إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفنان التشكيلي السوري(( يوسف عبدلكي )) نجم يسطع في سماء حمص

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفنان التشكيلي السوري(( يوسف عبدلكي )) نجم يسطع في سماء حمص

    الفنان التشكيلي السوري(( يوسف عبدلكي ))
    نجم يسطع في سماء حمص

    إتحاد الفنانين التشكيليين - حمص
    يدعوكم لحضور إفتتاح معرض
    يوسف عبد لكي
    المكان حمص - صالة الشعب للفنون الجميلة - شارع عبد الحميد الدروبي
    الزمان : يوم الأربعاء الموافق /13/10/2010/ - الساعة السابعة مساءً
    حيث يستمر المعرض لغاية 22 تشرين الأول 2010م
    دوام الصالة يومياً من الساعة 10 - 14 من الساعة 18- 22
    للإستعلام الرجاء الإتصال بالرقم : - 2487860 - 031

    هذه الصورة مصغره ... نقره على هذا الشريط لعرض الصوره بالمقاس الحقيقي ... المقاس الحقيقي 1632x1520 .




    يوسف عبدلكي اسم كبير في عالم الفن التشكيلي السوري و العالمي. و يسرني ان نفتح له هذه الصفحة المتواضعة تكريماً لفنه و اسهامه الكبير في دفع الفن التشكيلي السوري الى مستويات ارقى و ارفع !
    كان يوسف عبدلكي و لازال ثورياً متمرداً في فكره و فنه.ان اختلفت مع آراءه او اتفقت الا انك لا تستطيع الا ان تحترم و بعمق حسه الوطني و صدقه الفكري الذي تجسد في اعمال قدَرها الغرب و الشرق !
    ميوله السياسية اليسارية أثرت على طبيعة اعماله و لكنه لم يدع هذه الميول تقيد فنه و تجرفه الى قوالب الايديولوجيا الجاهزة فعرف كيف يبقى وفياً للواقع من جهة و ان يطلق لفنه حرية الاستكشاف دون السقوط في هاوية الفن من اجل الفن من جهة اخرى .
    نشأ في اسرة تعشق الفن و الابداع و السياسة و البحث عن اللامألوف , والده كان كذلك و ابن عمه الاكبر المعماري يوسف عبدلكي هو الآخر من عمالقة فن العمارة الحديث في سوريا و كبير مصممي مسجد الشيخ زايد الشهير في ابو ظبي و مؤسس جامعة الوادي.

    يوسف عبدلكي الفنان الوطني المتمرد الحالم الجامح الرافض للقيود و الباحث ابداً عن عوالم غير مكتشفة في الفن التشكيلي...هذا الفنان السوري الكبير ...نعتز به و ننقل هنا بعضا من اعماله تعبيراً عن تقديرنا.


    و انقل لكم اولاً مشاركة الاخ العربي عن الفنان يوسف عبدلكي في موقع آخر من المنتدى :

    سنين طوال بدون جواز سفر .. اقصي عن المكان فحمل الوطن لوحات والوان وعندما عاد لم يرغب بزيارة موطن ولادته القامشلي لانهم ماتا ابواه ولم يراهما .. ويريد أن يحتفظ بصورة القامشلي التي أحب وكما هي في مخيلته فخاف أن تسقط اللوحة من الذاكرة ..

    يقول مرصد نساء سوريا

    ثلاثون عاما من الغياب والترحال بلا جواز سفر بين صالات العرض والمطارات، بعد أن سقطت سهواً تأشيرة دخوله إلى شوارع دمشق القاسية، برجالها الفضوليين، والحانية، برفقة الأصدقاء، يوسف عبدللكي، فيض من رماد الموتى تأتوا لوناً ، رائحة، إضاءة عبر مواشيره المرهفة والجارحة في آن معاً، يوسف عبدللكي الرمز الذي لطالما خبأناه في ذاكرتنا خوفاً أن يمزق حصانه الجدار ويتركنا وحيدين..

    من هو يوسف عبدلكي ؟؟!!

    يوسف عبدلك فنان تشكيلي سوري ولد في القامشلي / سوريا عام 1951 وحصل على إجازة من كلية الفنون الجميلة بدمشق عام 1976 و على دبلوم حفر من المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس عام 1986 ثم الدكتوراه من جامعة باريس الثامنة عام 1989 .

    أقام أول معارضه الفردية عام 1973 في دمشق ، كما أقام العديد من المعارض في تونس والقاهرة والأردن وبيروت والشارقة ودبي...، ويقتني المتحف البريطاني (The British Museum) في لندن أربعة أعمال له (عملين من عام 1993 وعملين من عام 2004)ومتحف معهد العالم العربي (Institut Monde Arabe) في باريس عملين(1990 و1995) ومتحف دينه لي باين (Digne-Les-Bains Museum) بفرنسا عملين من عام 1986 كما يقتني متحف الكويت الوطني أربعة من أعماله (2004) في حين يقتني متحف عمان للفن الحديث عملاً من أعماله الفنية (من عام 2003)

    بدأ عمله في الكاريكاتير منذ سنة 1966م، وكان ذلك بتشجيع من والده الذي أحب العمل السياسي كذلك رسم للأطفال في كتب للأطفال وفي مجلات للأطفال وشارك في عدة تظاهرات للرسوم الكاريكاتورية.

    غادر دمشق إلى باريس وفي جعبته إجازة كلية الفنون الجميلة بدمشق ، واكمل هناك علومه في الفن و حصل على دبلوماً في الحفر من المدرسة الوطنية العليا للفنون بباريس، وأتبعه بدكتوراه في الفنون التشكيلية من جامعة باريس الثامنة .

    يعد يوسف عبدلكي اليوم من أشهر فناني الحفر العرب، وأبرز فناني الغرافيك وتصميم الملصقات والأغلفة، والشعارات، كما يعدّ من الفنانين المهمين في مجال الكاريكاتير كما صدرت له عدة دراسات في الكاريكاتير
    العربي.

    (...........................)

    اعترض على لوحات يوسف البعض ... متسائلين لماذا تلبسها السواد على سوادنا ...
    وجاء في صحيفة النور للحزب الشيوعي السوري مقالا مطولا يتحدث عن هذه اللوحات

    معرض يوسف عبدلكي تحس بالرهبة، أو يتملكك الخشوع كأنك تدخل ديراً مهجوراً، كما كتبت زائرة على دفتر الذكريات، تحس بالاختناق، وأرجلك لا تستطيع الوقوف طويلاً أمام الأعمال المخيفة، المرعبة، القاسية، الصامتة...

