إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صناعة الموسيقى تراجعت في صدر الإسلام والعهد الراشدي وازدهرت بالعصرين الأموي والعباسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صناعة الموسيقى تراجعت في صدر الإسلام والعهد الراشدي وازدهرت بالعصرين الأموي والعباسي

    صناعة الموسيقى
    تراجعت في صدر الإسلام والعهد الراشدي
    وازدهرت بالعصرين الأموي والعباسي


    المصدر: الموسوعة العربية، صميم الشريف

    تراجعت صناعة الموسيقى تراجعاً ملموساً في صدر الإسلام والعهد الراشدي، وإن ظل بعض أعلام الغناء والعزف مثل: الميلاء، وسائب خاثر، وطويس (وهو أول مغن في الإسلام) يزاولون الغناء والعزف، وزاوله أيضاً بعض المغنين الذين عاشوا في عهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية.
    أما في العصر الأموي 661-750 فقد شهدت صناعة الموسيقى والغناء ازدهاراً كبيراً منذ تولي الوليد بن عبد الملك الخلافة ولغاية سقوط الدولة الأموية في عهد مروان بن محمد 744-750، وفي العهد الأموي مال عرب الحجاز للألحان الفارسية التي كان يتغنى بها الأسرى الفرس الذين جيء بهم من العراق لتشييد الأبنية في مكة. وأول موسيقي استفاد من هذه الألحان ونسخها أو نقلها وغناها بالعربية كان ابن مسجح الذي لم يكتف بما توصل إليه، فرحل إلى بلاد الشام، وأخذ منها ألحان الروم والنظريات الموسيقية، ثم سافر إلى بلاد فارس فأخذ من موسيقييها أنواع الغناء وأساليب الضرب، وطرح منها ما استهجنه ذوقه العربي، وكذلك فعل بعده تلميذه ابن محرز، وحينما تولى بشر بن مروان (أخو الخليفة عبد الملك بن مروان) ولاية الكوفة خلفاً لخالد ابن عبد الله القسري الذي كان قد أصدر أمراً بتحريم الغناء والموسيقى، ألغى هذا الأمر واستدعى حنين الحيري من بني الحارث، وكان من أشهر المغنين، فأكرمه ورفع من شأنه. وكان الخلفاء الأمويون يغدقون الهبات على كبار الموسيقيين حتى أن سليمان بن عبد الملك قدم جوائز تبلغ عشرين ألف قطعة من الفضة لمباراة بين الموسيقيين في مكة. وجعل الوليد الثاني الجائزة الأولى في مباريات الغناء ثلاثمئة ألف قطعة من الفضة. وقصارى القول إن الموسيقى في العصر الأموي لقيت التأييد غير العلني، إذ كان الولاة يخشون أن ينسب إليهم عدم التدين، ولم ينس بعض المسلمين أن يضعوا الموسيقى في عداد آثام الأمويين. تحقق التقدم في الموسيقى بفضل احتكاك الثقافة العربية بالثقافة الإغريقية الذي نجم عنه تأليف صوغ جديد للموسيقى. وزاده ألقاً تأثير الآلات الموسيقية المستعملة في بلاد فارس، واستخدامهم للسلم الفيثاغورسي الذي سبق لعرب الحيرة وغسان استخدامه قبل الإسلام، إذ ظل عرب الحجاز محتفظين بالسلم القديم «الطنبور الميزاني» حتى عهد يزيد الأول. ويتألف السلم الفيثاغورسي من خمسة أبعاد، كل بُعد من هذه الأبعاد درجة صوتية كاملة (نحو 9 كومات Comas)، وبُعدين آخرين كل منهما «ليما» (أربع كومات)، وعلى هذا الأساس فإن السلم الفيثاغورسي يتألف من 5 درجات «9 كوما+2 ليما×4= 53 كوما (وحدة صوتية). ومن أشهر الموسيقيين في العهد الأموي ابن سريج، ومعبد، وابن عائشة، ويونس الكاتب، ومالك الطائي، وحاكم الوادي الذي احتفظ بمكانته لدى العباسيين أيضاً. وكانت جميلة، وسلامة القس، وحبابة، وسلامة الزرقاء من أبرز مغنيات العصر الأموي. وفي هذا العصر وضع أول كتاب في الموسيقى العربية وعنوانه «كتاب النغم» ليونس الكاتب، كان مرجعاً مهماً للأصفهاني في كتابه «الأغاني».
