إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نظرة للمقاومة من الداخل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نظرة للمقاومة من الداخل

    نظرة للمقاومة من الداخل








    محمد عرمان



    المحكوم بالمؤبد 36مرة في سجون الإحتلال





    دار النور للنشر









    الطبعة الأولى 2010



    يسمح الكاتب بإعادة طباعة الكتاب دون إذن مسبق منه، مع الالتزام بالنص ونسبته للكاتب.








    إهداء


    إلى أسود المقاومة .. شهدائها .. مطارديها .. مرابطيها ..
    إلى كل من ساهم بدعم المقاومة .. بالكلمة .. بالمال .. بالسلاح .. بالإيواء .. بحفظ السر.. برعاية العائلات..
    إلى الأسرى الذين ينتظرون بفارغ الصبر جنيَ الثمار .. إلى كل من حدثته نفسه بالمقاومة .. إلى والدي الذي صبر وإلى كل والدِ مقاوم.. إلى روح والدتي..
    إلى الاستشهادي البطل فؤاد الحوراني منفذ عملية (موممنت).. إلى الاستشهادي البطل محمد جميل معمر منفذ عملية (ريشون لتسيون) ... إلى بطل الكتائب وسيد الميدان سيد الشيخ قاسم .. إلى إخواني أبطال خلية سلوان المقدسية .. وليد انجاص ..وائل قاسم .. وسام عباسي .. محمد عودة .. علاء العباسي ..
    إلى كل من دعا لنا بالخير من شعوب العالم العربي والإسلامي.. إلى من يغار على قضيتنا .. أقدم هذا العمل .. أسأل الله القبول





    محمد عرمان


    عزل هداريم


  • #2
    رد: نظرة للمقاومة من الداخل

    مدخل


    لعل سوء حال المقاومة في الضفة الغربية هذه الأيام، هو ما شجعني على كتابة هذه الصفحات التي تسلط الضوء على عوائق خط المقاومة، في هذه المرحلة، والتي لربما ترافق القضية في المستقبل إن لم نبادر نحن الذين خضنا التجربة قبل سنوات قليلة، والتي مارسناها على الأرض ضمن نفس التوزيعة السكانية والجغرافية التي نراها اليوم، فالشوارع الالتفافية لم تتغير كثيرا، والشوارع البديلة للشوارع الأصلية لم يضف إليها الكثير، ولم ننقطع عن هذه التفاصيل التي تتراكم يوما بعد يوم، من خلال متابعة الأخبار المسموعة والمرئية والمقروءة، وما يتواتر إلينا نقله من خلال إخواننا الأسرى القادمين من الخارج.
    وكوننا أبناء هذه الأرض وهذه المدن والمحافظات، فإنه من السهل علينا أن ندرك ونشعر ما يوصف لنا، وكأنه عيان أمامنا. إن أحق الناس بالحديث عن هذه المرحلة و تشخيص العوائق فيها، والتي امتدت منذ استشهاد الإمام الشيخ أحمد ياسين في آذار من العام 2004م ما زالت حتى ساعة كتابة هذه السطور العام 2010م.
    من عاش التجربة عمليا بكل ما تعنيه الكلمة، وما تحمله من دلالات، هو نحن الأسرى، فالشهداء رحهمهم الله ذهبوا إلى جوار ربهم، وذهبت معهم تجاربهم وبقي الأسرى مع التجارب التي صنعوا أحداثها أو كانوا مشاركين فيها، وقد عايش الأسرى ردود الأفعال على هذه الأحداث ...
    إن الهدف من كتابة هذا العمل، هو الخلوص إلى إستراتيجية قادرة على النهوض بالمقاومة من تعثرها في الضفة، وتوجيهها ضد الاحتلال بحيث تكون مقاومة مسلحة وشعبية، وتحويلها إلى عامل لتوحيد الشعب وتسخير الطاقات؛ للضغط على نقاط ضعف الاحتلال الإسرائيلي بما يتلاءم مع خوض مواجهة طويلة الأمد، تكون خسائرها محتملة فلسطينيا وتتحول إلى حرب استنزاف، تجعل الاحتلال مشروعا خاسرا في نظرهم قبل غيرهم.
    رأيت أنه من الواجب الحديث عن مشكلة تواجهنا نحن أبناء حماس، فيما يتعلق بالمقاومة في الضفة الغربية، قبل الخوض في الحديث عن الرؤية للمقاومة كيف نريدها في هذه المرحلة.
    إننا نعمل بالنصيحة التي تقول إن أي طرف مطالب بإبداء رأيه لا بد وأن يكون في صورة كل ما هو جار بكل تفاصيله.
    نسأل الله أن يكون هذا العمل عونا لمن يطالعه، وأن ينفع به الباحثين والمهتمين في شأن المقاومة.



    من هنا نبدأ...


    لا بد لنا من العودة إلى الخلف سنوات قليلة؛ لنستعرض أهم الأحداث التي مررنا بها، وإن كتب لنا التوفيق في اختيار العام الذي نبدأ به فسيكون العام 2004م، وتحديدا بعد شهر آذار ففي هذا الشهر وقع حدث مروع هز الحركة وهو استشهاد الإمام أحمد ياسين رحمه الله تعالى، وتلا ذلك اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في نيسان من نفس العام.
    لقد كنا حينها مطمئنين إلى قدرة الحركة على الرد، فقد كانت آخر عملية لنا نحن في حماس في شباط من العام 2004م في ميناء عسقلان، وقد كنا ننتظر الرد وقد تخيلناه بحجم الجريمة؛ ليكون صاعقا ورادعا، وكانت المفاجأة أن مرت الأيام والأسابيع والشهور وفي النهاية، جاء الرد متواضعا بسيطا خجولا يحمل عنوان الثأر، ويحمل عنوانا آخر وهو التضامن مع إضراب الأسرى حيث نفذت الكتائب عملية استشهادية في مدينة بئر السبع المحتلة.
    وبعملية حسابية بسيطة، نجد أن العمليات التي قامت بها الحركة بعد استشهاد الشيخ والدكتور معدودة على الأصابع.

    قرار الدخول في الانتخابات

    لقد جاء العام 2005م وما حمله معه من تطور في الموقف السياسي للحركة، والقرار بدخول الانتخابات، وقد طرح سؤال حينها: كيف سيؤثر قرار المشاركة والمشاركة نفسها على مسار المقاومة التي تميزت بها الحركة وميزتها عن غيرها؟.
    وإن كان لا زال السؤال وقتها مطروحا عن الثأر للشيخ والدكتور. وهنا لا بد من التوضيح لأمر مهم، وهو معادلة الردع ، فعند الإعلان عن قرار الحركة بالمشاركة في الانتخابات، لم تكن قد مضت سنة على عملية الاغتيال، وكان اليأس من الثأر قد تسلل إلى الكثير منا، وبقي البعض على الأمل أن يكون الثأر ذات يوم وقريبا، وللأسف لم يحصل ما كنا ننتظره! . بل الذي حدث هو مزيد من الوقاحة من قبل الاحتلال تجاه كوادر الحركة، والمزيد من الاغتيالات والتصفيات، وهنا لا بد من ذكر ما قاله الشيخ أحمد ياسين، في مقابلة في برنامج شاهد على العصر على قناة الجزيرة عندما سأل مقدم البرنامج أحمد منصور الشيخ:" ما هو سر اهتمام الاحتلال بك، وأنت أسير عندهم ومحكوم بصفتك مسؤول عن قتل جنود من الاحتلال؟".
    فكان جواب الشيخ:" أنت تعرف أن اغتيال أي قائد عسكري أو أي كادر من الحركة، يقابل برد قاس جدا في مدن الاحتلال، فكيف إن تم قتل أحمد ياسين في السجن" وللأسف يا شيخنا، تجرؤا وغدروا بك .

    الفوز في الانتخابات العام2006م

    لقد جاء عام 2006 بالانتخابات والفوز وتشكيل الحكومة والحصار الظالم، ورأينا المهرجانات التي تضم عشرات الألوف وحجم الجماهير التي كانت تملأ ساحات الضفة بأعداد هائلة، بينما كان العمل باتجاه المقاومة خجولا جدا، لا شك أننا نفهم أن يتم ضبط إيقاع المقاومة مع إيقاع التحرك السياسي للحركة، حتى وان لم يكن أي صلة بين من هو في الميدان وبين من يرسم سياسة الحركة. فعادة كان الخطاب الإعلامي يوجه من هو في الميدان، سواء بالتصعيد أو التهدئة، والذي كان مُتَفَهَّما أن يسبق عام الانتخابات بالهدوء؛ لكي يتم الاستعداد والتحضير للانتخابات؛ عملا على حسم الفوز، إذ إن عدم الفوز يعني انتحارا على أعتاب سلطة فاسدة لا تساوي نعل مقاوم، والحمد لله أننا قد فزنا وحسمنا الأمر دون شك، وإلا لكنا امتُطينا لتمرير مشاريع لتصفية القضية باسم الديمقراطية، حيث أنه لا بد من احترام رأي الأغلبية، ولكن الله سلم .

    تعليق


    • #3
      رد: نظرة للمقاومة من الداخل

      دور غزة الذي كنا نريده ..

      لا بد من الإشارة إلى أنني لست بصدد الحديث عن غزة، ولكن لا بد من التطرق للدور الذي كان من الأفضل حسب وجهة نظرنا أن يناط بقطاع غزة، بعد إعلان الانسحاب في العام 2003م وتنفيذه فعليا في العام 2005م؛ لأن القطاع بعد انسحاب الاحتلال منه أصبح له وضع ميداني جديد مختلف عن السابق، وما نريده منه أن يكون بوابة للمقاومة الإعلامية والجماهيرية والمالية إن أمكن، والاستعداد في القطاع لمقاومة دفاعية بالدرجة الأولى مع الحفاظ على سمة المبادرة وتكون استثناء وفي أحوال خاصة؛ لأن المبادرة في القطاع أصبحت محصورة بسبب طبيعة الجغرافيا في القطاع وما حوله، إضافة للمعادلة الدولية التي تقيد العمل من القطاع؛ لأن الوسيلة التي نمتلك المبادرة بها لا تصلح في مثل وضع القطاع الحالي إلا كسلاح للدفاع والردع، وخلق توازن رادع لإيجاد معادلة جديدة للوضع القائم، وهنا نقصد وسيلة الصواريخ، وسنأتي عليها لاحقا – إن شاء الله تعالى - فهي وسيلة تحتاج إلى مكان وزمان وظروف مناسبة لاستخدامها، إن قصد منها أن تؤدي هدفا سياسيا وهذا ما نريده.
      ونتيجة لغياب توازن الرعب أو نظرية الردع من طرفنا، والتي كان من المفضل أن تقوم بها الضفة الغربية، وبسبب الاعتداء من قبل الاحتلال على قطاع غزة والضفة، اضطررنا للعمل من القطاع لنرد على جرائم الاحتلال، وكما هو معروف بوسيلة الصاروخ التي أصبح الثمن لإطلاقها بعد الاندحار من القطاع مكلفا جدا.
      لقد كانت هذه الفترة تشهد تطورا سياسيا، حيث تم تشكيل حكومة خالصة من قبل حركة حماس، لم تشارك أي من الفصائل فيها كل لأسبابه. البعض منهم يعتبر أن هذا ليس مشروعه وهو ضده، والبعض الآخر راهن على سقوط الحكومة خلال شهور قليلة، والذهاب لانتخابات جديدة تتغير فيها موازين القوى. لقد بدأ حينها إطلاق الدعايات المغرضة ضدنا، بأننا أصبحنا طلاب سلطة وطلقنا خيار المقاومة، وهذا اضطر الحركة في القطاع في ظل غياب المقاومة في الضفة للمبادرة والمحاولة بشتى الوسائل أن تبرهن للعالم أننا ما زلنا حركة مقاومة، وسنبقى كذلك. ونحمد الله أن رزقنا بأسر الجندي الصهيوني (شاليط). كثمرة لعدة محاولات جادة للمقاومة في القطاع، وقد جاءت عملية الأسر في مرحلة حساسة كانت أبواق الضلال السياسي قد أطلقت لنفسها العنان ضدنا، فكان الرد على الأرض على كل المزاودين على الحركة.

      الضفة تغطي غزة .

      إن العمل من غزة دونما تغطية من الضفة كلفنا الكثير الكثير. وأذكر هنا للتاريخ أنه مع بداية إطلاق قذائف الهاون والصواريخ في مطلع العام 2001م، حاول الاحتلال أن يخلق معادلة تقتضي أن تصل المقاومة في القطاع إلى قناعة مفادها ، أن إطلاق أي صاروخ سيكون له ثمن كبير جدا في الأرواح والممتلكات؛ لكي تعيد المقاومة حساباتها، وفعلا ما أن بدأت الصواريخ تنطلق حتى انطلقت قذائف وصواريخ الاحتلال محدثة دمارا ومزهقة أرواحا دون أن يرقبوا في مؤمن إلا ولا ذمة .
      إلا أن المقاومة كانت بخير، فما أن ارتكبت المجازر حتى انطلق الإستشهاديون إلى مدن الاحتلال لإعادة صياغة المعادلة من جديد، فكل مجزرة ترتكب بحق شعبنا، كانت تقابل برد مؤلم. مما اضطر الاحتلال إلى تخفيف ردة الفعل على إطلاق الصواريخ من القطاع، لتدخل الصواريخ في معادلة الصراع مع الاحتلال، ويسلم بها حقيقة قائمة أجبرته بعد أربع سنوات على الخروج مدحورا من القطاع.


      كنا نحتاج لمقاومة

      في الوقت الذي شكلنا فيه الحكومة العاشرة في العام 2006م، كان يجدر بنا القيام بعمليات صغيرة ونوعية ومؤثرة لا تحدث ضجة إعلامية خارجية، ويشعر بها الاحتلال وتؤلمه، ويتم الإعلان عنها فورا وتكون بصمة الحركة واضحة جدا عليها لنستفيد منها سياسيا، ولنضع الإصبع في عين من يزاود على الحركة بأنها قد تحولت من حركة مقاومة إلى حركة سلطة ومناصب، والذي كان يجب أن يقوم بهذا الدور هو الضفة الغربية، فهي الأصلح من ناحية الجغرافيا وانتشار الاحتلال فيها، مقارنة مع القطاع بعد الانسحاب لأن القطاع أصبح محصورا في وسائل لم تعد تجدي كثيرا إلا في ظروف استثنائية جدا.
      وقد قلنا لا بد من الإعلان عنها لان ذاكرة شعبنا مزدحمة بالأحداث، وكثيرا من أعمالنا التي قمنا بها تبناها غيرنا، وهذا أمر كان لا بد من تداركه لأن غيرنا استفاد منه سياسيا ضدنا، فنحن الذين قاومنا وقمنا بهذا العمل، وغيرنا تبناه وخرج علينا في الإعلام ليقول: نحن الذين نقاوم!
      وبعد عدة شهور تتكشف الأمور لنجد أن القساميين هم من قام بهذا العمل، بعد أن يكون الأوان قد فات، وهذا الأمر لا يعرفه إلا من هو مهتم بالمقاومة، أما عامة الناس فلها من تبنى الحدث وقت وقوعه حين حظي بالتغطية الواسعة.

      رد ضروري

      لقد اتهمنا البعض أننا أوقفنا المقاومة في الضفة، وأن هذا كان بقرار سياسي، وقد صدق البعض هذه التهمة – للأسف – حتى من أبناء الحركة، وعند سؤال أحد هؤلاء، يسارع بالقول: إن هناك قرار سياسي بوقف العمل العسكري في الضفة. ولمن يقول هذا أقول: قبل كل هذا لا بد من أن نؤكد إن قرار حركتنا هو واحد في الضفة وغزة والخارج والسجون، ألا وهو المقاومة ثم المقاومة.
      ولنتذكر التاريخ القريب، ونسأل أنفسنا : هل حماس منذ الفوز في الانتخابات لم تقاوم في غزة وفي الضفة؟ أقول: بالرغم من أن المقاومة في غزة محصورة جدا في خياراتها، إلا أن الحركة قاومت، بالرغم من إدراكها للثمن الذي ستدفعه، لأن إطلاق صاروخ واحد بعد الاندحار، كان يكلفنا الكثير من الشهداء والجرحى وقصف البيوت والمؤسسات. وبالرغم من هذا فلم تتأخر الحركة عن رد الظلم والعدوان ولا لمرة واحدة، هذا بالنسبة للقطاع الذي نواجه فيه صعوبة بالغة في المقاومة من ناحية الأهداف وانحصار الوسائل، وبالمقارنة مع الضفة فإن المقاومة فيها ليس لها ردة فعل، وتكاد تكون معدومة نسبة مع القطاع؛ لأن الاحتلال هو المسيطر على الأرض والسكان، فالطائرات محيدة والدبابات كذلك، وأكثر شيء يستطيع فعله الاحتلال هو محاصرة المنطقة لفترة محدودة، وأبلغ رد على من يقول أن حماس أوقفت المقاومة بقرار سياسي تلك المؤتمرات الصحفية للأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس، الذي طالما دعا لتصعيد المقاومة خاصة في الضفة الغربية، أم أن ما ينطبق على غزة التي كانت تقاوم وتدفع الثمن، لا ينسحب على الضفة؟ وهل غزة كانت تقاوم بقرار سياسي؟ وهل الضفة كانت ممتنعة أيضا بقرار سياسي ؟
      وهل كنا في غزة مرتاحين أكثر من الضفة لنفتح مقاومة ونغلقها في الضفة كما نشاء؟ باعتقادي أن القول إن المقاومة تم إيقافها في الضفة من قبل حماس، هو تخبط لا فائدة منه وغرضه الوحيد هو النيل من حركتنا. وإن كنا قد أعطينا نحن الذريعة لهؤلاء بعدم قدرتنا على تنفيذ أعمال للمقاومة في السنوات التي مضت، بالرغم من وقوع أحداث كبرى قبل اغتيال الشيخ والدكتور وعدوان الاحتلال وقت قتل عائلة غالية وعملية أسر شاليط، وعدوان الاحتلال على جباليا في شباط من العام 2008م، واستشهاد المئات من أهالي القطاع، والعدوان الأخير حيث الحرب المجرمة على القطاع .. مع كل هذه الأحداث، هل كان لدينا قرار بأن لا نعمل من الضفة؟
      إن من يدعي هذا لا يدري حقيقة ما يقول ولا ما يجري من حوله. هناك معوقات للعمل من الضفة، جزء منها يتعلق بنا نحن كحركة، وآخر يتعلق بالظروف التي لا بد من التغلب عليها أيضا.
      بالنسبة للمعوقات الداخلية ستبقى داخلية ، تناقش وتعالج ضمن أطر الحركة، ولدينا الكثير الذي نقوله في هذا الشأن وهناك أسئلة كثيرة لا بد من أن تكون عليها إجابة ولا بد أن تكون واضحة وعملية على الأرض من خلال رؤية أعمال الكتائب، فالوضع الحالي لا بد له من التوقف فنحن رأس حربة المقاومة ولا يجب أن يثلم؛ لأنه عندها لا نفع من هذه المقاومة.

      الحسم ودور الضفة

      عندما تمرد فريق المشروع ( الصهيوأمريكي ) في قطاع غزة، كان ينبغي للضفة الغربية أن تمنع هذا الحسم أن يحدث؛ لأننا اضطررنا له مكرهين ولم يكن أمامنا خيار آخر، فقد كان بإمكان الضفة أن تغير مجرى المخطط الذي كان قد أعده فريق دايتون، من خلال تصعيد المقاومة، كان لا بد من تدخل فاعل في الضفة تجاه الاحتلال، كونه الطرف المركزي وهو المشرف على مشروع دايتون، وعلى الأقل كان بالإمكان أن نحرف المخطط عن مساره ونخلق ساحة للمواجهة في الضفة، تدفع الاحتلال إلى التفكير في أولوياته بأن يواجه المقاومة لا أن يبقى ممتلكا للمبادرة ليخطط كيف يردعنا ويمزق وحدتنا. كان من الممكن أن نخرج الحسم بأنظف وأفضل من الصورة التي ظهر بها. هذا لو كان هناك فعل للمقاومة باسم الحركة في نفس فترة الحسم، لنري العالم أننا في الوقت الذي نتصدى فيه لمشروع دايتون نقاوم أيضا، دون أدنى شك ستكون هذه الصورة أفضل من الصورة التي رافقت عملية الحسم؛ لأن ذاكرة شعبنا مزدحمة جدا بالأحداث والمستجدات. فكان يجدر بنا التعامل مع هذه الحالة اعتمادا على أن الحدث الأكبر سيطرد الحدث الذي قبله من الذاكرة، وعليه كان يجب علينا وقتذاك في الضفة أن نوجه الأنظار باتجاه عمليات المقاومة ضد الاحتلال، حتى تتم معالجة الأمور بهدوء في القطاع، وبذلك يتشكل غطاء على الأقل لما اضطررنا له مكرهين، ولم يكن إلا خيارنا الوحيد بعد أن نفدت جميع الحلول لهذه المشكلة الخطرة. من هنا أقول: الضفة تتحمل جزء من المسؤولية عن أحداث غزة، وما زالت تتحمل حتى الآن مسؤولية ما يجري في الضفة من قمع للحركة من قبل فريق دايتون، الذي يحاصر المقاومة في هذا الوقت لأننا أحوج ما نكون للمقاومة الآن؛ لدفع الظلم عن حركتنا وشبابنا الذي يسامون سوء العذاب في سجون السلطة في الضفة الغربية، وقد استشهد العديد من أخواننا وهم من خيرة أبناء الحركة عدا عن الإعاقات التي خلفها زبانية دايتون فياض عباس لدى إخواننا؛ لذلك لا بد لنا من التحرك لضرب السيد ردعا للعبد. وهذا يكون بالمقاومة.

      المبادرة

      من يملك روح المبادرة يستشعر المسؤولية، ولا يلقي باللوم على الملابسات أو الظروف .. ومن هنا فلا بد من امتلاك روح المبادرة لأن طبيعتنا الأساسية هي أن نكون فاعلين لا أن نكون محلا لأفعال الآخرين، إن الأخذ بزمام المبادرة لا يعني أن نكون مندفعين، بل هو إدراك مسؤولياتنا في صنع الأحداث.
      اختيار أن نبقى منتظرين لحدوث شيء أو حدث ما، أو أن يأتي أحد ليهتم بنا، هو اختيار خاطئ بلا شك، ويكفينا أن نعرف أن من يصنع الأمجاد هم أولئك الذين يملكون روح المبادرة، فيكونون حلا للمشكلة لا جزء منها، وينهضون بالمبادرة لفعل كل ما هو ضروري متسقة أفعالهم مع المبادئ السليمة من اجل أداء المهمة على أتم وجه .

      كن فاعلا لا مفعولا به .

      الانتظار وضعف المبادرة يجعل منا الجزء الأضعف في اللعبة ، الجزء الذي تمارس به الأفعال ، دون أن يمارسها .أما إذا اخترنا لأنفسنا تحديد مكان وزمان وظروف اللعبة ، فسنكون الطرف الأقوى في المعادلة ، وحينها سنوفر لعناصرنا إمكانيات أفضل في المواجهة، وهذا لا يتم إلا بالمبادرة والمباغتة .
      على من يمتلك روح المبادرة أن يركز جهده في دائرة التأثير، وبذل الجهد في الأشياء التي يمكن فعل شيء بإزائها، ولا بد أن تتسم طبيعة الطاقات بالايجابية وهي تتسع وتتضخم مسببة زيادة تأثيرهم.

      لماذا نتحدث عن المبادرة

      لقد آثرنا أن نتحدث عن المبادرة في البداية، لأنه من خلال استقراء سريع لمعظم أعمال المقاومة لدينا في حماس نجد أن هناك مزج في غالب الأحيان بين المبادرة الشخصية التي تلتقي مع العمل التنظيمي الرسمي من خلال قنواته المتعارف عليها، ولكن في الغالب تبدأ الأمور بالمبادرة. وقد تحدثنا عن شح العمل في الضفة الغربية ومن أسباب هذا الشح هو اضمحلال روح المبادرة، إما لظروف شخصية تتعلق ببعض أبناء الحركة، والله أعلم بالنفوس، أو لظروف خارجية أثرت على أبناء الحركة من خلال التوجيه السياسي.

      هناك من يقتل روح المبادرة

      كثير من الإخوة يتوجهون لبعض الرموز في الحركة لسؤالهم عن سبب شح المقاومة في الضفة الغربية، باعتبارهم مفاتيح العمل التنظيمي في مناطقهم، فتكون الإجابة في غالب الأحيان جاهزة وهي: أن التنظيم عندما يريدك سيأتيك فلا تتعب نفسك في البحث، على كل حال أتمنى أن يكون هذا صحيحا لأن هذا هو الأسلم والأحسن للعمل، والأكثر أمنا وإحكاما، ولكن وبكل أسف هذا قليل جدا وهو أيضا ممزوج بالمبادرة، فإن جاء أحد ليعرض على أحد فهذا الأخير إن تتبعت مساره وكيف عمل ستجد لا محالة أن المبادرة هي التي أوصلته لما هو عليه أن أصبح ذا تأثير ومن هنا نحن بحاجة للمبادرة نحن بحاجة للمبادرين ، نحن بحاجة لهذه الماكينات التي ستفرخ المجاهدين، لدى تنقلنا في السجون وجدنا أن حوالي 90% من الذي عملوا في انتفاضة الأقصى إما أنهم عملوا بمعزل عن التنظيم تمويلا وتنظيما وعتادا أو أنهم بادروا وبحثوا ونبشوا الأرض حتى يتم وصلهم، والقلة قالوا أن التنظيم هو الذي وصلني عبر القنوات الرسمية، إذا هم وصلوا نتيجة المبادرة في الأساس، إننا لا نعيب هذه الطريقة، ولكن هذا ما هو متاح في الضفة في تلك المرحلة، والفعل كان يترجم على الأرض ويشهد له القاصي والداني أما اليوم.. فأين هي المبادرة؟
      إننا نرى أن هناك من يقتل روح المبادرة من خلال الفتوى بما لا يعرف، وان كان يعرف فهذه كارثة.

      المطلوب إذا آلية عمل لتنظيم الشباب وتفعيلهم؛ لتشكيل فعل مؤثر على الاحتلال يرهقه، ويوصله لقناعة أننا قادرون على الإبداع في إيجاد الوسائل، هذه الآلية يجب أن تصل إلى كل من يريد العمل وتمويله وتزويده بالرؤية السياسية، التي يجب أن ترافق عمله، وكذلك إيصال كل ما يتعلق بالمقاومة من توجيه وإستراتيجية والتوجيه الصحيح للعمل، وما هو المطلوب في هذه المرحلة سنحاول أن نضع بين يدي القارئ الكريم لهذا العمل بعض ما يسره الله لنا من خلال تبصير وترشيد لمن يريد أن يسلك درب المقاومة.

