إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

معاني الحروف العربية بالمعاجم وحروفها ( ذ - د - ك - م ) - دراسة (( حسن عباس ))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • معاني الحروف العربية بالمعاجم وحروفها ( ذ - د - ك - م ) - دراسة (( حسن عباس ))

    معاني الحروف العربية بالمعاجم وحروفها ( ذ - د - ك - م )
    - دراسة (( حسن عباس ))
    3- حرف الذال:

    مجهور رخو، معناه لغة (عرف الديك)، يقول عنه العلايلي : إنه (للتفرد). تعريف مبهم. إذا كانت خصائص الأنوثة قد تجمعت كلها في (الثاء)، رقة ودماثة وحشمة، فقد تركزت في (الذال) كل الذكورة، توتر صوت، وخشونة ملمس، وشدة ظهور.
    وهكذا تتجاور الذكورة والأنوثة في اللسان العربي مخرج صوت، ويتماثلان في طريقة النطق بهما على ما في صوتيهما من التناقض في الخصائص، وذلك على مثال مابين الذكورة والأنوثة. رفقة عمر وتناقض خصائص.
    فإذا كانت (الثاء) تدغدغ طرف اللسان بكثير من المرونة والدماثة فتوحي بطعم الدسم والملمس الدافئ الوثير، فإنّ الذال ألذع مذاقاً وأكوى حرارة وأوخذ ملمساً وأشد توتراً، ليشف بذلك صوت كل حرف منهما عن خصائص الجنس الذي يمثله. وهكذا تتراءى مفاهيم الجنس في الذكورة والأنوثة كأحاسيس لمسية خلف أستار شفافة من صوتي هذين الحرفين، ولا أوحى منهما بخصائص الأنوثة والذكورة في لغتنا.
    وبالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على ثمانية وخمسين مصدراً تبدأ بحرف الذال كان منها أحد عشر مصدراً تدل على الاهتزاز والاضطراب وشدة التحرك، بما يتوافق مع ظاهرة الاهتزاز في صوت الذال الملثوغة.هي:
    ذبّ (لم يستقر في مكان). ذحجته الريح (حركته وجرّته من موضع إلى آخر). ذأل (مشى مسرعاً). ذحذح (تقارب خطوه مع سرعة ). ذعذعه (حركة بشدة). ذف الطائر (أسرع). تذلذل (اضطرب واسترخى). ذمِل البعير (سارسيراً سريعاً ليناً). ذمي المريض (أخده النّزاع فطال احتضاره). ذهب (مرّ ومضى ) . ذاط في مشيه(حرك منكبيه من كثرة اللحم).
    ويمكن إلحاق أربعة مصادر أخرى بهذا الجدول تدل معانيها على حالات نفسية أو ذهنية تتطوى على الاهتزاز والاضطراب.هي:
    ذهِل (تدلّه، وغاب عن رشده). ذئِر (أنف وغضب). ذعره (خوّفه). ذمر(غضب).
    كما يمكن إلحاق لفظتي. الذّنب والذّيل، بهذا الجدول أيضاً، لما يرافق هذا العضو في الحيوان من ظاهرة الذبذبة والحركة المستمرة. لتبلغ نسبة المصادر لهذه المعاني (30%)، مما يدل على أن العربي قد أحسن استخدام ظاهرة الاهتزاز والاضطراب في صوت الذال الملثوغة بحساسية سمعية فائقة الرهافة.
    كما كان منها أحد عشر مصدراً تدل معانيها على البعثرة والانتشار، بما يتوافق مع بعثرة النفَس في صوت الذال الملثوغة إيماء وتمثيلاً.هي:
    ذرأ الأرض (بذرها). ذرّ الشيء ذراً (فرقه وبدّده). ذفر المسك (اشتدت رائحته وانتشر) . ذرا ذرواً (طارفي الهواء وتفرق). ذاع الخبر (انتشر). ذكت النار(اشتد لهيبها واشتعلت). ذرف الدمع . ذرح الشيء في الريح (ذراه). ذاح الشيء ذوحا (فرقه وبدّده). ذاب الشحم (سال عن جمود).
    كما كان منها تسعة عشر مصدراً تدل معانيها على الفعالية والشدة والقطع، بما يتوافق مع خصائص القوة والفعالية في صوت الذال. منها: ذأمه(طرده، عابه).الذئب.ذبحه. ذجّ الشيء (دقّه وشقه). ذرب السيف (صار حادا ماضياً). الذراع. سم ذعاف (قاتل). الذكورة (نقيض الأنوثة). ذلَق السِّنان ذلاقة (صار حاداً صلقاً). ذِلق السِّنان واللسان ذلقا (ذرِب). ذيّاه (قطعه). الذّهن (الفهم والعقل والقوة). ذمِه اليوم (اشتد حرّه). ذاده ذوداً (دفعه وطرده).
