إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عندما تلعب إيران على كل الحبال!! * ياسر الزعاترة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عندما تلعب إيران على كل الحبال!! * ياسر الزعاترة

    انتقد قائد القوات الأمريكية وقوات حلف الأطلسي في أفغانستان ، الجنرال ستانلي مكريستال إيران بدعوى تدريبها لعناصر من حركة طالبان الأفغانية ، وقال إن لديه أدلة واضحة على ذلك ، لكن الجنرال لم يجد غير الإقرار بأن طهران عادة ما تقدم الدعم للحكومة الأفغانية في قتالها مع الحركة.

    وفي حين رفضت إيران هذه الاتهامات مصرة على أن مصلحتها تكمن في أمن جارتها ، إلا أن من الصعب تصديق ذلك ، والسبب هو أن استمرار المأزق الأمريكي في أفغانستان يشكل محورا أساسيا في سياسات طهران في ضوء استمرار التهديد الأمريكي الإسرائيلي لمشروعها النووي.

    عندما يتحدث المحللون والسياسيون الأمريكيون عن تداعيات ضربة إسرائيلية محتملة للمنشآت النووية الإيرانية ، فإنهم يشيرون بشكل واضح إلى تهديد إيران المباشر للجنود الأمريكان في العراق وأفغانستان ، وهو أمر صحيح من دون شك ، الأمر الذي ينطبق بقدر ما على تداعيات اندلاع انتفاضة جديدة في فلسطين بمستوى انتفاضة الأقصى.

    في المقابل يدرك الإيرانيون ذلك تمام الإدراك ، وكم من مرة قال سياسيوهم إن الجنود الأمريكان في العراق وأفغانستان هم بمثابة رهائن بيد إيران ، وهو ما يذكّر بجنون قيادة بوش الابن الذي وضع العراق بيد إيران ، فيما ترك بلاده أسيرة وضع بائس في أفغانستان.

    يشير ذلك إلى سياسة إيرانية بالغة الذكاء ، سيصنفها البعض محقا بأنها نوع من الانتهازية أو اللعب على سائر الحبال ، ولذلك لا غرابة في أن تجد عددا من فصائل المقاومة العراقية تؤكد لك بالوقائع ، وتقسم لك أغلظ الأيمان بأن القاعدة في العراق هي منتج إيراني ، وأقله تتلقى دعما إيرانيا واضحا. وفي حين يصعب تمرير ذلك من حيث التحليل بسبب حجم التناقض بين الطرفين ، والأهم تبعا لما يعنيه ذلك بالنسبة لحلفاء إيران في العراق ، إلا أن شكلا من أشكال التسامح الإيراني مع حركة بعض أعضاء التنظيم دخولا وخروجا من العراق لا يبدو مستبعدا ، وذلك ضمن ذات الرؤية المتعلقة بالإبقاء على المأزق الأمريكي في العراق.

    والحق أن الدعم الإيراني لحركة طالبان إن صحّ سيكون عملا جيدا إلى حد كبير ، إذ لا مصلحة للأمة في إنقاذ امريكا من مأزقها هناك ، في ذات الوقت الذي تستحق فيه حركة طالبان الدعم ، هي التي تقاوم احتلالا أجنبيا لبلادها ، فضلا عن أن مواقفها أفضل بكثير من مواقف كرزاي وحكومته على مختلف الأصعدة.

    أما في الساحة العراقية ، فلا تبدو مواقف إيران مثيرة للاحترام بسبب تركيزها على البعد الطائفي ، وإصرارها على تهميش العرب السنة الذين اضطروا عمليا إلى الارتماء في حضن الأمريكان ، مع أن الخطاب الذي أفضى إلى ذلك ممثلا في تقديم الخطر الإيراني على الخطر الأمريكي لم يكن موفقا ، إذ لم ينجح في تحجيم النفوذ الإيراني ، بينما شطب المقاومة التي كان بوسعها تحرير العراق بشكل كامل وليس عبر اتفاقات أمنية بائسة ، في ذات الوقت الذي كان بوسعها تصحيح الوضع القائم الذي صاغه الغزاة بروح المحاصصة ، وبروحية سيطرة فريق بعينه على كل شيء في البلد.

    من الصعب الجزم بمصير هذا الذكاء الإيراني ، أو هذه الانتهازية الإيرانية وفق رؤية أخرى ، لأن المعركة لا تزال طويلة ومستمرة ، فالإصرار الأمريكي على شطب مشروع إيران النووي لحساب الدولة العبرية لم يتغير ، في حين يُستبعد أن تقبل واشنطن بترك العراق بالكامل للنفوذ الإيراني ، أما أفغانستان فحكايتها طويلة أيضا ، والحوار مع طالبان ليس مستبعدا ، وهذه الأخيرة مؤهلة للتناقض مع إيران أكثر من الانسجام معها.

    في المقابل لا يُعرف كيف ستتعامل إيران مع الصعود التركي في المنطقة ، لا سيما أن أنقرة قد أخذت تشعر مؤخرا بوجود قدر من المذهبية الواضحة في السلوك السياسي الإيراني ، الأمر الذي لم يكن سياسيوها يحسونه من قبل.

    هو مخاض حقيقي في المنطقة ، تشكل إيران محورا رئيسا فيه ، ولو كان الوضع العربي الرسمي بعافية معقولة ، لكان بالإمكان التوصل إلى تفاهمات مع إيران وتركيا في ظل قواسم مشتركة كثيرة. تفاهمات تحجّم طموحات الأولى في ذات الوقت الذي توفر مسارات تخدم الجميع على مختلف الصعد ، فيما تدير الظهر للولايات المتحدة وتضع حدا للغطرسة الإسرائيلية.
يعمل...
X