Announcement

Collapse
No announcement yet.

شعر الحماسة

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • شعر الحماسة

    بسم الله الرحمان الرحيم
    هذا جزء من بحث تحت عنوان نظرات فى حماسة ابى تمام وان شاء الله سابحث عن بقيته فارجو المعذرة


    ٭ أحمد بشار بركات
    - باب الأدب اختيارات أبي تمام في هذا الباب من الحماسة تعكس جانباً من شخصيته،
    فمن يقرأ أخباره وأشعاره يلاحظ تأثره بمختاراته ولعل في هذا الأمر بداهةً إذ أن الشعراء جميعاً في ذلك الوقت كانوا يترددون على مناهج القدماء كثيراً، فضلاً عن شخصية هذا الشاعر الطائي التي اتصفت بالجدّ والوقار . وقد قصد أبو تمام في هذا الباب معنى الأدب الخلقي لا ماعرَّفه به ابن خلدون في مقدمته المشهورة «بأنه الأخذ من كلّ علمٍ بطرف» فقد اختار (لسلمة بن وابصة) - وهو شاعر إسلامي تابعي - أبياتاً تنهى عن سماع الفاحشة وتدعو إلى الصفح عن إساءة الصاحب إذ يقول : أحبُّ الفتى ينفي الفواحشَ سمعهُ كأنَّ بهِ عن كلِّ فاحشةٍ وقْرا سليمَ دواعي الصدر لاباسطاً أذىً ولامانعاً خيراً ولاقائلاً هُجرا إذا ماأتتْ من صاحبٍ لك زلةٌ فكنْ أنتَ محتالاً لزلتهِ عُذرا وهذا شاعر آخر يدعى محمد بن بشير يقول أبياتاً مليئة بالحكم : إنَّ الأمورَ إذا انسدّتْ مسالكها فالصبرُ يفتقُ منها كلَّ ماارتججا لاتيأسنَّ وإنْ طالتْ مُطالبةٌ إذا استعنتَ بصبرٍ أنْ ترى فرجا أخلقْ بذي الصبرِ أن يحظى بحاجتهِ ومدمنِ القرعِ للأبوابِ أن يلجا قدّرْ لرجلك قبلَ الخطو موضعها فمنْ علا زلقاً عن غِرَّةٍ زلجا ولايغرّنْكَ صفوٌ أنتَ شاربهُ فربّما كان بالتكدير ِ مم تزجا وهذا رجل وهو من بني قريع يقول في أبيات تتجلّى فيها الحكمة : متى مايرى الناسُ الغنّي وجارهُ فقيرٌ يقولوا عاجزٌ وجليدُ وليس الغنى والفقرُ من حيلةِ الفتى ولكنْ أحاظٍ قُسّمتْ وجُدودُ إذا المرءُ أعيتهُ المروءةُ ناشئاً فمطلبها كهلاً عليه شديدُ وإنَّ امرأً يمسي ويصبحُ سالماً من الناس إلاّ ماجنى لَسعيدُ - باب النسيب وهو من أسماء الغزل عند العرب ، ودُعي أيضاً التشبيب فابن سلام دعاه بالنسيب ، وابن رشيق لم يفرّق بين أسمائه ، فالنسيب والتغزل والتشبيب كلها عنده بمعنى واحد . على أن التبريزي أحد شرّاح الحماسة كما ذكر ، يفرق بين النسيب والغزل ، فالغزل هو «الاشتهار بمودات النساء والصبوة إليهن. أما النسيب فهو «ذكر ذلك والخبر عنه» وقد تنوعت اختيارات النسيب بين الجاهليين والإسلاميين من حضر وبدو، ومن مشهور مااختاره أبو تمام في هذا الباب للبُداة من شعراء العرب قصيدة الشاعر الإسلامي الصمّة بن عبد الله القشيري: التي يقول فيها : حننْتَ إلى ريّا ونفسكَ باعدتْ مزاركَ من ريّا وشعباكما معا فما حسنٌ أن تتركَ الأمر طائعاً وتجزعَ أن داعي الصبابة أسمعا قفا ودّعا نجداً ومن حلّ بالحمى وقلّ لنجدٍ عندنا أن يُودّعا بنفسيَ تلكَ الأرضُ ماأطيبَ الرُّبا وماأحسنَ المصطافَ والمتربّعا! وليست عشيّاتُ الحِمى برواجعٍ عليكَ ولكنْ خلّ عينيكَ تدمعا ولما رأيتُ «البشْرِ» أعرضَ دوننا وحالتْ بناتُ الشوقِ يحْنُنَّ نُزّعا بكتْ عينيَ اليسرى فلما زجرتها عن الجهلِ بعد الحلمِ أسبلتا معا تلفّتُ نحو الحيِّ حتى وجدْتني وجِعتُ من الإصغاءِ ليتاً وأخدَعا وأذكرُ أيامَ الحِمى ثمّ أنثني على كبدي من خشيةٍ أن تصدّعا وهذا شاعر آخر يرثي لحال المحبين وشقائهم في حبهم إذ هم في بكاء دائم سواء في اللقاء أو الفراق فيقول : وما في الأرض أشقى من مُحبٍّ وإن وجد الهوى حُلوَ المذاقِ تراه باكياً في كل حينٍ مخافةَ فرقةٍ أو لاشتياقِ فيبكي إن نأوا شوقاً إليهم ويبكي إن دنوا خوف الفراقِ - باب الهجاء : الهجاء لغةً : هو الوقيعة في الأنساب وغيرها ورمي الإنسان بالمعايب والقبائح ، وقد قيل إن معناه التفصيل، ومنه حروف الهجاء . فأقول هجّى فلان الكلمة إذا فصّل حروفها . وكأن الشاعر إذا هجا غيره فرقه وفصله . وباب الهجاء في الحماسة ضم بين أوراقه فنوناً من الهجاء الذي تداولته العرب من هجاء شخص تناول الرجال والنساء إلى هجاءٍ قبلي تناولت القبائل فيه الذمّ والمثالب . وفيه مختارات من هجاء شعراء العصر الأموي الذي احتدم فيه الهجاء القبلي إثر انبعاث العصبية القبلية في أمصار العرب . فأما من الهجاء الشخصي فنذكر أبياتاً لامرأة تهجو زوجها واسمه قتادة اليشكري : حلفتُ ولم أكذبْ وإلا فكلُ ما ملكتُ لبيتِ الله أهديهِ حافيهْ لو انّ المنايا أعرضتْ لاقتحمتها مخافةَ فِيْهِ إنّ فيه لَداهيهْ فما جيفةُ الخنزير عند ابن مغربٍ قتادة إلاّ ريحُ مسكٍ وغاليهْ فكيفَ اصطباري ياقتادةُ بعدما شممْتُ الذي من فِيكِ أثأى صماخِيَهْ وأما الهجاء القبلي فمثاله قول الشاعر (قعنب بن أم صاحب) يهجو قومه : إنْ يسمعوا ريبةً طاروا بها فرحاً مِنّي وما سمعوا من صالحٍ دفنوا صُمَّ إذا سمعوا خيراً ذكرْتُ به وإن ذُكرتُ بشرّ عندهم أذنوا جهلاً علينا وجُبناً عن عدوّهم لبئستِ الخلّتان الجهلُ والجبنُ‏
    وطني علمني ان حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء
    وطني علمني ان التاريخ البشري بدون حب عويل ونكاح في الصحراءhttp://www.wahitalibdaa.com/image.ph...ine=1272034613

  • #2
    رد: شعر الحماسة

    وجدت هذه الدراسة في موقع "ألف ياء" و هي في الواقع ليست إلا تمهيدا و تأطيرا للعصر:
    قراءة في شعر أبي تمام
    الإنعكاسات البيئيّة والنفسية لبروز ظاهرة البديع
    نجاح هادي كبة
    بغداد
    عُدّ العصر العباسي مرآة التطور الأدبي والفني في الشعر إذ بدأت فيه بواعث التجديد وعوامله تبرز في الشعر العربي من كل حدب وصوب لاختلاط العرب بغيرهم من الأمم وما ترجم في هذا العصر من الكتب المتنوعة في الشعر والفلسفة والطب و على الرغم من أن الشعر حافظ على تقاليده الفنية إلا أن سمات التجديد فيه واضحة ، من ذلك ميل الشعراء لاستخدام البحور القصيرة و اختيار الألفاظ الحضارية واختلاف المضمون تبعاً للتطور المادي والحضاري في هذا العصر ، ومن ذلك ايضاً تطور بعض السمات البلاغية كالبديع عند أبي تمام الذي عاش في القرن الثالث الهجري.
