الطربوش في سوريا
ماضي رمز الوجاهة والأناقة
الطربوش ظاهرة انقرضت أو تنقرض بمرور الزمن، وقد اهتم الرجل العربي بألبسة الرأس منذ القدم لأنها تتوج رأسه وتظهره بمظهر لائق أمام الناس ونادراً ما كان يظهر حاسر الرأس
لأن ذلك كان أمراً معيباً ومخالفاً للمألوف وقد طال ألبسة الرأس مثل غيرها من الأزياء الكثير من التطور والتبدل سواء عند النساء أم الرجال، وإن كان تطور لباس رأس الرجال أسرع وأكثر تنوعاً وتبايناً واتقاناً.
ومن ألبسة الرأس الرجالية التي اشتهرت في الماضي «القاووق» أو «القلبقط»، و «العُرف» و«الطبزة» و «التاج» و «اللبادة»، وهي ألبسة انقرضت منذ عشرات السنين وانقرضت صناعتها، ولم يبق منها شيء يذكر بعد أن كان لكل واحد منها دلالة على مكانة صاحبها ووظيفته الاجتماعية.
غير أن سيد هذه الألبسة هو الطربوش الذي كان في الماضي رمزاً للوجاهة والأناقة، وقد عرف المجتمع السوري هذا النوع من الزي منذ أكثر من مئة عام وكان العامل الأساسي في انتشاره وشيوعه هو الفرمان الشاهاني الذي أصدره السلطان العثماني محمود الثاني والذي اهتم بلباس رجال دولته ورعيته، وحدد في هذا الفرمان طول الشارب واللحية وطراز الجبة وعرض أكمامها، وأوجب لبس الطربوش كلباس للرأس معترفاً به رسمياً، بل كان أول من لبس الطربوش من سلاطين الدولة العثمانية ويذكر المؤرخ محمد سعيد القاسمي في كتابه «قاموس الصناعات الشامية» إن الطرابيش في عهد السلطان محمود كانت تجلب من البلاد الأجنبية، وبدأ أمرها ينتشر حتى عم واستعاضت الناس به عن جميع ما تقدم من القاووق والعُرف والطبزة واللبادة والبقية من مشايخ الطرق لم تزل محافظة على هيئة أسلافها تعيشاً بها وصارت الناس تعتم على الطربوش، ثم وجدوا كبر العمامة فيه غلظة، فأخـذوا يتلطفون في تصغيرها حتى آل الأمر إلى ما نراه».
ويرى القاسمي أن عمة الطربوش البيضاء لم تكن زياً لكل العلماء في دمشق فالشريف يلف الأغباني عليه، والعمة البيضاء بزيها المتقن الآن كانت خاصة بقضاة دمشق الأتراك فقط.
وأخذ ولاة السلطان محمود يفرضون الطربوش على رجال الدولة وصغار الموظفين فلبسوه امتثالاً ورهبة، أما الشعب فلم يرق له الطربوش في البدء وبالنسبة لكلمة الطربوش فهي محرفة عن الفارسية وتعني زينة رأس الأمير ثم حُرفت إلى «شربوش».
وقد بدأ زوال الطرابيش الحمراء نسبياً من شوارع المدن السورية مع المرسوم الجمهوري الذي أصدره الرئيس حسني الزعيم عام 1949 والذي منع بموجبه الموظفين والمستخدمين لدى الحكومة من ارتدائه ثم ألحقه بمرسوم طريف آخر منع بموجبه السير بالشوارع بلباس البيجاما متأثراً بمراسيم كمال أتاتورك في تركيا آنذاك وبعد نهاية حكم الزعيم ألغى الرئيس هاشم الأتاسي مرسوم الطرابيش والبيجاما.
ويقال إن آخر طرابيشي في سورية عثر عليه في زقاق حمصي قديم وهو الحاج «عبد الفتاح تربة دار» وتقول الرواية إنه كان المكوجي الخاص لطربوش الرئيس هاشم الأتاسي.
ومن مشاهير زعماء سورية الذين لبسوا الطربوش الرئيس هاشم الأتاسي والزعيم سعد الله الجابري والرئيس شكري القوتلي
والسياسي الأديب فخري البارودي، ورئيس وزراء سورية الأسبق فارس الخوري والذي يروي الكاتب السوري المعروف عادل أبو شنب عن طربوشه قصة طريفة في كتابه «شوام ظرفاء» حيث يقول «مرّ فارس الخوري بأحد أسواق دمشق فرأى طربوشاً يناسب رأسه فجربه وسأل عن ثمنه، فوضع البائع رقماً كبيراً ولعله رفع الثمن لندرة وجود طربوش يستوعب رأس زبونه، لكن الخوري استغلاه وهمّ بالانصراف، فقال له البائع اسمع يا فارس بيك، لو درت الدنيا كلها من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها لما وجدت طربوشاً كهذا يناسب رأسك «المبجبج» ما شاء الله، وردّ السياسي السوري البارز فارس الخوري في الحال: اسمع يا أخانا أنت أيضاً لو درت الدنيا كلها لما وجدت رأساً كرأسي يجيء طربوشك عليه «حفر وتنزيل» ويقال: إن الخوري أخذ الطربوش برأسماله.
