Announcement

Collapse
No announcement yet.

أدب الطفل

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • أدب الطفل

    الأميرة والمرآة

    - تأليف: عارف الخطيب -

    قــصص للأطفــال - من منشورات اتحاد الكتاب العرب 1999
    النقطـــة الصغـــيرة
    الــــذئب والكــــلاب
    عــــطاء الســـــماء
    البحــــر
    الصخـــرة
    النهـــر الصغـــير
    القلـــم والممحــاة
    الصَّبي الصهـــيوني
    المطــــر
    الصخــــور
    الأمـــــيرة والــمرآة
    الأقــــوال والأفعـــال
    البيت المتــين
    وردتـــــــان
    الـمجـــنون
    لمــاذا بكــى مـــازن
    القــارب والبحــر
    الديــك والفجـــــر
    الــمــباراة
    ســـــحابتان
    الســــاعة الذهبيــــة
    المعلمـــة الصغــــيرة
    الــــورد والعوســــج
    النقطـــتان
    خَــوْخَــــة
    إبــرة الطــبيب
    شــــجرة اللـــوز
    الثلـــــج
    العنكــــبوت
    قلــــب واحــــد

    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

  • #2
    رد: أدب الطفل

    النقطـــة الصغـــيرة
    سامرٌ تلميذ صغير، في الصفِّ الأوَّل..‏
    يقرأ جيِّداً، ويكتبُ جيّداً.. لولا النقطة!‏
    يراها صغيرة، ليس لها فائدة.‏
    فلا يهتمُّ بها، عندما يكتب‏
    وينساها كثيراً، فتنقص درجته في الإملاء‏
    يعجبُ سامر، ولا يعرف السبب!‏
    يأخذ دفتره، ويسأل المعلِّمة:‏
    أين أخطأت؟!‏
    فتبتسم المعلِّمةُ، وتمدُّ إصبعها، وتقول:‏
    -هذه الغين.. لم تضع لها نقطة‏
    وهذه الخاء.. لم تضع لها نقطة‏
    وهذه، وهذه..‏
    يزعل سامر، ويقول:‏
    -من أجل نقطة صغيرة، تنقصين الدرجة؟!‏
    -النقطة الصغيرة، لها فائدة كبيرة‏
    -كيف؟!‏
    -هل تعرف الحروف؟‏
    -أعرفها جيداً‏
    قالت المعلِّمة:‏
    -اكتب لنا: حاءً وخاء‏
    كتب سامر على السبّورة: ح خ‏
    قالت المعلِّمة:‏
    ما الفرق بين الحاء والخاء؟‏
    تأمّل سامرٌ الحرفين، ثم قال:‏
    -الخاء لها نقطة، والحاء ليس لها نقطة‏
    قالت المعلّمة:‏
    -اكتبْ حرفَ العين، وحرف الغين‏
    كتب سامر على السبورة: ع غ‏
    -ما الفرق بينهما؟‏
    -الغين لها نقطة، والعين بلا نقطة‏
    قالت المعلّمة:‏
    -هل فهمْتَ الآن قيمَةَ النقطة؟‏
    ظلَّ سامر صامتاً، فقالت له المعلّمة:‏
    -اقرأ ما كتبْتُ لكم على السبورة‏
    أخذ سامر يقرأ:‏
    ماما تغسل‏
    ركض الخروف أمام خالي‏
    وضعَتْ رباب الخبزَ في الصحن‏
    قالت المعلِّمة:‏
    اخرجي يا ندى، واقرئي ما كتب سامر‏
    أمسكَتْ ندى، دفترَ سامر، وبدأَتْ تقرأ، بصوت مرتفع:‏
    ماما تعسل‏
    ركض الحروفُ أمام حالي‏
    وضعَتْ ربابُ الحبرَ في الصحن‏
    ضحك التلاميذ، وضحك سامر‏
    هدأ التلاميذ جميعاً، وظلّ سامر يضحك..‏
    قالت المعلِّمة:‏
    -هل تنسى النقطة بعد الآن؟‏
    قال سامر:‏
    -كيف أنساها، وقد جعلَتِ الخبزَ حبراً،‏
    والخروفَ حروفاً!‏

    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

    Comment


    • #3
      رد: أدب الطفل

      الــــذئب والكــــلاب
      كانتِ الأغنامُ، تسومُ في المرعى، وادعة آمنة، لا تخاف من الذئاب، إذْ كان يحرسها، ثلاثةٌ من الكلاب..‏
      وكان الراعي الطيِّب، يجلس في ظلّ ظليل، تحت شجرةٍ وارفة، يعزف ألحاناً شجيّةً، تهفو لها الأغصان، وتهيمُ بها الأنسام..‏
      وفي هذه الأثناء، كان ذئبٌ مخاتل، يرصدُ الأغنامَ خلسة"، ويلتفت إلى الكلاب، فلا يجرؤ على الاقتراب..‏
      وفجأة..‏
      أبصرَ الكلابَ تقتتل، وقد انشغل بعضها ببعض..‏
      ضحك الذئبُ مسروراً، وقال في نفسه:‏
      -الآن أمكنَتْني الفرصة!‏
      واقترب الذئبُ من القطيع، فشاهد نعجة قاصية، فوثبَ عليها سريعاً، وأنشبَ أنيابه فيها..‏
      أخذتِ النعجةُ، تثغو وتستغيث..‏
      سمع الكلابُ، الثغاءَ الأليم، فكفّوا عن القتال، وتركوا الخصامَ والخلاف، وانطلقوا جميعاً إلى الذئب، وحينما رآهم مقبلين، طار فؤاده ذعراً، فأفلَتَ النعجة، وانسلَّ هارباً، لا يلوي على شيء..‏

