إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شذوذ صباحي ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شذوذ صباحي ..

    كان صباح المدينة كعادته ينذر بتصاعد مطرد للضجيج والفوضى ..كنت قد شرعت للتو، في ارتشاف فنجان قهوة ، متصفحا في الوقت ذاته جريدة ،كلها أخبار شؤم.. دخلا المقهى فجأة ، فأثارا بضجيجهما انزعاج المتواجدين بها ..جلسا دون تحية واستئذان إلى جانبي.. في نفس الطاولة التي كنت أجلس إليها منفردا، هاربا لهنيهة من ضجيج السيارات والحافلات الصباحي.. شرعا يتبادلان أطراف الحديث الفوضوي .. يتكلمان كآلة مسجلة ثرثارة ، تخوض في كل شيء وفي لاشيء..تحدثا في السياسة والدين وكرة القدم ..تحدثا في التجارة والفسق والدعارة..رائحة أحدهما كانت نتنة مقززة..لم استطع إخفاء انزعاجي بإخراج منديل ورقي معطر ، مسحت به على وجهي وأنفي... راح الجالس إلى يميني يروي مغامرات طيشه وبعض تفاصيل شذوذه..شتم الساسة،شتم التجار ومؤذّن المسجد ..شتم المارة من النساء بكلام بذيء ،دون معرفة سابقة بإحداهن ..شتم الطالبات الجامعيات ..شتم أولياءهن و كذلك مدرسيهن.
    ..تحدثا في الهجرة و الزواج وغلاء المهور ..همّ يناقش صاحبه - بسذاجة ما بعدها سذاجة - موضوع اختيار الزوجة الصالحة..ومقاييس الجمال المطلوبة ..حينها امتعضت .. .شعرت بغثيان ينتابني ..تهيأت للخروج بأن أمسكت بمحفظتي ..لم يمهلني فرصة المغادرة ..بادرني بسؤاله الوقح ..من دون استئذان أو حياء :
    ..يا شيخ.. وأنت ما رأيك في الموضوع؟
    - ....
    نظرت إليه متعجبا مستغربا وقاحته ..
    - وهل بيننا موضوع حتى اعطيك رايي فيه؟
    - أعني رأيك في الزوجة الصالحة
    حينها ازداد امتعاضي..وغضبي الذي لم أعد قادرا على كتمانه..نهضت ، اجبته دون تردّد : " الشاذ لا ينكح إلا شاذة " وانصرفت..
    بقلم :عبد الغني بن الشيخ

  • #2
    رد: شذوذ صباحي ..

    الصديق د . عبد الغني بالشيخ

    إن ما يميز هذه الأقصوصة بالرغم من قصرها هو إمتزاج أنماط الكتابة فيها

    من وصف و سرد و حوار . و هذا التنوع في أنماط الكتابة يرغب القارئ في

    معرفة تفاصيلها . كما أنها عبرت عن مشهد نعيشه يوميا في الأماكن العمومية

    يكشف سلوكيات المجتمع و عقليته و سطحية تفكيره و تعامله مع المواضيع

    الهامة و علاقته بغيره من أفراد المجتمع . و ما نلاحظه هو تدني القيم الأخلاقية

    و عدم إحترام الآخر و اعتبار الذات هي محور الكون ، غير أن السارد في هذه

    الأقصوصة كان بإمكانه أن يرد على السؤال و أن يعمل من موقعه كمثقف على

    إنارة العقول و توعيتها و إرشادها لما فيه خير المجتمع .

    شكرا لك على ما خط قلمك

    و لك تحياتي العطرة
    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

    تعليق


    • #3
      رد: شذوذ صباحي ..

      أخي الأستاذ الفاضل الهادي : أشكرك على تعليقك الذي ينم عن حس نقدي متميّز لمثقف يعي ما للأدب من دور في رصد تفاصيل الحياة وقراءة الواقع..إن نهاية الأقصوصة كانت مقصودة ..هي إدانة لسلوك غير متحضر نعيشه يوميا ، في المقاهي والمحطات والحدائق وفي مختلف الاماكن العامة ..وما رصدته في أقصوصتي ليس إلا حالة من الحالات السلوكية، التي تمثل تخلف الذهنية الشعبوية مما يعيق حركة التحضر الإجتماعي، إن الذهنية الشعبوية القائمة على الفوضى وعدم احترام الآخر ساهمت في تكريس سلوكات شاذة تحتاج إلى مجهود توعوي كبير لإصلاحها ..وهو واجب ينبغي على الجميع المساهمة فيه. د/ عبد الغني بن الشيخ

      تعليق


      • #4
        رد: شذوذ صباحي ..