    وهكذا تبلغ نسبة المصادر التي تتوافق معانيها مع الخصائص الإيمائية والإيحائية لحرف الذال في الجداول الثلاثة (70%). وهي نسبة عالية تؤهّله للانتماء إلى زمرة الحروف القوية الشخصية. على أن (الثاء) في نهاية المصادر كانت أقوى من الذال في أولها.
    وعلى الرغم من أن معاني المصادر التي تبدأ بحرف الذال لم تلتزم بطبقته اللمسية، إذ تجاوزتها إلى جميع الطبقات من ذوقيها حتى شعوريها، فقد صنّفته في عداد الحروف اللمسية باعتباره يمثل جنس الذكورة، على مثال ماصنفت (الثاء) في عداد الحروف اللمسية باعتبارها تمثل جنس الأنوثة، وللقارئ المعترض أن يصنفه في زمرة الحروف البصرية إن شاء.
    4- حرف الدال

    مجهور شديد. يشبه شكله في السريانية صورة الدلو. يقول عنه العلايلي: إنه (للتصلب والتغير المتوزع). التصلب صحيح، أما التغير المتوزع فهو مبهم، ويتعارض مع التصلب.
    ولكن صوت الدال أصمّ أعمى مغلق على نفسه كالهرم ، لايوحي إلا بالأحاسيس اللمسية وبخاصة مايدل على الصلابة والقساوة وكأنه من حجر الصوان. فليس في صوت (الدال) أي إيحاء باحساس ذوقي أو شمي أو بصري أو سمعي أو شعوري، ليكون بذلك أصلح الحروف للتعبير عن معاني الشدة والفعالية الماديتين .
    وبالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على مئتين وسبعين مصدراً تبدأ بحرف الدال كان منها مئة مصدر تدل معانيها على الشدة والفعالية الماديتين وعلى التحطيم والدعس. منها: دبأ فلانا بالعصى (ضربه بها). دحبه(دفعه). دحجه (عركه). دحس البيت (امتلأ). دحمه (دفعه بشدة). الدّخنس (الشديد الكثير اللحم من الناس والدواب). الدّرق (الصلب من كل شيء). درمك الشيء (دقه وطحنه) . الدّرباس والدّرواس (الأسد). درحه (دفعه). دشّ الحبّ(دقّه). درع الذبيحة (سلخها من عنقها). دعث الأرض (داسها). دعثره (صرعه وأهلكه). دعسه (داسه). دعمه بالرمح (طعنه).دعك الجلد (دلكه ولينّه). الدعامة (عماد البيت الذي يقوم عليه). دكّ البناء (هدمه).دكل الشيء (داسه). دمدم القوم (طحنهم فأهلكهم). دمر الشيء (أباده). دلك الثوب (دعكه بيده ليغسله). دقمه (دفعه مفاجأة ). دهثه (وطئه بشدة). دهدم البناء(هدمه). دهق الشيء (كسره وقطعه). دهف الشيء (أخذه أخذا كثيرا) . دهكه (طحنه وكسره). داسه (وطئه بشدة). داحت الشجرة (عظمت ). دهمق الشيء (كسره).
    كما عثرت على واحد وعشرين مصدراً تدل معانيها على الدحرجة والتحرك السريع منها:
    دأدأ(عدا أشد العدو) . دجّ (دبّ وأسرع). دخدخ (أسرع). دحرجه. دربأه (دحرجه). درقع ودرفل ودلظ (مرّمسرعا). دلق (خرج مسرعاً) دحدره (دحرجه). دهدى الحجر ودهدهه (دحرجه) . دهرج (أسرع في مشيه). دفدف (أسرع). دمشق في الشيء (أسرع. والدماشق، الشديد السرعة). دمك في مشيه (أسرع) تدهكر في مشيه (أسرع). دهمج البعير (قارب الخطو وأسرع). ولئن كانت الحركة تنتمي أصلاً إلى القطاع البصري، فإن ظاهرة الشدّة المادية هي المقصودة ، مما دعاني إلى تصنيف (الدال) في زمرة الحروف اللمسية.
    وخلافاً لكل توقع، قد عثرت على (26) مصدراً تدل معانيها على الظلام وألوان السواد، هي:
    دحدج الليل (أظلم). دجم ودجن (أظلم). الدّجى (سواد الليل). الدّيجور (الظلام). دحمس الليل (أظلم) . دخّ (أسودّ لونه كمداً). الدّخان. ليل داج (مظلم). الديسم (الظلمة والسواد). الأدْغم (الأسود الأنف).دعلج الليل (أظلم). ليل أدعج (شديد السواد). الدغش (الظلمة). دغن الليل (أظلم). أدلج القوم (ساروا في أول الليل). ليل داخ(مظلم). دلِم (اشتد سواده مع ملوسة). أدلمّس الليل (اشتدت ظلمته). أدلهمّ الظلام (اشتد). دمج الليل(أظلم). دمس الظلام (اشتد سواده) . دهِم (اسودّ). دكِن (مال إلى السواد). الدارش (جلد أسود) . الدّخامس(الأسود الضخم).
