إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحاسة البصرية وحروفها ((س - ش - ط - ظ )) - دراسة (( حسن عباس ))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحاسة البصرية وحروفها ((س - ش - ط - ظ )) - دراسة (( حسن عباس ))

    الحاسة البصرية وحروفها ((س - ش - ط - ظ ))
    - دراسة (( حسن عباس ))
    7- حرف السين:

    مهموس رخو، يشبه رسمه في السريانية صورة السن. يقول عنه العلايلي: إنه (للسَّعة) والبسط بلا تخصص). وقال الأرسوزي عنه: إنه للحركة والطلب . والقولان صحيحان ولكنهما قاصران.
    حرف السين هو أحد الحروف الصفيرية ، صوته المتماسك النقي يوحي بإحساس لمسيِّ بين النعومة والملاسة، وبإحساس بصري من الانزلاق والامتداد، وبإحساس سمعي هو أقرب للصفير. وليس في صوته مايوحي بأي إحساس ذوقي أو شمي أو مشاعر إنسانية. فما رصيد هذه الخصائص الصوتية في حرف السين من معاني المصادر التي تبدأ به؟.
    بالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على مئتين واثنين وخمسين مصدراً جذراً تبدأ بحرف السين، كان منها اثنان وثمانون مصدرا تدل معانيها على التحرك والمسير بما يتوافق مع خاصية الانزلاق في صوته. منها:
    سبق. سجم العطر (سال) . سحبه اسبلت عينه (صبّت دمعها- والسماء أمطرت). سرح السيل (جرى جريا سهلا). سرى الشيء عنه سروا (نزعه وألقاه). سرى سرْياً وسِراية وسُرىً (مضى وذهب). سعر الفرس (عدا شديدا). سفح الدمُ (انصبَّ). سفّ الطائر (مرّ على وجه الأرض طائرا). سفا سفوا (أسرع) . سقط. سكع (مشى متعسفاً) . سهكت الريح (عصفت واشتدت). ساخت قوائمه (غاصت في الأرض). ساج (جاء وذهب).
    سال. ساب سيبا وسيبانا (ذهب حيث شاء). سأى (عدا) . سبسب الرجل (سار سيرا لينا). سبح. سفكه (صبّه). سكب. سلك المكان (دخل ونفذ). سعسم (مشى مشيا رفيقا). سهرج (عدا شديدا من فزع). سار. اسلهبَّ الفرس (مضى في عدوه). تسحسح الماء(سال).. أسحمت السماء (صبَّت ماءها). سحّ الماءُ (سال). سفنت الريح (هبت على وجه الأرض. ومنه، السفنية مهب للرياح في البحر). ساق سوقاً.
    كما عثرت على ستة عشر مصدراً تدل معانيها على الخفاء والاستقرار ، بما يتجافى مع خاصية الانزلاق في صوت السين . منها:
    ستره . سدك بالشيء (لزمه). سدل الثوب (أرخاه). السِّرُّ. سقف البيتَ (غطاه).سكن. السِّجاف (الستر).
    كما عثرت على أحد عشر مصدراً للتعالي بما يتوافق مع خاصية الامتداد إلى أعلى.منها:
    سبغ (تم وطال واتسع). سمد (علا ، رفع رأسه ونصب صدره). سمك سموكا.وسنع سنوعا وسما سموا (ارتفع وعلا). سمق النبات (علا) . سطع سطعا (طال عنقه) . السُّلاجم (الطويل من الرجال).
    كما عثرت على ثمانية عشر مصدرا للرقة واللين والضعف ، بما يتوافق مع خاصية الرقة والسلاسة في صوت السين . منها:
    سبت (استراح ، وسكن). سبخ(سكن وفتر). سرك (ضعف بدنه بعد قوة). سعسع (كبر حتى هرم). سقم (طال مرضه). سكر (فتر وسكن). سلس (صار سهلا). سهل.سمح (سهل ولان). سجا البحر والليل (سكن). سخف الشيء (رقَّ وضعف). السخل (كل شيء لم يتم).
    كما عثرت على ثلاثة عشر مصدرا تدل معانيها على القشر والقطع، بما يتوافق مع خاصية الانزلاق في صوت السين . منها:
    سبّ الدابة (عقرها). سحجه (قشره). سحفه (قشره). سحق الشيء (دقّه).سلخه . سبد شعره (حلقه) . سرّمه (قطَّعه). . سحا الشيء (قشره). سلع الطريق (شقه) . سرد الشيء (ثقبه).
    وكان للأصوات مصدران اثنان. هما: سعل. سهف الدب (صاح) . (لتدخل حرفي . ع. هـ)
    وكان للمشاعر الانسانية ثلاثة مصادر . هي سئِم ، سُرّ، سعِد.
    وهكذا لم يكن لهذا الحرف من صفيريته إلا الاسم . على أنه استطاع أن يفرض خصائصه الصوتية على (56%) من معاني المصادر التي تبدأ به، لتكون شخصيته بذلك معتدلة القوة.
    ولكن ، ماذا عن المصادر التي تنتهي بهذا الحرف؟.

    بالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على مئة وسبعين مصدرا جذراً ، كان منها ستة وأربعون للشدة والفعالية ماديهما ومعنويهما ، بما يتعارض مع خاصية الرقة والسلاسة في صوت السين منها:
    أبسه (قهره). بهس (جرؤ وشجع). بكس خصمه (قهره) . حَوِس (جرؤ وتشجع).دعسه (داسه دوسا شديدا). دهسه (وطئه وطأ شديدا). شرس (ساء خلقه) وضرسه (عضَّه). عفسه (طرحه على الأرض وضغطه ضغطاً شديداً). قرس البرد (اشتد). كاس فلانا (صرعه وكبّه على وجهه). لدسه ولطسه (ضربه). مقسه (دلكه بشدة). نهسه (عضّه) . هرسه (دقَّه بشيء عريض). وطس الشيء (كسره ودقَّه).
    وكان منها ثلاثون مصدرا للخفاء والاستقرار والظلام . منها:
    ترس (توقى بالترس). جلس. خرس. دبسه (ستره). رمس الميت (دفنه) طمس. عسَّ وعاس (طاف ليلاً) غطس . قمس الشيء ( ألقاه في الماء فغاص). كنس الظبي (دخل مأواه). لَيِسَ فلان ليسا (لزم البيت فلم يبرحه). حبسه.
    وكان منها تسعة وعشرون مصدراً للرقة والرخاوة ، بما يتوافق مع خاصية الرقة والسلاسة في صوت السين. منها:
    أنس به. باس بوساً (قبّل). فطس الرجل، وفقس وقفس (مات). لحس. لمس. مسّ ملس. نعس. هلسه الداء (هزله وضمَّره). وكس الشيء (نقص).
    وكان منها عشرة مصادر للتحرك والمسير هي:
    حلست السماء (أمطرت). عدس في الأرض (بعُد). طسّ في الأرض ( أبعد في السير).مقس في الأرض (ذهب فيها). نبس (تحركت شفتاه بشيء). ناس (تحرك). هجس الأمر في صدره (خطر بباله). ماس (تبختر واختال). حدس في الأرض (ذهب على غير هداية).
    وكان منها مصدر واحد للأصوات . هو: جرس الطائر (صوت).
    وكان منها ثلاثة مصادر للمشاعر الإنسانية. هي:
    تعِس. وَجَس (وقع في نفسه الخوف). فجس (تكبر وافتخر).
    وبمقارنة الجداول السابقة مع بعضها بعضا، وتحليل مصادرها نلاحظ مايلي:
    أ- حرف السين في بداية المصادر:
    هو أوحى ما يكون بالتحرك والمسير إذ بلغت نسبة هذه المعاني وحدها (32%) بينما راوحت نسب بقية المعاني بين (5،4و7%). مما يقطع بخاصية هذا الحرف في التحرك والطلب والبسط، كما أشار إلى ذلك كل من العلايلي والأرسوزي.
    ب- حرف السين في نهاية المصادر:
    هو أوحى ما يكون بمعاني الخفاء والاستقرار، إذ بلغت نسبتها (5،20%) . بينما لم تبلغ هذه النسبة في المصادر التي تبدأ به سوى (3،6%). ثم تليها معاني الرقة والسلاسة والضعف، إذ بلغت نسبها (5،16%). بينما لم تبلغ في المصادر التي تبدأ بالسين سوى (7%) للخفاء.
    ج- ومما يلفت الانتباه أن المصادر المنتهية بالسين التي تدل على الشدة والفعالية مما يتناقض أصلاً مع خصائص الرقة والسلاسة والضعف في صوته، قد بلغت نسبها (5،26%) بينما لم تبلغ هذه النسبة في المصادر التي تبدأ به سوى (5%). فما تعليل ذلك؟
    عندما يقع حرف (السين) في أول اللفظة لابد ان يشدَّ المتكلم على صوته أثناء التلفظ به، فيمنحه ذلك فعالية انزلاقية تحاكي الأحداث الدالة على التحرك والمسير والقشر والسمو، فبلغت نسب هذه المعاني بذلك (38%)، مما حال دون تسلط الحروف القوية على خصائصه الصوتية. ولذلك اقتصرت معاني القوة والشدة والفعالية في هذه المصادر على (5%) منها فقط أما عندما يقع هذا الحرف في آخر اللفظة ، فإن الصوت يخفت به ويسكن مما يحدّ من فعاليته ، ويكون بالتالي أوحى بالخفاء ، والرقة والضعف والاستقرار.
    وهكذا تسنح الفرص للحروف القوية التي تشترك في هذه المصادر للتسلط عليه بخصائصها الصوتية سواء أوقعت في أول المصادر أم في وسطها لتبلغ نسب هذه المعاني (5،26%).
    وهذه الظاهرة اللغوية الصوتية تكشف عما كان العربي يتمتع به من رهافة فائقة في السمع ومن ذوق رفيع في الأدب، قد مكّناه، من أنْ يفرِّق بكثير من الدقة والبراعة بين الإيحاءات الصوتية لحرف السين في أوائل المصادر وبينها في أواخرها بمعرض التعبير عن معانيها، مما لا مثيل له في أية لغة . وهذا يشير إلى مداخلات الشعراء الاصلاء في صناعة اللغة العربية كما أسلفنا في المرجع السابق ص (92) وما بعدها.
    وهكذا نستطيع ان نقرر مع العلايلي والأرسوزي: أن حرف السين يوحي فعلاً بالحركة والطلب والبسط، ولكن عندما يقع في أوائل الألفاظ ، أما عندما يقع في أواخرها فهو هناك أوحى بالخفاء والاستقرار والضعف والرقة وقد فاتتهما هذه المعاني لعدم ملاحقته في نهاية المصادر كما وقع لهما مع الحروف العربية جميعاً.
