Announcement

Collapse
No announcement yet.

مسرح : متى يحاصرالحصار؟

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • #16
    رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

    المشــهد الــسابع

    [ بيت ياسين كما في المشهد الاول ياسين على الفراش وعلى جبينه عصبة وقد عاد اليه مرض اللقوة. يدخل حمدي مسرعا رابطا يده الى عنقه ]‏

    حمدي : صباح الخير‏

    سامية : أهلا استاذ حمدي‏

    حمدي : طمئنيني عن الاستاذ ياسين ....‏

    سامية : طمئناعنك أنت. لقد سمعت منه بعض ما جرى لك‏

    حمدي : بسيطة ، رضٌّ في مرفقي لا أكثر . المهم صحة الاستاذ ياسين ماذا قال لك الطبيب ؟‏

    سامية ؟ لم يقل شيئا لكن بعد الحاحي في السؤال عليه قال انه مصاب بلقوة حادة ويخشى من شلل نصفي وأعطاني هذه الوصفة الطبية‏

    حمدي : لا سمح الله . وهل أحضرتها له ؟‏

    سامية : نعم أحضرها ابني سلام وكان يعطي والده الدواء بانتظام طيلة الليل ومنذ دقائق غلبه النعاس فنام ((تتابع حديثها مستغربة مستنكرة )) تصور يا أستاذ حمدي حتى وهو على هذا الحال ما زال متعلقا بالكتب والمكتبة بين كل حين وحين لا أسمع منه سوى (الكتب . المكتبة . الكتب . المكتبة ) وكأنه لم يعد في هذا العالم شئ سوى الكتب والمكتبة كم مرة قلت له ياياسين يا عيني . يا قلبي . يا روحي بِعْ هذه الكتب وبثمنها نستطيع تحسين وضعنا المعاشي قليلاً لكنه لم يستمع لكلامي حتى حصل ما حصل .‏

    حمدي : ياأخت سامية لقد كان يشكو لي مما كنت تطلبين منه. يعني أَبَعْدَ كل هذا التحصيل الثقافي تطلبين منه أن يبيع الكتب ؟ وأن يعمل نجار باطون وما شاكل ذلك ؟ طلبك هذا ياأخت سامية ضرب من المستحيل وبيع الكتب ليس حلا لمشكلة .‏

    سامية : يعني ما وصلنا اليه برأيك هو حل لمشكلة ؟....‏

    حمدي : لا هذا ولا ذاك . على كلٍّ، الوقت غير مناسب للخوض في هذا الموضوع ياأخت سامية ليست الكتب هي التي أوصلنا الى ما نحن عليه . الذي أوصلنا الى ما نحن عليه هي هذه الأيادي الخفية التي يجب أن نَجِدَّ في البحث عنها لبترها لأَِنِهّا ان بقيت تعمل في الخفاء فهناك الكثيرون امثال الاستاذ ياسين سَيُعانون كما عانى وسَيحاصرون كما حُوْصِر .‏

    سامية : ألم تتوصلوا الى نتيجة ما ؟‏

    حمدي : والله ياأخت سامية كل واحد كان يتصور احتمالاً. لكني شخصياً أأكد بأن وراء كل ما جرى أيادٍ تستغلها امرأة بشكل او بآخر‏

    سامية : أمرأة ؟.....وماأدراك......‏

    حمدي: البارحة بعد ان ضُرِبْتُ . وأنا على باب الصالة سمعت وأنا بين الصحوة والغيبوبة أحد المتعاونين مع هذه المرأة يناديها باسم / سهير / فأَمَرَتْه أن يتولى أمر ابعادنا‏

    سامية : ألم تبلغ الشرطة بذلك ؟‏

    حمدي : طبعا ياأخت سامية لقد كَتَبَت الشرطة افادتي . والاستاذ ماهر معها يتابع الموضوع طيلة الليل. على كلٍّ لقد اتصلتُ به قبل قدومي الى هنا ووعدته أن نلتقي عندكم وعندما يأتي سنعرف منه فور وصوله آخر الاخبار‏

    ياسين : (( يئن من الألم. حمدي وسامية يهرعان نحوه ويتزامن ذلك مع دخول ماهر ))‏

    (ياسين) يستيقظ ويسأل حمدي بصعوبة بالغة (وفمه مائل من اللقوة) كيف حالك ياحمدي ؟‏

    حمدي : كيف حالك أنت ؟‏

    ياسين : (( يلحظ وجود ماهر )) ماهر أخبرنا ماذا جرى معك؟‏

    ماهر : طمئنا عن حالك أولا ياأستاذ .‏

    ياسين : ( متألما ) بخير والحمد الله . ماذا جرى معك ؟‏

    ماهر : والله ياأستاذ ياسين طُفْتُ مع الشرطة مساء البارحة أكثر أحياء المدينة نعرض أوصاف هذه المرأة لكل من نراه الى أن سألنا / وبطريق الصدفة / شابا كان يعرفها فَدَلّنا على بيتها وأكدّ لنا أن رجلا اسمه تيسير كان يزورها دائما وقد دعاهم الى حضور حفل له من تأليفه واخراجه .‏

