إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللغـو - إعداد المحامي :بسام المعراوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللغـو - إعداد المحامي :بسام المعراوي

    اللغـو
    إعداد المحامي :بسام المعراوي
    قال تعالى في وصف عبادة المؤمنين :
    (( و إذا مروا باللغو مروا كراما )) ( الفرقان / 72 ) .
    كان أحد السذج الذين لا يعرفون قيمة الوقت، فضلا عن أخلاق الإنسان و مقوماتها الحقيقية، كان يقول :
    من قال أن الثرثرة إحدى نقاط الضعف في شخصية الفرد؟.
    إنها من نقاط قوتها، إذ هي المقدرة على الكلام في جميع الجوانب، و هي القدرة على الخروج من غيبة الأخرين إلى السب فيهم، أليست هذه قوة شخصية ؟! .
    إن مثل هذا الشخص الساذج يعتبر اللغو و الثرثرة و الأحاديث السخيفة، ملكة شخصية من الصعب على الكثيرين الوصول إليها ! بينما في حقيقة الأمر أن الكثير من الأمور التي تجلب اهتمام الناس إليها، و تشغلهم بتعاطيها، و تشد تفكيرهم، و تستحوذ على أنفسهم، عادة ما تكون من الطبائع التي ترتاح إليها الرغبات و الأهواء النفسية، التي لا تكلف الإنسان عناءا، فهي جميلة الشكل و المظهر، و لكنها قبيحة الباطن و الجوهر .
    و اللغو – و منه الثرثرة و فضول الكلام – أحد تلك الأمور المغرية، فهي كالعسل المسموم، يشربه الثرثار متلذذا بحلاوته، ثم أن السم يأخذ مجراه رويدا رويدا فيقضي على حياته . جاء في الحديث الشريف :
    (( و هل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم )) .
    إن هذا اللسان القصير في حجمه، الذي لا يتعدى كونه قطعة من اللحم، يكون سببا في دخول الناس إلى النار، و هو ( اللسان ) قد يرفع وضيعا و قد يضع رفيعا، فقد تجد شخصا ما يتهم بريئا، و يبرئ متهما دون أدنى شك، و قد تجد آخر يتحدث عن السيارات و أجهزة التلفزة،و الأحذية، و ما إلى ذلك، و كأنها مشاكل العصر التي كانت تنتظره ليفك عقدها بثرثرته، و يحسب أن ذلك واجب الهي يقوم بأدائه، و ينسى أن يعالج مشكلة التربية، و مشكلة البطالة، و مرض التبعية الثقافية و السياسية، بل و يتناساها .
    و من اللغو تنتج المشكلات، و من أبرزها استهلاك و قتل الوقت الثمين دون فائدة ترجى، و من أجل المحافظة على الوقت لابد من تجنب مجالس اللغو، و مجالس البطالة و الباطلين .
    يقول الله – عز و جل – في شأن العقلاء المؤمنين :
    (( و إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه و قالوا لنا أعمالنا و لكم أعمالكم سلام عليكم نبتغي الجاهلين ))، ( القصص /5).
    و من هذه الآية المجيدة يتوضح أن الجهل ة الأمية و انعدام الثقافة الصالحة، أسباب ينشأ عنها اللغو الذي هو مدعاة إلى الفراغ و البطالة، أما العاقل الهادف في حياته فأنه إذا حدث مصادفة أن مر على اللغو، فأنه يمر عليه مر الكرام الذين لا ينشغلون يه و ينأون بأنفسهم عنه، رافعا نصب عينه هذا الحديث الشريف : (( من اشتغل بما لا يعنيه، فاته ما يغنيه )).

    و من القصص التي هي مصداق للحديث التقدم،يذكر أن رجلا كان على موعد لحضور صلاة الجماعة، و بعده على موعد مع تاجر من التجار، و في طريقه إلى المسجد مر بأحد أصدقائه بغية اصطحابه معه، فصادف إن كان صديقه جالسا مع أقربائه، و هم يتحدثون و يستعرضون الذكريات القديمة، و يتبادلون الفكاهات و يضحكون، فجلس الرجل معهم، و كما قال( الحديث يجر الحديث )، حتى إذا أخذه الوقت تذكر موعده، و لكن بعد إن فاتته الصفقة مع التاجر، فضلا عن الصفقة الإلهية المتمثلة في حضور صلاة الجماعة .

    و بناء عليه، لابد للمرء من تقنين المقدرة على التحدث و الكلام، ليتجنب الوقوع في مزالق اللغو، و لصيانة الوقت في الفراغ، مع العلم أن الإسلام لا يعارض المفاكهة و المطالبية و المداعبة، و لا المزاح في الكلام بالحد المعقول، و لا يعارض الحديث عن الماضي و استعراض الذكريات، و لكنه يعارض كل ما من شأنه إبعاد الإنسان عن الهدفية في حياته .
    يقول الإمام علي عليه السلام : »كل قول ليس لله فيه ذكر فلغو«، بحار الأنوار (ج78،ص92) .
    و لا يقصد من الكلام الإمام عليه السلام أن يتجنب المرء الحديث عن الدنيا و أموره الشخصية، و إنما يقصد أن كلام الإنسان يجب أن يكون في إطار مرضاة الله و ذكره، و بعبارة أخرى،أن يكون هادفا، الأمر الذي يعود بالنفع و الفائدة عليه و على المجتمع .
    إن من واجب الإنسان الابتعاد عن كل كلام و حديث لا يكون فيه ذكر الله، حتى و لو طابق هذا الكلام و الحديث نفسه و هواه .
    وللإمام الصادق عليه السلام حديث قيم يوضح فيه أحد جوانب اللغو، فيقول : (( لا تقطعن النهار بكذا و كذا فان معك من يحفظ عليك )) .
    و عبارة (كذا و كذا ) هي إشارة إلى فضول الكلام، الذي لا يعود على الإنسان إلا بالخسارة : خسارة الوقت، و خسارة الحياة .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
يعمل...
X