إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رؤى في الشعر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رؤى في الشعر





    رؤى في الشعر



    الشعر، والأدب عموماً، تشكيل لغوي ، وهو التعبير الأسمى والأجمل عن فكر الأمة وحياتها وقيمها وطموحاتها .... وهو تعبير من إنشاء العقل والخيال معاً ، عبر أفراد تجلت فيهم وتوهجّت في أعماقهم ملامح أمتهم وخصوصيتها في كل مكان وزمان .

    فالشعر، بما هو تعبير عن فكر الأمة وحياتها، يعد تعبيراً تاريخياً، يتطور بتطور الأحداث والوقائع، ويتجلى بأشكال متجددة، ويكنز بمضامين متغيرة، وإن كان بعضها من بعض ، فتطور الأشكال في الشعر تطور تاريخي متماسك يتحاشى الطفرات والقفزات.

    وبما أنّ الشعر من إنشاء العقل والخيال معاً فهو ليس وصفاً أو محاكاة، وليس انعكاساً ساذجاً للواقع, إنّه خلق وإبداع في حقيقته وجوهره، ويستغرق الواقع والممكن معاً

    وبما أنّ الشعر من إنتاج أفراد فهو تعبير ذاتي أصيل موسوم بطابع مبدعه, ويحمل بصماته الشخصية المتمايزة والمنفردة. وهذه الذات المبدعة لا تكتفي بنفي خارجها، وإنّما تعمل على إبداع هذا الخارج على صورته ومزاجها وحسب وعيها، ثم لا تتورع بعد ذلك عن إعطاء هذا الخارج، الذي أبدعته وأعادت إنتاجه، طابع اليقين والكلية فهو المعادل الموضوعي للخارج.

    إنّ النص الشعري لا يمكن أن ينهض بذاته، متحاشياَ العقل والوقع والتاريخ وشروط الحياة ومعطياتها، وهو مرتبط بالنشاطات الإنسانية ويستلهمها في مضامينه ، دون أن يكون ذلك على المستوى الجمالي والفني في النصوص الشعرية الحقيقية

    وليس صحيحاً ما يروجه بعض النقاد، على أنّ الحضور القوي للواقع ومعطياته كان حائلاً دون الارتقاء الفني في جميع الحالات جميعاً، فالمشكلة في الشاعر وليس في المضامين، أقول ذلك لأن ارتباط الشعر بمحيطه ارتباط حتمي لا فكاك منه، ثم إنّ الشعر ينطلق من الوعي بغض النظر عن إدّعاءات بعض الشعراء، فالشعر لا يمكن أن يكون شعراَ حقيقياً إلاّ إذا وعى ظروف محيطه ووعى حقائق الحياة عموماً ثم قام بتمثلها وامتلاكها.

    والشعر إذ يموّه العام بالخاص فإنّه لا يحط من قيمته أو يتبرأ منه، لأنه بكل بساطة، يؤمن بأنّ العام أسمى من الخاص، وأنّ المطلق أسمى من النسبي ... ولكن تقنية الشعر وطبيعته، تجعل العام يتجلى في الخاص، والمطلق في الفردي، والعقل في الشخص.... إذ دون الخاص والفردي والشخصي.... لا يكون العام والمطلق والمعقول والكلي .....أكثر من إمكانية مثالية مجردة, وهنا تكمن مهمة الناقد، ليكشف عن هذا العام والمطلق والمعقول والكلي... في صلب الشاعر يتظاهر بغير ذلك.

    ومع ذلك هاجس الشاعر هاجساً جمالياً بالدرجة الأولى، ويبقى النص الشعري الذي ولد في الأساس متناقضاً مع النصوص التي تستخدم اللغة استخداماً نفعياً وأداتياً ليستخدمها هو استخداماً تشكيلياً. إنّه لا يهتم بالمعنى قدر، اهتمامه بشكل المعنى، أعني بالبنية التي يتورط المعنى بارتدائها، بحيث يصبح النص بنية فنية مكتفية بذاتها، وليست مضطرة للحصول على أية مصداقية من خارجها.... ويغدو النص أقرب ما يكون إلى اللعب بالكلمات وبالصور، طالما أنّ الكلمات لا تقل شأناً عن المعنى الذي ندبت لحمله، وطالما أنّ التعبير بالصور يمثل إستراتيجية التعبير الشعري
    قال الجاحظ ( إنّ المعاني مطروحة في الطريق، يعرفها العجمي والعربي، والقروي والبدوي، إنّما الشأن في إقامة الوزن، وتخيّر اللفظ، وسهولة المخرج، وصحّة الطبع، وكثرة الماء، وجودة السبك.... إنّما الشعر صياغة وضرب من التصوير)
يعمل...
X