    عبدلكي جاء ليدفن أشياءه الثمينة هنا، جاء ليدفننا معها، كي نحيا سقطة الموت الواحدة...

    عائدٌ إلى دمشق..

    عائدٌ بالسواد الذي لا ينتهي!

    من يقف أمام لوحاته يرَ انعكاس أرواحنا، وأرواحنا انعكاساً لها - جدلية الحياة والموت، الأبيض والأسود، الوطن والغربة، النور والظلام، الجمال والقبح، كل التناقض في منظومة واحدة هي نحن، نحن: الأجيال التي انهزمت كثيراً!


    هذه مجموعة صور لبعض لوحات الفنان يوسف عبدلكي :














































































    أتذكر انه في بداية الثمانينيات سيطرت على اعمال الاستاذ يوسف عبدلكي تشكيلات احصنة جامحة ميزت اعماله لعدة سنوات . للأسف لم اعثر على الانترنت لاي صورة عن اعمال تلك المرحلة فارجو ممن لديه صورة ما عن اعماله في تلك الحقبة ان يشاركنا بها هنا.

    الفنان يوسف عبد لكي العربي الأصل سوري المنشأ عالمي السمعة والشهرة، حول هذا المبدع تلقيت رسالة من الأستاذ عبد الكريم العفنان الذي كان له الجهد الكبير في إعداد ذلك الملف تحمل رسالته موضوع مادة رائعة يمكن للقارئ من خلالها التعرف عن قرب على عالم الفنان يوسف عبد لكي، جاءت بقلم الناقد علي الكردي الذي يأخذنا إلى أعماق هذا الفنان بأسلوب شيق يجبرنا على الاستمرار ويضيف لنا الكثير من خفايا إبداع الفنان يوسف، سعدنا بهذا المقال ونسعد بأن يشاركنا المتعة به بقية القراء.

    يقول الناقد علي الكردي إن أعمال يوسف عبدلكي الغرافيكية تستعصي على القراءة، وعلى الرغم من ذلك فهي أعمال تستفز المشاهد، وتحرضه على مغامرة الخوض في غمار سياقاتها، وتركيباتها، وعناصرها المكوّنة التي تنهض على لغة بصرية، تعلن منذ البداية تفرّد صاحبها، وتميّز تجربته الإبداعية التي حفرت مسارها على مدار أكثر من ثلاثين عاماً، حتى باتت عنواناً هاماً له مساحته الخاصة في المشهد التشكيلي السوري والعربي على حدّ سواء. ويواصل الناقد علي الكردي قراءته حول الفنان يوسف عبد لكي قائلاً: أعتقد أن الهاجس الإبداعي لعبدلكي، منذ بدايات تجاربه الأولى كان ينحو باتجاه خلخلة القواعد والمعايير المتعارف عليها، وإعادة صياغتها وفق منظوره الخاص، دون أن يعني ذلك إخلاله بالنسب الهندسية، أو القواعد الجمالية التي يستمد المنتوج الفني مشروعيته من خلالها، وللدلالة على ذلك نعيد للذاكرة أعماله عن دمشق القديمة التي عرضها في المركز الثقافي الروسي في مطلع سبعينيات القرن المنصرم.

    في تلك الأعمال قدّم عبدلكي عمارة البيوت الدمشقية القديمة بخطوط مختزلة، وبتلخيص شديد، وبالتالي قدّم رؤيته الجمالية وحميمية ارتباطه الروحي بهذه البيئة بشكلٍ مثير للدهشة، وبعين ثاقبة كشفت جمالية تلك الجدران المتهالكة، المائلة التي تتكئ على بضعها بحنوّ شديد، مستخدماً الأبيض والأسود.. والتناقض بين الخط والفراغ ليبرز ثراء هذه العمارة وقيمها التشكيلية والجمالية، بعيداً عن تصويرها الفوتوغرافي، بوصفها محاكاة للواقع كما هو.

    في أعماله الغرافيكية اللاحقة، على اختلاف تقنياتها، سواء كانت في الحفر على الحجر، أو الزنك، أو النحاس، أو الحبر الصيني على الورق، وبشكلٍ خاص في (مجموعة الخيول 1973 -1980، انتقل عبدلكي إلى مرحلة جديدة برزت خلالها قوة امتلاكه لأدواته سواء لجهة قوة الخط الذي يحدّد ملامح اللوحة، أو الشغل على الظلال وتدرج الأبيض والأسود.. أو قوة التكوينات، والقدرة على التأليف التي تمنح لوحته دلالات متعددّة، تتيح إمكانية قراءتها على مستويات مختلفة، فإذا كان الحصان -كما هو شائع- رمزاً للحرية والجموح، والانطلاق في فضاء فسيح، فقد كانت بعض أعمال مجموعة (الخيول) تعطي هذه الدلالة، كالحصان المكبّل الذي يشرئب رأسه في مساحة العتمة، وفي لوحة أخرى نرى كبوة حصان رأسه غارقاً في العتمة، يكافح بكل قوته لكي ينهض نحو الضوء، لكن عبدلكي لم يقف عند هذه الدلالة الرمزية الشائعة للحصان، بل عمل من خلال تحوير الشكل (شكل الحصان) إلى إعطاء دلالات أخرى مضادة له، وهنا تبرز قدرته الإبداعية على التأليف، وتحوير المضامين بتحوير الأشكال، فرسَمَ الحصان الرمادي المضاد كرمز للوحشية، والعنف، والقسوة، وتطورت هذه المرحلة بإدخاله عناصر جديدة راحت تكتنز بها لوحته التي باتت مليئة بالرموز المركبة: الإنسانية والحيوانية والأسطورية، بالإضافة إلى مفردات حميمية من حياتنا اليومية التي اغتال القمع جمالياتها.

    كل هذه العناصر المركبة كانت تحتشد في لوحته، وتتجاور دلالاتها المتناقضة جنباً إلى جنب.

    في لوحة (كل صباح - حفر على الزنك - 1986) نرى انسياب الخطوط اللينة للرجل المكبّل والمرأة المقموعة، تتجاور مع الخطوط الحادة لرأس الوحش الذي يخيّم على مائدتهما الصباحية.

