صديقي والمنصب
من وحي صحفي
اتصلت بصديقي المدير الأسبوع الماضي لأمر هام، فأجابتني السكرتيرة من دون أن تعرف محدثها:
المدير غير موجود.
اقتنعت بالإجابة ثم اتصلت بعد ساعة فلم أجد صديقي في مكتبه، قلت: لعلَّ وعسى أن يكون في اجتماع مع إدارته العليا، فاتصلت بالإدارة مستفسراً فأجابوا بأنهم لم يروه منذ يومين.
عدت واتصلت به في المكتب مجدداً، وجاء الصوت كالعادة: السيد المدير غير موجود حالياً.
- هل هو خارج المديرية.
-في جولة.
قرابة الساعة الثالثة لم يكن قد حضر بعد من جولته العتيدة، وتكرر السيناريو في اليومين التاليين والنتيجة واحدة، فقلت في نفسي: ربما لايريد صديقي المدير أن يقابلني فقد سبق وكتبت عن تصرفات المديرين وربما يتجنب مقابلتي من باب
«ابعد عن الشر وغني له»
فالصحفيون بالنسبة لهم شر، وصيادون في الماء العكر والابتعاد عنهم غنيمة، لكن صديقي وكما أعرفه!! غير ذلك وينظر إلى الإعلاميين بإيجابية، وأمام هذه الفكرة قررت أن أزوره من دون موعد سابق.
سألت عامل الاستعلامات: هل عاد المدير من جولته؟
رد من دون تفكير: لم يخرج من المديرية اليوم!!!.
قلت للسكرتيرة: أريد أن أقابل حضرته وقد جئت من دون موعد..
بعد دقائق وبإلحاح مني دخلت إليه وعادت مسرعة..
- تفضل الأستاذ بانتظارك.
- ألم تنته جولاتك بعد، قلت لصديقي المدير: اتصلت بك مراراً منذ أسبوع ولم أحظ بسماع صوتك، فلا تنس ياصديقي أنك قاب قوسين أو أدنى من التقاعد.
-ضغط العمل، سأعاقب السكرتيرة وكل العاملين في المكتب، لم يقولوا لي أنك اتصلت بي، تصور أنهم خربوا علاقاتي مع الناس..
وابتسم صديقي المدير ابتسامة صفراء، وهو يعرف أنه لايقول الحقيقة وأن اختباءه من مقابلة الناس ليس سوى تهرب من واجباته ومسؤولياته تجاههم، متناسياً أن زوار المصالح سينفضّون عنه بعد التقاعد ولن يبقى له إلا الأصدقاء والمحبون الحقيقيون.
تعليق