      إذا الشعب يوما أراد الحياة
      فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
      و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
      و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

      Comment


      • #4
        رد: أدب الطفل

        عــــطاء الســـــماء
        وقف الفلاحُ، على طرف حقله، يرنو إلى سنابل القمح، وهي تميلُ وتلمع، كأمواجٍ من ذهب، فانتشى إعجاباً بنفسه، وقال:‏
        -لولا كفّايَ الخشنتان، لما كان هذا القمح الوافر!‏
        فابتسمتِ السماءُ في العلاءِ..‏
        قالت إحدى السنابل:‏
        -نحن أَوْلى بالفضل، كنّا حبوباً يابسة، مدفونة في التراب، فامتصصْنا الغذاء، وشقفْنا التراب، وصرنا ننمو، شيئاً فشيئاً، حتى كبرنا، وأنبتَتْ كلُّ حبّةٍ، سنبلةً فيها مئةُ حبة!‏
        وابتسمتِ السماءُ في العلاء..‏
        قالت الأرض:‏
        -أنا صاحبة الفضل، احتضنْتُ البذورَ صغيرةً، وأرضعتها حتى صارت كبيرة، فلولا ترابي، لما نبتَ قمحٌ، ولا شبع فلاّح!‏
        وابتسمتِ السماءُ في العلاء.‏
        وجاءتِ السنةُ التالية، شديدة مجدبة، فانقطع المطر، واشتدَّ الحرُّ، وانتشر الجفاف.. حزنتِ الأرضُ القاحلة، ويبسَتْ شفاهها الظامئة..‏
        حزنتِ البذور، في ظلمة التراب، وخافت أنْ تموت أحلامها، ولا ترى النور.‏
        حزن الفلاحُ على جهده الضائع، وأشفق على عيالهِ البائسين.‏
        وحزنتِ السماءُ الرحيمة على الجميع، فأرسَلتْ إلى الأرض، سحباً سخيّةً، تحمل الأمطار والأفراح..‏

        إذا الشعب يوما أراد الحياة
        فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
        و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
        و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

        Comment


        • #5
          رد: أدب الطفل

          البحــــر
          سارتِ السحابةُ، مثقلةً بالمياه..‏
          وقفَتْ فوق البحر، وسكبَتْ قطرَها الغزير..‏
          فرح البحرُ، واحتضن القطرات‏
          فرحتِ القطراتُ، وعانقتِ البحر‏
          قال البحرِ:‏
          -ما أحلى اللقاء!‏
          قالت القطرات:‏
          -ما أمرَّ الفراق!‏
          قالتِ السحابة للبحر:‏
          -منحتكَ مائي، لتعرفَ فضلي‏
          -لا تمنِّي عليّ بفضلك .‏
          -أتأخذُ مائي، وتنكرُ فضلي؟!‏
          -ماؤكِ منّي .‏
          -لا يصدّقُ ادّعاءَكَ أحد‏
          -اسألي قطراتكِ‏
          قالت القطرات بصوت واحد:‏
          -البحر وطننا.. منه خرجنا، وإليه نعود‏
          صمتتِ السحابةُ من الحياء، وانسحبَتْ مبتعدةً في السماء..‏

          إذا الشعب يوما أراد الحياة
          فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
          و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
          و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

