إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرحيل نحو الصفر : شعر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرحيل نحو الصفر : شعر

    الرحيل نحو الصفر

    - نزار بريك هنيدي -

    شعر - منشورات اتحاد الكتاب العرب 1998
    حينما ألفظ كلمة (المستقبل)
    مقدمة
    منمنمات: الصوت
    الرحيل نحو الصفر
    مدارات الوصل
    مدارات الوصل
    سجّادة الأيام
    الأرواح ترفرف فوق قانا
    الجرّة المكسورة
    المجذاف
    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

  • #2
    رد: الرحيل نحو الصفر : شعر

    حينما ألفظ كلمة (المستقبل)
    يغادر المقطع الأول تماما إلى الماضي.‏
    حينما ألفظ كلمة (السكون)‏
    أحطمها‏
    حينما ألفظ كلمة ( لاشيء)‏
    أخلق شيئاً ما‏
    لا ينضوي في أي عدم‏

    فيسوافا شيمبورسكا‏
    شاعرة بولندا الفائزة بجائزة‏
    نوبل للآداب 1996‏

    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

    تعليق


    • #3
      رد: الرحيل نحو الصفر : شعر

      مقدمة
      بقلم : يوسف سامي اليوسف‏
      مما هو في حكم المؤكد، هذه الأيام، أن الشعر قد صار بغير معيار، بل قل إن كل شاعر قد اتخذ لنفسه معياراً يخصه وحده . ولهذا فقد استتبّت في الشعر الراهن مثالب تكمن في مجافاته للبداهة والتلقائية، أو قل في اعتماده على التكلف والافتعال، كما تكمن في جنوحه إلى التجريد الراطن والتهويم الهاذر، بدلاً من النزوع إلى الإيحاء والإيماء القادرين على صنع المزية، أو على تحويل اللغة إلى فن أصيل. ففي الحق أن عدداً لا يحصى من القصائد التي تكتب في هذه الأيام العجاف، قد أحالت اللغة إلى لغو أو هذيان. وهكذا راح الشاعر يسقينا السراب بدلاً من الشراب، ويبدو أن هذه الحال ليست مجرد عرض آنّي سوف يزول عما قريب، بل أحسب أن هذا الترمد الذي أصاب الشعر هو نتاج لترمد شامل حل بالمجتمع فأصابه في صميم قوامه.‏
      ولهذا كله، لابد من التذكير بأن الوظيفة الأُولى للشعر هي إشباع الغريزة اللغوية فينا، وكذلك البلوغ باللغة إلى برهة كمالها التي هي برهة كمال الإنسان. وهذا يعني أن الوظيفة الأولى للشعر هي وظيفة علو، أو هي فاعلية تخص الروح على وجه الحصر والتحديد، ومن شأن هذا المذهب أن يحث الشاعر بغية الالتزام بمعيار ماسي شديد القدرة على تحويل اللغة إلى حرير، أو إلى أثير، بدلاً من إحالتها إلى غبار يعمي العيون.‏
      ومما هو ناصع أن جبهة النقد التي ينبغي لها أن تتصدى لهذا الانحطاط الجديد، وأخص بالذكر النقد الذي يفرزه ذهن قادرٌ على التذهن، وهو بالضرورة نقد معياري يسعى وراء الساميات واليانعات - إن جبهة النقد موهونة، أو هي شديدة العجز عن النهوض بوظيفتها على أي وجه مقبول.‏
      ولعل من أهم واجبات النقد، في هذه الأيام، أن يجعل الشاعر يؤمن بأن الحميم هو الموضوع الجوهري لكل فن عظيم، وأن طريقة التعبير ينبغي أن تتبنى مبدأ فحواه مزج الظلام بشيء من النور، وذلك بغية إنتاج القصيدة الناجية من الابهام أو الاستغلاق.‏
      ***‏
      ومع ذلك كله، لابد من التوكيد على أن قانون الاستثناء يعمل في كل مكان وزمان، وهذا يعني أن ثمة باقة من الشعراء مابرحوا يعيشون بين ظهرانينا، سواء هنا في سوريا، أو في غيرها من البلدان العربية، دون أن يلتهمهم وحش البوار، ولاريب في أن نزار بريك هنيدي، صاحب هذه المجموعة الراهنة، هو واحد من هذه الباقة المأنوسة التي مازال كل شاعر من شعرائها قادراً على إنتاج النص الصالح للقراءة والمتعة الأدبية.‏
      فمن قرأ مجموعاته السابقة، ولاسيما "غابة الصمت" و"حرائق الندى"، لابد له من أن يكون قد لاحظ أن النزعة التجريدية الانبهامية التي هي داء الشعر الراهن الذي لادواء له على المدى المنظور، لم يكن لها عليه سلطة أوهيمنة.‏
      والأهم من ذلك أن الكثير من قصائده لا تخلو من الغنائية الصافية التي من شأنها أن تجعل القارئ يشعر بأنها تناديه ليصعد صوب الأسمى والأنقى. وهذا يعني أن القصيدة ههنا تحاول أن تصون المبادئ الكبرى التي من شأنها أن تصنع الشعر، أقصد العمق والصدق والإيحاء، وهي ما أظنه خلاصة المعايير الأولى لكل أدب عظيم. وقد يتبدى لك عنوان المجموعة الراهنة، وهو "الرحيل نحو الصفر"، كما لو أنه إشارة إلى تشاؤم أو اكتئاب، ولكن الأمر سوف يكون مختلفاً بعض الشيء، إذا ما قرأ المرء تلك القصيدة التي تحمل عنوان المجموعة إياه، ففي بداية القصيدة تظهر غيمة وهي تجر الريح، بدلاً من أن تدفع الريح بها إلى جهة من الجهات، بحيث يظهر الحال مقلوباً رأساً على عقب. ثم نرى الوقت وهو يغتذي بالحصى، وحين يتساءل الشاعر، في السطر الثالث، عن "طريق القلب"، فإنه يؤشر إلى ضياع داخلي لا أمل له في الاهتداء إلى أي شيء.‏
      والحقيقة أنه في السطر الرابع من القصيدة يسأل نفسه قائلاً: "هل ضيعت أشياءك؟" ويترسخ هذا الشعور بالضياع والفقدان حين تتحدث القصيدة عن نجمة كانت بين يدي إنسان يتجه إليه الخطاب، ولكن تلك النجمة قد فرت واستتبت في الفضاء النائي، فما عاد في الميسور أن يطالها أحد. ولا ينتهي الشطر الأول من القصيدة إلا بعد أن يرسم صورة لدرب "يعبر خصر الكون"، وهذا الدرب محفور في المكان مثل جرح ليس للزمن عليه أي أمر أو نهي. ولقد كان الدرب مسرباً لأحلام المخاطب وهي تنبثق من نافذته لتتجه صوب الأُفق المؤدي إلى "مملكة السحر وينبوع الضياء"، وأهم مافي الأمر أن ذلك الدرب قد كان، ولكنه الآن لم يعد كائناً على أي نحو من الأنحاء،‏

