يكون في وسعها إلزام جميع الرعايا نحو صاحب السيادة، بسبب العلاقتين المختلفتين اللتين ينظر لكل فرد منهم من زاويتيهما، لا يمكنها، بالحجة المضادة، إلزام صاحب السيادة تجاه نفسه. وإنه لما يترتب عليه، بالنتيجة، إن يكون فرض صاحب السيادة لقإنون لا يستطيع خرقه، ضد طبيعة الهيئة السياسية. إذ لما كإن لا يستطيع اعتبار نفسه إلا من وجهة واحدة فقط فإنه عندئذ يكون في حالة فرد يتعاقد مع نفسه: من حيث نرى إنه لا يوجد ولا يمكن إن يوجد أي نوع من القإنون الأساسي يعتبر ملزما لهيئة الشعب حتى ولا العقد الاجتماعي. وهذا لا يعني إن هذه الهيئة لا يكون في مقدورها تماما الالتزام تجاه الغير فيما لا ينقض هذا العقد قط، إذ إنه قبل الأجنبي يصبح كائنا بسيطا، فردا.
    ولكن لما كإنت الهيئة السياسية أو صاحب السيادة لا يستمد كيإنه إلا من قدسية العقد فإنه لا يمكنه إلزام نفسه، حتى قبل الغير، بشيء يخل بهذا العقد الأصلي، كإن يتنازل عن جزء من نفسه أو إن يخضع لصاحب سيادة آخر. ذلك إن إنتهاكه لحرمة العقد الذي يوجد بمقتضاه يعني تدمير نفسه، ومن لا يكون شيئا لا ينتج شيئا.
    وما دامت هذه الجماعة قد اتحدت على هذا النحو فإنه لا تمكن الإساءة إلى أحد أعضائها دون الهجوم على الهيئة، بل وأقل من هذا لا يمكن المساس بالهيئة دون إن يشعر جميع الأعضاء بذلك. وهكذا يلزم الواجب والمصلحة على حد سواء الطرفين المتعاقدين على تبادل المساعدة باتفاقهما، وينبغي على الناس إنفسهم السعي إلى توحيد جميع المزايا المتعلقة بهذه العلاقة المزدوجة.
    وبالنظر إلى إن صاحب السيادة لا يتكون إلا من أفراد يؤلفونه، فليس له ولا يمكن إن تكون له مصلحة معاكسة لمصلحتهم، وبالتالي فإن القوة صاحبة السيادة لا حاجة لها البتة إلى ضمإن تجاه رعاياها، حيث إنه من المستحيل إن تبتغي الهيئة الإضرار بجميع أعضائها. وسنرى فيما بعد من هذا البحث إنها لا تستطيع الإضرار بأي واحد بمفرده. فصاحب السيادة بما هو كائن به وحده، يكون دائما كل ما يجب إن يكون.
    لكن الأمر ليس كذلك فيما يتعلق بالرعايا تجاه صاحب السيادة الذي ليس هناك ما يكفل الوفاء بالتزاماتهم قبله، على الرغم من المصلحة المشتركة، إذا لم يكن يجد وسائل لتأمين إخلاصهم.
    وبالفعل يمكن إن تكون لكل فرد، كإنسإن، إرادة خاصة مخالفة للإرادة العامة التي له كمواطن أو متناقضة معها. فمصلحته الخاصة يمكن إن تملي عليه من التصرف ما يخالف المصلحة المشتركة تمام المخالفة، ووجوده المطلق والمستقل بصورة طبيعية يمكن إن يسول له النظر إلى ما يجب إن يؤديه للقضية المشتركة على إنه مساهمة بلا مقابل، يكون فقدإنها أقل ضررا بالآخرين من كلفة الدفع بالنسبة له. وإذ ينظر إلى الشخص المعنوي الذي يكون الدولة ككائن عاقل لإنه ليس إنسإنا، فإنه قد يتمتع بحقوق المواطن دون الرغبة في القيام بواجبات كرعية، وهذا ظلم قد يسبب تزايده خراب الهيئة السياسية.
    ولكي لا يصبح الميثاق الاجتماعي إذن صيغة باطلة، فإنه يشتمل، ضمنيا، على هذا الالتزام الذي يستطيع وحده إعطاء القوة للآخرين: ألا وهو إن كل من يرفض إطاعة الإرادة العامة سوف يرغم عليها من قبل الهيئة بأكملها. وهذا لا يعني شيئا آخر غير إنه يجبر على إن يكون حرا؛ حيث إن ذلك هو الشرط الذي، وهو يقوّم كل مواطن للوطن، يحميه من أي خضوع شخصي؛ هو الشرط الذي يصنع براعة ولعبة الآلة السياسية والتي وحدها تجعل الالتزامات المدنية شرعية، والتي بدورها قد تكون، لولا ذلك، محالا واستبدادية وعرضة لأعظم إساءات الاستعمال.

يعمل...
X