Announcement

Collapse
No announcement yet.

يطرح هموم الممثل المسرحي ((حقائب )) التونسي ويغوص في أعماقه

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • يطرح هموم الممثل المسرحي ((حقائب )) التونسي ويغوص في أعماقه

    حقائب
    عرض مسرحي تونسي
    يطرح هموم الممثل المسرحي ويغوص في أعماقه



    دمشق - سانا
    وظف المخرج التونسي جعفر القاسمي مسرحيته حقائب التي عرضت مساء أمس على خشبة دار الأوبرا للحديث عن الممثل باعتباره إنساناً بكل معنى الكلمة معالجاً موضوعه من المنحى الفلسفي فيما يتعلق بماهية الممثل وفكرة ضرورة التمثيل.
    وعادة ما يكون الممثل المسرحي مرآة المجتمع التي تعكس مشاكله إلا أن يوسف البحري مؤلف النص أراده في "حقائب" ذلك الإنسان المصاب بفصام حاد بين واقعه وما يتمناه.
    ويكمن جوهر مسرحية حقائب في الغوص والمغامرة في ثنايا أخرى من الفرجة المسرحية حيث اشتغل المخرج القاسمي بمشاركة الممثلين سماح الدشراوي ونبيلة قويدر وسماح التوكابري والصادق حلواس وأسامة الجامعي ورضا جاب الله وأحمد بن علي ويوسف مارس على تقنيات سينمائية داخل المسرح وكأن هناك كادراً وكاميرا فاعتمد في كل مرة على التقاط زاوية نظر واشتغل عليها ومن ثم جمعها فكان الممثلون عبارة عن وديان شكلوا بحراً مسرحياً يحوي ما يحويه.
    وسعى القاسمي لنسج عرضه على غرار العروض التونسية المعهودة المبنية على مستوى معين من الشكل والخطاب المسرحي الدرامي والفكري إضافة إلى الخطاب الجمالي مع تقنيات المسرح المختلفة من إضاءة ولون وضوء وأبخرة وأدخنة كما أن الطاقات الأدائية العالية للممثلين وانضباطهم الجيد فعلت فعلها في صياغة العرض المسرحي.
    وإضافة إلى ذلك فإن القاسمي عمد إلى جمع مشاهد مصنعة ومركبة ومدمجة مع بعضها لتوصيل شحنة لحظية ومن ثم يتم ربطها في سياق الفكرة الأساسية إلا أنه لم يكن موفقاً فيه على مدار أكثر من ساعة ونصف هي زمن المسرحية.
    ويمكن ملاحظة افتقاد العرض للقيمة الدرامية وكأن نص حقائب ما هو إلا نوع من الكتابة على الخشبة أو بالممثل أو حتى داخل البروفة وهي صفة يتسم بها المسرح المعاصر وهذا ما جعل العرض عبارة عن مشاهد مصنعة تمت صياغتها بحرفية عالية لتحقيق إمتاع ما في مناخ من التهكم على حال المسرح والتهويل من مستقبله.
    وكان واضحاً أن فكرة النص المسبق انزاحت لمصلحة سيادة فلسفة العرض وانحسار حضور النص كقيمة درامية في الأساس وبالتالي سادت الحالة المشهدية والمتقطعة التي تم نسجها وجمعها حيث استطاع القاسمي التحايل عليها بمسحة الإمتاع والإدهاش التي تخللت العرض.
    وفي تصريح لوكالة سانا قال المخرج جعفر القاسمي إن مسرحية حقائب تحاول إظهار معادلة أن المسرح ليس ضرورياً إذ إننا نستطيع أن نعيش من دون مسرح لكن غيابه خطير جداً لإنه يعكس حياتنا ويحكي حكاياتنا ونشاهد من خلاله أرواحنا.
    ويؤكد القاسمي أنه انطلق في مسرحية حقائب من أهمية فعل المسرح وكيفية أدائه ونتيجته معتبراً أنه بلا ألم لا داعي للمسرح لأن الألم هو المحرك الأساسي للعملية المسرحية.
    وأشار إلى أن العرض كان على هيئة أحجية لم يقترح إجابات وإنما اقترح أسئلة ترك للجمهور فرصة الإجابة عليها عبر أحلامهم وتساؤلاتهم ومشاهدة ذواتهم فيها مبيناً أنه تعمد في العرض الاشتغال على تقنيات السينما وكأن الجمهور يتابع فيلماً فيمشي في لقطة معينة يتم قطعها والسير في لقطة أخرى ومن ثم الرجوع للقطة نفسها حيث كانت اللقطات كالوديان التي يتم التبديل بينها للوصول إلى المنبع وكأنها موجات مد وجزر تأتي بحكاية وتأخذ أخرى.
    وحول التقشف السينوغرافي على الخشبة أوضح القاسمي أن هذا الأمر ليس أمراً جديداً إذ إن بيتر بروك اشتغل بالطريقة نفسها رغم أن هذا الاختيار شكل مسؤولية صعبة على الممثل بغياب الديكور والإكسسوارات التي عادة ما يرتكز عليها الممثل الذي ظهر أعزل محاولاً الدفاع عن نفسه بمقدراته التمثيلية.
