إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تعلمي أن تكوني قدوة لطفلك - بشرى شاكر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعلمي أن تكوني قدوة لطفلك - بشرى شاكر

    علم طفلك بان تكون قدوته


    علم طفلك بان تكون قدوته
    إذا كان الحوار لزاما و واجبا لتربية سليمة للطفل و تأسيس نفسيته مع أسس ثابتة فإن الحوار الذي تليه متناقضات في السلوكيات لا ينفع في شيء و إنما يجعل الطفل تائها بين الصواب والخطأ و بين ما يجب القيام به وما لا يجب عليه فعله.
    القدوة تكمل الحوار، فأعجب لمن يجلس لساعات طوال يحدث ابنه عن ضرورة عدم الكذب و انه أمر مقيت و مؤذ للغير و نهى عنه الدين، ثم يطلب منه مثلا إذا جاءه ضيف غير مرغوب فيه بأن يفتح له الباب و يخبره أنه غير موجود في البيت !!
    و هنا نستحضر السيرة العطرة لنبينا الكريم إذ روى البيهقيj عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه، انه حينما كان صغيرا دعته أمه قائلة: "ها تعال أعطك "، و كان رسول الله تعالى عليه الصلاة والسلام قاعدا في بيتنا، فسألها: "ما أردت أن تعطيه؟": فقالت: "أردت أن أعطيه تمراً"، فقال لها رسول الله - عليه الصلاة والسلام:"أما إنك لو لم تعطه شيئاً كتبت عليك كذبة" و عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة و السلام قال: "من قال لصبي:" هاك، ثم لم يعطه فهي كذبة"
    و هناك أمثلة عديدة للكذب على الأبناء قد لا ينتبه الآباء لآثارها السلبية البالغة، مثل أن يخبروهم أنهم إن ذهبوا للنوم مبكرا أو قاموا بواجباتهم المدرسية فسوف يأخذونهم للنزهة و طبعا ينسى معظم الآباء هذا الأمر و لا ينتبهون إلى أن الأطفال في مثل سنهم الصغير ، يتمتعون بذاكرة قوية و لا ينسون مثل هاته الوعود الزائفة وإن لم يعتبرها الآباء كذلك...ففي مثل هاته الحالة و التي قد يتعذر فيها الوفاء بالوعد من قبل الأبوين فعلى الأقل عليهم أن يخبروا الطفل بذلك و يطلبون منه أن يرجئ النزهة إلى يوم لاحق لأنهم لا يتوفرون على وقت و ليس لأنهم نسوا وعدهم بالنزهة، و لا يجب طبعا أن نخبر الطفل أننا لا نمتلك الوقت للوفاء بالوعد و نجلس لنشاهد مقابلة في كرة القدم مثلا، فهنا كأنك تقول له "إني لم أصدقك القول فالوقت متوفر و لكني لا ارغب بمرافقتك و أريد القيام بشيء آخر هو أهم من مرافقتك" !!!
    وبالحديث عن مباريات الكرة التي قد تكون دافعا لحشد جمهور من أصدقاء الأب في البيت، فغالبا ما يحملهم الحماس إلى النطق بكلمات نابية أو حتى سباب و لعان و شتائم و لا ينتبهون لوجود أطفال بالجوار قد يتخذون من كلامهم هذا قاموسا يوميا للحديث و قد ينمون و هم يتحدثون بطريقة صفقة...
    قد يبدو لكم الأمر معقدا و يظهر أنه يجب أن تحسبوا ألف حساب وأنتم تخاطبون ابنكم أو ابنتكم ولكن لن يكون الأمر عسيرا لو اعتدتم انتم أيضا على الصدق وقول الصواب، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أربع من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً. ومن كانت فيه خَصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتُمِنَ خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدَر، وإذا خاصم فجر" متفق عليه. فاصدق نفسك تصدق ابنك و لنقل رب نفسك تفلح في تنشئة برعم مستقيم...
    و اصدق ابنك يصدقك و اكذب عليه أو أمامه يصنع لك حكايا كثيرة من نسج خياله الفتي، فحينما يقوم بخطأ ما فإنه ينفيه عن نفسه و ينسبه لغيره من زملائه أو أصدقائه أو إخوته و ذلك لأنك علمته أن يدافع عن نفسه بالكذب فهو يراك تكذب باستمرار حينما يكون ذلك في مصلحتك، كأن تنسب تأخرك على مواعيدك لزحمة المواصلات وأنت في البيت و كأن تدعي الافتقار للشيء هروبا من أداء ضريبة ما أو مستحقات أجراء لديك... و هذا الكذب الدفاعي يلقن لابنك فيمشي على نهجه هو أيضا و يستعمله ليبعد عنه شبهة أي عمل مخل و إلصاقه إما بآخر أو يجد له عذرا زائفا.
    هناك أيضا ما نراه باستمرار خلال الاجتماعات العائلية، و هو عدم الانتباه لوجود الطفل و الاستمرار في الحديث بالسوء عن الآخرين، فما أكثر المحافل التي تكثر فيها النميمة و الغيبة، وطبعا الطفل و بعفويته فإنه غالبا ما يذهب عند فلان أو علان ليخبره بميزاته السيئة التي سمعها كأن يقول له -يا أصلع- مثلا ، لأنه سمع أهله يطلقون عليه هذا اللقب في غيابه، أو أن يخبر احد الأقارب أن أمه كانت تتحدث عنه مع أختها مثلا، و هنا رد فعل الأم يكون عقاب الطفل لأنه أفشى سرها !!! رغم أن الذي يستحق العقاب هو لسان من نطق بكلام يجرح الآخر أمامه و ليس ذلك الطفل الذي يشكل مجرد وعاء نملأه فينضح بما فيه...
    هناك أيضا النفاق أمام الطفل ونحن نحدث غيرنا بتملق و نزدريهم في غيابهم و هنا قد نحدث ازدواجية في شخصية الطفل فيتعلم كيف يبدو طيبا أمام الغير و سيئا حينما يغيب عنه و كم من لص و سارق، رأى في ازدواجية الأفعال والأقوال لدى أهله، مادة لينة يشكل بها مسيرة غير سوية لمستقبله، فقد قال من لا ينطق عن الهوى: "يولد الطفل على الفطرة فأبواه يمجسانه أو ينصرانه أو يهودانه" و من هنا يثبت أننا نحن من نعلم أبناءنا القيم و ننقل لهم حسن الأخلاق و لنا في رسول الله، عليه الصلاة و السلام أسوة حسنة...
    كما نرى أن كثيرا من الآباء وهم يرافقون أبناءهم في نزهة خارج البيت يلقون من زجاج سياراتهم بقنينات عصير فارغة أو عبوات حلويات و غيرها فيقوم الطفل بدون انتباههم أو معه، برمي الازبال في الطريق العام دون اكتراث لما يمكن أن يسببه من ضرر للغير لسبب بسيط انه اتخذ والديه قدوة له و انه بات يرى ذلك أمرا عاديا، و حينما يقوم الطفل بذلك داخل البيت فقد يناله عقاب من والديه و يطلبان منه عدم تكرار ذلك فينشأ الطفل وهو يرى انه من واجبه احترام البيت و القيام بما يحلو له خارجه !!!
    و هنا نذكر ما قاله نبينا الكريم عن إماطة الأذى عن الطريق: "انه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل، فمن كبر الله وحمده وهلل الله وسبح الله واستغفر الله وعزل حجرا عن طريق الناس أو شوكه أو عظما عن طريق الناس وأمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد الستين والثلاثمائة السلامى فانه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار" رواه مسلم
    و قال عليه الصلاة و السلام: " الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبه فأفضلها قول: لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياءُ شعبةُُ من الإيمان" حديث متفق عليه.
    أدنى الإيمان إماطة الأذى عن الطريق بنزع شوكة أو زجاجة أو حتى حجرة عن طريق المارة، فإن أنت علمت قيمتها و قمت بها أمام ابنك فأكيد سوف يتعلم منك ذلك و يقوم به و أضعف الإيمان ألا تنضاف إلى قائمة من يلقون بالقاذورات على قارعة الطريق و أمام الجميع، انك تأجر على هذا الفعل و تأجر أكثر على تنشئة ابنك على هاته القيم المثلى...
    القدوة أمر قد يبدو صعبا للغاية إذا ما فكرنا فيه و قد يبدو للآباء مرعبا جدا ولكن إن فكر كل واحد منا في تهذيب خلقه وتحسينه نحو الصواب فسيكون قدوة لأبنائه دون الحاجة لتصنع ذلك.

