دراسة في "ظاهرة الشعر الحديث" لأحمد المعداوي
بقلم : أحمد اتزكنرمت
1 ـ المضمون الفكري لمدخل الفصل الأول: الشعر العربي بين التطور والتطور التدريجي:
يؤكد أحمد المعداوي أن حركة تطور الشعر العربي مرهونة بتوفر شرطين أساسيين هما:
1. الاحتكاك الفكري بالثقافات والآداب الأجنبية:
وقد تحقق شرط الاحتكاك الفكري في الشعر العربي منذ العصر العباسي والأندلسي فأثمر تجارب المتنبي وأبا نواس والمعري وبشار ابن برد المتميزة، كما تحقق هذا التطور فنيا في شعر الموشحات الأندلسية على مستوى الإيقاع العروضي، أما العصر الحديث فأثمر تيارات تتفق على الخروج بالشعر من إطار التقليد إلى حدود التجربة الذاتية.. وفي هذا الصدد يقول أحمد المجاطي:" غير أنه لابد من القول بأن الشاعر العربي لم يكن يتمتع من الحرية بالقدر المناسب، ذلك أن النقد العربي قد ولد بين يدي علماء اللغة، وأن هؤلاء كانوا أميل إلى تقديس الشعر الجاهلي، وأن المحاولات التجديدية التي اضطلع بها الشعراء في العصر العباسي، لم تسلم من التأثر بتشدد النقد المحافظ. لا، بل إن هذا النقد هو الذي حدد موضوع المعركة، واختار ميدانها، منذ نادى بالتقيد بنهج القصيدة القديمة، وبعدم الخروج عن عمود الشعر، فأصبح التجديد بذلك محصورا في التمرد على هذين الشرطين، وفي ذلك تضييق لمجال التطور والتجديد في الشعر العربي."
2. التوفر على قدر من الحرية كي يعبر الشعراء عن تجاربهم :
إلا أن غياب شرط الحرية ضيق مجال التطور في الشعر العربي خاصة عند هيمنة علماء اللغة على النقد الأدبي فقدسوا الشعر الجاهلي، وجعلوا من القصيدة الجاهلية المثال والنموذج المحتذى. مما فرض على تيارات التجديد التدرج في تطوير الشعر العربي. وقد عرف الشعر العربي الحديث حركات تجديدية كثيرة ارتبطت:بنكبة فلسطين وهزيمة 1967 التي زعزعت الوجود العربي التقليدي ، وفسحت مجالا واسعا للحرية ، مما فسح المجال لظهور حركتين تجديديتين في الشعر العربي الحديث:
حركة اعتمدت التطور التدريجي في مواجهة التقليد (التيار الذاتي: الديوان، الرابطة القلمية، جماعة أبولو).
حركت ظهرت بعد انهيار التقليد وكان التجديد عندها قويا وعنيفا يجمع بين التفتح على المفاهيم الشعرية الغربية ،والثورة على الأشكال الشعرية القديمة، بغرض التعبير عن مضامين نجمت عن معاناة الشاعر وواقعه الذي تشكل هزيمة 1967 ونكبة فلسطين 1947 سمته العامة إضافة إلى الشعور بالاغتراب في عالم بدون أخلاق (الشعر الحر).
تعليق