إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحروف الشعورية الحلقية (( حرف العين في الخصائص الصوتية المميزة )) - دراسة (( حسن عباس ))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحروف الشعورية الحلقية (( حرف العين في الخصائص الصوتية المميزة )) - دراسة (( حسن عباس ))

    الحروف الشعورية الحلقية
    (( حرف العين في الخصائص الصوتية المميزة ))
    - دراسة (( حسن عباس ))

    في الخصائص الصوتية المميزة لحرف العين:
    صوت هذا الحرف متوسط الشدة. يشبه شكله في السريانية صورة العين. يقول عنه العلايلي: إنه "لخلو الباطن والخلو مطلقاً". وهو تعريف مبهم.
    إن صوت هذا الحرف هو نقيض صوت حرف الغين.
    فصوت الغين يتشكل بتقبُّض مخرجه في الحلق بشيء من التشنُّج، ثم بتوزع النَفس بفعل هذا التقبض، في دغدغة يوحي معها بغرغرة الموت والظلام والغؤور، كما سبق ولحظنا ذلك في دراسته.
    أما صوت العين، فهو يتشكل بتضيُّق مخرجه في أول الحلْق على شكل حلقة ملساء، ومن ثم بتجميع ذبذبات النفس في بؤرة هذه الحلقة. وهكذا لا بد لصوته النقي الناصع أن يوحي بالفعالية والإشراق والظهور والسمو، على العكس مما يوحيه صوت الغين المخرب المحكوك.
    ويقول الدكتور إبراهيم أنيس بمعرض تحليل صوت العين: إنه (من حيث انعدام حفيفه، أقرب من الميم والنون واللام، ومن حروف اللين: "الألف والواو والياء". (الأصوات اللغوية ص88).
    وأنا لو أخذت بهذا النهج في تحليل صوت العين لكان بإمكاني أن أزيد على ذلك: إن هذا الصوت من حيث صفاؤه ونقاؤه يمت بقرابة مماثلة إلى حرف الصاد، ومن حيث فخامته فهو غير بعيد في قرابته عن حرف الضاد. أما من حيث توتره الصوتي، فهو ألصق طبيعة بحرف الزاي شدة وفعالية.
    ليبدو صوت العين بذلك وكأنه مزيج من خصائص أصوات هذه الحروف كلها. من متانة اللام وتماسكه، وصفاء الصاد وصقله، ونقاء النون وأناقته، ومن فخامة الضاد، وفعالية الزاي، ومرونة الألف والواو والياء.
    وهكذا كان حرف العين أكثر الحروف أرستقراطية، قد جمع إلى نفسه خلاصة ما في خيار أصوات الحروف العربية من خصائص ومعان. وذلك على مثال ما في معدن الذهب من الأرستقراطية. له من الفضة أنصع ما فيها من صفاء وصقل ورنين، وله من النحاس أنقى ما فيه من صفرة، لا يجاريه في ثقله النوعي معدن، وهو إذا ما رقق في أسلاك، كان في ليونته ومرونته كخيط من حرير.
    على أن هذه المادة الصوتية النبيلة في حرف العين، بدل أن يخصصها العرب الرعاة للتعبير عما أبدعت له من معاني السمو والصفاء والعزة، فإنها لعلة مرونتها وقابليتها للتكيف، قد أساؤوا استخدامها في كثير من معاني الغلظة والفجاجة والعيوب الجسدية والنفسية. وذلك على مثال ما وقع لمعدن الذهب. فبدل أن يخصص لصناعة أدوات الزينة والحلي، فإنه لعلَّة مرونته وقابليته للتداول ونفاسته، قد أسيء استخدامه في أعمال الغواية والخداع وشراء الضمائر على مدى التاريخ.
    ولكن الصوت الغنائي ذا الطابع العيني، سيان كان صاحبه رجلاً أم امرأة، ظل على مر الزمن أصلح الأصوات قاطبة للتعبير عن مختلف المشاعر الإنسانية، من حب وحنين وخشوع ونخوة وسمو وعزة نفس، بحرارة وصدق أصوات الحروف المختصة أصلاً بهذه المشاعر. وذلك لما يتمتع به هذا الصوت الذهبي المرنان، من مرونة وعذوبة وصفاء ونقاء وفخامة (أم كلثوم. عبد الوهاب في شبابه. فيروز. وديع الصافي الحرف العربي والشخصية العربية ص256).
