إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إنه حسن قصة / عبد الرحمن بكر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إنه حسن قصة / عبد الرحمن بكر

    إنه حسن
    تأليف عبد الرحمن بكر

    اسمه حسن…وشكله حسن… وفعله حسن0
    ضحك حسن وهو يسمع ثناء والده علية أمام العم نعمان ((خادم المسجد)).. بالفعل كان حسن به كل هذه الصفات بالإضافة إلي أنه الابن الوحيد للحاج رفاعي صانع الأحذية العجوز .. وذراعه اليمني التي يستبدلها بذراعية المرتعشتين عندما يتعب من كثرة العمل …ولسانة الحلو الذي يجعل الزبائن يتحملون ويصبرون علي استلام أحذيتهم رغم طول الزمن في انتظار الصناعة الجيدة.. كل هذا كان حسن .
    سلم العم نعمان علي الحاج رفاعي وامسك بيده اليمني مسبحته وهم بالانصراف وهو يقول: بارك الله لك فيه ورزقك بره.
    فامتلئ قلب الحاج رفاعي سعادة .. فهو يدعو له .. ويحب كل من يدعوا له .
    وأمسك بيده الأزميل وثبت جلد الحذاء علي السندان وانهمك في العمل ورائحة البخور الطيبة تفوح من حوله..، بينما كان حسن بجواره يعد له الطعام ويضبط (منبه) الساعة لكي لا ينسي موعد دواء والده .. وبعدها نظف الأرفف و كنس أمام الدكان ورش الماء .
    أنه يحب هذا المكان وقلبه دائم التعلق به وكيف لا فهو في القدس الشرقية حيث كل شئ له طعم روحاني خاص 0
    ورغم ذلك فالحياة غير مستقرة.. كل ما حوله يدعو إلي القلق ..الدوريات الإسرائيلية في كل مكان تنتشر كالذباب في الشوارع.. تثير في النفوس الضيق والغضب يملأ كل القلوب..
    حسن يكرههم.. يتمنى لو نزعهم من أرضه كما تنزع الشوكة الخبيثة من الجسد الطيب..
    في أوقات الفراغ يراقب الحجارة ..يتفحصها..يشعر أنها متشبعة بدماء الشهداء.. وإنها سلاح من لا سلاح له.. كثيرا ما يعبث بها وينتقي أفضلها أيضا.. ويحتفظ به فقد أتقن فن الرماية، و تعلم ألا يخطئ هدفه ..
    لكنه كان يخشى دائما ًعلي والده ولا يريد فراقه في وقت ضعفه وحاجته إليه..!!
    وفي ساعة من ساعات الجنون .. مزقت الطائرات الإسرائيلية سكون الليل وأطلقت صواريخها القاتلة علي البيوت الآمنة ..
    فدب الفزع بين الأهالي.. وانهارت المباني الصامدة.. وتساقطت أجساد الشهداء وأضاءت النيران ظلام الليل..
    وانهار أيضاً دكان الحج رفاعي..!
    عادت الطائرات بعد أن خلفت ورائها في كل بيت شهيد وثأراً، ولأنه لابد للفجر أن يعود.. وللضوء أن ينفذ فقد أصبح صباح جديد.
    ظل الحاج رفاعي يتأمل حطام دكانه.. يتأمل عمره وصباه وشبابه وكهولته.. ويزداد كرههم في صدره.. أما اللسان فهو عاجز عن الكلام.. والناس ملتفون حوله.
    أما حسن.. فقد كان يعرف ما يريد.. فتقدم نحوه.. وبلا تردد قبل رأسه وقال : أبي أستودعك من لا تضيع عنده الودائع .
    انتفض الحاج رفاعي وكأنه يصحو من الحلم على كابوس وقال في فزع:
    إلى أين….؟!!
    فزاد وجه حسن إصرارا ًوصرامة.. وهو يقول.. لم يعد لنا رزق هنا.