          Comment


          • #6
            رد: أدب الطفل

            الصخـــرة
            كــان بيتنا على حدود القرية، قريباً من سفح الجبل.. لم نعرف بيتاً غيره، فأحسسنا بالغربة والملل.. ذات يوم.. عاد والدي من المدرسة، فسألته:‏
            -لماذا لا يزورنا أهلُ القريةِ ونزورهم؟‏
            قال أبي:‏
            -لأنهم بخلاء.‏
            وقالت أُمِّي:‏
            -لأننا غرباء .‏
            -عند المساء، قال والدي:‏
            -هيّا نذهبْ إلى الجبل .‏
            خرجنا نطير فرحاً:‏
            تسلّقنا الصخور العالية.. قطفْنا الأزهار الجبلية.. نال منا التعب..‏
            شاهد والدي، صخرة كبيرة، يغمرها الظلُّ، فقال لنا:‏
            -هذا أفضلُ مكانٍ نستريحُ فيه .‏
            قعدْنا على الصخرة الملساء، نشرب الشاي مسرورين..‏
            -لم نهجر الصخرة بعد ذلك..‏
            كنا نزورها كلّ يوم .‏
            نأخذ طعامنا، ونأكله فوقها .‏
            نلعب حولها، ونبني بيوتاً صغيرة.‏
            نقبع عليها صامتين، ونسمع من أُمّنا الحكايات.‏
            ثم نتركها في الليل، لنأتيها في النهار .‏
            -في آخر العام الدراسي..‏
            ذهبنا إلى الصخرة، وقعدْنا كلُّنا عليها..‏
            التقط لنا والدي عدّة صور، وقال:‏
            -هذا آخرُ يومٍ ترون فيه الصخرة .‏
            -لماذا يا أبي؟‏
            -سننتقل إلى قرية بعيدة .‏
            مكثْتُ واجمة صامتة، لم ألعبْ ولم أفرح..‏
            وحينما نهض أهلي، ليرجعوا إلى البيت، أخرجْتُ من جيبي، قطعة من الطباشير، وكتبْتُ على الصخرة:‏
            -وداعاً يا صخرتنا الحبيبة!‏
            -في الصباح الباكر..‏
            أحضر والدي سيّارة، حملنا عليها متاعنا، ثم ركبنا فيها، وسارت بنا، تُبعدُنا شيئاً فشيئاً.. وعندما بلغنا أعلى الجبل، التفتُّ نحو الصخرة وبكيت..‏

            إذا الشعب يوما أراد الحياة
            فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
            و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
            و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

            Comment


            • #7
              رد: أدب الطفل

              النهـــر الصغـــير
              كــان النهرُ الصغير، يجري ضاحكاً مسروراً، يزرع في خطواته الخصبَ، ويحمل في راحتيه العطاء.. يركض بين الأعشاب، ويشدو بأغانيه الرِّطاب، فتتناثر حوله فرحاً أخضر..‏
              يسقي الأزهار الذابلة، فتضيء ثغورها باسمة. ويروي الأشجار الظامئة، فترقص أغصانها حبوراً ويعانق الأرض الميتة، فتعود إليها الحياة.‏
              ويواصل النهر الكريم، رحلةَ الفرحِ والعطاء، لا يمنُّ على أحد، ولا ينتظر جزاء..‏
              وكان على جانبه، صخرة صلبة، قاسية القلب، فاغتاظت من كثرة جوده، وخاطبته مؤنّبة:‏
              -لماذا تهدرُ مياهَكَ عبثاً؟!‏
              -أنا لا أهدر مياهي عبثاً، بل أبعث الحياة والفرح، في الأرض والشجر، و..‏
              -وماذا تجني من ذلك؟!‏
              -أجني سعادة كبيرة، عندما أنفع الآخرين‏
              -لا أرى في ذلك أيِّ سعادة!‏
              -لو أعطيْتِ مرّة، لعرفْتِ لذّةَ العطاء .‏
              قالت الصخرة:‏
              -احتفظْ بمياهك، فهي قليلة، وتنقص باستمرار.‏
              -وما نفع مياهي، إذا حبستها على نفسي، وحرمْتُ غيري؟!‏
              -حياتكَ في مياهكَ، وإذا نفدَتْ تموت .‏
              قال النهر:‏
              -في موتي، حياةٌ لغيري .‏
              -لا أعلمُ أحداً يموتُ ليحيا غيره!‏
              -الإنسانُ يموتُ شهيداً، ليحيا أبناء وطنه.‏
              قالت الصخرة ساخرة:‏
              -سأُسمّيكَ بعد موتكُ، النهر الشهيد!‏
              -هذا الاسم، شرف عظيم.‏
              لم تجدِ الصخرةُ فائدة في الحوار، فأمسكَتْ عن الكلام.‏
              **‏
              اشتدَّتْ حرارةُ الصيف، واشتدّ ظمأُ الأرض والشجر والورد، و..‏
              ازداد النهر عطاء، فأخذَتْ مياهه، تنقص وتغيض، يوماً بعد يوم، حتى لم يبقَ في قعره، سوى قدرٍ يسير، لا يقوى على المسير..‏
              صار النهر عاجزاً عن العطاء، فانتابه حزن كبير، ونضب في قلبه الفرح، ويبس على شفتيه الغناء.. وبعد بضعة أيام، جفَّ النهر الصغير، فنظرَتْ إليه الصخرةُ، وقالت:‏
              -لقد متَّ أيها النهر، ولم تسمع لي نصيحة!‏
              قالت الأرض:‏
              -النهر لم يمتْ، مياهُهُ مخزونة في صدري.‏
              وقالت الأشجار:‏
              -النهر لم يمتْ، مياهه تجري في عروقي‏
              وقالت الورود:‏
              -النهر لم يمت، مياهه ممزوجة بعطري.‏
              قالت الصخرة مدهوشة:‏
              لقد ظلَّ النهرُ الشهيدُ حياً، في قلوب الذين منحهم الحياة!‏
              ***‏
              وأقبل الشتاء، كثيرَ السيولِ، غزيرَ الأمطار، فامتلأ النهرُ الصغير بالمياه، وعادت إليه الحياة، وعادت رحلةُ الفرح والعطاء، فانطلق النهر الكريم، ضاحكاً مسروراً، يحمل في قلبه الحب، وفي راحتيه العطاء..‏

