ليس أحلى من طعم الماء فى فم العطشان .
إنه أحلى من العسل والخمر .
وأحلى من القبلة .
وأغلى من مليون دينار .. بل أغلى من كل ذهب الأرض بالنسبة
لرجل يموت من الظمأ .
ولا شئ يعدل قطرة الماء فى تلك اللحظة .. إنها اللؤلؤ المذاب
والماس السائل والياقوت الحر .. والجنة .
ويكاد العطشان يحس بطعم الماء يتسرب إلى كل خلية من
خلاياه .. وكأن كل خلية تشرب على حدة وتنتعش وترقص وتترنح فى
نشوة وتفيق من غيبوبة .
ولا نكاد نجد فى اللغة كلمة تعبر فى صدق وبلاغة عن طعم ذلك
السائل الذى يقولون عنه كذباً إنه بلا طعم وبلا لون وبلا رائحة .
بل إن طعمه أعجب الطعم .
وإن طعمه لهو طعم الحياة ذاتها . وطعم البعث والقيام من الموت
ولهذا لا ندهش إذا قرأنا فى التاريخ أن الماء كان إلهاً يعبد فى الأديان
القديمة .
أما العلم فيقول لنا إن الماء هو أعجب المركبات على الإطلاق
فأكثر من ثلثى الجسم الحى بالوزن مؤلف من الماء .
وثلاثة أرباع سطح الأرض مغطى بالماء .
وعندنا 325 مليون ميل مكعب من الماء فى المحيطات وجليد
القطبين .. وثلاثة آلاف ميل مكعب من الماء معلق فى السماء على
شكل بخار , و2 مليون ميل مكعب من الماء فى جوف الأرض .
وبعض الكائنات تستطيع أن تعيش بلا هواء . ولكن لا يوجد
كائن واحد حى يمكن أن يعيش بلا ماء .
والماء الذى تقول عنه الكيمياء إنه بلا لون وبلا طعم وبلا رائحة
تعود فتصفه بأن له أعجب وأخطر الخواص فى دنيا المركبات .
فجميع السوائل تنزل إلى تحت بالجاذبية الأرضية إلا الماء فهو يصعد إلى
فوق ضد الجاذبية (( بالخاصة الشعرية )) , وبهذا هيأته طبيعته ليصعد فى
جذوع الشجر والنخيل والنبات إلى أى مدى من النماء .. ولولا ذلك
لما ارتفعت ساق خضراء فوق الأرض .
وجميع السوائل تنكمش بالبرودة وتزداد فى الوزن إلا الماء ,
فهو يتجمد بالبرودة , ويخف فى الوزن .. ولذلك أمكن لصفائح الجليد
البارد أن تطفو وتغطى مياه القطبين وتحفظ المياه تحتها دافئة (( بالعزل ))
صالحة لحياة الأسماك والحيتان , ولولا ذلك لماتت الحياة البحرية فى
الشتاء وتحولت البحار إلى جماد مهلك .
والماء بحسب تركيبه الذرى كان لابد له أن يتجمد فى درجة
مائة تحت الصفر ويسيل فى درجة تسعين تحت الصفر , هكذا تقول لنا
علومنا الذرية .. وكان معنى هذا ألا يتواجد فى ظروف الأرض إلا على
هيئة بخار .. ولكن الذى حدث أنه يتجمد فى الصفر ويغلى فى مائة ,
وبهذا أمكن له أن يتواجد فى المكان الواحد من الأرض على هيئاته
الثلاث , بخار , وسائل , وصلب , وهو أمر حيوى آخر كان لابد من
توافره لتقوم على الأرض حياة .
والماء هو السائل الوحيد الذى يملك قدرات خرافية على إذابة
الأشياء والتفاعل معها .. فهو يأكل الحديد. والصخر .. ونصف
المركبات المعروفة وجدت ذائبة فى الماء.
والجزئ المائى كما يشرحه لنا علم الطبيعة الجزئية هو الآخر
جزئ خارق مدهش .. فالأكسوجين ملتحم بالأيدروجين على طريقة
العاشق والمعشوق , والذرتان داخل بعضهما فى بعض .. والإلكترون
الوحيد فى ذرة الأيدروجين داخل فى ذرة الأكسوجين , وله وظيفة فى
مدارها .. مما أدى إلى استقطاب الجزئ استقطاباً كهربائياً فأحد طرفى
الجزئ موجب (( وهو الطرف الأديروجيني )) . والطرف الآخر سالب
(( وهو الطرف الأكسوجيني )) .