    ومعلوم أن القدماء اهتدوا الى البديع وأنواعه وطوعوه في شعرهم إلا أنه كان عفو الخاطر يأتي من دون تعمد وكان بديعهم بسيطاً بساطة حياتهم فالشاعر منهم يقول في هذا الفن البيت والبيتين في القصيدة ، وربما قرئت في شعر أحدهم قصائد من غير أن يوجد فيها بيت بديع ، فالقدماء متفقون على أن مسلماً هو صاحب المذهب الجديد وأنه أول من طبقه في شعره وأن بشاراً وأبا نواس وغيرهما يأتون بالبديع بلا طريقة وإن عملهم أشبه ما يكون بالارتياد والكشف لا سلوكاً على منهج معبد ( الموازنة بين ابي تمام والبحتري للآمدي ، تحليل ودراسة د. قاسم مومني ، دار الشؤون الثقافية ، بغــداد 1985 م ص: 183-185) الا ان أبا تمام استفاد من طريقة غيره من الشعراء ولا سيما مسلم بن الوليد واتخذه مذهباً وزاد عليه .
    البديع عند ابي تمام
    لم يستقر مفهوم البديع عند القدماء كما استقر عليه هذا المفهوم في العصر الحديث من أن البلاغة ثلاثة علوم هي البيان ، البديع والمعاني لكن القدماء جعلوا البلاغة كلها بديعاً. ومن أنواع البديع عند ابي تمام : الجناس أو التجنيس ، وعرف الآمدي الجناس فقال : ما اشتق بعض من بعض كقول ابي تمام :
    أرامة كنت مألف كل ريم
    و في هذا الجناس ناحية التماثل في الصورة وناحية الجرس الموسيقي وناحية التآلف والتخالف بين ركنيه لفظاً ومعنى ، وناحية ما يحويه كل ركن من المعنى الأصلي ، وكذلك استخدام ابي تمام الطباق وهو كلمة ضد كلمة مثل الليل والنهار والأسود والأبيض وهناك انواع اخرى للبديع شخصها الآمدي منها الاستطراد وهو الخروج من معنى الى معنى ومنها التقسيم كقول ابي تمام :
    مطر يذوب الصحو منه وبعده صحو يكاد من الغضارة يمطر
    غيثان فالأنواء غيث ظاهر لك حسنه والصحو غيث ممطر
    (الموازنة بين أبي تمام والبحتري / مصدر سابق / ص: 194).
    عوامل اتخاذ ابي تمام للبديع مذهباً في الشعر
    هناك عوامل عديدة في اتخاذ ابي تمام مذهب البديع في الشعر وتطويره اياه منها :
    تطور الحياة العقلية
    فقد ترجمت في هذا العصر كتب الفلسفة وعلوم اليونان والطب والمنطق والفلسفة والرياضيات والفلك والنجوم والشعر وكان بيت الحكمة البغدادي أيام المأمون يشع بأنواع العلوم والمعارف والترجمات فقد شجع المأمون حركة الترجمة فتطور التفكير الديني ونشأت مذاهب وفرق وتيارات تعتمد على العقل كالمعتزلة وتطورت العقلية العربية تطوراً ملحوظاً لم يسبق له مثيل واستمر التأثير الأجنبي في الحضارة العربية ومال عدد من الشعراء الى الصنعة البلاغية كالطباق والجناس وبالغوا في استعمال الاستعارة والكناية ذلك إن الشعر يتأثر في التطور العقلي على مستوى البناء اللفظي أو المضمون فابتعد الشعر عن الفطرة وتفنن الشعراء في الصياغة الشعرية بعد أن كانت تأتي عفو الخاطر في العصور الجاهلي والاسلامي والأموي فجاءت اشعارهم فيها مسحة من الحياة العقلية التي تطورت في هذا القرن ، قال ابو تمام يمدح المعتصم :
    رقت حواشي الدهر فهي تمرمر وغدا الثرى في حليه يتكسر
    بذات مقدمة المصيف حميدة ويد الشتاء جديدة لا تكفر
    لولا الذي غرس الشتاء بكفه قاس المصيف هشائماً لا تثمر
    فالاعتراض الفلسفي من أبي تمام في البيت الثالث استخدم فيه الشاعر البديع بين الشتاء المصيف فهو يتمنى أن يكون المصيف كالشتاء حين ترق حواشي الدهر.
