رد: خمســـون عامـــاً علــــى النكـــبة - د. فايز رشيد
أجوبة الدكتور: لبيب قمحاوي.
مفكر وكاتب سياسي، عضو لجنة التنسيق الوطني- الأردن.
الجواب الأول:
الواقع أن المشروع الوطني الفلسطيني لم يهزم، وإنما قيادة المشروع الوطني الفلسطيني هي التي هزمت مما أدى بالتالي إلى هزيمة المشروع الوطني الفلسطيني.
إن مفهوم الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني جاء في أصوله الفلسطينية حماية لأهداف المشروع الوطني الفلسطيني المتمثلة بالتحرير الكامل ومنع أي نظام حكم عربي من العبث بتلك الأهداف. ولكن تطورات الأمور وتجيير الشرعية الفلسطينية من مؤسسات منظمة التحرير إلى قيادة منظمة التحرير، ومن ثم إلى رئيس منظمة التحرير قد أدى بالتالي إلى حصر أهداف المشروع الوطني الفلسطيني وشرعية تمثيل تلك الأهداف بشخص رئيس المنظمة. وهكذا، جاء القرار المنفرد لرئيس المنظمة بتقليص أهداف المشروع الوطني الفلسطيني إلى ما نحن عليه اليوم نتيجة حتمية لذلك المسار. والذي تواطأت على تكريسه العديد من الأطراف العربية والدولية.
إن الجهد المطلوب فلسطينياً في هذه المرحلة، هو التأكيد على أن اتفاقات أوسلو جاءت محصلة للهزيمة الفلسطينية وليس تتويجاً للنضال الفلسطيني وتجسيداً لأهدافه. فشعار مرحلية الوصول إلى الأهداف الفلسطينية لا ينطبق على ما ورد في اتفاقات أوسلو والتي جاءت نقيضاً للمشروع الوطني الفلسطيني وليس استجابة لبعض أهدافه.
الجواب الثاني:
بعد مرور مائة عام على عقد مؤتمر بازل وقيام الحركة الصهيونية كحركة سياسية، فإن الناظر المتعمق بفكر الحركة الصهيونية وأهدافها لابد وأن يعترف بأن النجاح الذي حققته الحركة الصهيونية جاء نتيجة طبيعية للفشل العربي الفلسطيني وليس نجاحاً للفكر والنهج الصهيوني. وبالإضافة إلى ذلك، فإن نجاح المشروع الصهيوني جاء مرتبطاً بشكل كامل بالتغييرات التي طرأت على موازين القوى في العالم خلال هذا القرن ابتداءاً من الحرب العالمية الأولى، مروراً بالثانية، ومن ثم الحرب الباردة وما رافقها من مد للقومية العربية كخطر على المصالح الغربية في المنطقة انتهاء بسقوط المعسكر الاشتراكي. وهكذا، كان نجاح المشروع الصهيوني مرتبطاً دائماً بقدرة قادته على استغلال مكامن القوة في الموازين الدولية، مقارنة بالفشل الواضح للعرب في استغلال تلك المكامن.
وعلى ضوء ما سبق، فإنه لمن الخطأ الولوج في التعميمات واستعمال التعابير العاطفية لتقييم مستقبل المشروع الصهيوني في المئوية الثانية أو في القرن الحادي والعشرين.
من الواضح أن المشروع الصهيوني الأول قد حقق أهدافه في إنشاء الدولة الصهيونية القوية على أرض فلسطين. والمشروع الصهيوني الثاني سوف يكون مختلفاً في أدواته وأكثر خطورة في أهدافه.
فالحقبة الثانية سوف تشهد نقلة نوعية صهيونية من المطالبة بالأرض واحتلالها عسكرياً إلى فرض نمط جديد من الاحتلال من خلال الأدوات التكنولوجية الحديثة والمفاهيم الاقتصادية الجديدة، بحيث تتحول المنطقة إلى جزء من منطقة النفوذ الإسرائيلي، من خلال ربط اقتصاد وثروات المنطقة بالاقتصاد الإسرائيلي، والعمل على تفكيك النسيج الثقافي والحضاري للدول العربية. وهكذا، فإن المشروع الصهيوني الثاني يتجاوز فلسطين كرقعة جغرافية ويتجاوز مفهوم الاحتلال العسكري التقليدي إلى مفهوم السيطرة الكاملة على المنطقة العربية وكذلك على إقليم الشرق الأوسط الجغرافي.
