تويت
القاص نبيه إسكندر الحسن يذكرنا برحيل
(( الناقد أحمد المعلّم ))
الناقد أحمد المعلّم في ذكرى رحيله
في التاسع من شهر آب مرت الذكرى السابعة لرحيله بصمت كما يحصل مع أغلب المبدعين ،عندنا إنّه الناقد الأديب أحمد المعلم-رحمه الله-«1943-2002»والذي يتميز عن غيره من النقاد بأنه قد تخصص بنقد القصة القصيرة ،إلى حدٍكبير ،على الرغم من أنه اشتغل على نقد الشعر والرواية فالقصة القصيرة ،كانت هاجسه الأول ذلك اليوم: ذلك اليوم :
من شهر حزيران عام 1988 ،التقيته ،للمرة الأولى،رجل كهل ،يضع نظارة على عينه لكنه يلفت النظر بتلك النظرة الثاقبة وذلك الاهتمام الذي يوليه لك ،في لقائه الأول معك وعندما يستدرجك إلى حديث الثقافة والأدب ،تلاحظ تواضعه الجم ،فترتبك ،وأنت من أنت ،وهو من هو ،في عمر الثقافة والأدب الزمني لكليكما المكان :نادي الضباط بحمص،قبل أن يهدم ويرتفع مكانه البناء الحالي،وفي حضرة مديره ،يومها ،الشاعر المعروف الدكتور أحمد أسعد الحاره ومعظم أدباء حمص ،يومها،كانوا يلتقون هناك أمثال :محمد غازي التدمري ، موريس قبق ،عبد الرحيم الحصني،فاطمة بديوي الباحثان في التراث نعيم الزهراوي ومحمود السباعي ،ياسين فرجاني وأحمد المعلم وغيرهم رحم الله من لقي وجه ربه منهم وأمدّ الله بعمر الأحياء وتوطدت صداقتي مع أحمد المعلم ،الذي أفادني كثيراً ،كما أفاد غيري بنصائحه لمن يكتب القصة وكنت كلما زرته في مقر عمله في مديرية التربية آراه يضع عدداً من الكتب ،في القصة القصيرة ،أمامه وقد بدأ المعلم يكتب منذ ستينيات القرن الماضي في الصحف والمجلات المحلية والعربية وكان يخص «العروبة»بمقالاته في النقد ،فلم تصدر مجموعة قصصية في حمص،إلاّ وكان له تحليل نقدي لها وجاءت كتبه ،عميقة في محتواها ،متميزة في موضوعاتها و،نستعرض هنا كتابين له في نقد القصة القصيرة هما «الواقع والظاهرة الفنية في القصة القصيرة»الصادر عن دار الذاكرة بحمص عام 1994،وكتاب «فصول -دراسة في القصة القصيرة »الذي صدر عن وزارة الثقافة بعد رحيله بعامين أي عام 2004م الواقع والظاهرة الفنية : يقول أحمد المعلم في مقدمة هذا الكتاب «متى تنتهي القصة القصيرة من بناء عالمها الخاص بها ؟!وكيف تؤسس لبناء مثل هذا العالم »؟!ويتابع :«في اليوم الذي تنتهي فيه القصة القصيرة من بناء عالمها ،هو اليوم ،ذاته ،الذي تفقد فيه خصوصيتها،فتصبح صورة منسوخة عن الواقع ،لا حلم فيها ولاجمال ،فينصرف الانسان عنها ،لأنه ببساطة ،لا يريد أن يعيش العمل المكرور ذاته مرتين »ص5 فالحلم كما يرى المعلّم هو مطّية القصة القصيرة ويكفي أن نقرأ ونستعرض ،هنا ،فصول الكتاب لنرى سعة ثقافة مؤلفه ،ودقة أحكامه ،وبراعته في استحضار مكامن الجمال في القصة القصيرة ففي الفصل الأول نقرأ عن «القصة القصيرة في مواجهة الواقع في سورية»وتحت هذا العنوان يدرس المؤلف أعمالاً لسبعة عشر قاصاً وقاصة فيبدأ مع حيدر حيدر وينتهي بأعمال مراد السباعي وتكون النتيجة أنّ القصة القصيرة تختار كل المناحي وتختلج بكل الرؤى لتقدم