إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أنماط الجريان المائي السطحي بالصحاري وهما (( غطائي - وادي ))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أنماط الجريان المائي السطحي بالصحاري وهما (( غطائي - وادي ))

    أنماط الجريان المائي السطحي بالصحاري وهما (( غطائي - وادي ))
    فعل الماء الجاري في الصحاري

    لقد أصبح من الأمور المسلم بها في وقتنا الحالي إرجاع معظم الأشكال الأرضية الرئيسية في الصحاري لفعل المياه الجارية ، سواء منها ما كان يجري أثناء فترات المطر في الزمن الرابع ، أو ما يسيل بين وقت وآخر في ظروف المناخ الحالي ، بالنحت و النقل و الاساب ، في الجهات الصحراوية لصالح فعل الرياح ، التي كان يعتقد لزمن طويل بأنها العامل الجيومورفولوجي الأهم في تشكيل سطح النطاقات الجافة . ولا يقتصر الامر على كثرة مشاهدات السيول ، ورصد الفيضانات عند حدوثها و إنما يتعداها إلى حقيقة أن كثيراً من الأشكال الأرضية المثالية الملازمة للصحاري كالأودية و البيديمنتات الصخرية ، ومسطحات الرواسب الفسيحة ، والمراوح الدلتاوية الرطبة ، كلها تحمل بصمات واضحة لفعل المياه الجارية .


    أنماط الجريان المائي السطحي بالصحاري
    هناك نمطان رئيسيان للجريان المائي السطحي بالصحاري هما :
    1- فيضان الوادي .
    2- الفياضان الغطائي .

    1- فيضان الوادي :
    أكثر أشكال الجريان السطحي شيوعا في الصحاري هو ما يدعى "فيضان المجرى المائي Stream-Flood" ، وهو تعبير صاغه وليم موريس ديفيز ، ولعل تعريبه باسم "فيضان الوادي" أفضل وأصح .

    وتحدث هذه الفيضانات عادة في المناطق المرتفعة التي تقطعها مجاري جافة أو أودية جافة في أغلب الأحيان ، لكنها تمتلئ بالمياه ، وتشغلها الفيضانات عقب سقوط أمطار محلية غزيرة .
    ويدخل ضمن هذا النمط فيضانات وادي علاقي ، ووادي قنا وغيرهما من أودية صحراء مصر الشرقية ، التي تشق لها مسالك جيدة التحديد خلال الهضبة ، نابعة من مرتفعات البحر الأحمر .
    وليست كل فيضانات الأودية على هذا النحو من الضخامة والتأثير ومع هذا فهناك من مجاري الأودية القصيرة ما يقطع واجهات الجبال الشديدة الانحدار أو الحافات الانكسارية ، و البيديمنتات الصخرية في إقليم الحوض والسلسلة Easin and-Range في غربي الولايات المتحدة ، وتصبح من وقت لآخر متدفقة عنيفة الجريان .
    ولم يتضح بعد تماما ذلك الدور الجيومورفولوجي الذي تقوم به فيضانات الأودية , فلقد تكون هي المسئولة عن حفر الأودية المتشبعة العميقة ، كأودية الصحراء الكبرى الأفريقية وصحراء شبه الجزيرة العربية . أو لعلها تتبع مجاري سالفة شبه دائمة كانت تجري بالمياه أثناء فترات مطيرة في الزمن الرابع .
    ونحن نعتقد بالرأي الأخير ، ذلك أن كثيرا من الأودية يتصف بقطاعات متعادلة "ناعمة" لا يعتبروها اضطراب أو انقطاع ، تبرهن على أن تشكيلها قد حدث بواسطة مجاري مائية عادية ، لا بواسطة فيضانات متقطعة غير منتظمة وقصيرة الأمد .
    وفي وقتنا الحاضر ، تمتلئ قيعان كثير من الأودية برواسب نهرية سميكة معظمها تمت تجويته و إزاحته من جوانب الأودية ، وأن الوظيفة الأساسية لفيضانات الأودية هي حمل ونقل هذه المواد ، وليس استخدامها في الهجوم على صخور قيعانها ، إلا في حدود ضيقة
    ولا شك في أن المجاري المائية الصحراوية تفقد كميات هائلة من مياهها حين الجريان عن طريق التسرب والتبخر ، ولهذا يحدث عند انتهاء المرحلة الابتدائية التي خلالها يتم بسرعة التقاط وحمل حمولة ثقيلة من الرواسب أن تبدأ مرحلة حمل زائد Over Loading بسبب تناقص التصريف المائي وتبعا لذلك فإن الارساب ، وليس النحت ، يصبح أمرا محتوما في الأجزاء الوسطى والدنيا من مجاري الأودية .