        أخي العزيز د عبد الغني

        إن ما عبرت عنه هذه الأقصوصة نعيشه يوميا و هو ناتج عن عزوف المثقف

        العربي عن القيم بدوره الريادي في إصلاح المجتمع و إنارة العقول و تهذيب

        الذوق و الحس مما جعلنا كمثقفين نعيش قطيعة مع الجيل الحالي و مع

        المجتمعات التي نعيش فيه و نشعر بأننا مهمشون و غير قادرين على القيام

        بدورنا على أحسن وجه . فالرجلان في المقهى هما نموذج لما يحدث يوميا

        و نمرّ عليه مرورالكرام دون البحث في أسبابه و مسبباته و دون السعي لإيجاد

        الحلول اللازمة لإصلاح ما يمكن إصلاحه . فهل أن الخطأ في السلط السياسية

        ؟ أم أنه يكمن في تدهور المناهج التربوية و تدنيها ؟ أم سبب ذلك هو غزو

        الثقافات الأخرى و هيمنتها على الثقافات الوطنية و المحلية ؟ أم أن الخطأ يكم

        في ذواتنا نحن لأننا لم نعمل على إنتاج جيل و مجتمع متآلف و يسوده التحابب

        و التعاون ؟

        هذه بعض الأسئلة التي يمكن أن نطرحها إنطلاقا من هذه الأقصوصة و توجد

        أسئلة أخرى كثيرة متعلقة بالمواضيع التي طرحها الرجلان في حوارهما.

        شكرا لك على الرد

        و لك مني أجمل تحية و سلام
        إذا الشعب يوما أراد الحياة
        فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
        و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
        و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

        تعليق


        • #5
          رد: شذوذ صباحي ..

          هو بالفعل ما تقوله يا أخي الهادي ..إن المثقف عندنا -أعني في البلاد العربية - يبدو في كثير من الأحيان انهزاميا تجاه ما يواجهه من مواقف، وأنا لا ألقي باللوم على المثقف وحده، وإنما على كل من يشارك في بناء شبكة العلاقات الثقافية في المجتمع، إن تراجع المثقف عن وظيفته له أسبابه الثقافية والإجتماعية ، وكذلك السياسية، إن صورة المثقف في أوساط المجتع تبدو باهتة للغاية ،و أسوأ ما يكون هذا التداخل الحاصل في الوظائف، فتجد من لا علاقة له بالعلم يقيّم و يحكم على مستوى الأستاذ في مؤسسته،كما يحكم المريض على تخصص الطبيب ،والإمام يخوض في علوم الزلزال والفلك وسرعة الضوء من غير علم ..وقس على ذلك .. وإنك تتأكد من هذا التداخل الفظيع عندنا حين تزور بلدا أروبيا فترى كل واحد في منصبه لا يتجاوز وظيفته ولا يتخطاها ..وهو سر من اسرار نجاحهم وتنظيمهم . د/ عبد الغني بن الشيخ

          تعليق


          • #6
            رد: شذوذ صباحي ..

            عزيزي د. عبدالغني :

            سرد قصير معبر ، ينم عن إدراك وإسقاط للواقع ، وعن ظاهرة سيئة تفشت في عالمينا العربي والإسلامي ظاهرة المقاهي التي أصبح شريحة من شبابها يرتادون إليها ، ممارسة لطقوس نتائجها جدّ سلبية من أهمها ماعالجته هذه القصة القصيرة المعبرة والتي تلخص أهم مشكلة عصرية نعيشها .

            " الزاني لا ينكح إلا زانية "

            أمرين هنا في هذه الخلاصة والنتيجة :

            الأمر الأول : رأي شرعي نصي لا جدال فيه .
            الأمر الثاني : عقيدة قوية مسلم بها .

            وهنا تكمن مشكلة أمتينا العربية والإسلامية :

            أضاعت النصوص
            وأضاعت فكر العقيدة والتمسك به

            وبالتالي كانت النتيجة
            هي العودة لهذا النص ولذاك الفكر


            جزاك الله خيراً
            سلمت يداك

            تعليق


            • #7
              رد: شذوذ صباحي ..

