إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الصحاري والخصائص الرئيسية العامة ((التفاوت الحراري-الجفاف -التغيرات المناخية))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصحاري والخصائص الرئيسية العامة ((التفاوت الحراري-الجفاف -التغيرات المناخية))

    الصحاري والخصائص الرئيسية العامة
    ((التفاوت الحراري-الجفاف -التغيرات المناخية))
    الخصائص الرئيسية العامة للصحاري
    وعلى الرغم من وجود هذا التباين والتنوع المناخي في مختلف جهات المناطق الجافة ، فإنه من الممكن تميز عدد من الخصائص العامة التي يشيع وجودها في كل الصحاري ، والتي تساعد في التعرف على أوجه الاختلاف والتمايز بين البيئات الجافة والبيئات الرطبة .
    - التفاوت الحراري :
    تعتبر صفة التباين الحراري اليومي ، من بين أهم الخصائص الرئيسية ، من وجهة النظر الجيومورفولوجية ، التي تنفرد بها الصحاري القارية الداخلية الكبرى ، سواء كانت تلك الصحاري حارة أو باردة . ويشتد وضوح هذه الخاصية في الصحاري القارية المدارية ، حيث يشتد ارتفاع الشمس ، ويقل ميل إشعاعها ، وحيث تتدنى الرطوبة النسبية ، ويكاد ينعدم غطاء السحب ، فيتسبب ذلك كله في سرعة تسخين سطح الأرض .
    وتعود الحرارة فتتحول بالتوصيل من سطح الأرض إلى الهواء من فوقه ، وبالتالي كثيرا ما تصل حرارة ما بعد الظهيرة إلى 38 درجة مئوية وأكثر ، بل لقد تصل أحيانا إلى 45 درجة مئوية وتزيد . ورغم شدة القيظ أثناء سطوع الشمس نهارا ، فإن الحرارة سرعان ما تهبط أثناء الليل ، بسبب شدة الإشعاع الأرضي الذي ينطلق بحرية ودون عائق بسبب انعدام الغيوم ، بمقدار 17 درجة مئوية وزيادة . ولقد تسجل فروق حرارية يومية تزيد على 35 درجة مئوية في بعض الأحوال الشاذة .
    هذا التطرف الحراري الذي نجده في الصحاري الحارة القارية الكبرى ، لا نصادفه في الأراضي الجافة المطلة على البحار والمحيطات . فهناك تظل درجات حرارة الصيف فيما حول 27 درجة مئوية وأقل ، ويقل المدى الحراري اليومي عن 11 درجة مئوية .
    - الجفاف :
    أما الجفاف فهو السمة الرئيسية للصحاري بطبيعة الحال . وهو النتيجة المنطقية لانخفاض كمية الأمطار السنوية ، وارتفاع معدلات التبخر ، خصوصا من أسطح الصخور المكشوفة العارية بواسطة أشعة الشمس الساخنة والرياح العاتية . ولقد تقترب كمية الأمطار السنوية الساقطة في الصحاري المدارية من 25سم أو قد تزيد على ذلك لكن فاعليتها تكون مغلولة محدودة ، لا تقوم بوأد سوى النبات الفقير الجاف .
    وليست بنا حاجة إلى القول بأن التساقط في كثير من الصحاري ضئيل للغاية . ففي مصر ، على سبيل المثال ، تتناقص كمية الأمطار السنوية تناقصا سريعا بالاتجاه نحو الداخل جنوبا ، من 20سم في الإسكندرية إلى 10 سم في طنطا (وسط الدلتا) ، إلى 3سم في القاهرة وتكاد تنعدم في أعالي صعيد مصر (من أسوان نحو 1سم وأقل) حيث تتعاقب سنين عجاف عديمة المطر . ورغم أن المطر في هذه الأجزاء الجافة متغير ، لا يدوم سوى سويعات قليلة ، إلا أنه يسقط في هيئة وابل ويكون غزيرا جدا . ويصف "ستون"Sutton (1949)9 ما نجم عن زوابع رعدية في شهر أبريل من عام 1909 م ، أسقطت نحو 5سم من المطر في صحراء مصر الشرقية في يوم واحد (24 ساعة) . ويصحب هذا المطر الغزير الساقط فوق صخور مكشوفة عارية من الغطاء النباتي ، نسب عالية جدا من الجريان السطحي . ويذكر ستون Sutton ومحمود حامد وغيرهم أمثلة لعواصف فجائية تسبب أمطارا غزيرة تملأ الأودية الجافة وتحولها إلى سيول عارمة .
    من ذلك العاصفة الرعدية التي حدثت في عام 1902 ، حولت وادي علاقة ، الذي يصب في نهر النيل جنوب أسوان بنحو 80 كيلو متر إلى سبيل جارف . فقد امتلأ الوادي الجاف بالمياه وتحول إلى مجرى مائي قوي عنيف ، بلغ عرضه نحو 300 متر في بعض الجهات وتتراوح عمق المياه فيه بين 1 – 3 متر . واستمرت المياه تجري في الوادي نحو ثلاثة أيام ورغم عظم كمية المياه التي جرت في الوادي ، إلا أنها فشلت في الوصول إلى النيل فبعد جريان المياه لمسافة تناهز 65 كيلو متر من المنبع ، دخلت إلى منخفض واسع حيث تجمعت مكونه لبحيرة أو بركة عظيمة ، سرعان ما جفت عن طريق التبخر والتسرب في رمال الصحراء .