      مشروع الاحتلال في الضفة الغربية

      إن مشروع الاحتلال في الضفة وغزة بصفتها أداة فعالة جديدة لضمان المصالح الصهيونية الحيوية، دون الاعتماد على حسن نية الفلسطينيين. كما أن الأحادية توفر السماح لدولة الاحتلال بتجاوز الحاجة لأخذ المصالح الفلسطينية بعين الاعتبار وتقوم الأحادية على الأسس التالية:
      1. أن المفاوضات أثبتت أنها تضعف الثقة بدل تدعيمها كما بدا ذلك جليا في عملية أوسلو.
      2. حقيقة أنه حتى لو كانت العودة إلى العملية التفاوضية ممكنة، فإن أيا من الجانبين ليس مستعدا ولا راغبا الآن أو في المستقبل المنظور لتقديم تنازلات ضرورية للتوصل إلى حل ينهي الصراع، عن طريق التعامل مع كل القضايا للحل النهائي (اللاجئين والقدس والحدود الخ) بشكل يرضي الطرفين، ففي حال كهذه قد يكون تجنب الدخول في مفاوضات أفضل بكثير من احتمال أي يؤدي فشلها (كما حصل في قمة كامب ديفيد عام 2000) إلى اندلاع انتفاضة وتأخير التوصل إلى حل مرضي.
      لقد اعتُمدت الأحادية فعلا من قبل المؤسسة العسكرية للاحتلال، والنخبة الحاكمة في دولة الاحتلال كما تحظى بدعم أغلبية الناخبين الذين يؤيدون الانسحاب من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، والذين لا يثقون بالفلسطينيين وبقدرتهم على الالتزام بالاتفاقيات الموقعة، ومن وجهة نظر الاحتلال تؤذن الأحادية ببدء مرحلة جديدة تتخلى فيها دولة الاحتلال عن مبدأ حل النزاع، وتتبنى عوضا عنه مبدأ إدارة أو احتواء النزاع، ولا يلغي هذا المنحى احتمال التوصل إلى شكل من أشكال الاتفاق مع الطرف الفلسطيني المفاوض، ولكنه يفترض أيضا أن ذلك لن يقع في المستقبل المنظور.

      إلى ماذا أدت الأحادية

      لقد أدت الأحادية التي أفضت إلى الانسحاب من القطاع، إلى إعادة تعريف البعد العربي للقضية الفلسطينية، فالدور المصري الكبير في السياسية الفلسطينية قد تعزز بفعل الدور الأمني المباشر الذي تلعبه القاهرة في غزة وفي منطقة الحدود بين مصر والقطاع، بموافقة دولة الاحتلال وتشجيعها وفي الواقع بأن الدور المصري هو الدور الأوسع منذ العام 1967م، ومن المرجح أن ينظر إلى الدور الذي تلعبه مصر في غزه باعتباره نموذجا لدور أردني أوسع وأكثر فعالية في الضفة الغربية، هذا من وجهة نظر الاحتلال في اعتماده على الأحادية.

      خطة كاديما ونتنياهو على الطريق

      إن الخطة التي نجح على أثرها حزب كاديما في العام 2005 كانت الأحادية، أو بما تسمى خطة الانطواء التي تتمثل في الانسحاب من المستوطنات الصغيرة وضمها إلى التجمعات الثلاث الكبيرة، وهي ارئيل ومعالي ادوميم وغوش عتصيون، والاحتفاظ بكل المستوطنات التي تطل على الساحل والمقامة على سفوح الجبال الغربية على امتداد الخط الأخضر؛ لتأمين عمق جغرافي يبعد خطر الصواريخ قصيرة المدى محلية الصنع عن التجمعات السكنية الصهيونية؛ لأن الواضح تماما من المفاوضات أن الأمور ذاهبة باتجاه الانفجار، ولكن من الواضح أيضا أن هناك حرص من كل العالم وعلى رأسه أمريكا وأوروبا، أن تبقى القضية الفلسطينية على نار هادئة من أجل إدارة الصراع لا حلِّه، وأن الحال الآن هو مصلحة عليا لمن يدفع المال السياسي الذي يبتز به السلطة التي تجلس على طاولة المفاوضات مقابل مال المساعدات، وهم على استعداد أن يبقوا أنبوبة الأوكسجين الموصولة لهذه السلطة وليسوا معنيين بانهيارها؛ لأنها هي البديل الأفضل عن الدولة التي يسعون لإقامتها حسب مقاس الاحتلال والتي تصطدم بالواقع على الأرض.

      تعليق


      • #4
        رد: نظرة للمقاومة من الداخل

        استحالة التوصل إلى حل يضمن قيام دولة فلسطينية ذات سيادة

        عند طرح القضايا الأساسية كالقدس، حيث أن الاحتلال لا يتنازل في القدس باعتبارها عاصمة دولة الاحتلال الموحدة والأبدية، من وجهة نظره، ويعمل الاحتلال ليلا ونهارا على تهويدها وتوسيع محيطها وضخ قوى بشرية في القدس لخلق توازن ديمغرافي في القدس.
        أما اللاجئين فالأمر محسوم لدى الاحتلال، ولا يقبل الحديث عنه من حيث المبدأ لما ينطوي عليه من خطورة في حال عودة اللاجئين إلى أراضيهم التي هجروا منها عام 1948م؛ لأن العودة تشكل إلغاء يهودية الدولة التي ينشدونها، ومن المتوقع أنه في نهاية العام 2010 م سيتساوى عدد الفلسطينيين داخل الأرض المحتلة في الضفة والقطاع والقدس والأرض المحتلة عام 1948 مع عدد سكان دولة الاحتلال، وبالتالي أن يضاف اللاجئون لهذا العدد فهذه كارثة على دولة الاحتلال ، فبات رفض عودة اللاجئين من المسلمات التي لا تخضع عندهم للنقاش.
        أما بخصوص المستوطنات فإن السلوك على الأرض لا يؤشر على إخلاءها، خصوصا التجمعات الكبيرة ، معاليه ادوميم، وارفيل و غوش عتصيون، وعدد كبير من المستوطنات المتناثرة على سفوح الجبال الغربية باعتبارها محطات للإنذار المبكر ومواقع متقدمة للحراسة، على مسافة لا تقل عن 5كم عن الجدار الفاصل المقام أساسا شرق خط الهدنة في الأرض المحتلة عام 1967م، وأكثر ما يستطيع الاحتلال تقديمه في شأن المستوطنات هو إخلاء الصغيرة منها وضمها للكبيرة، بما يعرف بخطة الانطواء التي نادى بها حزب كاديما، خاصة وأن التجمعات الكبيرة قد تم وصلها من خلال طرق مع الأرض المحتلة عام 1948م.
        أما الحدود: فلا حدود تمنح للفلسطينيين، كون الأغوار قد تم عزلها عن الضفة الغربية وجيش الاحتلال ينتشر على طول خط الحدود مع الأردن، فحدود الدولة المعروضة والمفصلة على قياس الاحتلال، ليس لها سيادة على الحدود، وكذلك غزة منفصلة عن الضفة والمعروض هو ربطها بمعبر تسيطر عليه قوات الاحتلال تستطيع إغلاقه وقتما تشاء.

        شكل الدولة التي يريدها الاحتلال

        إن الدولة التي يعرضها الاحتلال، على ضوء الواقع الموجود حاليا، تكاد تكون مستحيلة. ولتقريب الصورة أكثر للقارئ، أعرض وضع محافظة من محافظات هذه الدولة الموعودة التي يطبل ويرقص لها الأمريكان والاحتلال.
        محافظة رام الله على سبيل المثال تتواصل قراها مع بعضها البعض، من خلال طرق زراعية تم استحداثها في انتفاضة الأقصى ومصادرة الطرق القديمة لاستخدام المستوطنين فقط لا غير، وكذلك الوصول للمدينة من أي قرية أصبح يحتاج إلى أكثر من ضعف الوقت المطلوب للوصول إليها سابقا. ومن ناحية أخرى نجد أن المحافظة قد تم تقطيعها جغرافيا، ولا اتصال بين قراها وأراضيها بناء على التواصل الجغرافي بينها، بل من خلال شوارع إما تكون عبارة عن نفق تحت الأرض وفوقه شارع للمستوطنين، أو جسر وتحته شارع للمستوطنين، أو معابر كما الحال في معبر قلنديا ومعبر بيتونيا والمحافظات الأخرى ليست أحسن حالا.

        هل يقبل الطرف المفاوض بهذه الدولة؟

        إن الدولة التي بشرت بها أمريكا ويروج لها الاحتلال، ومبدأ تبادل الأرض الذي قبل به فريق عباس المفاوض لن يحل المشكلة، وأن دولة فلسطينية كما قبل بها أقل الفلسطينيين التزاما بالثوابت، لن تتحقق على ضوء ما عرضناه. ولا بد من العودة للتاريخ من أجل مزيد من الفهم .. لماذا يريد الاحتلال أن يفصِّل لنا دولة على مقاسه؟ وهنا أقتبس من كتاب للكاتب الشهير محمد حسنين هيكل وهو ينقل عن البيان الأول الذي صدر عن م.ت.ف برئاسة عرفات " تسعى الحركة الصهيونية والاستعمار وأداتهما إسرائيل، إلى تثبيت العدوان الصهيوني على فلسطين، بإقامة كيان يقوم على إعطاء الشرعية والديمومة لدولة إسرائيل، الأمر الذي يتناقض كليا مع حق الشعب الفلسطيني في كامل وطنه فلسطين، إن مثل هذا الكيان المزيف هو في حقيقة حاله مستعمرة إسرائيلية، يصفي القضية الفلسطينية تصفية نهائية لمصلحة إسرائيل، وهو في نفس الوقت مرحلة مؤقتة تتمكن فيها الصهيونية من تفريغ الأراضي الفلسطينية المحتلة من السكان العرب، ممهدة لدمجها دمجا كاملا في الكيان الإسرائيلي، هذا بالإضافة إلى خلق إدارة عربية فلسطينية عميلة في الأراضي المحتلة تستند إليها إسرائيل في التصدي للثورة الفلسطينية".
        لقد لخص هذا البيان الذي صدر قبل 41عاما، هدف السعي لإقامة الدولة في حدود العام 1967م ونقصد هنا الدولة التي هي تناسب الاحتلال ومقاسه ، لا مقاسنا نحن، وليست أيضا تلك الدولة التي يتم تحريرها بقوة السلاح حتى لو أقل من حدود العام 1967م.
        طالما أنه لا يوجد إي ترتيبات سياسية كما يريد الاحتلال، فالهدف إذا من هذه الدولة الممسوخة التنازل عن الثوابت ، من القدس ، وحق العودة والحدود والمستوطنات، وإلا لماذا يريد الاحتلال منا نحن الطرف الضعيف أن نعترف به؟ وهنا لا بد من الإجابة على هذا السؤال وهو الطلب الأكثر إلحاحا من الجميع تجاه حماس ،والجواب بسيط، ؛لأن الغزو يستطيع أن يعطي للقوي فرصته، فيفرض فيها على الضعيف ما يشاء، لكن الشرعية تظل مع صاحب الحق قويا كان أم ضعيفا، ما لم يفرط بحقه، فصاحب الحق قوي بحقه حتى وإن كان الحق مسلوبا وإن كانت السيادة منتهكة، لكن حين يعترف الضحية ويضع توقيعه بالقبول، فإن الأمر لا يصبح مسألة قوة وإنما يصبح مسألة تنازل عن الحق ، والساقط لا يعود، وهكذا يستكمل الغازي غزوه بشراء الشرعية من المالك مباشرة ، فيندثر الضعيف الذي ازداد ضعفا بتفريطه بحقه ، غير مأسوف عليه .

        هل يقبل الفريق المفاوض الفلسطيني بهذا؟

        لقد بات معروفا أن الاحتلال له مصلحة بإقامة هذه الدولة المتواصلة مواصلاتيا ومقطعة جغرافيا، وبالتالي فإن الفريق المفاوض الذي أخذ على عاتقه أن يكون التفاوض هو خياره الوحيد، ومهما كانت درجة الاستعداد والقابلية عنده للتنازل فان المعروض من قبل الاحتلال لا يمكن أن يتجرأ فريق المفاوضات أن يأتي به للشارع الفلسطيني، فلا حل مقبول على أقل الفلسطينيين وطنية أو انتماء للقضية، فالقدس لا أمل أن يكون حولها حل كما يأمل الفريق الفلسطيني، واللاجئين أمر قضيتهم محسوم بهذا الاتجاه – أي اتجاه عدم الحل وبقاء الحال على ما هو عليه الآن- والمستوطنات كذلك، لقد حاول الاحتلال ترتيب صفوف فريق التسوية، وخلق ظروف ضاغطة على الشعب الفلسطيني، وابتزازه في رزقه ومأكله ومشربه وتحركه، من خلال فريق يتحكم في أرزاق الناس، مستغلا لحالة الانقسام القائمة بين فتح وحماس، وتفريغ كل المراكز الأمنية ممن لديهم بعض الحس الوطني ونقلهم إلى وظائف مساوية لها في المزايا في القسم المدني، والعمل على إبقاء هيكل حركة فتح دون روحها الثورية؛ لكي يضفي الشرعية على أعمال هؤلاء المؤتمرين بأمر دايتون وديسكن، فالفتحاوي تم نقله من المفصل الأمني الحاسم - ونقصد بهؤلاء الذين لديهم حس وطني- إلى وظيفة مدنية، ربما أفضل في الراتب والدرجة - وهاتين الميزتين هما المنشودتين عند هؤلاء القوم- وبالتالي حتى ابن فتح يتم ابتزازه في رزقه حينا، ويتم رشوته حينا آخر؛ للسكوت على الجريمة وإعطاء الشرعية لأجندة تقبل بها فتح مكرهة أو حتى راضية، وتغض الطرف عنها. مع العلم أن فتح مارست هذه الأجندة وطبقتها من قبل، ولكن في تلك الفترة قلبت فتح ظهر المجن وانخرطت في انتفاضة الأقصى، ومن هنا تنبه الاحتلال لهذا الأمر وعمل على إحكام الأمور أكثر، وما يجري الآن في الضفة الغربية من ملاحقة المقاومة وتجريمها خير دليل على ما نقول، وهو تساوق مع ما يطرحه الاحتلال من مشروع السلام الاقتصادي، بالرغم من رفضه إعلاميا إلا أن السلوك على الأرض يقول غير ذلك، والأمريكيون ضالعون جدا في ترتيب الحياة اليومية في الضفة ولعلهم عادوا إلى نظرية (ريتشارد هاس) في مطلع الثمانين وهو أحد أعضاء مجلس الأمن القومي الأمريكي وأمانته الدائمة في البيت الأبيض حيث تقول " إن الوضع الفلسطيني لم ينضج بعد ولم يصبح جاهزا للتسوية المطلوبة، وإن أمامه بعض الوقت تحت الحرارة و الضغط حتى يلين ويصبح جاهزا للتنازل". هذا اختصار كل الأمر: الضغط من اجل تليين المواقف. فقد أرادوا لنا أن ندخل الانتخابات ظانيين أن الأمر سينتهي بهزيمة حماس، وهذا ما لم يحدث، فكان الحصار القاسي جدا والابتزاز وافتعال الفتن الداخلية، التي أدت في النهاية إلى اقتتال داخلي، عندما خرج فريق دايتون وتمردوا على الشرعية وانقلابوا على نتيجة الانتخابات، وباختصار نقول لريتشارد هاس وكل تلاميذه: لا تتعبوا أنفسكم، فالمقاومة ما دامت حية لن تحققوا حلمكم الذي تريدون. وهنا يأتي دور المقاومة فما دامت تنبض لن يمروا وسيتحطم مشروعهم بإذن الله.

        صورة ميدانية للضفة الغربية

        لقد استعرضنا السياسية الاحتلالية في المرحلة السابقة التي توجهت إلى الأحادية، ولكن بعد حرب لبنان الثانية في العام 2006م وقبل ذلك الانسحاب من قطاع غزة واستمرار إطلاق الصواريخ إلى جنوب كيان الاحتلال مما دعا الاحتلال لإعادة النظر في هذه السياسة، إلا أن البدائل قليلة جدا والخيارات معدومة، ففريق التسوية الفلسطيني لديه سقف مرتفع من وجهة نظر الاحتلال . والاحتلال من وجهة نظر فريق التسوية غير مستعد للتعاطي مع هذا السقف، والاحتلال يعرف هذا ولا بد من البحث عن بديل إلى جانب إبقاء الأمور هادئة ولا تخرج من سيطرته من خلال التنسيق الأمني مع أجهزة السلطة، لا بخطوات عملية على الأرض، فهو مرهق سياسيا وله مشكلة مع الديمغرافيا، فعمد للتسريع في بناء الجدار العازل الذي يمتد على طول مناطق التماس بين الأرض المحتلة العام 1967م والأراضي المحتلة عام 1948م وبمسافة تقارب 800كم، وقد تم قضم الكثير من أراضي القرى المجاورة للجدار وفي أحيان كثيرة عزل قرى بكاملها داخل الجدار لتصبح في سجن، وعلى سبيل المثال ففي محافظة رام الله في المنطقة الغربية تم ضم الكثير من القرى داخل الجدار وعزلها. وبات الدخول إليها والخروج منها فقط من خلال بوابة وفي ساعات محددة، وكذلك الحال في محافظة جنين قرى برطعة وغيرها وكذلك الحال في القدس حيث تم عزل المدينة بالكامل وكذلك عزل المدن والبلدات المجاورة لها مثل الرام وبيرنبالا وكذلك الأمر في قليقيلية وطولكرم وبيت لحم والخليل. لقد أصبحت الضفة محاطة بجدار عازل وقرى هذه المحافظات منفصلة عن بعضها، ولا تستطيع الوصول إلى المدن إلا من خلال بوابات عبارة عن جسور ومقاطع طرق تسيطر عليها قوات الاحتلال؛ لأن هذه التجمعات غالبا ما تكون متاخمة للجدار، وإلى الشرق منها تتواجد مستوطنات تعتبر من الناحية الإستراتيجية بالغة الأهمية؛ لأن هذه المستوطنات تشرف على المناطق الشرقية والغربية ولها أهمية مراقبة بدرجة كبيرة جدا حيث تعتبر حامية للكيان، وفي نفس الوقت ضمان أمني على طول الجدار وتشكل عمقا للاحتلال داخل الأراضي الفلسطينية أما بالنسبة لبعض المستوطنات التي سيتم إخلاءها فهي غير ذات أهمية، ومعزولة نسبيا وبعيدة عن الجدار جدا وبالتالي فهي مكلفة، والبقاء فيها مساوئه أكثر من محاسنه، وقد تم إخلاء بعضها في منقطة جنين (حومش) وفي منطقة رام الله (عمونا) وهناك الكثير من هذه المستوطنات المعزولة مثل (بسغوت) و(حلميش) في منطقة رام الله و(ايتمار) في نابلس، وجميع هذه المدن وقراها متداخلة في كثير من الأحيان مع هذه المستوطنات، وبالتالي هي مرشحة للإخلاء من قبل أي حكومة، سواء كانت حكومة يمين أو وسط أو يسار؛ لأنه لا خيارات سياسية غير ذلك أمام أي حكومة.

        شكل الضفة المتوقع

        ستكون في الشمال بمحافظات جنين، نابلس ، طولكرم، وقلقيلية، ستكون هذه المحافظات بينها تواصل جغرافي نسبيا وليس كاملا، وتتصل من خلال نابلس بمحافظة رام الله من خلال معبر حواره، وهناك طرق بديله للتواصل مع رام الله ولكن ستكون المسافة بعيدة جدا، وإن قسمنا المحافظات كالتالي: رام الله ، نابلس، جنين، طولكرم، قلقيلية وأردنا أن تتواصل هذه المحافظات مع محافظات الجنوب فإنها ستتواصل من خلال معبر قلنديا ولربما يمكن تجاوزه، لكن العقبة ستكون عند الوصول إلى منطقة الخان الأحمر، وهو الطريق الوحيد الرابط بين هذه المحافظات ومحافظات جنوب الضفة الغربية، في السابق كان يمر المسافر إلى الخليل من وسط مستوطنة معالي ادوميم وقد تم إصدار قرار بإغلاق هذا الشارع بسبب بناء المنطقة a التي ستوصل القدس بمعالي ادوميم، وبالتالي شق شارع بديل للمسافرين، يلتف حول معالي ادوميم، وهذا الشارع تتحكم به قوات الاحتلال، إذا الضفة حالها كحال المدن مع قراها، التواصل بينها مواصلاتيا لا جغرافيا، والذي نتحدث عنه تقريبا 80% منه أصبح واقعا، ما عدا الانسحاب من المستوطنات المعزولة، التي نتوقع أنها ستتم في أي لحظة حالما يتم تنفيذ مشروع التحصين، الذي يعرف باسم (قبة الحديد) التي سنتحدث عنها لاحقا وعن إستراتيجية حماية الاحتلال لنفسه في المرحلة المقبلة وكيف لنا أن نخترقها.

        القدس

        لقد رسمنا صورة متوقعة لما سيكون في الضفة الغربية. والقدس هي جزء لا يتجزأ من الضفة الغربية وفلسطين، ولكن لأهميتها أفردنا لها عنوانا خاصا، فقد تم إعادة ترسيم واقع جغرافي جديد للقدس على الأرض، وكذلك ديمغرافي، والسعي الآن حثيث لتهويدها من خلال توسيع حدودها وعزلها عن مدن الضفة المجاورة لها، من خلال جدار العزل العنصري الذي يلتف حولها، وقد تم إخراج كثير من الأحياء والبلدات الفلسطينية التي يحمل سكانها الهوية الزرقاء والتي منحها لهم الاحتلال في المناطق المحتلة عام 1967م واستبدال هذه الأحياء بطرح عطاءات لبناء أحياء يهودية جديدة على أراض فلسطينية صودرت من أصحابها لغرض التغيير في نسبة السكان الحالية في مدينة القدس، وجعلها ذات أغلبية يهودية، ونشير هنا إلى أن عدد السكان الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة مساو تقريبا لعدد سكان الاحتلال الإسرائيلي، وهذا ما يؤرق الاحتلال: أنهم في الفترة القادمة سيصبحون أقلية، وكان لا بد من حل هذه المعضلة بإيجاد ما يفصل بين السكان الفلسطينيين والاحتلال، حتى لا يطالب الاحتلال مستقبلا بإجراء انتخابات لكل سكان فلسطين، على غرار ما حدث في جنوب إفريقيا، وبالتالي لا بد من التخلص من هذا الكم الهائل من السكان سواء في القدس أو في الأرض المحتلة عام 1948م أو الضفة وذلك حتى لا يتم اتهام إسرائيل بالعنصرية، لقد تم عزل مدينة القدس من خلال الجدار العازل، فمن جهة الشمال تم سلخ حي كفر عقب وسميراميس وجزء من مدينة الرام وضاحية الأقباط، ومن الجنوب تم عزلها عن بيت لحم وبعض القرى المحيطة بها مثل الخاص ودار صلاح والعبيدية، ومن الجهة الشرقية فقد تم دمج مستوطنة معاليه ادوميم وفصل جزء من ابوديس والعيزرية عنها، ومن جهة الشمال الغربي تم عزل قراها عنها مثل قطنة وبدو والنبي صموئيل والقبيبة وبيت سوريك، يجدر القول إلى إن أكثر منطقة لها احتكاك مع مدينة القدس هي مدينة رام الله حيث التواصل العمراني بين المدينتين من جهة الشمال مع جنوب رام الله، وهذا يضاف إلى الواقع المعقد الذي يرسمه الاحتلال على الأرض وبقي أن نقول أن المعروض هو أحد ضواحي مدينة القدس المعزولة عنها بالجدار كعاصمة للدولة الفلسطينية التي صنعها الاحتلال على الأرض، وينتظر من يقبل بها باتفاق وإلا سيخرج منها وينتشر خارجها ويعود لها عند الضرورة في حال توفرت له معلومات استخباراتية عن إي عمل للمقاومة.

        تعليق


        • #5
          رد: نظرة للمقاومة من الداخل

          الأرض المحتلة عام 1948م

          بعد الحديث عن الضفة والقدس لا بد من الحديث عن الأرض المحتلة عام 1948م، وما تشكله من خطر ديموغرافي على دولة الاحتلال فحتى هذا اليوم عدد السكان الفلسطينيين داخل الأرض المحتلة عام 1948 ما يقارب مليون وثلاثمائة ألف فلسطيني، وقد وضع الاحتلال سيناريو يقول أنه في العام 2016م إذا تم إجراء انتخابات ونزل العرب في قائمة موحدة سيكون أكبر حزب في الكنيست هو للعرب، وبالتالي إن هذا الرصيد الذي نملكه لا بد من دعمه، وإيجاد السبل لتفعيله في الداخل المحتل دون أن تجلب عليه ردات فعل في وقت تكون فيه الظروف مهيأة عالميا، وتستغلها دولة الاحتلال للتخلص من هذا الخطر الذي يسكن في خاصرتها، وسنتحدث عن الدور الذي يمكن أن تمارسه هذه الكتلة البشرية بعيدا عن استجلاب ردات الفعل عليها، ولا بد من الإشارة إلى أن عامل الزمن هو لصالحنا دائما، وصراعنا مع الاحتلال ليس وليد الأمس ولن ينتهي غدا، فالسنين هي وحدة العدد في هذا الصراع ولا بد من تسخير كل الإمكانيات لتمكين أهلنا في 1948م من الصمود والتغلب مع الزمن سكانيا على الاحتلال.