    مجموعة أشخاص

    في مجموعته الغرافيكية (أشخاص 1989-1995 غاب الحصان وحضر الإنسان، لكن أي إنسان هذا طالما أن الفنان قادر على تحوير الشكل بمهارة فائقة، وبالتالي تغيير الدلالات؟! في هذه المجموعة يبرز العنف، ويتجلّى استعراض القسوة في أكثر أشكالها حدّةً، وبروحٍ تهكمية ساخرة، وقد توزّعت أعمال هذه المجموعة بين الأبيض والأسود (حفر) وبين لوحات ملوّنة (تقنيات مختلطة + باستيل)، لكنها توّحدت بدلالاتها الرمزية التي نسجت تنويعات متعدّدة على الموضوع ذاته.

    طبيعة صامتة..!

    في مجموعته الأخيرة تحت عنوان (طبيعة صامتة..- 1995 - 2007) (فحم على ورق) التي شاهدنا قسماً منها في معرضه في خان أسعد باشا، وقسماً آخر في معرضه الأخير في (غاليري أيام)، يمكن وضع خطين تحت كلمة (طبيعة صامتة..)، لأن أعمال تلك المجموعة تطرح سؤالاً مشروعاً على المتلقي، وهو بالفعل سؤال محيّر: هل ما نشاهده في اللوحات هو طبيعة صامتة، تحاكي تشكيلياً مفردات موجودة في الواقع، كالأكواب، والزجاجات الفارغة، وعلب السردين والأسماك والأزهار الميّتة؟! أم ثمة أبعاد أخرى تختبئ خلف هذه الأشكال يريد عبدلكي تمرير أو بث رسائله من خلفها، وفي هذا السياق إذا كانت اللغة البصرية بأبعادها الفنية والجمالية هي لغة قائمة بذاتها، وبالتالي لا تحتاج إلى التأويل الكلامي لكي تصل مدلولاتها إلى المتلقي، فهل يكتفي عبدلكي في هذه المجموعة بالشغل على اللغة البصرية؟! يبدو لي أن الأمر مركب، وأكثر تعقيداً من ذلك، فإذا كان عبدلكي في هذه المجموعة من أعماله أكثر استرخاءً، إلا أننا لا نستطيع القول: إنه غادر كلياً مراحله السابقة المحمّلة بأثقال العنف والقمع، والصراعات الدامية، وإن تكن أعماله الأخيرة بدت أقل قسوة، وإلا لماذا نرى السمكة الميتة مثبّتة بالمسامير، والجمجمة مقيّدة بالسلاسل؟! أو القبضة المقطوعة وكأنها حيّة ومشدودة الأوتار؟! بعض القراءات التي تناولت أعمال عبدلكي قالت: (إنه يريد تحريك الطبيعة الميتة، لا الصامتة)، وهو قادر على ذلك من خلال امتلاكه لأدواته التي تؤهله اللعب باقتدار على تدرجات الأبيض والأسود، وظلالهما في كل ملم من لوحته، الأمر الذي يكسبها الغنى والجماليات.

    مثل هذه القراءة قد تضيء جانباً من المسألة، لكنها لا تعطي الجواب الكافي على السؤال الأساسي الذي يظلُّ محيّراً.

    فهل نحن أمام إشكالية (السهل - الممتنع) ذلك السؤال الذي يستعصي على الإجابة؟! الفنان الناقد أميل منعم في مقاربته لأعمال عبدلكي، قدّم إضاءات يمكن أن تكون مفاتيح مهمّة لفهم وتذوّق تلك الأعمال على نحوٍ أدق، على الرغم من أن أعمال عبدلكي تثير الدهشة لدى المشاهد، وتستحوذ عليه بدقة تكويناتها، وقوة خطوطها، وغنى ظلالها، وجمالياتها، وبالتالي تفرض نفسها عليه، دون الحاجة إلى أي تأويل إضافي، لكن إذا ما أردنا تجاوز مرحلة الدهشة والإحساس الشعوري باللوحة إلى البحث عن أبعادها، وإدراك ماهية هذه الأبعاد على مستوى الوعي، للوصول إلى المغزى العميق الكامن خلف تلك الأعمال، لا بد من الاتكاء على بعض المفاتيح لاستجلاء ما انغلق منها.

    يبدو أن عبدلكي في أعماله الأخيرة، تقصّد عن سابق وعي وتصميم تحطيم (المقاييس الكلاسيكية المحدّدة لإطار اللوحة طولاً وعرضاً)، وبالتالي تجاوز النسب الهندسية المتعارف عليها، باعتبارها قانوناً يقدّم لكل موضوع ما يناسبه من حيّز بصري (يشكّل فيه موضوع الرسم مركز اللوحة وغايتها) كما يقول إميل نعيم، بيد أن هذه المغامرة لا يستطيع أي فنان أن يقدم عليها ما لم يكن واثقاً أولاً من سيطرته على أدواته سيطرة كاملة، تمكّنه من اللعب الحر على مساحة اللوحة، وبالتالي إخضاعها إلى تصوّره الخاص، سواء لجهة بناء اللوحة، ومعمارها الفني، أو لجهة الدلالات التي يودّ بثها بناءً على هذا التصوّر.

    من المفيد الإشارة هنا، إلى أن عبدلكي الذي درس وعاش في فرنسا فترةً طويلة من الزمن، قد أُشبع نظرياً، وبصرياً، وثقافياً من خلال الاطلاع والاحتكاك على تجارب الغرب، ومدارسه الفنية المتنوّعة، لكنه في الآن ذاته أصر بعنادٍ شديد على أن يكون له صوته المتفرّد وبالتالي يمكن القول: إن صيرورته الفنية مرّت بمخاض معقّد من المسارات إلى أن وصلت إلى هضم وصهر كل هذه التأثيرات، وإعادة إنتاجها وفق رؤيته ومنظوره الخاص للأشياء، الذي يمنح لوحته هويتها الشرقية بامتياز، لكن المدهش في هذا السياق أن نرى ملمحاً من ملامح تأثيرات الفلسفات الشرقية، بمخزونها التأملي.. الروحاني تفعل فعلها في أعماله الأخيرة.

    وبالتالي تشكّل خلفية، أو مرجعية من مرجعياته، حيث يبرز اهتمامه الشديد بتوضّع الشكل ضمن حيّ كبير من الفراغ، لا بل يمكن القول: إن اهتمامه بالفراغ الذي يغني فضاء اللوحة، لا يقل عن اهتمامه بالشكل الذي يتوضّع في متن اللوحة، وهذا الأمر يتسق مع اهتمامه بنقل النوافل، أو المفردات الهامشية في حياتنا إلى متن اللوحة، وبالتالي تسليط الضوء عليها ليبرز مفاتنها، حيث يصبح الشغل على غصنٍ، ونصل سكين، أو فردة حذاء، أو علبة سردين أو رأس سمكة ومسمار معقوف هاجس أعماله الأخيرة، وبهذا المعنى يمكن أن نفهم لماذا قال منعم: (إذ يحرف الفنّان مفاهيم عن أنساقها المعتادة ويقوّض في نسيج الواقع بعض مسلّماته، تبدأ لوحته بالاكتناز).

