إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الروائي الليبي ((إبراهيم الكوني )) وروايته ((من أنت أيها الملاك؟))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الروائي الليبي ((إبراهيم الكوني )) وروايته ((من أنت أيها الملاك؟))

    الروائي الليبي ((إبراهيم الكوني )) وروايته ((من أنت أيها الملاك؟))


    من أنت أيها الملاك؟- لإبراهيم الكوني ... الصراع بين الفرد والسلطة في نسخته العربية
    ينخرط الكاتب الليبي إبراهيم الكوني منذ نحو أربعة عقود في ورشة إبداعية مستمرة تمخضت عن زهاء سبعين كتاباً تتوزع على حقول إبداعية ومعرفية مختلفة، وتعكس غزارة في الإنتاج قلّ نظيرها على المستويين العربي والعالمي. وتأتي الرواية في مقدم هذه الحقول فيربو ما أصدره من روايات على نصف نتاجه الإبداعي، وتكون رواية «من أنت أيها الملاك؟» (سلسلة الكتاب المجاني الذي تصدره مجلة «دبي الثقافية») الرواية الخامسة والثلاثين ما يشي بإنتاجية روائية كبيرة، تضع صاحبها في موقع متقدم على خريطة الإبداع الروائي، العربي والعالمي.
    يرصد الكوني في روايته الجديدة طبيعة العلاقة بين من يُفترض أنه المواطن والدولة بنسختها العربية، ويقاربها بأسلوب روائي هجين يختلط فيه الحياتي بالحكائي، والواقعي بالأسطوري، والمألوف بالغرائبي، والموضوعية بالمبالغة. وبنتيجة الرصد والمقاربة تتمظهر العلاقة في صراع غير متكافئ، يقوم الأقوى فيه بقمع الأضعف وسحقه وإخراجه من الزمان والمكان ودفعه الى العودة الى مرحلة ما قبل الدولة، ما قبل العمران. فالمواطن في الرواية مفهوم غيبي وغير واقعي وغير موجود بالفعل، والدولة مفهوم أسطوري، تحت ارضي وغير واقعي. وهكذا، ففي الوقت الذي يُتوقع من الدولة أن تعترف بالمواطن وتضمن حقوقه الطبيعية والمكتسبة تقدّم الرواية دولة قامعة ترفض الاعتراف بالمواطن، وتروح تصادر حقوقه واحداً تلو الآخر، وتخرجه من التاريخ والجغرافيا ليعود الى مرحلة ما قبل الدولة ويدفع ثمن هذه العودة غالياً.
    يتمثل الطرف الأول في الصراع بـ «المواطن» مسّي ذي الأصول الصحراوية الذي يحفظ ناموس الصحراء عن ظهر قلب وقد ورثه أباً عن جد. ويتمثل الطرف الثاني «الدولة» بالسجل المدني وبعض الدوائر الإدارية والأمنية. وتكون البداية في هذه العلاقة - الصراع رفض الدولة - السجل المدني الاعتراف بأبسط حقوق المواطن وهو الحق في الاسم والهوية، فيرفض موظف السجل المدني تسجيل شهادة ميلاد يوجرتن ابن مسّي بحجة غرابة الاسم وما يمكن أن تشكّله الأسماء الغريبة من خطر مزعوم على سيادة الدولة. وتروح تنمو هذه البداية في مشاهد روائية متعاقبة تتمظهر في حوارات روائية رشيقة في النصف الأول من الرواية، ويطغى السرد على الحوار في النصف الثاني في إشارة للبنية الروائية الى وصول الحوار الى طريق مسدود.
    في المشاهد الروائية المتعاقبة، المتجاورة، ثمة معركة بين طرفين غير متكافئين، فمن جهة، ثمة مواطن - مواطنون يعاني صنوف التجاهل والإذلال والقمع وعدم الاعتراف ومصادرة حقوقه في الأطر السلطوية المختلفة: السجل المدني، المستشفى، الدائرة الإدارية، الدائرة الأمنية والمدرسة الابتدائية. وتترجم هذه الصنوف في رفض تسجيل شهادة ميلاد الابن، ومصادرة هوية الأب، وعدم قبول الابن في المدرسة، وإيصاد أبواب العمل في وجه الأب. وتبلغ المواجهة ذروتها في انتهاك مقدسات الأب وأسلافه وسرقة كنوز الأم - الصحراء بتواطؤ بين رجال السلطة والدخلاء الأجانب والابن العاق ما يجعل الأب يقرّر العودة الى أمّه الصحراء بعد تصفية الحساب مع الابن الخائن الذي ضحى في سبيله بأغلى ما يملك وهو العهد الذي قطعه للرب بالمحافظة على الصحراء.
