إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشاعر محمود درويش

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    رد: الشاعر محمود درويش



    أغاني الأسير



    ملوَّحة ، يا مناديل حبّي

    عليك السلام !

    تقولين أكثر مما يقول

    هديل الحمام

    وأكثر من دمعةٍ

    خلف جفن .. ينام

    على حلم هارب !


    مفتّحة ، يا شبابيك حبّي

    تمرُّ المدينه

    أمامكِ، عرس طغاة

    ومرثاة أمّ حزينه

    وخلف الستائر ، أقمارنا

    بقايا عفونه .

    وزنزانتي .. موصده !


    ملوَّثة ، يا كؤوس الطفوله

    بطعم الكهوله

    شربنا ، شربنا

    على غفلة من شفاه الظمإ

    وقلنا :

    نخاف على شفتينا

    نخاف الندى .. والصدأ !

    وجلستنا ، كالزمان ، بخيله

    وبيني وبينك نهر الدم


    معلَّقة ، يا عيون الحبيبه

    على حبل نور

    تكسَّر من مقلتين

    ألا تعلمين بأني

    أسير اثنتين ؟

    جناحاي : أنت وحريَّتي

    تنامان خلف الضفاف الغريبه

    أحبُّكما ، هكذا ، توأمين !


    تعليق


    • #32
      رد: الشاعر محمود درويش



      ولادة



      كانت أشجار التين

      وأبوك ..

      وكوخ الطين

      وعيون الفلاحين

      تبكي في تشرين !


      - المولود صبي

      ثالثهم ..

      والثدي شحيح

      والريح

      ذرَّت أوراق التين !

      حزنت قارئة الرملِ

      وروت لي .

      همساً ،

      هذا الغصن حزين !


      - يا أمي

      جاوزت العشرين

      فدعي الهمَّ، ونامي !

      إن قصفت عاصفة

      في تشرين ..

      ثالثهم ..

      فجذور التين

      راسخة في الصخر .. وفي الطين

      تعطيك غصونا أخرى ..

      وغصون !

      تعليق


      • #33
        رد: الشاعر محمود درويش




        إلى أمي




        أحنُّ إلى خبز أمي

        وقهوة أمي

        ولمسة أمي ..

        وتكبر فيَّ الطفولة

        يوما على صدر يوم

        وأعشق عمري لأني

        إذا متُّ،

        أخجل من دمع أمِّي !

        خذيني، إذا عدت يوما

        وشاحا لهدبك

        وغطّي عظامي بعشب

        تعمّد من طهر كعبك

        وشدِّي وثاقي ..

        بخصلة شعر ..

        بخيط يلوِّح في ذيل ثوبك ..

        عساني أصيرُ إلهاً

        إلهاً أصير ..

        إذا ما لمست قرارة قلبك !


        ضعيني، إذا ما رجعت

        وقودا بتنور نارك ..

        وحبل غسيل على سطح دارك

        لأني فقدت الوقوف

        بدون صلاة نهارك

        هرمت، فردّي نجوم الطفولة

        حتى أشارك

        صغار العصافير

        درب الرجوع ..

        لعُشِّ انتظارك !


        تعليق


        • #34
          رد: الشاعر محمود درويش




          أهديها غزالا




          وشاح المغرب الورديِّ فوق ضفائر الحلوه

          وحبةَ برتقال كانت الشمسُ.

          تحاول كفها البيضاء أن تصطادها عنوه

          وتصرخ بي، وكل صراخها همس :

          أخي ! يا سلَّمي العالي !

          أريد الشمس بالقوه !

          . . وفي ليل رماديَّ، رأينا الكوكب الفضي

          ينقط ضوءه العسلي فوق نوافذ البيت .

          وقالت ، وهي حين تقول، تدفعني إلى الصمت :

          تعال غداً لنزرعه .. مكان الشوك في الأرض !

          أبي من أجلها صلَّى وصام ..

          وجاب أرض الهند والإغريق

          إلهاً راكعا لغبار رجليها

          وجاع لأجلها في البيد .. أجيالا يشدُّ النوق.

          وأقسمَ تحت عينيها

          يمين قناعة الخالق بالمخلوق !


          تنام، فتحلم اليقظة في عيني مع السَّهر

          فدائيُّ الربيع أنا، وعبدُ نعاس عينيها

          وصوفي الحصى، والرمل، والحجر

          سأعبدهم، لتلعب كالملاك، وظلُّ رجليها

          على الدنيا، صلاة الأرض للمطر


          حرير شوك أيَّامي، على دربي إلى غدها

          حرير شوكُ أيَّامي !