    من الجرأة بمكان أن يحوّل عبدلكي مسماراً معقوفاً إلى لوحة تشكيلية تكتنز بالجمال والدلالات، ولنا أن نتصوّر صعوبة البناء المعماري الفني على تلك المفردة الفقيرة يقول منعم: لقد أنشأ الفنّان لوحة من لمعة بيضاء في مربّع أسود. من مسمار مفروز ومعقوف على مستطيل مظلم وخلفية أشد ظلمةً.

    والمسمار لبساطة شكله المتناهية وضحالة قيمته، يصعب الرهان عليه ليقوم برهاناً على المهارات الفنية، حيث لا تداخل مساحات ولا تجاويف ولا تنوّع سطوح ومستويات تسمح له بالإفادة من التدخلات الحرفية التي تغنيه بالحركة والظلال ليشّع ويضطلع بعبء المساحة الطاغية. لكن المسمار، رغم ذلك، يملك قابلية اكتناز المعنى. يستمده من تاريخ ثري تسبح في فضائه ذكريات طويلة عن التعذيب والقسر والمقاومة والصلابة، وهي ما تمنحه جدارة الحضور.

    من المؤكد أن عبد لكي في رحلته الأخيرة (طبيعة صامتة..؟) لم يغادر مراحله السابقة كلياً، ولعل اللوحة الطولانية المهداة إلى (جميل حتمل) تبثُّ رسالةً بهذا المعنى أكثر وضوحاً من سابقتها، فضمن إطار عمودي مغلق من الجانبين، تتموضع الأشكال مفصحةً عن سطوة العنف، ودرامية الموت، عندما ينغرز نصل السكين المعدني اللامع على السطح الغارق في عتمته.

    هذا النصل النازل بقوة من الأعلى، شبيه بالقدر الذي لا رادّ له، وهنا يبرز التأليف الذي يحمل المعنى من الكتلة النقيض التي تتموضع في أسفل اللوحة على شكل عصفور يحمل من الهشاشة والطراوة واللطافة ما يبرز التضاد الحاد مع عنف نصل السكين اللامع الذي يشي بوقوع الجريمة بمواربة تنقذ اللوحة من مباشرتها.
    شكرا مرة أخرى على هذا القسم الأكثر من رائع





    ان الوقوف على فن يوسف عبدلكي هو ليس بالوقوف السهل لأننا أمام فنان .. يعرينا .. بل يرينا زيف تغاظت عيوننا عنه .. ان ألوان عبدلكي هي ألوان الأبيض والأسود بتجرد لامثيل له .. يلاعب اللوحة ويحتل مساحاتها
    لايكفي أن ينظر الواحد منا على ماوجد في لوحات يوسف انما ماأسقطه عنوة , كي يشاركه الأخر في اتمام اللوحة ..

    لماذا كل هذا السواد ..
    لماذ كل هذه الأحذية ؟







    يقول الدكتور علي الحافظ
    هل هي سفينة نوح للخلاص ..
    أي الأحذية نختار: أحذية عبدلكي الكبيرة، المفزعة، الثقيلة , الحذاء يمشي فوقنا، نلبسه بدل قبعاتنا؛ ونحن ندخن السيجار الكوبي، نتكلم عن الوطن، والحب، والموت...

    حتى في المجهر لن ترانا، ولن ترى أراضينا، أحذية كبيرة تحمل رجالا ً صغاراً، صغاراً جداً!
    كل أشيائك كبيرة يا يوسف: جماجمك، أحذيتك، كؤوسك، علبك، أسماكك، لوحات ضخمة، وفراغ فكري هائل، فراغ أضخم من فراغنا الأبدي!


    ولماذا هذه الجماجم المكبلة والسكاكين ورؤس الأسماك ..؟



    يقطع بالفحم رأس سمكة، ويثقب أخرى وسط الضوء بمسمار، ليصنع من هذه العناصر مسرحاً بصرياً يحمل أبطاله عتمة الواقع وأمل يوسف عبدلكي. أحذية وزنابق وجماجم وفجل وعظام بشرية... يمثل كل واحد من هذه العناصر لوحة تتراوح بين أقصى الضوء وأقصى الفحم، يصوّر من خلالها بلداناً تتراوح بين أقصى الظلم وأقصى اللجم.




    يجيب عبدلكي لماذا فعلت بالسمك كل هذا

    هذه العناصر أو المشخصات موجودة كثيراً في مجتمعنا، لكن كل فنان يعطيها معنى ودلالة مختلفة ويعالجها بطريقة مختلفة عن غيره، فالوردة والديك والحصان والسمكة عناصر متكررة ملايين المرات بتاريخ الفن منذ أيام الكهوف، الأهم كيف ترسم السمكة؟ أي دلالة تعطيها؟، بالنسبة لي السمكة تشعرني بالقدرة على تحدي الموت، فاتساع حدقتيها ولمعة حراشفها تشعرك أنها حيّة رغم معرفتك بموتها، تنظر إلى العالم المحيط بعينيها الجاحظتين وتقف بين الحياة والموت وتتحداهما، العنصر الجاذب لي من حيث المعنى، إنها طاقة تعبيرية كبيرة وقادرة على الإيحاء المتجدد وهي تختلف من وقت لوقت حسب درجات النور، لذا أراها عنصراً غير قابل للاستنفاذ، يمكن أن يقضي الفنان كل عمره في العمل عليها، وأنا أعمل عليها منذ أكثر من عشر سنوات ولم تستنفد ولن تستنفد.

    ولماذا هذه الجمجمة المكبلة

    يجيب عبدلكي ...

    ألا ترى أن حياتنا مفروض عليها الموت، هناك موت للقيم، للنبالة، للحرية، للكرامة... وهناك قيود وأسر في كل الحقول، أشتغل دوماً على عنصر وأضيف إليه بعض الإضافات لتأكيد معناه، وظفت على بعض العناصر دلالة ثانية غير دلالتها الأولى التي تكفي بحد ذاتها، كسمكة ميتة ومثقوبة بمسمار أو مقطوعة الرأس، أي موت فوق الموت... عنف وقسوة تتعدى الأولى، والجمجمة المربوطة أيضاً كذلك، جاءت لتتعدى كل ما ترمز إليه الجمجمة.