الجواب الثالث:
لقد نجحت اتفاقات السلام المبرمة حالياً بين إسرائيل وعدة أطراف عربية إلى تفكيك المشروع العربي والمشروع الفلسطيني وإلى تعزيز المشروع الصهيوني. وتعتبر تلك الاتفاقات مرحلية من وجهة النظر الصهيونية باعتبارها أدوات استعملتها إسرائيل لتدمير الأسس التي استند إليها الفلسطينيون والعرب مرتبط بمدى قدرة الفلسطينيين والعرب على الحد من تأثيرها السلبي على أسس ومقومات الصراع مع المشروع الصهيوني. ومن الضروري، في هذا السياق، الإصرار على اعتبار تلك الاتفاقات أمراً مفروضاً على الفلسطينيين والعرب بحكم النصر العسكري الإسرائيلي والهزيمة العسكرية العربية والفلسطينية، وليس تصحيحاً للتاريخ كما تريد إسرائيل والحركة الصهيونية. إن الهزائم العسكرية والسياسية التي لحقت بالعرب والفلسطينيين وتم تتويجها في اتفاقات مثل كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة لا يجب السماح لها بأن تتوج بالهزيمة العقائدية والمتمثلة بالقبول الفلسطيني والعربي بمقولة تصحيح التاريخ من خلال الاعتراف بشرعية حق إسرائيل في الوجود على أرض فلسطين.
الجواب الرابع:
إن الربط بين الخاص الوطني والعام القومي لن ينجح إذا ما تم تناوله بالأسلوب التقليدي.
فالعمل الآن يجب أن ينصب على خلق قاعدة قوية من المصالح المشتركة تشكل أساساً صلباً للعلاقة القومية بين أطراف المشروع العربي، وبحيث يصبح الدفاع عن الخاص الوطني مرتبطاً ارتباطاً كاملاً بالدفاع عن العام القومي. إن غياب هذه القاعدة كان أساس فشل المشروع القومي في النصف الثاني من هذا القرن.
لقد أثبتت التطورات الصاعقة في العقدين الأخيرين من هذا القرن أن الخاص الوطني في المشروع العربي غير قادر منفرداً على الدفاع عن المصلحة الوطنية وحمايتها، وكان هذا درساً قاسياً وثمنه فادحاً على كل العرب، قطرياً وقومياً.
إن المطالبة بإنشاء جبهة وطنية شعبية عربية عريضة هو شعار براق يخلو من أي تأثير حقيقي على مجرى الأحداث خصوصاً في الحقبة المقبلة والتي ستشهد نمطاً جديداً ومعقداً من العلاقات الاقتصادية والثقافية والتكنولوجية التي تتطلب نمطاً أكثر جدية وفعالية من علاقة جبهوية عريضة وفضفاضة، حيث أن أنماط النضال سوف تأخذ أشكالاً تختلف اختلافاً جذرياً عن ما عهدناه.
الجواب الخامس:
وهذا يدعونا إلى الحديث عن كيفية الخروج من هذا المأزق. فالعمل الحقيقي يجب أن ينصب على التأكيد على كون الديمقراطية والمؤسسية هي النمط الوحيد والأمثل الذي يجب أن يحكم العلاقة بين كافة أطراف المعادلة الوطنية والقومية. والعمل يجب أن ينصب على بناء مؤسسات المجتمع المدني وطنياً وقومياً، باعتبارها الحاضنة للعمل في المرحلة المقبلة، والوسيلة الوحيدة لترجمة أساليب النضال الجديدة والتي سوف تتميز بالاستغلال الأجدى والأمثل للأدوات التكنولوجية والاقتصادية لخلق علاقات مؤثرة، إقليمياً ودولياً، تمكننا من فرض مصالحنا على العالم، الذي سوف يبتعد تدريجياً وبسرعة عن أساليب العمل العسكري والمسلح لصالح تكتلات اقتصادية وتكنولوجية وثقافية تتجاوز في نفوذها وقوتها الحدود الجغرافية لأي دولة بعينها.