    التأنق الحضاري
    و في هذا العصر أخذ التأنق الحضاري يلف جميع مظاهر الحياة فقصور الخلفاء والوزراء مكتظة بصفوف الزينة ونعيم الحياة يعم هذه القصور ويعيش الخلفاء والوزراء هذا النعيم ولم يكن الشعراء بحكم اتصالهم بالخلفاء والوزراء والأمراء بعيدين عن هذه الحياة وما يتصل بها من ترف ونعومة فالجاحظ يصور جانباً بسيطاً من ترف الشعراء الذي بدأ في أبسط اشكاله في ملبسهم وكانت الشعراء تلبس الوشي والمعطفات والأردية السود وكل ثوب شهر وكانوا يتندرون على كل من يتزين بزي الماضين ولا غرو أن ينتقل هذا الترف والرفاهية من حياة الشعراء العامة الى حياتهم الفنية الخاصة ، فيلبسون اشعارهم على البديع من طباق وجناس وما اليها ويكسونها زخارف ( الموازنة بين ابي تمام والبحتري ، مصدر سابق ، ص : 183).
    النضج الفني
    شهد العصر العباسي الثالث نضجاً فنياً منذ أن ألف العرب المسلمون العمران وتخطيط المساجد والمدن وكان يلحق بالمساجد (دار الامارة) اذ تبنى عادة متصلة بالمسجد ، وكان ذلك نواة التقدم الفني للعرب المسلمين فقد قام الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه ببناء المسجد النبوي بالحجارة المنقوشة والقصة (الجص) إلا أن الأمويين انطلقوا في هذا الاتجاه أكثر من السابق فتركوا الأبنية البسيطة واتجهوا نحو تقليد الأبنية الفخمة التي شاهدوها في البلدان المفتوحة وخاصة في بلاد الشام وقد تجلى ذلك في قصورهم المشهورة وفي الأبنية الدينية التي أحدثوها أو التي جددوها وأصلحوها ( الزخارف الجدارية في آثار بغداد ، خالد خليل الأعظمي ، دار الرشيد للنشر ، بغداد ، 1980 ، ص: 16) وأدت العناصر النباتية دوراً بارزاً في تكوين الزخارف الجدارية فاستعمل عنصر العنب بأغصانه المتموجة وأوراقه المفصصة وعناقيده المحببة واستخدمت المروحة النخيلية ( البالمت ) وورقة الأكانتس اضافة الى بعض الأوراق الأخرى والأزهار والأثمار ، وروعي في تمثيل اشكال هذه العناصر النباتية محاكاة اشكالها الطبيعية ( الزخارف الجدارية في آثار بغداد ، مصدر سابق ،
    ص:21). وفي العصر العباسي شرع المنصور ببناء مدينته في سنة 145 هـ وسماها مدينة السلام واختار لها شكلاً مدوراً يقوم على تنظيم هندسي محكم ، فجعل المسجد الجامع قصر الخلافة في وسط المدينة مع مركزها بطرق مستقيمة هي الطاقات التي قسمت المدينة الى أربعة أقسام متساوية يفصل كل واحد منها عن الآخر صف من تلك الطاقات واشتمل كل قسم منها على سكك ودروب منتظمة أقيمت بينها الدور بصورة متناسقة ( الزخارف الجدارية في آثار بغداد ، مصدر سابق ، ص:24). وفي العصر العباسي الثاني بنيت سامراء وذلك في سنة 221 هـ وانتقل اليها الخلفاء وأصبحت عاصمة الدولة العباسية لمدة نصف قرن تقريباً ، عاد بعدها الخلفاء الى بغداد ، و في هذه المرحلة ازدانت سامراء بالقصور الفخمة الكثيرة التي زخرفت جدرانها بشتى أنواع الزخارف الجصية التي كانت تنبئ عن ميلاد فن جديد ملامحه تتخذ طابعاً اسلامياً خاصاً . . . . وقد قسمت تلك الزخارف الى ثلاثة طرز أُصطلح مؤرخو الفن الاسلامي على تسميتها بالطراز الأول والثاني والثالث ، تبعاً لخصائص كل واحدة منها من حيث طريقة صنع زخارفه وعناصرها التي تتكون منها . . . . فالطراز الأول منها يمتاز باستعمال طريقة الحفر العميق في عمل الزخارف . . . . وقد استعمل هذا الطراز عنصرا رئيسا هو العنب التي رسمت أغصانه وأوراقه وعناقيده بشكل قريب للطبيعة فظهرت الورقة مسننة الجوانب ذات خمسة فصوص تفصل بعضها عن بعض عيون أو نقاط صغيرة .