      ومع ذلك، فإن المقطع التاسع يعلن أنه ليس ثمة من عودة نحو الصفر قط، فهو يبدأ بهذا السؤال: "هل هي العودة نحو الصفر؟" ويأتي الجواب صراحة: "لا" ثم يضيف بأن من المحتمل أن يكون هنالك ارتحال "نحو أقصى نقطة تسعى إليها الكائنات" وحينذاك يندلع سؤال موحش على هذه الطريقة: "هي شيء يشبه الموت، إذن؟" ولا ريب في أن هذا السؤال الموحش مسوّغ، لأن ثمة حديثاً عن ارتحال إلى اللحظة القصوى بين لحظات الحياة. فهل تملك تلك اللحظة القصوى أن تكون أيما شيء آخر سوى الموت؟!‏
      وعلى أية حال، فإن المقطع التاسع نفسه ينفي أن تكون العودة إلى الصفر هي الاندفاع باتجاه الموت، بل هو يقول صراحة: "إنها لب الحياة". وبهذه العبارة الأخيرة ينتهي المقطع التاسع ليؤكد على أن الصفر ههنا ليس الموت ولا الخواء، بل هو مايجعل الأرقام تنداح صوب اللانهاية، وبذلك يتضح أن العنوان لاينتمي إلى لغة التشاؤم والاكتئاب بتاتاً.‏
      تبدأ المجموعة الراهنة بعدد من القصائد القصار التي لا تخلو من فتون. ففي واحدة عنوانها "الينبوع" ترى ماءً يسيل على الشوك دون أن يلتفت إلى أي شيء، يمنة أو يسرة، وذلك بغية "أن ينقل الرؤيا إلى قلب الندى"، وفي هذا تعبير طريف عن العلاقة بين الأشياء، أو عن الوصال بين جانبين من جوانب الحياة. ولابأس في الذهاب إلى أن هذا الينبوع، أو هذا الماء، هو الشاعر نفسه، أو قل إنه الشعر الذي يبذل الكثير من الجهد كي يوصل فحاويه إلى النفوس الأُخرى.‏
      وفي منمنة أُخرى عنوانها "صعود" تحيطه السنبلة علماً بأن في ميسوره أن يحني رأسه ريثما تمر العاصفة، وذلك تماماً كما تصنع السنبلة نفسها، وسأله الرمل عن جدوى تحديه للسيول الجارفة، وأما الجدار فقد نصحه بأن يتدثر بالصمت والسكينة، ولكنه، مع ذلك ، يتابع الصعود وحيداً باتجاه الجلجلة، أو تلة الصليب، دون أن يأبه بهذه الأقوال كلها.‏
      والحقيقة أن معظم هذه المنمنات، أو القصائد الصغيرة، لا تنقصها المتعة الأدبية، والطاقة الإيحائية، ففي الأولى منها، وعنوانها "الصوت" يتساءل الشاعر عما يتبقى من الأوهام والأحلام والأخيلة ليكون غذاءً لقطعان الصدى، حين يتلاشى الصوت في الأمداء النائية، ولعل في الميسور أن يرى المرء في لفظة "الصوت" ههنا إشارة، أو إيماء، إلى الشعر نفسه، أو إلى القصيدة بوصفها صوت الخيال أو صوت الروح، والسؤال النهائي لهذه المنمنمة هو هذا: إذا ماصمت صوت الشعر فهل يتبقى من شيء ذي بال في هذه الدنيا؟‍‍!‏
      وفي واحدة أُخرى عنوانها "النهر" تسقط تفاحة في أحد الأنهار فيفيض غزيراً دافقاً، بعدما كان "خالي الوفاض". ولعل في هذا إيحاءاً بتفاحة آدم، أو تفاحة الحب، التي من دونها لا تفيض الحياة ولا تتمتع بأي شعور سعيد. وعلى أية حال، فأن هذه الرعشة الصغيرة شديدة الشبه بما ينتجه الصوريون، أو الإماجيون، من صور لطيفة رشيقة ممتعة.‏
      أما تلك التي عنوانها "هلاك" فإنها تمجد من ارتدى "جُبة الشك" وتنذر من نام على سرير اليقين بالهلاك، وماذاك إلا لأن الشك قوة تحريض على الحركة التي هي القدرة على التكوين والتجديد، بينما لا يملك اليقين إلا أن يطفئ في النفس سورتها واندلاعها، أو شعلة قلقها التي من شأنها أن تبث فيها الحرارة والرغبة في حيازة صورة الحق.‏
      ولعلك أن تجد الموضوع نفسه في المقطع الثالث من قصيدة "المجذاف" في هذه المجموعة الراهنة، إن عبارة "لا يترك المجذاف" التي يبدأ بها هذا المقطع نفسه، بل التي تبدأ بها المقاطع الثلاثة الأولى من القصيدة، هي إشارة إلى الالتزام بالحركة التي يراها الشاعر مصدراً للحياة برمتها، بل لكل ماهو برسم الحياة، أو في خدمتها.‏
      فها هو ذا يقول بأنه قد كان في وسعه أن يخلد إلى السكينة، أو أن يدفن نفسه في مكان سهل يخلو من كل عسر أو مشقة، "لكنه اختار الحياة" ثم يضيف:‏
      ولا حياة‏
      إذا تقمص جلد حرباء‏
      ورأس نعامة‏
      وارتاح في ظل النخيل‏
      أي لا حياة إذا نام على بساط اليقين وتخلص من صعوبة الريب، ومن كل مايدفع إلى الحركة، ومما هو واضح أن في "جلد الحرباء" إشارة إلى التكيف مع البيئة، أو الخنوع أمام التحديات، وأن في "رأس النعامة" إيماء إلى انطماس الرؤية أما "ظلّ النخيل فإشارة إلى الهواء التام الذي يجهل كل تعب أو قلق.‏
      وبماأن الشعر نتاج للحيوية الاستثنائية، أو ربما كان نتاجاً لقلق تفرزه طاقة تحرض الأعماق على النفور والرعش، فإن الشاعر يرفض هذه الهدأة النخيلية، ويندفع باحثاً عن سبيل، أو عن مثال، كما جاء في المقطع السادس من القصيدة نفسها، وذلك:‏
      ليقول ما يحيا‏
      ويحيا مايقول‏
      فاستل مجذاف الكلام‏
      من الصدى ومن الركام‏
      وراح يبحر في شرايين الوجود‏
      ميمماً شطر الأصول‏
      وبذلك تؤكد القصيدة على التزام الشاعر بالحياة، وعلى صدقه معها، واندغامه بها، حتى وأن كان ذلك مجهداً للروح، ولهذا فإنك تراه في بداية المقطع الأخير من هذه القصيدة يؤكد مرة أُخرى على أنه سوف "لن يترك المجذاف" لأن دروبه لم تزل حبلى، بالممكنات والمحتويات الحية التي لن يفرط بها أبداً.‏
      وجاءت قصيدة "الأرواح ترفرف فوق قانا" لتؤكد التزام الشاعر بالحياة على نحو إنساني ووطني في آن واحد، فالقصيدة صورة وجدانية حية عن الجريمة الغاشمة العشواء التي اقترفها البرابرة المدججون بالفيزياء الحديثة ضد الأطفال والنساء والشيوخ في بلدة قانا، وهي القريبة من مدينة صور، وذلك في شهر نيسان من عام 1996، ولذلك فإن هذه القصيدة تبقى إنجازاً لا يخلو من الأهمية، وذلك نظراً لالتزامها بالقضايا الكبرى للأُمة العربية، فمما هو جد معروف أن الشعر العربي قد واظب على أن يولي القضايا الاجتماعية والتاريخية، أهمية قصوى، وذلك منذ العصر الجاهلي وحتى يوم الناس هذا.‏
      ***‏

