إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بعد منع كتاب شريف صالح ((نمارس ثقافة المنع والحرق والتجسس بكفاءة ))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بعد منع كتاب شريف صالح ((نمارس ثقافة المنع والحرق والتجسس بكفاءة ))

    شريف صالح بعد منع كتابه في معرض الكويت:
    نحن نمارس ثقافة المنع والحرق والتجسس بكفاءة نُحسد عليها
    حاوره: إبراهيم محمد حمزة

    لم يكد ' شريف صالح ' يشعر بالفرح بمجموعته القصصية ' مثلث العشق' الصادرة عن ' دار العين للنشر' في مصر، حتى تلقى خبر منع الكتاب من المشاركة في معرض الكويت الدولي للكتاب، ورغم أن شريف يعمل صحافيا في جريدة ' النهار' الكويتية، فقد طالته يد الرقابة بامتياز ..' القدس العـربي' تحاور شريف صالح:

    مجتمع متحرر

    * هل أدهشك خبر منع مجموعتك ' مثلث العشق' من معرض الكويت للكتاب.. رغم خبرتك بالرقابة هناك؟

    * لا أزعم لنفسي خبرة معينة بالرقابات العربية، كل ما يمكن أن أستنتجه أنها رقابات عشوائية تخضع للمزاج والهواجس.. فبينما فتح الإنترنت الفضاء لكل شيء ما زال الكتاب العربي يعامل على الحدود أسوأ معاملة.. من ناحية تكاليف الشحن والانتظار الطويل في المرافئ والقراءة الرقابية المتعسفة التي لا تبالي حتى بإعادة النسخ إلى أصحابها ولا لإصدار أسباب المنع.. وتفضل حرق الكتب الممنوعة أو ' الملعونة' حرقا أمينا لضمان عدم وصولها إلى القارئ العربي وإفساد ذوقه وتخريب عقله! فنحن نمارس ثقافة المنع والحرق والتجسس بكفاءة نُحسد عليها.. في مثل هذه الأجواء الفانتازية لا مجال للدهشة.. لذا أتعامل مع الأمر ببساطة.. فالكتاب مُتاح لدى الناشر في مصر وفي دول أخرى وعلى الإنترنت. ولا أظن أن هناك أسبابا محددة أو قانونية تجعله مصدر خطورة توجب منع وصوله للقراء في الكويت.. هذا الأمر ينطبق على معظم قوائم المنع التي انتهت في معارض الكتاب العربي.. إلى معارض لكتب الطبخ وتراث السلف.. مع تلك الروايات والدواوين الشعرية التي تم تداولها بما يكفي للتأكد من عدم خطورتها العقلية!

    * من خلال عملك في الكويت: هل يمكن تغيير مسمى ' معرض الكتاب إلى معرض ( منع الكتاب)'؟ وما رد فعل المثقف الكويتي على هذا المنع؟

    * المجتمع الكويتي يحظى بدرجة حرية ربما لا يحظى بها مجتمع عربي آخر، بالنظر إلى ما يدور في البرلمان من حوارات وفي الصحف وحل البرلمان وتغيير أكثر من حكومة.. لكن الوصول ـ سياسيا ـ إلى مستوى الديمقراطيات الغربية لن يتحقق بين يوم وليلة خصوصا أن مجتمعاتنا العربية ـ ثقافيا ـ ما زالت محكومة بالبنية القبلية والأبوية الدينية. لذلك لا أرى قرارات منع الكتب في الكويت مختلفة عما يجري في أي بلد عربي آخر.. إلا في كم الكتب والأسماء، لكن آلية العمل هي هي.. وكل ما نتمناه للكتاب العربي أن يحظى باحترام أكبر وسهولة في التنقل، وأن يكون قرار المنع وفق حكم قضائي.. يرفع القارئ المتضرر قضية فإذا حصل على حكم يُمنع الكتاب. لو طبقنا ذلك على كافة معارض الكتاب العربية فلن تمنع سوى كتب قليلة جداً. لكن المشكلة أننا نعيش وفق تعليمات شفهية وأوامر سرية وليس تحت مظلة قانون مدني واضح للجميع، والمسألة برمتها مرتبطة بإرادة سياسية ووعي مجتمعي. وما أقوله لا يختلف عن رأي معظم مثقفي الكويت الذين يتظاهرون سنوياً في معرض الكتاب ضد الرقابة.