    وهذا الحرف وان لم يؤثر في معاني المصادر التي تبدأ به إلا بنسبة (56%)، وفي المصادر التي تنتهي به بنسبة (35%)، فإنه قد التزم بطبقته البصرية، فلم يتجاوزها في كلتا الفئتين إلا في ثلاثة للأصوات وستة للمشاعر الإنسانية. وهذا يؤهله للانتماء إلى الحروف القوية الشخصية، على الرغم من رقة صوته.
    8- حرف الشين

    مهموس رخو يشبه رسمه في السريانية صورة الشمس يقول عنه العلايلي:" إنه للتفشي بغير نظام " وهذا صحيح ولكنه قاصر.
    لقد سبق ان ذكرنا أن حرف (الشين) كحرف (الراء) قد تعود أصوله الحركية إلى المرحلة الزراعية.فإذا صح هذا الاحتمال لابد أن تكون المرأة هي التي اعتمدت طريقة النطق به (إيماءً) وتمثيلاً ، عن الأمور التافهة والحاجات المنزلية مما يتعلق بالمرحلة الزراعية ، كما سيأتي في معاني المصادر التي تبدأ أو تنتهي به. ثم تُعتمد (إيحاءاته) الصوتية في مراحل رعوية متطورة لاحقة. فتكتمل بذلك مقومات شخصيته (الإيمائية- الإيحائية)، ويحق له ان يصنّف في زمرة الحروف (الإيحائية) الرعوية الراقية: كما وقع لحرف (الراء)
    وفي الحقيقة، إن بعثرة النفَس أثناء خروج صوت هذا الحرف يماثل الأحداث التي تتم فيها البعثرة والانتشار والتخليط. كما أن طريقة النطق بصوته المبدِّد للنفَس بين شفاه مكشِّرة ، إذا أخذت الكشرة أبعادها ، كانت أصلح ما تكون للتعبير عن توافه الأشياء والأمور.
    أما صوته فهو يوحي بإحساس لمسي بين الجفاف والتقبض.
    فما رصيد هذه الخصائص الإيمائية والإيحائية في المعاجم اللغوية؟.
    بالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على مئتين وعشرة مصادر تبدأ بالشين، كان منها تسعة وأربعون مصدراً تدل معانيها على البعثرة والانتشار والتشتت والاضطراب بما يحاكي بعثرة النفَس عند خروج صوته، وهي خاصية إيمائية ، منها:
    شأشأ القوم (تفرقوا). التشتت. شرشر الماءُ (تقاطر). شذا المسك شذواً (قويت رائحته وانتشرت). شقأ شعره بالمشط (فرقه). شَظِيَ القوم وتشذّروا (تفرقوا) : تشعب الشيء وتشعَّث (تفرق) الشَّعر للإنسان والحيوان. شعّ الشيء (تفرق وانتشر). شعشع الضوء (انتشر خفيفاً). شعِن شعره (تشعّث وتفرق). شنَّع الخُرقة (شعّثها حتى تنفش). شنَّ السائل (صبّه متفرقاً). شَعَبَ في القوم (هيّج الشر بينهم). شبرقه (قطَّعه ومزقّه ) شرِثت يده (غلظ ظاهرها وتشقّق). شلشل الماء( صبّه متتابعاً). الشمس. الشهرة الإشاعة.
    وكان منها تسعة عشر مصدراً للخلط والتجميع العشوائي، بما يحاكي تدافع النفَس واختلاطه عند خروج صوته. منها : شبث الشيء وبالشيء (تعلق به ولزمه). شحم (سمن وامتلأ) . شحن السفينة وغيرها (حمّلها وملأها). اشترك الأمر (اختلط والتبس). شقر شُقرة (أُشرِبَ بياضه حُمرة). شمج الشيء (خلطه بغيره). شمرج الكلام (خلطه). شمط الشيء (خلطه بغيره).
    شاب (خالط بياض شعره سواد). الشهل (ان يُشرب إنسان العين حمرة). . شاب الشيء بالشيء شوْباً (خلطه به). شوّشه (خلّطه وأساء ترتيبه).
    وكان منها ستة عشر مصدراً لتوافه الأشياء والأمور ، بما يتوافق مع طريقة النطق به والشَّفاه مكشِّرة. منها :
    الشؤم . الشبق (للحيوان ، والغُلمة للإنسان). شَتُمَ شتامة (كان كريه الوجه). الشُحُّ (البخل والحرص). الشعبذة والشعوذة. الشراهة. الشناعة. شاه شوها (قبح). الشيش( تمر لا يعقد نوى، ويصير حشفا إذا جفّ). الشيص (تمر لم ينتج لفساد في تكوينه) شخّ (بال). شحم الطعام (فسد وتغيرت رائحته).
    وكان منها ستة مصادر تدل معانيها على الجفاف والخشونة بما يتوافق مع صدى صوته في النفْس، هي، الشأفة (قرحة تخشن فتستأصل بالكي). شثُنت كفّه (خشُنت وغلُظت). شظُف الشجر (يبس لقلة الري). شمر الشيء(قلصه وضم بعضه إلى بعض). شمز (تقبض وتجمع).شنج (تقبض).