    وفي الطراز الثاني بدأت العناصر والأشكال الســابقة تتطــور تدريجياً وتبتعد عن الطبــيعة شيئاً فشيئاً. أما الطراز الثالث فيمتاز باستعمال طريقة الحفر المائل (المشطوف) في صنع الزخارف (الزخارف الجدارية في آثار بغداد ، مصدر سابق ، ص:21 ، 24 ، 30 ، 76). في ما تقدم المامة موجزة عن تطور الفن العربي الاسلامي في العصر العباسي ونضجه وما سبقه من عصور تشكل البيئة العامة للشاعر أبي تمام وغيره من الشعراء فلقد تفتقت عيناه عليها وتأثر فيها وعكسها بشكل بديع في شعره فكأنما زخرف شعره ببدائع الزخارف اللفظية التي تتماثل مع زخارف العمران من ناحية التنظيم والتنسيق والتخيل.
    قال ابو تمام :
    السيف أصدق انباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
    بيض الصفائح لا سود الصحائف في متونهن جلاء الشك والريب
    والعلم في شهب الأرماح لامعة بين الخميسين لا في السبعة الشهب
    وقال :
    ينال الفتى في عيشه وهو جاهل ويكدي الفتى في دهره وهو عالم
    وقال :
    ولم أر نفعاً عند من ليس ضائراً ولم أر ضراً عند من ليس ينفع
    إن هذا التجنيس عند أبي تمام يذكرنا بالزخارف المتماثلة والمتقابلة في الطرز المعمارية للعمران العربي الاسلامي الذي شاع في عصره وقد أدى التجنيس في الزخارف الجدارية دوراً معنوياً وشكلانياً في حين أدى التجنيس في شعر ابي تمام دوراً معنوياً ولفظياً (شكلانياً).
    ثقافة أبي تمام
    إن تنوع ثقافة ابي تمام تعكسه بعض الأقوال والأخبار التي رويت عن معاصريه . . . ويروي الصولي عن محمد بن يزيد المبرد وهي قوله : ( ما سمعت الحسن بن رجاء ذكر قط أبا تمام إلا قال ذلك أبو النمام) ، وما رأيت أعلم وكل شيء منه ( أبو تمام ثقافته من خلال شعره ، ابتسام مرهون الصفار ، دار الحرية للطباعة ، بغداد ، 1972 ، ص:90 وينظر مصدره ) فأبو تمام لم يقل الشعر لأنه وجد في نفسه القدرة على نظمه فحسب بل قاله بعد أن تثقف بمختلف أنواع الثقافات التي عرفها عصره ، ولم يكتف بالجديد لأنه جديد وجيد فحسب بل رجع الى النبع الأصلي من حصيلة التراث القديم المتمثلة بالقرآن الكريم والتأريخ العربي وما فيه من أخبار وحوادث وبطولات وأمجاد ، وعاد الى الشعراء القدامى ليستقي من أخبارهم ما يشاء وينهل من جيد اشعارهم ليحفظ منه الرائع والنادر ، ثم عاد الى ثقافة عصره المتمثلة بالفلسفة والمصطلحات العلمية و مختلف عقائد الفرق وحاول فهمها والتعرف عليها وغير معرض عن عقائد الأقوام أو أساطيرهم التي يؤمنون بها وغير مهمل ايضاً لتقاليد الجماعة الكبيرة من العامة ، وأخيراً جمع أبو تمام بين كل هذه الجوانب المختلفة من أوجه الثقافة ليكون حصيلته الفكرية المتمثلة بشعره الجم الغزير بالجد ، المليء بالرائع من المعاني والصور الجميلة . ( أبو تمام ثقافته من خلال شعره ، مصدر سابق ، ص:8).