              إذا الشعب يوما أراد الحياة
              فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
              و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
              و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

              Comment


              • #8
                رد: أدب الطفل

                القلـــم والممحــاة
                كان داخل المقلمة، ممحاة صغيرة، وقلمُ رصاصٍ جميل..‏
                قال الممحاة:‏
                -كيف حالكَ يا صديقي؟‏
                -لستُ صديقكِ!‏
                -لماذا؟‏
                -لأنني أكرهكِ.‏
                -ولمَ تكرهني؟‏
                قال القلم:‏
                -لأنكِ تمحين ما أكتب.‏
                -أنا لا أمحو إلا الأخطاء .‏
                -وما شأنكِ أنتِ؟!‏
                -أنا ممحاة، وهذا عملي .‏
                -هذا ليس عملاً!‏
                -عملي نافع، مثل عملكَ .‏
                -أنتِ مخطئة ومغرورة .‏
                -لماذا؟‏
                -لأنّ مَنْ يكتبُ أفضلُ ممّنْ يمحو‏
                قالت الممحاة:‏
                -إزالةُ الخطأ تعادلُ كتابةَ الصواب .‏
                أطرق القلم لحظة، ثم رفع رأسه، وقال:‏
                -صدقْتِ يا عزيزتي!‏
                -أما زلتَ تكرهني؟‏
                -لن أكره مَنْ يمحو أخطائي‏
                -وأنا لن أمحوَ ما كان صواباً .‏
                قال القلم:‏
                -ولكنني أراكِ تصغرين يوماً بعد يوم!‏
                -لأنني أضحّي بشيءٍ من جسمي كلّما محوْتُ خطأ .‏
                قال القلم محزوناً:‏
                -وأنا أحسُّ أنني أقصرُ مما كنت!‏
                قالت الممحاة تواسيه:‏
                -لا نستطيع إفادةَ الآخرين، إلا إذا قدّمنا تضحية من أجلهم.‏
                قال القلم مسروراً:‏
                -ما أعظمكِ يا صديقتي، وما أجمل كلامك!‏
                فرحتِ الممحاة، وفرح القلم، وعاشا صديقين حميمين، لا يفترقانِ ولا يختلفان..

                إذا الشعب يوما أراد الحياة
                فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                Comment


                • #9
                  رد: أدب الطفل

                  الصَّبي الصهـــيوني
                  اشتريْتُ كرةٌ جميلة، ورجعْتُ إلى البيت فرحاً..‏
                  أفلتتِ الكرةُ من يدي، فالتقطها صبيًّ صهيوني.‏
                  قلت له:‏
                  -أعطني كرتي.‏
                  قال:‏
                  -لن تأخذَ شيئاً.‏
                  قلت له:‏
                  -لا يجوز أنْ تأخذَ حقَّ غيرك!‏
                  ضحكَ ساخراً..‏
                  -سيغضبُ والدي، إذا فقدْتُ كرتي.‏
                  ضحك ساخراً..‏
                  سأشكوكَ إلى والدك!‏
                  ضحكَ ساخراً..‏
                  -سأفضحكَ بين الأولاد!‏
                  ضحك ساخراً..‏
                  شرعْتُ أبكي، وأذرفُ الدموع، ليرقَّ قلبُهُ، ويعطيني كرتي، ولكنَّهُ لم يفعل، بل صار يضحك أكثر.. امتلأ صدري غضباً.. مسحْتُ دموعي، وأطبقْتُ كفّي بشدّة، وضربْتُهُ على فكّهِ، فانطرح أرضاً، وانفجر يبكي.. أخذْتُ كرتي، ومضيْتُ إلى البيت، وقلبي مملوء بالإباء العربي!‏

                  إذا الشعب يوما أراد الحياة
                  فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                  و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                  و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                  Comment


