إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحادثــة..! قصة / صبرى الطويل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحادثــة..! قصة / صبرى الطويل


    الحادثــة..!
    بقلم : صبري ح. الطويل

    أشياءٌ غريبة وأحداث شبه خياليه تقع لنا جميعًا عبرمشوار حياتنا على الأرض .. وكلما تقدّم الإنسان في العمرِ كلما استدعت ذاكرته بعضمن تلك الأحداث .. بسلبياتها وإيجابياتها .. وفي كلتا الحالتين هناك دروسٌ مستفادةتساهم في بناء وتكوين شخصية الإنسان فتجعله إنسانًا سويًا ومفيدًاللآخرين.
    أزعجتكم يا أحبائي بهذه المقدمة .. فأنا الآن أتذكر تلك الحادثة التيكنتُ طرفًا فيها منذ أكثر من ثلاثين عامًا .. دَعوني أرويها لكم كما وقعت.
    كنتُشابًا مفتول العضلات .. أمارس رياضة كمال الأجسام بإنتظام في أحد الأندية المشهورةبمدينتي.. أهتم كثيرًا بنوعية الطعام التي أتناولها في الفطور والغذاء والعشاء .. اشتهرتُ بين الجيران بأنني شاب مجتهد .. لا أدخن مثل أقراني المستهترين .. لا أجالسأصحاب السوء.. رجلٌ يُعتمد عليه في حماية الآخرين ومساعدتهم وقتما يحتاجونه.
    فيذلك اليوم رفضتُ بأسلوبٍ غير أخلاقي ما قدمته لي أمي من طعام .. رفضت حتى الإستماعإليها وهى تشكو لي من آلام في رأسِها منعَتها من الذهابِ إلى السوقِ وشِراء الطعامالذي أحُبُُه .. لم أكتفْ بالرفض فقط بل تأففتُ من نوعية الأكل الذي وضعته أميالطيبة أمامي على المنضدة .. وانصرفتُ غاضبًا بعد أن أغلقت الباب خلفي بعنفٍوعصبيةٍ.
    في الطريق كنتُ أسرع من خطوتي .. فقد حان وقت الاجتماع بالنادي .. وفيهذا الاجتماع ستقوم إدارة النادي بترشيح أحد أعضاء فريق كمال الأجسام.. لكي ينضمإلى قائمة الفريق القومي لكمال الأجسام .
    كان الرصيف مزدحمًا بالمشاة.. ونهرالطريق مزدحمًا بالسيارات المسرعة .. انتظرتُ قليلاً حتى تهدأ حركة السيارات. وَقَفَتْ بجواري إمرأة عجوز .. طلبت مني بصوتٍ منخفض أن أساعدها في العبور إلىالجهة الأخرى .. التفتُّ إليها فوجدتها تستند بكفيها على عكازٍ قصيرٍ .. سمعتُصوتًا يتردد في داخلي.. أن تلك المرأة ستحتاج إلى وقتٍ كبيرٍ حتى أعبر بها إلىالجهة الأخرى .. لم أعرها انتباهًا فأنا في أمس الحاجة إلى كل دقيقة.. واندفعتُجريًا أعبر نهر الطريق.
    قبل أن أصل إلى الجهة الأخرى سمعتُ صوت اصطدامٍ قوي .. أعقبته أصواتًا كثيرة لفرامل بعض السيارات.. بعدها ارتفعت أصوات الاستغاثة وطلبسيارة الإسعاف ..
    مضيتُ في طريقي غير عابىء بما حدث .. أسرع من خطاي كيأستطيع اللحاق بالمترو الذي سيقلني إلى النادي.. في حين كان المارة بجواري يرددونبحزنٍ "إنه خطر العبور من الأماكن غير المخصصة لعبور المشاة .. وأن العجلة منالشيطان.. وأنه في التأن السلامة" ..
