Announcement

Collapse
No announcement yet.

الشاعر سهيل الذيب - ينعي رحيل الشاعر العراقي موسى السيد

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الشاعر سهيل الذيب - ينعي رحيل الشاعر العراقي موسى السيد

    الشاعر سهيل الذيب - ينعي رحيل الشاعر العراقي موسى السيد





    بعد أن طاب له هواها
    تربة الشام تحتضن موسى السيد.. عراقي آخر من بلاد الرافدين


    الشاعر سهيل الذيب




    حمل ابنه فادي برفقة زوجته مدرسة رياضيات, ورحل إلى بيروت قال لي أبو فادي موسى السيد: لم يعد ممكناً العيش في بغداد أيام الحصار كان كل شيء يؤدي إلى الهلاك, ولم تكن بيروت حينها أقل رعباً فالحرب الأهلية كانت تحصد كل شيء البشر والأبنية والطرقات,

    ولكن كنت قد تدبرت لي عملاً في منظمة التحرير الفلسطينية إذ كنت مراسلاً حربياً, سنوات طويلة عشتها مع عائلتي تحت القصف اللبناني مرة والإسرائيلي مرات ومرات وحين هدأ أوار الحرب وشتتت المنظمة في أصقاع العالم العربي سورية وتونس والجزائر وغيرها عدت ولكن هذه المرة إلى دمشق مأوى كل من سدت الطرق في وجهه ولاسيما من الوطن العربي, وعملت في التلفزيون السوري عدة سنوات وطاب هوى دمشق لي فلم أستطع مفارقتها, ومن راتبي البسيط استطعت أن أشتري أرضاً في صحنايا وأعمّر, كان ذلك الانجاز الأعظم في حياتي إذ به أستطيع أن أحمي عائلتي من غوائل الدهر, وانتقلت للعمل في صحيفة «تشرين» في تسعينيات القرن الماضي رغم أنني كنت أعلم أن الكثير من السوريين لا يجدون عملاً, لكنها الشام الأم الحنون التي لم تبخل على عربي قط بأي شيء, وفيها يشعر العربي بانتمائه للعروبة الحقة, فمن يشرب ماء الشام ويستنشق هواءها ويعاشر ناسها لا يمكنه أن يتركها أبداً, أرقني ما يجري على أرضها فكل من عرفتهم, ومن سأعرفهم وما درسته في كتب التاريخ والفلسفة التي اختصصت فيها لا يشير أبداً إلى أن الذين يدمرون ويقتلون هم سوريون, كان أبشع كابوس داهمني, تمنيت الموت على أن أرى جريحاً في أرض الشام بيد شامي, ولكنها الشام القلعة العربية الوحيدة التي بقيت صامدة في وجه الغرب لذلك كان لا بد من تدميرها فيا لسخرية القدر, وانكفأت في بيتي كي لاأرى ولا أسمع شيئاً, صارت الزاوية التي أكتبها في «تشرين» هي متنفسي الوحيد التي بها أستطيع أن أصرخ, لكن التقاعد داهمني فماذا أفعل بعد صولات وجولات استطعت التمديد سنة أخرى لكن في الشهر الثاني بدأ الوهن والضعف يعتريني, ومن طبيب إلى طبيب وكلهم يؤكدون أن لاشيء بي إلى أن عجزت عن الوقوف وإذ بالمرض الخبيث يتمكن من الرئة ويتمكن مني..
    مات موسى بهدوء رغم الصخب الذي عاشه, وكأنه عجز أن يكون شاهداً على ما يجري في الشام التي أحبها وأحبته فرحل دون أن يودع أحداً, كان غاضباً من كل شيء, كان صوته يتلاشى وأنا أكلمه في المرة الأخيرة قال لي: خلص انتهيت, أغلقت الموبايل وفقدت الأمل في شفائه تماماً ذلك أنني بما عرفته عن أبي فادي أنه سينتصر على الوحش الذي غزاه ولكن ملاك الموت عاجله فأخذه.
    مات أبو فادي وذهبت معه تلك الابتسامة التي لم تكن تفارقه قط, وذلك الحديث العذب الذي كان ينتقل من تحليل سياسي إلى تحليل أدبي إلى دراسة نقدية, ومثلما كان واسع الثقافة كان واسع القلب, هذا القلب الذي لم يعرف إلا المحبة والحنان والكبر في كل شيء, ولأنه عرف الدين فقد كان شديد الزهد به فلا شيء أغراه لا مال ولا طعام ولا ثياب, لملم أشياءه ومضى وترك لأصدقائه وزملائه ولي ذكرى عبقة لن تزول حتى ألحق به.
    فسلام لروحك الطاهرة يا أيها النبيل الكريم.. وسلام لغرسة غرستها في الشام ستظل شاهدة على مآثرك, وسيبقى عاشق من بلاد الرافدين نوراً يستضاء به في عشق الوطن.
    نذكر أخيراً إن زميلنا الراحل صدر له: عاشق من بلاد الشعر والأسطورة وهي مجموعة مقالات ، وهزيمة النصر وانتصار الهزيمة صدر عام 1991، كما أصدر أيام العوام والانتظار قصص قصيرة حوّلت إلى فيلم سينمائي.
Working...
X