    إبان ضعف الدولة العباسية، واستقلال الولاة في ولاياتهم عن الدولة العباسية، استولى بنو حمدان بين عام 929 و944 على شمالي الجزيرة والشام، ورفعوا من شأن حكمهم بأن جعلوا الموصل وحلب مركزين عظيمين من مراكز الحياة الثقافية. وكان سيف الدولة الحمداني 944-967 شاعراً بليغاً، اجتمع في بلاطه في حلب الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي، والموسيقي الفيلسوف أبو نصر محمد الفارابي الذي كان على دراية كبيرة بعلوم اليونان، وموسيقياً ضليعاً يجيد العزف على العود. ألَّف الفارابي كتباً عدة منها: «الموسيقي الكبير»، و«كلام في الموسيقى»، و«في إحصاء العلوم» الذي عرض فيه أيضاً للموسيقى. تضمنت هذه الكتب دراسات مستفيضة عن طبيعة الأصوات وتوافقها، وأنواع الأنغام والأوزان والإيقاعات والآلات الموسيقية، والسلم الموسيقي والدساتين وما إليها. وفكَّر مثل الكندي الذي سبقه بإضافة الوتر الخامس للعود وسماه نظرياً «الحاد» تمييزاً له عن «الزير»، ولكنه لم يطبقه بسبب المعتقدات الشائعة، وإليه ينسب اختراع آلة القانون.
    دخلت الموسيقى العربية، التي عرفت أوج ازدهارها في العصر العباسي على امتداد رقعة الإمبراطورية، مرحلة الانحطاط والاضمحلال في زمن السلاجقة والدولة الأيوبية والمماليك 1058-1250. ولا يخفى ما كان للاحتلال العثماني لبلاد الشام 1516 والبلاد العربية الأخرى من أثر بالغ في صبغ الموسيقى العربية بالطابع التركي، الأمر الذي ضاعت معه معالم الموسيقى العربية الأصيلة. وقد اهتم سلاطين آل عثمان بالموسيقى، فكانوا يحتفظون في قصورهم بموسيقيين ومغنّيين ممتازين جلهم من الفرس واليونان والأتراك والبيزنطيين، فازدهرت موسيقاهم حتى أثرت تأثيراً قوياً في موسيقى شعوب البلقان والبلاد العربية التي كانت خاضعة لهم ومنها بلاد الشام. وكانت النظريات والعلوم الموسيقية التركية هي النظريات ذاتها المطبقة في البلاد العربية وفارس. وقد تأثرت تأثيراً قوياً في موسيقى شعوب البلقان والبلاد العربية التي كانت خاضعة لهم ومنها بلاد الشام.
    وكانت النظريات والعلوم الموسيقية التركية هي النظريات ذاتها المطبقة في البلاد العربية وفارس. وقد تأثرت بلاد الشام بالفتلة الميلوية التي جاء بها المتصوف جلال الرومي الذي عاش في قونية، وقام أتباعه بنشر مذهبه الذي يقوم على الموسيقى والغناء في جميع البلاد العربية، وفي كتابه «المثنوي، المأنوي» عرضٌ صافٍ لهذا النوع من التصوف الذي ازدهر في حلب ودمشق حتى صار جميع المشتغلين بالموسيقى من أصحاب الطريقة الميلوية، إلى أن جاء السلطان سليم الثالث، وكان موسيقياً موهوباً، فشجع الموسيقيين وأخرجهم من تكايا الميلوية إلى قصره قبل أن ينطلقوا في مجال الموسيقى والغناء الدنيوي، فخبت فتلة الميلوية في البلاد العربية شيئاً فشيئاً حتى غدت اليوم واحدة من الفنون الفولكلورية الأخَّاذة.