خدمة للواقع الاجتماعي وتسهم في إبداع المستقبل على صورة مستقبلية وقد تقصّر بعض القصص عن الانحياز التام ،لكن الأغلبية من القصص التي اخترناها-كما يقول-طمحت إلى ذلك واحتضنته وعداً وحلماً قيد الانجاز ص 070 ويعقد المعلم في كتابه هذا فصلاً للحديث عن ظاهرة العقم ومظاهرها الفردية والاجتماعية ويدرسها في أعمال قمر كيلاني وزكريا تامر وصدقي اسماعيل ،وجبرا ابراهيم جبرا وعبد الستار ناصر وعادل أبو شنب وأكرم شريم ،محمد كامل الخطيب ،دريد يحيى الخواجة ،ضياء خضير وجورج سالم ثم يدرس«ظاهرة النار في القصة القصيرة » ويبدو لنا من خلال هذه العناوين أنّ الراحل أحمد المعلّم أول ناقد عربي يدرس هذه الموضوعات ومدلولاتها في القصة القصيرة ويتوسع المؤلف في دراسة «ظاهرة الجنس في القصة القصيرة عند غادة السمان»لاسيما في مجموعتها «رحيل المرافىء القديمة» ص (141)ويعتبر الجنس مفهوماً له دلالاته في الواقع الشخصي والاجتماعي والسياسي لغاية التعرف إلى الامكانيات التي تعزز موقع المرأة من قضايا الحرية والتحرر ،بوجه عام فصول: في هذا الكتاب الكبير ،بحجمه ومضمونه ،وبأسلوبه المدهش وحجته القوية التي تدعمها مفرزات النصوص ،يبحث المعلم في دلالات الفصول الأربعة في القصة القصيرة العربيةمن خلال دراسة تطبيقية لعشرات المجموعات القصصية من مختلف أقطار الوطن العربي فعن الشتاء نقرأ عن فوارق الحياة فيه واحتواء الأمل والحلم الذي ينقصه الواقع واعتراض على الحركة ومفارقات وبحث عن أمل منشود وعن الربيع نقرأ عن مبدأ الصراع والتناقص فيه وعن الأمل وبهجة الربيع وفي الربيع ربّما كان هناك سوء فهم أو تفاهم أو إقدام أو إحجام وعن الصيف وناسه نقرأ عن بزوغ نسمات الحرية والأمل والسعي الذي يلقى الخيبة وعوامل التشتت والتمايز في الوضع الاجتماعي وأثر الصيف في تناقض سلوك البطل والخريف له حضوره في القصة القصيرة ،وهو فصل العزلة وربّما الفشل والخيبة ورمزاً لها وفيه شيء من الخوف والضعف والتحولات إلى النهاية ،وانكسارات قد يأتي بها ونرى أنّ هذه الموضوعات مبتكرة من قبل الناقد الراحل أحمد المعلّم ولم يسبقه أحد ٌ إليها والكتاب جدير بأن يكون أطروحة لنيل درجة جامعية عليا وإذا تتبعنا أعمال الراحل أحمد المعلّم ومنهجه النقدي التطبيقي فإننا نخلص إلى عدة نقاط أهمها: 1-دراسته المعقمة للعمل القصصي وتقصي دلالات الفعل القصصي على الشخصية ومفرزاته في مدار التطور الاجتماعي والحضاري للمجتمع 2-دراسته للرموز القصصية مثل النار والشتاء والبرد والصيف والخريف بمدلولات عديدة فكرية وثقافية0 3-اعتماده على دراسة نماذج كثيرة جداً من النتاج القصصي قبل أن يطلق أحكامه ويحدد جدوى المنعكسات المتنوعة للفعل القصصي في محراب الذكرى: لابدّ من دراسة الأعمال النقدية للناقد الراحل أحمد المعلّم الذي أفنى عمره يقرأ ويكتب وكما علمنا فإنه -رحمه الله-ترك مخطوطات عدة يجب أن ترى النور وبهذه المناسبة -ذكرى رحيله -فإن مدينة حمص الوفيّةللأدباء الراحلين لابد أن تلتفت وتسمي شارعاً أو مدرسة باسمه نأمل ذلك