    كما عثرت على تسعة مصادر تدل معانيها على المشي البطيء للثقل بما يتوافق مع ثقل صوت الدال . هي :
    دأل(مشى مشية المثقل). دلخ (مشى بطيئاً لثقل حمله). دبّ(مشى رويداً) . دأى(مشى كمشية المثقل). دربل (مشى متثاقلاً). درمج في مشيه (دب دبيباً).
    وإذن كيف يستيقيم لي أن أصنف حرف (الدال) في زمرة الحروف اللمسية وقد تجاوز طبقتها إلى البصرية في ستة وعشرين مصدراً تدل معانيها على السواد والظلام. ؟ ليبذّ حرف (الدال) في هذا المضمار حرفَ الغين المختص أصلاً بمعاني الغيبوبة والغؤور والظلام، كما سوف نرى. ذلك أن انغلاق صوت (الدال) على نفسه قد جعله في عزلة عمياء صمّاء عن أي إحساس آخر أو مشاعر إنسانية.
    وهذا الانغلاق جعله أصلح الحروف للتعبير المباشر عن الظلام والسواد. دونما كناية أو تورية.
    فهل لدى القارئ تعليل آخر؟.
    وهكذا فإن المصادر التي التزمت معانيها بالخصائص الحسية لحرف الدال لمسيها وبصريها لم تبلغ سوى (58%)، وهي أقل مما كان متوقعا لهذا الحرف القوى والثقيل.ولاشك في ان ذلك يعود إلى تعاونه مع الحروف العربية كلها، باستثناء حرفي (الضاد والذال)، المحجوبين عنه بحرفي (الظاء والزاي). فكان لابد لحرف (الدال) أن يتفاعل مع أصوات بقية الحروف، مؤثراً فيها حينا، ومتأثراُ بها حيناً آخر. ولذلك كثرت المصادر التي تدل معانيها على الرقة والضعف والوهن لتدخّل الحروف التي في أصواتها رقة وأناقة ولين، كما في حروف (ن. ث. خ. ح. هـ. ش).
    على أن معاني المصادر التي تبدأ بهذا الحرف، باستثناء مادل منها على الظلام والسواد، قد التزمت بطبقته اللمسية، لم تتجاوزها إلا في خمسة للأصوات هي:
    دردر الماء(صوت).دقدق القوم(اجلبوا). دنّ الذباب دنينا (صوت وطنّ). دَ هـْ دّ هـَ (صوت لزجر الابل). دندن . وذلك لتدخل أحرف (ق. ن. هـ) ،كما سنرى. وفي مصدرين للمشاعر الانسانية هما:
    دلِه (ذهب فؤاده عشقاً). دهشه (حيره وأذهب عقله). وذلك لتدخل الهاء الشعورية. وهذا يقطع بأن حرف (الدال) صحيح الانتماء إلى الحاسة اللمسية وإلى زمرة الحروف المتوسطه القوة، ولا أثقل وزنا.
    5-حرف الكاف:

    مهموس شديد، هو عند العلايلي والأرسوزي(للاحتكاك)، وهذا واحد من معانيه. هذا الحرف، إذا لفظ صوته ممطوطاً مخفوتاً به قليلاً ومضغوطاً عليه بعض الشيء، يحاكي صوت احتكاك الخشب بالخشب. ولعل العربي قد اقتبسه عفو الفطرة من هذا الحدث لإشعال النار بهذه الطريقة البدائية. وصوته في هذه الحال يوحي بشيء من الخشونة والحرارة والقوة والفعالية، مما يؤهله للانتماء إلى حاسة اللمس. أما إذا لفظ بصوت عالي النبرة وبشيء من التفخيم والتجويف، فإنه يوحي بالضخامة والامتلاء والتجميع، مما يؤهله للانتماء إلى زمرة الحروف البصرية. وإذن فلنحتكم إلى المعاجم اللغوية في مسألة أنتمائه.
    بالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على مئة وستة وثمانين مصدراً تبدأ بحرف الكاف. كان منها أربعة مصادر للاحتكاك وواحد للحرارة هي:
    كسحت الريح الأرض (قشرت عنها التراب). كشح العود (قشره). كشطه عنه (ازاله). كفكف دمعه (مسحه مرة بعد مرة).كهر الحر (اشتد).
    وكان منها أربعون مصدراً للشدة والفعالية.منها:
    كبّه على وجهه. كدّه وكرده (طرده). كسر الشيء. كعبره بالسيف(قطعه). الكلاكل (القصير الغليظ الشديد). كمحه ( كبحه). الكنادر من الرجال الغليظ القصير مع الشدة) كنت فلان في خلقه (قوى). كار في مشيه (أسرع)، والراء هنا للحركة كما سيأتي
    وكان منها أربعون مصدراً تدل معانيها على الكثرة والضخامة والتجميع. منها:
    كبُر. الكبْع (حوت عظيم). الكِتلة. الكثير. الكُردوس (كل عظم تام ضخم). كسب الشيء (جمعه). كظب (امتلأ سِمنا). كعر الصبي(امتلأ بطنه وسمن ) كلس الشيء وكلده وكلزه (جمعه).كمل. كنّر فلان (ضخم، وسمج). كاز الشيء (جمعه). تكوكل القوم (تجمعوا) . كوِم الشيء (عظم).
