العرب أمام تحديات
التكنولوجيا
التكنولوجيا
تأليف
د. انطونيوس كرم
مقدمة
مقدمة
من المصادفات الهامة التي رافقت تأليف هذا
الكتاب - والذي بدأناه قبل عام-أننا لم نكن انتهينا
من وضع خاتمة عندما جاءت الغارات الإسرائيلية
المدمرة على الأهداف العسكرية في البقاع اللبناني
وعلى الأهداف العسكرية والمدنية في الجنوب
اللبناني وفي بيروت لتضيف أهمية خاصة وإلحاحا
كبيرا إلى عنوان وفحوى هذا الكتاب: العرب أمام
تحديات التكنولوجيا. وقد سبق ذلك »إنجازات «
إسرائيل التكنولوجية في الساعات الأولى من حرب
حزيران/يونيو ١٩٦٧ وفي تدمير المفاعل النووي
العراقي منذ أشهر معدودة.
وفي كل الأعمال العدوانية وغيرها كان هدف
إسرائيل الأول إرهاب العرب بقدرتها العلمية
والتكنولوجية الجبارة وإظهار عجز العرب القاتل
أمام الشعوب العربية وشعوب وحكومات العالم
ومنع العرب من التوغل في دروب العلم والتكنولوجيا
الحديث وامتلاك ناصيتهما.
وقد كان الأستاذ قسطنط زريق من أوائل من
تكلم عن وجود فجوة حضارية كبيرة بين اﻟﻤﺠتمعات
العربية واﻟﻤﺠتمع الإسرائيلي. ففي كتابه »معنى
النكبة « في أعقاب إقامة إسرائيل في عام 1948
في »معنى النكبة مجددا « الذي كتبه في أعقاب
نكبة 1967وفي كتبه الأخيرة يردد الكاتب مقولته
عن الفجوة الحضارية بين الإسرائيلين والعرب
الكتاب - والذي بدأناه قبل عام-أننا لم نكن انتهينا
من وضع خاتمة عندما جاءت الغارات الإسرائيلية
المدمرة على الأهداف العسكرية في البقاع اللبناني
وعلى الأهداف العسكرية والمدنية في الجنوب
اللبناني وفي بيروت لتضيف أهمية خاصة وإلحاحا
كبيرا إلى عنوان وفحوى هذا الكتاب: العرب أمام
تحديات التكنولوجيا. وقد سبق ذلك »إنجازات «
إسرائيل التكنولوجية في الساعات الأولى من حرب
حزيران/يونيو ١٩٦٧ وفي تدمير المفاعل النووي
العراقي منذ أشهر معدودة.
وفي كل الأعمال العدوانية وغيرها كان هدف
إسرائيل الأول إرهاب العرب بقدرتها العلمية
والتكنولوجية الجبارة وإظهار عجز العرب القاتل
أمام الشعوب العربية وشعوب وحكومات العالم
ومنع العرب من التوغل في دروب العلم والتكنولوجيا
الحديث وامتلاك ناصيتهما.
وقد كان الأستاذ قسطنط زريق من أوائل من
تكلم عن وجود فجوة حضارية كبيرة بين اﻟﻤﺠتمعات
العربية واﻟﻤﺠتمع الإسرائيلي. ففي كتابه »معنى
النكبة « في أعقاب إقامة إسرائيل في عام 1948
في »معنى النكبة مجددا « الذي كتبه في أعقاب
نكبة 1967وفي كتبه الأخيرة يردد الكاتب مقولته
عن الفجوة الحضارية بين الإسرائيلين والعرب
العرب أمام تحديات التكنولوجيا
والمتمثلة بأخذ الإسرائيلين بمنط العصر القائم على العلم والتكنولوجيا
والقيم الملائمة لهما في حين
أن العرب لا يزالون بعيدين عن منطق العصر
الذي يعيشون فيه إذ أنهم لم يمتلكوابعد ناصية العلم والتكنولوجيا الحديثين
كما أن قيمهم وطرق تفكيرهم في هذه المرحلة من تاريخهم لا تساعد على
الإطلاق على إكسابهم المعارف العلمية والتكنولوجيا التي يتكئ عليها هذا
العصر.