          الصيد بالهاربون والصيد بالشبك

          بعد أن استعرضنا ما هو متوقع من تقسيم جغرافي وسكاني للضفة ومحافظاتها والقدس والأرض المحتلة عام 48، لا بد لنا أن نتوقف عند التكتيك الأفضل والمحبذ استخدامه في ضوء ما هو متوقع من تحركات سياسية على ساحتنا الداخلية والساحة العربية والإقليمية والدولية، ولقد استوقفنا قول للجنرال الصهيوني (اهارون ياريف) وهو رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال إبان الستينيات من القرن الماضي فيقول :" لقد كانت إستراتيجية التكتيك التي تبنيناها منقسمة إلى قسمين ، القسم الأول كان في الشام، حيث الصيد بالشبكة لا تقتل والقسم الثاني في مصر الصيد بالهاربون (الرمح المقذوف) يجرح ويقتل" ومع عدم ثقتنا بما يقول هذا الصهيوني إلا أن الفكرة تناسبنا نحن المقاومة الفلسطينية، فمقاومتنا ليست عبثية ولا غبية فإذا كان ثمن المطلوب كمية من الدماء والتضحيات والجهد بنسبة 5% فلماذا نبذل في سبيل تحقيقه 20%، بناء على القاعدة الشرعية : الضرورات تقدر بقدرها ، وإذا كان الهدف الذي نريد لا يحتاج لإسالة الدم فلماذا نستخدم الهاربون، ولكن من المهم معرفة أن هذا يعتمد على طبيعة المرحلة السياسية ودرجة السخونة في الميدان، ولكن وبصورة عامة و نظرة كلية للأمور بالإمكان وضع خطوط عريضة وعامة لإستراتيجية التكتيك الذي نريد، هل هو صيد بالشبك أم بالهاربون، وقد تم تسهيل الأمر وبالإمكان نقاش كل منطقة جغرافية وسكانية وحسب سخونة الميدان والمرحلة السياسية بما يحقق النتيجة المرجوة والمطلوبة من فعل المقاومة على الأرض وان استعرضنا التقسيم الجغرافي وما هو الأفضل لكل منطقة حسب التقسيم التالي:
          1. محافظات الضفة الغربية.
          2. القدس والأرض المحتلة عام 1948م.

          محافظات الضفة الغربية

          التكتيك الأفضل في الضفة الغربية هو الهاربون، فلا رحمة؛ لسبب أن الأهداف في الضفة متناثرة ومهما بلغت كثافة النيران المهاجمة للعدو فان عدد الصيد سيكون قليلا ناهيك عن قواعد اللعبة الدولية الظالمة التي تهيمن في الإعلام وتساوي الضحية بالجلاد، إلا أن هذه الدول الغربية ترى في نفس الوقت أن الضفة هي أرض تقع تحت الاحتلال، ومن هنا نرى أن انتقاد هذه الدول للمقاومة في الضفة يأتي خجولا عند إدانة أي عمل للمقاومة في الضفة الغربية، وحتى الرأي العام الصهيوني يوجد فيه انقسام بخصوص الضفة الغربية فلا أفضل من الصيد بالهاربون وقذفه بكل ما أوتينا من قوة ولا ننسى أن محافظات الضفة والقدس هي الحد الأدنى الذي تم التوافق عليه في هذه المرحلة كما جاء في وثيقة الوفاق الوطني.

          القدس والأرض المحتلة عام 1948

          وهي مناطق مختلفة عن الضفة ونظرة الدول الظالمة للمقاومة فيها تختلف عن الضفة، وبالتالي فإن الصيد بالهاربون في هذه المنطقة يحتاج إلى دراسة معمقة وبحاجة لانتهاز الفرصة المواتية واستغلال الذريعة المقنعة والتي تجعل الاحتلال يمتص أي ضربة بالهاربون في هاتين المنطقتين. وسبب آخر وهو الوضع السكاني الذي نحن بحاجة له جدا فهذا التجمع هو الهاربون بعينه ونحن بحاجة للعب ضمن قواعد لعب نحن نضعها ونحن نرسم الملعب في القدس والأرض المحتلة عام 1948م ونلاعب الاحتلال فيها ونجبره أن يلاعبنا في هذا الملعب الذي نعرف حدوده جيدا، ولا نريد في لحظة من اللحظات لهذا التجمع لسبب ما أن يكون مكشوفا سياسيا من الداخل، وعربيا ودوليا أن نقدم على عمل كبير بالهاربون يجلب عليه ردة فعل وعندها يقع ما لا تحمد عقباه. إن الذي نريده من هذا التجمع أن يحافظ على بقاءه وتكاثره ونموه، ومن هنا لا بد من الإشارة إلى الظروف التي يمتص فيها الاحتلال الضربات بالهاربون في هذه المنطقة، فعلى سبيل المثال في حال الاغتيال على غرار جريمة اغتيال الشيخ أحمد ياسين والدكتور الرنتيسي وصلاح شحادة ومجازر الاحتلال بحق شعبنا الأعزل على غرار ما حدث في الحرب الظالمة على غزة 2008/2009م، وقبلها قتل عائلة غالية على شاطئ البحر وأيام أسر الجندي شاليط وما رافق ذلك من تدمير وقصف في العام 2006م، هنا كان لا بد من الهاربون لأنه يخدم المرحلة السياسية في تلك الفترات بامتياز ويرسي قواعد للعب تكون المقاومة قد شاركت في تحديدها، وهذا لا يعني بحال من الأحوال إخراج القدس و48 من دائرة المقاومة إنما أن نختار التكتيك الأنجع والأفضل وهو الصيد بالشبك بشكل عام ففي هذا النوع من الصيد لا يوجد قتل عشوائي للصهاينة، وهذا متروك للمقاومة في الميدان وسنعرض للأساليب الممكن سلوكها للتعامل مع كل هذه المناطق ونؤكد هنا أن الهدف للمقاومة في 48والقدس هو المشاغلة والتنغيص على الاحتلال في حياته اليومية وإفقاده الأمن لمؤسساته ودوائره ومدارسه ومعسكراته وسياراته وباصاته وقطاراته وشوارعه، من أجل تشجيع الهجرة العكسية للخارج والتحذير من الهجرة للأرض المحتلة من خلال ضرب الاقتصاد وشل حركة المواصلات في الدولة وتشريد وتهجير رأس المال الذي بطبيعته جبان، وذلك دون أن نجلب على أنفسنا ردة فعل دولية مؤيدة لأي إجراء يتخذه الاحتلال ضد سكان هذه المناطق العزيزة التي نحن بحاجة لها في المستقبل القريب ولا يجوز أن نفرط بها ونجر عليها الويلات من حيث لا نعلم مع عدم حاجتنا لذلك.

          المطلوب مقاومة تلقائية محسوبة

          إذا عدنا للانتفاضة الأولى المباركة عام 1987م بكونها عملا عبقريا استمد كل عناصر قوته من وضع راهن متدهور ومتهرئ، لكن عبقرية الفعل كانت بالضبط هي ظروف حركته ووسائل هذه الحركة، حيث كان السلاح لتلك الانتفاضة بالأساس هو الحجارة فهو سلاح لا يحتاج إلى تجارة سلاح ولا صفقات ذخيرة ولا خطوط تموين ولا قواعد خلفية ولا دعم خارجي ولا علاقات دولية، فالأحجار ملء الطرق والتلال في غزة والضفة والقدس، والمقاتلون بها من الأطفال والشبان ليس عليهم إلا أن يمدوا أيديهم ليلتقطوها، لا يملك أحد سيطرة عليها بحيث يوقفها، وبالتالي فإن تلقائيتها واستغنائها عن كل وسائل الحرب التقليدية أعطاها أجنحة حرة حلقت بها عاليا وبعيدا، وهذا النوع من الحرب لم تكن المدافع ولا الطائرات ولا الدبابات جاهزة للتعامل معه فهو أسلوب للمقاومة تصعب مواجهته. وتلقائية الانتفاضة جعلتها حركة بلا قيادة إلى حد ما، فلا يمكن الضغط عليها بملاحقتها أو حصارها أو اعتقالها فإذا تحقق ذلك انطفأت النار وهدأت الأمور، وهكذا فإن الانتفاضة كانت كتلة هائلة بغير رأس وبغير مركز وهذا أعطاها قدرة هائلة على التحرر من أي قيد، وقد تنبه الاحتلال لذلك مما حدا بهم للدخول في عملية تسوية أدت بمن رضي من الفلسطينيين بأن يكون مفاوضا للاحتلال أن يدخل في التيه ويدخل القضية الفلسطينية في مأزق إلى يومنا هذا، وإنقاذ ماء وجه الاحتلال الذي لو قدر للانتفاضة أن تبقى على وتيرتها ولم يتم طعنها في الظهر لكان حالنا أفضل بكثير جدا في هذه الأيام.

          وماذا عن اليوم

          الصورة اختلفت فلا يوجد مستوطنون وجنود يتمركزون في المدن للاشتباك معهم، ولا يوجد مراكز شرطة ولا إدارات مدنية في القرى والمدن، وبالتالي عنصر الاحتكاك مع الاحتلال الذي يولد المواجهة اليومية مع جيشه والمستوطنين. فمعروف اليوم أن المستوطنين لديهم شوارعهم الالتفافية البعيدة عن القرى والمدن، وهي محروسة جيدا وممنوعة على الفلسطينيون من الدخول إليها كونها مغلقة بحاجز أو سد ترابي أو جدار إسمنتي، والجيش كما ذكرنا لا وجود له داخل التجمعات، والاعتماد قائم على الجهد الإستخباري في تنفيذ أي عملية، وغالبا يتم التنفيذ ليلا أو في ساعات تقل فيها حركة السكان وذلك لتجنب المواجهة التي ستجلب الإعلام للتغطية ونشر خبر هذه المواجهات على شاشات التلفزة، لتحتل عنوانين الأخبار المسموعة والمرئية والمقروءة.

          والآن .. ما العمل

          المواجهة المباشرة والاحتكاك صعب جدا ويكلف كثيرا من الشهداء، إن اعتمدنا أسلوب المسيرات الجماهيرية والتوجه إلى النقاط العسكرية خارج المدن، وهذا ما كان في بدايات انتفاضة الأقصى حيث المئات من الشهداء في شهور قليلة. المطلوب تطوير وسائل قتالية شعبية تكون رخيصة وكثيرة كما الحجارة ولا يمكن حصارها.

          لا بد من مراعاة المتغيرات

          إن المتغيرات على الأرض لا ينفع معها الحجارة، وإنما هناك حاجة ماسة إلى وسائل قتالية ذات نجاعة تغنينا عن المواجهة المباشرة التي تعرضنا للخطر، وأن يتم الاعتماد على وسائل قتالية ذات فعالية كبيرة وخصوصا مع تقدم التكنولوجيا وتطورها في الحقل المدني الذي يمكن الاستفادة منه في الحقل العسكري، لإنتاج المواد الأولية المكونة للمواد الأساسية في تصنيع أي مادة متفجرة، وهذا الأمر يحتاج إلى تبسيط الأمور الكيميائية ذات العلاقة في هذا الشأن، وإيصالها إلى متناول الأيدي ولكن بعيدا عن التعقيد العلمي من خلال طرح المواد بأسمائها العلمية الكبيرة والغريبة، بل بتعريف المواد بأسمائها الشعبية المتعارف عليها فلسطينيا وحسب كل المناطق لكي يسهل التعامل معها، والمهم أن نتوصل إلى طرق فنية وعلمية نحصل من خلالها على المواد الأساسية، من خلال تحضيرها بيتيا وفي معاملنا الصغيرة، بعيدا عن استشارات الكيميائيين، فيكفي من الأخ أن يكون لديه الجرأة والموهبة والرغبة في أن يتعامل مع هذه الأمور، فهذا يحتاج إلى فطنة ولا يحتاج إلى عقل خارق لكي يتعامل مع مثل هذه الأمور، الأمر يحتاج إلى التقيد بالتعليمات وعدم الاجتهاد في أي أمر غير واضح المعالم.

          التكنولوجيا تخدمنا

          أملنا أن يتم توجيه الناس كما في الانتفاضة الأولى، بوسائل رخيصة وسهلة التناول في اليد وان نبتدع الطرق للوصول إلى كل من هو راغب في أن يكون جنديا في هذه الحرب المقدسة ضد الاحتلال، لقد طالعت ذات مرة دراسة لأحد المجاهدين تحدث فيها عن التواصل مع المجاهدين في الميدان وتزويدهم بما يلزم من خبرة تقنية من خلال موقع (قسام) على الانترنت كونه موقع يتم الإشراف عليه من قبل المجاهدين، وكل ما يعرض عليه يمر عبر رقابة القائم على الموقع وهم المجاهدون، وكذلك كون هذا الموقع يتبع لحركة حماس ويمكن للقائمين على الموقع أن يتواصلوا مع عامة الناس المتصفحين للموقع في حال أن تم دس أي معلومات مضللة عليه للمتصفح، وهذا ليس بالأمر الغريب فموقع (قسام) يحتوي على دورات في تقنيات وسائل المقاومة، ولكن يتم طرحها بأسلوب معقد للعناصر المكونة لهذه المواد، والمطلوب أن يتم طرح هذه العناصر بأسمائها التجارية المعروفة حتى يتمكن المجاهدون من الحصول عليها بسهولة.

          الخلاصة

          إن الحصول على هذه المواد الكيماوية أمر صعب بل إن مجرد السؤال عنها تهمة، وهي محاصرة من لحظة بيعها من الشركات حتى تصل للمستهلك وبالتالي أيضا هي متابعة وتؤدي بالسائل عنها أو مستخدمها إلى السجن، إذا المطلوب هو كيفية تحضير هذه المواد بيتيا من مواد لا يثير اقتناءها الشبهة ومتوفرة وبأبسط الصور، المطلوب أن نبدع في البحث عن الوسائل السهلة لتحضير هذه المواد ووضعها في متناول اليد، لكل المهتمين لكي نخلق ثورة رخيصة التكاليف عصية على المحاربة، يتمكن كل فرد من المشاركة فيها دون العودة لأي تنظيم إلا من خلال الإعلام، وكما أننا نعتقد أن حماس رأس حربة المقاومة وجمهورها هو المعني بها بالدرجة الأولى، فالخطاب السياسي سيضبط إيقاع الحركة ما بين الأفراد الذين توفرت لهم الوسيلة التي ننشدها وما بين المبتغى والمراد السياسي في أي مرحلة مع عدم إغفال أن نصل إلى هذا الجمهور من خلال وضع خطة مبدعة لإدارة هذا المورد البشري الهائل لنختصر الوقت قدر ما نستطيع ونحقق أهدافنا المرحلية في كنس الاحتلال عن أرضنا الغالية.

          نقاش مشروع للوسائل

          قبل الخوض في النقاش نتمنى أن لا يفهمنا أحد أننا نريد تكسير المجاديف، وإنما أن نضع الحقائق كما هي، ومن تتوفر لديه الإمكانية أن يتجاوز هذه المحاذير والمخاوف التي سنطرحها، فهو سيد ميدانه وليفعل ما يراه مناسبا.
          وكما قسمنا الوطن إلى مناطق جغرافية من حيث استخدام إستراتيجية التكتيك الأفضل في مقاومة الاحتلال، لا بد لنا من نقاش وسائل المقاومة التي تصلح لتكتيك الهاربين والصيد في كل منطقة على حدا.

          محافظات الضفة الغربية والسلاح الناري

          منذ مطلع انتفاضة الأقصى وهذا السلاح له فعالية قوية جدا، وبقيت هذه الفعالية حتى وقت قريب لكنها بدأت تخفت وتخبو لأسباب عدة ومنها أن الاحتكاك مع الاحتلال قد انخفض إلى أدنى مستوى، وذلك بسبب فصل طرق المواصلات بين الفلسطينيين وبين الاحتلال من خلال شق شوارع التفافية جديدة وكذلك شق أخرى بديلة عبارة عن طرق زراعية تحولت بالتدرج إلى طرق بديلة للفلسطينيين مما قلل الاحتكاك على الطرقات التي مثلت مسرحا لغالبية أعمال المقاومة من خلال عمليات التجاوز . وسبب آخر أن جيش الاحتلال أصبح لا يقدم على عمليات اقتحام المدن والقرى إلا بالدبابات والمصفحات التي لا يجدي معها الرصاص نفعا. ومن الأسباب التي أدت إلى التقليل من جدوى السلاح الناري مجتمعنا الفضولي، فتوفر ظروف أمنية لحامل السلاح صعب جدا، خاصة إن أراد أن يترجل لملاقاة الاحتلال على شوارعه الالتفافية مما يصعب وصول من يحمل قطعة سلاح ناري والأصعب هو الانسحاب بعد التنفيذ . حيث أنه لا يوجد وسيلة نقل تستطيع الدخول للشوارع الالتفافية ولدخولها يتطلب العبور من خلال الحواجز المقامة على مداخل هذه الشوارع عند نقاط الالتقاء مع بعض الشوارع المخصصة للفلسطينيين كما أن هذه المناطق التي يتم فيها الالتقاء غالبا ما تكون مغلقة باستثناء مناطق قليلة جدا ، ويتطلب الانسحاب أيضا وقتا كافيا لمغادرة المنطقة على الأرجل ومعروف أن الاحتلال لحظة علمه بوقوع أي عملية في أي منطقة فهو سريع الانتشار والمحاصرة . وبالتالي فإن حمل السلاح حينها يشكل خطرا على حامله في حال عدم توفر مكان آمن قريب يتم الانسحاب إليه من موقع التنفيذ وإلا فإن الكلاب وقصاص الأثر سيتبعونه، ونؤكد أن هذا ليس على إطلاقه وإنما غالبية الضفة الغربية كذلك فالأهداف ليست بالسهولة بأن تكون في متناول المقاومة ، ولا بد من ذكر ما حدث مع المجاهد محمود عثمان عاصي و أ. علاء من قرية قراوة بني حسان حيث كمن رحمه الله وأطلق النار وأصاب ضابطا صهيونيا من الاحتلال وغادر الموقع متوجها لقريته ، وكما ذكرنا فقد أبلغت قوات الاحتلال بوقوع العلمية ، الأمر الذي أدى بالاحتلال لمحاصرة المنطقة وملاحقة المجاهد أ. علاء والاشتباك مع الاحتلال واستشهاده .

          تعليق


          • #6
            رد: نظرة للمقاومة من الداخل

            يسلاح آخر ...

            لا بد من الحديث عن سلاح سيكون هو الوسيلة الأنجع في مقاومة الاحتلال في الضفة إن أحسنا توفيره والتعامل معه ألا وهو العبوات الناسفة بأنواعها الموجه منها والناسف على شكل لغم أرضي والتجاري، وجميعها تم استخدامها من قبل المقاومة ضد الاحتلال بالرغم من التقصير في التطوير وقلة استثمار الجهود فيها، مع قناعتنا أنها الوسيلة الأنجع حاليا ، لسهولة تحضيرها ، والحصول عليها أقل خطرا من الناحية الأمنية بالمقارنة مع السلاح الناري الذي للحصول عليه لا بد من مصدر آمن وثقة عند الشراء وهذا ليس سهلا ، بينما السلاح المتفجر بالإمكان الحصول عليه بيتيا من ألفه إلى يائه ولا حاجة للشراء من التجار ، وهذا يتطلب وضع الإمكانيات بأيدي المقاومة وذلك بالتوصل إلى طرق سهلة وبسيطة في تحضير هذا السلاح . ومن مزايا هذا السلاح أنه يمكن مستخدمه من الانسحاب بأمان كون هذا السلاح يستخدم لمرة واحدة ومستخدمه يحتاج فقط لتمويهه وزراعته في طريق الهدف المرصود مسبقا والانسحاب بدون أي أثر لهذا السلاح ناهيك عن استخدامه ضد المصفحات والسيارات المصفحة .

            والذي لا بد منه ...

            السلاح الذي لا بد من الحصول عليه هو الصاروخ بكونه وسيلة ملحة في المرحلة المقبلة لما له من أهمية في خلق قواعد للعب في محافظات الضفة ، وبالذات المناطق المحاذية للأرض المحتلة عام 1948م ، علما أننا في الضفة الغربية لكي نصل إلى عمق الاحتلال سواء مستوطناته أو الأرض المحتلة عام 1948 نحتاج لعدة كيلومترات من 3-6كم وهذا بالإمكان توفيره للمقاومين دونما حاجة لشراء ما يتطلبه من مواد لتحضيره وبالإمكان الحصول عليها بجهد فردي بعيدا عن أي شبهات وبأرخص الأثمان في حال توفرت المعلومات عن كيفية تصنيعه وهذه مهمة المقاومة.

            سبق وأن ناقشنا التكتيك المفضل استخدامه في القدس ولكن لا بد من الإشارة أن القدس بعد الجدار قد استثنى منها أحياء وأصبحت خارج الجدار وبالمقابل تم ضم أحياء في داخل الجدار ، والقدس تختلف عن باقي مدن ومحافظات الضفة بكونها تمتاز بكثرة الأهداف وهذا يعود لكثرة الاختلاط بين سكان الاحتلال والفلسطينيين وهذا يدعو لمراعاة الأماكن التي يتم اختيارها وهي بحاجة إلى حذر وحيطة كبيرين لسبب انتشار كاميرات المراقبة فيها وهنا تجدر الإشارة إلى أن الخيار الأفضل الآن هو استخدام العبوات التجارية التي تم استخدامها من قبل المجاهدين في انتفاضة الأقصى مثل استخدام القيثارة التي صنعها عبد الله البرغوثي مهندس العبوات في عملية سبارو وكذلك علب الحلويات والكمبيوترات بمعنى كل شيء بالإمكان تفخيخه وهنا نؤكد على دراسة عمليات خلية سلوان تحت عنوان (مهندسو الموت) المتوفر على الشبكية المعلوماتية، ولهذا الأسلوب ميزة السهولة في التنقل أثناء عمل العبوات التي تمتاز بالشكل التجاري الذي لا يلفت الانتباه ونعود ونذكر لا بد من مراعاة الحذر والحيطة أثناء التعامل معها داخل مدينة القدس بسبب وسائل المراقبة والاستكشاف قبل القيام بأي تحرك ودراسة طريق الذهاب والعودة ومكان ومحيط التنفيذ . ولا نغفل أن خيار السلاح الناري ما زال قائما في محيط مدينة القدس وكذلك سلاح الصاروخ.

            الأرض المحتلة عام 1948

            إن أفضل وسيلة للمقاومة في هذه المنطقة هي العبوات التجارية مع استبعاد السلاح الناري إلا الكاتم؛ لأن السلاح الناري يشكل خطورة على حامله في هذه المنطقة. إن الوسيلة الأنجح هنا هي الحرب الشعبية من تخريب للطريق وحرق المصالح وتعطيل وسائل الاتصال الحيوية لدولة الاحتلال وممارسة الترهيب للصهاينة دون الوصول للقتل أو حتى الجرح إلا في حالات استثنائية فكما ذكرنا فيما يخص هذه المنطقة أن الهدف هو إشعار العدو بأن أمنه لم يعد كما كان ولا بد من إيصاله لقناعة أن البقاء في هذه البلاد أصبح مكلفا أكثر من المحتمل ... وقد كتبت تقارير كثيرة في إعلام الاحتلال عن بنيته التحتية وأنها مكشوفة للمقاومة وبالإمكان الاستفادة من دراسة مهندسو الموت لخلية سلوان بهذا الخصوص .



            الصاروخ مطلب لا بد من تحقيقه


            لأهميته لا بد من التفصيل . والذي لا بد من إدخاله في معادلة الصراع مع الاحتلال في الضفة والقدس و1948م .
            الفعالية والقدرة التدميرية للصاروخ
            فهي محدودة جدا مقارنة بالوسائل الأخرى وكذلك مدى وقتها في إصابة الهدف متواضع جدا . إلا أن فعاليتها وتأثيرها الاستراتيجي كبير جدا وهذا ليس كلام إنشائي بل التجربة أكبر برهان، فتجربة حزب الله ليست بعيدة سواء قبل العام 2000م أو إبان حرب تموز 2006م فالفعالية الإستراتيجية عالية لهذا الصاروخ بالرغم من عدم دقته؛ لأنه يطلق لدى الاحتلال صفارة الإنذار التي تعني إخلاء الشوارع والمدن من سكانها وإيقاف الحياة طيلة فترة الإنذار وتجعل عيون العدو شاخصة باستمرار نحو السماء بانتظار سقوط الصاروخ ولا نغفل هنا أن النفس البشرية بطبيعتها تخاف على نفسها من الهلاك وهذا طبيعي، إلا أن عدونا هو الأشد حرصا على حياته ولا يقامر بأن يبقى بوضع متوقع له الموت فيه في أي لحظة وهذا يجعله يفكر كثيرا في مغادرة المناطق التي تسقط بها الصواريخ ...

            نظرة سريعة إلى إمكان التغطية

            ما هي مساحة تغطية صاروخ محلي الصنع لا يتجاوز مداه 4-6كم؟ وما هي المناطق التي يمكن إطلاقه منها؟
            سنجد أن هناك 800 كم من شمال فلسطين إلى جنوبها بمحاذاة الجدار العنصري بعمق 4-6كم، وهي هدف محقق لنا وسنجد أن معظم هذه المسافة تقتطنها تجمعات للاحتلال بشكل طولي حيث أن إمكانية الإصابة ستكون بأكثر من 80% بالإضافة للمستوطنات وما تحتله من مساحة وكذلك مدينة القدس وأن أردنا أيضا الأرض المحتلة عام 1948م، وبما يفرض علينا أن نتعامل مع معدات ثقيلة خاصة المخارط أو أنواع المواسير المستخدمة كون هذا الصاروخ صغير ناهيك عن القدرة على حمله ونقله لخفة وزنه وسهولة إخفائه في الحقائب والسيارات الخصوصية من خلال إيجاد مخابئ مموهة بشكل ممتاز كما أن لها ميزة الإطلاق عن بعد من خلال الدوائر الكهربائية الخاصة لذلك .

            كيف نثبته في المعادلة :

            المتوقع في حال دخل هذا السلاح إلى المعادلة أن تتم مواجهته بردة فعل عنيفة من قبل الاحتلال، كما كان في بداية استخدامه في قطاع غزة مع العلم أن هذا السلاح كان قد تم تثبيته في بداياته من خلال إسناد الضفة للقطاع حيث كان الاحتلال يرد على كل صاروخ يتم إطلاقه باغتيال أو مجزرة والمقاومة بدورها في الضفة كانت ترد على هذه المجازر من خلال العمليات الاستشهادية مما حدا بالاحتلال إلى إعادة حساباته في حجم ردة الفعل على إطلاق الصواريخ، وإجباره على امتصاص وتلق ضربات الصواريخ التي ليس لها أثر في وقت إطلاقها إنما كونها تستنزف العدو وتفقده أمنه مما يجعله يقتنع بصعوبة التعايش معها والرحيل، وهذا لا بد من الاستعداد له جيدا لأن الرد سيكون قاسيا ومبالغا فيه من قبل الاحتلال وهذا يكون من خلال الاستعداد مسبقا للرد على العدو وبقسوة في حال كانت ردة فعله هوجاء .

            من أين نستخدمه ..

