إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تعريف الحديث المعنعن وشرطه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعريف الحديث المعنعن وشرطه

    الحديث المعنعن

    تعريف الحديث المعنعن وشرطه

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    قال الإمام الذهبي -رحمه الله تعالى-: الحديث المعنعن: هو ما إسناده فلان عن فلان. فمن الناس من قال: لا يثبت حتى يصح لقاء الراوي بشيخه يوم ما.
    ومنهم من اكتفى بمجرد إمكان اللقي، وهو مذهب مسلم، وقد بالغ في الرد على مخالفه.
    ثم بتقدير تيقن اللقاء يشترط ألا يكون الراوي عن شيخه مدلسا، فإن لم يكن حملناه على الاتصال، فإن كان مدلسا فالأظهر أنه لا يحمل على السماع، ثم إن كان المدلس عن شيخه ذا تدليس عن الثقات فلا بأس، وإن كان ذا تدليس عن الضعفاء فمردود.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أما بعد:
    فهذا نوع آخر متعلق بسند الحديث، وليس له تعلق بمتن الحديث، وإنما اختصاصه بالإسناد، فالمعنعن المراد به الإسناد المعنعن.
    والمعنعن: هو رواية الراوي عن شيخه بصيغة "عن" أو ما في حكمه على ما يأتي إن شاء الله.
    فإذا روى الراوي عن شيخه بكلمة "عن" هذا يسمى معنعنا؛ لأن صيغ الأداء منها ما يدل على الاتصال كـ"سمعت" و"حدثنا" و"أخبرنا" ومنها ما لا يدل على ذلك، ومنه صيغة "عن" هذه.
    ويعبر بهذه الكلمة، أو يقال بالإسناد المعنعن، وإن كان يشمل أيضا ما قال فيه الراوي: قال فلان، أو ذكر فلان، أو نحو هذا من العبارات؛ لأن أكثر إطلاقات العلماء بالأسانيد إنما يعبرون بـ"عن" إنما يعبرون بكلمة "عن".
    والإسناد المعنعن له علاقة باتصال السند وانقطاعه، فتارة كلمة "عن" هذه تُحْمَل على الاتصال، وتارة تحمل على الانقطاع، وتارة تكون مما تردد فيه العلماء، أو اختلف فيه العلماء هل هي قاضية بالاتصال، أو دالة على الانقطاع؟.
    وهذه المسألة فيها مواضع اتفق عليها أهل الحديث، وموضع واحد اختلف فيه أهل الحديث، فهناك حالة لهذه الكلمة -كلمة "عن"- تحمل فيها "عن" على الانقطاع، تكون فيها "عن" أو تفيد "عن" الانقطاع بين الراوي ومن روى عنه، وهذه الأحوال في صور منها، أو هذه الصور:
    أن يكون الراوي ليس معاصرا لمن روى عنه، فإذا لم يكن معاصرا له، كقتادة عن أبي بكر -رضي الله عنه-، هذا وإذا قال قتادة عن أبي بكر، هذه الكلمة محمولة على الانقطاع جزما؛ لأن قتادة لم يدرك أبا بكر، ولم يعاصره، فـ"عن" ها هنا في هذه الحالة محمولة على الانقطاع.
    والصورة الثانية: أن يكون الراوي معاصرا لمن روى عنه، ولكن يثبت أنه لم يسمع منه، هو معاصر له، وربما كان في بلده، ولكن ثبت أنه لم يسمع منه شيئا. فكلمة عن ها هنا تحمل على الانقطاع بلا خلاف بين أهل الحديث.
    وهذا أو ثبوت أن فلانا لم يسمع فلان له طرائق متعددة عند أهل العلم، منها: أن ينص الرواي نفسه على أنه لم يسمع من فلان شيئا، كما ذكر جميل بن زيد أنه لم يسمع من ابن عمر شيئا.