                  • #10
                    رد: أدب الطفل

                    المطــــر
                    في حديقةِ القصر الكبير، قعد الثريُّ الأكرشُ، على مقعد وثير.. وضع كلبه بين ساقيه، وأخذ يسرّحُ له شعره، ويرشفُ القهوةَ مسروراً..‏
                    ونزل المطرُ غزيراً..‏
                    تلبّد شعرُ الكلب، وابتلّتْ ثيابُ الغني، فجعل يصرخ مغتاظاً:‏
                    -قفْ أيُّها المطرُ اللعين!‏
                    ولكنَّ المطرَ لم يقف..‏
                    وظلّتْ قطراته الضاحكة، ترقص على الأرض.. والأرضُ تضمُّها إلى صدرها، كأنها أُمٌّ رؤوم، فقد مضى زمنٌ طويل، والمطر لم يهطل.‏
                    وحزنتِ الأرضُ المعطاء، لأنها لا تقدرُ على العطاء. لقد نضبَ ماؤها، وجفَّ ترابها ، وكثرتْ أخاديدها، وصارتِ الأرض، شفاهاً ظامئة، ترتقب المطر. ولكنّ المطر لم يهطل.‏
                    والعشب لم ينبت‏
                    وجاعت الأغنام، وجفّتِ الضروع.‏
                    وطلب الأطفالُ الحليب، وليس من مجيب.‏
                    وأصابَ الهزالُ الحملان، وأصبح الموتُ يفترسها، فيرمقها الرعاةُ بأبصارهم، ولا يدرون ماذا يفعلون.‏
                    فالمطرُ لم يهطل!‏
                    والعشبُ لم ينبت!‏
                    وذهب الفلاحون إلى الحقول..‏
                    وقفوا على أطرافها، يتأمّلونها محزونين..‏
                    فالمطر لم يهطل!‏
                    والزرع لم ينبت!‏
                    والتعبُ قد يضيع، والبذارُ قد يموت.‏
                    ويبقى العيالُ، بغير غذاء.‏
                    ماذا يعملون؟!‏
                    اتجهوا إلى السماء، ورفعوا الكفوفَ والأبصار، يدعون بخشوع، ليهطل المطر..‏
                    وانتثر المطر، كأنّهُ الدُّرَر..‏
                    واهتزّتِ الأرضُ، للخصب والثمر.‏
                    وأمطر الفرح..‏
                    ورقص الرعاة، وابتلّوا بالمطر .‏
                    يا فرحةَ الفلاح، يا فرحةَ الشجر .‏
                    يا فرحةَ التراب، يعانق المطر .‏
                    وانتصب الثريُّ، في شرفة قصره، كأنه تمثال من حجر، يسائل نفسه مدهوشاً:‏
                    -لماذا يهطل المطر؟!‏

                    إذا الشعب يوما أراد الحياة
                    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                    Comment


                    • #11
                      رد: أدب الطفل

                      الصخــــور
                      كنت أنا وصديقي أسامة، نطوف في أرجاء كَرْمنا الحبيب، تداعبُ وجوهَنا الأنسامُ وترقص أمامنا الظلالُ، وتغمزنا الشمسُ من خلال الغصون.. كنا نسير فرحين، نحني ظهورنا تحت عناقيد العنب المتدلّية، ونشقُّ طريقنا بين الأغصان المثقلة بالثمار..‏
                      وصلْنا إلى آخر الكرم، وقعدْنا في الظلّ، عند الحجارة المرصوفة، نستعيدُ ذكرياتٍ قديمة.. هذه الحجارة المكسورة، كانت -فيما مضى- صخوراً كبيرة، تربضُ على صدر أرضٍ بائرة، فتكتمُ أنفاسها، وتحجبُ كنوزها، فعاشتِ الأرضُ في حزنٍ دائم، وهمٍّ مقيم، لأنها تملكُ الخير، وتعجز عن العطاء!‏
                      وعندما اشترى والدي الأرضَ، وشرعَ يعالجُ صخورها، بالمعول والمطرقة والعَتَلَة، و.. سخرَتْ منه الصخورُ الصلبة، وقالت في نفسها: -يا للعجب. رجل ضعيف نحيف، يبتغي قهر الصخور! انهمك والدي في العمل، ودارَتْ رحى الحرب، بينه وبين الصخور.. وكان وحيداً في المعركة، يقاوم صخوراً كثيرة، تحتلُّ أرضه، وتأبى الرحيل.. ثبتَ والدي في المعركة، وبذلَ العرقَ والدمِ.‏