    وكان منها : ثمانية مصادر لأصوات تتوافق جملها الصوتية مع صوت الشين والحروف المرافقة هي:
    شجنت الحمامة (رددت صوتها). شحج البغل (صوَّت). شدا (حدا وتغنَّى). شخر النائم. شخشخ القش (خشخش). شقشق الجمل (هدر). شنشن الثوب الجديد (سُمع له صوت أثناء التحرك). شخب اللبن (خرج من الضرع مسموعاً صوته).
    وكان منها سبعة مصادر لمشاعر إنسانية . هي:
    شجاه الأمر (حزنه). شده فلاناً (أدهشه). أشفق منه (خافه وحَذِرَهُ). شمت به (فرح لمكروه أصابه). شهاه (أحبّه ورغب فيه). شمخر (تكبر). الشوق.
    وهكذا فإن تأثير خصائص الشين الإيمائية في معاني المصادر التي تبدأ به، بما في ذلك ما يدل منها على أصوات قد بلغت (48%) . وهذه النسبة لا تؤهله للانتماء إلى رمزة الحروف القوية
    فماذا عن حرف الشين في نهاية المصادر؟

    بالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على مئة وعشرين مصدراً جذراً انتهت بالشين. كان منها ثلاثة وأربعون مصدراً تدل معانيها على البعثرة والانتشار والاضطراب مادياً ومعنوياً ، بما يتوافق مع بعثرة النَّفَس عند خروج صوت الشين. منها:
    أَرَشَ بينهم أغرى بعضهم ببعض). بغشت السماء (أرسلت مطرا خفيفاً.) جاش الماء جيشاً (تدفق وجرى). رشّت السماء(أمطرت). رعش (ارتجف). رغش (شغب). ارتهش (ارتعش). الريش للطيور . فرش النبات (انبسط على وجه الأرض). الكناشة (الأصل تتشعب منه الفروع). نشنش الطائر (نتف ريشه وألقاه). نفش (تفرق وانتشر بعد تلبد).هتش الكلبَ( حرّشه وأغراه بالصيد). هاش القوم هوشاً وهيشا (هاجوا واضطربوا).
    على أنه كان من هذه الفئة ايضاً خمسة عشر مصدراً لا تدل معانيها أصلاً على البعثرة والتفشي إلا أن العربي قد جعل الشين في آخر كل منها مضاهاة منه لنهاية الحدث المعني الذي ينتهي بالبعثرة أو التفشي. وذلك (سوقاً للحروف على سمت المعنى المقصود والغرض المراد). كما قال ابن جني . منها:
    جرش رأسه بالمشط (حكّه حتى أثار وسخه). حمش نبات الأرض (حصده). دبشه (قشره). دشّ الحبَّ (دقّه). فتش عن الشيء. (سأل عنه واستقصى). مرش وجهه (خدشه قليلا). ملش الشيء (فتشه بيده كأنه يطلب منه شيئاً). نبش البئر (استخرج ركامها).فتش الشيء (جذبه واستخرجه). نجش الشيء( استثاره واستخرجه). نخش الشيء (قشره). نقش الشيء (بحث عنه واستخرجه). نكشه (اخرج ما فيه). نهش اللحم (تناوله بفمه ليعضه).
    ففي مصدر (جرش) مثلاً، جعل الشين (للبعثرة) في نهايته ، لتضاهي بذلك تناثر الوسخ بعد حك الرأس بالمشط).
    وفي مصدر مرش وجهه (خدشه قليلاً)، جعل الشين في نهايته مضاهاة لظاهرة تفشي الخدوش في الوجه بعد حادثة (المرش)، وهي أقل شدة من حادثة (الخدش). وذلك لأن صوتي) الميم والراء) في مرش، أوحى برقة الملمس ولطافته من صوتي الخاء والدال في (خدش) . وهكذا الأمر مع بقية المصادر.
    وكان منها أربعة وعشرون مصدراً جذراً تدل معانيها على الخلط والتجميع عشوائياً بما يتوافق مع تدافع النفَس عند خروج صوته، منها : أبش الشيء وحكشه ، وعكشه، وعفشه، وهبش المال بمعنى (جمعه) . حبش له (جمع له) . حمش الناس (جمعهم). حاش الدواب (جمعها وساقها).(خبش الشيء وقرشه وقشه، وقمشه بمعنى (جمعه من هنا وهاهنا). خرش لأهله (جمع وكسب).
    كبش الشيء (تناوله بجميع كفه) . وبّش للحرب (جمّع لها من قبائل شتى ، ومنها الأوباش ، بمعنى أرازل الناس). باش الشيء بوشا (خلطه بغيره). غبش الليل (خالط بقية ظلمته بياض الفجر). ماش الشيء بالشيء (خلطه).
    وكان منها ثمانية للجفاف والتقّبض. بما يتوافق مع صدى صوته في النفس هي:
    الأش (الخبز اليابس الهش). حرش الشيءُ حرشا (خشُن). حشّ الشيء (جف ويبس).
    العطش (الحاجة إلى الماء). تكرش وجهه (تقبض جلده)، والكرش للحيوانات المجترة كالمعدة للانسان ، وذلك لظاهرة التقبض في جلدتها). كمشت المرأة (صغر ثديها، والجلد تقبض واجتمع). نشّ (جف وذهب ماؤه). هشّ الخبز (رقّ وجفّ وصار سريع الكسر).