    فمن تأثره بالمعاني القرآنية والاسلامية هذا البديع الرائع :
    ورزقكَ لا يعدوك إما معجّل على حاله يوماً وإما مؤخّر
    وقال :
    آل النبي اذا ما ظلمةٌ طرقت كانوا لنا سروجاً أنتم لها شُعَلُ
    وتأثر أبو تمام في الأدب العربي فمن تأثره بالشعر الجاهلي هذا البديع :
    من المعطيات الحسن والمؤتياته مجَلبَبَة أو فاضلاً لم تجلبب
    يريد بقوله ( فاضلاً) أي كانت في ثوب واحد ، فكأنه هناك يشير الى قول امرئ القيس :
    فجئت وقد نضّت لخدر ثيابها لدى الستر إلا لبسة المتفضل
    ( أبو تمام ثقافته من خلال شعره ، مصدر سابق ، ص:84)
    وقد ضمن أبو تمام في شعره أمثالاً عربية فيها البديع منها ويل للشجي من الخلي ، والشجيّ الحزين ، والشجا والشجو الحزن ، والخلي الذي ليس به حزن فهو يعذل الشجى ويلومه يقول :
    أيا ويل الشجيّ من الخليّ وبالي الربع من إحدى بليٍّ
    ( أبو تمام ثقافته من خلال شعره ، مصدر سابق ، ص:104)
    كما تأثر بمصطلحات الفلاسفة وعقائد الفرق والنحاة من ذلك الطباق بين الأفعال والأسماء في قوله المشهور في وصف الخمرة :
    خرقاء تلعب بالعقول حبالها كتلعّب الأفعال في الأسماء
    قدرته على التنظيم والتنسيق في شعره
    وتظهر قابلية أبي تمام على التنظيم والتنسيق ولا سيما في شعره الوصفي ، فوصفه حافل بالصور الصادقة والمشاهد الرائعة وهو يفهم جمال الطبيعة مثلاً إذا تبسم النور واختلط لونه الفضي بشعاع الشمس الذهبي ونشأ عن اختلاطهما ما يشبه نور القمر في لطفه وسجوه وسحره وايحائه يقول:
    يا صاحبيّ تقصّيا نظريكما تريا وجوه الأرض كيف تصوّر
    تريا نهاراً مشمساً قد شابه زهر الربى فكأنما هو مقمر
    وقال :
    من قانع غضّ النبات كأنه درر تشقق قبل ثم تزعفر
    أو ساطع في حمرة فكأنما يدنو اليه من الهواء معصفر
    صنع الذي لولا صنائع لطفه ما عاد أصفر بعد إذ هو أخضر
    فالنهار مشمس قد شابه زهر الربى فكأنما هو مقمر فاختلاط اللون الفضي بزهر الربى عكس لوناً مقمراً فجسّد أبو تمام في اختلاط لونين هما اللون الفضي + اللون الأخضر (زهر الربى) وظيفة تزيينية للصورة الشعرية من خلال مغايرة اللون ثم استخدام الألوان بوظيفة الموسيقى إذ أعطى حركة لتفتح الزهور فكان لون النبات من فاقع يتشقق وكأنه لون الزعفران ( أحمر مائل للصفرة) فهو ذو لون أحمر يشوبه الأصفر وعلى الرغم من أن اللون الأصفر قليل الاستعمال في الأديان وصار في الاسلام غير مستحب على ما ذكر في سورة المرسلات (غياض عبد الرحمن الدوري ، دلالات الألوان ، دار الشؤون الثقافية ، ص : 45) فإن أبا تمام استطاع أن يعطي قيمة لهذا اللون من خلال مزجه مع الألوان الأخرى كالأحمر. هذه القدرة الرائعة في الخيال جعلت أبا تمام يشكل صورة بنوع من التنظيم والتنســيق البديعي وبعيداً عن فوضى الألوان وإذ استطاع أبو تمام من ايصال شعره بأسلوب متلاحم معنىً ومبنــــىً ، وبأسلوب بديعي رائع.

