« تأملات في النقد الأسطوري »
النقد الأسطوري Mythocitique : هو النقد الذي يبحث في النص
عن الوحدات الأسطورية فيعود إلى الهيكلية الأسطورية الأولية ، ويبين ما أصابها من إضافات أو تزيينات .
وهذا يعني ضبط الموضوعات التي تتجلى فيها الأسطورة الأولية ، ثم ضبط الحالات التي تظهر فيها الشخصيات ، وفي النهاية وضع العمل في المكان المخصص له إلى جانب الأعمال الأخرى ، أو بمعنى آخر القيام بنوع من المقارنات لتحديد العمل الجديد .
ويعد نورثروب فراي من أهم نقاد المذهب الأسطوري في الغرب ، فقد نشر كتابه « تشريح النقد » - محاولات أربع - حاول فيه تأسيس منهج لتحليل الأعمال الأدبية هو المنهج الأسطوري .
وقد بناه على نظرية - يونغ - في الأنماط الأولية القابعة في اللاوعي الجمعي للبشرية أو الذاكرة الجمعية للإنسان ، فأولى - فراي - في هذا الكتاب أهمية فائقة لنظرية « الأنماط العليا أو النماذج البدئية » التي تعني أن كل إنسان يرث من جنسه قابلية لتوليد « الصور الكونية» التي وجدت منذ دهورٍ سحيقة في النفس حين كان الإنسان مرتبطاً بالطبيعة ، وهذه الصور الكونية تتحدد بمضامينها وأشكالها ، فمثلاً : « كل يوتوبيا تسعى لاستعادة العصر الذهبي ، تكرار لجنة عدن .. جمهورية أفلاطون ، شيوعية ماركس ، الفردوس المفقود لملتون . صور نمطية تكرر النمط الأعلى أو النموذج البدئي الذي هو جنة عدن » .
فالأسطورة التي تواجهها الناقد في الأدب تختلف من جهات شتى لا من جهة واحدة عن الأسطورة التي يواجهها عالم الانتربولوجيا - علم الإنسان - في ميدان عمله .
لقد غذّاها الفن والتاريخ فعادت خلقاً جديداً أو كالجديد ، وهو خلقٌ مكتمل يحتمل قراءات شتى ولكنه لا يحتمل الإضافة .
وتسمية النقد الأسطوري ظهرت أول ما ظهرت في المقالة الثالثة من كتاب - تشريح النقد - لنورثروب فراي ، وكان ذلك في الخمسينات ، وقد رأى فيه أن الأنماط الأولية هي أساطير لابد أن تتجلى في الأدب ، ومهمة النقد الأدبي هي الكشف عن هذه الأنماط وإظهار مدى الانزياح والتعديل والانقطاع والتغيير وأساليب الأداء الجديدة التي خضعت لها ، فكل نقد أدبي لابد أن يكون نقداً أسطورياً مادام الأدب فناً مجازياً يرجع إلى الأنماط الأولى .