      هذه نظرة سريعة ألقيتها على مجموعة "الرحيل نحو الصفر"، معتمداً نهج التعريف وبداهة، فإن الشعر الحديث لا تستوعبه النظرات السريعة، بل هو يحتاج إلى أناة وجهد في آن معاً، وذلك ابتغاء الوصول إلى محتوياته الجوهرية وقيمته الفنية، وإلى كل مايصنع مزيته ولكن هذه العجالة الصغيرة قد حاولت أن تقرّب المجموعة الراهنة من قارئها الكريم، فإن هي أنجزت هذه الغاية، أو بعضاً منها، فإنها لن تكون فعلاً مجانياً بأي حال من الأحوال.‏
      يوسف سامي اليوسف.‏

      إذا الشعب يوما أراد الحياة
      فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
      و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
      و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

      تعليق


      • #4
        رد: الرحيل نحو الصفر : شعر

        منمنمات
        عندما ينغَرِسُ الصَوتُ‏
        عميقاً‏
        بينَ أضلاعِ المدى‏
        ما الذي يبقى‏
        من الأوهامِ‏
        كي ترعاهُ قطعانُ الصدى‏
        السنديانة‏
        للريحِ أغنيتي‏
        وقلبي للضبابْ‏
        يا سنديانةُ‏
        لم أخنْ عهدَ الهوى‏
        لكنَّهُ‏
        زمنُ الرحيلِ‏
        إلى السرابْ.‏
        شارع‏
        شارعٌ طالَ‏
        حتى تَماهَتْ بِهِ‏
        قَدَمَايَ‏
        ولمّا بَلَغْتُ نهايتهُ‏
        لم يَعُدْ لي‏
        سوى الرأسِ‏
        أمشي عليهْ‏
        شراره‏
        وَشوَشَتني ديمةٌ‏
        أَرْخَتْ على نافذةِ القلبِ الستارهْ‏
        لا تُرِقْ ضوءَكَ‏
        في أحضانِ ليلي‏
        جَسَدي واهٍ‏
        وتكفيهِ‏
        شرارهْ.‏
        الزرقة‏
        لا يحبُّ البحرَ‏
        أمضى عمرَهُ‏
        في الطرقاتِ البائسهْ‏
        عندما هاجَ بهِ الشوقُ‏
        إلى زرقَةِ عينيها‏
        تمنّى‏
        لو تزول اليابسهْ.‏
        صورة‏
        ضَيَّعَتْ صورَتَها‏
        حين اْعتراها الحبُّ‏
        قربَ المنحدَرْ‏
        عندما عادتْ لكي تبحث عنها‏
        فَاجَأَتْها‏
        بين أحضانِ القمرْ.‏
        حريق‏
        مَرَّتِ الحلوةُ‏
        واْنداحَ العَبَقْ‏
        خجلَ الوردُ‏
        وغَطَّتْ وجهَها الشمسُ‏
        بسترٍ من دخانٍ‏
        راحَ يصّاعَدُ‏
        من شبّاكِ بيتٍ‏
        فيهِ قلبٌ يَحترقْ‏
        الموج‏
        لا يجيدُ العَوْمَ في اليَمِّ‏
        ولكنْ‏
        حينما ألقوهُ فيهِ‏

        كانَ في عينيهِ أشجارٌ‏
        وبيتٌ‏
        ووجوهٌ لم تزلْ ترنو إليهِ‏
        ثَملَ الموجُ‏
        بما فاضتْ به العينانِ‏
        من حبٍّ‏
        فأحنى رأسَهُ‏
        بين يديهِ.‏
        الروح‏
        بحبالٍ مِنْ مَسَدْ‏
        رَبَطوا مركبةَ الروحِ‏
        وَجَرُّوها‏
        بعيداً‏
        عن تباريح الجَسَدْ‏

        الجدار‏
        كُوَّةٌ في الجدارْ‏
        قالَ تَصْلحُ كي أَتَخَبَّأَ فيها‏
        إلى أَنْ يحلَّ النهارْ‏
        عندما بَزَغَ الفجرُ‏
        كانَ ركامُ الحجارةِ‏
        يخفي البقايا التي‏
        تَتَحَلَّلُ‏
        في عَفَنِ الإنتظارْ.‏
        كمين‏
        نصبوا للوردِ كمينْ‏
        طلبوا‏
        أن يبتسمَ الوردُ المصفوفُ‏
        على أسوارِ القصرِ‏
        أمام جهازِ التصويرِ الفوريّ‏
        ولكنْ‏
        في الصورةِ‏
        لم يَظْهَرْ‏
        غيرُ السكيّنْ.‏
        الإعصار‏
        عصفورٌ‏
        رَفَّ على الشبّاكِ‏
        وطارْ‏
        والوردةُ‏
        تغسلُ آثارَ الشهقاتِ‏
        وتنتظرُ الإعصارْ‏
        رسالة‏
        لم يُطْفئِ المصباحَ‏
        كان يخافُ أن يبقى وحيداً‏
        في الظلامْ‏
        قَرَأَ الرسالةَ من جديدٍ‏
        ثمّ قَبَّلَ صورةً مركونةً‏
        قربَ المخدّةِ‏
        ثمّ..‏
        ما هي غيرُ حَشْرَجَةٍ‏
        ونامْ.‏
        الينبوع‏
        بَعْدَ أَنْ جَفَّتْ مآقيهِ‏
        سدى‏
        سارَ ينبوعٌ على الأشواكِ‏
        لا يلوي على شيءٍ سوى‏
        أن ينقل الرؤيا‏
        إلى قلبِ الندى‏
        ندم‏
        سَأَلَتني الجفونُ‏
        لماذا هَوَيْتَ‏
        إلى قاعِ وادي الهوى‏
        ثمّ لم تَتَعَلَّقْ بمخلبِ نسرٍ‏
        يعيدُكَ نحو القممْ‏
        قلتُ روحي ربيبةُ قلبي‏
        ولا يزهرُ القلبُ‏
        تحت غيومِ الندَمْ.‏
        صعود‏
        قالتِ السنبلهْ‏
        كان يمكن أن تحنيَ الرأسَ‏
        حتى تمرَّ العواصفُ‏
        والرملُ قالَ‏
        لماذا تَجَرَّأتَ أن تَتَحَدَّى السيولَ‏
        وقالَ الجدارُ‏
        أما كان يمكن أن تَتَدَثَّرَ بالصمتِ‏
        لكنني‏
        لم أجبْهمْ‏
        وتابعتُ وحدي الصعودَ‏
        إلى الجلجلهْ.‏

        الشرنقه‏
        في الدروبِ الضيّقهْ‏
        قادَ نَجْمَ العمرِ‏
        كي ينسلَ أحلامَ صباهُ‏
        من خيوطِ الشّرْنَقَهْ.‏
        عش‏
        لم يُتْعبْها الجسدُ المجبولُ‏
        على الترحالِ الدائمِ‏
        في الأفقِ المفتوحْ‏
        لكنْ‏
        لابدَّ أخيراً‏
        من عشٍّ‏
        للروحْ‏
        هلاك‏
        زارَني- ذاتَ وَجْدٍ- مَلَكْ‏
        قالَ لي‏
        كلُّ من سارَ مرتدياً‏
        جُبَّةَ الشكِّ‏
        فهو حبيبي‏
        ومن نامَ‏
        فوقَ بساطِ اليقينِ‏
        هلكْ.‏
        النهر‏
        وَصَلَ النهرُ إلى بستانِنا‏
        خالي الوفاضْ‏
        سَقَطَتْ تفّاحةٌ فيهِ‏
        فَفَاضْ.‏
        بوح‏

