النهضة العربية المتعثرة
* منذ سبعينات القرن الماضي وكرد فعل على هزائم وخيبات الفكر العربي بتنوعاته دشنت مرحلة جديدة في مسيرة النهضة العربية البائسة .. إذ اتصفت هذه الحقبة بقوة التطرف وتمايز الانشطار ..
ـ فمن جهة ظهرت إشارات لإعادة إنتاج الأصولية الدينية تحت يافطة (( الصحوة الإسلامية)) .. وقد شجعت الأنظمة العربية بل والغرب ولاسيما أمريكا على أعادة أنتاج الأصولية السلفية ( كمضاد نوعي ) لمواجهة الأصولية الدينية الشيعية المتصاعدة في إيران .. فكان الخطأ التاريخي / الكارثة الذي لم يلحق الأذى بالشعوب العربية والإسلامية وحسب بل جر الويلات على الشرق والغرب على السواء .. وبذلك استشرى الفكر التكفيري نتيجة الصدمة الاستعمارية الجديدة ، والتي تقودها أمريكا لتنتهي بالبلاد العربية إلى حركات تكفيرية الغائبة شعارها (( بُعثت بالذبح )) .. تحاول في سياق ممهاتها للحداثة بينها وبين الإلحاد – إنكار المقدس – لتحيل الحداثة إلى قمامة تتعفن بالشذوذ والمخدرات والهرطقة والاستغلال والاستعمار ، ومعاداتها للتيارات الأصولية المعتدلة والتي دخلت المعترك السياسي وتغييب دورها في الحياة السياسية، لتلحق بصفة الإرهاب على العرب والمسلمين، الضارة على الحياة السياسية في الوطن العربي برمته والتي تلحق به أشد الأذى على مستوى شعوبه ، وهو حكم استباقي للسياستين، مماهاة الحداثة مع الإلحاد ومعاداة الاعتدال الإسلامي في أي موقع لتوصيفه ، ضمن مخطط مؤدلج يغلق نوافذ الحوار مع كل تيارات الفكر العربي بكافة إيديولوجيتها المختلفة ، ويعمل على تغييب الآخر من نقطة الشروع.
ــ ومن جهة ثانية ظهرت دعوات تعلن بكل صراحة وبمنتهى التطرف وتدعو إلى الارتماء بأحضان الغرب والخضوع التام له .. (( إن إشكالية تمثل الغرب في الثقافة العربية تنهض أساسا من الانبهار العربي المستمر بالتفوق الأوربي منذ القرن التاسع عشر وبالتفوق الأمريكي اللاحق والحالي )) .. نتيجة قناعة صارت تترسخ في الكثير من ميادين الثقافة العربية عند اعتبار التفوق خاصية الغرب المؤبدة ، وقد أشار إلى هذه القناعة صادق جلال العظم ، في كتابه (( ذهنية التحريم )) عندما اسماها ميتافيزيقيا ((الاستشراف )) بسبب إرجاعها (( التفوق بين ثقافة وأخرى بين شعب وآخر .. الخ .. ، إلى طبائع ثابتة وليس إلى صيرورات تاريخية متبدّلة )) .. ولدت هذه الرؤية الجامدة إلى الغرب تيارين فكريين هما :
تعليق