          وأشهى من عصير المجد ما ألقى .. لأسعدها

          وأنسى في طفولتها عذاب طفولتي الدامي

          وأشرب، كالعصافير، الرضا والحبُّ من يدها

          سأُهديها غزالا ناعما كجناح أغنيه

          له أنف ككرملنا ..

          وأقدام كأنفاس الرياح، كخط حريَّه

          وعنقٌ طالع كطلوع سنبلنا

          من الوادي .. إلى القمم السماويَّه !


          سلاما يا وشاح الشمس، يا منديل جنتنا

          ويا قسم المحبة في أغانينا !

          سلاما، يا ربيعاً راحلاً في الجفن ! يا عسلاً بغصَّتنا

          ويا سهر التفاؤل في أمانينا

          لخضرة أعين الأطفال .. ننسج ضوء رايتنا !

          تعليق


          • #35
            رد: الشاعر محمود درويش



            شهيد الأغنية




            نصبوا الصليب على الجدار

            فكّوا السلاسل عن يدي .

            والسوط مروحةُ. ودقات النعال

            لحن يصفِّرُ : سيدي !

            ويقول للموتى : حذار !


            - يا أنت !

            قال نباح وحش :

            أعطيك دربك لو سجدت

            أمام عرشي سجدتين !

            ولثمتَ كفي ، في حياء ، مرتين

            أو ..

            تعتلي خشب الصليب

            شهيد أغنية .. وشمس !


            ما كنت أول حامل إكليل شوك

            لأقول للسمراء : إبكي !

            يا من أحبك، مثل إيماني،

            ولاسمك في فمي المغموس

            بالعطش المعفَّر بالغبار

            طعم النبيذ إذا تعتّق في الجرار !


            ما كنت أول حامل إكليل شوكِ

            لأقول : إبكي !

            فعسى صليبي صهوة،

            والشوك فوق جبيني المنقوش

            بالدم والندى

            إكليل غار !

            وعساي آخر من يقول :

            أنا تشهَّيت الردى !


            تعليق


            • #36
              رد: الشاعر محمود درويش



              تموز والأفعى



              تموز مرَّ على خرائبنا

              وأيقظ شهوة الأفعى .

              القمح يحصد مرة أخرى

              ويعطش للندى .. المرعى


              تموز عاد، ليرجم الذكرى

              عطشا .. وأحجاراً من النار

              فتساءل المنفيُّ :

              كيف يطيع زرعُ يدي

              كفاً تسمم ماء آباري ؟


              وتساءل الأطفال في المنفى :

              آباؤنا ملأوا ليالينا هنا .. وصفا

              عن مجدنا الذهبي

              قالوا كثيرا عن كروم التين والعنب

              تموز عاد، وما رأيناها


              وتنهَّد المسجون : كنتَ لنا

              يا محرقي تموز .. معطاءً

              رخيصا مثل نور الشمس والرملِ

              واليوم، تجلدنا بسوط الشوق والذلِ


              تموز .. يرحل عن بيادرنا

              تموز . يأخذ معطف اللهب

              لكنه يبقى بخربتنا

              أفعى

              ويترك في حناجرنا

              ظمأ

              وفي دمنا ..

              خلود الشوق والغضبِ

              تعليق


              • #37
                رد: الشاعر محمود درويش




                برقية من السجن




                من آخر السجن ، طارت كفُّ أشعاري

                تشد أيديَكُمْ ريحا .. على نارِ


                أنا هنا، ووراء السور، أشجاري

                تطوِّع الجبل المغرورَ .. أشجاري


                مذ جئتُ أدفع مهر الحرف، ما ارتفعتْ

                غيرُ النجوم على أسلاك أسواري


                أقول للمُحْكِم الأصفادَ حول يدي :

                هذي أساور أشعاري واصراري


                في حجم مجدكم نعلي، وقيدُ يدي

                في طول عمركم المجدول بالعارِ :


                أقول للناس، للأحباب : نحن هنا

                أسرى محبتكم في الموكب الساري


                في اليوم، أكبر عاماً في هوى وطني

                فعانقوني عناق الريح للنارِ


                تعليق


                • #38
                  رد: الشاعر محمود درويش



                  السجن




                  تغيَّر عنوان بيتي

                  وموعد أكلي

                  ومقدار تبغي تغيَّر

                  ولون ثيابي، ووجهي، وشكلي

                  وحتى القمر

                  عزيزٌ عليَّ هنا ..