    سامية : ليقبضوا عليها وليلعنوا ( أبو أبوها )‏

    ماهر : أحاطت الشرطة ببيتها وعندما لم يفتح الباب لهم احد دخلوه عُنوة لكنهم لم يجدوا في البيت أحدا‏

    سامية : لِمَ لَمْ ينتظروها حتى تعود؟‏

    ماهر : ياأخت سامية قلت لك ان ما يخطر على ذهنك بهذه العُجالة لا يغيب عن ذهن الشرطة لأن ذلك من اختصاصها والشرطة ما زالت تحيط ببيتها تساعدها في ذلك الجهات الامنية الاخرى لأن أمر هذه المرأة صار يهمها أكثر واكثر . اذ بعد أن دخلوا بيتها عثروا فيه _ اضافة الى صورها وصور بعض مساعديها- على بعض الأشياء الخطرة التي لها مساس بالأمن ويظهر أنها قبل هربها لم تستطع أخذ كل ما يتعلق بها‏

    سامية : الى أين ستهرب ؟ .. أألى جهنم وبئس المصير ؟. ليضربوا حصارا حول المدينة كلها.‏

    ماهر : الجهات الامنية تتوقع أنها غادرت المدينة . على كل لقد أرسلوا صورها الى الحدود كلها وَرَصَدُوا مكافأة مالية لكل من يقبض عليها او يساعد في القبض عليها.‏

    ياسين : ( بصعوبة بالغة ) وماذا عن تيسير .؟..‏

    سامية : (( مُعَقّبةً )) الله لا ييسر له أمر .‏

    ماهر : أيضا لم يجدوه في البيت يااستاذ ياسين فنصبوا حول بيته كميناً .‏

    سامية : يعني ( نقص ملح وذابوا ؟) هل اختفوا تحت الارض؟‏

    حمدي : وهذه الساقطة شلهوبة ؟.‏

    ماهر : داهمنا ملهى باربيكال لكنها لم تحضر البارحة لأداء فقرتها‏

    حمدي : اذا حتما لم يجدوا هذا الصحفي الدعي سعيد شلهوب .‏

    ماهر : نعم يا أستاذ لم يجدوه لكنّي متأكد بأنهم سيعثرون عليه لا محالة .‏

    حمدي : نأمل ذلك لأن شلهوب وشلهوبة لا يقلان خطورة عن سهير أبداً ظهروا معا ... ونفذوا مؤامرتهم معا . واختفوا معا ......‏

    (( ياسين يئن من ألم صدره ثم ينادي ماهر )) . ماهر . البارحة وأنا قرب باب المسرح كان هناك رجلان يُفْسِحان لي الطريق وأعرف أحدهما .‏

    ماهر : ما أسمه .‏

    ياسين : اعرف اسمه .لكني لا اتذكره الآن.‏

    ماهر : وما أوصافه ؟......‏

    ياسين : طويل ؟ أسمر ؟ بيته بجانب المسرح ينادونه ( أبو عزيز ) .‏

    ماهر : أبو عزيز ؟.. ( يتذكر الاسم ) لقد سمعت بهذا الاسم من قبل . فعلاً انه يسكن بجوار المسرح سأذهب الى هناك حالاً لأسأل عنه لعلّي أمسك رأس الخيط (يخرج مسرعا )‏

    ياسين : انتظر ... سأذهب معك .‏

    سامية : لا والله . لن أسمح لك بالتّحرك أبداً .‏

    ياسين : سامية .. ماهر لا يعرفه . أنا أعرفه .....‏

    سامية : يا عيني يا ياسين، دع غيرك يتابع الموضوع عنك .‏

    ياسين : ( وكأنه لم يسمع ما قالته سامية ) ساعِدَاني على الوقوف .‏

    سامية : يعني لن أدعك تذهب حتى لو التصقت السماء بالارض .‏

    ياسين : ( وقد تذكر الاسم ) تذكرت اسم الرجل . اسمه ياسر . ياسر أبو عزيز‏

    حمدي : (( يعيد الاسم متذكرا )) ياسر ابو عزيز ..... ((يلتفت نحو ياسين )) استاذ . ارتح أنت وأنا سألحق بالاستاذ ماهر لنتابع الموضوع معا .‏

