Announcement

Collapse
No announcement yet.

مدينة السعادة قصة / فريد محمد معوض

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • مدينة السعادة قصة / فريد محمد معوض

    مدينة السعادة

    منذ زمن بعيد..كانت هناك مدينة يطلق عليها الناس (مدينة الصمت) فلم يكن يسمع لأهلها صوت ، إلا أن ما حدث بعد ذلك يثير الدهشة فلم يعد للناس حديث إلاعن تلك المدينة بل اخذوا ينسجون القصص حولها ، وصار الذين يحلمون بالأشياء الجميلة لا يكفون عن السعي إليها مما زاد شغفي بها ودفعني للبحث عنها ومعرفة حكايتها.
    والحكاية تبدو للوهلة الأولي عادية جدا..فهناك مدينة يعيش فيها أهلها آمنين، ذات يوم فوجئوا بصوت يثير الرعب يأتي من ناحية البحر، اندفعوا يستطلعون الأمر ، كان مشهدا لم تره عيونهم من قبل ، وجدوا عملاقين يصارعان الموج.
    ولما كان أهل الجزيرة أناسا طيبين فقد حاولوا إنقاذهما ، وتم ذلك بالفعل ، وصعد العملاقان إلي تلك المدينة وكان الأمر الذي توقعه أهل الجزيرة أن يشكرونهم علي تلك المساعدة ، إلا أنهم ما كادوا يستردون عافيتهم حتى استولوا علي الجزيرة .
    وقد يسألني واحد الم يستطع احد أن يطردهما خارج المدينة؟ في الحقيقة كان من الصعب مقاومتهما .. ويكفي أن تعرف أن الواحد منهما كان يقطع شجرة كبيرة ليصنع منها طبقا من السلاطة . كما يمكنك أن تصنع من فردة حذائه مركبة تعبر بها إلي الضفة الأخرى.
    وسكن العملاقان في منزلين متقابلين ..وكان يخرجان كل يوم في ميعاد محدد ليقضيا ما يحتاجانه من الجزيرة وكثيرا ماكانا يصطدمان ببعضهما البعض فيتشاجرا ..حاول الأهالي معرفة السر، فصعد ولد صغير علي الشجرة ، وأخذ يراقبهما فاكتشف إن العملاقين ضعيفا البصر .

    اعتاد الناس أن يتصرفوا بهدوء شديد ، حتى لا يزعجانهما من نومهما فيصيبهم الأذى من وراء ذلك ، ولو أمكن أن تذهب إلي الجزيرة في ذلك الوقت لأحسست انه لايمكن أن تكون فيها حياة ، بل ستندهش عندما تسمع الأولاد يتهامسون وهم يلعبون معا . بل ستجد واحدا منهم يقترح أن يلعبوا تحت السرير حتى لا يصل الضجيج إلي العملاقين .لكنك مع ذلك ستسمع اعتراض (فرح)الصغيرة علي ذلك وإصرارها الغريب أن يلعبوا في الخارج وسط النور والأشجار .
    صار الأولاد في تلك المدينة مثل العصافير في الأقفاص اختفي من عيونهم ذلك البريق من المرح الجميل ، أما الحال في الجزيرة فكان أكثر سوءا فقد انحنت الأشجار من العطش وصمتت العصافير ، وصارت الجزيرة مهددة بالجوع ، وبدأ الأطفال يتذمرون من هذا الأمر فيأمرهم الأهالي بالسكوت تخوفا عليهم من ثورة العملاقين .
    وذات يوم كان الأولاد يلعبون كعادتهم في صمت ..وقف ولد اسمه (عيد) وقال:لابد أن نفعل شيئا بدت الحيرة علي وجوه الأولاد للحظة فأكمل:لابد أن نفكر وأكيد سنصل إلي حل .
    ومر يومان وفي اليوم الثالث ناقشوا الأفكار التي توصلوا إليها ..اقترح احد الأولاد أن يرحل الجميع من تلك الجزيرة إلي جزيرة أخري ، ولا أستطيع أن أقول لكم ما حدث عندما قال تلك الكلمات ، فالأطفال الصغار تركو ا صدور أمهاتهم .واندفعوا في البكاء أما البنات الصغيرات فقد غامرن بترك عرائسهن تسقط علي الأرض.
    وبدا الحزن في عيون الجميع . وكان قرار الجميع أمام هذا الرأي بالطبع هو : الرفض.
    رفع ولد آخر إصبعه وقال :السور لن يبني بين يوم وليلة . كما أن العملاقين لن يتركا أحدا يبني السور . استغرق (عيد) في التفكير ثم رفع رأسه وقال :أري أن الحل ..لن يكون إلا بالتخلص منهما .
    صمتوا جميعا لهذا الرأي الجريء إلا(فرح) تلألأت ابتسامتها علي شفتيها وقالت : أؤيدك بشدة.
    قال عيد : لابد أن نجعلهم يتشاجران معا فيقضي احدهما علي الآخر.
    في صباح احد الأيام ، خرج الأولاد بهدوء شديد أخذوا يجمعون كمية من ثمار الموز..ثم أقاموا حفرة كبيرة أمام منزل العملاقين ووضعوا فوقها جذوع الأشجار وقشور الموز..وأرسلوا رسالة إلي كل منهما علي حدة .هذا نصها ننقله لكم بالحرف الواحد .
    .(هذه الجزيرة لا يحيا فيها إلا عملاق واحد فقط هو الأقوى)
    وأرسلوا نفس الرسالة إلي العملاق الآخر فسعي كل منهما ليقابل الآخر فانزلقت أقدامهما علي الأرض وتصور كل واحد منهما إن الآخر فعل فيه تلك الحيلة فيشتد غضبه ، فاندفع يقاتل كل منهما الآخر . ولم يلتفتا إلي الحفرة التي تحت أقدامهما فسقطا فيها .
    وأسرع الأولاد والأهالي يسقطون فوقهما التراب وسط صرخاتهما ، ولن تصدق ما حدث بعد ذلك إذ اندفعت جذور الأرض العطشى لتلتف حولهم فتزيد من اختناقاهما ، وبدا صوت العملاقين يخفت ، ويخفت حتى ساد الصمت .
    نظر (عيد )حوله فوجد كل شيء صامتا ..فقفز وهو يرفع قبعته عاليا إلي الشجرة فأيقظ العصافير وصاحت (فرح)هيه رفع الأولاد عيونهم إلي السماء وابتسموا لقطرات المطر الصغيرة التي سقطت علي وجوههم والتي ما لبثت أن اندفعت هي الأخرى تعزف علي النوافذ : تك..تك ،
    وتعالي صوت العصافير :صو..صو.
    أما ما حدث من الكبار..لقد نظروا بكل وقار وهزوا رؤوسهم وتمني الواحد منهم أن يخلع قميصه ويدور به مع الهواء اقترب (عيد) و(فرح) منهم فاتسعت الحلقة ، عزف عيد وغنت فرح وهلل الجميع . وفي تلك اللحظة لم يكن احد يستطيع أن يفرق بين كبير وصغير . سوي أن الكل سعيد وأصبحت المدينة التي أوشك الناس علي نسيانها..مدينة يعلق الناس علي أبوابها أحزانهم ولم يعد احد يشعر بالسعادة دون أن يتخيل أن هناك ولد اسمه (عيد)يقفز إلي السماء فيوقظ العصافير وبنت اسمها (فرح)لا تكف عن المرح.





    http://samypress.blogspot.com
    http://samypress.yoo7.com
Working...
X