    وكان منها ستة مصادر للأصوات. هي:
    كتّتِ القدر(صوتت عند ابتداء غليانها). كحّ(سعل). كخّ الرجل (غطّ في نومه). كركر (ضحك كالقهقهة). كشّت الأفعى (صوَّت جلدها باحتكاكه ببعضه). كاد الغراب كيداً (صاح بجهد). ويلاحظ أن معظم هذه الأصوات يحاكي أصوات الحروف التي تتألف منها هذه المصادر.
    وكان للمشاعر الانسانية مصدران. هما: كئِب وكرب.
    وهكذا يبدو أن حرف (الكاف) موزع الانتماء بين حاستي اللمس والبصر. فقد بلغت نسبة اللمسيات من احتكاك وحرارة وشدة (26.5%)، وبلغت نسبة البصريات (23.5%). وهذا الفارق الضئيل لايجيز لنا حشر (الكاف) في زمرة الحروف اللمسية.
    وإذن لابد من الرجوع إلى المصادر التي تنتهي بهذا الحرف.

    لقد عثرت على أربعة وثمانين مصدراً تنتهي بالكاف، كان منها خمسة عشر مصدراً تدل معانيها على الاحتكاك، مادّيه ومعنويِّه. هي:
    ألَك الفرس اللجام (علكه ومضغه). حكّ. دعك. دلك. شبك الشيء (تداخل بعضه في بعض). شكّ الشيء (لصق بعضه ببعض). عرك الجلد ومعكه (دلكه). علك. مكّ العظم (مصّ جميع مافيه). محك (لجّ في المنازعة).وكان للحرارة ثلاثة مصادر. هي:
    أكّ اليوم وعكّ(اشتد حره). عتك الحرّ (اشتد).
    أما الشدة فكان لها ثلاثة عشر مصدراً.منها: بتكه (قطعه). بكّ الشيء (هشمه ومزقه). دكّه(دقّه ودفعه). صكّه (دفعه بقوة). الضنك (الشدة). متك الشيء (قطعه).نهكه(جهده وغلبه). دهكه (طحنه).
    وكان للضخامة والتجميع تسعة مصادر. منها:
    أيك الشجر (كثُر والتف) باك البعير (سمِن). تمَك السنام (طال وارتفع وامتلأ). حشك القوم (احتشدوا) . زمكه (ملأه ). ودِك (سمِن).
    وكان للأصوات مصدر واحد هو: ضحك ولاشيء للمشاعر الانسانية.
    وهكذا نرى أن تأثير حرف الكاف في معاني الألفاظ يختلف باختلاف موقعه منها. فهو في أولها موزع الإيحاءات بين اللمسي والبصري بنسب متقاربة كما لحظنا آنفا.أما في آخر المصادر فكان للمسيات منها (37%) بينما اقتصرت البصريات على نسبة (10%).
    كما لوحظ أن حرف الكاف كان أكثر التزاماً بطبقته اللمسية عند مايقع في آخر المصادر، إذ لم يتجاوزها إلى الطبقات الأعلى إلاّ في مصدر واحد هو (ضحك). أما المصادر التي يقع الكاف في أولها، فقد تجاوز ثمانية منها اللمسي والبصري إلى السمعي والشعوري كما مر معنا
    ومنه يتضح أن العربي كان يلفظ حرف (الكاف) في أول المصادر بشيء من الفخامة والشدة وليس كما نلفظه اليوم بشيء من الرقة والرخاوة.فكان صوته بذلك أوحى بالشدة والضخامة.أما في آخر المصادر فكان يلفظه مخفوتاً به بعض الشيء وممطوطاً أيضاً، ليكون صوته بذلك أوحى بالاحتكاك والحرارة.
    وعلى الرغم من أن هذا الحرف يمكن تصنيفه في زمرة الحروف البصرية، فإنني أخترت له زمرة الحروف اللمسية وذلك لظاهرة الاحتكاك اللمسية المتأصلة في طبيعة صوته.
    ولما كان هذا الحرف قد أثّر في معاني المصادر التي وقع في أولها بنسبة (50%)، وفي المصادر التي وقع في آخرها بنسبة 48%)، فهو يتمتع بشخصية متوازنة متوسطة الشدّة. كما أنه يتمتع بشخصية جيدة من حيث التزامة بطبقته اللمسية عندما يقع في نهاية المصادر.