    ما أن وصلت إلى النادي حتى أسرعت إلى قاعةالاجتماعات .. وهناك وجدتُ الجميع في انتظاري.. تساءلت في خوفٍ : "أين الكابتنممدوح.. هل تأجل الاجتماع..؟!" فأخبرني أحدهم أن الكابتن انصرف مسرعًا على إثرتلقيه مكالمة تليفونية من مستشفى الهلال الأحمر.. مفادها أن جدته لأبيه قد صدمتهاإحدى السيارات.. وأصيبت بعدة كسور وجروح وهى في حالة خطيرة.. وأخبروني أنهمبانتظاري لكي نذهب جميعًا إلى المستشفى ونكون بجوار الكابتن (ممدوح).
    فيالمستشفى لم يستطع أحد أن يمنعني من البكاء .. صرتُ كطفلٍ صغيرٍ فقد أمه .. تارةأضرب رأسي بكف يدي وتارة أخرى ألطم وجهي بِلا رحمة .. إزدادت ثورتي هياجًا فرحتُبغضبٍ أدق الأرض بقدمي .. أتمتم بكلمات لم يفهما سواي.. أعاقب نفسي وأؤنبها .. كانتالدموع تنهمر من عيني كنارٍ كاوية .. ظنَّ الجميع أن المرأة المصابة قريبتي فبدأوافي مواساتي وتهدئتي تاركين الكابتن (ممدوح) بمفرده في الغرفة بجوار جدته .
    لميعلم أحد حتى اليوم أنني السبب في إصابتها .. لهذا كانت ثورتي على نفسي .. فبعد أنرأيتها راقدة في شبه غيبوبة ورأيت العكاز بجوار سريرها .. وسمعتها تئنَ من كثرةالآلام .. ورأيتُ قدماها وذراعها الأيمن داخل الجبس مشدودتان إلى أعلى .. وتأكدتُأنها تلك المرأة العجوز التي رفضت أن أمدَّ لها يد العون.. وأساعدها في عبورالطريق.. عذبني حالها وإزداد حُزني وسخطي وغضبي من نفسي عندما علمتُ أنها ضريرة.
    لقد ظنت المسكينة أنها تعبر بجواري وأن الطريق خال من السيارات .. هكذا أخبرتنيفي زيارتي الثانية لها بالمستشفى.
    تغيّبتُ عن التدريب أيام كثيرة .. كنتُ أعاقبنفسي مقتنعًا في داخلي بأنني غير مؤهل أخلاقيًا أن أمثل بلدي في المسابقات العالمية .. رفضتْ إدارة النادي قيد إسمي ضمن فريق المنتخب.. كنت أقضي كل وقتي تقريبًابجوارها في المستشفى .. لم تنقطع زياراتي لها حتى غادرت المستشفى واستردت عافيتها .. في كل زيارة وقبل إنصرافي كنتُ أمسك بكفيها وأقبلهما ثم أقبل جبهتها وأطلب منهاأن تدعو لي.. كان وجهها يُشِع نورًا ملائكيًا وكان قلبي يبكي وينتفض خلف ضلوعي .. كنت أتمنى أن أخبرها أنني السبب في اصابتها .. كم وددتُ أكثر من مرة أن أعترفأمامها صارخًا " أنا الشاب الأناني الغبي الذي رفض مساعدتك".. وأطلبُ منها أنتسامحني.. ولكنني كنت أخشى أن أفقد حُبَها ودعواتها لي.. وأفقد احترام مدربي الذيكنتُ أحُبُه كثيرًا.
    لعنتُ قسوتي .. لعنتُ جُبني واستهتاري بالآخرين .. لعنتُأنانيتي وحبي لذاتي.. بعدها تغيرتُ .. صدقوني .. صرتُ لا أتأفف من نوعية الأكل الذييُقدَّم لي .. وعشتُ أيامي سعيدًا برضاء أمي ودعائها لي فقد أحسَّت بقلبها الحنونالطيب منذ ذلك اليوم .. أنني أصبحتُ انسانًا جديدًا مُحبًا لكل البشر.. حنونًاعطوفًا جديرًا بالاحترام.. عندئذ فقط عُدت إلى رياضتي المفضلة وانتظمتُ فيالتدريب
    http://samypress.blogspot.com
    http://samypress.yoo7.com

  • #2
    رد: الحادثــة..! قصة / صبرى الطويل

    لذا أن نتروّى ونعطي للأناة قسطاً فقد يكون في هذا تجنب الوقوع في ما لا نحب

    تعليق

    يعمل...
    X