    وكان منها سبعة عشر مصدراً للتوافه والعيوب الجسدية والنفسية، بما يتوافق مع الشين المكشور بها عند النطق بصوتها. هي:
    الخَفَش (ضعف البصر). الدَّوَشُ (ظلمة في البصر، أو حول في العين). الطرش. الطنفش (الضعيف البصر). طنهش العمل (أفسده). الطيش. عمش (ضعف بصره مع سيلان دمع عينه). الغش. الفحش . فشفش (ضعف رأيه). فاش (افتخر وتكبّر ولا شيء عنده).اهترشت الكلاب (تقاتلت). الهمَّرش (العجوز المضطربة الخلُق). همش (اكثر الكلام في غير صواب) .الجحش، الوحش، ورش (أكل شديداً حريصاً).
    مع الإشارة إلى أن ثمة كثيراً من المصادر الواردة في الجداول السابقة تدل على التفاهة أيضاً إضافة إلى معانيها الأصلية . كما في رغش، هتش هاش ، نهش. عكش، عفش، هبش، قرش وبَّش:
    وكان منها مصدران اثنان للأصوات ، بما يتوافق مع صوت الشين . هما:
    جشّ الصوت (اشتد وصار فيه بُحّة). كشّت الحية (صوتت).
    وكان منها أربعة مصادر للمشاعر الإنسانية بما يتوافق إلى حد ما مع خاصية الاضطراب في صوت الشين . هي:
    جأشت نفسه (ارتعشت من حزن أو فزع). جهشت نفسه (تحركت وهمت بالبكاء). حاش حيشاً (فزع) . دهشه (حيره).
    في المقارنة بين المصادر التي تبدأ بحرف الشين والتي تنتهي به:

    يلاحظ ان حرف الشين لهشاشة صوته وضعفه كان أكثر إيحاءً بخصائصه الصوتية عندما يقع في نهاية الألفاظ، إذ بلغت نسبة تأثيره في معانيها (73%). بينما لم تبلغ في المصادر التي تبدأ به سوى (48%).
    كما يلاحظ أن هذا الحرف قد حافظ على طبقته البصرية في المصادر التي تنتهي به فلم يتجاوزها إلآ في مصدرين للأصوات وأربعة للمشاعر الإنسانية بما يتوافق مع خصائصه الصوتية بينما تجاوزها هناك في ثمانية للأصوات وسبعة للمشاعر الإنسانية.
    وهكذا كان هذا الحرف عندما يقع في نهاية المصادر من أشد الحروف قوة شخصية والتزاماً بطبقته الهرمية على الرغم من هشاشة صوته. ولو أضفنا إليها المصادر التي تتوافق نهاية أحداثها مع ظاهرة التفشي في الشين لكانت ارتفعت نسبة تأثيرها في المعاني إلى (86%).
    على أن ما يلفت الانتباه ، هو كثرة المصادر التي تدل على الأمور التافهة والعيوب الجسدية والنفسية ، سواء في المصادر التي تنتهي أو تبدأ به ، ثم كثرة الأشياء والأحداث المتعلقة بالشؤون المنزلية والبيئة الزراعية . وهذا يرجع إلى ما ذهبت إليه، من أن العربي كان أبدعه باحتمال شديد في المرحلة الزراعية لهذه المعاني ، فحافظ له إلى حد بعيد على اختصاصه الإيمائي الفطري هذا في مراحل لغوية لاحقة استوفى خلالها مقوماته الشخصية الإيمائية والإيحائية.
    ولكن يبدو أن العربي عندما أخذ في تهذيب أصوات حروفه وتلطيف النطق بها في مراحل شعرية راقية متأخرة صار يلفظ الشين ، بشيء من الرقة والشفافية دونما كشرة . وهذا ما جعل صوته يوحي بالرقة واللطافة فاستخدمه لهذه الأغراض في بضعة عشر مصدراً . منها:
    البشاشة . العرش . شبَّ . شبّب . شبن. الشادن. الشرف. الشفافية. الشهامة. شنب الثغر (رقت أسنانه وابيضت). . شار الرجل (حسن منظره).

    9- حرف الطاء

    مهموس شديد يشبه شكله في السريانية صورة الطير . ويقول عنه العلايلي: إنه (للملكة في الصفة والالتواء والانكسار). تعريف مبهم.
    صوت هذا الحرف ، إنما هو تفخيم للتاء الرقيقة. وعندما ينفخ في الرقيق ويضخم ، لابد ان نحصل منه على ما هو مجوَّف كالطبل. وهكذا كان صوته أشبه ما يكون بضجّة الطبل. له إيحاء لمسي بين المرونة والطراوة، وله من المذاقات طعم الدسم، ومن الشمِّيات رائحة العطور، وله إيحاء بصري من الضخامة بين التكوّر والفلطحة.
    قد استمد هذا الحرف إيحاءاته الذوقية من تماسِّ اللسان المباشر بكامل مساحته العليا مع سقف الحنك عند التلفظ به، على مثال ما يضغط اللسان على مضغة من اللحم الطري النضيج.
    كما استمد إيحاءاته الشمية من تجاوب صدى صوته مع التجويف الأنفي (الخيشوم).إذ لابد ان يؤثر صدى اهتزازته الطرية اللينة مباشرة في خلايا حاسة الشم عند النطق به يدغدغها بنعومة ورقة كما تدغدغها موجات من نسيمات رائحة ذكية. وبذلك تتنبّه الأعصاب في الخلايا الشمية آلياً لا كيماوياً، فتوحي بإحساس شمي خاص (نظرية حديثة في حاسة الشم) . وذلك على العكس من صوت (الخاء) الرخو المخنخن الذي يوحي بالروائح الكريهة كما سيأتي.