    6- حرف الميم:

    مجهور،متوسط الشدة أو الرخاوة. شكله في السريانية يشبه المطر وهو عند العلايلي (للانجماع)، وهذا واحد من معانيه.
    يحصل صوت هذا الحرف بانطباق الشفتين على بعضهما بعضا في ضمة متأنية وانفتاحهما عند خروج النفس. ولذلك فإن صوته يوحي بذات الاحاسيس اللمسية التي تعانيها الشفتان لدى انطباقهما على بعضهما بعضا، من الليونة والمرونة والتماسك مع شيء من الحرارة.
    وهكذا صنّفت هذا الحرف بادئ الأمر في زمرة الحروف الايحائية. وبمطابقة خصائصه الصوتية على معاني المصادر التي تبدأ أو تنتهي به تبين لي أنه يكاد يكون معدوم الشخصية، فلم أولِهِ كبير عناية أو اهتمام. ولم أنتبه إلى خصائصه الإيمائية إلا بعد أن اكتشفت مصادفة الخصائص الإيمائية في حرف الفاء كما سيأتي في دراسته.
    فانطباق الشفة على الشفة مع حرف الميم يماثل الأحداث الطبيعية التي يتم فيها السدّ والانغلاق. كما أن ضم الشفة على الشفة بشيء من الشدة والتأني قبيل خروج صوت الميم يمثّل بداية الأحداث التي يتم فيه المص بالشفتين والجمع والضم.أما انفراج الشفتين أثناء خروج صوت الميم فهو يمثل الاحداث التي يتم فيها التوسع والامتداد.
    وهكذا فإن خصائص صوت هذا الحرف موزعة بين اللمسي الإيحائي والبصري الإيمائي، مع ملاحظة وجود التناقض بين الانغلاق والانفتاح في خصائصه الإيمائية.
    فماذا عن خصائص هذا الحرف في المعاجم؟.
    بالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على مئتين وثلاثة وخمسين مصدراً تبدأ بحرف الميم كان منها (45) مصدراً تدل معانيها على المرونة والرقة والتماسك بمايتوافق مع إيحاء صوت الميم .منها.
    المأد (الناعم من كل شيء). المجماج(المسترخي المترهّل). مرت الشيء (ملسه). أمرخ العجين (كثر ماؤه حتى رق) . مرن (لان بعد صلابة). معّ الشحم (ذاب) . ملس الشيء (لان ونعم). مهك الشيء (سحقه وملسه). مَهُوَ السائل(رقّ وكثر ماؤه). ماث الشيء موثا (مرسه حتى تنحل اجزاؤه). مرس التمر في الماء(دلكه في الماء حتى تنحل أجزاؤه). ماثت الارض ميثاً (لانت وسهلت).ماع الجسم( ذاب وسال).
    وكان منها سبعة عشر مصدراً تدل معانيها على الجمع والضم والكسب، بما يتوافق مع واقعة ضم الشفة على الشفة بشيء من الشدة. منها:
    متح الدلو (جذبه). متش الشيء (جمعه). المثانة(كيس في الحوض يتجمع فيه البول). المدينة (المصر الجامع). المرهة (حفيرة يجتمع فيها ماء السماء).مزن القربة (ملأها)، مسك بالشيء. مشع (كسب وجمع) .مع(حرف جر للمصاحبة). ملك الشيء (حازه). امتلأ الشيء (أفعم). المال(كل مايملك الفرد) .
    وكان منها ثلاثة وثلاثون مصدراً تدل معانيها على الرّضاع والحلب والمص واستخراج مافي الأشياء المجوفه، بما يتوافق مع حركة ضمّ الشفة على الشفة بشيء من الشدة والتأنيّ . منها :
    مرث الصبي ثدي أمه (مصَّه). امترى الناقة (حلبها). مرز الصبيّ ثدي أمّه (عصره بأصابعه في رضاعه). مصعت المرأة ولدها (أرضعته قليلاً). مذع الضرع (حلب نصف مافيه). معج الفصيل ضرع أمّه (لهزه وقلّب فاه في نواحيه ليتمكن منه). مغد الفصيل أمّه (رضعها). مقع الفصيل أمّه (رضعها بشدة). امتقّ الفصيل ما في الضرع (شربه كلّه) . مشق مافي ضرع الناقة (حلبه). مصر الناقة (حلبها بأطراف الأصابع). مقمق الحوار خِلْفَ أمه (مصّه مصّا شديداً). مقا الفصيل أمه مقواً (رضعها رضعاً شديداً). ملج الصبي ثدي أمه (رضعها بتناول ثديها بأدنى الفم). ملحت فلانة لفلان (أرضعت له). ملق الصبي أمه (رضعها). مخمخ العظم وتمخّاه (أخرج مخّه). المزرة (المصّه). مزّ الشراب (مصّه). مسط المعي (أخرج مافيه عصراً بأصبعه). مشّ العظم (مصّه بعد مضغه). مصد الشيء (مصّه). مصّ الشراب (شربه شرباً رفيقاً). مصمص فاه(مضمضه). مضّ الشيء (مصّه). مضمض الماء في فمه (أداره فيه). معق الشراب (شربه شرباً شديداً) مكّ العظم ومكمكه (مص جميع مافيه) تمهّق الشراب (شربه ساعة بعد ساعة).
