إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إلى أين يود أن يأخذنا ( أدونيس )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إلى أين يود أن يأخذنا ( أدونيس )


    إلى أين يود أن يأخذنا ( أدونيس ) ...!!!


    من كتاب (ورّاق يبيع كتب النجوم) الذي صدر حديثا للشاعر الكبير (أدونيس) نقتبس: (لا أحب الكتابة السهلة الهضم، أو التي تُقرأ لتسهيل الهضم. لا أحب الكتابة التي تقدم نفسها بوصفها الدواء. الكتابة المنشطة، المنعشة. لا أحب كتابة المتأدبين، المصلحين، المتصالحين- أصحاب الرسالات. لا أحب الكتابة- البكاء، والشكوى، والنحيب، والانزواء، ورؤية الذات منكوبة لا يشغلها إلا أن تبرئ نفسها وتتهم الآخرين. ص122). بعد قراءة سطور (أدونيس) هذه لا نستطيع سوى أن نطالبه بأن يكون بمستوى طرحه، وأن يقدم مفهوما جديدا لكتابة غير عادية تتجاوز المألوف وتنقلنا إلى عالم من المغامرة الإبداعية بتقديم نص خارق يتجاوز العادي الذي عهدناه.
    لنبدأ القراءة من الغلاف الذي كان من تصميم (أدونيس) أيضا، وهو يخلو من مصطلح تجنيسي، ربما لأن (أدونيس) أراد أن يكون نصه مفتوحا على أكثر من احتمال. وهذا ما وجدناه حقا في الكتاب، ولكن هل هذا الانفتاح كان لصالح النص الأدبي بالنتيجة؟!.
    يمكن التأكيد أن الكتاب معظمه من الشعر، ولكن بعض صفحات هذا الكتاب قد أربكت القارئ كثيرا، ليس لأن النص الأدبي تجاوز الشعر وخصوصيته في بعض سطوره، بل لأن النص تجاوز السرد الأدبي عامة، بل ودخل أنفاق الكتب العلمية، والمقالات الصحفية، والموسوعات التعليمية!.
    وكي لا يقال إن كلامنا مجرد تهويمات فراشة رغبت أن تحرق نفسها لا أكثر، نقتبس: (وكنت أقرأ ما كتبه العالم الأنتروبولوجي الأمريكي راينه بالومبيت عن أنواع من القرود في سومطرا تسمى جيبون Les gibbons. أمضى ست سنوات في دراستها. في أثناء ذلك، شاهد قردة شابة مات زوجها، فتركت عائلتها، وهاجرت إلى عائلة سكنت معها عدة شهور، وتزوجت أكثر من قرد، ثم رجعت إلى عائلتها الأصلية! بقي أن أشير إلى أن سهيل إدريس يترجم جيبون في المنهل بكلمة شِقّ، قائلا: هو جنس من قرود أشباه الإنسان. ص15 ). لا أنتقص هنا من حق العالم الأمريكي أو المترجم العربي، ولكن ما القصد من الحديث عن هذه القردة الشابة التي مات زوجها؟!.