    الموسيقيون العثمانيون الذين نبغوا وعزفت مؤلفاتهم في بلاد الشام وغيرها: السلطان سليم الثالث، ويوسف باشا، وعثمان الطنبوري، وحاجي عرفي بيك، وطاتيوس. أما المنشدون السوريون من المتصوفة، في القرن الثامن عشر، فقد اشتهر منهم محمد بن السيد عبد القادر الشريف 1688-1756 من الحلقة القادرية، ومحمد بن كوجك علي الحلبي 1694-1773 الذي كان بواباً بالباب السلطاني وعلى معرفة واسعة بالموسيقى إذ نظم ولحن موشحات عدة، ومحمد أبو الصفا 1689-1773 الذي تلقى علوم الموسيقى عن أبيه مصطفى أبي الوفا، ومصطفى بن أبي بكر الحريري الرفاعي الذي أخذ علوم الموسيقى عن الشيخ عبد القادر بن اسكندر المصري، وترأس إنشاد الذكر في جامع العاشورية في حلب، ثم عين رئيساً للإنشاد في الزاوية الهلالية. ومن ألحان الحريري الشهيرة موشح من مقام السيكاه.
    ما زال يرشف من خمر الطلا قمر حتى غدا ثملاً ما فيه من رمق.. أما في القرن التاسع عشر، فقد قامت الحياة الموسيقية في بلاد الشام على فن الموشح العريق الذي بلغ الأوج على أيدي الفنانين الحلبيين، وعلى فن الأغنية الشعبية التي تستقي مادته من الحياة اليومية، حتى أضحى، بعد أن جُمع وهُذِّب، من تراث الشعب الفولكلوري. وتبوأ فن المصري المكانة اللائقة به إلى جانب فنون الغناء الأخرى. أما بالنسبة للموسيقى الآلية فقد سادت فيها صيغ الموسيقى الشرقية (الفارسية_التركية) في التأليف. وإلى جانب الحياة الموسيقية الدنيوية، ازدهرت حياة أخرى فنية دينية، قوامها الفرق المتصوفة، التي يرجع إليها الفضل في الحفاظ على الموسيقى الشرقية من الضياع. وهذه الفرق وقفت حلقات أذكارها على التغني بالذات الإلهية والمدائح النبوية.
    وكان فنانو وشيوخ هذه الفرق من المنشدين الذين كانوا في غالبيتهم من أتباع الشاذلية والمولوية والقادرية والرفاعية والنقشبندية وغيرها، من مثل الموسيقي أحمد عقيل 1813-1903 الذي تلقى الموسيقى على يدي أبيه حتى صار مشهوراً ليغدو المنشد البارز في حلقات الذكر. سافر إلى الأستانة، وتعرف فناني الأتراك الكبار وأخذ عنهم، ومزج ما أخذ بالموسيقى العربية. التقى في حلب بالحامولي والمنيلاوي وسلامة حجازي. لحن العقيل عدداً لا يستهان به من الموشحات، وإليه يرجع الفضل في ضبط ضروب وأوزان رقص السماح الذي ابتكره عقيل المنبجي، والشيخ محمد الوراق 1828-1910، ومحمد أبو الهدى الصيادي الرفاعي 1847-1908، ومحمد سلمو الشاذلي 1856-1910، وصالح الجذبة 1858-1922 وغيرهم. وفي هذا الجو الذي سيطرت فيه الطرق الصوفية على الموسيقى والغناء ظهر أنطوان الشوا الكبير الذي عزف على آلة الفيولا viola الكمان أمام إبراهيم باشا، وإلياس الشوا عازف قدير على القانون، وابنه عبود على العود، ثم أنطوان الشوا الحفيد وولداه فاضل وسامي على الكمان، والذين يعود إليهم الفضل في إدخال آلة الكمان الغربية على التخت الشرقي في بلاد الشام ومصر حتى المغرب العربي. كذلك برع جرجي الراهبة 1875-1920 في العزف على آلتي العود والقانون، ومثله سلوم إنجيل الدمشقي 1845-1918. وفي عهد إبراهيم