    الأدب المكشوف

    * دارت قصص المجموعة في عوالم مختلفة، هل ما زال المجتمع الخليجي الذي صورته بعض القصص يخشى الفضح في هذا العالم المكشوف؟

    * كل مجتمع لديه حساسيته في كشف مستوره، خصوصا إذا جاء الكشف من شخص ' غريب' عن المجتمع. لكنني لا أتعامل مع الكتابة من هذا المنظور أصلاً.. أنتمي إلى المجتمع المصري بالقطع لكنني منفتح على بقية المجتمعات العربية.. ولا أجد بينها فروقاً جوهرية، لا في همومها الاقتصادية أو السياسية.. ولا حتى في النتاج الثقافي.. فنحن جميعا ككتاب عرب نتعامل مع لغة واحدة وثقافة واحدة متجاوزة حدود الدولة الجغرافية.. وبحكم العمل والحياة في الكويت ومن قبلها في مصر.. أكتب ما أشعر به دون تبني أي وجهة نظر مسبقة أو تحيزات ما.. أكتب من وحي التجارب المحيطة بي هنا وهناك. أخاطب القارئ العربي في كل مكان بغض النظر عن الجنسية التي يحملها أو لا يحملها.. وأتصور أن الكاتب العربي يكتب منحازاً إلى المجتمع العربي وليس لنيل الشهرة عن طريق التشهير به.


    * شكلت دائرة الاشتهاء والشبق مجالا لرفض المجموعة، كما ساهم الغلاف ذاته في الأمر.. هل الجسد هو الهاجس الأكبر لديك؟

    * في العالم كله التابوهات هي هي.. الدين والجنس والسياسة.. فمن الطبيعي أن تشتبك أي كتابة، وأي فن، وأي إبداع.. مع تلك التابوهات الثلاثة.. في محاولة للوعي بها.. لتجاوزها.. للتوازن معها.. وكما يختلف القراء في انشغالهم بهذا التابو أو ذاك، قد تختلف النصوص في إلحاح هذا التابو أكثر من غيره.. بهذا المعنى انشغلت النصوص نوعاً ما بالجسد أو بدهاليز العلاقة المعقدة بين الرجل والمرأة. لكن لا أعتبرها نصوصاً متخصصة في الجسد ولا أعتبر نفسي مولعاً بالكتابة في الجنس فقط.. أزعم أن للنصوص مستويات أخرى لا تغفل ما هو ديني وما هو سياسي. أيضاً لا تعرض الاشتهاء والشبق عرضاً تجارياً لترويج سلعة يقبل عليها المتلقي بل في سياق أزمة عميقة تؤطر علاقة الرجل والمرأة.

    من يقرأ

    * في حوار لك مع د. مصطفى صفوان قال ( الكاتب لدينا لا يكتب للناس.. بل يكتب لبقية زملائه الكتاب). هل وصلت إلى نفس القناعة؟ وهل أرضاك الشغف النقدي بالمجموعة؟