    ويلحق بهذه الفئة من المصادر حرف الجر(من) ،لخاصية الأخذ في وظيفتها التبعيضية.
    وكان منها خمسة مصادر تدل معانيها على الهضم والمضغ، بما يتوافق مع حركة انطباق الشفتين على بعضهما بعضا .هي:
    قطَعَ الشيء (أكله بمقدمة أسنانه). مضغ الشيء (لاكه بأسنانه). تمطّق الطعام (تذوقه). معد لحمه (أخذه بمقدم أسنانه). مغمغ اللحم (لم يحكم مضغه).
    وكان منها أربعة وعشرون مصدراً تدل معانيها على التوسع والامتداد والانفتاح، بما يتوافق مع حركة انفراج الشفتين والفكين عن بعضهما بعضا في أثناء خروج صوت الميم.منها:
    مأس الجرح (اتسع). مأى السقاء(وسّعه).متر الحبل (مدّه). متى الحبل متوا(مدّه). مدّ الشيء (زاد فيه). مزع القطن ( نفشهُ بأصابعه). مطّ الشيءَ (مدّه). مصل الحبل(مدّه). مطمط في كلامه (مده وطوله).معط الشيء (مدّه). تمعّى السقاء (تمدد وتوسع، ومنه، معا السنّوّر ، بمعنى صوّت ، لطول مايمدّ بصوته). مغط الشيء (مدّه ليستطيله). ملد الشيء ملدا (مدّه).
    ولم أعثر إلا على مصدر واحد للحرارة هو: محت اليوم (كان شديد الحرّ).
    ولم أعثر على أي مصدر يدل على السّداد أو الانغلاق .
    وكان منها خمسة مصادر للأصوات هي:
    مأمأت الشاة(واصلت صوتها). معا السنور ومغا مغوا (صاح) .مكا (صفّر).ماء القطّ مواء (صاح).
    ويلاحظ أن هذه الأصوات الخمسة تتوافق مع خصائص الميم الإيحائية (طبيعة صوت).أو مع خصائصه الإيمائية (مدّاً في الأصوات واستعانة بالشّفاه في إحداثها).
    وكان منها ثلاثة للمشاعر الإنسانية .هي:
    المرح (شدة الفرح). معض من الأمر (غضب وتألم). مقته(أبغضه أشد البغض).
    ولقد بلغت نسبة تأثير خصائص حرف الميم الإيحائية والإيمائية في المصادر التي تبدأ به نيفا و(50%). مما يقطع بأن حرف الميم ينتمي إلى طبقتي اللمسي والبصري بجدارة .
    وأنا إذ صنّفته في زمرة الحروف اللمسية، فذلك لطبيعة صوته ولغلبة معاني اللمسيات في المصادر التي تبدأ به من رقة ولين وتماسك ورضاع ومص، على معاني البصريات من جمع وضم وقضم.
    ولكن ماذا عن حرف الميم في آخر المصادر؟.

    بالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على ثلاثمئة واثنين وثلاثين مصدراً تنتهي بحرف الميم . كان منها ستة مصادر فقط تدل معانيها على الرقة واللين ، بما يتوافق مع موحياته الصوتية:هي:
    الأدمة (باطن الجلد تحت البشرة وفوق اللحم). رخم صوته ( لان وسهل).الشحم. النخامة. نسمت الريح. نعم الشيء (لان ملمسه ونضر).
    كما كان منها تسعة مصادر تدل معانيها على الحرارة توافقاً مع الموحيات الصوتية لحرف الميم.هي:
    جحم النار(أوقدها). جهنّم. حدمه (أحماه بالنار إحماءً شديداً). حمّ الماء (سخن).سمّتِ الريح (أحرقت ) ضرمت النار (اتقدت واشتعلت).غتم الحرّ (اشتد) . غمّ اليوم (اشتد حره حتى كاد يأخذ بالنفس). الأوام (حرارة العطش).
    وكان منها ستة وثلاثون مصدراً تدل معانيها على الجمع والضم والكسب، بما يتوافق مع واقعة ضم الشفة على الشفة.منها:
    بشم من الطعام(أكثر منه حتى أتخم). تمّ (كمل). أتأمت الحامل(ولدت أكثر من واحد في بطن واحد). جعم الرجل (اشتد حرصه وطمعه). جمّ(اجتمع وكثر). حزمه(شده بحزام ) . دكمه (جمع بعضه إلى بعض). رئم الجرح (انضم والتأم). ردم الثوب(ضمّ بعضه إلى بعض). رضم الشيء (ضم بعضه إلى بعض). ركمه (جمعه وألقى بعضه على بعض). رام الجرح ريما ( انضمّ فمه للبرء). ازدحم القوم. ضمّه. زمّ الشيء (شدَّهُ).طمّ (كثر حتى عمّ). عكم المتاع(شده بالعكام ). كثم الشيء (جمعه). كوّم الشيء (جمعه وألقى بعضه على بعض). لحم الشيء (لأمه). لدم الثوب (رقعه وأصلحه). لمّ الشيء (جمعه جمعاً شديداً). وضم القوم (تجمعوا وتقاربوا ).