لأن ذلك كان أمراً معيباً ومخالفاً للمألوف وقد طال ألبسة الرأس مثل غيرها من الأزياء الكثير من التطور والتبدل سواء عند النساء أم الرجال، وإن كان تطور لباس رأس الرجال أسرع وأكثر تنوعاً وتبايناً واتقاناً.
ومن ألبسة الرأس الرجالية التي اشتهرت في الماضي «القاووق» أو «القلبقط»، و «العُرف» و«الطبزة» و «التاج» و «اللبادة»، وهي ألبسة انقرضت منذ عشرات السنين وانقرضت صناعتها، ولم يبق منها شيء يذكر بعد أن كان لكل واحد منها دلالة على مكانة صاحبها ووظيفته الاجتماعية.
غير أن سيد هذه الألبسة هو الطربوش الذي كان في الماضي رمزاً للوجاهة والأناقة، وقد عرف المجتمع السوري هذا النوع من الزي منذ أكثر من مئة عام وكان العامل الأساسي في انتشاره وشيوعه هو الفرمان الشاهاني الذي أصدره السلطان العثماني محمود الثاني والذي اهتم بلباس رجال دولته ورعيته، وحدد في هذا الفرمان طول الشارب واللحية وطراز الجبة وعرض أكمامها، وأوجب لبس الطربوش كلباس للرأس معترفاً به رسمياً، بل كان أول من لبس الطربوش من سلاطين الدولة العثمانية ويذكر المؤرخ محمد سعيد القاسمي في كتابه «قاموس الصناعات الشامية» إن الطرابيش في عهد السلطان محمود كانت تجلب من البلاد الأجنبية، وبدأ أمرها ينتشر حتى عم واستعاضت الناس به عن جميع ما تقدم من القاووق والعُرف والطبزة واللبادة والبقية من مشايخ الطرق لم تزل محافظة على هيئة أسلافها تعيشاً بها وصارت الناس تعتم على الطربوش، ثم وجدوا كبر العمامة فيه غلظة، فأخـذوا يتلطفون في تصغيرها حتى آل الأمر إلى ما نراه».
ويرى القاسمي أن عمة الطربوش البيضاء لم تكن زياً لكل العلماء في دمشق فالشريف يلف الأغباني عليه، والعمة البيضاء بزيها المتقن الآن كانت خاصة بقضاة دمشق الأتراك فقط.
وأخذ ولاة السلطان محمود يفرضون الطربوش على رجال الدولة وصغار الموظفين فلبسوه امتثالاً ورهبة، أما الشعب فلم يرق له الطربوش في البدء وبالنسبة لكلمة الطربوش فهي محرفة عن الفارسية وتعني زينة رأس الأمير ثم حُرفت إلى «شربوش».
وقد بدأ زوال الطرابيش الحمراء نسبياً من شوارع المدن السورية مع المرسوم الجمهوري الذي أصدره الرئيس حسني الزعيم عام 1949 والذي منع بموجبه الموظفين والمستخدمين لدى الحكومة من ارتدائه ثم ألحقه بمرسوم طريف آخر منع بموجبه السير بالشوارع بلباس البيجاما متأثراً بمراسيم كمال أتاتورك في تركيا آنذاك وبعد نهاية حكم الزعيم ألغى الرئيس هاشم الأتاسي مرسوم الطرابيش والبيجاما.
ويقال إن آخر طرابيشي في سورية عثر عليه في زقاق حمصي قديم وهو الحاج «عبد الفتاح تربة دار» وتقول الرواية إنه كان المكوجي الخاص لطربوش الرئيس هاشم الأتاسي.
ومن مشاهير زعماء سورية الذين لبسوا الطربوش الرئيس هاشم الأتاسي والزعيم سعد الله الجابري والرئيس شكري القوتلي
والسياسي الأديب فخري البارودي، ورئيس وزراء سورية الأسبق فارس الخوري والذي يروي الكاتب السوري المعروف عادل أبو شنب عن طربوشه قصة طريفة في كتابه «شوام ظرفاء» حيث يقول «مرّ فارس الخوري بأحد أسواق دمشق فرأى طربوشاً يناسب رأسه فجربه وسأل عن ثمنه، فوضع البائع رقماً كبيراً ولعله رفع الثمن لندرة وجود طربوش يستوعب رأس زبونه، لكن الخوري استغلاه وهمّ بالانصراف، فقال له البائع اسمع يا فارس بيك، لو درت الدنيا كلها من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها لما وجدت طربوشاً كهذا يناسب رأسك «المبجبج» ما شاء الله، وردّ السياسي السوري البارز فارس الخوري في الحال: اسمع يا أخانا أنت أيضاً لو درت الدنيا كلها لما وجدت رأساً كرأسي يجيء طربوشك عليه «حفر وتنزيل» ويقال: إن الخوري أخذ الطربوش برأسماله.
تعليق