(( الناقد أحمد المعلّم ))
الناقد أحمد المعلّم في ذكرى رحيله
في التاسع من شهر آب مرت الذكرى السابعة لرحيله بصمت كما يحصل مع أغلب المبدعين ،عندنا إنّه الناقد الأديب أحمد المعلم-رحمه الله-«1943-2002»والذي يتميز عن غيره من النقاد بأنه قد تخصص بنقد القصة القصيرة ،إلى حدٍكبير ،على الرغم من أنه اشتغل على نقد الشعر والرواية فالقصة القصيرة ،كانت هاجسه الأول ذلك اليوم: ذلك اليوم :
من شهر حزيران عام 1988 ،التقيته ،للمرة الأولى،رجل كهل ،يضع نظارة على عينه لكنه يلفت النظر بتلك النظرة الثاقبة وذلك الاهتمام الذي يوليه لك ،في لقائه الأول معك وعندما يستدرجك إلى حديث الثقافة والأدب ،تلاحظ تواضعه الجم ،فترتبك ،وأنت من أنت ،وهو من هو ،في عمر الثقافة والأدب الزمني لكليكما المكان :نادي الضباط بحمص،قبل أن يهدم ويرتفع مكانه البناء الحالي،وفي حضرة مديره ،يومها ،الشاعر المعروف الدكتور أحمد أسعد الحاره ومعظم أدباء حمص ،يومها،كانوا يلتقون هناك أمثال :محمد غازي التدمري ، موريس قبق ،عبد الرحيم الحصني،فاطمة بديوي الباحثان في التراث نعيم الزهراوي ومحمود السباعي ،ياسين فرجاني وأحمد المعلم وغيرهم رحم الله من لقي وجه ربه منهم وأمدّ الله بعمر الأحياء وتوطدت صداقتي مع أحمد المعلم ،الذي أفادني كثيراً ،كما أفاد غيري بنصائحه لمن يكتب القصة وكنت كلما زرته في مقر عمله في مديرية التربية آراه يضع عدداً من الكتب ،في القصة القصيرة ،أمامه وقد بدأ المعلم يكتب منذ ستينيات القرن الماضي في الصحف والمجلات المحلية والعربية وكان يخص «العروبة»بمقالاته في النقد ،فلم تصدر مجموعة قصصية في حمص،إلاّ وكان له تحليل نقدي لها وجاءت كتبه ،عميقة في محتواها ،متميزة في موضوعاتها و،نستعرض هنا كتابين له في نقد القصة القصيرة هما «الواقع والظاهرة الفنية في القصة القصيرة»الصادر عن دار الذاكرة بحمص عام 1994،وكتاب «فصول -دراسة في القصة القصيرة »الذي صدر عن وزارة الثقافة بعد رحيله بعامين أي عام 2004م الواقع والظاهرة الفنية : يقول أحمد المعلم في مقدمة هذا الكتاب «متى تنتهي القصة القصيرة من بناء عالمها الخاص بها ؟!وكيف تؤسس لبناء مثل هذا العالم »؟!ويتابع :«في اليوم الذي تنتهي فيه القصة القصيرة من بناء عالمها ،هو اليوم ،ذاته ،الذي تفقد فيه خصوصيتها،فتصبح صورة منسوخة عن الواقع ،لا حلم فيها ولاجمال ،فينصرف الانسان عنها ،لأنه ببساطة ،لا يريد أن يعيش العمل المكرور ذاته مرتين »ص5 فالحلم كما يرى المعلّم هو مطّية القصة القصيرة ويكفي أن نقرأ ونستعرض ،هنا ،فصول الكتاب لنرى سعة ثقافة مؤلفه ،ودقة أحكامه ،وبراعته في استحضار مكامن الجمال في القصة القصيرة ففي الفصل الأول نقرأ عن «القصة القصيرة في مواجهة الواقع في سورية»وتحت هذا العنوان يدرس المؤلف أعمالاً لسبعة عشر قاصاً وقاصة فيبدأ مع حيدر حيدر وينتهي بأعمال مراد السباعي وتكون النتيجة أنّ القصة القصيرة تختار كل المناحي وتختلج بكل الرؤى لتقدم خدمة للواقع الاجتماعي