            لقد كان في العام 2002م عدة تجارب لإطلاق الصواريخ من الضفة وقد نجح بعضها في مدن محدودة، وقد كانت حالات الإطلاق هذه يتيمة ولمرة واحدة، وبعضها تم إحباطه وهو في طور التصنيع كما حدث في مدينة رام الله ، لقد كانت في ذلك الوقت اجتهادات للمقاومين فيها يتعلق بمكان الإطلاق فالبعض أطلقها من داخل المدن الفلسطينية مثل طولكرم ونابلس، وهذا الاجتهاد كان في غير مكانه بسبب اجتياح هذه المدن من قبل الاحتلال التي هي أصلا معرضة للاجتياح في كل لحظة إن المكان المناسب للإطلاق هو أن يكون بعيدا عن الأماكن السكنية حتى يتم الاعتياد من قبل الاحتلال على هذا السلاح الجديد ويمتص الضربات ويسلم به والزمان بالتأكيد هو لصالحنا .

            معادلة ...

            المستوى السياسي لدى الاحتلال يستطيع التعايش مع إطلاق الصواريخ نسبيا أكثر من سكان دولة الاحتلال فالكثير من الصهاينة يملك بيوت بديلة وجوازات سفر من بلدانهم الأصلية التي قدموا منها إضافة للجوازات الإسرائيلية . إن سقوط الكثير من الصواريخ سيجعل هؤلاء السكان يفكرون جيدا في مغادرة هذه البلاد إما بالانسحاب للساحل أو مغادرة دولة الاحتلال كليا، مما يقتل الحياة في هذه المناطق كما حدث مع سديروت وعسقلان وكل المستوطنات في النقب الغربي .

            مقارنة

            إن أماكن الإطلاق من الضفة كثيرة من الجبال والكروم، كما أن الضفة ممتاز بكثرة السواتر الطبيعية خاصة الجبال وأشجار الزيتون كما أن الإطلاق عن بعد ممكن جدا مما يصعب على الاحتلال ملاحقة من يطلق الصاروخ . على العكس من قطاع غزة حيث أن الصاروخ أكبر وأثقل بحكم طول المدى الذي يحتاجه ليصل إلى الهدف، بسبب صعوبة الجغرافيا وبعد المسافة حيث أن الأرض في القطاع بغالبيتها أراض محروقة، عدا أن هناك مناطق عازلة مفتوحة وتحت المراقبة على مدار الساع، ولا يوجد بها سواتر طبيعية مما يسهل الانكشاف لطائرات المراقبة والتجسس والأقمار الصناعية والبالونات، مما يوفر زمنا كافيا لإطلاق الإنذار لدى الاحتلال في تلك المناطق . أما الضفة فإن تطويرها سيكون معدوما لدى الاحتلال بسبب عدم الإمكانية الفنية والتكنولوجية لذلك، وسنتحدث عن المنظومات التي يعمل الاحتلال على تطوريها لاعتراض الصواريخ.
            منظومات يجري تطويرها .

            · قبة الفولاذ .

            وتتمثل في تحصين المنازل بطبقة سميكة من الفولاذ لكونها قريبة من سقوط القذائف الصاروخية، ومن جهة أخرى يرتكز هذا المشروع على تطوير جهاز اسمه ( مقلاع داود ) وحسب الاحتلال فإنه كان من المزمع تشغليه مطلع العام 2010م، ولكن لا بد من توفر شروط نجاح هذه المنظومة، فهو يحتاج إلى 15ثانية من لحظة إطلاق الصاروخ لكي يتم التشخيص، ويحتاج إلى 15ثانية أخرى للإطلاق والالتقاء مع الصاروخ لإسقاطه، بمعنى أن هذا الجهاز يحتاج إلى 30 ثانية لتشخيص الصاروخ المهاجم وإسقاطه هذا إن نجح في إصابته، وهذا مستحيل مع الصواريخ ذات المدى القصير بسب أنه في اللحظة التي يتم فيها تشخيص الصاروخ سيكون الصاروخ قد بقي له 3 أو5 ثوان على السقوط، وذلك لأن صاروخ القسام سرعته 200م في الثانية بمعنى أن بإمكانه أن يقطع 4كم في 20 ثانية، وهذا لن يتيح لجهاز الإسقاط إمكانية الإسقاط، بحيث يجب أن يكون جهاز الإسقاط بعيدا عن نقطة إطلاق الصاروخ أقل شيء مسافة زمنية لا تقل عن 30ثانية يعني بحدود 6كم وهذا لن يكون بسبب التشابك الجغرافي بين التجمعات السكنية الفلسطينية والصهيونية على طول 800كم بمحاذاة الجدار وكذلك القدس والمستوطنات إضافة إلى التكلفة الباهظة لإسقاط كل صاروخ فالاحتلال بحاجة لأن ينفق 100 ألف دولار ثمن الصاروخ الواحد وهذا سيشكل استنزافا هائلا ومكلفا جدا للاحتلال .

            · مدفع فلنكس

            هذا المدفع إنتاج أمريكي ويتم استخدامه الآن في سلاح البحرية لقوات الاحتلال، وهو مدفع مزود برادار يمكنه تشخيص الصواريخ قصيرة المدى ويطلق بمدى قصير جدا ما بين 600-1000متر لإسقاط الصاروخ، ويطلق في الدقيقة الواحدة 600طلقة من عيار 22ملم وسرعة إطلاق 1كم/ث والإسقاط ينفذ على ارتفاع مئات الأمتار وبزاوية 90درجة من المدفع أما ثمن المدفع الواحد فهو 40 مليون دولار، وهذا المدفع لا ينفع إلا لتأمين مناطق محدودة جدا مثل محطة كهرباء عسقلان، ومن أجل تغطية محطة كهرباء عسقلان فهي تحتاج من 4-5 مدافع من هذا النوع، والتغطية لن تكون كاملة بل جزئية ، أما عيوب هذا المدفع أن طلقاته بقطر 22ملم وتسقط في الأحياء السكنية وعلى أسطح المنازل وتنفجر هناك إضافة لصوته المرعب وكذلك إن أصاب الصاروخ المستهدف فإن شظايا الصاروخ المسقط سوف تسقط على الأحياء السكنية .




            الاتصالات


            الاسم العلمي لجهاز الهاتف النقال

            هو الجوال الخلوي (cell phone) وسمي بذلك بناء على تقسيم المدينة إلى خلايا، يعتمد عليها الجوال في عمله، وهذه الخلايا (cells) تكونمنتشرة في المناطق المشمولة بخدمة الهاتف الخلوي وفي كل خلية يوجد محطة إرسال، تحتوي على برج يحمل معدات إرسال راديو. يوجد في كل مدينة عدد كبير من محطات الإرسال وقد يصل عدد هذه المحطات بالمئات ويتحكم بها محطة مركزية للتحويلات (وهي بمثابة الكمبيوتر الرئيس للشركة) وتعرف باسم (Mobile Telephone Switching Office)، تعمل هذه المحطة على التحكم في الخلايا المنتشرة في المدينة، وتعمل أيضا على ربط كل الاتصالات في الهواتف الجوالة مع الهواتف الأرضية التي تعمل بنظام الاتصال التقليدي. إذا كنت متحرك أثناء الاتصال فإن الإشارة تتحول من خلية إلى أخرى دون أن ينقطع الاتصال، ويقوم بذلك ويشرف عليه مكتب التحويلات(MTSO)، وهو عبارة عن كمبيوتر في محطة الإرسال الخاصة بالجوال، يتحكم في كل نظام الجوال ويتعقبه ويقيس قوة الإشارة التي تصل لجوالك، ويعطي الأمر للانتقال إلى خلية أخرى عندما تضعف الإشارة، كما ويربط كل محطات التقوية الموجودة في كل الخلايا التابعة للمحطة المركزية ومن مهامه أيضا حساب قيمة الفاتورة لمكالماتك.

            ماذا يحدث عند تشغيل الهاتف النقال :

            عند تشغيل الجوال فإنه يستقبل إشارة تسمى بشيفرة نظام التعريف (SID) وهنا يتم التعرف بين جهاز الجوال ومحطة الإرسال، وبعد ذلك يقوم الجوال بمقارنة شيفرة التعريف الخاصة التي استقبلها ومقارنتها بتلك المخزنة في الجهاز، فإذا تمت المقارنة وتبين أنها نفس الشيفرة المتعارف عليها بين الجوال والمحطة، فإن الجوال يتعرف على الخلية التي سيتعامل معها. يقوم الجوال بعدها بإرسال طلب تسجيل إلى مكتب التحويلات (MTSO) الذي يمكن محطة الإرسال من تعقب مكان تواجد الجوال، وتخزن بيانات الموقع في قاعدة البيانات لاستخدامها في اللحظة التي يأتيك فيها اتصال، وذلك لأنها تراقب دوما مكان الجوال والخلية التي تغطي الخدمة لتلك المنطقة المتواجد فيها الجوال.
            المعلومات التي يحصل عيها مكتب التحويلات من الجوال عند تشغيله هي: الرقم التسلسلي الالكتروني (ESN) ، وهو خاص بالجهاز الذي تستعمله، وكل جهاز له رقم يختلف عن الآخر، ورقم تعريف الجوال (MIN)، ومن خلال هاذين الرقمين يتم تحديد هوية الشخص، وعن طريق الخلايا المنتشرة في المنطقة فإنه يتم تحديد مكان أي جهاز نقال بدقة عالية على سطح الأرض، ويتم أيضا تحديد حركته عند تنقله من مكان لآخر، وتقوم الخلايا بنقل المعلومات إلى الكمبيوتر المركزي الخاص بالشركة، الذي يقوم بتسجيل وأرشفة هذه المعلومات أولا بأول، وبذلك تكون تنقلات هذا الجهاز وحركته معروفة ومحفوظة وبدقة لحظة بلحظة في أرشيف على ذاكرة الجهاز المركزي، ويمكن الرجوع إليها في أي وقت، يشمل ذلك أيضا تحديد موقع طرفي الاتصال.
            كما وتستطيع أجهزة المخابرات الصهيونية الحصول على جميع مكالماتك سواء السلكية أو اللاسلكية في أي وقت من السنة، من خلال الكمبيوتر المركزي، وتستطيع أيضا معرفة جميع الأرقام التي اتصلت بها واتصلت بك بزمنها الحقيقي، كذلك معرفة مكانك على الأرض، عن طريق الذبذبات التي يرسلها جوالك النقال من وإلى الخلايا المجاورة.وما يسهل على العدو ذلك هو حقيقة أن (العدو) هو الذي وافق على إقامة شبكة الاتصالات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو بالتالي لا يحتاج إلى عمليات التقاط للمكالمات، بل إن المقاسم الرئيسية لشبكة الاتصالات الفلسطينية مرتبطة بشكل تلقائي بشبكة الاتصالات الصهيونية (بيزيك). إلى جانب ذلك فإن شبكة الهاتف النقال الفلسطينية العاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة والمعروفة بـ(جوال)، تعتمد على (العدو) في الكثير من خدماتها، فضلاً عن توقيعها على اتفاق مع شبكة (أورانج) الصهيونية للاتصالات، الأمر الذي يجعل العدو لا يحتاج إلى الكثير من الجهود من أجل رصد المكالمات الهاتفية، والحصول على أي معلومة يريدها. أما بالنسبة لأجهزة الاتصالات اللاسلكية الأخرى المستخدمة في الضفة الغربية والقطاع، سيما أجهزة (ميريتس)، فهي أجهزة صهيونية خالصة، إلى جانب اعتماد آلاف الفلسطينيين على شركات الهواتف النقالة الصهيونية، مثل سيلكوم وبيلفون، وغيرها من الشركات.

            الرسائل المكتوبة SMS

            إن SMS اختصار لـ خدمة الرسائل القصيرة "Short Message Service"، ولكن ببساطة، هي نمط من الاتصالات التي ترسل نصاً بين الهواتف النقالة، أو من جهاز كمبيوتر إلى هاتف نقال.فعندما يرسل صديق لك رسالة SMS، تعبر حينئذ الرسالة خلال الـ( SMSC ) وهي اختصار لـ"Short Message Service Center" ، ثم إلى البرج، والبرج يرسل بدوره الرسالة إلى جهازك كرزم صغيرة من البيانات على قناة التحكم. في بعض الأحيان، وعندما ترسل أنت الرسالة، يرسلها جهازك النقال إلى البرج على قناة التحكم، وتُرسل من البرج إلى الـSMSC و من هناك ترسل إلى الشخص المطلوب. عندما ترسل رسالة إلى صديق، الرسالة لا تصل مباشرةً إلى الطرف المرسل إليه؛ لأن جهاز الطرف الآخر قد يكون غير فعال أو خارج نطاق الخدمة ليستقبل الرسالة؛ لذا تخزن الرسالة في مركز SMS ليوم على الأغلب حتى يشغل الطرف الآخر هاتفه الخلوي، أو أن يدخل إلى مجال الإرسال ليستقبل الرسالة، وستحفظ حينها الرسالة على جهازه حتى يحذفها.
            إن رسائل الـ SMS تخضع للرقابة والتخزين بنفس سهولة تخزين المكالمات، حيث يتم تخزين وتصنيف هذه الرسائل، وأرقام الأجهزة التي تستخدم الرسائل وأماكن تواجد الجهاز المرسل والجهاز المستقبل، وإذا كان أصحاب هذه الأجهزة معروفين مسبقا أو أن الأجهزة تم شراؤها على أسماء معينة فإنه يتم أيضا تخزين أسمائهم.
            يحتوي جهاز الكمبيوتر المركزي على مرشح (فلتر) للكلمات، قادر على تمييز الكلمات وفرزها وتصنيفها، وذلك أثناء إجراء المكالمة بناء على قائمة من الكلمات الموضوعة مسبقا على الكمبيوتر، وتضم هذه الكلمات ما تختاره أجهزة المخابرات الإسرائيلية مثل (سلاح، عبوة، رصاصة، رمان... إلخ) والمكالمات التي يتحدث أصحابها بهذه الكلمات، يتم فورا التنبه لها والاستماع لمضمونها. أيضا يستطيع الكمبيوتر أن يميز أي رسالة غامضة، وتحويلها إلى المراقبة.
            خلاصة: نريد أن نؤكد هنا ومن خلال دراسات أمنية تم إجراءها داخل السجون على أنه لا يوجد طريقة تستطيع من خلالها استخدام الهاتف النقال، سواء من خلال مكالمة أو رسالة، دون ترك أدلة واضحة على ذلك، حتى ولو قمت باستخدام جهاز جديد وشريحة جديدة وتم تسجيلهم بأسماء مستعارة، واستخدمت الرسائل بدل المحادثة، كل هذه الطرق أثبتت فشلها. إن عددا كبيرا جدا من الخلايا التي تم اعتقالها والتي تعيش معنا الآن وروت لنا قصصها، كان الهاتف النقال السبب الرئيسي في الإيقاع بهم، الطريقة الوحيدة التي تستطيع من خلالها حل هذه المشكلة هي عدم استخدام الهاتف النقال مطلقا.

            المخاشير

            هي أجهزة تعمل بنظام أمواج الراديو، وتنتقل عبر الأثير من خلال تردد معين والفرق بينها وبين الهاتف الخلوي أن الاتصال يتم باستخدام نفس التردد؛ لذا فإن شخصا واحدا فقط يستطيع التحدث والآخر يستمع، أما في الجوال فهناك تردد مخصص للحديث وتردد آخر مخصص للاستماع، مما يعني إن كلا الشخصين يمكنها التحدث في نفس الوقت. كما أن المخاشير غير مرتبطة بنظام الـ GPS المرتبط بالأقمار الاصطناعية، بمعنى آخر لو فرضنا أن هناك جهازي مخشير مداهما الهوائي 2كم، فإن إمكانية التنصت على الجهازين تتطلب من المتنصت الوجود في مدى ترددهما، وإن ابتعد المتنصت بالجهاز الماسح عن هذه المساحة المغطاة من قبل جهازي المخشير، فلن يستطيع التنصت. وأيضا استخدام هذه الأجهزة غير آمن في مثل واقعنا، خصوصا إن كان في مدينة أو مخيم أو حتى قرية، وهي مواقع المواجهة مع الاحتلال، فإن الاحتلال لديه عملاؤه على الأرض وكذلك تزويد هؤلاء العملاء بأجهزة الكترونية متطورة .

            نظام تحديد الموقع GPS :

            هيعبارة عنمنظومة من 27 قمر صناعي تدور حول الكرة الأرضية (فعليا 24 قمر صناعي مستخدم و3أقمار احتياطية تعمل في حالة تعطل أي من الأقمار الرئيسية)، ومن خلال هذا النظام يتم تحديد مكان أي شخص على سطح الأرض وبدقة عالية. وجهاز تحديد الموقع GPS يستخدم في الحروب الحديثة ، فجعل من الحربوكأنها لعبة كمبيوتر يقوم فيها المهاجم بتحديد إحداثيات الهدف بدقة ، فالقذيفةالموجهة تعتمد على نظام GPS للوصول إلى الهدف المحدد. في الحرب الأخيرة على غزة، اعتمدت إسرائيل بشكل كبير على هذا النظام خاصة في تحديد مواقع جنودها على الأرض، خاصة بعد تهديدات حماس المتواصلة بالخطف، وعندما تمكنت حماس من اختطاف جندي صهيوني أثناء الحرب، استطاعت إسرائيل معرفة مكانه عن طريق هذا النظام وقامت بقصف المكان المتواجد فيه لحظة الاختطاف فقتل الجندي واستشهد من معه من المقاتلين من كتائب القسام .
            اعتمدت المخابرات على هذا النظام أيضا في مراقبة المجاهدين، حيث يتم زرع جهاز صغير جدا لا يتجاوز حجمه زر القميص في سيارة المجاهد، وبعد ذلك يتم رصد جميع تحركات السيارة بسهولة جدا، وهنا يجب التنويه أيضا إلى عدم استخدام السيارات الشخصية في أي مهمة كانت أو أي لقاء.

            تعليق


            • #7
              رد: نظرة للمقاومة من الداخل

              بصمة الصوت

              يحدث الصوت في الإنسان نتيجة اهتزاز الأوتار الصوتية فيالحنجرة، بفعل هواء الزفير بمساعدة العضلات المجاورة التي تحيطبها 9 غضاريف صغيرة،تشترك جميعها مع الشفاه واللسان والحنجرة لتخرج نبرة صوتية لها تردد معين، يتميز بها كل إنسان عن غيره، وقد استغل العدو الصهيوني بصمة الصوت فيتحديد هوية الشخص المتحدث في الهاتف، حيث يستطيع تحديد هوية المتحدث حتى ولو نطق بكلمة واحدة، ويتم ذلك بتحويل رنين صوته إلي ذبذبات مرئية بواسطة جهاز تحليل الصوت(الإسبكتروجراف). كما أنه لا يستطيع أي إنسان على وجه الأرض تغير تردد صوته، حتى ولو كان مريضا وأصبح صوته ضعيفا، أو حتى لو أصبح كبيرا في العمر، التردد لا يتغير مطلقا، هناك من البعض من يقوم باستخدام أجهزة (تغير الصوت) ويستطيع أن يحول صوته إلى صوت آخر، هذا صحيح لكن التردد لا يتغير.
              إن ما تقوم به أجهزة المخابرات بالضبط، هو الحصول مسبقا على عينة صوتية للأشخاص المطلوبين أو المسئولين في التنظيمات أو لمن تريد مراقبته بشكل عام، وعن طريق حاسوب مركزي للمخابرات متصل بجميع أجهزة المقاسم الخاصة بشركات الاتصال، يقوم الحاسب بشكل آلي بمقارنة تردد أصوات المتكلمين مع البصمات المخزنة، وعند تطابق إحداها فإن الجهاز يكشف هوية الشخص المتكلم.
              تقوم أحيانا التنظيمات الفلسطينية بالإعلان عن العمليات التي نفذتها بالاتصال مع وكالات الأنباء، التي تكون خطوطها مراقبة بشكل تام ودائم، أو توزيع أشرطة فيديو يقوم فيها مسلحون بقراءة بيان، وحتى تعرف المخابرات هوية المتحدث فهي تأخذ نبرة صوته ثم ترجع إلى الأرشيف وتجري فحصا للمكالمات التي أجرتها هذه البصمة، وغالبا ما تنجح هذه الطريقة.
              ويسود اعتقاد بين الكثير من الخبراء في مجال الأمن، أن بصمة الصوت أصبحت الوسيلة الأهم والأكثر سرعة ودقة في التعرف على هوية الأشخاص، بعد تزايد الاعتماد على وسائل الاتصال الالكترونية، بل ذهب البعض منهم إلى اعتبارها أهم من بصمة الصبح وجواز السفر أو أي وثيقة أخرى، وهنا يتضح لنا إمكانية تحديد هوية أي شخص يجري أي مكالمة باستخدام الهاتف النقال أو المنزلي أو العمومي، بمجرد أن تكون نبرة الصوت له معروفة وموضوعة على أجهزة الكمبيوتر العاملة في الشركات التي تزود بالخدمة.

              الانترنت

              لا يختلف الانترنت من ناحية المراقبة عن الهواتف النقالة كثيرا، فالانترنت شبكة اتصال عالمية، توصل جميع دول العالم بعضها ببعض، فلا يوجد شيء في الانترنت إلا ومراقب، وعلى سبيل المثال: عند تصفح أي موقع في الانترنت فإنه يتم استدعاؤه من السيرفر الرئيس، وبالتالي يتم تحديد البلد الذي استدعت الموقع، ثم المدينة ثم الحي، حتى الوصول إلى رقم الـ (آي بي) الخاص بجهاز الكمبيرتر، الذي تم استدعاء الموقع من خلاله، وبالتالي معرفة الخط الهاتفي الذي يزود الكمبيوتر بخدمة الانترنت، ومعرفة صاحب الكمبيوتر من خلال رقم الـ(آي بي)، وبالتالي نؤكد على أن جميع ما في الانترنت مراقب، فالرسائل مراقبة بحيث يتم تحديد المكان الذي خرجت منه الرسالة، والمكان الذي وصلت إليه، وفي أي ساعة تم ذلك، كذلك استخدام برنامج الماسنجر للتواصل مع الأصدقاء بالكتابة أو المحادثة، فجميع ما يتم كتابته خلال البرنامج أو أي برامج مشابهة يخزن في السيرفر الرئيس، وتستطيع أجهزة المخابرات بالعودة إليه متى تشاء.
              نريد أن نؤكد على نقطة هامة جدا، أننا في الآونة الأخيرة التقينا مع العديد من الخلايا التي تم اعتقالها عن طريق الانترنت، وكان لهذه الخلايا اتصال مع غزة، أحد الأشخاص الذي كان له اتصال مع غزة وكان يستخدم برنامج (الماسنجر) في ذلك، وكان يستخدم مقاهي الانترنت، تفاجئ عندما أحضرت له المخابرات كتابا يحتوي على جميع حواراته التي أجراها خلال شهرين. فالانترنت مراقب مثله مثل الهواتف بل بشكل أدق، كما أنه وبسهولة تستطيع المخابرات اختراق أي ايميل وتمثيل دور الطرف الآخر في الاتصال، وتم الإيقاع بعدد من الخلايا بهذه الطريقة.

              قصص مع الاتصالات

              القصة الأولى: في عملية اغتيال حدثت في مصر - اشتبهتالحكومة المصرية في أن مدبري الحادث ينتمون إلى جماعة إسلامية في بيشاور - ولمتتمكن الحكومة من ضبط أحد في الحادث،فقامت الحكومة بوضع رقابة مشددة علىتليفونات اعتادت الجماعة الاتصال بها في مصر، وبعد 3 أيام التقطت مكالمة من بيشاوروهذه المكالمة تحدد موعدا للقاء في القاهرة، وقامت الحكومة بعمل كمين واعتقلتالمسئولين عن الحادث.
              القصة الثانية : عملية اغتيال ( شهبور بختيار ) رئيس وزراءإيران السابق في فرنسا في عام 1992م، كان ( شهبور بختيار) يعيش في (فيلا) فيفرنسا، وعليه حراسة مشددة من البوليس الفرنسي طوال ساعات اليوم الـ 24. زاره أحدالعاملين المقربين منه والمعروف لطاقم الحراسة، وعندما وصل إلى (فلته) وكان معهاثنين آخرين إيرانيين سمح لهم البوليس بالدخول بعد تفتيشهم وتركوا جوازات سفرهمبالباب، دخلوا فحياهم شهبور، وجلسوا ودخل سكرتير (شهبور) لإعداد الشاي في المطبخفقفز هؤلاء على (شهبور) وقتلوه ثم قاموا بقتل السكرتير ومكثوا ساعة واحدة في الشقةثم غادروا الفيلا، وأخذوا جوازات سفرهم ورحلوا في السيارة.ذهب معاون (شهبور) فيطريق ، والاثنان الآخران استقلوا القطار وتوجهوا إلى الحدود الفرنسية السويسريةلعبورها ولكن جمرك الحدود السويسري شك في تأشيرة الدخول إلى سويسرا ورفض السماح لهمبالدخولتحركوا إلى نقطة حدود أخرى ونجح أحدهما في الدخول إلى سويسرا ولم ينجحالآخر، وبقي في داخل فرنسا هائماً على وجهه لمدة 5 أياماكتشفت جثة (شهبور) بعد 48 ساعة من مقتله، وقام البوليس بنشر صور المتهمين الثلاثة ، وتم اعتقال الشخص الذيلم ينجح في الخروج من فرنسا ، ولكنه أنكر صلته بالقتل وقال بأنه كان متواجداًفقط.
              اشتبهت السلطات الفرنسية في أن الحكومة الإيرانية لها يد في هذه الجريمةفأرادت أن تتأكد من ذلك فقامت بعمل الآتي :
              أ - قامت الحكومة بفحص جميع الكبائنالعامة الموجودة على خط السير، الذي تحرك فيه الرجلان في اتجاه الحدود السويسريةفأحصت أكثر من 20 ألف مكالمة في فترة الخمسة أيام قبل أن يتم القبض على هذا الرجلالذي لم يستطع الخروج.
              ب – بعد الفحص الدقيق وجدت الحكومة تطابقا في عدة مكالماتإلى شقتين في اسطنبول بتركيا، وبالتالي تحددت هاتين الشقتين على أنهما مركز قيادةالعملية.
              جـ – بعد ذلك طلبت الحكومة الفرنسية من الحكومة التركية المساعدة، فقامتالحكومة التركية بفحص التليفونات الصادرة من هاتين الشقتين، وهما مملوكتين لمواطنإيراني، وأعطت البيانات إلى الاستخبارات الفرنسية، وكانت المكالمات صادرةإلى كل من وزارة الخارجية الإيرانية، ومكتب استخبارات إيراني مسئول عن العملياتالخاصة، وشقة في فرنسا ( قامت السلطات الفرنسية باستجواب صاحبتها فاعترفت بأنهاتعمل عميلة مع الاستخبارات الإيرانية ) تم فحص المكالمات الصادرة من شقة فرنسا، وكانت صادرة إلى تركيا وإيران،الخلاصة أنه بمعرفة أرقام التليفونات تم الربطبين المنفذين والحكومة الإيرانية وتم كشف كامل التفاصيل.