    وهكذا بتوافق خصائص العين مع خصائص أصوات الكثير من الحروف قد سهُل عليه أن يتعاون مع الحروف العربية جميعاً، ضعيفها وقويها. رقيقها وغليظها، ما عدا حرف الحاء للاستثقال، وحرف الغين للتناقض في الخصائص والمعاني.
    وحرف العين في تعامله مع الحروف، إما أن يشّدها إلى تحقيق خصائصه الذاتية، من الفعالية والقوة والصفاء والفخامة والسمو، وإما أن ينساق معها للتعبير عن مختلف خصائصها الحسية والشعورية، وإن تناقضت أصلاً مع خصائصه. ولكن ليضفي على معاني الألفاظ التي يشارك في تراكيبها في الأعم الأغلب، كثيراً من الفعالية والعيانية والظهور.
    فالعشق هو الظاهر من الحب الخفي.
    والعذاب هو الظاهر من الألم الدفين.
    والعبودية هي الظاهر من الطاعة والتبعية.
    والعداوة هي الظاهر من الحقد الدفين.
    فيكون العشق منتهى الحب، تأججاً وتمكناً وعلانية وإفراطاً، ما فوقه هوى ولا حب. وهكذا الأمر من المبالغة والشدة والعلانية في العذاب والعبودية، وفي العهر والعري والعمى والعار والمرض العُضال والأمر العويص.
    ولكن ما نصيب حرف العين من موحياته الصوتية على واقع المعاجم اللغوية؟
    - بالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على ثلاثمئة وعشرة مصادر تبدأ بحرف العين. أما بالرجوع إلى قاموس محيط المحيط للمعلم بطرس البستاني، فقد عثرت على ستمئة وأربعة وستين مصدراً. ولكن معظم هذه الزيادة كان من غرائب الكلم مما يدور معناه حول الحياة الرعوية، من بيئة طبيعية ومواش، ووحوش وحشرات ونباتات وطراز عيش وعيوب جسدية ونفسية، قد خرج أغلبها من التداول منذ زمن بعيد. ولذلك رأيت أن أعتمد محيط المحيط في دراسة هذا الحرف في أول المصادر فحسب للتدليل على نشأته الرعوية، لكثرة ما استخدم في التعبير عن متطلبات هذه المرحلة المادية والمعنوية مما لا نظير له في أي حرف آخر من الحروف العربية.
    وهكذا سأضطر إلى الاستشهاد بالكثير من غرائب الكلم لغرائب المعاني، مما يتعلق بالبداوة وأحوالها، وإن استثقل القارئ أوزانها وتنافر أصوات حروفها.
    وأرى من المفيد أن أنبه منذ الآن إلى أن العربي قد استخدم معظم المصادر التي تبدأ بحرف العين لمعان كثيرة التنوع إلى حد التناقض أحياناً، ولا سيما ما كان منها من غرائب الكلم. وذلك يرجع فيما أرى لأسباب عدة، منها:
    آ-لنصاعة صوت العين وتوافقه مع طبيعة أصوات الأعراب، مما حببه إلى نفوسهم فأكثروا من استعماله لشتى الأغراض والمعاني الجيدة والرديئة على حد سواء.
    ب-لمرونته الفائقة، مما سهل عليهم إدخاله في شتى المصادر وإن كان في أصوات حروفها تنافر وفي أوزانها قلقلة واضطراب.
    جـ -للفوضى العشائرية في التعامل مع هذا الحرف الرعوي. فكل قبيلة على ما يبدو، قد أسهبت في اعتماده بمعرض التعبير عن حاجاتها وشؤونها بإبداع ما خطر لها من المصادر والمشتقات التي رأتها ملائمة لخصائصه الصوتية المتنوعة، فتداولتها البوادي والحواضر.
    وذلك على العكس مما لحظناه من الضبط والربط في معاني المصادر التي تبدأ بالحروف الزراعية كما مر معنا في دراسة الفاء واللام والميم...
    وهكذا كان لا بد لي مع هذه الفوضى في المعاني أن أجهد الفكر في انتقاء المعنى الذي رأيته أقرب إلى معاني المصدر ومشتقاته، أو أكثر توافقاً مع موحيات أصوات حروف اللفظة المختارة ووزنها، وللقارئ، المحتج أن يختار البديل لفظاً ومعنى، وما أحسبه سيبتعد كثيراً عن حصيلة ما توصلت إليه حول خصائص هذا الحرف ومعانيه.
