Announcement

Collapse
No announcement yet.

العقل السليم في الجسم السليم .. اقرأ

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • العقل السليم في الجسم السليم .. اقرأ

    العقل السليم في الجسم السليم .. اقرأ

    إن هذا القول المأثور الذي طالما حفظناه وكررناه منذ الطفولة هو من الأقاويل الأكثر شيوعاً في العالم. كما أن باستطاعة المرء الجزم بأن ليس هناك أي تشكيك أو نقاش حول صحة هذا القول وحقيقته بين البشر لأن غير ذلك سيكون مخالفاً لمعظم الأعراف والمفاهيم.

    فإذا أخذنا الجزء الأول من هذا القول وتأملنا فيه...
    نرى أن "العقل السليم" هو هذا العقل القادر على القيام بمختلف وظائفه الجسدية والفكرية لما يمثله من دور مركزي وفاعل في التراسل مع باقي أعضائنا الجسدية من خلال شبكة أعصاب هائلة ومعقدة. إذاً، العقل هو عضو حساس ومركزي له هذا الانتماء العضوي الفاعل ضمن هذه العائلة الجسدية الواحدة.

    أما إذا أخذنا الجزء الثاني من هذه المقولة "الجسم السليم" وتأملنا فيها نرى أن أجسامنا مكونة من الكثير من الأعضاء، منها ما هو مزدوج ومنها ما هو منفرد. فمثلاً هناك العينين، الأذنين، اللوزتين، الرئتين، الكليتين، الخصيتين والمبيضين، ففي حال فقداننا إحدى أعضائنا المزدوجة هذه أو أصابتها بعلة ما فهل سنفقد صحة وسلامة عقلنا؟ لا ليس بالضرورة، بل سنخضع لمرحلة علاجية ما ونكمل حياتنا بشكل عادي أو شبه عادي معتمدين على الزوج الآخر منها...

    أما في حال فقداننا إحدى أعضائنا المنفردة أو إصابتها بعلةٍ ما كالطحال أو القلب أو الجلد أو الكبد مثلاً فهل سنفقد صحة وسلامة عقلنا؟ أيضاً لا ليس بالضرورة، ولكن هذا الأمر قد يعرضنا إلى مخاطر حقيقية وربما الموت الجسدي المحتم.

    إذاً، عن أي سلامة يتحدثون؟ لا بد أن هناك معيار آخر له أثره المباشر والغير مباشر على سلامة هذا العقل والجسد معاً وإلا لما شهدنا الكثيرين مما يسمون بالمعوقين جسدياً ذُكرت أسماءهم بين المكتشفين والمبدعين، وفي الوقت عينه لما شهدنا من كانوا بين المتعافين جسدياً ذكرت أسماءهم بين المخربين والمفسدين بالأرض!!!

    علماً أن الطب ما زال قاصراً حتى الآن في إيجاد معرفة دقيقة وشافية لمعظم الأمراض العقلية والنفسية المتداولة في عصرنا هذا، بينما من جهة أخرى لقد تم التقدم وببراعة كبيرة وسريعة في تحليل واكتشاف طبيعة عمل مجمل أعضائنا الجسدية الأخرى بشكل دقيق ومفصل وحتى استئصالها من جسد وزرعها في جسد أخر!!!

    فهل يستطيع المرء التوقف عند هذا الحد أو الاكتفاء بهذا القدر من العلم والمعرفة في ترداد هذه الأقاويل ببغائياً، أم أن الغوص والتأمل في حقيقة هذا العالم الجسدي - العقلي قد يقودنا إلى ما هو أصح وأسلم من ذلك، فللعلم أبعاد وللحكمة آفاق لم تغب عنهما الشمس يوماً.

    نعم هناك أبعاد أخرى لهذا العالم العقلي - الجسدي قلة من أدرك وجودها. إنه الشق الخفي الغير منظور من عالمنا الوجودي هذا، فالعقل بشقه المادي هو ليس إلا إسفنجه تمتص كل ما هو منطقي وملموس ومنظور أو محسوس بالنسبة للفرد ذاته. أما في شقه الآخر فما هو إلا برج اتصال لمطار دولي تحط فيه وتقلع منه باستمرار مختلف الذبذبات القريبة، المتوسطة والبعيدة المدى. أما شعر الرأس فهو كناية عن لاقط هوائي يساعد على التقاط هذه الذبذبات ولكن غالباً ما نكون منشغلين بضجيج وتعقيدات صغائر أمور حياتنا المادية والاجتماعية فتمر هذه الذبذبات من خلالنا مرور الكرام، لهذا لم يفلح الإنسان العادي باستخدام أكثر من عشرة بالمائة من قدراته العقلية.

    أما الشق الجسدي الآخر أو الغير منظور من عالمنا الوجودي هذا فهو كناية عن كتلة صغيرة من الذبذبات تغذيها موجات هائلة من الطاقة والحيوية التي تنحدر من أقاصي الكون بشكلها اللولبي فيصبح لكل جسد قدرة على الحياة والوجود بشكله المادي والأثيري والروحي معاً. فالجسد المادي ليس إلا حالة مكثفة من هذه الذبذبات التي لا تقوى على رؤيتها إلا العين المدربة على ذلك وبعض الآلات والأجهزة التي اكتشفت حديثاً.

    فإذا نظرنا إلى السماء مثلاً في وضح النهار لن نرى إلا الشمس والغيوم، وفي بعض الأحيان ربما استطعنا رؤية القمر، ولكن هذا لا يعني أن البلايين من الكواكب والنجوم والذبذبات لم يكن لها أي وجود خلال هذه الفترات من حياتنا.

    لذلك يجب أن نعرف أننا لن نتمكن من تحقيق توازن عقلي وجسدي سليم ما لم نغوص ونتأمل بطاقة هذا الوعي الكوني الكبير الذي يغذي بدوره كل جسدٍ من أجسادنا السبع باستمرار بالطاقة ذاتها والوعي ذاته...

    فما بالهم يتكلمون عن العقل والجسد وكأنهم منفصلين عن الكل، فلكل جسد من أجسادنا السبعة وعيه وطاقته وهو الذي يحقق لنا وحدتنا وسلامتنا معاً. فسلامتنا العضوية أو سلامتنا المادية هي ليست إلا من سلامة طاقتنا ووعينا معاً... فلقد كان بالأحرى عليهم القول:"أن العقل السليم بالوعي السليم"
    تماماً كالذي قال:"لا تقل إن الله في قلبي، بل قل أني في قلب الله..."
Working...
X