    يباغتك.. عبدلكي أكثر من هذا ... بل يحلق عانة المسميات

    في إهداء الفنان كتابه المرافق للمعرض المتمثّل بالعبارة التالية: «إلى كوليزار: قوّادة المحل العمومي في القامشلي في منتصف سنوات القرن الماضي
    من هي كوليزار .. هي من أنقذت والده في الخمسينيات عندما اعتقله رجال الأمن وانهالوا عليه ضرباً على باب مدخل الفرع تتدخل كوليزار وتصرخ هل أنتم وحوش؟»، ثم قرّرت ألا تمضي وتترك الرجل إلا إذا حضر رئيس الفرع وأمرهم بالتوقّف عن ضربه. ولأن الجميع كانوا من زبائنها فقد لبّوا أمرها
    يقول عبدلكي بعد هذه الحادثة كان يقول والدي
    العاهرات يحملن من الإنسانية في دواخلهن أكثر من هؤلاء».
    لماذا يتذكّر الفنان كوليزار بعد خمسين عاماً؟ هل هو الوفاء؟ أم لأن ثمة ما يستدعي حضورها؟ لا شك في أن الوفاء صفة أصيلة لهذا التشكيلي المهووس بحرائق الذاكرة، لكن ثمة أيضاً واقع يكرّر ذاته منذ خمسين عاماً، واقع يجعل من العاهرة جميلة جداً لأن حجم العهر المحدق بنا أكبر وأفدح وأعظم!




    يوسف عبدلكي .. حمل الوطن وحمل رسالته معه ولايرغب ان يتنازل عنها .. هو الفنان المبدع صاحب الهم والقضية ...



    ابن الفرات





    يوسف عبدلكي في غفلة من الوقت والوطن ورائحة الياسمين في حواري دمشق والحقيبة الصغيرة وأقلام الرصاص واسكيتشات الرسم وصور الكاريكاتير ومشاريع الرسائل التي لم تصل إلى أصحابها وأحجار وأسمال باكية، وفي جيب السترة الممزقة جواز السفر الذي استخرج على عجل من مكاتب الأمم المتحدة في دمشق.

    يقول عبدلكي .. أمضيت 25 عاما في فرنسا لم أحصل على أوراق الجنسية الفرنسية وبقيت محروما من جواز السفر السوري 17 سنة متواصلة ولم اقبل الحصول على جواز سفر فرنسي. وأعتبر ذلك دلالة تشير إلى أن هويتي الحقيقية والدائمة هي هوية فنان عربي يعيش في بلد أجنبي. ولكن قطعا أنا فنان عربي. هل رأيت يوما فنانا فرنسيا غير معتز بفرنسيته، وهل رأيت فنانا يابانيا غير معتز بيابانيته. ولماذا لا نعتز بانتسابنا للعروبة ولسوريا،




    لايفارقه هم الوطن يحمله ويرسمه.. وردا على من قال انه رسم اشياء كبيرة .. نعم عبدلكي كبير يحلم بوطن كبير وبرجال كبار .. لايحلم بالصغار

    لايتوقف عند الابداع في الفن... انما ينافح عن الاثار العربية المسروقة .. والتي سرقت وتعرض في المزاد العلني في فرنسا
    فيكتب لوزارات الثقافة العربية في الاردن والعراق واليمن ومصر وسوريا .. يعرض لهم اين ستباع وماهي اللوحات
    وهذا جزء من بعض النفائس التي يستغيث لكي ينقذوها
    ويذكر من النفائس السورية .. مثلا
    ـ تمثال تدمري لملكة متكئة علي ذراعها اليسرى، من الحجر الكلسي. يعود الي القرن الثاني الميلادي بطول 39سم.
    2ـ تمثال تدمري من الحجر الكلسي لإله القمر محاطا بنسرين. من القرن الثاني الميلادي
    3ـ تمثال لرأس امرأة من الرخام الابيض. من العصر الهلنستي.
    4 ـ تميمة مسطحة بعينين واسعتين، من تل براك. الالف الرابع قبل الميلاد.
    5 ـ قطعة نحت لرأس نسائية مدهشة الرقة من العصر الهلنستي.
    6ـ قطعة موزاييك بيزنطية، تمثل شجرة مثمرة، من القرن الخامس الميلادي.
    7 ـ رأس اميرة من الحجر، من حفريات ماري، يعود الي 2500 سنة قبل الميلاد.
    8 ـ عربة نادرة جدا من المعدن، بأربع عجلات كبيرة يجرها ثوران، من الحقبة ما قبل الحثية. الالف الثاني قبل الميلاد.


    انه الفنان الجامع .. والعارف بالفن .. والذي يعرف ماذا يريد من الفن ..وكيف يستخدم الفن لمواطن هذه الاوطان
    وينافح عنهم ....
    انه أيضا الفنان الساخر الذي يستخدم الكاريكاتير .. أداة تعبيرية يتحدث من خلالها عن الهموم اليومية للمواطن العربي .. وينقلك للهم الجمعي العام .. للوطن العربي


    وهذه بعض من رسوماته الكاريكاتيرية الجميلة











    تحية لهذا الفنان الجامع الذي اثرى الحياة الثقافية في بلده والعالم
    كبير أنت يايوسف كما هي لوحاتك .. بكبر الوطن الذي تحلم به , وطن الرجالات الكبار ..

    والشكر موصول للأخ دينو على فتح هذه المساحة الجميلة للفن التشكيلي في سوريا ..

    ابن الفرات


    يوسف عبدلكي الذي نراه متربعاً بين مجموعة من أعماله، يعيش منذ أيّام كابوساً كافكاوياً... فحين حاول دخول محترفه الباريسي (الصورة)، قادماً من دمشق حيث يمهّد لعودته النهائيّة إلى وطنه بعد النفي الطويل، اكتشف أن المكان فارغ ويشغله مستأجر آخر! هناك عصابة استولت على المحترف، وسرقت محتوياته الفنية التي تقدّر بعشرات آلاف الدولارات، ثم أعادت تأجيره بموجب عقد مزوّر. أما تدخّل الشرطة والقضاء، فقد يستغرق بعض الوقت حسب القوانين الفرنسيّة التي تحمي المستأجرين. / نرجو لفناننا عبدلكي استعادة كل مقتنياته ولوحاته الفنية .







    كعادته من بعد ظهيرة كل يوم يصل الرسام إلى محترفه، الأسود والأبيض، هدأة المكان واللهفة المستكينة لأشيائه، ضوء النهار القابع خلف النافذة حيوان سيثب إلى الداخل مفلتاً طريدته المثقلة بالضجيج.