    فإذا جاءنا حديث فيه جميل بن زيد عن ابن عمر، نقول: "عن" هذه منقطعة؛ لأن جميلا لم يسمع من ابن عمر، دليل أنه لم يسمع من ابن عمر أنه نص هو بنفسه على أنه لم يسمع، وكذلك مثل الحجاج بن أرطاة عن الزهري، هذا الحجاج ذكر أنه لم يسمع من الزهري شيئا، وكذلك أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ذكر أنه لم يسمع من أبيه.
    فإذا ورد مثل هذا الإسناد وفيه كلمة "عن" نحكم عليها جزما بالانقطاع باتفاق أهل الحديث، أو نَصَّ إمام من الأئمة أو أكثر على أن فلانا لم يسمع من فلان، فهذه -وإن تعاصرا، وأمكن اللقاء بينهما، ولو كانا في بلد واحد، وذكر الأئمة أن فلانا لم يسمع عن فلان- فهذا محمول، تُحمل كلمة "عن" فيه على الانقطاع.
    كما ذكر غير واحد من الأئمة أن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف لم يسمع من أبيه، فإذا جاءنا حديث فيه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه، نقول: "عن" هذه منقطعة؛ لأن أبا سلمة ثبت جزما -بكلام الإمام أحمد وابن المديني وابن معين وابن زرعة- أنه لم يسمع من أبيه.
    إذن، إذا ثبت أن الراوي لم يسمع ممن روى عنه -ولو كان معاصرا له- فإن كلمة "عن" هذه تُحمل على الانقطاع، وهذا باتفاق أهل الحديث.
    الصورة الثالثة: أن تكون هناك قرينة قوية دالة على أن هذا الراوي لم يسمع من روَى عنه بالعنعنة، وهذه المرتبة دون المرتبة التي قبلها؛ لأن الأولى ثبت أنه لم يسمع، وها هنا إنما هو عن قريب القرينة القوية الدالة على أنه لم يسمع.
    وهذه القرينة يشترك في اعتبارها أئمة الحديث، حتى الإمام مسلم الذي يخالف مذهب جمهور العلماء -كما سيأتي إن شاء الله- يوافق أئمة الحديث على هذا؛ فإنه ذكر في مقدمة الصحيح أن: رواية الراوي عمن عاصره محمولة على السماع أبدا إلا إذا قامت بينة تمنع من هذا، وها هنا إذا قامت قرينة قوية فهي بينة دالة على عدم السماع.
    والإمام مسلم في تطبيق لهذا القاعدة لما جاء في كتابه "التمييز" لحديث محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن جده عبد الله بن عباس، ذكر الإمام مسلم أن هذا منقطع، مع أن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس لما توفي جده عبد الله كان له من العمر ثمان إلى عشر سنوات، فهو قد عاصر جده وأدركه، ومع ذلك حكم الإمام مسلم على هذه الرواية بالانقطاع، وقال: لا يُعلم له سماع من ابن عباس، ولا أنه رآه، ولا لقيه.
    لماذا قال مسلم هذا الكلام، مع أن عند مسلم المعاصرة تكفي؟
    قال مسلم: لأن محمد بن علي هذا معروف بالرواية عن أبيه، عن جده عبد الله بن عباس، فهو دائما يروي عن أبيه علي بن عبد الله، عن جده عبد الله بن عباس.
    فإذا جاء في إسناد بإسقاط، فيه إسقاط أبيه -اللي هو علي- دَلَّ هذا على أن هناك انقطاعا بين محمد وبين جده، وهذا -طبعا- كلام إنما هو لأن محمد بن علي لم يُعلم له سماع، ولم يثبت سماعه من جده.
    فكونه في بعض الأسانيد يكون بينه وبين جده واسطة وهو أبوه، هذا يدل، وهذا قرينة قوية على أن هذا السماع لم يثبت بين الراوي ومن روى عنه بالعنعنة.
    وهذه القاعدة، أو ذكر الحافظ ابن رجب -رحمه الله- قاعدة توافق ما عمل به مسلم، وهو: أن من -القرائن الدالة على الانقطاع أن يكون الراوي معروفا بالرواية بواسطة عنه هذا الشيخ الذي يروي عنه بالعنعنة، يكون دائما يروي، أو روايته عنه بواسطة.