        ومِنْ بَعدِ أنْ جُبْتُ أقصى البحارِ‏
        ومرَّتْ خيولي‏
        على كلّ أرضِ‏
        سأكسرُ وَهْجَ المرايا‏
        وأصغي‏
        إلى بوحِ نبضي‏



        إذا الشعب يوما أراد الحياة
        فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
        و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
        و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

        تعليق


        • #5
          رد: الرحيل نحو الصفر : شعر

          الرحيل نحو الصفر
          -1-‏
          غَيْمَةٌ راحتْ تَجُرُّ الريحَ‏
          ما للوقتِ يقتاتُ الحصى‏
          أينَ طريقُ القلبِ‏
          هل ضَيَّعْتَ أشياءَكَ‏
          مَهْلاً‏
          هذه النجمةُ كانت‏
          بين كَفَّيْكَ‏
          فَفَرَّتْ‏
          واستَقَرَّتْ في الفضاءْ‏
          ذلك الدربُ الذي يعبرُ خَصْرَ الكونِ‏
          محفوراً‏
          كجرحٍ أبديٍّ‏
          كان يوماً مسربَ الأحلامِ‏
          من شبّاكِكَ المعتمِ‏
          نحو الأفقِ المفضي إلى مملكة السحرِ‏
          وينبوعِ الضياءْ‏
          -2-‏
          لا تَسَلْ كيفَ توارى‏
          في ضَبابِ الوَجْدِ‏
          واْنسابَ على أجنحةِ التهويمِ‏
          مفتوناً‏
          بأصداءٍ بلا صوتٍ‏
          ومأخوذاً‏
          بتلويحِ ظلالٍ دونَ جسمٍ‏
          تَتَهادى وحدَها‏
          في ملكوتٍ‏
          دونَ أرضٍ أو سماءْ‏
          نَغْمَةٌ‏
          طَيَّرَها الغيبُ إليهِ‏
          أَنْشَبَتْ أسرارَها في روحِهِ‏
          فاْرتَاعَ‏
          حتّى غابَ في دَوّامَةِ الحَالِ‏
          وشَدَّتْهُ هُنيهَاتُ اْنتشاءٍ‏
          نحو بَوّابةِ رؤيا‏
          أَذْهَلَتْهُ بانكشافَاتِ البَهَاءْ‏
          -3-‏
          ليسَ حزناً مايعانيهِ‏
          فما للحزنِ من دربٍ‏
          إليهِ‏
          ليسَ دمعاً ما غَشَى عينيهِ‏
          حينَ اْندَغَمَتْ‏
          في بعضها الأشكالُ‏
          واْنساحَتْ‏
          فما من طَلَلٍ يبكي عليهِ‏
          ليسَ عشقاً‏
          ليس تفريجاً لغصّاتِ الجوى‏
          فالحبُّ دوماً‏
          كان إبريقاً من البهجةِ مملوءاً‏
          لديهِ‏
          -4-‏
          ليسَ يأساً‏
          أو نَدَمْ‏
          ليسَ شَكوى من أَلَمْ‏
          ليسَ غوصاً في خِضَمِّ البحثِ‏
          عن معنى وجودٍ‏
          أو عَدَمْ‏
          ليس لا‏
          ماذا إذَنْ‏
          لا‏
          لا تَسَلْهُ‏
          هو لا يعرفُ ماذا حَلَّ فيهِ‏
          -5-‏
          كانَ مبهوراً‏
          فلم يُدرِكْ تفاصيلَ الطريقْ‏
          دَخَلَ المشهدَ‏
          فانحَلَّتْ كثافاتُ خلاياهُ‏
          وراحَ الجوهرُ المكنونُ فيها‏
          يَتلَظَّى‏
          في أَتونٍ‏
          من عَقيقْ‏
          غَمَرَتْهُ غبطةُ العودةِ‏
          نحو الأصلِ‏
          حتّى ذابَ في الأشياءِ‏
          والأشياءُ راحَتْ تتلاشى‏
          في سَديمٍ هائمٍ‏
          بين اْلتماعاتِ البروقْ‏
          -6-‏
          لم يَعُدْ في الكونِ شيءٌ‏
          غيرُ أمواجِ أثيرٍ‏
          تتجلّى‏
          في اْرتعاشاتِ النَغَمْ‏
          وتوارى كلُّ ما كانَ من الأعدادِ‏
          إلا مُفْرَدٌ‏
          لا يقبلُ القسمةَ والجمعَ‏
          ولا أسَّ لَهُ‏
          لم يبتدئْ في زمنٍ‏
          لا ينتهي في زَمَنٍ‏
          منهُ الذي يأتي‏
          وما سَوفَ‏
          ومنهُ‏
          ما أتى منذُ القِدَمْ‏
          -7-‏
          دَخَلَتْ في ضدّها الأشياءُ‏
          مَنْ ذا يعرفُ الضدَّ‏
          إذا غابَ المسمّى‏
          خرجت من ليلها الأحلامُ‏
          واسْتَلْقَتْ‏
          على مصطبةِ الفجرِ المدمّى‏
          عادتِ الرؤيا‏
          إلى مكمنها السريِّ‏
          تجلو جسمها الواهنَ‏
          في نبعِ النبوءاتِ‏
          وتمحو‏
          ما اعتراها من فِصَامْ‏
          تفتحُ الأبوابَ‏
          كي ينطلقَ الحبُّ‏
          إلى أعلى الذرا‏
          تحضنُ نزفَ الشوقِ‏
          كي ينبثقَ الوردُ‏
          ويخضرَّ الكلامْ‏

          -8-‏
          انتَشَرَتْ في المادّةِ الروحُ‏
          وصارتْ للأحاسيسِ جسومٌ‏
          وكيانٌ حاضرٌ‏
          في اللامكانْ‏
          صَعَدَ الأسفلُ للأعلى‏
          اْضمَحَلَّ الإرتفاعُ‏
          امتَزَجَتْ في قطرةٍ واحدةٍ‏
          كلُّ الجهاتِ‏
          انصَهَرَ الأمسُ بنارِ الغدِ‏
          والإثنانِ صارا‏
          من نسيج (الآن)‏
          واْنهَدَّ الزمانْ‏


          -9-‏
          هل هي العودةُ نحو الصفرِ‏
          لا‏
          بل ربّما كانت رحيلاً‏
          نحو أقصى نقطةٍ‏
          تسعى إليها الكائناتْ‏
          هي شيءٌ يشبه الموتَ إذَنْ‏
          لا‏
          إنّها لبُّ الحياةْ‏

          -10-‏
          غَيْمَةٌ كانت تَجُرُّ الريحَ‏
          عادَ الوقتُ يقتات الحصى‏
          أينَ تَرَكتَ القلبَ‏
          هل ضَيَّعْتَ أشياءَكَ‏
          ما الجدوى إذَنْ‏
          لا‏
          لا تَسَلْهُ‏
          ربّما يستيقظُ الآنَ‏
          فتغفو الكلماتْ.‏

          إذا الشعب يوما أراد الحياة
          فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
          و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
          و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

