إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تـأمـــلات هامشـــية فـــي كوالـيس المــتن - الإعلام والسياســـة - سوزان ابراهيم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تـأمـــلات هامشـــية فـــي كوالـيس المــتن - الإعلام والسياســـة - سوزان ابراهيم

    الإعلام والسياســـة
    تـأمـــلات هامشـــية فـــي كوالـيس المــتن


    سوزان ابراهيم
    زار شخص الفيلسوف سقراط وقال له: هل سمعت ما يقولون عن صديقك؟ فأجابه سقراط : لا.. لكن قبل أن تخبرني، هل مرّرت قصة صديقي عبر المصافي الثلاث: الحقيقة, الخير، الفائدة؟ تردد الرجل, فعلق سقراط: إن كنت غير متأكد من أن ما ستقوله عن صديقي ليس حقيقة ولا خيراً ولا فائدة فيه، فلم تريدني إذاً أن أسمع؟ فما الذي يؤكد أن كل ما نسمعه ونراه يخضع لتلك المعايير السقراطية الثلاثة؟‏

    مع بداية الألفية الثالثة, غطت العولمة مساحة الكون وفضاءه, واستبشرنا خيراً, بتحوله إلى قرية واحدة, تردم الهوة بين الشمال والجنوب, بين الغني والفقير, بين الحاكم والمحكوم, فهل تحققت الديمقراطية وانتشرت حرية التعبير وحرية الصحافة؟ هل صارت مشاركة الجماهير في حرية الأفكار و في ممارسة السياسة وفي صناعة القرار أوسع؟ ولأن الذراعين الأقوى والأوسع انتشاراً للعولمة هما الاتصالات والمعلوماتية, صار الإعلام بوسائله المتعددة قطب الرحى في دوران الأحداث, فكيف تتعامل هذه الوسائل معنا نحن كمتلقين, وهل تعتمد أيّاً من مصافي سقراط؟‏
    في الرقة, حسناء الفرات وناطورة طلوع الشمس في سورية, وكعادة أنشطتها المتميزة, عقدت ندوة على مدار ثلاثة أيام, في محاولة للخوض في العنوانين المحرجين: الإعلام والسياسة, فماذا قدمت الندوة عبر المشاركين فيها, وما الخلاصة التي خرج بها اللقاء؟ هل حضر رجال الإعلام والسياسة؟ إلى من توجهت الندوة بأوراقها البحثية, أي ما الشريحة التي توجهت إليها؟‏
    لنبدأ من العنوان: الندوة الدولية للإعلام والسياسة, أعتقد أن ضبط المصطلحات يساعد كثيراً في نجاح الفعالية وضمان الوصول إلى نتائج محددة, فهل كانت الندوة دولية حقاً؟ أرى في نقل ما تحدث به المشاركون تكراراً لا يجدي القارئ كبير نفع, خاصة أن بعض الزملاء قاموا بذلك قبلي, وأجد من المفيد الخوض في العنوانين على هامش ما قيل.‏
    اعتبر الإعلام العضو السادس دائم العضوية في مجلس الأمن كما وصفته وزيرة خارجية, فأي فعل يقدر الإعلام عليه؟ هل يشكل حالة مستقلة, أم هو تابع ووسيط للحاكم؟ هل ما ننقله ونكتبه عبر وسائل الإعلام هو الحقيقة التي جرت, أم هو تصورنا عنها وموقفنا منها؟‏
    قيل إن كنت تريد أن ترى الفيل فعليك أن تدور حوله من كل الجوانب, فهل يملك الإعلام الوقت, وقبل ذلك الإرادة, للدوران حول فيلة الحقيقة؟‏
    ليس هناك حقيقة واحدة, بل مجموعة صور عنها, وعلى المتلقي أن يملأ الفراغات ليصل إلى الصورة- الحقيقة, فمن منّا فعلاً يملك الوقت والوسائل التي تمكنه من البحث والاستقصاء حول كل ما يرى ويسمع ويقرأ؟‏
    يقول الخبير الفرنسي كريستيان كود فروي: « كلما واتتني الفرصة كي أشاهد برنامجاً أو اقرأ مقالاً أكون على دراية كاملة و مسبقة بمضمونه، أصدم برؤية كم زيّفت الحقيقة، فكل أساليب التضليل و الدعاية بكل أنواعها و التعتيم الإعلامي التي كان يستعملها هتلر في زمانه أجدها قد وظفت بعناية في المقال أو البرنامج».‏
    والآن لو كانت صاحبة هذه السطور شخصاً آخر, هل كانت تنقل لكم مجريات الندوة بهذه الطريقة؟ حين فعل الزملاء ذلك عبر تقارير وتغطية ما للندوة, لماذا ركزوا على هذا أو تلك؟ على أي أسس اتكلوا في نقل خلاصة المحاضرات واختيار أسماء دون أخرى؟! فما بالكم بنقل ما يؤسس لتشكيل رأي عام, وإجراء برمجة دماغية, وهو الهدف الأساس لوسائل الإعلام, خاصة في عصر العولمة, إذ أصبح الإعلام فريق الاستكشاف والاستطلاع ومحدد النتائج الأولية على الجبهة الأمامية في كل فعل, وكذلك في الحروب, فالقصف الإعلامي يمهد الطريق للوصول إلى فوز سبق أن حدده مريدوه.‏