                      الشمسُ تكويه بحرارتها، والصخورُ تجرحه بشظاياها، وهو ماضٍ فيما عزم، لا يضعفُ ولا يتراجع.. انكسرتِ الصخورُ، ولم تنكسرْ عزيمته.‏
                      في تلك الأيام، كنتُ أزورُ والدي، كلّما انصرفْتُ من المدرسة، حاملاً إليه طعاماً، لا يأكله إلا الفقراء، وذات مرة، نظرْتُ إلى والدي، وهو يأكلُ الخبزَ الأسمرَ، والبصل، وقلت له محزوناً:‏
                      -لماذا نحن فقراء؟!‏
                      مدّ والدي يده، ومسح بكفّهِ على رأسي، وقال:‏
                      -سأطردُ الفقرَ عنكم يا بني!‏
                      -بأيّ شيء ستطرده؟‏
                      -بيديّ هاتين‏
                      -متى؟‏
                      -عندما أُخرجُ كنوزَ الأرض.‏
                      قلت بائساً:‏
                      -أرضنا لا تحوي كنوزاً بل صخوراً!‏
                      قال والدي باسماً:‏
                      -الكنوز مدفونة تحت الصخور.‏
                      في أحد تلك الأيام، صحبْتُ صديقي أسامة، وذهبنا إلى والدي، وحينما اقتربنا منه، سلَّمنا عليه، فرفع رأسه، ورحَّبَ بنا مسروراً، وقطراتُ العرق، تلمعُ على جبينه، مثل حبّاتِ اللؤلؤ..‏
                      لقد كان يعمل في أرضٍ بلا ظلّ!‏
                      مسح عرقه بكمّهِ، وألقى المعول من يده، وقال:‏
                      -لِنسترحْ قليلاً.. لم يبق سوى هذه الصخرة.‏
                      سأله صديقي:‏
                      -ماذا ستفعل بها؟‏
                      -سأحطّمُ رأسها العنيد، كالصخور الأخرى.‏
                      -هل حطمْتَ صخوراً غيرها؟‏
                      ضحك والدي، وقال له:‏
                      -انظر إلى تخوم الأرض.‏
                      نظر أسامة إلى حيث أشار والدي، فشاهد سياجاً كبيراً، من حجارة مكسورة..‏
                      فتح عينيه مدهوشاً، وقال:‏
                      -هل كانت هذه الحجارة كلُّها في الأرض؟!‏
                      -كانتِ الأرضُ مغروسة بالصخور، ولكنّهُ غرسٌ لا يثمر! ونهض والدي إلى الصخرة، يأتيها من هنا، ويأتيها من هناك، تارة يحفر تحتها بالمعول، وتارة ينهال عليها بالمطرقة، فيتطايرُ الشررُ منها، وتنكسر أطرافها، ويصغر رأسها الكبير، شيئاً فشيئاً..‏
                      وبعد جهد جاهد، اقتلع والدي رأسَ الصخرة، وجعل يدفعه بيديه، ويدحرجه نحو طرف الأرض، فبادرْتُ أنا وصديقي إلى مساعدته، وأخذْنا ننقل حطامَ الصخرة..‏
                      وحينما فرغنا من العمل، وقف والدي مرفوع الهامة، يرنو إلى أرضه الحبيبة،‏
                      مزهواً بانتصاره العظيم.‏
                      كانت عيناه تومضانِ سروراً، وعرقه يومض فرحاً. لقد تحرّرتِ الأرض، واندحرَتِ الصخور..‏
                      امتلأْتُ إعجاباً بوالدي، فقد كان أقوى من الصخر، وبعد ذلك.. حرث والدي الأرض، وحفر فيها حفراً كثيرة، أودعَ فيها غراساً صغيرة، وأصبح يعتني بها ويرعاها، فصارتِ الغراسُ تنمو وتترعرع، وبعد بضعة سنين، ازدانت أرضنا بالأشجار، وبدأتْ تجود بالثمار، فأخذْنا نملأ منها السّلالَ الكبيرة، ونبيعها في المدينة، ونشتري بثمنها ما نحتاج ونريد.. لقد وفى والدي بوعده، فاستخرج كنوز الأرض، وطرد الفقر بيديه، و..‏
                      تعالى صوت والدي، يدعونا إليه..‏
                      أسرعْتُ أنا وصديقي، وجلسنا معه، في ظلٍّ ظليل، نأكل مما قطف لنا، من ثمار حلوة يانعة..‏
                      قلت مسروراً:‏
                      -ما أطيبَ ثمارَ العنبِ والتين!‏
                      نظر أسامة، إلى كفِّ والدي الخشنة، وقال:‏
                      -ما أطيبَ ثمارَ العمل!‏
                      قال والدي:‏
                      -لولا العمل، لظلّتْ هذه الثمار مدفونة تحت الصخور!‏