    فإذا جاء في وقت، فوجدنا هذه الواسطة مسقطة، فإن هذه قرينة دالة على الانقطاع ما بين الراوي ومن روى عنه، وهذه مَثَّلَ لها بما جاء من الإمام أحمد -رحمه الله- أنه سئل عن عبد الله بن البهي عن عائشة -رضي الله عنها-، فقال: ما أراه سمع، يعني: ما أعلمه سمع منها -من عائشة- إنما يروي عن عروة عن عائشة.
    فاستدل الإمام أحمد بأن هذا الراوي لم يروِ عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أو لأنه -أولا- لم يثبت أنه سمع منها في خبر ما، والثانية وجود الواسطة المعروفة في بقية الأسانيد، فكونه دائما يروي بواسطة، ثم يأتي في رواية أخرى ويحذف هذه الواسطة، أو تُحذف هذه الواسطة، مع أنه لا يعلم له سماع ممن روى عنه، فهذا يدل على الانقطاع.
    والصورة الرابعة: أن يكون الراوي المعنعِن قد عاصر المعنعن، وسمع -يعني: المعنعَن عنه- وسمع منه، لكنه موصوف بالتدليس، فإذا حدث بصيغة عن فإنها تُحمل على الانقطاع في الجملة، ليس في جميع المدلسين، وإنما هذا هو الأصل.
    وبعض المدلسين -كما سيأتي إن شاء الله- تحمل "عن" على الاتصال وإن كان مدلسا.
    فهذه -أيضا- يشترك فيها الأئمة كلهم، هذه الصورة الرابعة يشترك فيها الأئمة كلهم، يحكمون على عن ها هنا بالانقطاع، فصار الأئمة يشتركون في هذه الحالة، أن الراوي، أو في حالة أن الراوي في إحدى هذه الصور الأربع يحكم على عنعنته بالانقطاع، ولا يجري فيها الخلاف بين أهل الحديث.
    الحالة الثانية: أن يُعْلَم أنه سمع منه، أن يُعْلَم أن هذا الراوي قد سمع ذاك الشيخ الذي عنعن عنه، ولم يكن موصوفا بالتدليس، فإذا حدث عنه في بعض الأحاديث بصيغة "عن" فهو قد سمع منه في الجملة ثبت هذا السماع، فإنها تحمل عن هذه على الاتصال عند المحدثين كلهم، يحملون عن على الاتصال، بمعنى أنها إذا جاءت في حديث وقال: حدثنا فلان، فهذا فيه إثبات السماع سماعه من فلان في الجملة، فإذا جاء في حديث آخر وقال: عن فلان، "عن" هذه تحمل على الاتصال شريطة ألا يكون هذا الراوي موصوفا بالتدليس، شريطة ألا يكون موصوفا بالتدليس.
    فهذه الصورة تُحْمَل على الاتصال، فيها "عن" بالاتفاق، تحمل "عن" فيها على الاتصال باتفاق. فهذه أيضا مسألة اتفاقية.
    بقي الحالة الثالثة: وهي ألا يُعْلَم هل لهذا الراوي سماع لمن عاصره، أو ليس له سماع؟
    لا يُدْرَى، لم يثبت أنه سمع، ولم يثبت أنه لم يسمع، ثم روى عن شيخه بـ"عن" هذه المسألة هي التي أشار المؤلف إلى الخلاف فيها بين العلماء، الاختلاف في هذه المسألة، فإذا كان عندنا راوٍ معاصر لمن روى عنه، يعيشون في عصر واحد، يعيشون في عصر واحد، ولم يمنع مانع من السماع، ولم يثبت أنه لم يسمع منه، ولم يثبت أنه سمع منه.