    ويكفي ان نتلفظ بكلمات تدل معانيها على مذاقات وشميات بعضها يتخلله حرف الطاء ، وبعضها الآخر خال منه، لنرى مدى استجابة حاستي الذوق والشم لكل من الصورتين الصوتيتين.
    فعندما يقال لنا في الساحل السوري (بطِّيخ) وهو البطيخ الأصفر، يتبادر إلى الذهن مباشرة دونما أية عملية تذكُّر ، شكله المكور، فلونه الأصفر، فطعمه الحلو، ورائحته العطرة. بمعنى أنه ينبه فينا هذه الأحاسيس. بينما لو قيل لنا برتقاله، فإن شكلها المكور ولونها الوردي هما أول ما يخطران بالتتابع على الذهن، وقد يقف بعضنا عند هذا الحد فلا يتجاوزه إلى طعمها ورائحتها إلا إذا وجد فسحة من الوقت فيستعيدهما على مهل عن طريق الذاكرة.
    وقد يعترض بعضهم على هذا الترتيب في تنبيه الحواس بمجرد ذكر هذه الأسماء. ولكن مما لاشك فيه أنّ عبارة (طبخنا لك طعاماً) هي أكثر إثارة للشهية من عبارة (هيأنا لك زاداً) وعبارة (رائحة عطرة)، هي أرضى لحاسة الشم من عبارة (رائحة ذكية).
    وعبارة (طعام طيب)، أرضى لحاسة الذوق من عبارة (أكل سائغ). فألفاظ (طبخنا وطعام، وطيب، وعطر)، تشغل اللسان كله. وتتجاوب أصداء أصواتها في تجويف الأنف فتثير حاستي الذوق والشم أكثر مما تفعل ألفاظ (هيأنا، زاد، ذكي، سائغ) التي تشغل الذهن أكثر مما تشغله الألفاظ السابقة.
    ويلاحظ أن أهم مصادر الروائح الذكية في حياة البدوي يوجد في ألفاظها حرف الطاء منها، (الطِّيب، العطر، الخمط، وهو الريح الطيب) . وذلك على مثال وجود حرف الراء في أهم مصادر الحلاوة والحرارة في حياة البدوي كما سبق ولحظنا ذلك في حرف (الراء)، ليكون حرف (الطاء) بذلك أكثر الحروف إيحاء بالأحاسيس الشمية الطيبة الرائحة.
    وبالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على مئة وثمانية مصادر تبدأ بحرف الطاء . كان منها تسعة وثلاثون مصدراً تدل معانيها على الضخامة والعلو والاتساع دونما شدة أو قساوة، بما يتوافق مع إيحاءات الضخامة والفلطحة في صوت الطاء ، منها:الطبل، الطّخّاء (السحاب المرتفع). طغى (جاوز الحد المعقول). طفح الإناء.
    طفر (قَفَزَ من فوقه). طفّ (ارتفع). طلع (ظهر من علو). طمح (ارتفع). طمّ (كثر حتى عظم). طما (ارتفع) . طنشر (ثقل جسمه من اكل الدسم ). طنِخ (اشتد سمنة) . المطهَّم (السمين الفاحش السمن). الطّود( الجبل) . طال. الطوق (كل ما أحاط بشيء خلقة أو صنعة).
    وكان منها تسعة عشر مصدراً تدل معانيها على الطراوة والمرونة والمطاوعة والرقة ، بما يتوافق مع موحيات صوته من الطراوة والمطاوعة. منها:
    طرب (خف واهتز من فرح). طرّ (كان ذا رواء) . طري. الطفل (المولود مادام ناعما رخصا). الطلالة (الحسن والبهجة). طاس (صار كالقمر في حسنه). المطاوعة. الطفطفة (الناعم من لحم البطن).
    وكان منها ستة مصادر تدل معانيها على الطعام ومتعلقاته والروائح الطيبة. هي:
    الطبيخ . طجن الشيء (قلاه وأنضجه). . الطرَّم (شهد العسل). الطعام . الطهي.الطِّيب.
    وكان منها سبعة وعشرون مصدرا تدل معانيها على الضعف والتفاهات والعيوب البدنية والنفسية، بما يتوافق مع جوفية صوت الطاء. منها:
    طأطأ برأسه (خفضها). طخَّ (شرس وساء خلقه). طنفس (ساء خلقه بعد حسن).الطَّنفش (الضعيف البصر) . طني (مرض) . طهش العمل (أفسده). طاش (اضطراب وانحرف).
    طفس (قذر واتسخ). الطليس (الأعمى). طنأ (فجر وزنى). الطِّنجير (الجبان اللئيم).طنز به (سخِر منه). الطَّنبل (البليد الأحمق). الطَّغام (أرازل الناس). الطميس (الأعمى لا يبين حرف جفنه). طمل بكذا (تلطخ). الطَّهمل (الجسم القبييح الخلقة) طاح عقله (اضطرب). طاخ (تلطخ بالقبيح أو بالباطل).
    وكان منها ستة مصادر تدل على أصوات ، بما يتوافق مع جوفية صوته . هي:
    طبطب الماء (صوّت في تلاطمه). طحر (زحر وعلا نَفَسُه للضيق). طنَّ . طنطن . طقَّ طحطح (ضحك) . مع ملاحظة مشاركة (النون والقاف) في ثلاثة منها.