    * أستاذنا الجليل مصطفى صفوان محق في كلامه بالنسبة إلى عالمنا العربي.. فالكتاب في الغرب هم جزء من الناس وضمير المجتمع ويملكون تأثيراً كبيراً بمصداقيتهم وليس فقط بكتبهم ومقالاتهم.. أما الكاتب في العالم العربي فهو محكوم بعلاقته مع السلطة ورضاها عنه لينال الحوافز المختلفة.. لذلك، وعلى الأرجح علاقته مع الناس مقطوعة وفاقدة للمصداقية.. فهو يكتب للحصول على مناصب أو جوائز.. تساعد على ذلك نسب أمية مرتفعة جداً تتناسب مع سلطوية الأنظمة التي تفضل قطعاناً بشرية من الجهلة المكدودين وراء لقمة العيش.
    لا أنكر أن النصوص نالت حظاً لا بأس به من الاهتمام، من نقاد وكتاب وأصدقاء.. والبعض كتب عنها دون أي سابق معرفة بيننا وهذا أسعدني.. لكن تبقى مشكلتنا الأساسية أننا نعيش لحظة تاريخية لا تسمح للمواطن العربي بترف القراءة والاستمتاع بها، لأنه مواطن بائس محاصر بأرخبيل من الجهل والفقر والمرض والحروب والديكتاتوريات وتفاهات الفضائيات. بالتالي فنحن الكتاب نكتب لزملائنا، وربما نكتب للتسرية عن أنفسنا فقط.


    * من خلال المقالات والندوات التي أقيمت لـ ' مثلث العشق' في الكويت والقاهرة، سيطرت فكرة الجنس على الآراء.. وتغافل النقاد عن جماليات كثيرة، ما تعليقك؟

    * لا أستطيع أن أوجه أي ناقد للمدخل المناسب إلى النصوص.. وكل قراءة لأي ناقد هي قراءة تخصه في الأساس.. هي ثمرة تأويله وإسقاطاته وخبراته الخاصة في القراءة والتلقي وذائقته المتفردة. وأحترم كل قراءة في تعالقها مع النصوص ولو بشكل مضاد. فالبعض مثلا رأى أن ثيمة العلاقة بين الرجل والمرأة تكرر نفسها دون جديد أو إضافة.. والبعض الآخر رأى أن الثيمة تم التنويع عليها برهافة. مثلما تدخل إلى معرض تشكيلي يعمل على علاقة أساسية بين ضوء الشمس وكوب فارغ في عشر لوحات. فإذا أردنا الاختزال الشديد سنقول إن مئات الروايات تعالج علاقة الرجل والمرأة.. وإذا أردنا الاقتراب أكثر من عالم أي نص سنعثر حتماً على كلام آخر.

    * ماذا أمام الكاتب العربي ليكتبه؟

    * أتصور أننا البقعة الوحيدة في العالم التي تعاني من تناقضات رهيبة تصل إلى مأساوية كافكا وعبثية بيكيت وواقعية ماركيز السحرية.. ثروات لا حدود لها وفقر لا حدود له.. ديكتاتوريات كاريكاتورية.. حروب بلا معنى.. جامعات لإنتاج التخلف.. رجال أعمال ينهبون بلدانا كاملة.. مخازن هائلة لأسلحة بالمليارات لن تستخدم ضد أحد.. وهكذا.. لا أود أن أبدو متشائماً أو عنتريا.. لكن كم التغيرات والفانتازيات التي شهدها ويشهدها العالم العربي في ستين عاما مغرية جداً للكتابة والإبداع وملهمة لأقصى حد. لا أبالغ إذا قلت ان الواقع العربي ما زال أكثر ثراء من معظم النصوص، وما يحدث فيه يفوق بمراحل قدرتنا على التخيل والكتابة.

    * كيف ترى هامش الحرية المتاح حالياً؟

    * طالما أن الخطاب الرسمي ما زال يتحدث عن تضييق وتوسيع ' هامش' الحرية.. فنحن ما زلنا بعيدين عن الحرية ككلمة وفعل وممارسة ومسؤولية.. كل منا يقوم بمناورات على طريقته لكسر السقف الحديدي واختلاق أمل لحياة كريمة عادلة وحرة.


    على الهامش:

    ( شريف صالح صحافي وأديب مصري يعمل في الكويت في جريدة ' النهار'، حاصل على ماجستير في النقد المسرحي من أكاديمية الفنون، ويستكمل دراسة الدكتوراه، أصدر من قبل مجموعته ' إصبع يمشي وحده' عام 2007م ).
يعمل...
X