                      إذا الشعب يوما أراد الحياة
                      فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                      و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                      و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                      Comment


                      • #12
                        رد: أدب الطفل

                        الأمـــــيرة والــمرآة
                        كان في قديم الزمان، أميرةٌ شريرة، قبيحةُ المنْظر، خبيثة المَخْبر، تكرهُ الناسَ وتنهرهم، وتسخر منهم وتحقرهم، فكرهها كلُّ مَنْ عرفها، وخافها خدمها وحشمها، بسبب عجرفتها، وسوء خلقها.. وكان لها أعوانٌ وعيون، يخالطون الناسَ متنكّرين، ثم يرجعون إليها، بأخبارهم وأسرارهم، وحينما تسمع ما يتناقلونه عنها، يلتهبُ قلبها حقداً، ويتطاير غيظها شرراً، فلا يجرؤ أحدٌ، على الاقتراب منها، أو النظر إلى وجهها..‏
                        وفي إحدى الأمسيات، كانت جالسة، في شرفة قصرها، ومرآتها في حجرها، فنادَتْ وصيفاتها، فهرعْنَ إليها مذعوراتٍ، ومثلْنَ بين يديها مطرقات، ينتظرْنَ عقاباً أو توبيخاً.‏
                        شرعَتِ الأميرةُ المغرورة، ترنو إليهن بازدراء، ثم شمختْ بأنفها، وقالت:‏
                        -أصحيحٌ ما يقوله عنّي الناس؟‏
                        -ماذا يقولون؟‏
                        -يقولون: أنف الأميرة كبير، لكثرةِ ما تشمخ به!‏
                        -الأنف الكبير، لا يعيبُ صاحبه.‏
                        غضبَتِ الأميرةُ، ورفعَتْ سوطها، تلوِّحُ به مهدِّدةً. وتقول:‏
                        -أتوافقْنَ الناسَ، على ما يقولون؟!‏
                        رمقَتِ الوصيفاتُ السوطَ. وقلْنَ في نفوسهن:‏
                        -حسِّني أخلاقكِ، وليكنْ شكلكِ ما يكون.‏
                        قالت الأميرة حانقة:‏
                        -ما لكنَّ ساكتات؟!‏
                        -أنفكِ صغيرٌ يا سيّدتي!‏
                        -لا تكذبْنَ!‏
                        -اسألي المرآة، فهي لا تكذب.‏
                        تناولَتِ الأميرةُ المرآة، وشرعَتْ تحملقُ إلى أنفها، فقالت لها المرآة:‏
                        -أنفكِ كبيرٌ، لكثرة ما تشخمين به.‏
                        اغتاظتِ الأميرةُ، وأظلمَ وجهها، فقلبَتِ المرآة، وصمتَتْ واجمة، ثم رفعَتْ رأسها، وقالت:‏
                        -ويزعم الناسُ أنّ لساني سليط، وطويل كالسوط!‏
                        -إنهم يكذبون!‏
                        -وكيف أعرف الحقيقة؟‏
                        - اسألي المرآة، تعرفي الحقيقة.‏
                        رفعتِ الأميرة مرآتها، وقرّبَتْها من وجهها، ثم دلعَتْ لسانها، وجعلَتْ تنظر إليه..‏
                        قالت لها المرآة:‏
                        -لسانكِ سليط، وطويل كالسوط.‏
                        أرجعتِ الأميرةُ لسانها، وقالت وهي تتميَّزُ غيظاً:‏
                        -ويزعم الناسُ أنني شبْتُ وكبرت!‏
                        -ما زلتِ صبيّةً يا سيّدتي!‏
                        -قلْنَ الحقيقة، ولا تخفْنَ‏
                        -المرآة تقول لكِ الحقيقة.‏
                        رفعتِ الأميرةُ المرآة، وصارت تتأمَّلُ وجهها وشعرها.. لم تخفِ المرآةُ منها، بل قالت لها:‏
                        -وجهكِ أعجف، وشعركِ أشيب.‏
                        غضبتِ الأميرةُ على المرآة، وضربَتْ بها الأرض، فتكسّرتْ وتبعثرَتْ..‏
                        وقامتِ الأميرةُ مسرعة، ودخلَتْ قصرها، وهي تصرخ:‏
                        -المرآة كاذبة، المرآة كاذبة!‏
                        انحنَتْ إحدى الوصيفات، وأخذتْ تجمع أشلاءَ المرآة، وحينما فرغَتْ من جمعها، نظرَتْ إليها محزونه، وقالت:‏
                        -لقد ماتتِ المرآةُ، ولم تقلْ إلاّ الحقيقة!‏

                        إذا الشعب يوما أراد الحياة
                        فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                        و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                        و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                        Comment


                        • #13
                          رد: أدب الطفل

                          الأقــــوال والأفعـــال
                          كان جماعةٌ من الأصدقاء، يتنزّهون في الحقول.. شاهدوا ناراً تشتعل، قرب شجرة كبيرة. وقفوا جميعاً، ينظرون إليها..‏
                          قال إياد:‏
                          -يجب أنّ نطفئ هذه النار .‏
                          وقال باسم:‏
                          -إطفاؤها عملٌ نافع .‏
                          وقال ماهر:‏
                          -صدقْتَ، فالنار تلوّثُ الهواء .‏
                          وقال أحمد:‏
                          -ودخانها يؤذي النبات.‏
                          وقال سامر:‏
                          -ويؤذي الإنسان والحيوان .‏
                          وقال عامر:‏
                          -إذا لم نطفئها، فستحرق الأشجار .‏
                          وقال خالد:‏
                          -وقد تصل إلى حقول القمح .‏
                          وقال نضال:‏
                          -وإذا حرقتِ المحصولَ، ضاع تعبُ الفلاحين. وحينما كان الأصدقاء، يقولون، ويقولون.. مرَّ فلاحٌ شاب، ورأى النار، فهرع إليها مسرعاً، وألقى عليها التراب، فاختفَتْ ألسنتها الطويلة، ولم يبقَ سوى أنفاسها السوداء، تنفذ من بين التراب، فداسها الشابُّ بقدمه، وتابعَ سيره،‏
                          ولم يفتح فمه.. نظر الأصدقاءُ إليه معجبين، وحينما غاب من أنظارهم، أطرقوا رؤوسهم صامتين..‏

                          إذا الشعب يوما أراد الحياة
                          فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                          و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                          و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                          Comment


                          • #14
                            رد: أدب الطفل

                            البيت المتــين
                            أقبل الشتاءُ، فاسودّتِ السماءُ، وهاجتِ الرياح، فخاف الأرنبُ الصغير، وعزم أنْ يبني لنفسه بيتاً متيناً، يقيهِ شرّ العواصف.‏
                            بدأَ ينقلُ الحجارةَ الصلبة، ويرصف بعضها فوق بعض.. وبعد أيام، أصبح البيتُ جاهزاً، ففرح الأرنب كثيراً، وأخذ يغنّي، ثم صار يرقص..‏
                            سألَتْهُ الريحُ:‏
                            -لماذا ترقص أيها الأرنبُ الصغير؟!‏
                            -لأنّ بيتي قويٌّ، يتحدّى الريح.‏