الجواب الأول:
الواقع أن المشروع الوطني الفلسطيني لم يهزم، وإنما قيادة المشروع الوطني الفلسطيني هي التي هزمت مما أدى بالتالي إلى هزيمة المشروع الوطني الفلسطيني.
إن مفهوم الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني جاء في أصوله الفلسطينية حماية لأهداف المشروع الوطني الفلسطيني المتمثلة بالتحرير الكامل ومنع أي نظام حكم عربي من العبث بتلك الأهداف. ولكن تطورات الأمور وتجيير الشرعية الفلسطينية من مؤسسات منظمة التحرير إلى قيادة منظمة التحرير، ومن ثم إلى رئيس منظمة التحرير قد أدى بالتالي إلى حصر أهداف المشروع الوطني الفلسطيني وشرعية تمثيل تلك الأهداف بشخص رئيس المنظمة. وهكذا، جاء القرار المنفرد لرئيس المنظمة بتقليص أهداف المشروع الوطني الفلسطيني إلى ما نحن عليه اليوم نتيجة حتمية لذلك المسار. والذي تواطأت على تكريسه العديد من الأطراف العربية والدولية.
إن الجهد المطلوب فلسطينياً في هذه المرحلة، هو التأكيد على أن اتفاقات أوسلو جاءت محصلة للهزيمة الفلسطينية وليس تتويجاً للنضال الفلسطيني وتجسيداً لأهدافه. فشعار مرحلية الوصول إلى الأهداف الفلسطينية لا ينطبق على ما ورد في اتفاقات أوسلو والتي جاءت نقيضاً للمشروع الوطني الفلسطيني وليس استجابة لبعض أهدافه.
الجواب الثاني:
بعد مرور مائة عام على عقد مؤتمر بازل وقيام الحركة الصهيونية كحركة سياسية، فإن الناظر المتعمق بفكر الحركة الصهيونية وأهدافها لابد وأن يعترف بأن النجاح الذي حققته الحركة الصهيونية جاء نتيجة طبيعية للفشل العربي الفلسطيني وليس نجاحاً للفكر والنهج الصهيوني. وبالإضافة إلى ذلك، فإن نجاح المشروع الصهيوني جاء مرتبطاً بشكل كامل بالتغييرات التي طرأت على موازين القوى في العالم خلال هذا القرن ابتداءاً من الحرب العالمية الأولى، مروراً بالثانية، ومن ثم الحرب الباردة وما رافقها من مد للقومية العربية كخطر على المصالح الغربية في المنطقة انتهاء بسقوط المعسكر الاشتراكي. وهكذا، كان نجاح المشروع الصهيوني مرتبطاً دائماً بقدرة قادته على استغلال مكامن القوة في الموازين الدولية، مقارنة بالفشل الواضح للعرب في استغلال تلك المكامن.
وعلى ضوء ما سبق، فإنه لمن الخطأ الولوج في التعميمات واستعمال التعابير العاطفية لتقييم مستقبل المشروع الصهيوني في المئوية الثانية أو في القرن الحادي والعشرين.
من الواضح أن المشروع الصهيوني الأول قد حقق أهدافه في إنشاء الدولة الصهيونية القوية على أرض فلسطين. والمشروع الصهيوني الثاني سوف يكون مختلفاً في أدواته وأكثر خطورة في أهدافه.
فالحقبة الثانية سوف تشهد نقلة نوعية صهيونية من المطالبة بالأرض واحتلالها عسكرياً إلى فرض نمط جديد من الاحتلال من خلال الأدوات التكنولوجية الحديثة والمفاهيم الاقتصادية الجديدة، بحيث تتحول المنطقة إلى جزء من منطقة النفوذ الإسرائيلي، من خلال ربط اقتصاد وثروات المنطقة بالاقتصاد الإسرائيلي، والعمل على تفكيك النسيج الثقافي والحضاري للدول العربية. وهكذا، فإن المشروع الصهيوني الثاني يتجاوز فلسطين كرقعة جغرافية ويتجاوز مفهوم الاحتلال العسكري التقليدي إلى مفهوم السيطرة الكاملة على المنطقة العربية وكذلك على إقليم الشرق الأوسط الجغرافي.