  • #2
    وندهش أيضا، ولكن ليست دهشة القارئ المأخوذ بمتعة القراءة، عندما تقع عيوننا على سطور أخرى تتحدث عن الكوارث البيئية: (كنت قد فرغت آنذاك من قراءة كتاب عن مرض البحر المتوسط. في الكتاب أن علو المياه في هذا البحر ينقص سنويا، مترا ونصف المتر! وأن العلماء، استنادا إلى ذلك، يرون أن هذا البحر سينضب نهائيا بعد ألفي سنة، إذا لم يعوض ذلك النقص!. ص16+17). فهل يعتقد (أدونيس) الشاعر أنه يستطيع إنقاذ البحر من خلال قوله هذا؟!. طبعا لا أدين هنا (أدونيس) ولكن أجد أن هذا ليس مجال تخصصه، فهل يقبل هو الشاعر أن يأتي عالم متخصص في علم الزلازل لينظر في مستقبل الشعر بعد ألفي عام؟!.
    ثم يأخذنا (أدونيس) في رحلة غير متوقعة، أي ليست في مجال المخيلة الشعرية، بل في مجال العلوم الزراعية: (لهذا النبات صفات أخرى، فهو حليف الغابات في نضالها الصعب البطيء، ضد غزو آخر تقوم به السباسب والمفازات. فهو، بفضل ورقه الكثير والرطب في أثناء الفصل الجاف، ينهض ستارا واقيا ضد النار. وهو في ذلك يدعم كفاح النباتات الأخرى، تلك المليئة بالماء ضد النار. ص19). طبعا مثل هذه المعلومة مفيدة كغيرها من المعلومات التي قدمها (أدونيس) بأسلوب وطريقة البرامج العلمية والتعليمية، ولكن ليس مجالها في هذا الكتاب، أي إذا كان (أدونيس) لديه اهتمام واسع بالعلوم، ولديه رغبة في الكتابة في هذا المجال، فليكتب كتابا تخصصيا، وبذلك ينجي كتابه من هذه الهفوات.
    ثم ينتقل (أدونيس) إلى مجال آخر، وتخصص جديد، وتقارير جديدة فيقول: (وكنت قد انتهيت من قراءة تقرير آخر لمنظمة الصحة العالمية، يقول: ستكون الحياة في القرن المقبل أكثر صحة، وأفضل، وأطول مما كانت في أي وقت مضى. تقرير متفائل؟ ربما. لكن الشيء الذي يؤكده هو أن النمو السكاني في العالم، سيقل- فيكون بمعدل ثمانية آلاف مولود في الساعة، سنة 2025، مقابل تسعة آلاف ومئتي مولود في الساعة، حاليا. وسوف تقل كذلك نسبة موت الأطفال، دون سن الخامسة. ص18).

    تعليق


    • #3
      ومثل هذه الكتابة تربكنا حقا، فهل بين أيدينا كتاب في مجال الأدب أم كتاب علمي يسجل بالأرقام إحصائيات معينة؟. ولن ندخل في تفاصيل التقرير، أي هل نسبة الولادات القليلة ستكون في الدول الفقيرة ليقل استهلاكها للطعام وغيره، لتوفير نسب حيوات أفضل لسكان الدول الأوربية، أو الأسر الغنية التي لها الحق في التمتع بإنجاب الأطفال؟!.
      وبعد ذلك لن يدهشنا (أدونيس) عندما يغادر الكرة الأرضية لينطلق إلى الفضاء الخارجي: (هذا الكوكب ضخم، يتكون من الغاز، ويعيش في منفى، بعيدا عن منظومته الكوكبية. وليس له اسم، وإنما يعرف بهذه الحروف TMR-IC. وهو أول كوكب، خارج المنظومة الشمسية، يشاهد مباشرة بفضل آلة تصوير للأشعة تحت الحمراء في التلسكوب الفضائي Hubleص21(.
      حقا، ما المقصود من هذا كله، هذا السؤال يبدو مبررا عندما لا نجد أن مثل هذه الإقحامات غير الضرورية في نص أدبي يمكن أن يستغني عنها دون أن يعتوره الخلل، بل بالعكس نجد أن الإصرار على إيراد هذه الإدخالات مجرد محاولة لا مبرر لها في نص لم يكن بحاجة إليها.
      إنني أعتز حقا أني من قراء (أدونيس) ومتابعيه، وأكن له الاحترام والتقدير، وهذا ما جعلني أطرح مثل هذه الأسئلة على نفسي، وعلى القراء، وربما على (أدونيس) نفسه، فما معنى هذا كله؟!.
      أختم قراءتي لكتاب (ورّاق يبيع كتب النجوم) بسطور منه لعل القراء الكرام يفهمون ما استعصى علي: (أحب، على العكس، الكتابة- الطاقة، الكتابة- الفضاء. حيث يتآلف/ يتصارع إيقاع اللغة، وإيقاع الجسد، وإيقاع العالم. حيث تتمسرح أعضاء الجسد في بيت اللغة، وتتمسرح اللغة في بهو العالم. الكتابة- المسرح الشامل، حيث تنعرض الأشياء والأفكار بتناقضاتها وتمزقاتها- سواء ما اتصل منها بالأخلاق والقيم العامة، أو بالتاريخ والتراث، أو بالجسد وأهوائه، أو بالفكر وصبواته. ص122(.

      تعليق

      يعمل...
      X