وهذه الصفة العجيبة جعلت من الجزئ شيئاً أشبه بمغناطيس
وجعلت الجزيئات تتماسك بشدة وتتجاذب كما تتجاذب عدة من
المغناطيسات , مما أدى إلى ظاهرة التماسك السطحى التى نسميها ظاهرة
التوتر السطحى للماء Surface Tention فيمكنك أن تضع شفرة حلاقة من
الصلب برفق فوق سطح الماء فتطفو بسبب هذا التماسك السطحى الذى
لا يسمح لشئ باختراقه . وتكهرب الجزيئات المائيه هو الذى يفسر
الخاصة الشعرية Capillarity وهى الخاصة التى يتسلق بها الماء إلى
أعلى ضد الجاذبية , والواقع أنه يتسلق بالجذب المغناطيسي بين ذراته
وبين جدران الأوعية الشعرية . وبالتالى يجذب السطح المائى كله معه
(( لأن السطح كله متماسك )) .
وهذه الصفات الكهربائية للجزئ هى السر فى قدرة الماء الخرافية
على الإذابة .. لأن الطرف الموجب للجزئ يشد إليه الشق السالب من
أى مادة , والطرف السالب يشد إليه الشق الموجب فتنحل المادة إلى
شقيها السالب والموجب , وهو ما نسميه بالأيونات السالبة والموجبة
وتتأين المادة .. أو تذوب بلغتنا الدارجة .
وربما كان أعجب ما فى الماء قدرته على خزن وتصريف
الحرارة . وكلنا نعلم من خبراتنا العادية أن قضيباً ساخناً من الحديد يمكن
أن يبرد فى ثوان على حين يظل الماء ساخناً فى البانيو ساعات قبل أن
يعود إلى برودته.
وهى صفة تصبح حيوية جداً حينما نعلم علاقة تبادل الطاقه بين
مياه المحيطات والشمس .
فالمحيطات هى الغلاية اليومية التي تسخنها الشمس فتتبخر مياه
المحيطات بالحرارة وتصعد إلى السماء .. ثم إلى أعلى .. إلى أجواء
السماء الباردة فتتكثف سحباً . ثم تهطل أمطاراً , ثم تسيل أنهاراً
لتصب فى المحيطات من جديد .
دورة مائية يومية .
وتبلغ الطاقة الشمسية الحرارية المستخدمة فى هذه الدورة فى اليوم
الواحد أكثر من كل ما أنتج الإنسان من طاقة خلال تاريخه كله .
والذى يقتنص هذه الطاقة ويصرفها ويوظفها هو جزئ
الماء العجيب .
والماء يتبخر من المحيطات ثم يعود إلى المحيطات من جديد فى كم
كلى ثابت لا ينقص ولا يزيد .. وهذه معجزة أخرى .. فمنذ ثلاثة
آلاف مليون سنة منذ بدء الماء على الأرض وكميته ثابتة لا تزيد
ولا تنقص .. وربما كان الماء الذى تصنع منه اليوم كوباً من الليمونادة
هو نفس الماء الذى استحمت به كليوباترة , وهو ذاته الذى تمضمض
به خوفو من آلاف السنين .
والماء الذى اقتنص الطاقة من الشمس يعود فيصبح مصدراً
للطاقة وتنظيم الطقس .. ثم يعود فيصبح مصدراً للطاقة من باب آخر
هو مساقط الماء والشلالات والقناطر والسدود .
والماء هو النحات اليومي الذى يقوم بتشكيل القارات
والشواطئ والسواحل , ويقوم بحفر مجارى الأنهار وقيعان البحيرات ,
وهو الرافعة السحرية التى تنقل الجبال وتمهد الوديان.
هذا ما يقوله علم الطبيعة والكيميا والجيولوجيا عن الماء .. وما تراه
العين المجردة من شأن الماء .
أما فى مجال البحث المجهرى وما يراه الميكروسكوب فى نقطة الماء فهو
الأمر المدهش والمثير .
فنقطة ماء من مستنقع تحتشد فيه عدة آلاف من أصناف الأحياء
وعدة ملايين من الكائنات الدقيقة من فيروسات وبكتريا وفطر
وطحلب .. شعوب وممالك وأمم من الكائنات يأكل بعضها بعضاً
وتتعايش وتتعامل وتتنافس وتتسابق .. وكل ذلك فى نقطة ماء من
مستنقع على كوكب هو ذاته أصغر من هبأة فى الكون الواسع .