              المجاهد الفطن

              قام أحد المجاهدين برصد دورية عسكرية صهيونية في منطقة رام الله، كل يوم على مدار أسبوع كان يراقب هدفه بدقة ويسجل كل شاردة وواردة، وكان لا يترك هاتفه النقال إلا وقت الرصد، وهذا من أجل أنه فيما إذا تم تنفيذ العملية، وأجرى الاحتلال تحقيقا وعاد إلى موقع العملية ومحيطها في دائرة نصف قطرها 1كم على الأقل، وفي زمن تنفيذ العملية ولنفترض أن التنفيذ سيكون الساعة السابعة صباحا فإن المجاهد كان يرصد كل يوم الساعة 7 صباحا، وبعودة المحققين إلى أرشيف الهواتف كما أسلفنا سابقا، وبالعودة شهرا إلى الخلف لهذه المنطقة التي وقعت فيها العملية، وفي وقت ما بين الساعة السادسة والسابعة صباحا وقت وقوع العملية فإن المخابرات ستجمع كل أرقام الهواتف التي تواجدت على مدار شهر في هذه المساحة في الوقت المشار إليه سابقا، ومن هنا تبدأ رحلة البحث في هذه الأرقام وإخراج الرقم الغريب والشاذ عن المنطقة واستدعاء صوت صاحبه، حتى وإن كان أكثر من رقم غريب عن المنطقة، إلا أن هذه الطريقة توفر حصرا وجهدا للبحث والاعتقال والتحقيق وكشف أسرار العملية، ولهذا أحسن المجاهد التصرف ولم يأخذ هاتفه النقال معه لا وقت الرصد ولا وقت التنفيذ.

              الإعلان عن العملية

              لقد أخذ المجاهد كافة الاحتياطات اللازمة من وجهة نظره، فقد تولى الأمر بنفسه ومن ،جل التمويه سافر إلى مدينة جنين بعد تنفيذ العملية في رام الله، وقد قام بكتابة البيان بنفسه وإرفاق الصورة للانفجار على (سي دي) أو ذاكرة، حيث كان قد صور الانفجار بكاميرا فيديو صغيرة عندما طلب رقم الهاتف الذي استخدمه كدائرة كهربائية لتشغيل العبوة، وهذا له قصة مشتركة مع الإعلان سنتحدث عنها لاحقا، ولكن لنبقى في الإعلان وقد كان الأخ يستخدم كمبيوترا خاصا محمولا، لا يستخدمه في البيت أبدا، وهو مخبأ بعيدا كما أي قطعة سلاح وكذلك الكاميرا بالمثل، لقد سافر المجاهد إلى جنين ودخل مقهى الانترنت في وسط المدينة وجلس أمام الكمبيوتر وقد كان متنكرا حيث لبس باروكة وعدسات لاصقة، واستخدم قلما للضغط على لوحة المفاتيح لكي لا تظهر أي بصمة له على الكمبيوتر، وقد أدخل القرص في الكمبيوتر وأرسل ما به للمواقع الإخبارية بسرعة كبيرة جدا، وحتى هذه اللحظة لا مشكلة ولكن في ليل ذلك اليوم تم اعتقال المجاهد ومواجهته بأنه هو من قام بالعملية كيف عرف الاحتلال أنه هو من قام بالعملية؟

              كيف ذلك

              لقد سافر المجاهد إلى جنين، وهذه المرة لم يأخذ الاحتياط اللازم، و أخذ معه جهازه الخلوي من رام الله إلى جنين وكل منطقة كان يقطعها المجاهد ومعه الهاتف النقال كان يسجل النقال حركة المجاهد، وهذا من خلال الخلايا (الأبراج) المنتشرة على طول طريق السفر وصولا لمقهى الانترنت. في لحظة وقوع أي عملية تستمع أجهزة أمن الاحتلال لكل تصريح وتنتظر تبني العملية لتكون رأس الخيط الذي تبدأ البحث منه، وفعلا هذا ما حدث مع المجاهد في لحظة مراسلته للمواقع الإخبارية، وبالرغم أن هذا الدخول كان سريعا وقصيرا جدا إلا أنه تم تسجيله لدى الكمبيوتر المزود الذي له صلة بالمخابرات، وذكر على هذه المواقع تبني العملية لينطلق التعقب لهذا الإرسال، وكما ذكرنا سابقا عن الانترنت بالإمكان معرفة رقم طالب الخدمة والذي أوصل الاحتلال للمقهى الذي دخل إليه المجاهد، ومع ذلك فما فائدة أن وصلوا للمقهى فهو مقهى عام ويرتاده الكثيرون كل ساعة، إن ما قامت به أجهزة أمن العدو هو معرفة الوقت الذي أرسلت فيه هذه الرسالة من هذا الموقع، لتبدأ المرحلة الثانية وهي مرحلة حصر الهواتف الخلوية التي تواجدت في هذا المقهى في ذلك الوقت، ومعرفة أصحابها وفرزهم من خلال بصمات أصواتهم ومعرفة إن كان أحد منهم مشبوها، أو حتى اعتقال كل من كان في ذلك الوقت تحديدا داخل المقهى، وتحويلهم للتحقيق وهذا فعلا ما حصل مع المجاهد.

              الثغرة الثانية

              وهي استخدام المجاهد لدائرة الهاتف النقال كدائرة كهربائية لتشغيل العبوة، فعند شراء المجاهد للهواتف النقالة التي استخدمها كمرسل ومستقبل، حملها مع هاتفه الشخصي وذهب بها إلى بيته، وهذا أيضا خطأ، كان يجب أن لا يأخذ الهاتف النقال معه وقت الشراء، وكذلك لا بد من تحضيرها كدائرة بعيدا عن البيت، أو أي مكان يعتاد الذهاب إليه أو الاقتراب من أي احد من الأصدقاء كونهم يحملون هواتف نقالة، وذلك بسبب إمكانية الرجوع للوراء فالحصول على أرشيف التنقلات للهاتف، ومن الأفضل هنا عدم استخدام هذه الدائرة لأنه يوجد دوائر أفضل منها ( بنفس الأداء) من دون استخدام هواتف نقالة ومتوفرة في الأسواق.

              قصة أخرى

              أحد المجاهدين كان له اتصال مع الخارج، وكان لديه خبرة في مجال الاتصالات، فكان يجهز الرسالة التي يريد إرسالها على (ذاكرة) ويذهب إلى مقهى في مدينة لا يسكنها، ويرسل الرسالة ويستقبل ما جاء من رسائل ويخزنها على الذاكرة، بزمن لا يتجاوز الخمس دقائق من بدء فتح الايميل، واستمرت المراسلات لمدة عام كامل دون أي اختراق، وفي كل رسالة كان يذهب إلى مقهى في مدينة مختلفة، طلبت القيادة من الأخ استخدام الهاتف النقال في المراسلة، بحيث يشتري جهازا جديدا وشريحة جديدة، وأن يسجلهم بأسماء مستعارة، وأن لا يستخدمهم إلا لهذه المهمة، وأن تتم المراسلة فقط بواسطة رسائل ال sms وفي مدة زمنية قصيرة، وأيضا عند استخدام هذا الجهاز طُلب من الأخ أن ينتقل إلى مدينة بعيدة عن مدينته حيث يسكن، وأن لا يشغل الجهاز إطلاقا في المدينة التي يسكن فيها حتى لا يتم تسجيل أي نقطة عن وجود هذا الجهاز في مدينة سكن المجاهد لإبعاد الشبهة عنه.
              نفذ المجاهد ما طلب منه وكان ينتقل بالجهاز وهو مغلق (مع فصل البطارية) ولا يشغل الجهاز إطلاقا إلا عندما يصل المدينة الأخرى، ويبدأ المراسلة مع الأخوة بواسطة رسائل sms بمدة زمنية لا تتجاوز الخمس دقائق. اعتقل الأخ المجاهد بعد شهر من استخدامه للهاتف النقال. كيف استطاعت المخابرات الوصول إليه؟؟
              تبين للمجاهد من خلال التحقيق أن المخابرات استطاعت الوصول إليه عن طريق الأقمار الاصطناعية، فعندما شغل جهاز الهاتف الذي دخل حيز المراقبة منذ الرسالة الأولى (لأن رقم الجهاز تم إرساله برسالة انترنت إلى الإخوة في الخارج، وبريد الانترنت كان مراقبا بشكل مكثف) التقط للمجاهد صورة من الأقمار الاصطناعية وتم تحديد هويته. وتبين أيضا للمجاهد أن جميع الرسائل التي أرسلها بواسطة الانترنت كلها كانت بحوزة المخابرات، حيث استطاعت أن تربطها به عندما استخدم الهاتف النقال والذي حدد هويته.
              ونذكر هنا حادثة جنائية حدثت في دولة الاحتلال، وهي قضية قتل طفلة من قبل جدها وإلقائها في نهر في مدينة تل أبيب، وهذا كان اعترافه في البداية ثم تراجع عنه بعد أن مضى أسبوع وشرطة الاحتلال تبحث عن الطفلة في النهر التي وضعها في حقيبة بعد قتلها، إلا أن الشرطة استمرت في البحث في المكان الذي أخبرهم عنه، متجاهلة الرواية الثانية معتمدين في ذلك على أن هناك معلومة الكترونية تدعم اعترافه الأول، وهي تواجده في هذه المنطقة تحديدا في تلك الفترة، وأكد هذا سجل هاتفه النقال، واستمر البحث في تلك النقطة حتى العثور على الطفلة.. هذه حقيقة ثابتة والسعيد من اتعظ بغيره.



              الأسر ضرورة لا بد منها


              نحن نخطئ حين نقول أننا لا نستطيع أن نفعل كذا وكذا، والصواب أن نقول : إننا لا نريد أن نفعل؛ لأن الإرادة الحقيقية ليست متوفرة فنغطي على غيابها بانعدام القدرة "ولو أرادوا الخروج لأعدو له عدة"، فانعدام أي قدر من التأهب للجهاد دليل على أن إرادة الخروج له معدومة أصلا، لقد آثرت أن أبدا بهذه الكلمات وهذا الاستشهاد؛ لأنه الأصدق في توصيف الحال، والأنسب مدخلا لما سنتحدث عنه كونه حجر الزاوية في النقاش حول هذا الأمر.
              حتى فترة قريبة أثناء النقاش الداخلي بين الأسرى الذين يهمهم هذا الأمر أكثر من أي احد آخر كونها قضيتهم، كانت تتردد عبارة: إننا لا نستطيع وإن هذا الأمر من الداخل مستحيل، وهنا لا بد من طرح عدة أسئلة قبل الرد على من يقول باستحالة الأسر من داخل الأرض المحتلة، من خلال سرد حقائق على الأرض لا يمكن إغفالها أبدا أو الالتفاف عليها، وستبقى هذه الوقائع والمعطيات الجرس الذي يدق في عالم هذا الملف المؤلم المنسي حتى يقيم الحجة على كل من يستطيع، وهذه هي الأسئلة التي لا بد من الإجابة عليها:

              تعليق


              • #8
                رد: نظرة للمقاومة من الداخل

                1. ما الذي يجب تحقيقه؟
                2. لماذا يجب أن يتحقق؟
                3. متى يجب تحقيقه، وما المدة التي يستغرقها؟
                4. من الذي سيقوم بتحقيقه؟
                5. هل هناك حاجة من الفرد أو المجموعة إلى مساعدة أحد في تحقيقه، وإذا كانت المساعدة فمن الذي سيفعل ذلك؟

                6. ما الأدوات التي يحتاجها ذلك؟

                وقبل الدخول في التفاصيل والإجابة على هذه الأسئلة نقول: إن كل أفكارنا وانطباعاتنا معرضة للموت خنقا إذا عزلناها عن الواقع، نحن بحاجة ماسة إلى العقلية المستقبلية وبحاجة أيضا إلى عقيدة راسخة بأنه لا سبيل إلى مستقبل أفضل من الواقع الذي نعيشه، إلا عن طريق تحسين القرارات التي تحكم وتكون واقعنا الحالي، ونحن أيضا في هذا الإطار وخاصة في التعامل مع هذه القضية بحاجة إلى الإيمان بأهمية العمل التراكمي مهما كان ضئيلا، حيث نشعر حينها بتداخل المستقبل مع الحاضر ، نحن بحاجة لمراكمة العمل والاستفادة من كل صغيرة وكبيرة في هذه القضية، ولا بد من أن أسجل هنا أن الفعل بدون تجربة فراغ وهو أشبه بطاحونة أدرناها دون أن نضع فيها شيئا تطحنه، بل إن وضع العقل في حالة ضعف المعرفة قد يكون أسوأ حيث أنه يقوم آنذاك بإصدار الأحكام بناء على ما لديه من معلومات ناقصة وانطباعات شخصية، وكثيرا ما تكون تلك الأحكام مشوهة وخاطئة.
                وهذا للأسف هو التفكير الذي ساد والرأي الذي كان يسمع بخصوص قضية الأسر، ولا بد من القول أن استمرار التفكير وتواصله لا بد أن يوصلنا إلى ما هو أكثر صوابا من رؤية معينة أفضى إليها اجتهادنا مسبقا، ومن خلال النقد والمراجعة حتى نعثر على بعض النقاط المهمة التي لم نرها من قبل، وكما قيل (عقل الكسلان بيت الشيطان) فلا بد لنا من طرد الشيطان والوقوف على الحقائق والواقع الذي عشناه وما زلنا، حتى يكون ما سنطرحه بعد قليل نقطة تحرك وانطلاق وحجة قائمة على من تقع تحت يديه هذه الدراسة المختصرة، التي تلخص مدى حاجتنا للأسر وضرورته للمقاومة من الناحية الإستراتيجية وقبل أن نختم في هذا المدخل نقول أيضا: إن اطلاعنا على أفكار الآخرين يعطينا نوعا من الشعور بالأمان، إذ أنه يوفر لنا رأس جسر للانطلاق نحو أفكار جديدة، وسهولة لنا ولغيرنا. وفهم أولئك الذين استخدمنا أفكارهم وكانت بمثابة شرارة إشعال أو خميرة لتفاعل فكري، يوصلنا إلى أفكار مبدعة في العمل المقاوم وهذا ما كان مع خلية سلوان، لما سجلوا في دراستهم مقدار الاستفادة التي جنوها من دراسات المجاهدين الذين سبقوهم، مثل دراسة عمليات الثأر المقدس للمجاهد حسن سلامة، ونحن اليوم سنعتمد على دراسة خلية سلوان التي هي بعنوان (مهندسو الموت) ويبقى أن نقول للقارئ الكريم: إن الإبداع هو صناعة العقل البشري ولا ريب، ولكن العقل يحتاج إلى مادة خام يشتغل عليها، وهذه المادة قد تكون ملاحظة صغيرة أو فكرة جزئية أو مبدأ عاما أو تجربة شخصية تم استخلاصها من حادثة عابرة، ومعظم ذلك يتوفر في العادة من أطروحات الآخرين وأعمالهم. ولا بد أن نبقى في تحرر دائم ولا نبقى أسرى أفكار بالية، إذ المقاوم بالبحث عن البدائل لما هو فيه، وإن لم يفعل ذلك فسيبقى مكبلا بالأوهام والعادات البالية التي تكون بمثابة القيود التي صنعها لنفسه بنفسه، والتحرر الدائم ينبع من اعتقادنا أنه لا راحة لنا إلا بلقاء الله عز وجل، ونقول: لا بد من الحرص على النجاح مهما صغر، فليس في هذه الدنيا نجاح مطلق، فالنصر في أي معركة أيا كان نوعها يضعنا في مواجهة معركة جديدة قد تختلف في متطلباتها، وهذا هو المطلوب منا أن لا نستصغر حجم النصر الذي يتم تحقيقه لأنه سيكون المهد للمعركة القادمة.

                الأسر ضرورة شرعية

                قال تعالى :" ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا"، جاء عن مجاهد في فتح القدير (قال إحياؤها أي انجاؤها من غرق أو حرق أو هدم أو هلكة، لهذا كان الله جل شأنه قد ساوى بين الموت والأسر في أكثر من موضع :"وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك" وقال أيضا للمسلمين في أحد حينما استشهد منهم سبعون ولم يؤسر منهم أحد، بعد أن قتلوا في بدر سبعين وأسروا سبعين :" أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا" ترى أي أجر على وجه الأرض أعظم وأي مثوبة أزكى من أن تنجي مئات الأسرى من هلكة الأسر، ومن تلك العبودية ومن وطأة القيد، من هذا العابد المجاهد الذي يختاره الله ويصطفيه ليفرج عن مئات أو آلاف الأسرى، فيكون كمن أحيا أهل الأرض كلها من قطبها إلى قطبها مئات المرات، أي طراز من الناس صنعهم الله على عينه يستطيعون أن يحققوا هذه المعجزة و"الله أعلم حيث يجعل رسالته" إذا كان الشهيد من أكرم خلق الله على الله حين قرر أن يتنازل عن حياته لمولاه في لحظة فداء، كانت كرامته أن يبعد الموت من قاموس حياته الأخرى؛ ليعيش أبدا في صحبة من هم "أحياء عند ربهم يرزقون" فأي كرامة وأي مثوبة لمن يعيد الحياة لمئات أو آلاف صادر الاحتلال حياتهم في ظلمات سجونه وزنازينه. وصدق رسولنا حيث قال: "أغيثوا الملهوف وفكوا العاني وأطعموا الجائع" والعاني هو الأسير مشتقة من المعاناة أو من الحاجة للعون، وفي قصة سيدنا يوسف عليه السلام نسمعه يقول: "وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن" وإذا كان الإحسان أعلى درجة من الإيمان والمحسنون أعظم منزلة من المؤمنين، فمن ذا الذي يكون جندي الله تعالى في إحسانه لأوليائه فيكون سببا لإعادة الحياة إلى هؤلاء؟!
                لقد جاء في الحاشية لابن عابدين "إنقاذ الأسير وجوبه على الكل من المشرق والمغرب". وفي الأحوال أبو عبيد القاسم بن سلام " والسعي في ذلك واجب بكل وسيلة ممكنة". وفي القرطبي وابن قدامه في الجامع والمغني " إذا تعين فداؤهم بالمال وجب ذلك وان أتى على جميع أموال بيت المال وأموال المسلمين" ومثله في شرح الخرشي المالكي على مختصر خليل. وقد نقل ابن حجر في الفتح " فكاك الأسير واجب على الكفاية وعلى هذا جميع العلماء" والسؤال أين العلماء من قول الفاروق " لإن أفادي أسيرا خير لي من جزيرة العرب". وكيف لهم أن يناموا وقد حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا على أسر عمه العباس رضي الله عنه قبل أن يسلم .

                ضرورة إنسانية

                عندما نتحدث عن الأسير نحن لا نتحدث عن شخص بعينه، وإنما نتحدث عن الأب والأم والزوجة والزوج والابن والبنت والأخ والأخت، كل هؤلاء يعانون عندما نتحدث عن الأسير، فلا بد من ذكر والده ووالدته وكم من أسير منع والديه أو أحدهما من زيارته وجاءه خبر وفاتهم وهو في الأسر. وكثير من الأسرى لم يروا إخوانهم وأخواتهم منذ عشرات السنين. ونحن هنا لا نبالغ عندما نقول عشرات السنين، فهناك المئات من الأسرى تجاوزا السنوات العشر، ومنهم الآن من له ثلاثون عاما في الأسر ، دخل السجن وهو في الخامسة والعشرين، واليوم تجاوز الخمسينيات من عمره، والمأساة أكبر عندما تعرف أن غالبية هؤلاء الأسرى غير متزوجين، فكم تبقى لهم من العمر على فرض أنه سيفرج عنهم غدا، أسئلة كثيرة يتم تداولها بين مجتمع الأسرى الذي نحن جزء منه ولا إجابات عليها. هذا الأسير الذي عمره الآن 55عاما، وأفنى زهرة شبابه بين جدران الزنازين وغرف السجون، لقد مرت عليه أيام طويلة حيث قهر السجان ورطوبة الزنازين، لقد مرت عليه أيام صعبة ونكدة ويكفى وقوفه كل صباح للعدد الذي هو بحد ذاته ذل، إن تحمل البشر محدود وهذا ما أكده الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم عند مروره بما حدث مع سيدنا يوسف عليه السلام الذي مكث بضع سنين في السجن وقول الرسول "لو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداع". إذا الأمر إنساني بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. لقد قالها ذات يوم الشهيد الإمام أحمد ياسين أن الأسير لا يجب أن يمكث أكثر من خمس سنوات في السجن، فما بالكم يا أبناء حماس! إن إخوانكم قد مضى على مكوثهم في السجن أكثر من عشرين عاما وغيرنا لهم 25 و30عاما.

                الآثار النفسية المنعكسة على جمهور المقاومة بسبب الأسر

                نبدأ من عائلة المجاهد أو المقاوم أو الأسير، إن عائلاتنا نحن المقاومون عندما ترى أن من يرسل أبناءها من أي تنظيم يسأل عنه ولا يحرره بعد عشرين سنة من الاعتقال، إن المقاومة عندما تكون واضحة مع جمهورها وتقول للعائلات إن أبنائكم أمانة في رقابنا وإن السقف المسموح به الذي لا يمكن أن نقبل بتجاوزه هو أن لا يمكث الأسير أكثر من خمس سنوات في السجن، مهما كانت مدة حكمه وهذه قاعدة أقرها وقالها الشهيد الإمام أحمد ياسين رحمه الله، عندما ترى العائلات هذه المعادلة من المقاومة أن السقف خمس سنوات لن تبخل الأمهات بأبنائها لأن تجربة الأمهات في التنقل من باب سجن لآخر، مرة في شمال فلسطين المحتلة وأخرى في جنوبها تعرف معنى المرارة التي تلاقيها.
                لقد سرّنا ما فعل حزب الله بعدوه في تموز من العام 2006م، عندما خاض الحزب حربا ضد الاحتلال وأيدهم الله بنصره ووقع من رجاله أسرى بين الاحتلال ولكن فضل الله كبير كان على هؤلاء الأسرى، حيث تمت مبادلتهم في تموز من العام 2008م مع الاحتلال بجنوده الأسرى (الجثث) فلم يمضى على هؤلاء الأبطال سوى سنتين في سجون الاحتلال، إن نفسية هؤلاء الإبطال مستعدة للعودة ومن لحظة المبادلة إلى ميادين المقاومة، لأن خلفهم قيادة لا تترك أسراها في السجون، وهذا ما تحتاجه عائلاتنا أن تعرف أن هناك مدى زمنيا لوجود أبنائهم في السجن، لا أن يبقى مصير هؤلاء الأسرى معلقا في الهواء إلى المجهول دون أفق. ويصل بهم الأمر للشيخوخة في السجون بعد 30عاما من الاعتقال، ولا بد من القول أن المقاوم لا يتمنى إلا الشهادة وبالطبع يكون مهيأ للأسر، إلا أن مرارة الأسر تجعلهم يتمنون الشهادة دائما ويتعوذون من الاعتقال كل يوم، وخاصة من يرى النماذج الموجودة من الأسرى الذين أكل عليهم الدهر وشرب في السجون، فالسجين الجديد يرى أن بعض الأسرى في الاعتقال منذ العام 1978م أي قبل أن يولد هو وكثير من الأسرى غيره، فإنه يقف أمام هذه الحقيقة مطولا ، في حالة من الذهول، ولا يمكننا تجاهلها وإنكار ما تتركه في نفوس الأسرى الجدد من غصة ومخاوف من المستقبل من أن يصبح مصير هذا الجديد كهذا النموذج الذي سبقه ولم تمد له يد النجاة لإنقاذه.

                ضرورة سياسية

                عند الحديث عن السياسة والأسرى، لا بد من الوقوف على ما تمر به القضية الفلسطينية في هذه الفترة بالذات، وقد حذرنا مسبقا في مقالة وتحدثنا فيها عن ضرورة الأسر الآن وفورا، وهذا كان وقت فوزنا نحن حماس في الانتخابات التشريعية في يناير2006م، وعلى جانب العدو في نفس الفترة كان أيضا انتخاب اولمرت، ولقد كان لدى هذا الحزب خطة جاهزة للتنفيذ ويريد شريكا فلسطينيا يقبل بها، وكانت لدينا حينها مخاوف من أين يقبل بها الطرف الفلسطيني المفاوض، وكنا أيضا نعتقد أنه لتمرير مثل هذا الاتفاق فلا بد من رافعة لتمريره، ولا بد له من غطاء يحميه، وأفضل رافعة وغطاء لمثل هذا الاتفاقات كما حدث في ( واي ريفر)، هو إطلاق عدد لا بأس به من الأسرى كون هذه القضية قضية إجماع في الشارع الفلسطيني، وعدونا يفهم هذا فما من بيت أو عائلة أو قرية إلا ومنها أسرى، فلا مكان للمزاودة أو الاستخدام لهذا الملف في أي نقاش إعلامي إلا بالاتجاه الايجابي، وحينها قلنا من أجل ما تقدمنا به لا بد من سحب هذه الورقة التي يبتز عدونا فيها الطرف الفلسطيني المفاوض، وبدوره المفاوض يأتي ليسوق بضاعته الفاسدة على حساب أسرانا. والحمد لله أن تفكيرنا كان متقاربا مع الإخوة في الخارج، وتم أسر الجندي شاليت في عملية الوهم المتبدد من قبل كتائب القسام وفصائل المقاومة الأخرى.
                ولا بد من الإشارة أن الاحتلال قام بالإفراج عن بضع مئات من الأسرى من ذوي الأحكام الخفيفة ومن بينهم أسيرين فقط من ذوي الأحكام العالية الذي مضى على اعتقالهم أكثر من 27سنة، وقد كان هدف الإفراج عنهم هو دعم المعتدلين من الفلسطينيين حسب وصفهم، وهذه هي الحقيقة: أن لكل إفراج ثمن سياسي، الثمن الذي يمكن أن يكون مقبولا الآن على المفاوض مقابل الأسرى هو البقاء حول طاولة المفاوضات حتى يكتمل مشروع الاحتلال على الأرض، وجانب آخر وهو حسب ما يعتقد الاحتلال أنه بهذه الخطوة يضغط على حماس بحيث يقوم أهالي الأسرى بالضغط على حماس كون الاحتلال أفرج عن مجموعة من الأسرى الذين شارفت مدد محكومياتهم على الانتهاء، إذا نرى أن هناك حاجة لأن نتخلص من أن يبقى الأسرى ورقة ابتزاز سياسية في يد العدو، يستخدمها مع الطرف المفاوض الذي رضي المفاوضات خيارا واحدا ووحيدا. وجانب آخر فإن الأسر سيصب في خانة العمل السياسي المرشد الذي ترافقه المقاومة وتكون أساسه ورافعته بحيث نسحب ورقة هامة جدا وهي عقاب أبناء المقاومة وجمهورها من خلال اعتقالهم.
                وبإفقاد العدو هذه الورقة الرابحة له في معادلة الصراع معه، يدرك أن هذا الأسير لا يهمه الاعتقال لأن له سقفا لن يتجاوزه وهو الخمس سنوات على الأكثر، ومن هنا يدرك العدو أن الأسر قد دخل إلى معادلة الصراع وأصبح قاعدة من قواعد اللعبة، ولا بد من التعامل معه، وبالتأكيد إن فكرنا بعقلية العدو فالتفكير لا شك سيكون في صالح المقاومة ولا بد من التسجيل للمقاومة أنها هي السبب في الإفراج عن أربعة أسرى من الأردن الذي أطلق سراحهم في العام 2007م من سجون الاحتلال، بعد نقلهم بموجب اتفاق إلى أحد سجون الأردن وأن يتم إطلاق سراحهم فور تنفيذ أي عملية تبادل تشمل إطلاق سراح أسرى، وهنا نؤكد من متابعتنا لما جرى مع هؤلاء الأسرى أنه لولا عمليات الأسر التي تمت في لبنان وغزة لما قبل الاحتلال بإطلاق سراحهم وكذلك إطلاق سراح سعيد العتبة وأبو علي يطا، إذ جاء إطلاق سراحهم تشجيعا للمفاوض الفلسطيني على الاستمرار في المفاوضات وكذلك للضغط على حماس كما أسلفنا من قبل.