    وكعادته من كل يوم يُعِد يوسف عبدلكي قهوته قبل أن يُباشر عمله، نجلس في انتظاره ربما لأن اللوحة تحتاج إلى لحظة المخاض هذه قبل أن تخرج إلى النور، ربما لأنه يحتاج إلى مساحة صمت يخط عليها أفكاره وهواجسه قبل أن تكر مسبحة الكلام.

    يوسف عبدلكي:

    لا أعرف ماذا أسميها! أشياء ليست كلها أشياء، طبيعة صامتة ليست صامتة، طبيعة ميتة، أين الموت في كل هذه الخلايا النابضة؟ طبيعة ساكنة، ليست كذلك أيضاً، فحتى جدران الأسمنت المسلح ليست ساكنة، طبيعة جامدة.. ربما.. ربما إذا قُصِد من ذلك إنما يراد رسمه حي، ولكنه يجمِّد نفسه للحظة مثلما كان أجدادنا يجمدون عيونهم أمام آلة التصوير القديمة في الشوارع، ومن ثُمَّ ليعاودوا الحياة بعدها.

    هكذا هي موضوعات هذه المجموعة، وردة أرسمها اليوم وأضعها غداً أمام النافذة لتتابع حياتها القصيرة، قوقعة.. قوقعة حتى وأنا أخطها على الورق تواصل شهيق وزفير الهواء الذي يصدمها باستمرار. هذه.. هذه بعض الوساوس أمام هذه الأعمال اليوم.. اليوم لأنه يأتي وقت أبعد من اختبارات هذه اللحظة، وقت يرسم فيه الرسام بالأسود على الفضاء الأسود، وقت يظهر فيه ما لا يُرى، يمحوه كي.. يجليه، لا يعود الرسم أقلاماً وورقاً، بل سفراً في العناصر. عند انتهاء العمل فراغ.. فراغ جسدي كأن الدماء غادرت كل الشرايين.



    ** يوسف عبدلكي لم يفرغ، ولم يتمم لوحته بعد، مِنْ أي مكان ترسم؟ وهل اختلطت دماؤك بدماء (باريس)؟

    يوسف عبدلكي:

    باريس هذا المكان اللي أنا عايش فيه ما عم بيؤثر بشكل مباشر على الشغل تبعي إلا بمعنى إن واحد عم يطلِّع ويشوف وتصير له فرصة، ما بيقدر الحقيقة يشوف هي أعمال وأعمال أصلية، وأعمال كتير كثير مهمة، لو كان موجود ببلد تاني من بلدان العالم الثالث يعني، بس غير هاي.. هذا الشيء اللي له علاقة بالحقيقة –-خليني أقول- بكمية الاطلاع، وبالتالي بكمية مراكمة الخبرة البصرية، المكان نفسه ماله وجود بالشغل تبعي، شغلي بالحقيقة مبني على كل الدينامو الخاص تبعي، الدينامو الجواني تبعي.

    أنا إذا رجعنا شوية لورا أنا الحقيقة لما جيت لهون جيت لهون أقعد فترة مؤقتة وأرجع، هلاَّ وبعدين ما أتيحت لي الفرصة أرجع لأسباب سياسية إلى آخره، بس بدون خياري بالحقيقة هو نفس الخيار السابق، بمعنى خيار إنه أشتغل هون، أدرس، أخلِّص، أرجع.

    هلاَّ هاي فترة الأخيرة عم تمط، وتمط، وتمط، صار لها 15 سنة عم بتمط يعني، بالتالي إنه هو بالحقيقة عجز عن إنه واحد يتأقلم مع الجو كذا، واحد يا أخي مش مقرر، هذا المكان بشكل أو بآخر لا يعنيني، فما عندي أنا دوافع جوانية حقيقية إنه أنتمي له، انتمائي الحقيقي اللي بالمعنى كتير كتير هيك اللي –خلينا نقول- كتير هيك الوجداني والعاطفي والإنساني يعني موجود بمكان ثاني، وبالتالي منه موقف -خليني أسميه- سياسي أو أيديولوجي أو بطيخ من الأسماء هذه ما له علاقة بكل القصص.

    قصة إنه أنت قد أيش حاسس حالك آخذ بالحقيقة هيك الحيِّز الحقيقي تبعك، هون أو مكان ثاني، أنا حاسس إنه حيزي الحقيقي هو مش هون. بهذا.. بهذا المعنى أنا بأحس حالي إنه قاعد بلحظة انتظار، بس هاي لحظة الانتظار ما عاد فيها وأنا متكتِّف إيديا، عم بأشتغل بالحقيقة المشروع تبعي اللي لازم أشتغله اللي أنامقتنع إنه لازم أشتغله، سواء كنت هون أو محل آخر، هلاَّ بتقول لي: إنه إذا كنت قاعد بباريس مثل لو كنت قاعد بحمص؟ علاقة طبعاً مختلف، لاشك.

    أنا تصوري كل مكان غير مكان الواحد الأصلي تبع طفولته ومراهقته هو مانه مكانه، أي مكان حتى ببلده، لكن كمان الواحد –بشكل أو بآخر- بيقدر يعمِّق هاي الهوة بينه وبين المكان، وبيقدر الحقيقة يصغر، هذا شيء ما مرتبط بس بقراره، مرتبط كمان بالمكان اللي بده يستقبله، قد أيه شو هو قادر الحقيقة على استقباله أو استقبال أي مهاجر آخر، أو أي بني آدم آخر.

    بس بالنسبة للحالة تبعي أنا بالتحديد أنا أصلاً بالحقيقة لم أبذل مجهود، أنا صار لي 20 سنة ولا خطر لبالي أعمل معرض بباريس، ما بتخطر ببالي الفكرة ولا تعنيني.


    ** تتحول باريس إلى قاعة انتظار، فهل تُراه سيقيم في اللوحة كي يضفي إلفة ما على وحشة هذا المكان؟

    يوسف عبدلكي:

    يعني في ناس بيعتقدوا إنه –كتاب أو رسامين- أو.. إنه شغلهم عملهم هو –بشكل أو بآخر- انتمائهم، وبالتالي بشكل أو بآخر يعني بأشوف أنا حيلة حتى يلفوا على السوق الأساسي اللي هو إنه فعلاً وين بلدهم؟ بمعنى أو بآخر أنا بأعتقد بالحقيقة كل بلدان العالم هي أنا بحق لي تكون بلدي، مثل ما بلدي يمكن يكون هو بالحقيقة حق لكل الناس بالعالم، بس كمان بيحق للواحد إنه يكون ينتمي إلى ضيعة، و إلى شارع، وإلى حارة، وإلى زاروبة، هذا حقه مثل ما ذاك حقه تماماً، والاثنين ما بيختلفوا عن بعض ولا بيتناقضوا مع بعضهم.