    وقال القاسمي إن اللهجات ليست عائقاً في استيعاب أي عمل مسرحي إذ إننا كتونسيين نفهم اللهجة السورية وبقية اللهجات العربية مشيراً إلى أن المسرح ليس لهجة بل هو حس وروح.
    واعتبر مخرج حقائب أن الجمهور السوري صار يترقب العروض التونسية لأن المسرحيين التونسيين السابقين أمثال عز الدين قنون وفاضل الجعايبي وتوفيق الجبالي ومحمد إدريس والمنصف السويسي وغيرهم قدموا صورة جيدة عن المسرح التونسي الذي حقق سمعة وحضوراً إضافة إلى أن اسم مسرحية حقائب سبقها إلى مهرجان دمشق المسرحي بعد أن نالت جائزة أفضل عرض في مهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة.
    وفيما يتعلق بأهمية المهرجانات المسرحية العربية أوضح القاسمي أن الأهم من سوية العروض المشاركة هو اللقاءات التي تجمع بين المسرحيين العرب والأجانب والمناقشات والتواصل فيما بينهم.
    من جانبه وصف الفنان المسرحي السوداني ياسر عبد اللطيف عرض حقائب بالذكي والمخاتل الذي استطاع أن يصنع مشاهد تمت حياكتها ونسجها ببعضها بالاعتماد على شطارة الممثل الموتور تقنياً عند اللفظ والحركة ليصطاد بساطة ذوق المشاهد.
    واعتبر عبد اللطيف أنه لم يكن في حقائب نص مؤكد بل كان عبارة عن عرض اجتمعت فيه مجموعة مسرحية محترفة قررت إنجازه إلا أنه كان من المستحب الاشتغال على نص مسرحي درامي يحكي حكاية فيها ما فيها من حب وكراهية وألم لا أن تكون عبارة عن مزاج أحادي في "ران أوي" و"تيك أوي" ومزاج المونولوج المتهكم الذي يشبه المقالة الصحفية الساخرة الناقدة لأوضاع مجتمعية واقتصادية وفكرية.
    ونبه عبد اللطيف إلى بعض الإسرافات في العرض ومنها اللغو الحركي المترافق مع مونولوجات مضحكة ومسلية إضافة إلى طول مدة العرض وتكرار المناجاة الداخلية للممثلين.
    ولم ينكر عبد اللطيف ما يتمتع به الممثل المسرحي التونسي من قدرات على مستوى تكنيكات الصوت والجسد والحركة والتعامل مع الفضاء والجسد المسرحي الآخر وقال.. إن لدى الممثل التونسي طاقة عالية ومقدرة على التعامل مع المشاهد.
    وفيما يتعلق بالإضاءة أكد عبد اللطيف أن مخرج العرض اشتغل على مبدأ المسرحة اللطيفة فاستخدم الإضاءة بجمالية ودلالات ذكية وقال.. إن الفضاء المسرحي كان يحتمل أن يكون بهذه الصيغة أو بصيغة أكثر تقشفاً.
    ورأى عبد اللطيف أن الأزمة التي يعاني منها المسرح دعت المسرحيين للبوح عن عذاباتهم الشخصية وعذابات المهنة وقال.. إن حال المسرح كحال الدراما العربية بكل أشكالها من مسرح وسينما وتلفزيون فإذا كان المسرح يعاني من مشاكل إنتاجية وفكرية وفنية وإبداعية وطاقات مهدورة فإنه قد يتقاطع مع التلفزيون في بعض المشاكل وكذلك الأمر مع السينما العربية.
    من جانبه قال الكاتب المسرحي جوان جان أن عرض حقائب قدم مشهدية بصرية جميلة جداً تعتمد على الإبهار البصري وعلى إتقان أداء الممثلين وسرعة بديهياتهم وحتى على مقدرتهم الارتجالية في بعض الأحيان إذ كانت هناك علاقة جيدة بين الخشبة والصالة وبين الممثل والمتلقي.
    وأوضح أن المسرحية حاولت الدفاع عن المسرح وطرح عدة تساؤلات فيما يتعلق بذلك بينها لماذا أصبح المسرح في آخر الاهتمامات وقال.. إن المقارنة التي قدمها العرض بين المسرح والرياضة هي مقارنة ظالمة للطرفين أي إننا لا يمكن مقارنة الفن بالرياضة فلكل نوع جمهوره وعالمه الخاص فيه.
    وأشار جان إلى أن العمل كان مبهراً بصرياً لكن هذا الإبهار بدأ يفقد رونقه بعد نصف ساعة من بداية العرض وبدأ الجمهور يسأل عن الآتي بعد أن صدمته بداية العرض ولاحظ بعض التكرار والإطالة مؤكداً أن المسرحية كانت بحاجة إلى القليل من التشذيب ولاسيما أنه كانت هناك مشكلة إلى حد ما في موضوع اللهجة التونسية ليكون صالحاً ليقدم للجمهور السوري.
Working...
X