                ضرورة للحفاظ على المقاومين

                لقد كان يتم ترديد عبارة: "فدائي ميت خير من فدائي حي"، وهذه مقولة اشتهر بها الجزار شارون، لقد رأينا الكثير من التصفيات للمقاومين بعد أن يتم اعتقالهم للتخلص منهم، لإدراك العدو أن لا فائدة منهم حيث أنهم لا يملكون معلومات، أو قناعتهم أن المقاومين لن يدلوا لهم بأي اعترافات فتكون التصفيات، والمطلوب من المقاومة حماية المجاهدين، وهذا يكون فقط بأن تجتهد المقاومة ويبقى عندها دائما أسرى من العدو، حتى نحافظ على مجاهدينا من الاغتيال والتصفية بعد الأسر، ونحن طبعا الشهادة أسمى أمانينا ولكن الحياة لدينا أيضا لها قداسة، خاصة أننا نعيش ونعمل على درب الشهداء، ومن هنا يفهم العدو أن لا سبيل لقتل المجاهدين لأن له جنودا أسرى لدى المقاومة، ولا بد من الوصول لقناعة عندنا نحن في المقاومة، أن يكون لدينا أسرى باستمرار حتى لو لم يكن لدينا أسرى من ذوي الأحكام العالية والمؤبدات، ولكن تحسبا لأي طارئ لا بد من الاحتفاظ بأسرى صهاينة للأسباب التي ذكرناها وهذا الأمر يتم فرضه على العدو من خلال تكرار المحاولات وفرض معادلة أن الأسر لا بد من التعامل معه كقاعدة جديدة في أصول اللعبة بيننا وبين الاحتلال كما فرضنا سلاح الأسر في غزة بعد أسر شاليط، لا بد من فرضه في الضفة، وللعلم أن الأسر في الضفة له تبعات وردات فعل أقل بكثير منه في غزة كون الضفة كلها تحت مسؤولية الاحتلال الأمنية، ويستطيع أن يصلها بسياراته الخفيفة دون أن يكون له المبرر لاستخدام قوة باطشة ضد السكان في الضفة، وهنا نقول إن ضعفنا في الضفة ووضوح هذا أمام العالم هو في صالحنا في هذه القضية بالذات وفي هذه المرحلة بالذات.

                تعليق


                • #9
                  رد: نظرة للمقاومة من الداخل

                  ضرورة جماهيرية وشعبية للحركة

                  كثير من أعمال المقاومة تكون رائعة ومهمة في حينها وفاعلية ومؤثرة بل وقاصمة للعدو، إلا أن مدة استذكارها تزول بسرعة كبيرة عند عامة الناس وذاكرة شعبنا مزدحمة بالإحداث والمناسبات وعمل يطرد عمل، ومناسبة تطرد مناسبة، ويستثنى من ذلك الباحثين والمهتمين بالمقاومة، والمهم أن هناك دائما رابط فمن أجل تذكر أي شيء نراه نحتاج إلى رابط، فمثلا إن أردنا تذكر اسم مدرسة معينة لا بد من ربطها باسم ذي أهمية حتى نستدعي اسم المدرسة من الذاكرة بمساعدة هذا الاسم. وأعمال المقاومة قد تكون مستذكرة في عقول من لديهم الرابط بكل عمل سواء أكان المنفذ من أهل المنطقة أو صديق أو قريب وإليكم هذا الرابط الدافع لعمليات الأسر ، فكل بيت منه أسير والعائلة مهتمة بهذا الأسر وكل عمليات الأسر يتم استدعاءها من الذاكرة بالحديث عن الأسرى مباشرة سواء لمعاناة أو خوض الأسرى إضرابا عن الطعام أو ما شابه وإليكم المثال التالي ، عملية الساحل في العام 1978م التي قتل فليها 38صهيوني لا يتم استذكارها إلا بذكر الشهيدة دلال المغربي التي عاد أخيرا رفاتها الطاهر في التبادل الأخير مع الاحتلال من قبل حزب الله، أما عملية التبادل في العام 1985م التي نفذت من قبل الجبهة الشعبية القيادة العاملة وسميت بصفقة جبريل في إعلام العدو وحتى يومنا هذا وكذلك عملية نحشون فاكسمان. التي تمت في شهر أيلول من العام 1994 بحيث تم اسر احد الجنود الصهاينة ويدعى نحشون فاكسمان وتم اقتحام المكان الذي يحتجز فيه الجندي في منطقة بيرنبالا في ضواحي القدس وقتل إثناء الاقتحام الجندي واستشهد القساميون. إن مثل هذه العمليات لا يذكر الأسرى وإلا وتذكر، خاصة في الإعلام الصهيوني بالدرجة الأولى وكذلك الإعلام العربي، وإذا إن الحركة التي تقوم بالأسر تحظى باحترام لا مثيل له من كل أبناء الشعب الفلسطيني؛ لأن هذه الحركة دخلت بالسرور لكل بيت ودخلت لترفع المعاناة والظلم عن الأسير وأهله وهذا سيعزز المقاومة شعبيا ويجعل الدفاع عنها كما الدفاع عن النفس عند العائلات وجمهور المقاومة بشكل عام.

                  ثقافة لا بد منها وأخرى إبادتها

                  عند الحديث عن الأسرى وتحريرهم لا بد من الرهان على شيء واحد ووحيد، وهو المقاومة والأسر من الصهاينة وأن نطلِّق الخيارات التفاوضية العبثية التي لم تنجح في إطلاق أسير واحد من الذين تصفهم دولة الاحتلال بأن أياديهم ملطخة بالدم، وقد استمرت هذه المسيرة التفاوضية منذ العام 1991م في مدريد حتى انابولس حتى باريس مؤخرا في العام 2008م، حيث طلبت جهة التفاوض الفلسطيني من الكيان أن يطلق سراح من أمضوا 20عاما فما فوق إلا أن الاحتلال لم يستجب وأطلق 200 ممن شارفت محكومياتهم على الانتهاء، بالإضافة إلى أسيرين من المؤبدات على قتل صهاينة فقط، وهذا التحرير وللأمانة ولمن تابع الإعلام وتصريحات المسئولين الصهاينة وفريق التفاوض الفلسطيني يدرك أنه ليس طرفا في تحديد المعايير، والصهاينة كل هدفهم هو دعم فريق التفاوض الفلسطيني وتشجيعه، وهدف آخر وهو محاولة الضغط على حماس أن تعجل بالإفراج عن شاليط وتليين المطالب من قبل المقاومة، فالهدف معروف والفضل يعود للمقاومة بعد الله في إطلاق الأسيرين المؤبدين لأنهم تحصيل حاصل سيتم إطلاق سراحهم بعملية تبادل ستكون قريبة إن شاء الله.

                  هل بالإمكان الاحتفاظ بالأسير في الضفة؟؟

                  الإجابة نعم بنسبة كبيرة جدا ولنأخذ مثالا صغيار جدا، كم من المجاهدين المطاردين قد عمروا في سنوات المطاردة دون أن ينالهم العدو؟ مع أن المطاردين يتحركون وينظمون ولهم علاقات والمطاردة تكون لهم ساخنة، ومع ذلك عمَّر الكثير من المطاردين لسنوات وهذه مدة معقولة حتى تتم عملية التبادل بعد الأسر ، وهنا نقول إن الذي حافظ على نفسه كل هذه السنوات وهو مطارد وبظروف بالغة السوء، بإمكانه الاحتفاظ بالأسير لسنوات أيضا فلا شيء مستحيل المهم أن نشغل عقولنا ونخطط جيدا وننفذ جيدا ونضع الخطط البديلة ونستثمر في أجيال ناشئة نراهن عليها منذ نعومة أظافرها ونوفر لها الظروف الملائمة حتى تبقى أوراق مدفونة ولا تحترق أبدا، بمعنى المتابعة منذ الصغر لمن ننتدبه لمثل هذا الأمر، لأن الاحتلال لن يرحل غدا وهو له أكثر من 60 عاما ولو أن الإخوة قبل 30 أو 20 عاما استثمروا في ابن العشر سنوات لكان الآن لدينا جنود كأوراق مدفونة عمرهم على الأقل 25سنة.

                  كما أعمال المقاومة الأخرى إمكانية الفردية في العمل

                  كل واحد منا عنده إبداع، والمطلوب في هذا الأمر أن يكون من يريد الاتجاه للعمل على الأسر لديه العقل النشيط الدءوب في التفكير الذي لا يكل ولا يمل. وكما في التفجير عن بعد وإطلاق النار بشكل فردي كذلك الأسر.
                  فهناك فرص لا تفوت ولا تحتاج إلى أذون خاصة، ولا بد من البقاء على استعداد وتأهب لكل الاحتمالات والظروف وفي أسوئها؛ لأن الأسر ليس عملا مستحيلا فهو كباقي الأعمال والمبادرة فيه مهمة جدا ومراكمة العمل والاستفادة من التجارب السابقة.

                  لماذا التعثر والتأخر؟؟

                  إذا تحدثنا عن قضية الأسر بشكل عام فإنها متعثرة منذ سنوات الانتفاضة الأولى، ولم يكن يهتم أحد عدا حركة حماس بأمر الأسرى فقد بدأت الحركة بتنفيذ عمليات الأسر منذ سنوات الانطلاقة الأولى وكانت البداية في غزة، حيث تم أسر ايلان سعدون وافيس سبورتاس وألون كرفاني ونسيم طوليدانو ونخشون فاكسمان وشاهر سيماني وآريه انتكال وشارون ادري واولغ شاليعت وساسون نورائيل وحافلة إيغد عام 1993م في القدس ، واحتجاز رهائن في مطعم في القدس 1994م ، وأخيرا النجاح في أسر جلعاد شاليت في حزيران العام 2006، وبعد الاطلاع على معظم هذه العمليات وجدنا أنها كانت مبادرات من خلايا ولم تكن تحسب ماذا بعد الأسر إلا نادرا، ولم يكن هناك توجيه من قبل القيادة العليا للحركة، بل الارتجال كان سيد الموقف، ولم يكن هناك طلب وإلحاح من القيادة ولو حتى في الإعلام.
                  ولن أتحدث طويلا عن الانتفاضة الأولى لأنه لم يكن يمر علينا نحن في حماس لربما فترة طويلة فحتى العام 92 أو 94 كان أقدم أسير لحماس له في الاعتقال 6سنوات، ولكن مع مرور الأيام والسنين ومشاهدة أسرى حماس لغيرهم حيث كان حتى العام 1994م قد مر على بعض أسرى فتح والشعبية والجهاد 15عاما و20عاما، وهذا أيقظ لدى أسرى حماس احتمالية أن يكون مصيرهم نفس المصير، وفي تلك المرحلة كانت اتفاقية أوسلو قد حلت مشكلة الكثير من الأسرى الذي ينتمون لفتح والشعبية والديمقراطية من غير الذين عندهم قتل صهاينة، وأسرى حماس والجهاد لم تشملهم الإفراجات لمعارضتهم اتفاق أوسلو، مما طرح سؤالا جديا: إلى أين نحن ذاهبون؟ وما المعبر الذي ينتظرن؟ا ومن هنا بدأت المطالبة من داخل السجون والأصوات تصل لحل مشكلة أسرى حماس والخيار الذي نملكه واضح وهو الأسر فقط لا غير، وبقيت هذه الأصوات تنادي وتم إعداد الكثير من الإخوة الذين جاؤوا للسجون من أجل العمل لهذا الهدف، إلا أنهم عند خروجهم وفي ظل ما كان سائدا من أوضاع كان الهم الأكبر هو إفشال مشروع التصفية للقضية، والإثبات أن المقاومة حية وبقي هكذا الحال حتى الانتفاضة الثانية، انتفاضة الأقصى.

                  انتفاضة الأقصى فرصة تم تضيعها لماذا؟؟

                  إن أردنا أن نقول أنه كان لنا ربيع في العمل العسكري، فإن هذا الربيع كان في السنة الأولى من الانتفاضة والنصف الأول من السنة الثانية منها، حيث أن حجم الخلايا العاملة في الضفة آنذاك كان بأعداد كبيرة جدا، والإمكانيات ضخمة من عتاد وخدمات لوجستية، ونذكر هنا أن خلية مثلا كخلية سلوان وحجم الإعمال التي قامت بها وعدد أفرادها الذين كانوا من القدس واتصالهم الجيد والمتين في مدينة رام الله، حيث هناك إدارة جيدة للعمل وكان بإمكانها أن تجلب كائن من كان من الداخل وذلك حسب ما رأينا من أعمال لهذه الخليلة، وشبيهاتها كانت كثيرة، ناهيك عن الظروف المواتية جدا لأن يتم الأسر وأن يستوعب الاحتلال الأمر فيما لو جاءت عمليات الأسر كرد فعل على مجازر الاحتلال، وهنا تكمن الحاجة للتوجيه السياسي للمقاومين في الميدان.
                  حيث أن المقاوم على الأرض إن لم يوجه باتجاه معين في العمل، فإنه سيرتجل ويتصرف حسب درجة سخونة الحدث أو ردة الفعل عليه، والأحداث حينها كانت شهداء بالعشرات واغتيالات، وقد نجح العدو في استنزافنا وإدخالنا في مربع الفعل ورد الفعل، وأبعدنا عن التفكير الاستراتيجي وأن نحسب مردود أي عمل وحصاده السياسي، فقد كان المقاوم يسمع الأخبار ويقرؤها ويشاهدها، فلا يرى إلا الدماء تسيل من أبناء شعبنا مما يدفعه بما يتوفر له من إمكانيات أن يرد على هذه الجرائم، حتى تلك الخلايا التي تم أخذ العهد على من يعمل بها من قبل الأسرى قبل الإفراج عنهم أن يعمل من أجل الإفراج عنهم وتحريرهم قد انخرط في مربع الفعل وردة الفعل وهذا أيضا بسبب انقطاع التوجيه من قبل القيادة السياسية، وعدم إيصال رسائل واضحة وصريحة تقول: إن لدينا قضية ولها الأولوية وتحتاج إلى التعامل معها بما تستحقه من اهتمام ، وحتى التعامل في الإعلام مع قضية الأسرى لم يكن جديا في تلك الفترة، حيث أن المتحدثين الإعلاميين لم يتطرقوا لهذه القضية في حديثهم بجدية، ولم يتوجهوا للمقاومين على الأرض وإعلامهم أن لدينا قضية ذات أولوية وهي الأسرى، وكما كانت الدعوات للثأر للمجازر والانتقام صريحة دائما، وتنتقل الرسائل في الإعلام للمقاومين بأن يثأروا وينتقموا، كان الأجدر كذلك أن يتجه متحدثو الحركة إلى الدعوات الصريحة للمقاومين بان يأسروا الجنود لمبادلتهم بالأسرى، هذا ما كنا نحتاج أن نسمعه في تلك الفترة وأن لا ننجر لمربع الفعل ورد الفعل الذي نجح الاحتلال في استنزافنا من خلاله.

                  تأثير عملية أسر حزب الله في العام 2000

                  إن أحد عوامل التعثر والتأخير أيضا في تلك الفترة هو قيام حزب الله بأسر ثلاثة جنود وضابط، فيما بعد وما تلا ذلك من تفاؤل وخطابات للسيد حسن نصر الله بأن الفرحة ستدخل في كل بيت فلسطيني، وأن الأسرى هم في حكم المفرج عنهم، هذا الكلام كان المقاومون يسمعونه مما خلق انطباعا عندهم بأن قضية الأسرى محلولة، وفي تلك الفترة كان عدد الأسرى المحكومين بالمؤبد أو أكثر لم يتجاوز 300أسير، وبعض من تبقى لهم سنوات طويلة تجاوز المائتين بقليل ، وهذا ما أكده الأسرى أنفسهم، بأنهم كانوا يعيشون على هذا الأمل الذي تبدد في العام 2004م، حيث إن الجنود جثث وثبت أنهم أموات وثمن الميت ليس كالحي، والضابط أيضا كان تاجر مخدرات، ومن هنا كانت أوراق المساومة لدى حزب الله ضعيفة في تلك الصفقة، فلم تفلح حتى في الإفراج عن كل اللبنانيين وتم استثناء سمير قنطار إلى أن حرر في العام 2008م في صفقة أخرى بعد 30عام من أسره، وقد سألنا بعض من عمل في تلك المرحلة إن كان هذا له تأثير، وعلى سبيل المثال كان جواب خلية سلوان أنه قد كان لهذا تأثير كبير، وكانوا يعدون للأسر إلا أنه ليس أولوية ويعتبرون أن حزب الله عنده ما يكفي لحل قضية الأسرى، حيث من التجربة أن ثلاثة جنود قد تم مبادلتهم في صفقة جبريل عام 1985 ب1150 أسير ومنهم الكثير من المؤبدات.
                  فهذا السبب كان وجيها لأن يحتج به المقاوم في الميدان، إلا أنه ليس عذرا تحتج به القيادة السياسية لحركة حماس حيث تعرف أن هؤلاء الأسرى هم من مسؤولياتها وعائلاتهم أمانة في أعناقهم، ولا يجب انتظار أحد لكي يحرر أسراها وكان الأفضل استراتيجيا أن تعمل الحركة على هذا الملف بمعزل عن أي مؤثرات خارجية وأن تبادر لحل هذا الملف بنفسها، ولا تعتمد على غيرها وأن يكون التوجيه السياسي بهذا الاتجاه وكذلك الخطاب الإعلامي ومن هنا نقول: إن عملية أسر واحدة لا تكفي، وجندي واحد لا يفي بالغرض، فالأثمان معروفة جيدا وقد طلبت حركة حماس مقابل الجندي شاليط 450أسيرا مؤبدا وأصحاب المحكومات العالية تختارهم حماس، و550أسيرا ضمن معايير تحددها الحركة بينما تحدد أسماءهم دولة الاحتلال، وبالتأكيد أن الأمور إن شاء الله ستتم حسب ما طلبت الحركة، والمؤكد أيضا أن هذه الصفقة حال تنفيذها فهي لن تحل مشكلة الأسرى، وسيبقى لدينا أكثر من ألف مؤبد وحكم عال فوق 10سنوات، ومن هنا فلا بد من إعادة النظر بأن أسيرا واحدا لا يكفي ولن يحل مشكلة الأسرى، ولا يجب الانتظار حتى يمر على اعتقال الأسير خمسة عشر عاما، وحينها نبدأ بالتحرك! ولا بد هنا من الإشارة إلى أمر مهم وهو أن أسرى انتفاضة الأقصى من أصحاب المؤبدات مضى على بعضهم في السجن حتى الآن 9سنوات، وهم الأكثر ولو سلمنا جدلا أن الصفقة ستتم غدا فإن هؤلاء الأسرى إلى أن يتم أسر جنود جدد وذلك في أحسن الأحوال سيحتاج إلى سنة بعد الصفقة، ويحتاج الأمر بعدها إلى مفاوضات في حدود 5سنوات، وبالتالي فان هذا الأسير يكون قد مضى على اعتقاله 15عام، وهذا باعتقادنا ظلم للمعيار الذي وضعه الإمام الشهيد أحمد ياسين بأن لا يمكث الأسير أكثر من خمس سنوات، فما بالنا في معيار الفاروق عمر رضي الله عنه أن لا يغيب المجاهد عن زوجته أكثر من ستة شهور.

                  نريد أن تكون قضية الأسرى كذلك

                  لقد حدثنا الإخوة في خلية سلوان أنه في العام 2002م في شهر آذار عندما عقدت القمة العربية في بيروت، وكان وقتها يتردد في الإعلام ما سمي بعدها بالمبادرة العربية للسلام والتي اقترحت بداية من قبل ولي العهد الأمير عبد الله ملك السعودية حاليا، فقال الأخوة في الخلية: لقد فهمنا وقتها ومن خلال رسائل وصلت لنا من قبل المستوى السياسي أن هذه المرحلة تحتاج إلى توصيل رسالة مفادها أن المقاومة هي الصوت الذي يجب أن يبقى مرتفعا ومسموعا، وليس صوت المبادرات التي لم ولن تجلب إلا الخراب والدمار على شعبنا، وكان أن فهمنا أن أبلغ رد يجب أن يكون عملية قوية في عمق الاحتلال، تكون رسالة تتزامن من انعقاد القمة، وقد كان نقاش داخلي يدور عند الإخوة في تلك الفترة، أنه في حال خروج "أبو عمار" إلى بيروت هل يتم التنفيذ أم لا، وقد تم اعتماد أن لا يتم التنفيذ في حال سافر "أبو عمار" للقمة حتى لا نتهم نحن في حماس أننا سبب في عدم سماح الاحتلال له بالعودة في حال تذرعوا بالعملية ومنعوه من العودة، فيتم التأجيل إلى حين عودته وقدر الله أنه لم يخرج للقمة، حيث لم يسمح له الاحتلال بالسفر وعندها قرر الإخوة تنفيذ العملية وقت انعقاد القمة وعدم التأخر، وكان كل شيء جاهزا وكذلك الاستشهادي ، إلا أن ذلك لم يتم؛ لا لشيء إلا لأن إخوانهم في الخلية التي نفذت عملية فندق (بارك) في نتانيا كانوا الأسرع في تلبية نداء المستوى السياسي، وقد شاء الله أن يجتمع الإخوة في خلية سلوان وخلية شارع (اللنبي) في تل أبيب وخلية عملية صفد في السجن، وذكر الإخوة أنهم جميعهم قد وصلتهم نفس الرسالة وهذا يدعونا إلى أن نقول للإخوة في المستوى السياسي: لماذا قضية الأسرى لا تحظى بنفس الاهتمام؟ والتواصل مع الخلايا العاملة على الأرض و حثهم من خلال رسالة واضحة وصريحة، تطلب العمل بجدية على تحرير الأسرى ووضع خطة إستراتيجية صالحة لظروف تلك المرحلة في التعامل مع هذه القضية، وتكون هذه الرسالة بحجم وقوة وصراحة الرسالة للقمة العربية.
                  نقول أن الوقت لم يفت، ولربما تتوفر لنا ظروف للبناء مرة أخرى، نتمنى أن لا نبقى أسرى لردات الفعل، وأن نخرج من هذا المربع وأن نرسم نحن المربع والملعب الذي ندير فيه المعركة بدراية واقتدار، لأنه كما ذكرنا جندي واحد لن ينهي قضية الأسرى، وكما في أعمال المقاومة الأخرى تحتاج لتوجيه حتى وإن كان المقاومون أفرادا وليس لهم اتصال تنظيمي، فإن الخطاب الإعلامي قادر على توجيه بوصلة هؤلاء الذين يعملون بشكل فردي.


                  معززات ايجابية للإقدام باتجاه هذا النوع من العمل

                  نوعية العدو:

                  إننا نواجه عدوا يعاني من عقدة نقص دائمة وهو بالتالي بحاجة لأن يثبت للعالم أنه سالم من النقص، من خلال إظهار التميز والندرة في سلوكه للعالم، والحقيقة أن عدد اليهود في العالم، صهاينة وغير صهاينة، لا يتجاوز 15مليون، وعدد الصهاينة الذين يحتلون فلسطين من اليهود لا يتعدى 6ملايين، وهذا العدد بالنسبة للمحيط العربي والإسلامي الذي يعيشون فيه ومن الناحية السكانية لا يكاد يذكر، وقد زرعوا في عقل كل فرد هاجر لفلسطين المحتلة أنهم قلة مميزة ومستعدون للقتال من أجل الفرد اليهودي بكل ما أوتوا من قوة، حتى لا تتكرر المأساة التي ألمت بهم في أوروبا حسب زعمهم، والمتتبع لخطابات المسؤولين عندهم يجدهم يكررون هذا الكلام كثيرا، وهذا رئيس وزراء الكيان الأسبق (ليفي أشكول) يضع في صوته أقصى درجات الحرارة والتأثير مخاطبا لندون جونسون الرئيس الأمريكي ويقول بالحرف الواحد -وهذا من محضر لاجتماع عقد بين الاثنين- :" إن إسرائيل لا تحتمل أن تخسر معركة واحدة أمام العرب يا سيدي الرئيس، وإذا حدث ذلك فسوف تكون نهاية التاريخ اليهودي، والشعب اليهودي لديه رسالة ما زال يؤديها للعالم المتحضر، وإذا نظرت يا سيدي الرئيس إلى التاريخ الإنساني، وعددت ما قدمه اليهود للحضارة الإنسانية، لتبين لك على الفور أن هذه الحضارة الإنسانية تحتاج إلى اليهود، وذلك ما أتمنى أن يكون واضحا أمامك".
                  وللعلم، أن المجتمع الصهيوني كله مجتمع مهاجرين جاؤوا من كل بقاع العالم، وليس فيهم من يعرف غيره أو حتى نفسه، وقيمة أي واحد منهم أمام الناس وأمام نفسه أن يكون في منصب، فالمنصب وحده هو الذي يعطيه القوة ويبقيه في ذاكرة الناس، وإذا فقده ضاع كل شيء، إذا المهم لدى كل شخص صهيوني نفسه، وبالتالي لا نجد في مجتمع الصهاينة من يقول: لا نريد أن نبادل جنودنا وأسرانا مع الأسرى الفلسطينيين من ناحية مبدئية؛ لأن كل واحد من هؤلاء يعتقد في قرارة نفسه أنه لربما سيكون مكان هذا الأسير، إن هذا الصهيوني عندما يتم سؤاله عن رأيه في التبادل فهو لا يجيب من الناحية الإنسانية ولا من الناحية الوطنية القومية أو من ناحية الشعور الأخلاقي، إنما الاعتبار الأهم في إجابته هو خشيته أن يكون ذات يوم مكان هذا الأسير، ومن هنا يتصرف بمسؤولية تجاه نفسه بالدرجة الأولى وهكذا يفكر هؤلاء الصهاينة.