وهكذا فإن النكبات والهزائم المتتالية يفترض فيها أنها أثبتت للعرب
أهمية العلم والتكنولوجيا في هذا العصر القائم على القوة. ومن الواضح
أن هيمنة الدولتين العظميين على العالم في يومنا هذا لا ترجع مطلقا إلى
قوة إ يمانهم وعقائدهم الروحية وإ نما القوة المادية الهائلة التي يتمتعون بها
في اﻟﻤﺠال العلمي والتكنولوجى وبالتالي في اﻟﻤﺠال الاقتصادي والعسكري وبالقيم والأنظمة الاجتماعية التي تضع قيم العلم والتكنولوجيا في رأس
سلم القيم والأولويات. وإذا كنا لا نريد هنا أن نوحي بأن مجتمعات الدول
المتقدمة هي في غاية السعادة إذ من الواضح أنها أهملت الناحية الأخلاقية
والروحية وتركت المادة تطغى على كل شيء فأننا نهدف إلى القول بأنه لا
مجال في هذا العصر لدول وشعوب تعاني من الضعف الشديد على المستوى
العلمي والتكنولوجي والاقتصادي مهما كبرت أخلاقها وروحانياتها هذا
إذا كان هناك معنى حقيقي للأخلاق في ظروف التخلف القاتل الذي
تعيشه الدول النامية. فما قيمة الأخلاق في بلد يعيش أسوأ أنواع الفقر
والعوز والجهل والقهر وجميع أشكال التخلف الأخرى? فإذا كان من الصحيح
أن الإنسان لا يحيا بالخبز وحده فإنه من الواضح أنه لا يستطيع العيش
بدون الخبز.
ومن المسلمات الواضحة أننا نعيش فترة من التململ والاضطراب والتغيير
المتناقض وغير الهادف لم يشهده التاريخ من قبل. فكأننا على عتبة انتقال
من مرحلة إلى أخرى دون أن نعرف بالضبط طبيعة وخصوصيات المرحلة
القادمة. ودور العلم والتكنولوجيا في التغير السريع الحاصل وفي التغيير
القادم كبير بدون شك.
وإذا كانت الثورات العلمية والتكنولوجية المتتالية-وبالأخص التي بدأت
مع نهاية الحرب العا لمية الثانية-قد ربطت أجزاء العالم نعضها ببعض وأصبح
حاضر ومستقبل كل دولة-مهما صغرت أو كبرت-يعتمد بدرجة أو بأخرى
على مصير الكل أي إذا كانت درجة الاعتماد المتبادل inter-dependence ب
دول العالم في تزايد متواصل فإن استمرار روح الهيمنة والتسلط عند
الدول العظمى يفرغ هذا الاعتماد المتبادل من مغزاه الحقيقي ومنافعه
المتبادلة والمتوازنة ويخلق في المقابل درجة متزايدة من التبعية الشاملة في
علاقة الدول المتقدمة بالدول النامية أو في علاقة »الشمال والجنوب «
والقيم الملائمة لهما في حين
أن العرب لا يزالون بعيدين عن منطق العصر
الذي يعيشون فيه إذ أنهم لم يمتلكوابعد ناصية العلم والتكنولوجيا الحديثين
كما أن قيمهم وطرق تفكيرهم في هذه المرحلة من تاريخهم لا تساعد على
الإطلاق على إكسابهم المعارف العلمية والتكنولوجيا التي يتكئ عليها هذا
العصر.
