إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حماد الحسن‏ :الموت صخبٌ ، يتلونُ كعين ثعلبٍ مذعورٍ - _جدارية الموْت_19 -

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حماد الحسن‏ :الموت صخبٌ ، يتلونُ كعين ثعلبٍ مذعورٍ - _جدارية الموْت_19 -

    حماد الحسن


    _جدارية الموْت_19

    الموت صخبٌ ، يتلونُ كعين ثعلبٍ مذعورٍ ، يدورُ بي ويرتفعُ كأنهُ مسلةٌ مصريةٌ مصقولةٌ، تهوي وتسقطُ في المدى، ترْتطمُ بجدرانِ الوجعِ النّحاسية ، ويذهبُ بي الى نجومِ الشّمال ، بناتُ نعشٍ يرقصنَ باكياتٍ حولَ اللحدِ ، تعودُ اليَّ صورةُ أمي تقلّبُ فنجانَ القهوةِ بيدها وتجهدُ في فكِّ رموزه ، تنظرُ في عينيَّ بزيتونها وتؤكدُ لي أنهُ عند أوّلِ مفترقٍ تنتظرني أنثى بلونِ الياسمين ، كم كنتِ يا أمّاه تعشقين الياسمين ؟!!!
    ها أنذا أغيب في الأبيض، لم أعدْ بحاجةٍ لقراءةِ الفنجان، فالدروبُ هنا لا مفارقَ لها، دمعكِ يرسم طقوسَ حزنٍ بلونِ القهوة، ونشيجكِ لا يزال يبحثُ عن صندوقٍ مقفلٍ ألقيتِ به في النّهرِ خوفاً من فرعون، ولا يزال صدى صوتك يردّدُ في الغيب:
    حمداً لله بنيّ أنّكَ قتلتَ بالرصاص وأحضروك لي كاملاً ...
    الحزنُ أهم اختراعات الأحياء ، يقطرُ من مسام جلودهم طالما هي تنعمُ بالرطوبةِ ، ولا تعرفهُ جلودٌ أضحت غباراً يصوغ مفردات الريح ، أُمّاهُ أَشْكو اليكِ توْقي أَنْ أَتوسّدَ فحْذَكِ وأَنام ، متعبٌ من نوميَ الدّبقِ في سريرٍ من تراب، أعتذرُ لأنّي خذلْتكِ ، في مدوّنةِ الموتِ أفقدُ كلَّ طموحٍ، الموتى جبناءُ يا أمّي، حتى قبري رغمَ ضيقهِ لا أفكّرُ باستبدالهِ ، هلْ تذكرينَ يا أمي كم كنتُ احبُّ الشرفات؟!!!الموتى جبناءُ لا يثقونَ بالزمن ، ولا يذهلهم الا صوت الريح تعصفُ بقاعات قبورهم ، الموتى لا يثقون بانثى ليس لها شرفات....
يعمل...
X