                  مجتمع عسكري:

                  كل صهيوني يبلغ السابعة عشر من عمره، تجب عليه خدمة إلزامية في جيش الاحتلال بحدود ثلاث سنوات، وبعد الانتهاء من هذه المدة إن أراد الخروج من الجيش يخدم في كل عام 40يوما كجندي احتياط، سواء من الذكور أو الإناث، فهم مجتمع عسكري خالص بامتياز، وعند أسر أي صهيوني فهم يعرفون أن أي واحد منهم من الممكن أن يكون مكان ذلك الأسير يوما ما، ولديهم في مبادئهم العسكرية قول مشهور "لا تترك جريحا في المعركة حتى وإن كلف إنقاذه قتل جنود آخرين"، والأمر كذلك بالنسبة للأسير وهنا لن يقتل جنود مقابل إطلاق الأسير، إنما الإفراج عن أسرى يسهل فيما بعد قتلهم أو حتى أسرهم فالثمن ليس بكبير أن فكرنا بعقلية الصهاينة الفردية بعيدا عن المؤسسة السياسية، التي هي أيضا تخضع لمزاج الرأي العام عندهم إلى حد كبير، وهذا الرأي العام هو صاحب القضية بالدرجة الأولى، فكل صهيوني يعتبر نفسه المرشح القادم للأسر، ولا نغفل أن من طبع الصهاينة المماطلة والتسويف ولكن في لحظة ما، سيضطر هذا العدو لأن يستجيب لمطالب المقاومة، وهذه أقوال مختارة لآباء جيش الاحتلال.
                  · شاؤول موفاز رئيس أركان سابق ووزير حرب سابق يقول:" الرسالة الأخلاقية في تقديري أكبر من أي اعتبار آخر، حتى أكبر من اعتبار الثمن، وفي اليوم الذي تتنازل فيه هذه الدولة عن أحد أبنائها فإنهم سيتنازلون عنها"، الرسالة واضحة وبليغة وعميقة لكل من يقول أن استجابة الاحتلال لمطالب المجاهدين مستحيل.
                  · غابي اشكنازي، رئيس الأركان يقول أثناء جلسة للحكومة للتداول في اتخاذ قرار بشأن صفقة التبادل التي تم بموجبها مبادلة جثتي جنديين صهيونيين مقابل إطلاق سمير قنطار وأربعة أسرى من لبنان وقعوا في أسر الاحتلال إبان حرب العام2006م على لبنان :"أنا رئيس شاليط والدار وفاسر ورون أراد ورئيس أركان الجميع الأحياء والأموات، أطلب منكم أن تقروا الصفقة لأنه من المهم لي أن انظر في عيون جنودي ووالديهم وأقول لهم عملنا كل شيء لعودتهم للديار".
                  · ايهود باراك أكثر من نال الأوسمة في جيش الاحتلال، ورئيس أركان سابق ووزير حرب ورئيس وزراء سابق ورئيس حزب العمل يقول:" منذ 22سنة وأنا أشترك في مداولات لإطلاق سراح أسرى وتبادلات، والآن وفي هذه المرحلة من المحظور وقف هذه الحركة التي ألقت علينا هذا الالتزام المهني والأخلاقي لإعادة المقاتلين من الأسر أحياء كانوا أو أموات".

                  معادلة وفق عقلية العدو

                  إن تم وضع الخيارين التاليين أمام حكومة العدو فأيهما ستختار، هذين الخيارين يشكلان معادلة تحصل عندما يتمكن المجاهدون من أسر جندي صهيوني أو ضابط أو عالم، ويطلب المجاهدون في مقابل الإفراج عنه خمسمائة أسير. فسيكون الاحتلال أمام خيارين، إما أن يستجيب للمقاومة وبالتالي فإن هذا الأمر سيشكل خطورة أمنية وإستراتيجية حسب وجهة نظره، ويخسر ورقة مهمة كان دائما يبتز بها الفريق المفاوض للحصول على ثمن سياسي منه، وهو أيضا سيعتبر انتصارا لخيار المقاومة. وإما أنه إذا لم يطلق هؤلاء الـ 500 أسير فإن جنوده لن يعودوا من الأسر أبدا، بل ربما يتم قتلهم ودفنهم أو الإعلان أن مصيرهم بات مجهولا، وهذا الخيار سيجلب تلقائيا التسرب من الخدمة العسكرية التي هي مشكلة قائمة أصلا، حيث أن نسبة الذين يتجندون ممن تجب عليهم الخدمة لا يتجاوز40%، هذا شكل قلقا عبر عنه رئيس أركان جيش العدو في خطاب له في العام2010م. كما أنه يأتي في الحسبان ضمن هذا الخيار حصول تمرد في أوساط الجنود، وعزوف من الأهالي والعائلات عن إرسال أبنائهم إلى الخدمة العسكرية بل وتشجيعهم على التسرب منها، فيما إذا أعلنت حكومة العدو أنها لن تبادل أبدا، وأيضا سيتم الاحتجاج من قبل الرأي العام في الإعلام على هذه الحكومة، وتفكير العسكري يصبح جبانا لأبعد الحدود، ومقولة "اذهبوا للحرب واقتحموا ديار عدوكم وسنفعل كل شيء لإعادتكم سالمين إلى دياركم وأهلكم" وعندها سيكتشف العسكر أن هذه كانت شعارات وأن السياسيين يكذبون عليهم كما أن ثقة الجنود بالدولة تهتز، وهذا آخر ما يريده الصهاينة، خاصة في دولة تقوم على الأمن والجيش.
                  والآن وبعد هذا العرض للخيارين وبوضع عقلية العدو في رؤوسنا وفكرنا بها، أي الخيارين المرين سيكون أقل مرارة ونذهب له، بالتأكيد أن الخيار الأقل ضررا هو الإفراج عن 500أسير؛ لأنه مهما بلغ الضرر من هذا الخيار على أمن العدو، فهو قادر على الحد منه ومحاصرته إلى حدوده الدنيا، بينما ترك أسير للاحتلال في الأسر فهذا سيكون بحسب ما نتابع كارثة قد ألمت بالمؤسسة السياسية والعسكرية على حد سواء، وهذا لن يتم السماح به أبدا من قبل أي حكومة بأن تتجرأ على القول إنها لا تريد المبادلة مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاحتلال لربما يماطل لسنوات طويلة قد تصل إلى 5 أو 7 سنوات، وهذا زمن معقول في عرفهم للتبادل، فالمهم المحافظة على الأسير طول هذه الفترة لأنه لا بد في النهاية من التسليم للضرورة التي تحكم تصرفاتهم في مثل هذه القضية.

                  نحشون فاكسمان .. عبره

                  ومن المعززات الايجابية المعبرة والمقدرة أسر نحشون فاكسمان، ومع أن النتيجة كانت على غير ما نحب، وانتهت بقتل نحشون واستشهاد من كان في الشقة أثناء الاقتحام في منطقة بيرنبالا، حيث كان كل من حسن النتشة وعبد الكريم بدر وصلاح جاد الله رحمهم الله جميعا وكان حينها رئيس وزراء العدو الهالك رابين، ورئيس الأركان آنذاك أيهود باراك وقد تم اتخاذ القرار بمداهمة مكان الاحتجاز، ومنذ ذلك الوقت أصبح هذا الحدث درسا وعبرة في جيش الاحتلال ولدى السياسيين في كيان العدو لا يمكن تجاوزه، وإذا عدنا للخلف قليلا وقت أسر جلعاد شاليط في العام 2006م في شهر حزيران، رأينا أن قضية نحشون فاكسمان عادت وقفزت للواجهة في الإعلام الصهيوني وبقوة، واستعراض تفاصيل ما حدث إبان أسره، على اعتبار أن العدو سيتعثر على مكان جلعاد، وكان الإعلام قد أثار هذه القضية، وكان شبه إجماع أن الخيار العسكري لإنقاذ جلعاد لا بد وأن يكون له نسبة مقبولة من النجاح، وهذا يعتمد على دقة المعلومات المتوفرة لدى العدو، وعلى قدرة المقاومة أن تحتفظ في الأسير بأمان دون أن تكشف في الأيام الأولى من الأسر حتى تثار القضية في الإعلام، ومراعاة أن القرارات لدى حكومات العدو تخضع لتأثيرات مختلفة، ومن هذه التأثيرات الرأي العام في الكيان، وهذا مهم جدا أن نصل من خلال الإعلام لهذا المؤثر المهم في اتخاذ القرار. ونذكر هنا أن شاؤول موفاز وزير حرب سابق ورئيس أركان سابق قد قال أنه يجب مراجعة مقولة"لن نخضع للإرهاب" مع مراعان أن الاحتلال يتوقع منه كل شيء، ولكن هناك احتمالات أرجح من أخرى، وهذا سيقودنا لاحقا للحديث عن الرهائن وكيف تتعامل الدولة مع مثل هذه العمليات.

                  رون اراد
                  منذ 16/10/1986م وقت أسر الصهيوني رون اراد، وإلى سنتين بعد الأسر ظل فيها الاحتلال رافضا لعرض المقاومة آنذاك لإتمام صفقة تبادل رون اراد بأسرى فلسطينيين وعرب. بعد ذلك اختفى رون اراد إلى يومنا هذا، فأصبحت هذه القضية تشكل مأساة إنسانية لهذا العدو ، فردا فردا ؛ فالفرد الصهيوني على الأقل إن لم يكن يتعاطف مع عائلة رون اراد, فهو يتعاطف مع نفسه لأنه يعتقد أنه سيكون هو نفسه في مكان رون اراد، لأنه كل عام يتم استدعاؤه للخدمة العسكرية لمدة أربعين يوما.
                  لقد تحدث الإعلام والرأي العام طويلا عن هذه القضية، و لم تترك الحكومات الصهيونية أي فرصة للبحث عنه، لقد صرح الكثير من المسئولين أنه في حال عودته سنضطر لدفع ثمن باهظ جدا، ومن هنا يدرك الاحتلال أن مرور الزمن ليس في صالحه أبدا، وهم لا يريدون مأساة رون اراد ثانية، وهذا تم بناءه في الوعي الإسرائيلي على مر السنوات الماضية، تم في الإعلام الصهيوني مقارنة زوجة الأسير فاسر الذي تم أسره في العام 2006م من قبل حزب الله بزوجة رون اراد، حيث لم يكن قد كشف حينها حزب الله عن مصيره هل هو حي أم ميت. وعادة ما يركز الإعلام الصهيوني على مثل هذه الأمور ليظهر الوجه الإنساني له ولفت الانتباه لهذا الجانب، وقد بعثت زوجة اراد برسالة لرئيس حكومة العدو في العام 2009م وكان حينها اولمرت تحثه فيها على التسريع في الإفراج عن جلعاد شاليط والعمل بكل قوة وكل ما يستطيع حتى لا يصبح رون اراد آخر، وقالت إنني كلما أسمع صوت جلعاد والذي تم تسجيله له وهو في الأسر يذكرها بصوت رون اراد، فلا أريد لجلعاد أن يصبح رون ثاني، إن قضية رون اراد معزز ايجابي مشجع على مثل هذا النوع من العمل.

                  تعليق


                  • #10
                    رد: نظرة للمقاومة من الداخل

                    اهتمام الحكومات بالمفقودين والأسرى

                    لقد لقيت قضية الأسرى الصهاينة اهتماما منقطع النظير في دولة من دول العالم، وتعاملت مع هذه القضية بصفتها قضية أمن قومي من الدرجة الأولى؛ لأن هذا المجتمع يقوم على الفرد العسكري القادر على حمل السلاح ولا بد من الإثبات لهذا الفرد أن وراءه حكومة وشعبا لن يتركاه في الأسر أبدا، وحتى الحديث عن الثمن يتم بشكل مجهول، إلا أن أحدا لم يجرؤ حتى الآن في المجتمع على القول: لا نريد استرجاع أسير بسبب أن المقاومة تريد أسرى مقابله، وبعد أن تحدث رئيس أركان العدو السابق يعلون قبل أن يصبح وزيرا ويتغير موقفه عن الثمن بقوله" إن جنديا واحدا في الأسر لا يساوي العدد الذي تطلبه المقاومة" مما جلب عليه ردة فعل من الإعلام الصهيوني ومن عائلات الأسرى الصهاينة وانتقده بعض الوزراء على قوله هذا، وقد كُتبت الكثير من المقالات في الصحف الرسمية والأكثر انتشارا في الكيان، وقد تمحورت هذه الردود في سؤال وجه (ليعلون) ماذا لو كان ابنك يا (يعلون) الأسير في قبضة حماس؟ هل كنت ستقول ما قلته؟
                    لقد دأبت الحكومات المتعاقبة في الكيان على إعطاء هذه القضية اهتماما بالغا، ويذكر هنا هنري كسينجر وزير خارجية أمريكا يوم 7/11/1973م، أثناء اجتماعه مع السادات -الرئيس المصري حينها- أن الأخير وافق على تنازلات لكسنجر، ومن هذه التنازلات أن جولدا مئير كانت جامحة في الإلحاح لإطلاق الأٍسرى و أهمهم مجموعة من 36طيارا سقطوا في أثناء المعارك وأسروا أحياء، وهذا التعبير جاء حرفيا على لسان كسنجر بكلمة جامحة في الإلحاح.
                    قصة أخرى: عندما أرسل أحمد الطيبي رسالة لياسر عرفات -رحمه الله- يخبره أن رابين سيرسل مستشاره العسكري في مهمة خاصة، وهي بخصوص ثلاث جنود صهاينة قتلوا في لبنان، ويريد منكم المساعدة في العثور عليهم وجثث الجنود، كما لا بد أن يعرف الرئيس عرفات مسألة مهمة في إسرائيل، كما أن الحرص عليها شديد بحكم تأثيرها على معنويات أفراد القوات الصهيونية، وبالفعل ذهب المستشار العسكري وزار عرفات وقد كان رد عرفات كالتالي :" بأنه يعرف هذا الموضوع وأن الرئيس حافظ الأسد توسط في هذا الأمر بطلب من السفير (جير حيان) السفير الأمريكي في دمشق، كما أن السفير الأمريكي في صنعاء رجا الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بشأن نفس القضية ولكن جهود الرئيسين السوري واليمني لم تصل إلى نتيجة؛ لأن الجثث الثلاثة فيما يظهر دفنت في مكان ما من معسكر اليرمون، وكان الذي يعرف مكان دفنها من القيادات الفلسطينية اثنين أبو جهاد وأبو إياد وكلاهما استشهد.
                    وهذه جولدا مئير تقول في مذكراتها:" كانت أعقد مشكلة واجهتني في حياتي بعد حرب يوم الغفران، مشكلة الأسرى والمفقودين، لقد كنت أسير في سيارتي وسط شوارع تل أبيب أنظر من خلالها إلى نوافذ البيوت وأتساءل في نفسي: أي هذه البيوت أبنائها مفقودين؟ كنت لا أجرؤ على النظر في وجوه أُسَر هؤلاء الجنود ، أقسم أنني كنت مستعدة أن أفعل أي شيء لأجل هؤلاء".

                    مجتمع معلومات وجنرالات :

                    من المعززات الإيجابية وأهمها على الإطلاق، أن هذا الكيان يتميز بتداول السلطة ، وهو بالتالي مليء بالجنرالات السابقين وقادة الأركان والعلماء والعاملين في مجالات العلوم النووية والتكنولوجية ، والمعروف أن المسؤولين في هيئة الأركان ورؤساء الموساد والشاباك وقادة سلاح البر والجو والبحرية، يتم استبدالهم كل خمس سنوات، إضافة إلى أعضاء الكنيست السابقين ورؤساء لجان الأمن والخارجية في الكنيست، كل ذلك يعد معززات إيجابية، ليست لشخوصهم وإنما لما يحملون في رؤوسهم من معلومات مهمة يحرص العدو عليها تماما، ومن فترة لفترة يتم فحص هذه الشخصيات المهمة التي تحمل في رأسها المعلومات من خلال جهاز فحص الكذب؛ لكي يتم التأكد أن هذه المعلومات لم يتم تسريبها، وكلنا يعلم مدى قسوة الحكم الذي حكم به على مردخاي فعنونو فني الكهرباء الذي كان يعمل في مفاعل ديمونا وقام بتصوير بعض الأجهزة والمنشآت التي قيل عنها أنها تستخدم في تصنيع السلاح النووي، وتم تسريب المعلومات لإحدى الصحف الغربية ، وتم خطف فعنونو من إيطاليا وإعادته إلى دولة الاحتلال والحكم عليه ما يقارب العشرين عاما؛ لأن هذه المعلومات تعتبر مقدسة، ومثال آخر هو طاقم الموساد الذي قام بمحاولة اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة أثناء وجوده في الأردن العام 1997م، وقد تمكن حينها الحارس الشخصي لخالد مشعل من مطاردة اثنين من المعتدين الصهاينة والإمساك بهما ومن ثم تسليمهما للأمن الأردني ، وتتمة القصة معروفة ، حيث اعترف عميلي الموساد على باقي الطاقم وتم التحفظ عليهم ، ونذكر هنا التصريح الشهير تعليقا على هذه القضية وكان يرأس الموساد حينها (داني ياتوم) حيث قال:" لقد كنا على استعداد أن نبيض السجون مقابل أن لا يتم استجواب طاقم الموساد في الأردن" ونعلق على هذا ، بأنه إذا كان طاقم الموساد هذا له كل هذه الأهمية فإن هناك من هو أهم في هذا الكيان من شخصيات تحمل معلومات أكثر من طاقم الموساد هذا بأضعاف .
                    تأصيل حول هذا الموضوع ( المعلومات ) : لقد تم اقتراح ( موشي شاريت ) مسئول السياسة الخارجية في الوكالة اليهودية قبل قيام دولة الاحتلال من قبل أحد مساعديه، وقد تمت الموافقة عليه وهذا الاقتراح بشأن الوثائق، حيث وافق ( شاريت ) أن تفتح دولة الاحتلال ملفاتها ( بعد ثلاثين سنة ) حتى تستطيع الذاكرة الصهيونية أن تستكمل الحقائق اللازمة لاتصال فكرها العام، وأن تملأ فجوات أو تعيد تصحيح تصورات قد تكون الظروف أثرت بها على سطح وشكل الحوادث، وحتى يكون في مقدور المهتمين في العالم أن يطلعوا على عناصر وموجهات صنع القرار الصهيوني .
                    وقد قبل ( بن جوريون ) أيضا بهذه المقترحات لملفات الدولة كلها وليس فقط لوزارة الخارجية ، ولكنه استثنى من أجل الثلاثين سنة ملفات عدة جهات، منها رئاسة الوزراء والمخابرات العامة ( هيئة الموساد ) والجيش بما في ذلك المخابرات العسكرية ( أمان ) ولجنة التوجيه العلمي والتكنولوجي لإسرائيل، ولجنة الأمن والدفاع في الكنيست ، وكان قرار ( بن جوريون ) بالنسبة لهذه الملفات لهذه الجهات هو الأجل إلى خمسين سنة من إعطاء مكتب الرئيس و ( جهازه ) سلطة إطالته إلى خمسين سنة أو أكثر إذا تعلق الأمر بأسباب الأمن القومي بحيث يكون لها تأثير باق ومستمر .
                    ونذكر هنا حديثا دار بين سعيد كمال سفير م.ت.ف. في مصر مع ( جاك نيريا ) المستشار العسكري لرئيس وزراء الاحتلال رابين آنذاك خلال اجتماع تفاوضي في باريس ، حيث دخلا إلى قاعة وكانت القاعة مزدحمة بنساء جميلات حول الموائد فاقترح ( كمال ) على ( نيريا ) أن يذهبا للحديث في مكان أقل ازدحاما، فرد عليه نيريا:" لا قلق كل هؤلاء السيدات الجميلات اللواتي تراهن حولك عناصر أمن إسرائيلية". وفتح سعيد فمه في دهشة فرد نيريا على دهشته قائلا : " كنت تتصور أن نساء عناصر الأمن يجب أن يكن قبيحات ، الأمن الإسرائيلي لا يقع في هذا الخطأ، فلو كن قبيحات لأدرك كل الناس أنهن عناصر أمن ، بهذا الجمال يبعد شبهة الأمن عنهن" وبقي سعيد مندهشا وواصل (( جاك نيريا )) تعريفه أكثر بمنطق الأمن الصهيوني وقال:" اسمع، فرنسا لا تستطيع أن تحمينا ونحن لا نسلم أمن ممثلينا لأحد من غير الإسرائيليين، إن كل مفاوض إسرائيلي كلف الدولة كثيرا حتى أصبح مستعدا لعمله . بعض رجالنا كلفوا الدولة تعليما وتدريبا وإعدادا بملايين الدولارات لكي يكونوا جاهزين لمسؤولياتهم ولهذا لا نستطيع أن نفرط بأمنهم بسهولة" .

                    خلاصة المعززات :

                    إن هذه المعززات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، ولا بد من الاستفادة منها وأخذها بالحسبان عند الإقدام على مثل هذا العمل لهذه القضية لكي تكون قناعات راسخة كالجبال في عقول المقاومين، حتى يكون إيمان بالنتيجة وليس العمل فقط من أجل رفع العتب، أو العمل كأن الأمر مقاومة وفقط ، إن هذا النوع من العمل لا يعد ناجحا إلا إذا حقق هدفه وهو تحرير الأسرى .
                    الرهائن : من التجربة يتبين لنا أن دولة الاحتلال لا تسلم بأن تتفاوض على رهينة أو رهائن معروفي المكان، كما في كل دولة في العالم، وبما يخص دولة الاحتلال فإن التجارب معهم كثيرة، من خطف الطائرات وعملية ( عنتيبي ) وعملية الساحل بقيادة الشهيدة دلال المغربي، حيث أن الاحتلال قصف الباص بكل من فيه فدائيين وصهاينة، ولفهم هذا الأمر في السياسة الدولية نذكر هنا ما دار بين ( هيث ) رئيس وزراء بريطانيا السابق وبين صدام حسين إبان غزو العراق للكويت وقد سأل هيث صدام:" لماذا قررت احتجاز رهائن؟" كان رده:" أنني كنت أهتم بأمن بلادنا"، وكان رد هيث:" أني أختلف في هذه النقطة معك؛ لأن وجود الرهائن الأجانب في أي موقع لا يمثل حماية له إزاء تصميم الدول، حماية مصالح استيراتيجية حيوية لها". إذا المسألة ليست بالسهولة على المقاومين، لا بد من الاحتفاظ الجيد بعيدا عن عيون العدو وجنوده وعملائه وإلا فالفشل حليف كل عمل يتم الإقدام عليه .

                    دروس مستفادة من عمليات الأسر في العام 2000م و2006م ما حك جلدك مثل ظفرك :
                    صفقة التبادل التي تمت بين حزب الله ودولة الاحتلال خيبة أمل للأسرى الذين علقوا عليها أمالا كبيرة بعد انقطاع الرجاء من ما يسمى بالعملية السلمية الفاشلة، وعدم شمل هذه الصفقة للمؤبدات أحبط كثيرا من الأسرى، ولولا أن بعث الله بأسر شاليط لكان حال الأسرى في هذه الفترة يرثى له ، وبعد عملية أسر شاليط جاءت عملية أسر حزب الله في نفس العام وشن الحرب والعدوان على لبنان من قبل دولة الاحتلال وعودة الأمل للنفوس مرة أخرى، وخاصة للأسرى الجدد الذين لم يكونوا يتوقعون الكثير بالنسبة لهم، خاصة من جاء منهم بعد العام 2000م، والاعتقاد السائد أن العدد بعد هذا التاريخ سيكون ضئيلا جدا من الأحكام العالية ولهذا اتجهت الأنظار والآمال لعملية الأسر التي قام بها حزب الله؛ لأن هذا التحليل أقرب للواقع والمنطق، وفي هذه المرة أيضا وبعد ما تبين أن الجنود أموات عاد الأسرى مرة أخرى إلى خيبة الأمل بل ربما انقطاع الأمل ، ولهذا نقول حتى إن كان عندنا جنود وأحياء يجب أن لا توقف المحاولات لأسر المزيد من الجنود ، لأن هذا هو الأفضل والأصح حتى لا نبقى نعيش على بقايا وهدايا الآخرين، إن الحركة التي تحترم نفسها لا بد أن تكون مبادرة لهذا العمل، ومرة أخرى نقول: ما حك جلدك مثل ظفرك، لا بد وأن تكون هذه القضية على سلم الأولويات، وأن يبقى التصميم والعزيمة على أننا سننجح يوما ما في هذا الملف .