وهكذا فإن النكبات والهزائم المتتالية يفترض فيها أنها أثبتت للعرب
أهمية العلم والتكنولوجيا في هذا العصر القائم على القوة. ومن الواضح
أن هيمنة الدولتين العظميين على العالم في يومنا هذا لا ترجع مطلقا إلى
قوة إ يمانهم وعقائدهم الروحية وإ نما القوة المادية الهائلة التي يتمتعون بها
في اﻟﻤﺠال العلمي والتكنولوجى وبالتالي في اﻟﻤﺠال الاقتصادي والعسكري وبالقيم والأنظمة الاجتماعية التي تضع قيم العلم والتكنولوجيا في رأس
سلم القيم والأولويات. وإذا كنا لا نريد هنا أن نوحي بأن مجتمعات الدول
المتقدمة هي في غاية السعادة إذ من الواضح أنها أهملت الناحية الأخلاقية
والروحية وتركت المادة تطغى على كل شيء فأننا نهدف إلى القول بأنه لا
مجال في هذا العصر لدول وشعوب تعاني من الضعف الشديد على المستوى
العلمي والتكنولوجي والاقتصادي مهما كبرت أخلاقها وروحانياتها هذا
إذا كان هناك معنى حقيقي للأخلاق في ظروف التخلف القاتل الذي
تعيشه الدول النامية. فما قيمة الأخلاق في بلد يعيش أسوأ أنواع الفقر
والعوز والجهل والقهر وجميع أشكال التخلف الأخرى? فإذا كان من الصحيح
أن الإنسان لا يحيا بالخبز وحده فإنه من الواضح أنه لا يستطيع العيش
بدون الخبز.
ومن المسلمات الواضحة أننا نعيش فترة من التململ والاضطراب والتغيير
المتناقض وغير الهادف لم يشهده التاريخ من قبل. فكأننا على عتبة انتقال
من مرحلة إلى أخرى دون أن نعرف بالضبط طبيعة وخصوصيات المرحلة
القادمة. ودور العلم والتكنولوجيا في التغير السريع الحاصل وفي التغيير
القادم كبير بدون شك.
وإذا كانت الثورات العلمية والتكنولوجية المتتالية-وبالأخص التي بدأت
مع نهاية الحرب العا لمية الثانية-قد ربطت أجزاء العالم نعضها ببعض وأصبح
حاضر ومستقبل كل دولة-مهما صغرت أو كبرت-يعتمد بدرجة أو بأخرى
على مصير الكل أي إذا كانت درجة الاعتماد المتبادل inter-dependence ب
دول العالم في تزايد متواصل فإن استمرار روح الهيمنة والتسلط عند
الدول العظمى يفرغ هذا الاعتماد المتبادل من مغزاه الحقيقي ومنافعه
المتبادلة والمتوازنة ويخلق في المقابل درجة متزايدة من التبعية الشاملة في
علاقة الدول المتقدمة بالدول النامية أو في علاقة »الشمال والجنوب «
North-South
. أي أن ما حصل إن العلم والتكنولوجيا يدفعان كل يوم أكثر
فأكثر باتجاه اعتماد دولي متبادل حقيقي إلا أن القوى العظمى غير مستعدة
للقبول vتطلبات وبنتائج التغير المتواصل في العلم والتكنولوجيا وتعمل كل
ما في وسعها لإلغاء - أو على الأقل لتأجيل - بزوغ نظام دولي جديد قائم
على العدالة والمساواة والاعتماد المتبادل الحقيقي.
وما من شيء يجسد الخلل الكبير والظلم السائد في عالم اليوم وسوء
استخدام العلم والتكنولوجيا مثل معرفة أن العالم اليوم ينفق على السلاح
وآلة الحرب والدمار أكثر من ٥٠٠ مليار دولار في الوقت الذي يعاني ربع
سكان البشرية إما من اﻟﻤﺠاعة وإما من سوء تغذية بدرجة كبيرة. فلو
توصل العالم إلى خلق النظام الدولي القادر على استخدام العلم والتكنولوجيا
وا لموارد الأخرى في الاتجاه الصحيح لاستطاع لا إشباع مئات ا لملايين من
البشر الجائعةانمالغاء الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى اﻟﻤﺠاعة
أيضا.
من هنا يجب إضافة بعد جديد لدور العلم والتكنولوجيا في حل ا لمشاكل
الدولية التي تبدو مستعصية. فلم يعد من ا لممكن النظر إلى دور العلم
والتكنولوجيا بأنه يقتصر على إشباع رغبات العلماء والباحثيين وتحقيق
أقصى ربح .ممكن للشركات الخاصة التي تسوق منتجات العلم والتكنولوجيا
وإ نما. يجب أن يكتسب دور العلم والتكنولوجيا بعدا !إنسانيا واجتماعيا
بحيث يوجه بدرجة أكبر مما هو حاصل الآن للمساهمة بشكل وظيفي في
حل ا لمشاكل التي تعاني منها شعوب العالم خصوصا شعوب الدول النامية
دون أن يعني ذلك قتل الحوافز والمبادرات عند العلماء والباحثيين بل بالعكس
خلق حوافز جديدة لتوجيه نشاطاتهم نحو ما يخدم الإنسانية جمعاء بأكبر
قدر ممكن.
