إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مروان عبد الحميد النسمة الهادئة - مظهر الحكيم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مروان عبد الحميد النسمة الهادئة - مظهر الحكيم

    أوراق الذاكرة والوجدان
    مروان عبد الحميد
    النسمة الهادئة
    مظهر الحكيم

    كلنا نعرف الرقة التي تأتي كالنسمة.. ونعرف الابتسامة الهادئة التي تأتي كانسياب جدول بماءٍ صافٍ. من نبع أسطوري.. روى الجميع عبر التاريخ..
    وكلنا نرى سيكارة كانت تحرق شفاه صاحبها. وهي ملتصقة بها.. كأنها جزء من شخصيته. ثبتت بلاصق. لا يفكها إلا صاحبها..
    ومن ير هذا الوجه. وهذا الهدوء. وهذه البسمة يعلم أنه أمام عملاق فني كبير مثقف. واثق مما يدور حوله... الفنان المخرج المؤلف الممثل [مروان عبد الحميد] كنت في القاهرة ولم أستطع أن أراه عندما كان يدرس الإخراج.. صادفت كل من كان معه. إلا هو... وفي دمشق بعد عودتي.. لم يسعفني الحظ أن أعمل معه من البدايات.. ولكن عندما احترفت وأصبحت هذه المهنة مهنتي... التقيت معه.. هدوء العاصفة كان مروان. واثق من كلمته دون أن ينظر إلى وجهك مباشرة.. يزرع الثقة بك. ويترك لك حرية التأمل... وسيكارته لا تفارق مبسمه...
    ووقفت كممثل تحت إدارته للعمل. راقبته بكل حرفة. تعلمت منه الهدوء والثقة وكممثل التقينا في الاستديو... لم يشعرني بأنه مخرج داخل الاستديو. كان زميلاً فقط ممثلاً... نسخته بيده لا تفارقه.. كسيكارته.. تعلمت حالة من حالات إلقائه. والوصول بحرفة الإلقاء إلى الأذن التي هي مرآة الممثل الإذاعي..
    مروان الراحل. المخرج. والممثل والمؤلف. كان حالة إبداع. حالة عطاء.. حالة لا حدود لها في الفن الإذاعي..
    مروان الراحل. رئيس دائرة التمثيليات. كان الأب. والصديق. وصاحب الكلمة. والقرار. وكل من عاشره أحبه. وكل من صادقه. أخلص له.. وعندما حاولوا أن يكسبوه في التلفزيون رفض.. وابتسم. وقال أنا هنا في الإذاعة مملكتي. هنا مسرحي. وتلفزيوني. وأفلامي.. هنا أجد نفسي ملكاً فلن أتحول إلى وزير.. [الجميع ابتسم لهذا التعبير وظنوا أنه إقلال من قيمة وشهرة التلفزيون] ولكنه بالنسبة إليه.. إحساس بصدق عطائه. لأن الإذاعة فن خاص.. من خلال هذا الصوت. ومن خلال جهاز الاستماع. ومن خلال أذن المتلقي. يجب أن ترى الصورة.. وصورة واضحة جلية.. ترى العجوز وهو يتكئ على عكازه.. وترى الشاب وهو يداعب حبيبته.. وترى الأب وهو يعتني بأولاده. وترى الجار وهو يتلصص على جيرانه. وترى اللحام. والخضري وبائع المازوت. وسائق التاكسي والباص.. وترى كل ما يدور حولك في البيت والطريق والوظيفة. تراه أمامك من خلال خيالك.. هذه صعوبة الإذاعة هذه الوسيلة الإعلامية.. التي ظلمت كثيراً عندما طل التلفزيون. هذا الجهاز الساحر. هذا الجهاز الذي استمدوه من خيال الظل... الذي كان شاشتنا في المقاهي والحارات القديمة والمدارس. خيال الظل الذي كان منبر الإعلام. ولسان حال الناس اجتماعيا وسياسياً وفكرياً. وكل ما يتعلق بأدبنا وثقافتنا.. ولكن بإطار كوميدي ساخر...
    وعندما قدمت حكايات كراكوز وعيواظ للتلفزيون أول من قال لي مبارك الأستاذ مروان. [برافو مظهر نقلت حالة فنية جميلة للتلفزيون].
    وبقينا في رحلتنا الجميلة. وكنت في الفترة نفسها بالمسرح العسكري وكان مديري النقيب محمد شاهين.. وفي إحدى الجلسات. قلت لشاهين. أرى تشابهاً كبيراً وهدوءاً مشابهاً للمخرج مروان.. ضحك وقال مروان أخي.. وقتها فقط علمت إنهم إخوة لكل عالمه وثقافته ولكنهم إخوة.. لا ادعاء ولا مبالغة لكل مدرسته مروان ملك في الإذاعة وشاهين ملك في المسرح ومن ثم في السينما..
    ويوماً من أيام الصيف. وكان مروان يحب السير يومياً.. وكثيراً من الأوقات يعود إلى المنزل سيراً على الأقدام يترافق مع من يحب السير معه..
    وكان منزله في شارع بغداد.. وأثناء عودته وهو يعبر الشارع. وسيارة قاتلة ظالمة يسوقها إنسان أهوج. تصدمه وتنطلق.. دون إحساس دون مشاعر دون حساب لإرادة الله... ومات مروان.. وترك تاريخه الإذاعي..
    غادرنا. دون رجعة. رافقناه إلى مثواه الأخير.. رحم اللـه مروان. وأطال عمر من بقي معنا ليتابع الرحلة..
يعمل...
X