                    نوعية الأسير المطلوبة :

                    إن النوعية لا بد من دراستها جيدا فالمتزوج غير الأعزب، ومن له أبناء غير من ليس له أبناء، ومن والديه أحياء غير من ليس له والدين، والشرقي غير العربي، ونفصل قليلا في هذا الشأن ولنأخذ عائلة ( ألداد ريجب ) و عائلة ( إيهود جولدفسر ) الجنديين اللذين أسرهما حزب الله العام 2006م، فقد رأينا أن قضية زوجة جولدفسر حظيت بتعاطف كبير خاصة فيما يتعلق بالمرأة المعلقة في الديانة اليهودية، وهي التي تكون متزوجة وزوجها غائب عنها ولا يُعرف ما هو مصيره، حتى الوزراء في حكومة العدو قد أثاروا هذه القضية خاصة الوزراء المتدينين وهم وزراء مؤثرون في أي تصويت في الحكومة خاصة وأنهم يشاركون في أي تشكيل للحكومة سواء كان من اليمين أو اليسار .
                    لقد حظي الجندي جولدفسر بتغطية أوسع في الإعلام على حساب ريجب، مع أنهم أسروا في نفس التاريخ إلا أن الإعلام عادة يبحث عن القضايا التي تثير العواطف لدى الرأي العام، وقد وجد ضالته في زوجة جولدفسر ووالدته التي كان لها دور كبير في إثارة القضية إعلاميا وتوصيلها لكل بيت في الكيان، وكثيرا ما كان الإعلام يعقد المقارنة بين زوجة جولدفسر و رون أراد مما زاد التعاطف أكثر مع زوجة جولدفسر، وشيء آخر لا بد من مراعاته وهو الطائفة التي ينتمي لها الأسير، فالجندي الدرزي غير اليهودي والشرقي غير الغربي أو الروسي حيث أن اليهود الشرقيين يعتبرون من قبل الغربيين أقل شأنا والأمر المهم الذي لا بد من مراعاته وهو مركز وأهمية الأسير خصوصا إذا كان من الجنرالات السابقين أو قد شغل وظيفة علمية وتقنية مهمة، فإن أمكن معاينة شخصية الأسير وجمع المعلومات عنه قبل أسره سيكون بلا شك أفضل بكثير؛ لأن العائلات لها دور كبير في الضغط على الرأي العام الصهيوني كما حدث في صفقة جبريل عندما أمسكت والدة أحد الأسرى وضمت أحد الوزراء راجية له أن لا يصوت ضد الصفقة، وكذلك ما حدث في صفقة التبادل مع سمير القنطار، والدور الذي قامت به زوجة جولدفسر وأمه وكيف أن زوجة جولدفسر ووالدته وعائلة ريجب وعلى مدار يومين أقمن معسكرا في الكنيست لإقناع الوزراء بالتصويت لصالح الصفقة وقد صوت من أصل 24 وزير 23وزير، وهذه ثمرة ضغط العائلات، وتفاعل الإعلام وضغطه على المستوى السياسي الذي بيده القرار، وبالإمكان العودة لأرشيف الصحف العبرية في تلك الفترة على مدرا أكثر من 10 أيام حتى تنفيذ الصفقة والإعلام مجند من أجل الوقوف للضغط من أجل التصويت على الصفقة .

                    دور الرأي العام الصهيوني في التأثير على متخذي القرار :

                    لقد تحدثنا عن دور العائلات وكيف أنها هي المحرك، وقد تم تقديم نصيحة لهم بأن يصرخوا ويبكوا ويقاتلوا منذ البداية إلا أنهم تأخروا بالصراخ كثيرا وهذا ما اعترفوا به، وبمجرد أن تحرك الرأي العام وبدأ الإعلام يعزف على لحن الرأي العام في اتجاه إنهاء الصفقة بأسرع ما يمكن، فإن السؤال يبقى هنا: ماذا نستطيع أن نعمل نحن كمقاومة في إثارة الرأي العام الصهيوني؟ ومن هنا لا بد من مركز استشارات متخصص في الشأن الصهيوني تكون وظيفته متابعة الإعلام الصهيوني والدخول إلى تفاصيل هذا المجتمع المركب، والتأثير فيه عن بعد دون التدخل المباشر من خلال الأخذ بتوصيات مركز الاستشارات من خلال متابعة إعلام العدو وتحليله، وبناء عليه يتم تبني إستراتيجية إعلامية بناءة تساعد في تقصير مدة التفاوض والاحتفاظ والتعجيل بقبول مبدأ التبادل من داخل الضفة الغربية، وهذا ممكن جدا إن نحن أخلصنا النوايا وراعينا هذه القضايا وأمسكنا بخيوط اللعبة من المكان الصحيح، ولم نكن أسرى لردات فعل كما كنا على مر السنوات الماضية .

                    عمليات التبادل التي تمت بين الاحتلال والمقاومة

                    1) 14/3/1979م أسر جندي في العام 1978 في عملية الليطاني ونقل إلى دمشق وأطلق مقابل 76 أسيرا.
                    2) 24/11/1983م أسر 6 جنود على يد م.ت.ف بتاريخ 4/9/1982م ، ثم الإفراج عن 198أسيرا فلسطينيا وعن 470 أسير من سجن الخيام.
                    3) 20/5/1985م صفقة جبريل الشهيرة 1150 أسيرا مقابل ثلاثة جنود.
                    4) 11/9/1991م الإفراج عن 9رفات للشهداء و51 معتقل من الخيام مقابل معلومة عن جنديين تم أسرهم في شباط من العام 1985. وهنا تجدر الإشارة أن الاحتلال عندما يتأكد من أنهم أموات مئة بالمائة ولا يكون لديه شك ولو واحد في المائة في ذلك فإن الزمن لن يشكل عاملا ضاغطا عليه، طالما يعرف عنوان التفاوض على هذه الجثة، فالجثث ليست بالشيء الثمين تفاوضيا فالأحياء هم المطلوب للتفاوض.
                    5) 12/9/1991م استعادة جثة جندي مقابل عودة المبعد عبد أبو هلال من الجبهة الديمقراطية.
                    6) 21/7/1996م جثث الجنود الذين قتلوا في العام 1986 مقابل 163 جثة، إذا عشر سنوات حتى التبادل وفي نهاية الأمر أحكام خفيفة وجثث، لا بد من أخذ هذا بعين الاعتبار فالأسرى الذين أمضوا عشر سنوات وعشرين وثلاثين عاما لا يحتملون الانتظار عشر سنوات أخرى، لا بد من جلب أوراق ضاغطة على الاحتلال من خلال أسر أحياء وليس أموات.
                    7) 25/6/1998م مبادلة أشلاء لجنديين تم قتلهم في كمين لحزب الله.
                    8) 23/12/1999م إعادة خمسة رفات لشهداء من حزب الله مقابل إطلاق إيران لمواطن ألماني محكوم بالإعدام.
                    9) 26/12/1999م إطلاق خمسة أسرى من حزب الله مقابل معلومة عن رون اراد.
                    10) 29/1/2004م إطلاق 36 أسير لبناني وبينهم مؤبدات و417 فلسطيني مقابل ضابط وثلاثة جنود قتلى والضابط كان تاجر مخدرات تم استدراجه إلى بيروت.
                    11) 15/10/2007م مبادلة جثة صهيوني مات غرقا وجرفه التيار إلى الشواطئ اللبنانية مع حزب الله مقابل أسير واحد وجثتين.
                    12) 1/6/2008م مبادلة المعتقل اللبناني الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية كون أمه يهودية والذي اعتقل على قضية تجسس لصالح حزب الله (نسيم نسر) مقابل أشلاء لجثث صهاينة.
                    وهنا نعلق على هذا التبادل بحيث يتميز بأن الذي تم الإفراج عنه يحمل الجنسية الإسرائيلية، وهو الأمر الذي كان يعتبره الاحتلال خطا احمرا أن تطلق فصائل المقاومة أسرى يحملون الجنسية الاسرائييلية خاصة فلسطيني الأرض المحتلة عام 1948م، وهذا كسر معيارا وضعه الاحتلال في مفاوضات التبادل، ونذكر هنا أيضا أنه تم كسره في العام 1985م في صفقة تبادل جبريل وهذا أمر لا بد التنبه له إعلاميا والإصرار على أن تشمل الصفقات أسرى فلسطين المحتلة عام 1948م وعدم الانجرار وراء الدعاية الصهيونية التي تهدف إلى تثبيت أوهام وجعلها في وجدان المقاومة حقائق، فلا بد من التعامل بحذر مع كل تصريح إعلامي صهيوني لأنه يأتي في إطار الحرب النفسية في المفاوضات.
                    13) 16/7/2008م مبادلة سمير قنطار وأربعة أسرى لبنانيين تم أسرهم في عدوان تموز العام 2006م على لبنان مع جثتي الجنديين اللذين أسرهما حزب الله في تموز 2006م، وللعلم فقد كشف في الإعلام فيما بعد أن رئيس قسم التخطيط اللواء (يتسحاق هرئيل) في هيئة الأركان اقترح تسليم سمير قنطار للسنيورة رئيس الوزراء اللبناني حينها، للتخفيف من شدة تهديدات السيد حسن نصر الله لأسر جنود صهاينة، وقد وافقه في ذلك (موشي يعلون) رئيس أركان الاحتلال ونائبه في ذلك الوقت (دان حلوتس) إلا أن المستوى السياسي تعمد التسويف والمماطلة.
                    وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه من قبل، وهو أن ما يدعيه الاحتلال أنه يعطي إطلاق أسرى تحت حسن النوايا إنما هو مبني في الأساس على ضغط المقاومة، ولولا هذا الضغط وتنفيذ عمليات الأسر، لما تحرك الاحتلال تجاه من يعتبرهم شركاء، وإطلاق أسرى لعيونهم كبوادر حسن نوايا. إذا المقاومة فقط وبالمقاومة فقط يمكن الحسم في هذه القضية.
                    وبعد سرد سريع لما تم من عمليات تبادل مع العدو بالإمكان البناء عليها للعمليات القادمة إن شاء الله تعالى، لا بد أن نجيب على الأسئلة التي طرحناها في بداية هذه الدراسة:

                    السؤال الأول:
                    ما الذي يجب تحقيقه؟؟

                    لا شك أننا وضحنا أن الذي يجب تحقيقه هو عملية أسر ناجحة، تكون نتيجتها تبادل للأسرى وليس فقط عملية أسر دون النظر للنتيجة، النتيجة مهمة جدا بل، إن الحكم على العمل يكون من خلال ما يحققه من أهداف ونتائج.

                    السؤال الثاني: لماذا يجب أن يتحقق؟؟

                    أ‌) لأنه ضرورة إنسانية.
                    ب‌) نحن أحق وأولى بأسرانا من الصهاينة بأسراهم.
                    ت‌) لأنه ضرورة نفسية ملحة لصالح المقاومة ولما لهذه العمليات من انعكاس ايجابي على جمهور المقاومة من الشعور بالأفضلية وأبناء المقاومة أعزاء عليها .
                    ث‌) ضرورة سياسية لا بد منها، وقد فصلنا ذلك وأهميته لكل من يقرأ الواقع السياسي في الأرض المحتلة وكيف يتم إدارة الصراع مع الاحتلال.
                    ج‌) ولأنه ضرورة للحفاظ على المقاومة من خلال إجبار العدو على التفكير ألف مرة قبل إقدامه على الاغتيال والتصفية بدل الاعتقال؛ لحاجته التي نحن اجبرناه على فعلها من خلال أسرنا لجنوده.
                    ح‌) لأن الأسر ضرورة جماهيرية وشعبية للحركة والمقاومة وخيارها، الذي أثبت أنه الأجدر بالبقاء والأقدر على تحرير الإنسان بعد نجاحه في تحرير الأرض وكسب أصوات الناس ولجانب هذا الخيار؛ لأنه يستحق الثقة لما لمثله من مصداقية في تلبية احتياجات الناس.

                    السؤال الثالث: متى يجب تحقيقه وما المدة التي يستغرقها؟؟

                    طالما أن هناك أسير واحد لدى الاحتلال أو حتى لا يوجد أسرى، لا بد أن يكون عندنا نحن أسرى كرصيد للحفاظ على المقاومين من القتل والاغتيال وإنقاذهم من الأسر بإسراع ما يمكن فيما إذا تم أسرهم، فإن شرط التحقيق لهذا الهدف قائم دائما ما دام الاحتلال باقيا.
                    أما المدة التي يستغرقها: فهذا يتعلق بما سردنا لعمليات التبادل التي تمت مع العدو، وقد لاحظنا أن أسرعها كان إطلاق سراح الشهيد الإمام احمد ياسين بعد محاولة طاقم (الموساد) المتواجد في الأردن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، وذكرنا ما قاله رئيس (الموساد) وقتها : إن الاحتلال كان مستعدا أن يبيض السجون في حال طلب الأردن ذلك مقابل أن لا يتم استجواب طاقم الموساد، ومعروف أن الملك حسين هو من طلب إطلاق سراح الشهيد الإمام وكذلك الترياق لعلاج أبو الوليد من السم الذي وضع في أذنه مقابل الإفراج عن طاقم الموساد، والملك جهة رسمية له حساباته ولا يملك ما تملكه المقاومة من صلابة وحسابات مختلفة تماما، المهم في الأمر كله أن نوعية الأسير هي التي تحدد المدة الزمنية وكم يستغرق تحقيق الهدف الذي أكدنا أنه ليس الأسر فقط، وإنما النتيجة المترتبة على هذا الأسر وهي تحرير الأسرى، إذا الأسير الذي يحمل المعلومة وذا المكانة في الكيان سواء سياسيا أو عسكريا أو تقنيا هو الأفضل للمقاومة لتحطيم الرقم القياسي في إتمام عملية التبادل. من الجيد ذكر عملية أسر تم فيها التحقيق مع الأسير، وهذا حدث في آذار من العام 1984م عندما قامت المقاومة الإسلامية في لبنان بعملية من أنجح عملياتها ضد المخابرات المركزية الأمريكية حيث تمكنت من خطف المستر (ويليام باكلي) وهو المسئول الأول وقتها عن نشاط وكالة المخابرات المركزية في كل منطقة الشرط الأوسط، وجرى استجواب (باكلي) بطريقة مكثفة ولم يتحمل (باكلي) هذا رغم تدريبه المحترف الكفء لظروف الاعتقال و الاستجواب فأدلى باعترافات كاملة يشيب لها الولدان ثم جرى التخلص منه بعدها.
                    هذه الحادثة تؤكد إمكانية أن يتم استجواب هؤلاء المسئولين، وأنه لا حصانة لهم من عدم الاعتراف وهذا لن تتحمله أي دولة، أن يحدث لها خاصة إن كانت هذه الأسرار التي سيبوح بها تساوي 50الف أسير.

                    السؤال الرابع: من الذي سيقوم بتحقيقه؟

                    أولا هذا مطلوب من التنظيمات وأن يكون على جدول أعمالها، وليس فقط للمباهاة والاستهلاك الإعلامي، إنما العمل الجاد الدءوب لهذه القضية ووضع الخطط ورسم الاستراتيجيات، وتقدير الظروف وتسخير كل الإمكانيات اللازمة وتوفيرها للمقاومة ووضع هذه القضية على سلم الأولويات في الإعلام وإثارة هذه القضية وربطها بأي قضية يدعى الناطقون الإعلاميين للتحدث بخصوصها، والتوجه للمقاومة من خلال الإعلام وإيصالها رسائل بضرورة العمل لهذه القضية خاصة وأن من سيقوم بتحقيق هذا الهدف عدا التنظيمات هم الأفراد المقاومين الذين ليس لهم اتصال تنظيمي ويتقدمون بالمبادرة، وتتوفر لهم الظروف المناسبة التي تمكنهم من الأسر ومن هنا لا بد من وضع توجيه سياسي وميداني كدليل يسترشد له هؤلاء الأفراد، الذين يقومون بالعمل ولكن تنقصهم التجربة والخبرة وهم بحاجتها وبالإمكان التواصل معهم من خلال إصدار النشرات والدراسات الدورية التي تلاؤم كل مرحلة وما يناسبها من خلال المواقع الالكترونية التي كنا قد تحدثنا عنها في بداية هذه الدراسة، لسهولة وإمكانية الدخول إليها من كل جمهور المقاومة، ونذكر هنا أننا لسنا مع إقامة اتصال وإنما الحصول على التقارير والمعلومات كأي شخص يريد أن يقوم ببحث ويدخل إلى هذه المواقع للحصول على معلومات، هذا ما نقصده حصرا ولا يفهمنا أحد بأن يجري اتصالات مع آخرين من خلال مواقع الانترنت أو البريد الالكتروني.
                    السؤال الخامس: هل هناك حاجة من الفرد أو المجموعة إلى مساعدة أحد في تحقيق الهدف، وإذا احتاج للمساعدة فمن المساعد في هذا الأمر؟؟
                    هذا ما ستجيب عليه الأفكار التي تم طرحها من قبل خلية سلوان وما كشفوا عنه أثناء الاعتقال.
                    السؤال السادس: ما الأدوات التي يحتاجها ذلك؟؟
                    وهذا أيضا ستجيب عليه خلية سلوان من خلال ما تم الحديث عنه بهذا الخصوص بعد اعتقالهم.

                    هكذا خططت خلية سلوان للأسر

                    قبل أن نخوض في تفاصيل ما خططت له الخلية، كان لنا سؤال: لماذا تأخرتم؟ فكانت الإجابة غير بعيدة عن الذي ذكرناه تحت عنوان لماذا التعثر؟ إلا أنهم كانت لديهم رغبة بالتسجيل كذلك أن هناك سبب قد أخرهم وهو أنهم استفادوا من التجارب السابقة وقد وقع في أيديهم دراسة بعنوان المقاومة بين النظرية والتطبيق للمجاهد محمود عيسى فك الله أسره، والذي نفذ مع مجموعة من القساميين أسر الجندي نسيم تليدانوا وكانوا قد اختاروا يوما ماطرا في فصل الشتاء، وهذا ما لفت انتباه خلية سلوان حيث وفر هذا الجو للمجاهدين غطاء للتنفيذ والانسحاب دون أن يشعر بهم أحد وقد ذكر الأخوة في خلية سلوان أنهم كانوا ينتظرون الشتاء بفارغ الصبر إلا أن الاعتقال كان قد سبق فصل الشتاء حيث اعتقلوا في آب 2002م.

                    ثوابت الأسر من وجهة نظر خلية سلوان

                    الثابت الأول: مكان الاحتفاظ، كانوا بصدد تجهيز مخبأ تحت الأرض بعيدا عن البيوت أو فناء أحد البيوت التي تعتبر آمنة من ناحية أمنية، حيث لا يوجد بها من هو مرشح للاعتقال أو حتى جيرانه مرشحين للاعتقال أو على أحد جيرانه شبهات أمنية لتعاونه مع الاحتلال، مع العلم أن مثل هذا العمل لا بد من سريته والافتراض أن كل البشر والحجر والشجر من حولنا مشكوك فيهم، وأخذ الحيطة والحذر بأقصى درجاته. وقد فضل الإخوة أن المكان عبارة عن صندوق حديدي محصن جيدا وله ديكور غرفة من الداخل يتم وضعه في حفرة كبيرة تتسع له ويتم دفنه في الأرض وتوفر له كل وسائل الحياة والأمن داخله وخاصة عند التعامل مع الأسير بحيث الحرص على أن لا يفتح الباب مباشرة على الأسير وكذلك توفير تهوية جيدة ومناسبة وعزل المخبأ من الخارج حتى لا تصله الرطوبة والماء من خلال (الزفت) و(الكلكل) وكذلك لعزل الصوت حتى لا يخرج منه وكذلك الكهرباء والماء وتوفير إمكانية للمراقبة على مدار الساعة وكل ما يلزم الأسير من تلفاز وألعاب فيديو حتى لا يمل الأسير ويؤذي نفسه.
                    الثابت الثاني: إسناد أمر الاحتفاظ لشخص كان قد تم العمل عليه منذ سن مبكرة قبل إن تلتفت إليه عيون العملاء ومتابعته منذ الصغر والتواصل معه وقت الحاجة و أن يجعل لنفسه نظاما خاصا بحياته ومحاولة توفير فرصة عمل له، ومن الجيد أن لا يكون من الطلبة، والأفضل أن يكون ممن بدأ العمل مبكرا في حياته واستطاع أن يبنى بيتا مستقلا في أرض مستقلة، وأن يكون منعزلا من ناحية اجتماعية نوعا ما وقليل الاختلاط بالناس، قليل الزوار وله استقلالية عن أهله إلى حد ما وبالطبع هذا الشخص سيرعى الأسير ويحرسه ولا يتدخل في أي شيء ولا يلتقي بأحد إطلاقا واتصاله فقط مع واحد من المجموعة وباقي أفراد المجموعة ليس لديهم أي تدخل في الأسير وبقائهم خارج فلسطين حتى تنتهي الأمور على خير إن أمكن ذلك، وهذا ليس مستحيلا فنحن أن أردنا أن نعمل على هذه القضية نراهن على الزمن ونبني أفرادا مميزون كما ذكرنا بعيدون عن الشبه لا من قريب ولا من بعيد، وكان لا بد من فرز أحد الإخوة بعيدا عن العمل التنظيمي لكي ينظم هؤلاء الشباب ويكون لديه ساتر أمني يغطي علاقته معهم، وهذا ينطبق أيضا على الأفراد من غير ذوي الصلات التنظيمية فبإمكان أي شخص أن يقوم بهذا العمل بمفرده وهذا ليس مستحيلا لشخص يملك الإرادة والإدارة والحكمة.

                    الثابت الثالث: الإعلان والتواصل مع الحركة.

                    الإعلان كان سيتم بعد يومين على الأقل للأسر لكي يتمكن أفراد الخلية من ترتيب أمورهم وكان من المفترض أن لا يزيد أفراد الخلية عن أربعة في أحسن الأحوال، والإعلان كان سيتم من نفس الخلية بعيدا عن الاتصال بالحركة من خلال طباعة بيان تتبنى فيه الخلية مسؤولية العملية باسم تنظيم مستعار ويتبنى عملية الأسر، ويتضمن هذا البيان تفاصيل الأسير ونشر صورة عن بطاقته الشخصية وان كان جنديا صورة عن رقمه العسكري أي ما يسمى عندهم (الديسكيت)، الذي يكون معلقا في عنق كل جندي، وإضافة إلى تفاصيل الأسير سيتم ذكر ما تنوي الخلية فعله بشأن الأسير و هو ما يلي:
                    أ‌) تعلن الخلية عن الأسر مع تفاصيل الأسير، وإن كان هذا الأسير من أصحاب المناصب المهمة التي تم ذكرها مسبقا يضاف في الإعلان أن هذا الأسير سوف يتم استجوابه ونشر المعلومات في الإعلام ما لم يتم البدء فورا في المفاوضات مع من ستكلفه الخلية بذلك .
                    ب‌) الخلية ستوكل أمر التفاوض إلى حركة حماس لثقتها بالحركة وأن إي تواصل مع الخلية سيكون فقط من خلال إعلام الحركة و ينطقه من يتم تكليفه من قبل الحركة بهذا الملف فيما يخص المفاوضات أو طلب الحركة أن يتم نشر صور أو صوت للأسير وهذا سيتم تضمينه أيضا في البيان.
                    ت‌) يوضح في البيان حسب خلية سلوان الهدف من الأسر وهو التبادل وأن يكون السقف الذي ترضاه حماس مقبولا على الخلية وهو تحرير أكبر قدر ممكن من الأسرى المؤبدات والأحكام العالية.
                    ث‌) يتم التطرق في البيان أنه في حال بدأت المفاوضات فإننا في الخلية نراقب ما يتم وفي حال أن خرج الأخ المكلف بالملف من قبل الحركة وأعلن أن هناك اتفاقا ولربما هذا يكون بعد سنة أو سنتين فإننا نراقب هذا الأمر من خلال الإعلام، وننتظر اللحظة التي يؤكد فيها المكلف بهذا الملف من قبل الحركة ويعلن أن أسرانا الآن أصبحوا في منطقة محايدة وهم ينتظرون الانتقال إلى أماكن سكناهم أو الأماكن التي يتم الاتفاق عليها أن يحرروا إليها وان الأمر الآن مرتبط بكم اأنتم الخلية أن تطلقوا سراح الأسير أو أن توصلوه إلى منطقة آمنة ليتم تسليمه إلى الجهة التي تم الاتفاق على أن يسلم الأسير لها.
                    ج‌) يتم التأكيد في البيان أن التسليم سيكون من طرف الخلية في اللحظة التي يتم فيها سماع المكلف بالملف ما قاله آنفا، ونحن في الخلية سنختار المكان المناسب الذي سيتم تسليم الأسير فيه، وسنختار نحن الخلية الشخص المناسب لنخبره بمكان وجود الأسير لكي يذهب مع الوسيط أو الصليب الأحمر لإحضار الأسير دون أي تدخل من الاحتلال، ويكون هذا اليوم لا يشهد حركة مكثفة للاحتلال لكي يسهل نقل الأسير ويتكفل بهذا الأمر الوسيط وتكون الشخصية إما المحافظ لإحدى المدن أو عضو في التشريعي أو حتى عضو في الكنيست الصهيوني من الأعضاء العرب، ويتم إيصال الرسالة له شخصيا بمكان وجود الأسير ويذهب برفقة الصليب إلى المكان الذي تكون الرسالة قد وصفته جيدا، بحيث تكون الرسالة عبارة عن خارطة تدل على مكان تواجد الأسير الذي سيتم استلامه منه، وبحيث لا يحتاج إلى من يدله على المكان سوى أن يكون معه الصليب الأحمر أو الوسيط وهذا واقعي جدا، حيث أن مطلب محمود عباس مع بداية مع أسر شاليط كان بهذا المعنى وما ذكره عضو المكتب السياسي لحماس د.خليل الحية، عن عرض أحد رجالات السلطة بأن يتم تسليم الجندي مقابل جثث وأسرى من ذوي الأحكام الخفيفة، وهذه الشخصية بدورها تسلمه للاحتلال وبالطبع هذه أفكار الاحتلال بامتياز. هذه باختصار الثوابت التي تلزم لعملية الأسر من وجهة نظر خلية سلوان، وخاصة موضوع التفاوض أنهم ليس لهم أي تدخل وهم مجرد محافظين على الأسير حتى تنتهي عملية التفاوض، وكذلك الاتصال مع الحركة إلا من خلال الإعلام في حال طلبت الحركة مطلبا ما أثناء التفاوض، بما يراعي أن الخليلة لا تريد الانكشاف أو أي خطوة تعرضها للخطورة. بالنسبة للإعلام هو البيان الأول والأخير الذي يصدر عن الخلية إلى أن تطلب الحركة أي شيء تراه ضروريا بعيدا عن الاتصال المباشر، إلا من خلال الإعلام فقط ومن طرف الحركة برسائل واضحة ومباشرة وصريحة من المكلف بالملف موجهة للآسرين، وتكون الطلبات محدودة إلى أي يتم التوصل لاتفاق التبادل. إن أي تنفيس في معرفة مكان الأسير سيقوم الاحتلال بحرق الأخضر واليابس في ذلك المكان، ولن تقبل دولة الاحتلال أن تساوم وستقتحم المكان لأن الضفة ليست غزة وما حدث مع نحشون هو درس لنا وسر النجاح هو الاحتفاظ بالأسير لأن التفاوض ليس هو المهم لأنه ليس من اختصاص الخلية، وكما أن الانقضاض والسيطرة مهمتين إلا أن الأهم هو الاحتفاظ بالأسير.

                    انتهى

                    تعليق

                    يعمل...
                    X