                  صار أحلى وأكبر

                  ورائحة الأرض : عطرٌ

                  وطعم الطبيعة : سكّرْ

                  كأني على سطح بيتي القديم

                  ونجم جديد ..

                  بعيني تسمَّرْ

                  تعليق


                  • #39
                    رد: الشاعر محمود درويش



                    وشم العبيد




                    روما على جلودنا

                    أرقام أسرى . والسياطْ

                    تفكها إذا هوت، أو ترتخي ..

                    كان العبيد عزَّلاً

                    ففتتوا البلاط !


                    بابل حول جيدنا

                    وشمُ سبايا عائدهْ

                    تغيرت ملابس الطاغوتْ

                    من عاش بعد الموت

                    لو آمنت .. لا يموت

                    متنا وعشنا، والطريق واحده !

                    إفريقيا في رقصنا

                    طبل .. ونار حافيهْ

                    وشهوةٌ على دخان غانيه .

                    في ذات يوم .. أحسن العزف على

                    ناي الجذوع الهاويه .

                    أنوِّم الأفعى

                    وأرمي نابها في ناحيه

                    فتلتقي في رقصة جديدة .. جديدة

                    إفريقيا ... وآسيه !


                    تعليق


                    • #40
                      رد: الشاعر محمود درويش



                      صوت من الغابة




                      من غابة الزيتون

                      جاء الصدى ..

                      وكنت مصلوبا على النار !

                      أقول للغربان : لا تنهشي

                      فربما أرجع للدارِ

                      وربما تشتي السما

                      ربما ..

                      تطفئ هذا الخشب الضاري !


                      أنزل يوماً عن صليبي

                      ترى ..

                      كيف أعود حافيا .. عاري ! ؟

                      تعليق


                      • #41
                        رد: الشاعر محمود درويش



                        في انتظار العائدين




                        أكواخُ أحبابي على صدر الرمالِ

                        وأنا مع الأمطار ساهرْ ..

                        وأنا ابن عوليس الذي انتظر البريد من الشمالِ

                        ناداه بحّار ، ولكن لم يسافرْ .

                        لجَم المراكب، وانتحى أعلى الجبالِ

                        - يا صخرة صلّى عليها والدي لتصون ثائر

                        أنا لن أبيعك باللآلي .

                        أنا لن أسافر ..

                        لن أسافر ..

                        لن أسافر !

                        أصوات أحبابي تشق الريح ، تقتحم الحصون

                        - يا أُمنا انتظري أمام الباب . إنّا عائدون

                        هذا زمان لا كما يتخيلون ..

                        بمشيئة الملاّح تجري الريح ..

                        والتيار يغلبه السفين !

                        ماذا طبخت لنا ؟ فإنَّا عائدون .

                        نهبوا خوابي الزيت، يا أمي، وأكياس الطحين

                        هاتي بقول الحقل ! هاتي العشب !

                        إنّا عائدون !

                        خطوات أحبابي أنين الصخر تحت يد الحديد

                        وأنا مع الأمطار ساهدْ

                        عبثاً أحدِّق في البعيد

                        سأظل فوق الصخر .. تحت الصخر .. صامد

                        تعليق


                        • #42
                          رد: الشاعر محمود درويش



                          مطر




                          -1-


                          ناري ،

                          وخمس زنابق شمعية في المزهريهْ

                          وعزاؤنا الموروث :

                          في الغيمات ماءْ

                          والأرض تعطش. والسماء

                          تروي. وخمس زنابق شمعية في المزهريهْ

                          -2-

                          عفويةٌ صلوات جدتنا، وكانْ

                          جدي يحب الكستنا

                          وطعام أُمي

                          قد كنت كالحمل الوديع

                          وكان همي

                          أن يفاجئنا الربيع !

                          يا جدي المرحوم ! أهلا بالمطر

                          يروي ثراك. فلا يزال السنديان

                          من يومها يدمي الحجر !

                          -3-

                          لنقل مع الأجداد : خيرْ !

                          هذا مخاض الأرض : خير !

                          تضع الوليد غدا .. ربيعا أخضرا !

                          كعيون سائحة أطلّت ذات فجر !

                          لا الأم أمي ..

                          لا الوليد أخي، ولا

                          ذات العيون الخضر لي

                          وأقول خير !

                          -4-

                          يا نوح !

                          هبني غصن زيتون

                          ووالدتي .. حمامه !

                          إنَّا صنعنا جنة

                          كانت نهايتها صناديق القمامه !