    ولم أعثر على أية لفظة تدل على مشاعر إنسانية ، فليس في صوته الأجوف ما يثير فعلا أية مشاعر إنسانية.
    وباستعراض معاني المصادر الواردة في الجداول الأربعة السابقة ، نجد أن العربي قد التزم بالخصائص الصوتية لهذا الحرف بنسبة عالية بلغت (90%)، لم يحظ بمثلها إلا قلة من الحروف القوية، على الرغم من طراوة صوته ومطاوعته.
    ومما يلفت الانتباه، أننا لم نعثر على أي مصدر يدل على الشدة المادية سوى ثلاثة مصادر. هي:
    طحّه (دلكه بعقبه). طحنه (صيره دقيقا)- طرده.على أن مصدري (طحَّ ، وطحن)، وان كان معنياهما ينطويان على شيء من الشدة، فإن عمليتي الطحِّ والطحن تتفقان مع الخصائص الصوتية لحرفي الطاء والحاء من حيث المطاوعة والنعومة.
    ولا أكتم القارئ أن هذا الحرف قد خيب جميع توقعاتي بصدد تأثيره في معاني الألفاظ التي تبدأ به. فلقد كنت أحسب أن صوته بحكم طراوته وفلطحته أنما هو أضعف من أن يفرض شخصيته الجوفاء على الحروف الأخرى. وان الحروف القوية بالتالي سوف تسوقه قسرا عنه إلى أغراضها ومعانيها ، لتذوب بذلك شخصيته الإمّعية، فلا يبقى له منها إلا طابع الجوفية، هذا إذا واتته ظروف من أوزان وحروف.
    ولكن بدراسة الخصائص الصوتية لهذا الحرف على واقع المعاجم ، تبين أن العربي قد استخدمه بكثير من الدقة والحساسية السمعية، قلّ نظيرهما في بقية الحروف.
    وهكذا احتفظ العربي لهذا الحرف الأجوف بكامل حقوقه الشخصية، عدلا وحقا.
    10 - حرف الظاء:

    مجهور رخو، يعرِّفه الدكتور بشير بأنه (من الأصوات الاحتكاكية، مجهور، مفخم مطبق).
    ويقول عنه العلايلي: إنه (للتمكن). تعريف مبهم
    صوت هذا الحرف إنما هو تفخيم لحرف الذال ، يلفظ ملثوغاً مثله، فخفّ بذلك توتره الصوتي وقلَّت غلظته. وهو يوحي بالفخامة والنضارة والأناقة والظهور، وبشيء من الشدة والقساوة.فما حصيلة هذه الخصائص الصوتية من معاني المصادر التي تبدأ به؟.
    بالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على ثمانية عشر مصدراً تبدأ بالظاء ، وما أقلَّها . كان منها ستة مصادر تدل معانيها على الرقة والأناقة والنضارة بما يتوافق مع ظاهرة اللثغ في صوت هذا الحرف. هي:
    ظأرت المرأة على ولدها (عطفت عليه). الظبي . الظريف. الظعينة (الهودج أو الزوجة).الظل الظليل. ظميت شفتها (كان فيها سمرة وذبول).
    وكان منها سبعة مصادر تدل معانيها على القساوة بشيء من الخشونة بما يتوافق مع صدى صوته المفخم. هي الظُّبة (حدُّ السيف). الظَّرُّ (الحجر الصوان له حد). الظَّرِب (ما نتأ من الحجارة وحدِّد طرفه ). الظِّفر للإنسان، والجوارح والكواسر). الظِّلف (الظفر المشقوق للماشية).الظنب ( أصل الشجرة). الظُّنبوب (حرف ساق القدم).
    أما المصادر الخمسة الباقية ، فكان بين معانيها رابطة من الشدة والظهور ، بما يتوافق مع الخصائص الصوتية لهذا الحرف. هي:
    الظُّلم (وضع الشيء في غير موضعه). ظهر ، ومن مشتقاتها (الظُّهر والظهيرة). الظَّلع (العرج). الظمأ (شدة العطش). الظنّ (الشك بما يقارب اليقين).
    ولكن ماذا عن هذا الحرف في آخر المصادر؟.

    بالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على ثلاثة وعشرين مصدراً جذراً، وما أقلَّها أيضاً . كان منها ستة عشر مصدرا تدل معانيها على الشدة والامتلاء والظهور ، بما يتوافق مع ظاهرة التوتر والفخامة في صوت الظاء . هي:
    بهظه (شق عليه). دأظ (امتلأ ، سمن). دلظ في سيره (مرَّ مسرعا ). عظّ (اشتد).عكظ عليه الأمر (تعسر وتمنع). غلُظ. غاظه (أغضبه). وكظ (واظب على). جحظت عينه.قاظ اليوم (اشتد حرُّه). فظّ . كنظه الأمر (جهده ، وشق عليه). كظّ السيل بالماء (ضاق من كثرته). كظكظ السِّقاء (تمدد وانتفخ كلما صبَّ فيه الماء). لظّ به (لزِمه ولم يفارقه ). لظلظت الحية برأسها (حركته من شدة غيظها).
    وكان منها ستة مصادر تدل معانيها على الرقة والأناقة، بما يتوافق مع ظاهرة اللثغ في صوت الظاء . هي:
    حظَّ . حفظ. قرَّظَ فلانا (مدحه). لحظ. لفظ. وعظ.