إنه أحلى من العسل والخمر .
وأحلى من القبلة .
وأغلى من مليون دينار .. بل أغلى من كل ذهب الأرض بالنسبة
لرجل يموت من الظمأ .
ولا شئ يعدل قطرة الماء فى تلك اللحظة .. إنها اللؤلؤ المذاب
والماس السائل والياقوت الحر .. والجنة .
ويكاد العطشان يحس بطعم الماء يتسرب إلى كل خلية من
خلاياه .. وكأن كل خلية تشرب على حدة وتنتعش وترقص وتترنح فى
نشوة وتفيق من غيبوبة .
ولا نكاد نجد فى اللغة كلمة تعبر فى صدق وبلاغة عن طعم ذلك
السائل الذى يقولون عنه كذباً إنه بلا طعم وبلا لون وبلا رائحة .
بل إن طعمه أعجب الطعم .
وإن طعمه لهو طعم الحياة ذاتها . وطعم البعث والقيام من الموت
ولهذا لا ندهش إذا قرأنا فى التاريخ أن الماء كان إلهاً يعبد فى الأديان
القديمة .
أما العلم فيقول لنا إن الماء هو أعجب المركبات على الإطلاق
فأكثر من ثلثى الجسم الحى بالوزن مؤلف من الماء .
وثلاثة أرباع سطح الأرض مغطى بالماء .
وعندنا 325 مليون ميل مكعب من الماء فى المحيطات وجليد
القطبين .. وثلاثة آلاف ميل مكعب من الماء معلق فى السماء على
شكل بخار , و2 مليون ميل مكعب من الماء فى جوف الأرض .
وبعض الكائنات تستطيع أن تعيش بلا هواء . ولكن لا يوجد
كائن واحد حى يمكن أن يعيش بلا ماء .
والماء الذى تقول عنه الكيمياء إنه بلا لون وبلا طعم وبلا رائحة
تعود فتصفه بأن له أعجب وأخطر الخواص فى دنيا المركبات .
فجميع السوائل تنزل إلى تحت بالجاذبية الأرضية إلا الماء فهو يصعد إلى
فوق ضد الجاذبية (( بالخاصة الشعرية )) , وبهذا هيأته طبيعته ليصعد فى
جذوع الشجر والنخيل والنبات إلى أى مدى من النماء .. ولولا ذلك
لما ارتفعت ساق خضراء فوق الأرض .
وجميع السوائل تنكمش بالبرودة وتزداد فى الوزن إلا الماء ,
فهو يتجمد بالبرودة , ويخف فى الوزن .. ولذلك أمكن لصفائح الجليد
البارد أن تطفو وتغطى مياه القطبين وتحفظ المياه تحتها دافئة (( بالعزل ))
صالحة لحياة الأسماك والحيتان , ولولا ذلك لماتت الحياة البحرية فى
الشتاء وتحولت البحار إلى جماد مهلك .
والماء بحسب تركيبه الذرى كان لابد له أن يتجمد فى درجة
مائة تحت الصفر ويسيل فى درجة تسعين تحت الصفر , هكذا تقول لنا
علومنا الذرية .. وكان معنى هذا ألا يتواجد فى ظروف الأرض إلا على
هيئة بخار .. ولكن الذى حدث أنه يتجمد فى الصفر ويغلى فى مائة ,
وبهذا أمكن له أن يتواجد فى المكان الواحد من الأرض على هيئاته
الثلاث , بخار , وسائل , وصلب , وهو أمر حيوى آخر كان لابد من
توافره لتقوم على الأرض حياة .
والماء هو السائل الوحيد الذى يملك قدرات خرافية على إذابة
الأشياء والتفاعل معها .. فهو يأكل الحديد. والصخر .. ونصف
المركبات المعروفة وجدت ذائبة فى الماء.
والجزئ المائى كما يشرحه لنا علم الطبيعة الجزئية هو الآخر
جزئ خارق مدهش .. فالأكسوجين ملتحم بالأيدروجين على طريقة
العاشق والمعشوق , والذرتان داخل بعضهما فى بعض .. والإلكترون
الوحيد فى ذرة الأيدروجين داخل فى ذرة الأكسوجين , وله وظيفة فى
مدارها .. مما أدى إلى استقطاب الجزئ استقطاباً كهربائياً فأحد طرفى
الجزئ موجب (( وهو الطرف الأديروجيني )) . والطرف الآخر سالب
(( وهو الطرف الأكسوجيني )) .