                          يا نوح !

                          لا ترحل بنا

                          إن الممات هنا سلامه

                          إنّا جذور لا تعيش بغير أرض ..

                          ولتكن أرضي قيامه !


                          تعليق


                          • #43
                            رد: الشاعر محمود درويش



                            قمر الشتاء




                            سألمُّ جثتك الشهيدهْ

                            وأذيبها بالملح والكبريت ..

                            ثم أعبُّها ..

                            كالشاي ..

                            كالخمرة الرديئة ..

                            كالقصيده

                            في سوق شعر خائب

                            وأقول للشعراء :

                            يا شعراء أمتنا المجيده !

                            أنا قاتل القمر الذي

                            كنتم عبيده !!

                            سيقال : كالمتسول المنفي .. كانْ

                            ردّوه عن كل النوافذ

                            وهو يبحث عن حنان.

                            لا عاشقان

                            ذكراه ..

                            لا .. لا لسان !


                            - قلبي على قمر

                            تحجّر في مكان

                            ويقال .. كان !

                            وأنا على الإسفلت

                            تحت الريح والأمطار

                            مطعون الجنان

                            لا تفتح الأبواب في وجهي

                            ولا تمتدّ نحو يدي يدان


                            عيني على قمر الشتاء ..

                            وقد ترمَّد في دمي ..

                            قلبي على قرص الدخان !

                            لا تظلموني أيها الجبناء

                            لم أقتل سوى نذل جبان

                            بالأمس عاهدني

                            وحين أتيته في الصبح .. خان ..

                            تعليق


                            • #44
                              رد: الشاعر محمود درويش




                              خواطر في شارع





                              يا شارع الأضواء ! ما لون السماء

                              وعلام يرقص هؤلاء ؟

                              من أين أعبر، والصدور على الصدور

                              والساق فوق الساق. ما جدوى بكائي

                              أي عاصفة يفتتها البكاء ؟

                              فتيممي يا مقلتي حتى يصير الماء ماء

                              وتحجّري يا خطوتي !

                              هذا المساء ..

                              قدَرٌ أسلّمه سعير الكبرياء !

                              من أي عام ..

                              أمشي بلا لون، فلا أصحو ولا أغفو

                              وأبحث عن كلام ؟

                              أتسلق الأشجار أحياناً

                              وأحيانا أجدِّف في الرغام

                              والشمس تشرق ثم تغرب .. والظلام

                              يعلو ويهبط. والحمام

                              ما زال يزمر للسلام !

                              يا شارع الأضواء، ما لون الظلام

                              وعلام يرقص هؤلاء ؟

                              ومتى تكفُّ صديقتي بالأمس، قاتلتي

                              تكفُّ عن الخيانة والغناء ؟

                              الجاز يدعوها ؟

                              ولكني أناديها .. أناديها .. أناديها.

                              وصوت الجاز مصنوع

                              وصوتي ذوب قلب تحت طاحون المساء


                              لو مرة في العمر أبكي ،

                              يا هدوء الأنبياء

                              لكن زهر النار يأبى أن يعرَّض للشتاء


                              ياوجه جدي

                              يا نبياً ما ابتسم

                              من أي قبر جئتني ،

                              ولبست قمبازا بلون دم عتيق

                              فوق صخره

                              وعباءة في لون حفره

                              يا وجه جدي

                              يا نبياً ما ابتسم

                              من أي قبر جئتني

                              لتحيلني تمثال سم.

                              الدين أكبرُ

                              لم أبع شبراً، ولم أخضع لضيم

                              لكنهم رقصوا وغنوا فوق قبرك ..

                              فلتنم

                              صاحٍ أنا .. صاحٍ أنا .. صاحٍ أنا

                              حتى العدم


                              تعليق


                              • #45
                                رد: الشاعر محمود درويش




                                تحد




                                شُدّوا وثاقي

                                وامنعوا عني الدفاتر

                                والسجائر

                                وضعوا الترابَ على فمي

                                فالشعر دمُّ القلب ..

                                ملح الخبز ..

                                ماء العينِ

                                يكتب بالأظافر

                                والمحاجر

                                والخناجر

                                سأقولها

                                في غرفة التوقيف

                                في الحمام ..

                                في الإسطبل ..

                                تحت السوط ..

                                تحت القيد ..

                                في عنف السلاسل :

                                مليون عصفور

                                على أغصان قلبي

                                يخلق اللحن المقاتل

                                تعليق

                                يعمل...
                                X