    وكان منها مصدر واحد لعيب في البدن . هو:
    أخظّ الرجل (استرخى بدنه واندال). وذلك لأن الخاء مختصة بالعيوب الجسدية والنفسية والقذارة كما سوف نرى.
    لتبلغ نسبة تأثير خصائص هذا الحرف في معاني المصادر التي تنتهي به، أكثر من (95%).
    ثم ماذا عن المصادر التي يتوسطها هذا الحرف؟.

    بالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على سبعة وعشرين مصدراً. كان منها ستة تدل معانيها على الامتلاء. بما يتوافق مع ظاهرة التفخيم في صوته. هي:
    بظا لحمه (اكتنز وتراكب. خظا لحمه (اكتنز). كظب (امتلأ سِمنا). كظا لحمه (كثر واكتنز). عظر السقاء (ملأه). كظم السقاء (ملأه وسدَّ فاه)، ومنه كظم غيظه.
    وكان منها عشرة مصادر تدل معانيها على الشدة والقسوة. هي:
    حظر عليه (حجره ومنعه). حظل عليه (ضيَّق وقتَّر). شظف (يبس لقلة الرى). عظّه بالأرض (ألزقه بها). تعظلم الليل (اشتد سواده). عظل بالكلام (عقّده وصعّبه). عظاه (اغتاله، سقاه ما يقتله). فظع بالأمر (استعظمه وهاله). كظر القوس (حزّ طرفيها). لظيت النار (تلهبت).
    وكان منها خمسة مصادر تدل معانيها على الرقة والأناقة ، ماديها ومعنويها. هي:
    الحُظوة. نظر إلى الشيء (أبصره وتأمله بعينه). نظم الأشياء (ألَّفها وضمَّ بعضها إلى بعض). النظافة مظع الوتر (ملَّسه ويبّسه).
    ويلحق بهذه الفئة مصدر واحد هو. وظف القوم (تبعهم).
    وكان منها مصدران للعيوب الجسدية والنفسية . هما:
    بظِرت شفته العليا (نتأ وسطها مع استطالة). بظرم (حمق) . وذلك لتنافر أصوات الحروف فيهما.
    لتبلغ نسبة المعاني التي تأثرت بصوت هذا الحرف هنا (90%).
    وباستقراء معاني المصادر التي يشارك فيها هذا الحرف في الجداول السابقة نلاحظ ان حرف الظاء قد تفرَّد عن سائر الحروف العربية بالميزات التالية:
    1- ندرة الألفاظ الدالة على عيوب جسدية أو نفسية ، إذ اقتصرت على أربعة فقط. ولكن دونما أي قذارة أو فجور في معانيها. هي : (ظلع. أخظَّ. بظر. بظرم).
    وذلك يرجع إلى ما في صوت الظاء الملثوغة من موحيات الفخامة والعذوبة والنضارة والأناقة ،بما يتناقض أصلاً مع معاني الخسَّة والقذارة والتشوهات الجسدية والنفسية والفحش.
    2- التزام معاني جميع هذه المصادر بالطبقة البصرية لهذا الحرف، لم تتجاوزها إلا في مصدر واحد للمشاعر الإنسانية، هو (غاظ) ولا شيء للأصوات. مما يدل على تمتع هذا الحرف بشخصية فذَّة. مع الإشارة إلى أن الغيبوبة النفسية في الغيظ ترجع للغين كما سيأتي.
    3- لم أعثر في المعجم الوسيط على أية لفظة دخيلة أو معربة أو مولدة أو محدثة في مشتقات جميع المصادر التي شارك في تركيبها هذا الحرف سوى لفظة (وظيفة) بمعنى المنصب والخدمة المعينة. وذلك لعدم وجود حرف الظاء في لغات الشعوب المجاورة من غير الساميين.
    ولكن ما علة اقتصاد العربي في استخدام صوت هذا الحرف في مختلف مواقعه من الألفاظ ، بمعرض التعبير عن أحاسيسه ومعانيه ، إلى هذا الحد من القلة (68) مصدرا في المعجم الوسيط؟. فكاد العربي بذلك أن يحرم لغته من مصدر صوتي فريد في عذوبته وترفه وأرستقراطيته مما حدا ببعض القبائل العربية أن تلفظ كل ضاد ظاء، تعشقاً لسماع هذا الصوت المفخم الأنيق: (اللهجة العراقية ، واللهجة الديرية في سورية).
    لعل هذا يرجع إلى استحالة اجتماع صوته مع أصوات بعض الحروف في لفظة واحدة، وإلي تعذّر تلاؤم صوته مع مجموعات كثيرة من الحروف لتأليف ألفاظ تحافظ معانيها على موحيات الفخامة والأناقة والنضارة في صوته.
    وقد يرجع ذلك أيضاً إلى استعاضة العربي عن هذا الحرف بالذال الملثوغة.
    على أن أشد منافسي هذا الحرف على معاني الفخامة والأناقة والنضارة، كان حرف الضاد مخرج صوت وخصائص ، كما سوف نرى.
    وقد يرجع ذلك أيضاً ثالثا إلى أن العربي لم يبدع صوت هذا الحرف إلا في مرحلة لغوية مترفة راقية من مراحل الحياة الرعوية الشعرية المتأخرة، فكان صوته بذلك أقلَّ حروف الدنيا استعمالا على الإطلاق.
يعمل...
X