    وتشتهر أودية الصحراء الشرقية المصرية بالجريان المائي الفجائي في أعقاب الانخفاضات الجوية والأعاصير الضالة ، التي تصيب نطاق جبال البحر الأحمر ، وتسبب الأمطار الفجائية الغزيرة . و فيضانات وادي قنا ، وغيره ، شهيرة ، وتتكرر كل بضع سنوات مرة ، وآخرها ما حدث في 19 من شهر أكتوبر عام 1979 ، ونجم عنها تخريب مناطق العمران ، وتشريد آلاف السكان في منطقة مصبه في وادي النيل .
    - التغيرات المناخية :
    وتبقى بعد ذلك مسألة هامة في دراسة أشكال الأرض الصحراوية تتعلق بالتغيرات المناخية وتأثيراتها وآثارها الباقية . فهناك عدد عديد من الأدلة والشواهد التي توضح ، بما لا يدع مجالا للشك في أن تكوين ونمو الغطاءات الجليدية فوق الكتل القارية أثناء الزمن الرابع كان له تأثيرات بينه على مناخات مختلف جهات العالم . فلقد أدى نمو الجليد وتغطيته ليابس العروض العليا والوسطى إلى تزحزح النطاقات المناخية الرئيسية صوب دائرة الاستواء . ونجم عن ذلك إمكانية اقتحام الرياح الغربية وما يصاحبها من أعاصيره لصحاري النطاقات المدارية ومنها ، على سبيل المثال ، صحاري شمال أفريقيا . كما كان نطاق الأمطار الاستوائية والمدارية يتسع وتزداد رقعته فيعم جنوب الصحراء وتبعا لذلك يشيع سقوط المطر فوق جميع أرجاء الصحراء .
    ولقد كان ذلك الحال إبان الفترات الجليدية . أما أثناء الفترات الدفيئة (غير الجليدية) فقد كانت الأوضاع تعود إلى سيرتها الأولى ، فتتراجع النطاقات المناخية متخذة مواقعها الحالية . ولقد أمكن رصد آثار لهذه الذبذبات المناخية التي حدثت أثناء الزمن الرابع في كثير من جهات النطاقات الجافة .
    ومما لاشك فيه أن فترات المطر أثناء الزمن الرابع ، التي حظيت بها الصحاري المدارية الحالية ، خصوصا أجزاؤها تجاه القطب كانت بمثابة عامل جيومورفولوجي على جانب عظيم من الأهمية . فكما سنرى بعد قليل ، تحمل كثير من الأشكال الأرضية طابع فعل المياه ، وتبعا لذلك فقد تشكلت إبان عصر كانت فيه كمية الأمطار السنوية الساقطة كبيرة ، وكان الجريان السطحي أعظم بكثير منه في عصرنا الحالي .
    وخير مثال لعمل الماء الجاري في الصحاري أثناء عصر البلايوستوسين المطير تلك الأودية الكبرى التي تشق صحاري شمال أفريقيا وشبه جزيرة العرب ، والتي تحمل كل الأشكال الجيومورفولوجية التي نراها في أودية الأنهار العظمى الحالية ويجمع الباحثون في وقتنا الحالي على أن تلك الأودية هي من عمل الماء الجاري والينابيع (بيل Peel 1941 ، و بوديل Buedel 1965 ، وجودة 1972 ، وغيرهم كثير) أثناء فترات المطر الغزير التي تخللت عصر البلايوستوسين .
    وهناك من الشواهد البيدولوجية ، والاركيولوجية و المورفولوجية ما يشير إلى كثرة المطر حتى في داخلية الصحراء الليبية ، ومنها أيضا قيعان بحيرات جافة في واحات الكفرة والجفرة و إقليم فزان (جودة 1975 م) وكانت تلك الأمطار كافية لإنماء غطاء غني من الحشائش ، كانت ترعاها حيوانات السفانا .
    وفي هذا المقام ينبغي لنا أن نشير إلى أنه لا يشترط بالضرورة أن يسبب ازدياد التساقط دائما حدة في عمليات التعرية ، بل لقد يكون العكس هو الحال في بعض الأحايين . ذلك أن كمية صغيرة من المطر الفجائي تأخذ شكل وابل انقلابي شديد قصير محدود الأمد ، قد ينشئ سيولا عنيفة قصيرة العمر ، تجري مسرعة متدفقة فوق سطح يخلو من النبات أو يحوي غطاء فقيرا من الأعشاب . مثل هذه الفيضانات الفجائية القصيرة الآجل قد تجلب كميات هائلة من الرواسب إلى منطقة الارساب ، كما قد تحدث فعلا تحاتيا مؤثرا .
    أما حيث تكثر الأمطار وتتوزع فصليا توزيعا منتظما ، فإنها تناسب حينئذ نمو غطاء نباتي كثيف ، الذي يعمل بدوره على إعاقة الجريان السطحي ، وعلى فقدان كميات كبيرة من المياه عن طريق التبخر و النتح والتسرب . وتسبب هذه الأحوال ، التي تعتبر مثالية للمناطق المعتدلة الرطبة في وقتنا الحاضر ، ركودا في عمليات التعرية .
    وانه ليبدو ممكنا ، أن تكون الصحاري في وقتنا الحاضر ، حتى أشدها جفافا ما تزال نشيطة حية من وجهة النظر الجيومورفولوجية وهذا ما تمكن كل من بلومي Blueme و بارث Barth من إثباته (1973) في صحاري غرب الولايات المتحدة الأمريكية ، وشبه الجزيرة العربية ، وجودة (1975) في الصحراء الليبية هذا على الرغم من حلول الجفاف الحالي بتلك الصحاري في أعقاب انتهاء العصر الجليدي .
    هذا وأن دراسة الصحاري تؤكد أن المشكلة الكبرى التي تواجه الجيومورفولوجيين هي مشكلة التفريق والتمييز بين مؤثرات كل من العمليات الجيومورفولوجية الحالية والسالفة في الأشكال الأرضية الحاضرة .
يعمل...
X