    ومع هذا فإن فيضانات الأودية تقوم بوظيفة تحاتية لا تنكر ، فهي تؤدي نحتا جانبيا مؤثرا بنجاح تام . ويبدو أن ظاهرة المنحدرات الشديدة التي تتميز بها كثير من أودية الصحاري ، والتي تفصلها عن قيعان الأودية المسطحة زوايا حادة ، إنما يرجع تشكيلها إلى فيضانات الأودية التي تتأرجح من جانب لآخر ، وتنحر اسافل منحدرات جوانبها وبهذه الوسيلة تستهلك أراضي ما بين الأودية تدريجيا ، ويتشكل بذلك سطح تعرية جانبية .
    ولقد استخدمنا هذا التتابع في تطور الأشكال الأرضية لتفسير الظواهر الرئيسية في الصحراء الليبية كسهول التعرية ، والتلال المختلفة من تحطيم وتعرية أراضي ما بين الأودية والهضاب الممزقة بواسطة الأودية الكبيرة ويبدو أن لفعل الينابيع في الصخور الرملية النوبية المنفذة أهمية في قطع اسافل ومنحدرات الأودية وتراجعها (جودة 1973 - 1975) .
    ويرى جونسون (1932) ، و آخرون أن النحت الجانبي بواسطة فيضانات الأودية في صحاري جنوب غرب الولايات المتحدة الأمريكية ، يكون نشيطا بصفة خاصة ، في الأماكن التي تتصرف فيها مياه أودية الأراضي المرتفعة متدفقة إلى مناطق منخفضة .