    غالباً يتعامل الإعلام, العربي على وجه الخصوص, مع الوقائع بصورة عاطفية لا تمس العقل, لأن العاطفة أكثر تأثيراً بين البسطاء خاصة في القضايا التي تستحوذ على تعاطف جماهيري واسع, رغم أن من أهم أولوياته العمل على تنمية وعي نقدي لدى الجمهور, وذلك بالحث على إجراء أبحاث نقدية لما تقدمه وسائل الإعلام من خلال خبراء إعلام متخصصين.‏
    الإعلام والسياسة توأمان سياميان لا يمكن فصلهما بالمطلق. يقول البرازيلي (باولو فرير) و هو أحد الفلاسفة المنظرين لحالة الإنسان المقهور في نظريته (تربية المقهورين): إن تضليل عقول البشر هو «أداة للقهر» فهو يمثل إحدى الأدوات التي تسعى النخبة من خلالها إلى «تطويع الجماهير لأهدافها الخاصة», ويقول: «الحكام لا يلجؤون إلى التضليل الإعلامي إلا عندما يبدأ الشعب في الظهور – ولو بصورة فجة- كإرادة اجتماعية في مسار العملية التاريخية، أما قبل ذلك فلا وجود للتضليل – بالمعنى الدقيق للكلمة – بل نجد قمعاً شاملاً. إذ لا ضرورة حينها لتضليل المضطهدين عندما يكونون غارقين لآذانهم في بؤس الواقع»‏
    تعمل الصورة في وسائل الإعلام على مفهوم إشكالية التثبيت والإقصاء، فما تركز عليه الكاميرا يبقى في أذهان الجمهور وإدراكهم, بينما تزول كل المعطيات التي همّشتها وتغافلت عنها من إدراك الجمهور, إذاً تقوم الصورة في كثير من الأحيان باستبدال الواقع لتصبح هي الواقع نفسه. وهذا يعني أن «الصورة تستحضر الغائب وتُغّيب الحاضر».‏
    في علاقة الإعلام بالمال, ليس المال وحده المتنفذ الوحيد في مسابقة الاستحواذ على وسائل الإعلام، بل هناك قوى أخرى تتنافس من أجل فرض مقولاتها, ووجهات نظرها وإيصالها للرأي العام. ويبدو أن القوى الاستراتيجية التي تشكل الرأي العام في أي مجتمع هي وسائل الإعلام. وهكذا تحولت الشركات العملاقة ومن خلال آليات الهيمنة والتمركز إلى رافد فكري وإيديولوجي للعولمة. في كتابه « المتلاعبون بالعقول» يقول هربرت شيلر: «عندما تُكرَّس وسائل الإعلام شكلاً ومضموناً للتضليل، وعندما يجري استخدامها بنجاح, وهو ما يحدث دائماً, فإن النتيجة تتمثل في السلبية الفردية أي حالة القصور الذاتي التي تعوق الفعل. وذلك في الواقع هو الشرط الذي تعمل وسائل الإعلام والنظام ككل بنشاط جمّ على تحقيقه من حيث إن السلبية تعزز وتؤكد الإبقاء على الوضع القائم».‏
    ثمة أساليب عدة يمكن القول إنها دعائم أساسية للتضليل أو التحريف الإعلامي ومنها: « التحريف, التكتم أو التعتيم أو الحذف, التنكير عبر صياغة الأخبار والمعلومات بصيغة المبني للمجهول، لفت الأنظار عبر تغيير مجرى الحديث وتسليط الضوء على متعلقات أخرى, التجاهل, الكذب أو التشويه, الإيهام والتدليس, دس السم في العسل, التكرار فمن الثوابت أن الإعلام يحقق نتائج إيجابية لصالح المخططات الإعلامية بجهود تراكمية و ذلك بتكرار الرسالة الإعلامية بوسائط متعددة ووسائل مختلفة».‏
    أختم تأملاتي بمجموعة أسئلة: هل تكمن مشكلتنا في الإعلام العربي, أم في السياسة العربية؟ من هو جمهورنا وكيف وبم نخاطبه؟ لماذا يشتري عملاق الإعلام الغربي روبرت مردوخ الذي يتحكم ب 70% من الإعلام المؤثر حصة دسمة من شبكة إعلامية عربية, وهو من قال يوماً: إذا ملكت الإعلام ملكت الشعوب؟ هل يشكل إعلامنا سلطة رابعة حقاً؟ هل ثمة إعلام متوازن أو موضوعي, أو حيادي؟ هل الحيادية سلبية؟ من يتحكم بالمفاصل الأساسية لإعلامنا؟ من يستفيد من هجرة الكفاءات؟ إلى من يتوجه الإعلام العربي؟ من ابتكر وسوّق المصطلحات السياسية الجديدة للمنطقة العربية؟‏
    حين يصنع القول الواقع, حين تصنع الصورة الواقع, حين نختار ما يناسبنا من الواقع, فأي واقع نعيش؟!!‏

  • #2
    رد: تـأمـــلات هامشـــية فـــي كوالـيس المــتن - الإعلام والسياســـة - سوزان ابراهيم

    شكرا على التأملات الهامشية التي أوردت يا سيدي...؟؟

    و لكن لم نحظى بالأجوبة التي طرحتها الصحفية في مقدمة حوارها؟؟؟

    تعليق


    • #3
      رد: تـأمـــلات هامشـــية فـــي كوالـيس المــتن - الإعلام والسياســـة - سوزان ابراهيم

      موضوع رائع جدا ومهم
      شكرا للكاتب والناقل

      تعليق

      يعمل...
      X