                            -وكيف عرفْتَ؟‏
                            -لقد بنيته من أقسى الحجارة.‏
                            ضحكتِ الريحُ من غروره، ونظرَتْ إلى البيت، ثم مدّتْ أصابعها الرقيقة، فدخلَتْ بين حجارته بسهولة.. قالت ساخرة:‏
                            -حجارة بيتكَ قويّة!‏
                            -طبعاً.. طبعاً.‏
                            -ولكن لا يربط بينها شيء!‏
                            -ماذا تعنين بقولكِ هذا؟‏
                            -أعني أنَّ حجارته ليستْ متلاصقةً ولا متلاحمة.‏
                            -هذا لا يهم.‏
                            -أرى أنه سيتِهدَّمُ سريعاً.‏
                            -فْلتختبري قوّتكِ!‏
                            اغتاظتِ الريحُ، ودفعتِ البيتَ، فانهارَتْ حجارته..‏
                            قال الأرنب مدهوشاً:‏
                            -كيف هدمْتِهِ، وحجارته كالحديد؟!‏
                            -الحجارة المتينة، لا تصنع -وحدها -بيتاً متيناً.‏
                            نظر الأرنب بازدراء، إلى حجارة بيته المبعثرة المتفرقة، ثم خاطبها قائلاً:‏
                            -لن تغرّني صلابتكِ بعد اليوم، فما أضعفكِ إذا لم تتماسكي!!‏

                            إذا الشعب يوما أراد الحياة
                            فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                            و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                            و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                            Comment


                            • #15
                              رد: أدب الطفل

                              وردتـــــــان
                              كان في غرفة سلمى وردتان: إحداهما صناعيةٌ، في زهرّيةٍ أنيقة، والثانية وردة طبيعية، تغمرُ ساقها في ماءِ كأسٍ من زجاج..‏
                              وجاءَتْ صديقاتُ سلمى لزيارتها، فأخذَتْ كلّ واحدةٍ منهنّ، ترفع الكأسَ، وتشمُّ الوردة، ثم تقول منتشية:‏
                              -ما أجمل هذه الوردة، وما أطيبَ رائحتها!! وحينما انصرفتِ الزائراتُ، أصبحت الغرفة خالية، بينما ظلّتِ الوردةُ الصناعية، مملوءةً بالغيظ والحسد، لأنها لم تسمعْ كلمةَ مدح، ولم تلفتْ نظرَ أحد! ودخلَتْ نحلةٌ جميلة، من النافذة المفتوحة، فأرادتٍ الوردةُ الصناعية، أن تجذبها إليها، لتغيظَ الوردةَ الطبيعية، فشرعَتْ تنادي:‏
                              تعالي إليّ أيتها النحلة‏
                              لن تجدي مثل جمالي‏
                              منظري رائع‏
                              ألواني حمراء‏
                              أوراقي ناعمة‏
                              أعيش بلا غذاء‏
                              وأحيا بلا ماء‏
                              وأبقى ناضرة، لا أعرف الذبول.‏
                              ظلّتِ الوردةُ الصناعية، تباهي بجمالها، وتفخر بنفسها، والوردة الطبيعية، تنفحُ العبيرَ صامتة، لا تنبس بكلمة.. وعلى الرغم من ذلك، طارتْ إليها النحلةُ، وعانقَتْها مسرورة، فغضبَتِ الوردةُ الصناعية، وخاطبتها مدهوشة:‏
                              -ما الذي جذبكِ إلى تلك الوردة؟!‏
                              -جذبني إليها عطرها وجمالها.‏
                              -وكيف عرفتِ ذلك، ولم تسمعي منها كلمة واحدة؟!‏
                              قالت النحلة:‏
                              -الشيءُ الجميلُ لا يحتاج إلى دعاية وكلام.‏
                              ***‏
                              حينما ذبلتِ الوردةُ الطبيعية، شمتَتْ بها الوردةُ الصناعية، وقالت ساخرة:‏
                              -أراكِ قد ذبلْتِ سريعاً!‏
                              -إذا فارقْتُ أرضي، لا أعيش إلا قليلاً.‏
                              -أمّا أنا فأعيش عمراً طويلاً.‏
                              -طولُ العمر، لا يدعو إلى الفخر .‏
                              -وبأيّ شيء نفخر؟‏
                              -بما نعطيه للآخرين.‏
                              -وماذا أعطيتْ في عمركِ القصير؟!‏
                              -أعطيْتُ الرحيق والعطر، فهل أعطيتِ أنتِ شيئاً في عمركِ الطويل؟‏
                              أطرقتِ الوردة الصناعية، تفكِّرُ فيما سمعَتْ، فأدركتْ صوابه، وحينما رفعَتْ رأسها، لتعتذر إلى الوردة الطبيعية، وجدَتْها قد ماتتْ، تاركةً من بعدها، رائحة عطرة لا تموت!‏

                              إذا الشعب يوما أراد الحياة
                              فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                              و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                              و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                              Comment

                              Working...
                              X