باشا ولدت الموشحات والقدود التي تنسب لحلب على يدي الشاعر الحمصي أمين الجندي 1764-1837. كذلك ظهر أحمد أبو خليل القباني بمسرحه الغنائي كظاهرة فريدة في الغناء والموسيقى دفعه مجتمع دمشق المحافظ في لحظة يأس إلى الرحيل عن ديار الشام إلى مصر. ومنذ رحيل القباني شهدت ديار الشام هجرة جل مبدعيها، وكان يوسف الخياط، وسليمان قرادحي من أوائل النازحين من محترفي العمل المسرحي، ثم تبعهما عدد كبير من الموسيقيين منهم من أقام في مصر، ومنهم من آثر العودة، وأول هؤلاء عمر الجراح 1856-1921 الذي كان يجيد العزف على آلتي العود والقانون، وحسن الساعاتي 1858-1933 عازف القانون المعروف، وأمين الأصيل 1860-1935، وعبد الله أبو حرب 1836-1908 أمهر ضارب إيقاع الذي سافر إلى الأستانة وحلّ ضيفاً على أحمد عزت باشا العابد، وعبد الرزاق العش 1862-1936، وحسن شاشيط 1861-1616 الذي غنى أمام الخديوي توفيق. وشهدت القاهرة منذ أواخر القرن التاسع عشر والعقد الثاني من القرن العشرين غزواً مركزاً قوامه مشاهير الممثلين والموسيقيين السوريين، ومن هؤلاء كميل شمبير الذي فشل في فرض آلة البيانو في بلاد الشام وتمكن من ذلك في مصر، وتوفيق الصباغ الذي لم يستطع التعايش مع الوسط الفني المصري، فعاد عام 1923 إلى مسقط رأسه حلب، وجميل عويس الذي دوّن مؤلفات سيد درويش وترأس فرقة محمد عبد الوهاب مدة عشر سنوات.
    شهدت سورية منذ بدايات القرن العشرين نهضة موسيقية حقيقية بفضل الأندية الموسيقية، إذ استطاعت هذه الأندية تحقيق وجودها على الرغم من الصعوبات التي واجهتها بسبب عوامل مختلفة يأتي في مقدمتها المعتقد الديني والاجتماعي. وكان جل أعضاء هذه الأندية من البرجوازيين المثقفين. ويعد الموسيقي الراحل شفيق شبيب أول من أسس في دمشق نادٍ للموسيقى عام 1914 باسم نادي الموسيقى الشرقي. وفي أعقاب الثورة السورية على المستعمر الفرنسي 1925-1927 أسس المرحوم توفيق فتح الله الصباغ نادياً آخر عام 1927 جمع فيه صفوف الموسيقيين، فوحد كلمتهم ودافع عن حقوقهم. وفي العام ذاته، تأسس نادي الكشافة الذي عني بالتمثيل أكثر من عنايته بالموسيقى، ومن هذا النادي انبثق عدد من الأندية التي عنيت بالتمثيل والموسيقى على حدٍ سواء، وكان من أبرزها نادي (الأداب والفنون)، و(نادي الفنون الجميلة) اللذين حفلا بكبار الفنانين من موسيقيين وممثلين من مثل: توفيق العطري، وعبد الوهاب أبو السعود، ووصفي المالح، ورجب خلقي، ورشاد أبو السعود، ومصطفى هلال، وممتاز الركابي. ثم نادي الموسيقى الوطنية الذي أسسه الراحل مصطفى الصواف، ونادي الفارابي الذي ضم بين أعضائه مطيع ونصوح الكيلاني وعثمان قطرية، ومعهد أصدقاء الفنون الذي جمع نخبة من الموسيقيين من مثل: عدنان الركابي، وعصمت ونجدت طلعت، وشمس الجندي، ومحمد ويحيى النحاس، وكامل القدسي، وحسني الحريري، ونادي دار الألحان وضم هشام الشمعة، وشكري شوقي، ونادي دمشق وضم أشهر العارفين والمطربين من مثل: تيسير عقيل، ورفيق شكري، وفؤاد محفوظ، وصبحي سعيد، وعمر النقشبندي، وآخرون.
يعمل...
X