    وكان منها مصدر واحد فقط لشرب الحليب وليس للرضاع هو : غذم الفصيل ما في ضرع أمه (شربه جميعاً) .
    وكان منها ثمانية عشر مصدراً تدل معانيها على القضم والأكل، بما يتوافق مع حركة انطباق الشفتين على بعضهما بعضا .منها:
    أرم عليه (عضّ). أزم على الشيء (عضه بالفم كلّه عضّاً شديداً). بزمه (عضه بمقدم أسنانه). خضمه(أكله بجميع فمه). زقم الخبز (لقمه وبلعه). ضغمه (عضه شديداً بملء فمه). عجم العود (عضه ليعلم صلابته من رخاوته). قضمه.(قطعه بطرف أسنانه). تكادم الفرسان (عض بعضهم بعضاً). لهِم الشيء (ابتلعه بمرّة ). لقم اللقمة (أخدها بغته ). حلقم الشيء (ابتلعه).
    وكان منها ثلاثة مصادر فقط للتوسع والانفتاح. هي:
    بسم (انفرجت شفتاه عن ثناياه) . أفأم الدلو (وسّعه وزوّد فيه).انفجم الوادي (اتسع).
    وهذه الظاهرة من الانفتاح والتوسع تعود أصلاً إلى تأثير حرفي (الباء والفاء) في مقدمة المصادر، كما سوف نرى، وليس لحرف الميم.
    وكان منها خمسة عشر مصدراً تدل معانيها على السدّاد والانغلاق ، بما يتوافق مع واقعة انطباق الشفة على الشفة عند ما تلفظ الميم في نهاية الكلام.منها:
    أطم الهودج(ستره). بجم (سكت عن عيّ). بكِم (عجز عن الكلام خلقة ) بلم الرجل (سكت). بهم القفل (أغلقه). الدّسام (مايسدّ به رأس القارورة ونحوه). حشم (انقبض واستحيا). سدم الباب وسطمه (ردهّ). صمّ (ذهب سمعه ). كظم السّقاء (ملأه وسدّ فاه . ومنه كظم الغيظ). كتم الشيء (ستره وخفاه). الفدام (مايوضع من فم الدابة سداداً له) . كمّ الدنّ (سدّ فاه). لأم الجرح (سده). لجم الدابة. وجم الرجل وأجم (سكت على غيظ ).
    وشذوذاً عن القاعدة التي اعتمدتها بصدد الحروف الشاعرية الرقيقة، فإن نسبة تأثير خصائص الميم الإيحائية والإيمائية في المصادر التي تنتهي به لم تبلغ سوى نصف ما بلغته في المصادر التي تبدأ به ، إذ هبطت هنا إلى (26%).
    وذلك يرجع إلى أن حرف (الميم)، وإن كان رقيق الصوت، مرنه ولينه، فإنه من الحروف الإيمائية غير الشاعرية. وشأنه في ذلك شأن حرفي اللام والفاء، من حيث الرقة والوظائف الإيمائية، كما سيأتي :
    وبالمقارنة بين معاني المصادر التي تبدأ بالميم والتي تنتهي به نلاحظ المفارقات التالية:
    1-كانت نسبة معاني الرقة واللين في المصادر التي تبدأ بالميم قرابة سبعة أضعاف ما هي عليه في المصادر التي تنتهي به. وذلك يرجع إلى أن تسلط الحروف القوية على الحروف الضعيفة، يكون في أقصى شدته عند ما تقع الضعيفة في نهاية المصادر. فلقد بلغت المصادر التي تنتهي بالميم ، مما يدل على معاني الشدة والغلظة والضخامة والقطع والكسر أربعة وستين في حين لم تبلغ في المصادر التي تبدأ بالميم سوى اثنين وعشرين.
    2-كانت نسبة معاني الضم والجمع والكسب في المصادر التي تنتهي بالميم تقارب ضعفي ماهي عليه في المصادر التي تبدأ به.
    3-كانت معاني القضم في المصادر التي تنتهي بالميم ثلاثة أضعاف ماهي عليه في المصادر التي تبدأ به .
    4-لم أعثر في المصادر التي تبدأ بالميم على أي مصدر يدل على معاني السد والانغلاق، في حين كان ثمة خمسة عشرمصدراً تنتهي بالميم، مما يدل على هذه المعاني .