    و يثبت علم النفس الحديث أن الأسرة هي النموذج الذي يقتدي به الطفل فسلوكيات الآباء و الأقارب و كذلك المدرسين هي ركيزة بناء سلوكيات الطفل، فالنصح و الإرشاد و الأمر و النهي بما لا يراه الطفل أمامه و لا يلمسه في سلوك والديه و محيطه، فكأنما هو مجرد ماء يصب في رمال الصحراء...
    و الطفل في سن مبكر هو أكثر استعدادا لاستقبال السلوكيات الايجابية و كذلك السلبية و هنا نذكر عن سيرة النبي الكريم عليه الصلاة و السلام: أن الحسن بن علي و ابن فاطمة رضوان الله عليهم امتدت يده إلى تمرة من تمر الصدقة وهو طفل، وأراد أن يضعها في فمه، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم من يده وقال:" كخ كخ، ألا تعلم أننا لا نأكل من الصدقة"، ولم يضرب يده، بل أخذها برحمة كبيرة، فهنا جمع رسولنا الكريم بين الحوار لطفل لم يتجاوز السنتين مما سيراه الكثير من المعاصرين هدرا للوقت و أيضا بين القدوة الرحيمة فهو يعلم طفلا أن تمر الصدقة لا يؤكل منه وهذا سيترسخ في ذهنه إلى الأبد و إن كان بعد طفلا صغيرا جدا، فنكررها إذن مرة ثانية، الأطفال أكثر قدرة على تثبيت صور ما يحدث معهم و كلمات يسمعونها في سن صغير و كتجربة بسيطة فليحاول كلا منا أن يعود بذاكرته للوراء فأكثر ما سيتذكره و بيسر كبير جدا هو ذكريات طفولة متقدمة جدا...
    و يمكننا أن نلقن الطفل القدوة الحسنة عبر حكايات نرويها له عن أناس آخرين، نرويها فنجعله يكتشف أين الأخطاء فيها و نطلب منه أن يخبرنا لو كان مكان بطل الحكاية فما الذي كان سيقوم به؟؟
    و هذا الأمر مستحبا و بشدة أيضا في المدرسة ففي المقررات التعليمية وجب أن نجعل الطفل يتعلم من حكايا نرويها له ونجعله يتفاعل معها و يشكلها ويفهم العبرة منها أيضا، كما أن المدرسين يأتون في المقام الثاني لتربية النشء بعد الأسرة، فوجب أن يهتم المربون أيضا بسلوكياتهم فالمعروف أن الطفل في سن حديث يرى في معلمه أو معلمته المثل الأعلى و الدليل أن أول دور يلعبه الطفل الصغير قبل دور الشرطي حينما يبدأ في الاعتماد على عضلاته هو دور المدرس فنراهم دائما يكتبون على ألواح و ينظمون أصدقاءهم في صفوف على أنهم تلاميذ، و من هنا نذكر المربي بدوره المهم الذي يلعبه في تربية جيل بأكمله، فلا يجوز مثلا ترك التلاميذ داخل الفصل للحديث مع زميل آخر أثناء العمل، فهنا كأننا نقول لهم إن حديثنا عن المسؤولية هو مجرد كلام و الأمثلة عديدة و لا حصر لها و خلاصة القول أن المربي مثل الأب تماما عليه أن يراعي ضميره في عمله لأنه قد يهيئ لبذرة طيبة و قد تكون سامة لمجتمع بحاله.
    و بما أن المربي يشكل قدوة كما ذكرنا فلا بأس من أن يعلم الأطفال كيفية الصلاة بتطبيقها أمامهم والكف عن الدرس حينما ينادى للصلاة و دعوتهم لمشاركته صلاة الجماعة.
    وكما تكون القدوة في الأقوال و الأفعال فتكون في حسن المظهر و نظافة الهندام، فالمربي يجب أن ينتبه لمظهره أمام طلبته من حسن الهندام و نظافته بما يتماشى مع المعقول طبعا فما زاد على حده انقلب إلى ضده كما هو معلوم...