    ياسين : (( مكابرا يجالد المرض )) لا . أنا سأذهب لأني أعرفه (( يحاول الوقوف فيقع على الأرض ))‏

    سامية : (( تحاول مع حمدي ايقافه لاعادته الى السرير فلا يفلحان الا بعد جهد )) ألم أقل لك : انك في وضع لا يسمح لك حتى بالوقوف ؟‏

    ياسين: (( وقد أدرك أن الشلل قد لحق به )) أه ...... انه الشلل ياسامية .‏

    سامية : (( تتصنع عدم معرفتها بذلك فتنفي ذلك مواساة له)) لا سمح الله يارجل .‏

    حمدي : (( يتصنّع أيضاً عدم المعرفة ويواسيه )) . توكل على الله ياأستاذ . وسيزول عما قريب‏

    ياسين : (( ينفي قولهما ويؤكد شلله من خلال حديثه المتقطع نتيجة الألم )) لالا .. أنه الشلل يا حمدي أه ...‏

    ((يئن من ألم قلبه )) ألألم يمزقني هنا .هنا . (( يشير الى جهة القلب )) حمدي .. (( يبلع ريقه بصوت مسموع)) أبلغ أعضاء الفرقة بأن يحاولوا تقديم عرضي المسرحي (( يزداد نطقه صعوبة )) يجب أن يرى الناس مسرحيتي ..لأنها .. تتحدث عنهم .. ((يتابع حديثه بصعوبة بالغة )) مسرحيتي ... يجب ..أن . تُعْرَضَ في .. ها ..ها ..هذه ...ال ... مر ..مر..حلة ...مس .. رح... حيتي ... مو . ضو. عها و . و. , . واو . وو. .وو .. (( يتلوى من ألم قلبه وتزداد اللقوة ))‏

    حمدي : أستاذ ياسين . ستُقَدَّم المسرحية لا محالة . وستلقي بنفسك كلمة الافتتاح أن شاء الله .‏

    ياسين : (( يحاول أن ينفي بشدة ما قاله ياسين باجابة تحمل أكثر من معنى )) واو .وو .أو . واو . ووو. (( ثم يطلب باشارة أن يعطوه ماء ))‏

    حمدي : (( يقترب من سامية )) أحضري له قليلاً من الماء وأنا سأتصل بالمستشفى لا سعافه (( سامية تدخل لتحضر الماء . بينما حمدي يتقدم نحو الهاتف وتتزامن لحظة مد يده الى السماعة مع رن جرس الهاتف فيرفع السماعة )) ألو نعم .. نعم ؟. عفوا ياأختي يظهر أنّ هناك تشابكاً في الخطوط .من فضلك ياأختي ضعي السماعة فلديّ اتصال ضروري . نعم ؟ .. نعم .نعم هنا بيت الأستاذ ياسين . أجل موجود ماذا تريدين منه ؟ .. أتريدينه شخصياً ؟ من حضرتك ياأخت ؟ . صديقته ؟.. تشرفنا (( وكأنه يقاطعها )) نعم نعم اعرف بأنك تتكلمين من المدينة لكن .. ما الاسم الكريم ؟ الله !!!... (( ينفعل بينما سامية تدخل لتسقي ياسين الماء )) ياأختي أنا صديقه وليس لدي متّسعٌ من الوقت للأخذ والرد معك لماذا تريدينه شخصياً ومن حضرتك ؟ أه !! . وكيف عرفت بأنني حمدي‏

    سامية : (( تسرع وتأخذ السماعة من يده )) ألو ..ألو . ((واذا بالصوت الذي يكلمها صوت رجل تُخاطب حمدي )) هذا صوت رجل لا أمرأة ..ألو ..ألو ..((تتعرف على الصوت الذي يكلمها )) تفوه ياابن الكلب / (( تضع السماعة بقسوة )).‏

    حمدي : خيرا يا سامية ؟ من هذا ؟ .‏

    سامية : من نبحث عنهم يا حمدي ما زالوا في المدينة ما زالوا في المدينة يا حمدي . ولم يغادروها . سأتصل فوراً بالشرطة (( تَتَّصِل بالشرطة متابعة حديثها مع حمدي))‏

    حمدي : لكن من تكلّمتْ معي أمرأة وأعتقد بأنها شلهوبة .‏

    سامية : ربما لأن هذا الرجل الذي اتصل بنا الآن هو نفسه الذي كان يتصل بنا سابقاً ليوتر اعصابنا ويطعن بأعراضنا (( ترد الشرطة فتتكلم سامية عن طريق الهاتف ...)) ألو ألو .. الشرطة ؟ أنا سامية الكاتب. نعم نعم زوجة ياسين الكاتب . من تبحثون عنهم ما زالوا في المدينة . ما أدراني ؟.. لا تسألني الآن. أقول لك انهم ما زالوا في المدينة يعني مازالوا في المدينة . سآتي اليكم بعد قليل لأشرح لكم كل شئ بالتفصيل "تضع السماعة على الهاتف".‏