فأكثر باتجاه اعتماد دولي متبادل حقيقي إلا أن القوى العظمى غير مستعدة
للقبول vتطلبات وبنتائج التغير المتواصل في العلم والتكنولوجيا وتعمل كل
ما في وسعها لإلغاء - أو على الأقل لتأجيل - بزوغ نظام دولي جديد قائم
على العدالة والمساواة والاعتماد المتبادل الحقيقي.
وما من شيء يجسد الخلل الكبير والظلم السائد في عالم اليوم وسوء
استخدام العلم والتكنولوجيا مثل معرفة أن العالم اليوم ينفق على السلاح
وآلة الحرب والدمار أكثر من ٥٠٠ مليار دولار في الوقت الذي يعاني ربع
سكان البشرية إما من اﻟﻤﺠاعة وإما من سوء تغذية بدرجة كبيرة. فلو
توصل العالم إلى خلق النظام الدولي القادر على استخدام العلم والتكنولوجيا
وا لموارد الأخرى في الاتجاه الصحيح لاستطاع لا إشباع مئات ا لملايين من
البشر الجائعةانمالغاء الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى اﻟﻤﺠاعة
أيضا.
من هنا يجب إضافة بعد جديد لدور العلم والتكنولوجيا في حل ا لمشاكل
الدولية التي تبدو مستعصية. فلم يعد من ا لممكن النظر إلى دور العلم
والتكنولوجيا بأنه يقتصر على إشباع رغبات العلماء والباحثيين وتحقيق
أقصى ربح .ممكن للشركات الخاصة التي تسوق منتجات العلم والتكنولوجيا
وإ نما. يجب أن يكتسب دور العلم والتكنولوجيا بعدا !إنسانيا واجتماعيا
بحيث يوجه بدرجة أكبر مما هو حاصل الآن للمساهمة بشكل وظيفي في
حل ا لمشاكل التي تعاني منها شعوب العالم خصوصا شعوب الدول النامية
دون أن يعني ذلك قتل الحوافز والمبادرات عند العلماء والباحثيين بل بالعكس
خلق حوافز جديدة لتوجيه نشاطاتهم نحو ما يخدم الإنسانية جمعاء بأكبر
قدر ممكن.
كل هذا يتطلب خلق نظام دولي جديد يقوم على أسس تأخذ بعين
الاعتبار مشاكل العالم الحالية والمتوقعة في المستقبل والتي يأتي في مقدمتها
في الوقت الحاضر مواجهة مشاكل التخلف التي يعاني منها حوالي ثلاثة
أرباع البشرية.
لكن منذ مدة والعالم يتكلم عن ضرورة خلق نظام دولي جديد أكثر
عدالة وأكثر مساواة. وانعقدت لهذا الهدف عشرات المؤتمرات والندوات
والجمعيات العمومية والخاصة لمؤسسات الأمم المتحدة وغيرها من
المؤسسات الدولية والإقليمية. ووسائل الإعلام تتكلم باستمرار عن حوار
»الشمال والجنوب «. لكن وحتى أشعار آخرفإن كل هذا »الزرع « لم يعط
حصادا أو ثمارا لأن كل هذه الحوارات والمؤتمرات بين القوي والضعيف
لايمكن أن تعطي النتيجة المرجوة التي لا تأتي بالتمنيات وبالاستجداء
وبالبلاغة وانما بتغيير موازين القوى لصالح الشعوب المقهورة.
كتاب: العرب أمام تحديات التكنولوجيا الذي بين أيدينا هو محاولة
متواضعة للإجابة على بعض هذه الطروحات والتساؤلات. وقد قسمناه إلى
ثلاثة أبواب: الباب الأول يتعرض ;فاهيم العلم والتكنولوجيا ودورهما في
عملية النمو والتنمية الاقتصادية. والباب الثاني مخصص لدراسة وتحليل
مشاكل نقل التكنولوجيا التي تواجهها الدول النامية بوجه عام والدول العربية
بوجه خاص. أما الباب الثالث والأخير فهو عبارة عن تأملات في أسباب
التخلف العربي في الماضي والحاضر.