              شكرا أخي المعتز بالله على تعليقك المحكم ، فقد حدّدتَ بدقة ما قصدتُ طرحه في هذا النص السردي القصير، الذي هو جزء من مشروع كبير هو رواية بأكملها أخطط لكتابتها على المدي المتوسط، وربما البعيد بعد أن اتبين برنامجها السردي التخييلي في ذهني،إن فضاء المقهى في عالمنا العربي فضاء سيميائي لثقافة مجتمع بأكمله، بعقده ومشاكله وأحلامه وتناقضاته، أنه فضاء مختلف تماما عن فضاء المقهى في باريس مثلا. أن قراءة كتاب في مقهى عام عندنا جريمة تخدش الحياء، فما إن تفتح كتابا لتتصفح صفحته الأولى حتى تشعر بالعيون المستنكرة المتعجبة تفترس سلوكك الحضاري، أما ما يصدر من سلوكات منافية للتحضر فلا أحد يستنكرها وكأنها من أخلاقنا الحميدة ،أتالم كثيرا حين أنظر إلى ما يحدث حولنا ولا نستطيع تغييره حتى بالكلمة الطيبة لأن الكلمة الطيبة نفسها لم تعد تُتَفبّل ، إن مظهر العنف اللفظي يعربد في كل مكان، في الشارع والإدارة والملاعب وفي كل فضاء تقصده.. أنها باختصار بنية الفوضى ..وكل منا مساهم فيها بقسط. وبدرحة معيّنة،لذا، ينغي أن نراجع أمورنا ونصحح ما نقدر عليه من الأخطاء إن لم يكن لنا فللجيل وللأجيال التي ستأتي. د/ عبد الغني بن الشيخ

              تعليق


              • #8
                رد: شذوذ صباحي ..

                أخي د. عبدالغني :

                نأخذ على يدك في هذه الرواية موضع التحضير لها من قبلكم وربما نتساعد على نشرها لأهميتها العلاجية لقضية هامة في مجتمعنا .

                رواد المقاهي في بلادنا في عصر السبيعينيات من العقد المنصرم كانت لهم المقاهي المكان الذي يلتقون والذي فيه يتبادلون هموم الثقافة والسياسة معاً .

                تمحور الهم وأصفدت فيه الأقفال ، وتحولت المقاهي اليوم لدور عربدة وربما أبعد من ذلك وكر تجتمع فيه الرذيلة .

                مخطط محكم وهو تحويل المعالم الثقافية واماكنها عن دورها الرئيس في الحفاظ على الهوية والمعتقد ، وغربة ثقافتنا اليوم مشكلة المشاكل التي تواجهكم كأدباء يحملون راية الذود عن مقومات امتنا مبعث فخارنا وعزتنا .

                كم إني سعيد بك اخي وبتواجدك معنا وبإطروحاتك الدالة على الوعي الحسي لهموم الأمة يداً بيد معكم لشمس الثقافة العربية .

                الله يرعاكم

                ويمدكم بالقوة والعزيمة لإنتاج قويم في غوغاء الثقافة المنحلة في عصر العولمة اليوم .

                تعليق


                • #9
                  رد: شذوذ صباحي ..

                  د. عبدالغنى
                  قديما قالوا خير الكلام ما قل ودل واجد ان هذه المقولة تجسدت فى اقصوصتك
                  التى قلّت فى عدد الكلمات وفاضت بالمعاناه اليومية التى نحياها فى مجتمعاتنا
                  التى فقدت الكثير والكثير من القيم الانسانية حتى , واصبحت الفوضى الاخلاقية
                  والكلامية والمرورية حتى هى سمة العصر , فمن التزم بالقانون او الواجب
                  او حتى اخلاقياتنا , أصبح وكأنه ترك وتنازل على ان يكون انسان عصري
                  ولهذا كانت عوامل شديدة , ارى اهمها تحولنا الى شعوب استهلاكية من الطراز
                  الاول , فلم نستهلك البضائع والمنتجات فقط , بل استهلكنا قيمنا والقينا بها فى عرض
                  الطريق ورحنا نبحث عن من يصدر لنا افكار تعوضنا عما اهملناه ....
                  استاذ عبدالغنى ابدعت فيما كتبت وننتظر المزيد
                  اه يا دهر هات ما شئت و انظر عزمات الرجال كيف تكون
                  ما تعسفت فى بلاءك الا هان بالصبر منه ما لا يهون






                  sigpic

                  تعليق


                  • #10
                    رد: شذوذ صباحي ..

                    أي نعم أخي الفاضل كريم الراوي ..تلك التفاصيل الصغيرة في حياتنا هي التي تشكل من جزئياتها هذا الركام الفوضوي الهائل في مجتمعنا ..لا أحد يعير اهتماما لما نراه يوميا من سلوكات طائشة وتصرفات مشينة نصادفها في شوارعنا وفي مقاهينا .. بل و في جامعاتنا ومطاراتنا ..وربما في بيوتنا ...في كل مكان يا صديقي ..الكل يرتدي بذلة العالم ..والكل يدعي في العلم والتجارة والفقه فلسفة ..ولا أحد يدري..ولا أحد يفقه في شيء إلا القليل القليل .. أو على حدّ قول أدونيس : لا أحد يعرف اين الباب ؟ / لا أحد يسال اين الباب ؟

                    تعليق

                    يعمل...
                    X