الجواب الثالث:
لقد نجحت اتفاقات السلام المبرمة حالياً بين إسرائيل وعدة أطراف عربية إلى تفكيك المشروع العربي والمشروع الفلسطيني وإلى تعزيز المشروع الصهيوني. وتعتبر تلك الاتفاقات مرحلية من وجهة النظر الصهيونية باعتبارها أدوات استعملتها إسرائيل لتدمير الأسس التي استند إليها الفلسطينيون والعرب مرتبط بمدى قدرة الفلسطينيين والعرب على الحد من تأثيرها السلبي على أسس ومقومات الصراع مع المشروع الصهيوني. ومن الضروري، في هذا السياق، الإصرار على اعتبار تلك الاتفاقات أمراً مفروضاً على الفلسطينيين والعرب بحكم النصر العسكري الإسرائيلي والهزيمة العسكرية العربية والفلسطينية، وليس تصحيحاً للتاريخ كما تريد إسرائيل والحركة الصهيونية. إن الهزائم العسكرية والسياسية التي لحقت بالعرب والفلسطينيين وتم تتويجها في اتفاقات مثل كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة لا يجب السماح لها بأن تتوج بالهزيمة العقائدية والمتمثلة بالقبول الفلسطيني والعربي بمقولة تصحيح التاريخ من خلال الاعتراف بشرعية حق إسرائيل في الوجود على أرض فلسطين.
الجواب الرابع:
إن الربط بين الخاص الوطني والعام القومي لن ينجح إذا ما تم تناوله بالأسلوب التقليدي.
فالعمل الآن يجب أن ينصب على خلق قاعدة قوية من المصالح المشتركة تشكل أساساً صلباً للعلاقة القومية بين أطراف المشروع العربي، وبحيث يصبح الدفاع عن الخاص الوطني مرتبطاً ارتباطاً كاملاً بالدفاع عن العام القومي. إن غياب هذه القاعدة كان أساس فشل المشروع القومي في النصف الثاني من هذا القرن.
لقد أثبتت التطورات الصاعقة في العقدين الأخيرين من هذا القرن أن الخاص الوطني في المشروع العربي غير قادر منفرداً على الدفاع عن المصلحة الوطنية وحمايتها، وكان هذا درساً قاسياً وثمنه فادحاً على كل العرب، قطرياً وقومياً.
إن المطالبة بإنشاء جبهة وطنية شعبية عربية عريضة هو شعار براق يخلو من أي تأثير حقيقي على مجرى الأحداث خصوصاً في الحقبة المقبلة والتي ستشهد نمطاً جديداً ومعقداً من العلاقات الاقتصادية والثقافية والتكنولوجية التي تتطلب نمطاً أكثر جدية وفعالية من علاقة جبهوية عريضة وفضفاضة، حيث أن أنماط النضال سوف تأخذ أشكالاً تختلف اختلافاً جذرياً عن ما عهدناه.
الجواب الخامس:
وهذا يدعونا إلى الحديث عن كيفية الخروج من هذا المأزق. فالعمل الحقيقي يجب أن ينصب على التأكيد على كون الديمقراطية والمؤسسية هي النمط الوحيد والأمثل الذي يجب أن يحكم العلاقة بين كافة أطراف المعادلة الوطنية والقومية. والعمل يجب أن ينصب على بناء مؤسسات المجتمع المدني وطنياً وقومياً، باعتبارها الحاضنة للعمل في المرحلة المقبلة، والوسيلة الوحيدة لترجمة أساليب النضال الجديدة والتي سوف تتميز بالاستغلال الأجدى والأمثل للأدوات التكنولوجية والاقتصادية لخلق علاقات مؤثرة، إقليمياً ودولياً، تمكننا من فرض مصالحنا على العالم، الذي سوف يبتعد تدريجياً وبسرعة عن أساليب العمل العسكري والمسلح لصالح تكتلات اقتصادية وتكنولوجية وثقافية تتجاوز في نفوذها وقوتها الحدود الجغرافية لأي دولة بعينها.
تعليق