إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حكايات الجد مشعل ( شيخ البلد ) قصة / محمود عبد الله محمد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حكايات الجد مشعل ( شيخ البلد ) قصة / محمود عبد الله محمد

    5
    ولم تدم فرحتنا بانتهاء الحرب غير أيام أو شهور قليلة .. فوباء الكوليرا قد اجتاح القرية بأكملها .. وقتل منها أعدادا كثيرة من الناس .. ففي خلال يومين فقط .. كان هذا المرض قد طرق كل البيوت .. ولم يفلت بيتاً واحداً من هذا الوباء اللعين .. إلا وقد شيع نفراً منه .. هاااه .. رحمك الله يا أم سلطان .. وأنت أيضاً يا حامد يا تركي يا شيخ البلد .
    حكاية
    شيخ البلد
    كان اليوم صعباً جداً .. فالموتى وصل عددهم إلى خمسين فرداً وزيادة .. والإحساس بالموت في أي لحظة .. قد سيطر على جميع الناس بالقرية .. وقتها كان حزني على أم سلطان شديداً .. لدرجة جعلتني أشعر بأن كل شيء قد صار لونه أسود .. جدران المنازل ونوافذها وأبوابها لونها أسود .. حتى السحب في ذلك اليوم قد صارت سوداء حالكة .. ورحت أمشي في شوارع سامول .. كيفما تجرني قدماي .. وكنت التقي بجماعات من الناس يرتدون السواد .. ويستعدون للرحيل .. وكلما سألت أحدهم .. كان يجيبوني بأنه ذاهب إلى الحقول ليعيش وسط الخضرة .. بعيداً عن تلك القرية الموبؤة .. حتى شيخ البلد .. رأيته يستعد مع زوجته وولداه حسان وفضيلة للرحيل أيضاً إلى الحقول الخضراء .. فاندفعت ناحيته .
    ماذا تفعل يا شيخ البلد ؟
    مشعل ؟ لما لم تهرب كما يهرب الناس ؟ اللعنة حطت على البلد .. هيا يا رجل تعالى معي إلى حوض الساقية .. انج بنفسك وبأهلك يا مشعل .
    وأخذت أساعده في نقل أمتعته .. ولما انتهينا من تحزيمها ووضعتها على ظهر حماره.. حملنا في أيدينا ما تبقى منها .. ثم اتجهنا بعدها للحقول .. ولكننا أثناء سيرنا إلى حوض الساقية.. مال عليّ شيخ البلد وهمس في أذني :
    أشعر بألم وانتفاخ في بطني يا مشعل .
    طمأنته رغم القلق الذي انتابني .. قلت له :
    ربما كان ذلك من أثر طعام الإفطار .. ماذا تناولت اليوم ؟ .
    لكنه لم يستطع أن يرد على سؤالي .. بل اخذ يصرخ :
    سأموت .. سأموت يا مشعل .
    وعلى الفور أنزلنا ما كان على ظهر الحمار .. وحملنا بدلاً منه شيخ البلد الذي بدا مغشيا عليه .. وقبل أن نعبر الجسر الذي يربط القرية بحوض الساقية .. بخطوات قليلة .. كانت قد فاضت روحه إلى خالقها .. فازدادت حالة اليأس بداخلي .. وكان من الضروري أن تلغى الرحلة إلى الحقول الخضراء .. ونبدأ في دفن جثة شيخ البلد .. فعدت أنا وحسان بعد أن تركنا الزوجة وابنته فضيلة إلى جوار جثته .. لنبحث معاً عن نعشٍ نحمله فيه إلى المقابر .. ولأنه كان نعشاً واحداً بالقرية .. ولأن القرية كانت في تلك الأيام تحتاج إلى أكثر من نعش .. فكرامة الميت في سرعة دفنه .. حملته أنا وزوجته وحسان وفضيلة .. فوق سلم خشبي إلى المقابر .. ثم تعاونا في دفنه .. وبعدها عاد حسان مع أمه وأخته .. وجلست أنا إلى جوار قبر أم سلطان لأقرأ لها ولأمواتنا جميعاً الفاتحة .
    @@@
    http://samypress.blogspot.com
    http://samypress.yoo7.com
يعمل...
X