          تعليق


          • #6
            رد: الرحيل نحو الصفر : شعر

            مدارات الوصل
            -1-‏
            خائضاً لجَّة الفصلِ‏
            يعصفُ في داخلي‏
            شَغَفُ الوصْلِ‏
            أفردُ أجنحتي‏
            فوقَ غَمرِ الهواجسِ‏
            مُندفعاً‏
            نحو قبّةِ رؤيا‏
            تَيَقَّنْتُ أَنّكِ في فيئها‏
            تَنْسُجينَ مَلامحَ وجهي‏
            وما مَرَّ في خاطري‏
            أَنْ أكونَ بغيرِ ملامحَ‏
            حتّى تَغَرَّبْتُ عن جسدي‏
            فرأيتُكِ‏
            أبعدَ من رَفَّةِ القلبِ‏
            أقربَ من قَلَقِ الروحِ‏
            أعمقَ من هزَّةِ الخَلقِ‏
            في بُرْهَةِ الإبتداءْ‏
            .‏
            كنتُ مثلَ الهلامِ الذي‏
            لم يجدْ حَيِّزاً‏
            من فضَاءْ‏
            بينما أنتِ كامنةٌ‏
            في هيولى العناصرِ‏
            وَهْجُ حضوركِ يَنْضَحُ‏
            من كلِّ ما يَتَجَلَّى الوجودُ بِهِ‏
            نَسَماتُ العشيّاتِ تَحْمِلُ دِفْئَكِ‏
            صوتُكِ مُنْدَغِمٌ‏
            بخريرِ الجداولِ‏
            مَلْمَسُ جلدكِ يَنْقُلُهُ البَدْرُ‏
            في ضَوئِهِ‏
            والبراري‏
            تدينُ بأنفاسها‏
            للهاثِكِ‏
            في ذروةِ الإنتشاءْ‏
            .‏
            هكذا‏
            هكذا رُحْتُ أُدرِكُ‏
            أني الوحيدُ الذي‏
            خَلَّفَتْهُ الحياةُ‏
            على شاطئٍ‏
            من هَبَاءْ‏
            -2-‏
            عندما رَجَفَ الماءُ‏
            فَتَّشْتُ عن نَوْرَسٍ‏
            لم أجدْ‏
            غيرَ طيفكْ‏
            عندما اْرتَعَدَ الليلُ‏
            أسرَجْتُ قلبي‏
            وغامرتُ نحو الأقاصي‏
            ولمّا بَلَغْتُ المشارفَ‏
            أَدْرَكتُ‏
            أنَّ الدروبَ جميعاً‏
            تسيرُ‏
            على حَدِّ سيفِكْ‏
            .‏
            عندما اْلتَهَمَ البردُ‏
            آخرَ أشلاءِ ناري‏
            مَدَدْتُ يدي‏
            أَستَمِدُّ بقيَّة دفءٍ‏
            ولكنها‏
            لم تلامسْ سوى‏
            نَبْضِ جمركْ‏
            عندما قلتُ‏
            حانَتْ نهايةُ أسطورتي‏
            لم يعدْ بي‏
            إلى بَهْجَةِ البَدْءِ‏
            إلا تَفَتُّحُ زَهْرِكْ‏
            .‏
            ها أنا الآن أخرجُ‏
            من لجّةِ الفصلِ‏
            مرتدياً جَسَدي‏
            سابحاً‏
            في مداراتِ وَصلِكْ‏
            نازعاً حُجُبي‏
            كاشفاً‏
            سِرَّ عقمِ المرايا التي‏
            لم تُعَمَّدْ بظلِّكْ‏
            لا بقاءَ لكينونةٍ‏
            لم تُعَرِّشْ‏
            على سورِ حَقْلِكْ‏
            -3-‏
            ربّما خُلِقَ الكونُ‏
            من شَهقَةٍ‏
            فَطَرَتْ كَبِدَ العَدَمِ‏
            ربما لَمَعَ الشوقُ‏
            في مُقْلَةٍ‏
            فَتَلأْلأَ في أُفُقِ الغيبِ‏
            بَرْقٌ‏
            تَشَظَّى نجوماً‏
            تَضُخُّ الخصوبَةَ‏
            في السُدُمِ‏
            ربّما اْختَلَجَتْ شَفَةٌ‏
            فاْنتشَى في الفراغِ‏
            أثيرٌ‏
            ورَاحَ يُرقِّصُ أمواجَهُ‏
            في دمي‏
            ربّما‏
            ذاتَ حبٍّ‏
            تَعَرَّقَ نَهْدٌ‏
            فَبَلَّلَ وَجْهَ السماءِ التي‏
            خَبَّأَتْ‏
            عُريَها‏
            في فمي‏
            ربّما كانَ عشقُكِ‏
            قبلَ الخليقةِ‏
            طيناً‏
            تَكَوَّنْتُ منهُ‏
            فكيفَ أعيشُ بغيرِ الهوى‏
            وكياني‏
            إلى طينهِ‏
            ينتمي.‏ "

            إذا الشعب يوما أراد الحياة
            فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
            و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
            و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

            تعليق


            • #7
              رد: الرحيل نحو الصفر : شعر

              مدارات الوصل
              -1-‏
              خائضاً لجَّة الفصلِ‏
              يعصفُ في داخلي‏
              شَغَفُ الوصْلِ‏
              أفردُ أجنحتي‏
              فوقَ غَمرِ الهواجسِ‏
              مُندفعاً‏
              نحو قبّةِ رؤيا‏
              تَيَقَّنْتُ أَنّكِ في فيئها‏
              تَنْسُجينَ مَلامحَ وجهي‏
              وما مَرَّ في خاطري‏
              أَنْ أكونَ بغيرِ ملامحَ‏
              حتّى تَغَرَّبْتُ عن جسدي‏
              فرأيتُكِ‏
              أبعدَ من رَفَّةِ القلبِ‏
              أقربَ من قَلَقِ الروحِ‏
              أعمقَ من هزَّةِ الخَلقِ‏
              في بُرْهَةِ الإبتداءْ‏
              .‏
              كنتُ مثلَ الهلامِ الذي‏
              لم يجدْ حَيِّزاً‏
              من فضَاءْ‏
              بينما أنتِ كامنةٌ‏
              في هيولى العناصرِ‏
              وَهْجُ حضوركِ يَنْضَحُ‏
              من كلِّ ما يَتَجَلَّى الوجودُ بِهِ‏
              نَسَماتُ العشيّاتِ تَحْمِلُ دِفْئَكِ‏
              صوتُكِ مُنْدَغِمٌ‏
              بخريرِ الجداولِ‏
              مَلْمَسُ جلدكِ يَنْقُلُهُ البَدْرُ‏
              في ضَوئِهِ‏
              والبراري‏
              تدينُ بأنفاسها‏
              للهاثِكِ‏
              في ذروةِ الإنتشاءْ‏
              .‏
              هكذا‏
              هكذا رُحْتُ أُدرِكُ‏
              أني الوحيدُ الذي‏
              خَلَّفَتْهُ الحياةُ‏
              على شاطئٍ‏
              من هَبَاءْ‏
              -2-‏
              عندما رَجَفَ الماءُ‏
              فَتَّشْتُ عن نَوْرَسٍ‏
              لم أجدْ‏
              غيرَ طيفكْ‏
              عندما اْرتَعَدَ الليلُ‏
              أسرَجْتُ قلبي‏
              وغامرتُ نحو الأقاصي‏
              ولمّا بَلَغْتُ المشارفَ‏
              أَدْرَكتُ‏
              أنَّ الدروبَ جميعاً‏
              تسيرُ‏
              على حَدِّ سيفِكْ‏
              .‏
              عندما اْلتَهَمَ البردُ‏
              آخرَ أشلاءِ ناري‏
              مَدَدْتُ يدي‏
              أَستَمِدُّ بقيَّة دفءٍ‏
              ولكنها‏
              لم تلامسْ سوى‏
              نَبْضِ جمركْ‏
              عندما قلتُ‏
              حانَتْ نهايةُ أسطورتي‏
              لم يعدْ بي‏
              إلى بَهْجَةِ البَدْءِ‏
              إلا تَفَتُّحُ زَهْرِكْ‏
              .‏
              ها أنا الآن أخرجُ‏
              من لجّةِ الفصلِ‏
              مرتدياً جَسَدي‏
              سابحاً‏
              في مداراتِ وَصلِكْ‏
              نازعاً حُجُبي‏
              كاشفاً‏
              سِرَّ عقمِ المرايا التي‏
              لم تُعَمَّدْ بظلِّكْ‏
              لا بقاءَ لكينونةٍ‏
              لم تُعَرِّشْ‏
              على سورِ حَقْلِكْ‏
              -3-‏
              ربّما خُلِقَ الكونُ‏
              من شَهقَةٍ‏
              فَطَرَتْ كَبِدَ العَدَمِ‏
              ربما لَمَعَ الشوقُ‏
              في مُقْلَةٍ‏
              فَتَلأْلأَ في أُفُقِ الغيبِ‏
              بَرْقٌ‏
              تَشَظَّى نجوماً‏
              تَضُخُّ الخصوبَةَ‏
              في السُدُمِ‏
              ربّما اْختَلَجَتْ شَفَةٌ‏
              فاْنتشَى في الفراغِ‏
              أثيرٌ‏
              ورَاحَ يُرقِّصُ أمواجَهُ‏
              في دمي‏
              ربّما‏
              ذاتَ حبٍّ‏
              تَعَرَّقَ نَهْدٌ‏
              فَبَلَّلَ وَجْهَ السماءِ التي‏
              خَبَّأَتْ‏
              عُريَها‏
              في فمي‏
              ربّما كانَ عشقُكِ‏
              قبلَ الخليقةِ‏
              طيناً‏
              تَكَوَّنْتُ منهُ‏
              فكيفَ أعيشُ بغيرِ الهوى‏
              وكياني‏
              إلى طينهِ‏
              ينتمي.‏