    إذن اتفاق الأقوال و الأفعال والصدق في التصرفات هو ما يشكل القدوة الحسنة التي يهتدي بها الطفل و هو في أول مراحله العمرية حيث تتشكل نفسيته و يبدأ اندماجه في مجتمعه و محيطه و هو ما يجعل الطفل لا يفقد الثقة في والديه و مربيه و قد قال جل و علا في ذلك في سورة الصف: " لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" و قال كذلك في سورة البقرة: "أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم"

    هناك حد فاصل للقيم فلا يوجد كذب أبيض و كذب اسود أو سلوك سيئ له تبرير حسب الظروف، بل الأجدى حينما يخطئ الكبير أن يعتذر للصغير عوض أن يجد تبريرات لما قام به فيجعله يقوم بنفس الأمر...

    بشرى شاكر

  • #2
    رد: تعلمي أن تكوني قدوة لطفلك - بشرى شاكر

    سلمت يداك يا أخت رحاب
    ما تنقلين لنا من كتابات الأخت بشرى شاكر رائع جدا و هام
    علاقة الأهل مع الولاد علاقة يجب أن تكون مبنية على الصدق أولا و آخرا...
    فالأهل هم القدوة التي يحذو الاولاد حذوها في المستقبل
    و يختزنون داخلهم كل ما يرون و يسمعون و يخلرج هذا في حالة من اللاوعي...

    تعليق

    يعمل...
    X