    حمدي : لقد أبلغني الاستاذ ياسين منذ مدة أنكم قد تَقَدّمْتُمْ بطلب الى البريد لمراقبة الخط‏

    سامية : نعم . لكن لم يُجْدِ ذلك نفعاً لأن هذا الحقير كان يتصل بنا كل مرة من مكان وكل الأماكن التي كان يتصل منها بنا... كانت من أماكن عامة .‏

    ياسين : (( يحاول النطق تعقيبا على ما يجري )) واو .ووو . ووو .واو .واو . ((ثم يتلوى من ألم قلبه ))‏

    حمدي : اتَصلي بالمستشفى سريعا .‏

    سامية : (( قبل أن ترفع السماعة لتتصل بالمستشفى يرن الهاتف ترفع السماعه فتفاجأ بأن الرجل الذي كان يكلمها قبل قليل مازال يتكلم فتجيبه بانفعال شديد )) ولك - ياابن الكلب / أخرج عن الخط ودعني أتصل بالمستشفى . وتضحك أيضا ؟.. ياعديم الأصل ((تكلم نفسها )) مازالوا يحاصروننا حتى عن طريق الهاتف . (( تعود فتتكلم عن طريق الهاتف )) لك ياساقط / يا عديم الوجدان . أقول لك : دعني اتصل بالمستشفى (( تضغط مراراً على الفاصل لفصل الاتصال وياسين يئن من الالم ويحاول النطق وكأنه يريد الرد على الهاتف )) واو . وو.وأو. ثم يتلوى من الألم . ((الرجل مازال يشغل الخط تخاطب حمدي في حزن وانفعال شَدِيدَين )) هذا الرجل الحقير مازال يشغل الخط .‏

    حمدي : بسيطة .. دعي الهاتف . أنا أحمله على ظهري الى الشارع ثم نوصله الى المستشفى بسيارة عابرة‏

    سامية : (( قبل أن تضع السماعة ترد على ضحك الرجل الذي يتصل )) /ورصاص ان شاء الله هلضحك يفتح بجسدك مصايب /. ياعديم الضمير (( تضع السماعة بقسوة وتخاطب حمدي )) انتظر . سأوقظ ابني سلام ليساعدك على حمله (( وهي تتجه الى غرفة الأولاد يدخل ابنها من تلقاء ذاته ))‏

    سلام : (( الارهاق والنعاس بادِيَان عليه )) خيرا ياأمي ؟.‏

    سامية : سلام .ابوك متعبٌ جداً حاول أن تحمله مع حمدي الى الخارج لنأخذه الى المستشفى بسيارة عابرة أنا سألبس ثيابي وسأتبعكم فوراً .........(( تدخل مسرعة وحمدي وسلام يحملان ياسين ليخرجا به. يرن جرس الهاتف قبل أن يَخْرُجُوا يحاول ياسين أن يستنكر وَيَوَدُّ لو كان يستطيع الرد على الهاتف فيتلفظ بعبارات غير مفهومة وهو في أشد انفعال )) واو .وو . أو ..ووو .. (( تخرج سامية مسرعة للحاق بهم فيستوقفها رنين الهاتف الذي ما زال مستمرا وبعد أن تتخطى بسيرها مكان وجود الهاتف تعود وتقف أمامه برهة قصيرة متسائلة حيرى أترد أم لا ؟.. ثم تقطع حيرتها وترفع السماعة فتسمع صوت الرجل نفسه )) "تفوه" يا عديم الأصل "تضع السماعة بقسوة وتخرج"‏

    يعلو الرنين شيئا فشيئاً بتصاعد ملحوظ الى درجة يكاد يصم الآذان ويصل لحظتها الى مرحلة لم يعد الجمهور يطيق فيها سماع صوت الرنين يبقى الرنين مستمرا حتى بعد إسدال الستار .‏





    (( انتهت ))‏





    1/ 6/ 1994‏
    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

    Comment


    • #17
      رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      أخي الهادي

      دائماً حتى في أختيارك للنصوص إبداع

      شيء تفخر به واحتنا ليكون فيها مثل هذا العمل الأدبي المسرحي

      قراءة العمل المسرحي يتني عنا من أية إضافة

      حاصر الحصار من كافة جوانبه

      أعان الله المحاصرين من أمتنا أهل غزة وفك عنهم حصارهم اللهم آمين

      دمت اخي أمتعتنا وأدمعتنا

      Comment

      Working...
      X