وقد قسمنا الباب الأول إلى ثلاثة فصول. في الفصل الأول قدمنا
تحليلا مفصلا بعض الشيء لتطور العلاقة بين العلم والتكنولوجيا عبر
العصور. وتوصلنا إلى القول بأن التكنولوجيا سبقت العلم وأن التكنولوجية
حتى فترة حديثة كانوا روادا في مجالهم وكان العلماء يتطلعون إليهم للتعلم
من إنجازاتهم. فقط منذ لحظة في القرن الفائت بدأ رقاص الساعة يميل
للاتجاه المعاكس حيث بدأت التكنولوجيا تعتمد أكثر فأكثر على إنجازات
العلم وبدأ التكنولوجيون يعتمدون أكثر فأكثر على أبحاث العلماء. كما
ذكرنا أن تركيبة اﻟﻤﺠتمع وحاجاته والحوافز التي يوفرها كانت دوما العامل
الأساسي في تطور العلم والتكنولوجيا كما أن التطور العلمي والتكنولوجي
كان بدوره يفتح آفاقا جديدة أمام تطور اﻟﻤﺠتمعات والحضارات.
الاعتبار مشاكل العالم الحالية والمتوقعة في المستقبل والتي يأتي في مقدمتها
في الوقت الحاضر مواجهة مشاكل التخلف التي يعاني منها حوالي ثلاثة
أرباع البشرية.
لكن منذ مدة والعالم يتكلم عن ضرورة خلق نظام دولي جديد أكثر
عدالة وأكثر مساواة. وانعقدت لهذا الهدف عشرات المؤتمرات والندوات
والجمعيات العمومية والخاصة لمؤسسات الأمم المتحدة وغيرها من
المؤسسات الدولية والإقليمية. ووسائل الإعلام تتكلم باستمرار عن حوار
»الشمال والجنوب «. لكن وحتى أشعار آخرفإن كل هذا »الزرع « لم يعط
حصادا أو ثمارا لأن كل هذه الحوارات والمؤتمرات بين القوي والضعيف
لايمكن أن تعطي النتيجة المرجوة التي لا تأتي بالتمنيات وبالاستجداء
وبالبلاغة وانما بتغيير موازين القوى لصالح الشعوب المقهورة.
كتاب: العرب أمام تحديات التكنولوجيا الذي بين أيدينا هو محاولة
متواضعة للإجابة على بعض هذه الطروحات والتساؤلات. وقد قسمناه إلى
ثلاثة أبواب: الباب الأول يتعرض ;فاهيم العلم والتكنولوجيا ودورهما في
عملية النمو والتنمية الاقتصادية. والباب الثاني مخصص لدراسة وتحليل
مشاكل نقل التكنولوجيا التي تواجهها الدول النامية بوجه عام والدول العربية
بوجه خاص. أما الباب الثالث والأخير فهو عبارة عن تأملات في أسباب
التخلف العربي في الماضي والحاضر.
وقد قسمنا الباب الأول إلى ثلاثة فصول. في الفصل الأول قدمنا
تحليلا مفصلا بعض الشيء لتطور العلاقة بين العلم والتكنولوجيا عبر
العصور. وتوصلنا إلى القول بأن التكنولوجيا سبقت العلم وأن التكنولوجية
حتى فترة حديثة كانوا روادا في مجالهم وكان العلماء يتطلعون إليهم للتعلم
من إنجازاتهم. فقط منذ لحظة في القرن الفائت بدأ رقاص الساعة يميل
للاتجاه المعاكس حيث بدأت التكنولوجيا تعتمد أكثر فأكثر على إنجازات
العلم وبدأ التكنولوجيون يعتمدون أكثر فأكثر على أبحاث العلماء. كما
ذكرنا أن تركيبة اﻟﻤﺠتمع وحاجاته والحوافز التي يوفرها كانت دوما العامل
الأساسي في تطور العلم والتكنولوجيا كما أن التطور العلمي والتكنولوجي
كان بدوره يفتح آفاقا جديدة أمام تطور اﻟﻤﺠتمعات والحضارات.
تعليق