    مع معحم محيط المحيط:
    لقد عثرت على مئة وخمسة وعشرين مصدراً تدل على الشدة والفعالية والصلابة والقطع، مما يتوافق مع صوت العين مشدداً عالي النبرة.
    منها تسعة عشر مصدراً يدل بعض معانيها على الأسد بمختلف أوصافه من الشدة والقوة والثقل والضخامة.. هي.
    العبّاس. العثمثم. العشزب. العذافر. العرابض. العزرم. العرصام. العرفاس- العرندس. العرهم. العسرب. العسلق. العضمر. العرفس. العفراس. العكندس. العميثل. العنباس... عفرين.
    ومنها ثمانية عشر مصدراً يدل بعض معانيها على الإبل أو الناقة بمختلف الأوصاف من الشدة والغلظة والصلابة وسرعة العدو والطول والنحافة هي:
    العبسر. العبسور. العجرمة. العرجوف. العرجوم. العزهل. العسبورة العشوز. العيسجور. العمفج. العنتريس. العنسل. العيدهور. العيهل. العلطمس. العلكم. العيهامة. العنكرة (الناقة العظيمة) العنواش والعوهج والعهسول ولم أعثر على أي منها في الوسيط.
    ومنها عشرة مصادر بمعنى (الصلب الشديد) هي:
    العِرزب، العشنزن، العصلد، العضائج، العضنبل، العلنكد، العنتل، علب الشيء. وعلد (اشتد وصلب) رجل عبنّك (صلب شديد). ولم أعثر في الوسيط الإ على مصدرين (علب وعلد).
    ومن معاني الشدّة أيضاً:
    عبط الذبيحة (نحرها. الباء للبقر والبعج). عتك القتال (اشتد . الكاف للاحتكاك) عتله (جذبه وجرّه بعنف. اللام للالتصاق). عثُر الشيء (اشتد). عتنه إلى السجن (دفعه دفعاً قوياً) العِران (القتال). عفجه بالعصا (ضربه). اعتفد الرجل (أغلق بابه على نفسه فلا يسأل أحداً حتى يموت جوعاً. وَيا لها من عزّة نفس). عفسه وعفصه (قلعه وصرعه). العقابيس (الدواهي). العقابيل (الشدائد). عقّ الثوبَ (شقه). علس الداءُ (اشتد). العلفصه (العنف). العلندي (الغليظ من كل شيء). العلنكز (الرجل الصلب العظيم). العملَّس (الجريء المقدام). عندر المطر (اشتد)عنتر فلان (سلك في الشدائد). المعنجد (المغضوب الشديد) العنصنص (الشديد) العنف.
    وكان منها أربعة وستون مصدراً لمعاني العظم والظهور والعلو، بما يتوافق مع العين المشددة عالية النبرة. منها:
    عبّ البحر (كثر موجه وارتفع). العباهر (الممتلئ الجسم الطويل). العرندي (السيل الكثير). عرج في السماء (ارتفع وصعد). العراهل (الضخم الفاحش الطول). العلجم، والعنشط، والعشنق والعطلّس، والعناهك والعنط، والعوهق جميعها بمعنى (الطويل). العظم. العلو. عاطت العنق (طالت). العِلج (الرجل الضخم). العيدانة (أطول ما يكون في النخل). العسقد (الطويل الأحمق). العلهم (العظيم من الإبل). العنكرة (الناقة العظيمة). العنواش (الطويلة من النوق). العوهج (الطويلة العنق من النوق). العُنجه (القنفذ الضخم). العنق (الرقبة).
    وهنا لا بد لي من تعليقين اثنين:
    آ-بما أن العُنجه معناها (القنفذ الضخم) فإن العنجهية التي يتغنى بها العربي اليوم إنما هي مذمّة لا محمدة، فحبذا الإقلاع عن التباهي بها.
    ب-على الرغم من أن العنق هي الرقبة معجمياً، فإن ثمة فارقاً أدبياً كبيراً بين اللفظتين. فالخاصية المميزة في معنى العنق هي الطول (للعين)، والرقة والأناقة والانبثاق (للنون). أما (القاف) فهي لاصطدام نهاية العنق ولا أرق، بالجمجمة ولا أغلظ عضوا. ومسيرة العنق صعدا من أعلى الصدر إلى الجمجمة جعلت لهذه اللفظة الشعرية ومشتقاتها المقام الأدبي الرفيع في دنيا الجمال وعالم الحب والغزل.