    وإذا كان شغل الواحد –بشكل أو بآخر- بيشكل له انتماء، أنا بأشوف إنه هذا شيء يمكن يكون بالحقيقة كمان حقيقي.

    بس هذا ما بيلغي السؤال الثاني، إنه فيه عندك أنت حيز ولدت فيه، وولدت فيه مفاهيمك، وعواطفك، وطريقة حبك، وكيف بتشوف الناس والعالم والفكر، والبشر، والبني آدميين، وبالتالي كمان هذا حقك، مو بس إنه حقك انتمائك للوحتك أو للقصيدة تبعك وإلى الرواية، وإلى آخره، كله حقك، فما فيه داعي الواحد يتنازل عن واحدة من حقوقه بالحقيقة.


    ** لم تتنازل يا يوسف عبدلكي عن الحق ببلدك، ولكن ها أنت تقرع منذ سنوات فهل فُتح لك؟

    يوسف عبدلكي:

    أنا ما بأعتبر إنه بلدي مو عاطيني حق، أنا بأعتبر إنه هناك فيه قرار سياسي، عند شيء واحد موظف (معت) معبا غبرة على مخه، وعلى المكتب تبعه، وما بيشوف ضو، ولا بتيجيه شمس متخذ قرار إنه أنا ما بأروح على بلدي، طبعاً ها اللي عم بأحكيه صورة كاريكاتورية يعني، عم بأعمل إشارة بكل بساطة لكيف بيأخذ قرار، كيف بيفكر، كيف بيفهم إنه حق البشر بهاي الحياة، هذا هو الشيء (المعت) و(المرط) واللي معبا عليه غبرة.


    ** لنتصور أنك عُدت، أفلا تخشى أن تكتشف أن الأمكنة تشيخ وتموت كما يشيخ الناس؟

    يوسف عبدلكي:

    هي اللي .. بدها قصة؟! أنا عندي صار حصاري من جوة حصاري فظيعة بأعتقد إنه روح شوف بلد ماله علاقة بالبلد اللي موجود بذاكرتي، بس الشيء يمكن يكون مؤلم بالنسبة إلي هو إنه ما عم تتاح لي الفرصة من 20 سنة لهلاَّ أجرب هذا المكان، أشوفه إن هو بالحقيقة هو مكاني أو مكان آخر؟ هو بالفعل أنا بأنتمي له وبينتمي لي أو هو ما بينتمي لي ولا بأنتمي له؟

    هذا الشيء يمكن مؤلم بالنسبة إلي أو لآلاف الناس ثانيين اللي ما بتتاح له إنهم.. ما بتتاح لهم الفرصة إنهم بالحقيقة يجربوا، يشوفوا إنه صح أو إن عم يركبوا قصور على أوهام.



    ** سافرت لوحاتك لتعرض في الشام مراراً، فهل كنت كمن يُرسِل بعضاً من روحه إلى الأهل فيما يبقى جسده أسير أبواب موصدة بآلاف الأقفال؟

    يوسف عبدلكي:

    يعني أعمال أنا بتروح.. بتروح ع الشام وبتنعرض (...) والله ما بأدري!! يعني.. يعني من سنوات طويلة بالحقيقة أعمالي بتروح ع الشام وبتنعرض، وأنا قاعد ما بأتحرك من هون.

    بأحس الواحد كأنه عم يبعت للبلد، أو يبعت –بالتحديد- لأصحابه، للناس اللي بيحبهم وبيحبوه كأنه عم بيبعت لهم هيك رسالة يقول لهم فيها: إنه.. إن هم موجودين معه، وإنه –بشكل أو بآخر- الـ.. العصب تبع كل شغل هو بالحقيقة هناك.



    ** ما العصب الثاني لعمله (الكاريكاتير) إن كان يُشكل بالنسبة إليه نافذة أخرى يُطل منها على هموم البلد والناس؟ وهل أتاحت له مثلاً إقامته في باريس هامش حرية ما؟

    يوسف عبدلكي:

    بالحقيقة بلشت أشتغل كاريكاتير سنة 1966م، وعملت الرسوم الأولى بعد هيك بتحريض غير مباشر من والدي اللي كان يعني مهووس بالسياسة بشكل فظيع.

    اللي بيصير إنه أنا بالحقيقة لأني بعيد عن البلاد اللي أصلاً بتطلع فيها الصحف اللي بأشتغل لها فأنا ما بأسمح لحالي بالحقيقة أشتغل على قصص لها علاقة بهيك الأحداث الاجتماعية، والأحداث القريبة من الناس كثير، لذلك من حوالي 20 سنة بالحقيقة ما بأشتغل غير عن الأحداث السياسية والأحداث الدولية يعني، وبالتالي ما بأتعرض أبداً ولا بحياتي سمحت لحالي أتعرض للمشاكل الاجتماعية اللي بتصير بالبلاد العربية.

    الواحد الحقيقة واحدة من الشغلات اللي بيحسد الأوروبيين فيها هي هذا الهامش الكبير من حرية الرأي ومن الديمقراطية الموجودة بصحفهم يعني، وبالرغم من إن الواحد عايش هون صار له سنوات طويلة، لكن ما بأعتقد حالي إنه هيك غفلان على المدى الكبير اللي.. الموجود للرقابات العربية على الصحف. بس رغم هيك بالحقيقة على طول عندي يعني مبدأ بأشتغل فيه: إنه أنا بأشتغل الأفكار تبعي كما أشاء أن، وخلِّي الرقابة تعمل، الرقابة اللي بدها إياه.

    على طول باحاول أستبعد الحقيقة الشرطي اللي ممكن يكون موجود بقلب كل واحد منا، وخلِّي هاي المهمة للناس الثانيين اللي هم بدهم ممكن يكونوا شرطة، هاي هذا شيء بالحقيقة بيعذبني، بأي معنى بيعذبني؟ بيعذبني بمعنى إنه بأعمل رسوم كثير وما بتنشر أو ما فيها أصلاً الصحف بتنشرها يعني، بالتالي الواحد بيصير أحياناً بيشتغل أكثر بكثير من المفروض، الواحد بيعرف بالحقيقة حدود (الأمان) بيعرف إنه شو يمكن بالحقيقة يرسم.. يرسمه وينشر وشو اللي بيرسمه وما بينشر، رغم هيك أنا بأرسمه وخليه ما ينشر معلش.