              إذا الشعب يوما أراد الحياة
              فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
              و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
              و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

              تعليق


              • #8
                رد: الرحيل نحو الصفر : شعر

                سجّادة الأيام
                على سجّادة الأيّامِ‏
                أَرْمي جَذْوَةَ القَلَقِ‏
                ومِنْ أغوارِ ليلِ القلبِ‏
                أَنْبشُ وشْمَ داليةٍ‏
                تَحَدَّتْ غربتي بالصمتِ‏
                واْتّكَأَتْ‏
                على قضبانِ نافذتي‏
                لتحرسَ ضحكتي‏
                وتصونَ لي لغتي‏
                وترقب عودتي‏
                في موكبٍ من نرجسٍ‏
                يختال‏
                بينَ خمائلِ الأَلَقِ‏
                .‏
                أَلُمُّ عن الدروبِ غبارَ أَسئِلَتي‏
                وأُطلقُ في السهوبِ‏
                وعولَ أَخْيِلَتي‏
                وأَنتَشِلُ التفاصيلَ التي أَلْقَيْتُها‏
                من زورقي‏
                لمَا اْعتراني هاجسُ الغرَقِ‏
                .‏
                أَتوقُ إلى معارجِ نجمةٍ‏
                كانتْ‏
                تَفيضُ عَليَّ أسراراً‏
                وسحراً‏
                حين أفرشُ تحتها قلبي‏
                ومنذُ رَحَلْتُ عنها‏
                سَمَّرَتْ أوصالها‏
                في صَفحةِ الأفقِ‏
                .‏
                وأَرشفُ من سماءِ الحارةِ الطينيّةِ‏
                الفرحَ الذي ما زالَ‏
                يَسبحُ في الهواءِ‏
                مُعَلَّقاً‏
                في ذيلِ طائرةٍ من الورقِ‏
                .‏
                أزيحُ ستارةَ الضوضاءِ‏
                عن ترجيعِ أغنيةٍ‏
                تُرفرفُ حولَ رأسي عندما أغفو‏
                وتجري في عروقي حينما أطفو‏
                على حِمَمٍ‏
                من الأَرَقِ‏
                .‏
                أًحَاوِرُ طيفَ وجهٍ‏
                لم يزلْ رغمَ الضبابِ‏
                يَبثُّني النجوى‏
                نسيماً عندَ مَطْلَعِ كلِّ فَجْرٍ‏
                أو‏
                شعاعاً حين تَرْفُلُ غيمةٌ‏
                بعباءَةِ الغَسَقِ‏
                .‏
                أُحَلِّقُ في فضاءِ سَقيفَةٍ‏
                شَهِدَتْ حماقاتي‏
                وأَخْفَتْ أوَّلَ الهمساتِ‏
                والرعشاتِ‏
                واْحتَفَظَتْ‏
                بسرِّ اللطخةِ الحمراءِ‏
                في عُنُقي‏
                .‏
                وأكشفُ في الأثيرِ عن ابتهالاتٍ‏
                لأحبابٍ‏
                يَلفّونَ الزمانَ على أصابِعهمْ‏
                لتنبعثَ المواعيدُ التي رَقَدَتْ‏
                على أرض الحديقةِ‏
                أو وراءَ السورِ‏
                أو في المنزلِ المهجورِ‏
                أو في موقفِ الباصاتِ‏
                عندَ تقاطعِ الطرقِ‏
                .‏
                أَفضُّ الخَتْمَ عن صندوقٍ اْختَبَأَتْ‏
                بداخلهِ‏
                رسائلُ لم أُجِبْ عنها‏
                وأكداسٌ من الصورِ التي أهملتُها‏
                حتّى‏
                كأني قبلَ هذا اليومِ لم أَرَهَا‏
                وتذكاراتُ حبٍّ‏
                لم تزل بالرغمِ من صدَأِ السنينِ‏
                تُثيرُ أمواجاً‏
                تَرجُّ مرافئَ الحَدَقِ‏
                .‏
                أَراجعُ سيرةَ الريحِ التي غَطَّتْ‏
                مغامرتي‏
                بنشرِ سحائبِ العَبَقِ‏
                ولمّا غابتِ الشطآنُ‏
                واْحتَدَمَ الحنينُ‏
                تَسَلَّلَتْ من خلفِ أشرعتي‏
                وخَلَّتني وحيداً‏
                في مَهَبِّ الشوقِ‏
                أَنسجُ رايةَ العصيانِ‏
                من دمعي‏
                ومن عَرَقي‏
                فقلتُ سأخرقُ التيهَ الذي وقَفَتْ‏
                على أبوابِهِ روحي‏
                إلى أن أستبيحَ ذراهُ‏
                ثم أعودُ مَزْهُوّاً‏
                لأرويَ بالأساطيرِ التي حَاوَلْتُها‏
                أشجارَ منطلقي‏
                .‏
                على سجّادة الأيّامِ‏
                أرمي جَذْوَةَ القَلَقِ‏
                فهل تبقي لنا الأيّامُ‏
                مُتَّسَعَاً‏
                سوى الوَرَقِ.؟‏

                إذا الشعب يوما أراد الحياة
                فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                تعليق