وتسهم في إبداع المستقبل على صورة مستقبلية وقد تقصّر بعض القصص عن الانحياز التام ،لكن الأغلبية من القصص التي اخترناها-كما يقول-طمحت إلى ذلك واحتضنته وعداً وحلماً قيد الانجاز ص 070 ويعقد المعلم في كتابه هذا فصلاً للحديث عن ظاهرة العقم ومظاهرها الفردية والاجتماعية ويدرسها في أعمال قمر كيلاني وزكريا تامر وصدقي اسماعيل ،وجبرا ابراهيم جبرا وعبد الستار ناصر وعادل أبو شنب وأكرم شريم ،محمد كامل الخطيب ،دريد يحيى الخواجة ،ضياء خضير وجورج سالم ثم يدرس«ظاهرة النار في القصة القصيرة » ويبدو لنا من خلال هذه العناوين أنّ الراحل أحمد المعلّم أول ناقد عربي يدرس هذه الموضوعات ومدلولاتها في القصة القصيرة ويتوسع المؤلف في دراسة «ظاهرة الجنس في القصة القصيرة عند غادة السمان»لاسيما في مجموعتها «رحيل المرافىء القديمة» ص (141)ويعتبر الجنس مفهوماً له دلالاته في الواقع الشخصي والاجتماعي والسياسي لغاية التعرف إلى الامكانيات التي تعزز موقع المرأة من قضايا الحرية والتحرر ،بوجه عام فصول: في هذا الكتاب الكبير ،بحجمه ومضمونه ،وبأسلوبه المدهش وحجته القوية التي تدعمها مفرزات النصوص ،يبحث المعلم في دلالات الفصول الأربعة في القصة القصيرة العربيةمن خلال دراسة تطبيقية لعشرات المجموعات القصصية من مختلف أقطار الوطن العربي فعن الشتاء نقرأ عن فوارق الحياة فيه واحتواء الأمل والحلم الذي ينقصه الواقع واعتراض على الحركة ومفارقات وبحث عن أمل منشود وعن الربيع نقرأ عن مبدأ الصراع والتناقص فيه وعن الأمل وبهجة الربيع وفي الربيع ربّما كان هناك سوء فهم أو تفاهم أو إقدام أو إحجام وعن الصيف وناسه نقرأ عن بزوغ نسمات الحرية والأمل والسعي الذي يلقى الخيبة وعوامل التشتت والتمايز في الوضع الاجتماعي وأثر الصيف في تناقض سلوك البطل والخريف له حضوره في القصة القصيرة ،وهو فصل العزلة وربّما الفشل والخيبة ورمزاً لها وفيه شيء من الخوف والضعف والتحولات إلى النهاية ،وانكسارات قد يأتي بها ونرى أنّ هذه الموضوعات مبتكرة من قبل الناقد الراحل أحمد المعلّم ولم يسبقه أحد ٌ إليها والكتاب جدير بأن يكون أطروحة لنيل درجة جامعية عليا وإذا تتبعنا أعمال الراحل أحمد المعلّم ومنهجه النقدي التطبيقي فإننا نخلص إلى عدة نقاط أهمها: 1-دراسته المعقمة للعمل القصصي وتقصي دلالات الفعل القصصي على الشخصية ومفرزاته في مدار التطور الاجتماعي والحضاري للمجتمع 2-دراسته للرموز القصصية مثل النار والشتاء والبرد والصيف والخريف بمدلولات عديدة فكرية وثقافية0 3-اعتماده على دراسة نماذج كثيرة جداً من النتاج القصصي قبل أن يطلق أحكامه ويحدد جدوى المنعكسات المتنوعة للفعل القصصي في محراب الذكرى: لابدّ من دراسة الأعمال النقدية للناقد الراحل أحمد المعلّم الذي أفنى عمره يقرأ ويكتب وكما علمنا فإنه -رحمه الله-ترك مخطوطات عدة يجب أن ترى النور وبهذه المناسبة -ذكرى رحيله -فإن مدينة حمص الوفيّةللأدباء الراحلين لابد أن تلتفت وتسمي شارعاً أو مدرسة باسمه نأمل ذلك
تعليق