    أُفضِّل هذا الحل على أنه أشتغل على طول –مثل ما قلت- بالشيء المضمون نشره، لكنه –بشكل أو بآخر- بيُنتقص بحيز كبير من هامش الحرية الصغير اللي بأحسه.



    ** وكل هذا العنف الذي يُشكِّل قاسماً مشتركاً بين أعمال الكاريكاتير ومجموعة كبيرة من اللوحات، ماذا عنه؟

    يوسف عبدلكي:

    العنف الموجود أحياناً برسومي الكاريكاتير هو بالحقيقة هيك العنف السياسي المباشر، وبالتالي هادولا يمكن هي تكون أكتر رسومي اللي يمكن تكون معرضة للرقابة يعني، بينما بشغلي الثاني –خاصة بالفترة اللي اشتغلت فيها المجموعة اللي أنها سميتها "مجموعة أشخاص"، واللي عملتها يعني من نهاية الثمانينات تقريباً لسنة 95لـ هاي العنف مش بس الشخصيات فيها بتضمر عنف كبير وكذا، لأ.. حتى طريقة الشغل فيها عنف كبير، وفيها يعني قسوة بالخط، بالنقل بين الأبيض والأسود، بـ (الكنترستات)، بالتناقضات الأبيض والأسود إلى آخره.

    فالعنف ما عاد بتعبر عنه فقط بالشخصية، العنف صار هو البنية تبع العمل كله على بعضه. بأحس أنا إنه فيه عندي مخزون كبير من اختزان هذا العنف اللي بأشوفه ببلادنا ومجتمعاتنا، واللي بتمارسه السلطات بشكل فيه كتير هيك أحياناً حتى سفاهة على مواطنين تبعها، بأشوف ها الاختزال كبير لهذا العنف اللي غير مبرر، وما فيه شيء إنساني، ولا شيء شرعي ولا كذا، إنه لابد ما يطلع بشكل أو بآخر، فبتحسي إنه بلادنا مو بس إنه يعني فيها هيك تركيب سُلطوي عنيف وكذا إلى آخره كمان جاية من تاريخ كبير بالحقيقة بالعنف.

    وهذا العنف كمان ما بيشوفه بس الواحد بالحقيقة بهيك، مستوى واحد بس سياسي، بيشوفه كمان حتى بين علاقات العائلة، وبيشوفه بعلاقات العمل، وبيشوفه بالمدرسة والجامعة وبكل المجالات، يعني بالشارع.

    بس كما بالحقيقة دولنا (الوطنية) بعد الاستقلالات كثير كرستها، وبالتالي عملتها بالحياة هي بشكل أو بآخر الناظم الأساسي.. الناظم الأساسي للسلطة يعني بالتالي السلطات ما آخذة بشكل أو بآخر تحسي شرعيتها من رأي الناس هو مثل ما مفروض، وبالتالي شرعيتها الوحيدة جاية من العنف.



    ** إذا كان الوطن يا يوسف عبدلكي قد أورثك كل هذه الحمولة من القسوة والقتامة والعنف، فما الذي يشدك بعد إليه؟

    يوسف عبدلكي:

    بأحب أقول في البداية إنه عندي حساسية خاصة من كلمة (وطن) بأحس هاي الكلمة من كتر ما يعني تم هيك استهلاكها وجعلكتها وتمرير عشرات الأفكار والقصص من فوق راسها ومن قدامها ومن قفاها بيحس الواحد إنه يعني قصاد كلمة معلوكة إلى درجة ما عادة تعبر الحقيقة عن شيء.

    أنا بأفضل إنه واحد إذا بده بيحكي عن بلد، بأحس أنه هاي واحدة من الكلمات –كلمة وطن- واحدة من الكلمات اللي عم تستعمل هيك بشكل يعني متواصل من 40، 50 سنة لتضليل الناس بالكذب عليهم إذا نبكاه.

    منهم بكل البلد بأحسها كلمة إلها علاقة بالشوارع والناس والبيوت والشجر والأرض، لكن بنفس الوقت كلمة غير ممضوغة ماله مستهلكة، ما لنا مفقوسة ومشبوهة مثل.. كلمة (الوطن).

    فشوقي.. شوقي هو إنه أعيش بشكل عادي ببلد عادي بمعنى آخر إنه بلدي مانه بلد استثنائي هو مثل كل بلدان العالم، بس هو ببساطة وبالصدفة بلدي أنا.

    الواحد بيخطر لباله ببساطة يمشي بحارة من حارات باب شرقي، ويدخل بحارة اسمها (المسبك الجواني)، ويمكن يطلع يشوف أصحابه اللي كان بيعرفهم من 20 سنة يشرب معهم فنجان قهوة، ويرجع يتغدى مع والدته، بس مانه كتير إعجاز يعني هي قصة بكل بساطة اللي متوفرة لكل البشر وهاي.. وهي متوافرة لكل البشر بكل بساطة لأن هي حق كل البشر (نقطة على السطر).



    ** تضيق الأمكنة ولو اتسعت على مَنْ لا يجد مشهداً.. حجراً يعتاده ويركن إليه، فكيف يحيا يوسف عبدلكي كغريب؟ التفاصيل اليومية لإقامته الجبرية في باريس.

    يوسف عبدلكي:

    واحد من الأمكنة اللي بيحس الغريب إنه عم يعمل علاقة مع مدينة باريس هو المقهى.. المقهى اللي هو مكان لقاء.. مكان تمضية جزء من الوقت.. مكان مراقبة، بس مع التردد على نفس المقهى مصيره الواحد بيحس إنه.. إنه هذا المقهى بيخصه، مثل ما كان ممكن بحارته بشكل أو بآخر تخصه، المكان اللي هو المقهى بيصير يجمع الناس، ناس كمان ممكن يكونوا غرباء عن.. عن البلد، حتى إنه ما فيه من الفرنساوية اللي غرباء عن البلد، وبالتالي بيصير الجامع الحقيقي بيناتهم منه القهوة الحقيقة، هي غربتهم الحقيقية إنهم كلهم غرباء. // الجزيرة 2001



  • #2
    رد: الفنان التشكيلي السوري يوسف عبدلكي - يعرض في حمص

    شكرا وأود اضافة هذه الصورة
    عبير
    :p

    تعليق

    يعمل...
    X