    وطني علمني ان حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء
    وطني علمني ان التاريخ البشري بدون حب عويل ونكاح في الصحراءhttp://www.wahitalibdaa.com/image.ph...ine=1272034613

    Comment


    • #3
      رد: شعر الحماسة

      هذا تعريف واف بأبي تمام وجدته في الموسوعة العربية للعلوم:
      أبو تمام (190؟ - 231؟هـ، 806؟ - 846؟م). حبيب بن أوس الطائي، من أعلام الشعراء في العصر العباسي. وقيل إنّ والده اسمه تدرس، وكان نصرانيًا فأسلم وتسمى بأوس وانتمى لقبيلة طيء. والصواب أنه من أصول عربية، ولد بجاسم إحدى قرى حوران في بلاد الشام، وهي تبعد عن دمشق إلى الجنوب40كم. اختُلف في ولادته فقيل 172هـ أو نحو 190هـ. كما اختُلف في تاريخ وفاته بين 228هـ و 231هـ. نشأ بالشام نشأة فقيرة، فاشتغل عند حائك ثياب في دمشق، ثم انتقل إلى حمص، ورحل بعدها إلى مصر، وكان يسقي الناس الماء في جامع عمرو بن العاص، وتردّد على مجالس الأدب والعلم، واطّلع على علوم عصره الدينية والعربية والعلوم المترجمة من منطق وفلسفة وحكمة، وساعده على ذلك ذكاؤه وقوة ذاكرته وحصافة تفكيره. وتوفي بالموصل في العراق.
      نظم أبو تمام الشعر في فترة مبكرة من حياته ولم يزل يجوّده حتى نَـبُه ذكره، فعاد إلى الشام من مصر، ومدح القادة والعظماء فيها، ثم توجه إلى حمص والتقى هناك بالشاعر البحتري. ثم توجه إلى العراق ومدح الوزراء فأوصلوه إلى أبواب الخلفاء، فمدح المأمون ولكنه لم يتصل به اتصاله بالمعتصم الذي أُعجب بشعره وقدَّمه على غيره من الشعراء. فمدحه بالكثير من قصائده، ولعل أبرزها قصيدته في فتح عَمُّورَّية ذات الشهرة الكبيرة ومطلعها:
      السيف أصدق أنباءً من الكتب في حدِّه الحدُّ بين الجدِّ واللعب
      ولما اتصل بالحسن بن وهب ومدحه عيّنه على بريد الموصل، وبقي هناك نحو سنتين. وقد وافته المنية ودُفن هناك. وبكاه الحسن بن وهب ورثاه في جملة من رثاه من الشعراء، وهو الذي يقول فيه:
      فجع القريض بخاتم الشعراء وغدير روضتها حبيب الطائي
      ماتا معاً فتجاورا في حفرة وكذاك كانا قبل في الأحياء
      كان أبو تمام ولوعًا بالأسفار، حاضر البديهة، ذكيًا قوي الذاكرة، واسع الثقافة، رُوي عنه أنه كان يحفظ 14 ألف أرجوزة. له ديوان شعر طُبع عدة مرات، جمع فيه كل فنون الشعر من مدح ورثاء واعتذار ووصف وحِكم وعتاب وغزل وفخر ووعظ وزهد وهجاء، وشرح عدة شروح، أشهرها الذي بين أيدي الناس للخطيب التبريزي. وأكثر شعره في المدح والرثاء، حيث يستغرق هذان الفنّان ثلثي ديوانه، ولذا قيل عنه: "أبو تمام مدّاحة نوّاحة".