                • #9
                  رد: الرحيل نحو الصفر : شعر

                  الأرواح ترفرف فوق قانا
                  -1-‏
                  انْفَجَرَ الضوءُ‏
                  والصوتُ أَفْرَغَ أَحْشَاءَهُ‏
                  اْرتَجَّتِ الأرضُ‏
                  سالتْ دماءُ الصخورِ‏
                  تناثَرَ فوقَ سَعيرِ الترابِ‏
                  رمادُ الشجرْ‏
                  كُتَلُ اللحمِ ممزوجةٌ‏
                  ببقايا ثيابٍ مُضَرَّجَةٍ‏
                  دَبَّ فيها النسيسُ‏
                  وأَزَّتْ شظايا العظامِ الطريّةِ‏
                  واْنصَهَرَ الكونُ‏
                  لكنَّهُ وَحْدَهُ الوقتُ‏
                  راحتْ تحاصِرُهُ النارُ‏
                  من كلِّ صوبٍ‏
                  ولا ينصهرْ‏
                  -2-‏
                  كان طفلٌ‏
                  يلاحقُ ألوانَ أحلامِهِ‏
                  يَتَهَجَّى إشاراتِ أعضائِهِ‏
                  يتلقّى الرموزَ الجديدةَ‏
                  مما يحيطُ بهِ‏
                  من معالمِ كينونةٍ غَضَّةٍ‏
                  يستعدُّ‏
                  ليكشفَ أسرارَها‏
                  يتململُ منتظراً أن يلامسَهُ‏
                  ما يدرُّ عليه حناناً ودفئاً‏
                  ويغمرُهُ‏
                  بالسلامِ الحميمْ‏
                  لم يكدْ يتقرَّى‏
                  ملامحَ أشياءِ عالمِهِ‏
                  حين دوّى اْنفجارٌ‏
                  وعَمَّ الجحيمْ‏
                  -3-‏
                  عندما اْنبثَقَتْ روحُهُ‏
                  كي ترفرفَ‏
                  فوق نثيراتِ أشلائِهِ‏
                  اكتشفتْ أنّها لم تكنْ وحدَها‏
                  فالفضاءُ يعجُّ‏
                  بأرواح من غَطَّتِ الأرضَ‏
                  أجزاءُ أجسادِهمْ‏
                  بعدَ أن صَبَّتِ الطائراتُ‏
                  عناقيدَها‏
                  هرعتْ روحُ أمٍّ‏
                  وراحت تُهدِّئُ‏
                  من رَوْع روحِ الرضيعِ‏
                  فقالت لها:‏
                  -لا تخافي.. اْتركي الأرضَ‏
                  واْنطلقي‏
                  في شعابِ السماءِ القريبةِ‏
                  لكنَّ روحَ الرضيعِ التي‏
                  أذْهَلَتْها المشَاهدُ‏
                  راحت تُغَمْغِمُ واجفةً‏
                  -كيف تجري الفظائعُ‏
                  تحتَ السماءِ‏
                  ولا تَتَدَخَّلُ‏
                  ثم نعودُ لنزعمَ‏
                  أنَّ السماءَ قريبهْ‏
                  -4-‏
                  غَضِبَتْ روحُ شيخٍ‏
                  وصاحت:‏
                  -لماذا نُحَمِّلُ أخطاءَنا‏
                  للسماءِ التي طَلَبَتْ‏
                  أن نُعِدَّ لهم ما اْستطعنا‏
                  ونحنُ الذين أشحنا الوجوهَ‏
                  ورحنا نشاغلُ أنفسنا‏
                  بالبهارجِ‏
                  يا ليت إخوتنا الآن يعتبرونَ‏
                  ولكن روحاً لشابٍّ صغيرٍ‏
                  أضافت:‏
                  -رويداً‏
                  فإخوتُنا مثلَ إخوةِ يوسفَ‏
                  ينتظرون نهايتنا‏
                  كي ينالوا فتاتَ الموائدِ‏
                  حين تُمَدُّ اْحتفالاً‏
                  بإيداعنا‏
                  متحفَ الكائناتِ الغريبهْ‏
                  -5-‏
                  سَأَلَتْ روحُ بنتٍ:‏
                  -لماذا الجدالُ‏
                  فها نحنُ نِلْنا الشهادةَ‏
                  والآنَ حقَّ لنا أن نغادرَ آلامنا‏
                  ونطيرَ‏
                  إلى حيث ينْعمُ أمثالُنا‏
                  بالخلاصِ الأخيرْ‏
                  -6-‏
                  اعْتَرَضَتْ روحُ أمٍّ:‏
                  -وأبناؤنا‏
                  هل سنتركهمْ‏
                  لاهثينَ وراءَ السرابِ‏
                  ومستسلمينَ لبئس المصيرْ‏
                  -لا‏
                  -فماذا إذن‏
                  -سوف نبقى هنا‏
                  -7-‏
                  سوف نبقى هنا‏
                  سَنُطَوِّفُ فوقَ السهولِ‏
                  وحولَ الجبالِ‏
                  وبين البراري‏
                  نمرُّ مع الضوءِ‏
                  ندخلُ بين شقوقِ الترابِ‏
                  نسيلُ مع الماءِ‏
                  نَنْفذُ بين ثنايا الهواءِ‏
                  نجوبُ الدروبَ‏
                  نزورُ البيوتَ‏
                  نرفرفُ فوق الأسرّةِ‏
                  نجلس حولَ الموائدِ‏
                  نقبعُ بين الممراتِ‏
                  نقرعُ بلّورَ كلِّ النوافذِ‏
                  نطرقُ أبوابَ كلِّ الغرفْ‏
                  سوف نبقى هنا‏
                  لِنُعَلِّقَ فوقَ بروجِ اليمامِ‏
                  سيوفَ الشرفْ‏

                  إذا الشعب يوما أراد الحياة
                  فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                  و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                  و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                  تعليق


                  • #10
                    رد: الرحيل نحو الصفر : شعر

                    الجرّة المكسورة
                    يذكرُ الآن تماماً‏
                    كانت العينان حَبْلَيْنِ مِن الزرقةِ‏
                    ممدودينِ من شرفتها‏
                    لكنَّهُ في غمرةِ الروعةِ‏
                    لم يمسكْ سوى‏
                    خيطِ الدخانْ‏
                    يذكرُ الآن تماماً‏
                    فاحَتِ الزرقةُ‏
                    حتى ثملَ الكونُ‏
                    وأَخْفَتْ وجهَها الأيامُ‏
                    كي تهربَ‏
                    من دورةِ دولابِ الزمانْ‏
                    يذكرُ الآن تفاصيلَ المكانْ‏
                    يذكرُ الحارةَ‏
                    والمدخلَ..‏
                    والوردَ الذي مالَ على البابِ‏
                    وأغفى‏
                    فوق راحاتِ الحنانْ‏
                    .‏
                    يذكرُ الشبّاكَ‏
                    سورَ الياسمينِ‏
                    الحائطَ المغمورَ بالعطرِ‏
                    حفيفَ النسمةِ الجذلى‏
                    عمودَ الكهرباءِ..‏
                    اْلسلْكَ..‏
                    والمصباحَ‏
                    والضوءَ الذي اْنداحَ‏
                    على كومةِ أحجارٍ‏
                    فشعَّ الكهرمانْ‏
                    .‏
                    يذكر الآن غصوناً‏
                    هزَّها الوجدُ‏
                    وأوراقاً‏
                    هَوَتْ في نشوة السكْرِ‏
                    وأزهاراً‏
                    بَدَتْ في فَلَكِ الغبطةِ‏
                    أقمارَ جمانْ‏
                    .‏
                    يذكر العشبَ الذي صفَّقَ‏
                    والطيرَ الذي رفرفَ‏
                    والغيمَ الذي حيَّاهُ عن بعدٍ‏
                    بتلويحةِ حبٍّ‏
                    والفراشاتِ التي نَبَّهَها الهمسُ‏
                    فراحت‏
                    ترتدي أثوابَها البيضَ‏
                    وتدعو النورَ كي يمنحَهَا‏
                    رقصَتَهُ الأولى‏
                    أمامَ المهرجانْ‏
                    .‏
                    يذكر الآن الأماني‏
                    والأغاني‏
                    والحكايات التي خبَّأَها‏
                    في جَرَّةٍ ألقى بها‏
                    في قاع أَحلام الصبا‏
                    مَنْ كَسَرَ الجرَّةِ‏
                    مَنْ أَيْقَظَ فيهِ‏
                    لوعَةَ العمرِ‏
                    ومَنْ أضْرَمَ نار الهذيانْ؟‏
                    .‏
                    هبَّ من رقدتِهِ‏
                    كان على الشبّاكِ نَقْرٌ‏
                    وعلى السطح ضجيجٌ‏
                    ووراء البابِ‏