    وتحدد الفتحات القمعية أو المروحية الشكل في واجهة النطاق الجبلي مخارج هذه الأودية وتسمح لفيضانات الأودية أن تتأرجح جانبيا ، وتنحر أساس المنحدرات الشديدة في كلا جانبي كل مخرج .
    ويبدو أن تراجع واجهة الجبال ، وهى عملية هامة تؤدي إلى تعرية الكتل الأرضية المرتفعة في تلك المناطق تنشأ أصلا من النحت و "التشذيب" التراجعي للنتوءات الصخرية الموجودة فيما بين فتحات مخارج الأودية بواسطة تعرية فيضانات الأودية .
    ويرجع إصرار كثير من الجيومورفولوجيين على أهمية التعرية الجانبية في الأراضي الجافة إلى كثير من المشاهدات والأدلة الاستنتاجية ، ومنها النحر السفلي لمنحدرات جوانب الأودية والزوايا و الأنقطاعات الحادة بين منحدرات جوانب الوادي و أرضيته ثم مشايعتهم لنظرية اقتراحها الجيولوجي الأمريكي جيليبيرت G.K.Gilbert و مؤداها أن المجاري المائية التي تكون كاملة الحمولة ، وهى صفة تتميز بها فيضانات الأودية الصحراوية بسبب انعدام وجود لنبات الذي يعترض سيلها ووفرة وجود الفتات الصخري ، تصبح عاجزة عن النحت الرأسي ، لكنها تتمكن من النحت الجانبي بقوة واقتدار .
    2- الفيضان الغطائي أو الشريطي :
    ويتمثل النمط الثاني الرئيسي للجريان المائي السطحي في الجهات الصحراوية فيما يسمى بالفيضان الغطائي ، وهو تعبير اقترحه الباحث الأمريكي ماك جي Mc Gee في عام 1897 ، وأشاع استخدامه كتاب آخرون . وكما يدل التعبير ، تحتوي الفيضانات الغطاءات تدفقات مائية واسعة المدى لا تنحصر في مجاري وقنوات محدودة و إنما تنتشر فوق كل المساحة الأرضية . ولا يحدث هذا الشكل من الفياضات المائية فوق أرض وعرة ممزقة مضرسة بطبيعة الحال ، و إنما يحدث وبصورة مؤثرة فوق المنحدرات الهينة الممهدة غير المضرسة .
    ولا شك أن البيديمنتات (المنحدرات الصخرية الهينه) والمراوح الرسوبية التي تحف بالأراضي الصحراوية المرتفعة ، تعتبر مناطق نموذجية لتشكيل الفياضانات الغطائية أما عقب سقوط أمطار محلية غزيرة ، أو من تحول فيضانات الأودية التي تبزغ من مخارج خوانق الأودية المتجاورة .
    ويختلف الجريان المائي هنا عنه في الأنهار . ذلك أن الفيضانات الغطائية لا تحوى طبقة سميكة عميقة متجانسة منتظمة من المياه تتدفق بسرعة ثابتة مطردة لكنها تبدو في هيئة شبكة شديدة التعقيد من "الجداول" و "الغدران" العالية السرعة . وعادة ما ينطبع هذا النمط المشبك أو المتشابك لتلك الجداول والغدران فوق طبقة الفتات الصخري التي تنساب عليها الفيضانات الغطائية .
    ولقد كان تحديد الدور الجيومورفولوجي للفيضانات الغطائية محل خلاف ونقاش . وذهب بعض الكتاب القدامى إلى تأكيد أهمية الفيضانات الغطائية كعوامل نحت ، وتقوم بتخفيض أسطح البيديمنتات الصخرية والمراوح الرسوبية . كما اعتقد ماك جي نفسه بأن انتشار وجود المساحات الممهدة التي يقترب سطحها من الاستواء في الصحاري ، إنما تعكس فعالية تأثير الفيضانات الغطائية .
    والواقع أننا لا يمكن أن نشاهد الفيضانات الغطائية أو للحظ وجودها إلا حينما قد تم بالفعل تمهيد الأرض وتسوية سطحها ، وتبعا لذلك فإنه يبدو من المرجح ، أن الفياضانات الغطائية إنما تنشأ من تواجد البيديمنتات والظواهر المشابهة لها ، فهي لا تقوم بتشكيل تلك الظواهر في المراحل الأولى .
    وقد رأى وليم موريس ديفيز Davis وآخرون أن الفيضانات الغطائية تقوم أساسا بوظيفة النقل ، فهي تحمل المواد المفتته الدقيقة الحبيبات من واجهات المرتفعات ، عبر البيديمنتات ، إلى نطاق الارساب في هوامش البيديمنتات . وتبعا لذلك فإنه يمكن اعتبار البيدمنت منحدر نقل Slope of Transportation ، تنشط من فوقه الفيضانات الغطائية في القيام بوظيفة النقل .
    ويذكر ديفز أن البيديمنتات تفقد أحيانا كل ما يغطيها من رواسب وحينئذ تحل فيضانات الأودية Stream Floods محل الفيضانات الغطائية ، فينشط النحت الرأسي حينئذ ، وتتمكن فيضانات الأودية من تحديد سطح البيديمنت الصخري الصلد وتحويله إلى شبكة من الجداول الخانقية ، وفي النهاية تتلاشى تضاريس الأراضي المحصورة بين هذه الجداول الخانقية عن طريق النحت الجانبي الذي تقوم به فيضانات الأودية وتبعا لذلك تعود الفيضانات الغطائية إلى التشكيل تارة أخرى فوق سطح صخري أملس . وبهذا يتم تخفيض سطح البيديمنت أو إعادة تعادله ، بعد تعاقب فترات فعل وتأثير كل من الفيضان الغطائي وفيضان الوادي
    ويبدو لنا مما سبق أن كثيرا من الدراسات التي تمت بخصوص فعل المياه في الصحاري ، قد قام بها بحاث أمريكيون وأخصهم ماك جيMc Gee (1897)7 و لوسون Lawson (1915)5 ، و ديفيز Davis (1938)8 ، و بريانBryan (1936)6 ، و جونسونJohnson (1932)2 ، في الإقليم الجنوبي الغربي الجاف من الولايات المتحدة . ونحن نرى مع بيلPeel (1966)6 أن ذلك الإقليم لا يعد في الواقع نموذجا مثاليا للأرضي الجافة في العالم .
    ورغم أن بيل درس أجزاء من الصحراء الليبية ، وأشار إلى حدوث الفياضانات الغطائية فيها إلا أنه بالقطع وصف ما يحدث عند هوامشها . إن الاعتقاد السائد بأن معظم تساقطات المطر في الجهات الصحراوية يتصف بالغزارة الشاذة لا تسنده المشاهدات الفعلية كلها كما وأن تلك المشاهدات ذاتها ليست بالكثرة المطلوبة .
    أنه ليس من شك في أن العواصف الاستثنائية تحدث في الصحاري لكن حدوثها ينحصر على الخصوص في هوامش الصحراء ، وفوق المرتفعات التي تحف بها ، و نندر في داخليتها . ولقد نجد أمثلة عديدة متكررة للعواصف المطيرة وما يصاحبها ويعقبها من جريان سطحي في صورة فيضانات أودية أو في هيئة فيضانات غطائية في مشارف مرتفعات البحر الأحمر في صحراء شرق مصر وشرق شمال السودان ، لكن ليس في داخليه صحراء مصر الغربية .
    ونصادف أمثلة أخرى في مشارف الساحل الليبي حيث تسقط أمطار شتوية في جنوبي برقة في الشرق ، وفي جنوبي الجبل الطرابلسي في الغرب ، وعلى أبعاد لا تزيد كثيرا على مائة كيلو متر (جودة 1972 ، 1975) . أو في أقصى الجنوب من مشارف هضاب تيبستي حيث تسقط أمطار صيفية (أنظر بلومي و بارث 1975 ، جودة 1975) .
    وكذلك الحال في صحراء شبة الجزيرة العربية ، وقد توفر على دراستها أيضا الأستاذ بلومي Blueme في عامي 1975 – 1976 وجودة في عام 1974 .
    انه ليبدو واضحا أن أصقاعا شاسعة من داخلية الصحراء الكبرى الأفريقية ، ومن قلب شبه الجزيرة العربية ، حيث الجفاف المفرط ، لا ترى العواصف الماطرة إلا فيما ندر ، وتبعا لذلك فإن فعل الماء الجاري فيها لذو أهمية ضئيلة في وقتنا الحاضر . لكننا نؤمن بجريان سطحي مؤثر في جميع أجزاء هذه الأراضي الجافة أبان العصر المطير (1980) .


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
يعمل...
X