    أما الرقبة، فالخاصية المميزة في معناها هي التأود وتكرار الحركة (للراء) وهي وظيفة فيزيائية بحتة لا أبعد منها عن عالم الشعر والأدب.شتان بين المراقبة والرقابة، وبين المعانقة والعناق.
    وكان منها مئة وخمسة عشر مصدراً للعيوب النفسية والجسدية، معظمها يتصف بالشدة أو الظهور. بما يتوافق مع صوت العين مشدداً. كما أن معاني معظمها يرجع إلى الاضطراب في الوزن والتنافر في أصوات الحروف بعيداً جداً عن الخصائص الصوتية للعين. منها:
    عربد (ساء خلقه). عرّ الجمل (جرب). المِعذج (الغيور السيء الخلق). العزهاة (امرأة اسنّت ونفسها تنازعها إلى الصِّبا). العزْهل (الرجل المضطرب). العسق (عسر الخلق). عسلط (تكلم بلا نظام). عشى عشوا (ساء بصره). العشوز (الشديد الخلق الغليظ). عَفِك (اشتدت حماقته). العفكل والعفليط (الأحمق). العفنط (اللئيم السيء الخلق). العكبرة (المرأة الجافية الخلق). العكرشة (العجوز الضخمة). العِلشط (السيء الخلق). العلكذ (الغليظ). العلهج (الأحمق اللئيم). العنبوج (الأحمق الرخو الثقيل). العنفط (اللئيم السيء الخلق). غنظى به (أسمعه كلاماً قبيحاً) العُهْر. العهّ (القليل الحياء المكّار). العمى. العمه (عمى البصيرة فقط). العور. العار. العاهة. العيب.
    وكان منها ثلاثون مصدراً للرقة واللطافة والضعف بلا عيوب، بما يتوافق مع العين المرققة المنعمة. منها:
    العبرد من الجوارى (البيضاء الناعمة). عِبق الطيب. العدث (سهولة الخلُق).
    العذوبة. العزّة. العسن (الطول مع البياض وحسن الشعر). العسنق (التام الحسن). العصمة. العُطبول (المرأة الفتية الجميلة الممتلئة، الطويلة العنق). العطر. العطموس (المرأة الجميلة). عفز الرجل زوجته (غازلها). العفة. العفو. علبوبة القوم (خيارهم). العنبر. العناهيج (خيار الخيل والإبل). عنم البنان (خضبه).
    وكان منها أحد عشر مصدراً للصفاء والضياء والعيانية، بما يتوافق مع العين المرققة. هي:
    عبا وجهه عبواً (أشرق). عَرِبَ عروباً (فصُح). المعرفة. العِراص (اللمع المضطرب الكثير اللمعان). العقق (البرق يشق السحاب). العَقل. العلطمس (الأملس البراق). العلم. العين.
    وكان منها ستة وعشرون مصدراً لأصوات تتوافق مع العين المشددة. منها:
    عتْ عتْ (دعاء للجدى). عجّ الرجل (صاح ورفع صوته). عجعج (كرر العجيج). عد عدت القطاة (صوتت). عزّف تعِزيفاً (صوت). عصود القوم (صاحوا واقتتلوا). عطس. العطعطه (تتابع الأصوات). عفطت العنز (نترت بأنفها). علْعلْ (زجر للغنم). عنظز (صاح كالعنز). عهْ عهْ، وعيَّه (صوت تُزجر به الإبل لتُحبس). عهعه الراعي بالإبل (زجرها لتُحبس). العوعاء (الضوضاء). العويل. عاي وعيعي (زجر للضئين). العُواء. عيهى (زجر للضئين). عيّق تعييقا (صوّت). العيهكة (الصياح).
    وكان منها عشرون مصدراً لمشاعر إنسانية تتوافق معانيها مع العين المشددة حيناً والمرققة حيناً آخر. هي:
    عبد (خضع وذلّ). عتب عليه. تعترف. تعجرف. أعجبه (سرّه). تعذمر الرجل (تغضّب). عذله وعذمه (لامه). عرِد الرجل (هرب من خوف). عسِق به (لزمه ولصق به وأولع). العِشق. العصلبة (شدة الغضب). عظر الشيء (كرهه). علِز المريض (أخذه القلق والخفة والهلع). علِه الرجل (تحيّر ودُهش). عمِد الرجل (غضب). المعندب (الغضبان). عنشط الرجل (غضب). عنا له عنواً (خضع). العمو (الضلال والمذلَّة والخضوع).
يعمل...
X