                    أصواتُ خُطاً تسرعُ‏
                    هل فاتَ الأوانْ..؟‏
                    .‏
                    جَرَّ رجليهِ إلى طاولةِ المكتبِ‏
                    واْنكَبَّ على دفترهِ‏
                    يرسمُ فجراً أزرقَ العينينِ‏
                    يأتيهِ‏
                    على صهوةِ وَعْدٍ‏
                    طالعٍ‏
                    من شَفَقِ الذكرى‏
                    ومن عاصفة الشوقِ‏
                    وبَرْقِ العنفوانْ‏
                    .‏
                    أَغْلَقَ الدفترَ..‏
                    والبابَ..‏
                    وغطّى الجرَّةَ المكسورةَ‏
                    اْنسَلَّ إلى الشارعِ‏
                    واْنضَمَّ‏
                    إلى الحشدِ الذي يركضُ..‏
                    كانَ الوَحْلُ‏
                    في كلِّ مكانْ‏

                    إذا الشعب يوما أراد الحياة
                    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                    تعليق


                    • #11
                      رد: الرحيل نحو الصفر : شعر

                      المجذاف
                      -1-‏
                      لا يترُكُ المجذاف‏
                      عيناهُ على الأفقِ البعيدِ‏
                      وقلبُهُ يَتَصَيّدُ الأقمارَ‏
                      حينَ تطلُّ من شرفاتها‏
                      مفتونةً‏
                      بالزورقِ المحمول‏
                      فوق مناكبِ الأمواجِ‏
                      في عرسِ الرحيلْ‏
                      أحزانُهُ نُدَفٌ‏
                      يُبَعْثِرُها رفيفٌ غامضٌ‏
                      ورؤاهُ أسرابٌ تُحَوِّمُ‏
                      في فضاءاتِ الذهولْ‏
                      كلماتُهُ ترعى إشاراتِ المدى‏
                      وتَعُبُّ من قطرِ الندى‏
                      لترشَّ أهدابَ الفصولْ‏
                      -2-‏
                      لا يترُكُ المجذافَ‏
                      يَعْبَثُ بالرذاذِ وبالزمانِ‏
                      يعاكسُ التيّار والأحلامَ‏
                      يلهو‏
                      باْنكسارِ الضوءِ والرغباتِ‏
                      يَحْتَضِنُ انفجاراتِ الكواكبِ‏
                      والمشاعرِ‏
                      يحتفي‏
                      بأشعةِ الشمسِ التي‏
                      تُفْضي إليهِ بسرِّ نشوتها‏
                      إذا استَلْقَتْ على جَسَدِ الأصيلْ‏
                      يحنو على نجمٍ هوى‏
                      من برجِهِ‏
                      فَتَلَقَّفَتْهُ حمامةٌ بجناحها‏
                      حتى اْستكانَ‏
                      فراحَ يَلهجُ بالهديلْ‏
                      ويذوبُ وجداً‏
                      إنْ رأى برقاً‏
                      يُراودُ غيمةً عن نفسها‏
                      حتى تفيضَ‏
                      فتغمر الدنيا بأفراحِ الهطولْ‏
                      ويطيرُ خلفَ نوارسٍ‏
                      سَئمَتْ رتابةَ عالمِ الشطآنِ‏
                      فاْنطلَقَتْ‏
                      تُفَتّشُ‏
                      عن بديل‏
                      -3-‏
                      لا يتركُ المجذافَ‏
                      كان بوسعِهِ أن يستكينَ‏
                      إلى الهدوءِ‏
                      وأن يُرَوِّضَ روحَهُ‏
                      كي تستطيعَ العيشَ في دِعَةٍ‏
                      وكانَ بوسعِهِ‏
                      منذ البدايةِ‏
                      أن يُهيِّءَ نَفْسَهُ‏
                      للنومِ في قبرِ السهولْ‏
                      لكنّهُ اختارَ الحياةَ‏
                      ولا حياةَ‏
                      إذا تَقَمَّصَ جلدَ حرباءٍ‏
                      ورأسَ نعامةٍ‏
                      واْرتاحَ في ظلِّ النخيلْ‏
                      -4-‏

                      منذ البدايةِ كان في أعماقِهِ‏
                      مهرُ جَمُوحٌ‏
                      لا يكفُّ عن الصهيلْ‏
                      وفراشةٌ حمقاءُ‏
                      لا تهوى سوى لمحِ الجمالِ‏
                      ولو تَخَبَّأَ‏
                      في جفونِ المستحيلْ‏
                      وبراعمٌ تزهو‏
                      بأنَّ يَفَاعَها الأبديَّ‏
                      لا يخشى النوائبَ‏
                      أو يهدِّدُهُ ذُبُولْ‏
                      وجرارُ أحلامٍ‏
                      اذا اْنسَكَبَتْ على الجوزاءِ‏
                      أغرقتِ المجرَّةَ‏
                      بالسيولْ‏
                      -5-‏
                      منذ البدايةِ‏
                      كان يعرفُ أنَّهُ‏
                      من نَسْلِ ريحٍ‏
                      لا يقرُّ لها مقامٌ‏
                      أو تحدِّدُها تخومٌ‏
                      أو تسيرُ على دليلْ‏
                      لا ينتمي‏
                      إلا إلى النورِ الذي‏
                      يَتَخَلَّلُ الأشياءَ‏
                      يكشفُ سرَّ جَوْهَرِها النبيلْ‏
                      أقرانه:‏
                      البحرُ الذي لا يعتريهِ الضيقُ‏
                      والنارُ التي لا تسْتَضيءُ‏
                      بغيرِ وَهْجِ فؤادِها‏
                      والليلُ‏
                      حينَ يَضمُّ أضدادَ الورى‏
                      في ثوبهِ الداجي الجليلْ‏
                      -6-‏
                      منذ البدايةِ‏
                      كان يبحثُ عن سبيلْ‏
                      ليقولَ ما يحيا‏
                      ويحيا‏
                      ما يقولْ‏
                      فاْستلَّ مجذافَ الكلامِ‏
                      من الصدى ومن الركامِ‏
                      وراحَ يبحرُ في شرايينِ الوجودِ‏
                      مُيَمِّمَاً‏
                      شَطْرَ الأصولْ‏
                      -7-‏
                      لنْ يتركَ المجذافَ‏
                      مازالت دروبُ حياتهِ حبلى‏
                      فكيفَ يغيبُ عنها‏
                      أو‏
                      يُغَيِّبُها‏
                      بتعجيلِ الوصولْ.‏

                      إذا الشعب يوما أراد الحياة
                      فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                      و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                      و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                      تعليق

                      يعمل...
                      X