      ويُعدُّ أبو تمام أول شاعر عربي عُني بالتأليف، فقد جمع مختارات من أجمل قصائد التراث الشعري في كتاب سماه الحماسة باسم الباب الأول والأطول منه. وفيه عشرة أبواب: الحماسة، والمراثي، والأدب، والنسيب، والهجاء، والأضياف، والمديح، والصفات، والسِّير، والنعاس، والملح، ومذمَّة النساء. ولكتاب الحماسة معارضات كثيرة وشروح أكثر، والكتاب يدل على حسن ذوق أبي تمام وعلمه الحصيف بالشعر، حتى قال عنه بعض النقاد: "إن أبا تمام في مختاراته أشعر منه في منظوماته". انظر: الشعر.
      ولأبي تمام حماسة أخرى تُسمى الحماسة الصغرى أو الوحشيات. وقد وصل إلينا الكتابان السابقان، غير أنه لم تصل إلينا كتبه مثل: الاختيار القبائلي الأكبر والأصغر، وأشعار القبائل، وفحول الشعراء. ويُنسب إليه كتاب نقائض جرير والأخطل، وقد خصَّه الآمدي وصنوه البحتري بكتاب نقدي سمّاه الموازنة بين الطائيين، جعل أبا تمام فيه ممثل مذهب الصنعة والبحتري ممثل مذهب الطبع.
      ويمتاز أبو تمام عن شعراء عصره بأنه صاحب مذهب جديد في الشعر، يقوم على الغوص في المعاني البعيدة التي لاتُدْرَك إلا بإعمال الذهن، والاعتماد على الفلسفة والمنطق في عرض الأفكار وإلباسها صورًا من التشبيهات والاستعارات والكنايات. ويقوم فن أبي تمام على الصنعة البديعية. فلهذا تراه يكثر منها كما يكثر من الألفاظ الغريبة، إلا أن شعره يمتاز بقوة العاطفة وحرارتها، مماجعل شعره محببًا إلى النفوس. غير أن شعره يتفاوت سموًا ودنوًا مما حدا بتلميذه البحتري أن يقول: "جيد أبي تمام خير من جيدي، ورديئي خير من رديئه". وقد نشأت دراسات كثيرة تناولت فن أبي تمام في أغراض شعره أو مذهبه الأدبي أو في مؤلفاته أو في الحركة النقدية التي تبلورت حوله. وقصائده المشهورة أكثر عددًا من أن تحصى أو يشار إليها. ومن أبياته السيارة:
      لاتنكري عطل الكريم من الغنى فالسيل حرب للمكان العالي
      كذلك قوله:
      لاتنكروا ضربي له من دونه مثلاً شرودًا في الندى والباس
      فالله قد ضرب الأقل لنوره مثلاً من المشكاة والنبراس
      وقوله:
      اصبر على مضض الحسود فإنّ صبرك قاتِلُه
      فالنَّار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله
      وقوله:
      أحلى الرجال من النساء مواقعًا من كان أشبههم بهنّ خدودا
      وقوله يصوّر أيام عشقه الماضية:
      أعوام وصل كاد ينسي طولها ذكرُ النـَّـوَى فكأنها أيام
      ثم انبرت أيام هجر أردفت بِجَوىً أسىً فكأنها أعوام
      ثم انقضت تلك السنون وأهلها فكأنها وكأنهم أحلام
      وكذلك قوله:
      مسترسلين إلى الحتوف كأنما بين الحتوف وبينهم أرحام
      آسادُ موتٍ مُخْدَرات مالها إلا الصوارمُ والقنا آجامُ
      وطني علمني ان حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء
      وطني علمني ان التاريخ البشري بدون حب عويل ونكاح في الصحراءhttp://www.wahitalibdaa.com/image.ph...ine=1272034613

      Comment

      Working...
      X