حَلٌ يَعْرِفُهُ الجَمِيْعُ
قصة / عبد الجواد الحمزاوي
لمْ تَكُنْ السَّمكَةُ تسمعُ مُوَاءَ القطَّةِ ولا كَلامَهَا .. حتَّى خياشيِمُها لمْ تكنْ ترتفعُ .. وضعتْ القطَّةُ السَّمكةَ قُدَّامَهَا وقالتْ لِلقِطَطِ : انْظُرِي إلَى سَمَكَتِي ؛ لَقَدْ اصْطَدْتُها بِنَفْسِي.. كانتْ كُلُّ الْقِطَط ِسعيدةً بأختِها .. فجأةً ؛ ارتفعَ مواءٌ عالٍ .. خافتْ كلُّ القططِ .. هىَ تعرفُ أنَّ هذَا المواءَ هوَ مواءُ القطَّةِ البيضاءِ الشريرةِ .. تقدَّمتْ القطةُ البيضاءُ ثمَّ قالتْ : هَذِهِ سَمَكَةٌ ميِّتَةٌ .. لابدَّ أنَّكِ سَرَقْتِهَا مِنْ بَائِعِ السَّمَكِ ..
وقالتْ قطةٌ عجوزٌ : لَا .. هذِه السمكةُ ماتتْ مُنْذُ فترةٍ يسيرةٍ جداً ؛ والقطةُ السوداءُ اصطادتْها فِعْلاً منْ البحرِ .. ولأنَّ المسافةَ بَيْنَ البَحْرِ ومَخْزَنِ الْغِلاَلِ ليستْ قصيرةً فقدْ ماتَتْ السمكةُ لِأَنَّها لا تستطيعُ الحياةَ كثيراً خارجَ الماءِ .. قالتْ القطةُ البيضاءُ ؛ بعدَ أنْ تشممتْ السمكةَ : يبدُو أنَّ كلامَكِ صحيحٌ أيَّتُها القطةُ العجوزُ ..
كانتْ القطَّةُ السَّوداءُ ؛ صاحبةُ السَّمكةِ خائفةً .. وكانَتْ كُلُّ القِطَطِ تترقَّبُ ؛ لِتَرَى ماذَا ستَفْعَلُ الْقِطَّةُ البَيْضَاءُ .
ضحكتْ القطةُ البيضاءُ ثمَّ قالتْ : لابدَّ أنَّكِ اصطدتِ هَذِهِ السَّمكة لِي أنَا أيَّتُها القطةُ؛ أليسَ كَذَلِكَ ؟..
لَمْ تتكلَّم القطةُ السوداءُ .. هيَ تعرفُ أنَّ القطةَ البيضاءَ قويةُ جداً .. وهيَ تعلمُ أنَّها لا تستطيعُ أنْ تواجِهَهَا في العراكِ .. ولكنْ ؛ هلْ تتركُ سمََكتَها تذهبُ منْ يدِهَا بدونِ مقاومةٍ ؟..
ابتسمتْ القطةُ السوداءُ وقالَتْ : البحْرُ مَلآْنُ بالسَّمكِ أيتُهَا القطةُ القويةُ ، ويمكنُكِ أنْ تصطادِي لَكِ غَيْرَهَا ، وَدَعِي هَذِه السَّمَكَةَ لِي ..
غَضِبَتْ القِطَّةُ البَيْضَاءُ .. كَشَّرَتْ عَنْ أَنْيَابِها وَزَمْجَرَتْ .. ولكنَّ القطةَ العجوزُ وَقَفَتْ بينَ القطةِ البيضاءِ الشريرةِ والقطةَ السوداءِ وقالتْ : لا تَنْسِى أنَّنَا كُلَّنَا مُجتمعونَ هُنَا ؛ وأنَّك مهْمَا كُنْتِ قويةً فلنْ تستطيعِي أنْ تتغلَّبِي علينَا .. كانَ لهذِه الكلماتِ وقعَهَا المشجِّعُ عَلَى كُلِّ القططِ .. ارتفعَ مُواؤُهَا ، وتجمعتْ في حلقةٍ حولَ القطَّةِ البيضاءِ .. اشتدَّ غضبُ القطةِ البيضاءِ .. حاولتْ أنْ تهجُمَ علَى القطةِ العجوزِ ؛ ولكنَّ القطةَ السوداءَ سارعتْ بالهجومِ عليهَا منْ جانبِها الأيمنِ .. لمْ تَكِدْ القطةُ البيضاءُ تَلْتَفِتُ إلَى الجَانِبِ الأيمنِ لتَضْرِبَ القطةَ السَّودَاءَ ؛ حتَّى هجمتْ عليْهَا القططُ الأُخْرَىَ مِنْ كُلِّ الاتِّجَاهَاتِ ..
صَاحَتْ القِطَّةُ البيضاءُ صيحاتٍ عاليةٍ متوسلةٍ .. قالتْ : ارحمِينِي أيَّتُها القططُ .. سأموتُ .. آهٍ .. آَهٍ .. آهٍ ..
صاحتْ القطةُ العجوزُ بصوتٍ عالٍ : هذَا كافٍ أيَّتُها القِطط ُ.. اترُكي القطةَ لِتذهبَ إلى حالِ سبيلِها .
مشتْ القطةُ البيضاءُ الشريرةُ ؛ وهىَ تئنُّ وتتوجَّعُ من الجروحِ التِي بجسدِهَا ، ومِنْ الضرباتِ التِي نالَتْهَا ..
ضحكتْ القطَّةُ السوداءُ – صاحِبَةُ السَّمَكَةِ – وقالتْ للقطَطِ : لابُدَّ أنْ تشاركْنَني هذِه السمكةَ ..
وقالتْ القطَّةُ العجوزُ : أرْجُو أنْ يَكُونَ مَا حَدَثَ دَرْسَاً لَنَا .
تعليق