    من جهة ثانية، ثمة شبه دولة تمارس مصادرة الحقوق الطبيعية والمكتسبة. وتزعم عبر موظفيها تقاسم السلطة مع الرب، «الرب سلطان بالغفران في السماء، ونحن أرباب بالقمع على الأرض»، يقول أحدهم (ص 83، 84)، وتتواطأ مع الأجنبي على نهب خيرات الصحراء وانتهاك حرمتها، وتهجّر مواطنيها من وطنهم.
    على ان العنصر المفاجئ في هذا الصراع هو قيام الابن الذي هو ضحية تعنت السلطة ومزاجيتها بالتواطؤ مع هذه السلطة وقتل الأب مجازياً وقتل الأم - الصحراء بالخروج على ثقافتهما وناموسهما. ويبلغ القتل الذروة بارتكابه فعل الخيانة فيرشد الأجانب الى الحجر المقدس الذي ائتمنه عليه الأب ما يثير حفيظة الأخير فيقتل الابن مادياً ليتسنى له التطهّر من خطيئته والعودة الى أمه الصحراء نقياً، مكفّراً عن ذنب ارتكبه في سبيل ذرية عاقة.
    في هذا الصراع الذي يتمظهر في علاقة تضاد بين ثنائيات متعددة: المواطن والدولة، الصحراء والعمران، الأخلاق والقانون الوضعي، الحق والسلطة، الطبيعة والصناعة... لا يبدو إبراهيم الكوني محايداً، لكنه يعلن انحيازه المطلق الى الطرف الضعيف في المعادلة فيقوم بتعرية السلطة وأدواتها وأساليبها ويعري الفساد الإداري والظلم والقمع والاستبداد والتخلف والعيش تحت الأرض وخارج التاريخ بلغة ساخرة تمنح أدوات السلطة وموظفيها وتبالغ في تصوير نقائصهم ومثالبهم وكأنه بذلك ينتقم لضحايا هذه السلطة ومظلوميها. كما يترجم انحيازه من خلال منح الضحايا أسماء وملامح وأبعاداً في النص تعويضاً عمّا حرمتها إياه السلطة في الحياة. وفي المقبل يحجب التسمية عن موظفي السلطة وأدواتها ويبقيها مجرّد شخصيات غامضة بلا ملامح أو يمسخها بلغة ساخرة كاريكاتورية فينتقم بذلك منها بحجب التسمية عن هذه الأدوات، وبالاكتفاء بمنحها أسماء جنس ساخرة من قبيل: الكاهن، العصابة، خليفة رب الأرباب، المخلوق المهيب، داهية الأسماء، داهية التشريع... وتأتي الأمكنة الروائية التي تمارس فيها هذه الأدوات أعمالها فوق الأرض - المحفل وتحتها - المتاهات والدهاليز لتضفي على الدولة بعداً أسطورياً تحت أرضي ينحدر عن واقعية الحياة اليومية ولا ينتهي الى حركة التاريخ. وهي أمكنة تنسجم مع الأحداث التي تدور فيها ومع دور السلطة وتخلّف أدواتها.
    هذه الأحداث يســوقها الكـــوني في خمـــسة وثلاثين مشـــهداً روائياً، متجاوراً، متعاقباً، تنخرط معظمها في علاقـــات ترابط وتـــسلـــسل وتــجاور وتعاقب مما تعرفه جمـــاليات الرواية التقــليدية والحديثة. غير أن بعض المـــشاهد يمـــتلك نوعاً من الاســـتقلال الذاتي ما يجعله يقترب من القـــصة القصيرة، فكأننا إزاء مجموعة قصــص قصيرة متجاورة يربط بينها خيط الشخصية الروائية ومساهمتها في نمو الحدث على رغم استقلالها النســـبي. والمشـــاهد جميعها منسوجة بلغة روائية رشيقة، حارة، سلسة، مرنة، تجعل المادة الروائية مثيرة للفضول، حرية بالمتابعة. وإبراهيم الكوني معلِّم في هذا الكار.


    الحياة

  • #2
    رد: الروائي الليبي ((إبراهيم الكوني )) وروايته ((من أنت أيها الملاك؟))

    شكرا لكى دائما تبحثى عن الجديد تحية لكى أختى رحاب على إختيارك للمواضيع
    http://samypress.blogspot.com
    http://samypress.yoo7.com

    تعليق

    يعمل...
    X