وهذه الصفة العجيبة جعلت من الجزئ شيئاً أشبه بمغناطيس
وجعلت الجزيئات تتماسك بشدة وتتجاذب كما تتجاذب عدة من
المغناطيسات , مما أدى إلى ظاهرة التماسك السطحى التى نسميها ظاهرة
التوتر السطحى للماء Surface Tention فيمكنك أن تضع شفرة حلاقة من
الصلب برفق فوق سطح الماء فتطفو بسبب هذا التماسك السطحى الذى
لا يسمح لشئ باختراقه . وتكهرب الجزيئات المائيه هو الذى يفسر
الخاصة الشعرية Capillarity وهى الخاصة التى يتسلق بها الماء إلى
أعلى ضد الجاذبية , والواقع أنه يتسلق بالجذب المغناطيسي بين ذراته
وبين جدران الأوعية الشعرية . وبالتالى يجذب السطح المائى كله معه
(( لأن السطح كله متماسك )) .
وهذه الصفات الكهربائية للجزئ هى السر فى قدرة الماء الخرافية
على الإذابة .. لأن الطرف الموجب للجزئ يشد إليه الشق السالب من
أى مادة , والطرف السالب يشد إليه الشق الموجب فتنحل المادة إلى
شقيها السالب والموجب , وهو ما نسميه بالأيونات السالبة والموجبة
وتتأين المادة .. أو تذوب بلغتنا الدارجة .
وربما كان أعجب ما فى الماء قدرته على خزن وتصريف
الحرارة . وكلنا نعلم من خبراتنا العادية أن قضيباً ساخناً من الحديد يمكن
أن يبرد فى ثوان على حين يظل الماء ساخناً فى البانيو ساعات قبل أن
يعود إلى برودته.
وهى صفة تصبح حيوية جداً حينما نعلم علاقة تبادل الطاقه بين
مياه المحيطات والشمس .
فالمحيطات هى الغلاية اليومية التي تسخنها الشمس فتتبخر مياه
المحيطات بالحرارة وتصعد إلى السماء .. ثم إلى أعلى .. إلى أجواء
السماء الباردة فتتكثف سحباً . ثم تهطل أمطاراً , ثم تسيل أنهاراً
لتصب فى المحيطات من جديد .
دورة مائية يومية .
وتبلغ الطاقة الشمسية الحرارية المستخدمة فى هذه الدورة فى اليوم
الواحد أكثر من كل ما أنتج الإنسان من طاقة خلال تاريخه كله .
والذى يقتنص هذه الطاقة ويصرفها ويوظفها هو جزئ
الماء العجيب .
والماء يتبخر من المحيطات ثم يعود إلى المحيطات من جديد فى كم
كلى ثابت لا ينقص ولا يزيد .. وهذه معجزة أخرى .. فمنذ ثلاثة
آلاف مليون سنة منذ بدء الماء على الأرض وكميته ثابتة لا تزيد
ولا تنقص .. وربما كان الماء الذى تصنع منه اليوم كوباً من الليمونادة
هو نفس الماء الذى استحمت به كليوباترة , وهو ذاته الذى تمضمض
به خوفو من آلاف السنين .
والماء الذى اقتنص الطاقة من الشمس يعود فيصبح مصدراً
للطاقة وتنظيم الطقس .. ثم يعود فيصبح مصدراً للطاقة من باب آخر
هو مساقط الماء والشلالات والقناطر والسدود .
والماء هو النحات اليومي الذى يقوم بتشكيل القارات
والشواطئ والسواحل , ويقوم بحفر مجارى الأنهار وقيعان البحيرات ,
وهو الرافعة السحرية التى تنقل الجبال وتمهد الوديان.
هذا ما يقوله علم الطبيعة والكيميا والجيولوجيا عن الماء .. وما تراه
العين المجردة من شأن الماء .
أما فى مجال البحث المجهرى وما يراه الميكروسكوب فى نقطة الماء فهو
الأمر المدهش والمثير .
فنقطة ماء من مستنقع تحتشد فيه عدة آلاف من أصناف الأحياء
وعدة ملايين من الكائنات الدقيقة من فيروسات وبكتريا وفطر
وطحلب .. شعوب وممالك وأمم من الكائنات يأكل بعضها بعضاً
وتتعايش وتتعامل وتتنافس وتتسابق .. وكل ذلك فى نقطة ماء من
مستنقع على كوكب هو ذاته أصغر من هبأة فى الكون الواسع .
Comment