    ولا أستطيع أن أبقى.. فلم يعد بأرضنا أمان.
    ارتعشت شفتا الحاج رفاعي وقال: وأنا..!!
    فاحتضنه حسن قائلاً: ادع لي، وانسل من بين الجموع.. اختفى حسن.
    تسمر الحاج رفاعي في مكانه لا يدري ماذا يفعل، لا يستطيع تفسير ما حدث..!!
    فاقترب منه العم نعمان وأسنده ليوصله إلى بيته وقال ليخفف عنه الصدمة: غداً يعود حسن الشباب يذهبون ويجيئون حيث كان الرزق.
    ولم يعد لكم مصدر للعيش بعد انهيار الدكان.. فربما يجد فرصة أفضل.
    لكن الحاج رفاعي.. المتماسك دائماً كان حابساً لدموعه وعقله قد أصابه الذهول لا يصدق أن حسن تركه وحيداً.
    فأكمل العم نعمان كلامه قائلاً:
    هذا هو حال الشباب يا حاج رفاعي.. كل الشباب.
    فأجابه الحاج رفاعي قائلا: ولكنه حسن.. شكله حسن.. وفعله حسن.
    مرت الأيام.. والحصار يشتد والانتفاضة صداها يُسمع العالم وتساقط الشهداء.. ففي كل يوم جنازة شهيد.. عرس جديد.
    والحاج رفاعي ينتظر، وينتظر.. متى يعود حسن..؟!!
    متى تعود إليه البسمة وإلى قلبه الفرحة.
    هتف الجميع الله أكبر.. العزة لله.. آن لنا أن نثأر.. فتلفت الحاج رفاعي حوله وسأل العم نعمان عن الخبر فأجابه باسماً:
    لقد فجر أحد الأبطال قذيفة في سيارة نقل محملة بالجنود الإسرائيليين فقتل أغلبهم.. لكن أحدهم أصابه بالرصاص فاستشهد.
    اقتربت جنازة الشهيد من الحي.. الكل يهتف (الله أكبر اليوم عرسك يا شهيد) وقف الحاج رفاعي صامتاً، كأنه جبل قديم.. كساه الجليد.
    يتابع بعينيه الجنازة.. وهي تقترب نحوه.. تقترب أكثر.. لماذا هو بالذات.. لقد كادت أن تلتحم به..أخيراً توقفت أمامه..
    العيون حزينة.. ينظرون له.. فاقترب من الجثمان.
    وارتعشت يداه كما لم ترتعشا من قبل.. رفع الغطاء.. إنه.. إنه حسن..
    تجمد في مكانه.. كاد أن ينهار.. عجز لسانه عن الكلام..
    لكن أحدهم أعطاه رسالة.. قال إنها من حسن.. وصيته.
    فضها بما تبقى لديه من صبر وشوق وحنين.. قرأها:
    أبت.. أحبك.. عذراً لأنني فارقتك..
    فقد أرادوا القدس ونسوا أن لها رجالاً يحمونها..
    فارقتك وكلى شوق لكي ألقاك، هناك في جنة عرضها السماوات والأرض..
    حيث يلتقي الأحباء.. أبت أدع لي.. ابنك حسن.
    وهنا ذاب الجليد.. وانهمرت من عيونه دموع الرحمة.. والتفت إلى العم نعمان باسماً ووجهه غارق في الدموع وهو يقول:
    ألم أقل لك إنه حسن.. وإن فعله كله حسن.
    http://samypress.blogspot.com
    http://samypress.yoo7.com

  • #2
    رد: إنه حسن قصة / عبد الرحمن بكر

    نعم إنه حسن الأحسن وقد أحسن فيما فعله بأوغاد لا يقيمون وزناً للأعراف ولا للحقوق ولا للإنسان والنذل الوضيع وحده يتسمـّر متفرّجاً على أعراض تنتهك وحقوق تـُسلب وأرواح تـُزهق لا لشيء إلاّ أنها صاحبة حق

    تعليق


    • #3
      رد: إنه حسن قصة / عبد الرحمن بكر

      سلمت يدك يا حسن و ما فعلت هو الأحسن...
      قصة رائعة...

      تعليق

      يعمل...
      X