    فها هنا لأهل الحديث مذهبان، وهو الذي أشار إليه المؤلف، المسألة فيها حوالي تسعة أقوال، لكن ليست من مذاهب أهل الحديث، مذهب أهل الحديث أهل الحديث لهم فيها مذهبان مشهوران:
    مذهب جمهور أئمة الحديث؛ أحمد والبخاري وأبي زرعة وأبي حاكم وغيرهم وعلي بن المديني، يقولون: لا بد من ثبوت اللقاء أو السماع، فإذا لم يثبت أنه لقيه أو سمع منه، فجميع ما رواه بالعنعنة مردود؛ لأنه أحاديثه أصلا كلها بالعنعنة، لأنه لو حدث يوما بكلمة "حدثنا" أو "سمعت" حُملت بقية أحاديثه على الاتصال إن لم يكن مدلسا، لكن إذا روى لنا بالعنعنة ننظر في هذا الراوي.
    فعلى مذهب جمهور أهل الحديث يقولون: لا يُحكم له بالاتصال، لا يحكم لهذا الحديث بالاتصال لعدم العلم بالسماع، وهذا المذهب هو الذي عليه جمهور أئمة أهل الحديث كما سبق، فمنهم من الجمهور من يشترط اللقاء، مجرد اللقاء، يعني: ثبت أنهما التقيا، كالبخاري وابن المديني، ومنهم من يشترط وصفا زائدا يقول: لا بد من ثبوت السماع.
    يعني: لو جاءنا خبر أن فلان التقى مع فلان، هذا لا يكفي عند الإمام أحمد ولا أبي زرعة ولا أبي حاتم، بل لا بد أن يثبت أنه قد سمع منه حديثا أو أكثر.
    أما البخاري وعلي بن المديني فيقولان: يكفي ثبوت اللقاء، يكفي ثبوت اللقاء بينهما، فإذا ثبت اللقاء أو ثبت السماع حُملت "عن" هذه على الاتصال.
    وأما الإمام مسلم، وهو الذي ذكره في مقدمة الصحيح أنه يكتفي بالمعاصرة فقط، فإذا عاصر الراوي راويا آخر، ولم يقم مانع يمنع من السماع، فإنه حينئذ يَحكم له بالاتصال، وهذا هو الذي عليه جمهور المتأخرين، هو على هذا.
    وذكر الحافظ ابن كثير أنها محمولة على الاتصال، والعمل قد استقر على ذلك، العمل عند المتأخرين استقر على أنها محمولة على الاتصال.
    والكلام في "عن" هذه والخلاف ناتج عن أن كلمة "عن" هذه أصلا بذاتها لا تفيد لا اتصالا ولا انقطاعا، فلا يُفهم منها لا الاتصال ولا الانقطاع.
    فهناك ألفاظ يستفاد منها الانقطاع، وهناك ألفاظ يستفاد منها الاتصال، فكلمة "سمعت" أو "حدثنا" أو "أخبرنا" أو "أنبأنا" هذه تفيد السماع أو القراءة، أو الإجازة من الراوي، لكن كلمة "نُبِّئْتُ عن فلان" هذه تفيد الانقطاع، أو "أُخْبِرْتُ عن فلان" أو "ذُكِرَ لي عن فلان" هذه تفيد بذاتها الانقطاع.
    أما مثل كلمة "قال" أو كلمة "عن" فهذه لا تفيد اتصالا ولا انقطاعا بذاتها، ومن ها هنا جاء اختلاف العلماء رحمهم الله تعالى.
    فالشاهد من هذا أن الراوي إذا روى حديثا بالعنعنة، ولم يكن مشهورا بالتدليس، وكان معاصرا لمن روى عنه، ولم يثبت سماعه لمن روى عنه، فعلى رأي البخاري وعلي ومن معهما أن هذه الكلمة لا تفيد الاتصال، وإنما يُحْكم عليها بانقطاع، أو يقال: لا يعلم لفلان سماع من فلان. وأما على رأي الإمام مسلم فإنها تحمل على الاتصال.
    وهذا الكلام له علاقة بشرط من شروط صحة الحديث، وهو اتصال الإسناد، وله علاقة بالتدليس، وهو المبحث الذي بعده إن شاء الله. نعم.
    http://www.wahitalibdaa.com/picture....1&pictureid=14
يعمل...
X