    5-كان ثمة أربعة وعشرون مصدراً تدل معانيها على التمدد والتوسع والانفتاح مما يبدأ بالميم، في حين لم أعثر إلا على ثلاثة مصادرلهذه المعاني في المصادر التي تنتهي به.
    هذه المفارقات ترجع أصلاً إلى أن كلاً من الشفتين والفكين يستقران في انطباقهما على بعضهما بعضا عندما نلفظ الميم في نهاية الكلمة،ليكونا بذلك أشد تمثيلاً لوقائع الضم والجمع والقضم والسدد والانغلاق، أما عندما نلفظ الميم في أول الكلمة ، فإن الشفتين والفكين لاتلبث أن تنفرج عن بعضها بعضا لتكون بذلك أصلح لتمثيل وقائع التوسع والانفتاح والتمدد.
    أما المفارقة العجيبة في هذه المقارنة، فهي أن ثمة ثلاثة وثلاثين مصدراً تدل معانيها على الرضاع والحلب والمصّ واستخراج الأشياء مما هو مجوف في المصادر التي تبدأ بالميم، بينما لم أعثر إلا على مصدر واحد يدل على معنى الرضاع في المصادر التي تنتهي به، على الرغم من أن الشفتين في الوضع الأخير هما أكثر استقراراً في انطباقهما على بعضهما بعضا كما سبق ولحظت ذلك آنفا.
    ولكن، إذا صح أن الشفتين تكونان أكثر استقراراً في انطباقهما على بعضهما بعضا في اللفظة التي تنتهي بالميم، فإنهما تستقران بصورة مفاجئة، سواء بشدةّ حينا أم دونما شدةّ غالب الأحيان. أما عندما تلفظ الميم في أول الكلمة، فهي تلفظ بضم الشفة على الشفة بشيء من الشدةّ والتأني مما هو أكثر تمثيلاً لوقائع الرضاع والحلب والمصّ. وذلك يرجع إلى أن حرف الميم قد أبدع أصلاً لتمثيل واقعة الرضاع بالذات. فعمل العربي على ابقائه في مقدمة المقاطع الثنائية الحروف والثلاثية لمعاني الرضاع، وجعل الحروف المزيدة في المؤخرة كما سبق وأشرت إلى ذلك.
    وفي الحقيقة، إن هذه المصادر التي تدل معانيها على الرضّاع والمصّ، هي أبلغ في التعبير وأكثر تمثيلاً لهذه الوقائع من أي لفظة عربية أخرى بما في ذلك لفظة الرضاع بالذات، وإن كانت هذه أعذب صيغة وأوقع في النفس جرساً. لخاصيات (الرشاقة) في صوت الراء و(النضارة) في (الضاد)و(النصاعة) في العين، كما سيأتي. مما يرجّح معه أن تكون لفظة (مّا) بتشديد (الميم) ومدّ (الالف)، قد أُبْدِعت في المرحلة الزراعية، بترجيح شديد، وذلك للتعبير بطريقة النطق بالميم المشددة إيماء وتمثيلاً عن واقعة مصّ الطفل ثدي أمهّ ترافقها حركة معينة. ثم سقطت الحركة مع الزمن، وتطور معناها من واقعة الرضاع إلى معنى الأمّ إطلاقاً، مرضعاً كانت أم غير مرضع.
    ومن المرجح أن العربي قد طورّ لفظة (مّا) في المرحلة الرعوية إلى (أم)، بإبدال الألف المهموزة في اللسان العربي، كما ذكر العلايلي. ولفظة (ماما) في اللهجات العامية ماهي في الحقيقة إلا الأرومة التاريخية للفظة (الأم) قد أتتنا من مراحل اللغة العربية البكر. ومما يرجح صحة هذا الرأي أن لفظة (ماما) موجودة في معظم اللغات الغربية، وأنّ الألفاظ التي تدل على معنى (الأم) فيها تبدأ بحرف الميم.
    وهكذا قيل للوالدة (ماما)، وللوالد(بابا). فإذا كان حرف الميم أكثر تمثيلاً لمعاني المص والرضاع والضم والانجماع، وأوحى بمعاني الرقة والإحاطة في الأمومة، فإن صوت الباء الانفجاري، إنما هو أكثر تمثيلاً لمعاني البقر والبعج وأكثر إيحاء بمعاني الشدة والقوة في الرجل الأب.
    ونحن لانكون بعيدين كثيراً عن الحقيقة لو أصلنا على ذلك. وقياساَ على مالحظناه في نشأة حروف (الفاء والثاء والذال).أن نقول إنّ حر ف الميم هو من إبداع المرأة الأم بالذات، وذلك بسائق حاجة الأم المرضع إلى التعبير عن واقعة هي ألصق بطبيعتها من الرجل.
    وهكذا بدأ حرف الميم بانطباق الشفة على الشفة في ضمّة شديدة طويلة متأنية، وذلك تمثيلاً لواقعة الرضاع، فكانت هذه الحركة الإيمائية أسبق في الزمن من صوته.
    rr


يعمل...
X