إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

طفلة لآخر مرة ... (محاولتي الأولى)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • طفلة لآخر مرة ... (محاولتي الأولى)

    تحية وبعد ...

    أحب كثيراً فن القصة القصيرة رغم تواضع اطلاعاتي .
    قررت أن أختبر نفسي بتجربة صغيرة والآن أعرضها عليكم متمنياً أن أكتشف من تعليقاتكم ان كنت أستحق المحاولة لاحقاً
    أم أني أستحق العقاب:d

    شكراً لمروركم أولاً وبانتظار ملاحظاتكم ...



    طفلة لآخر مرة ...

    بكل ثقة وكبرياء ... وعنفوان, دخلت.
    كانت كما لم تعرف نفسها من قبل. تراقصت لمعات أضواء الحانة على فستانها الأحمر البراق. يبدو أنها قد أنهكت في تسريح شعرها. حتى عيناها لم تكونا كما كانتا. لم تلصق باصريها بأرض الصالة, ولا بالسقف, ولا بأي جدار, بل قامت بنزهة سريعة على وجوه الرجال. انتشت من عيونهم السكارى. كانت رعشتها الأولى. وضحكتها الأولى. مذ كانت طفلة لأخر مرة.
    لمحت والدها جالساً بينهم. كان يرتدي بيجامته التي كانت تختبئ بها كلما أحست بأن ابنة السنتين ستكبر يوماً. ابتسمت له. حياها. تذكرت حين لم يحيها.حين ذهب ولم يودعها. مع هذا ذهبت لتودعه. لم يخرج لاستقبالها. كانت تذهب مع والدتها يومياً تقف على عتبة قبره ... وتقبل التراب. وتترجاه أن يحيها. لم تكن تعرف البكاء حينها. فلم تشعر بغيابه ما دامت تختبئ في بيجامته على كل الأحوال. الا أن اليوم دموعها كادت تذيب أقلام التلوين التي لطخت بها وجهها لأول مرة مذ كانت طفلة لآخر مرة.
    تذكرت أنها ليست هي. ولو لليلة. تأملت قهقهات الفتيات. ضحكت من جديد. ادعت الخجل ودخلت الصالة تشق طريقها بين دخان السهارى. كادت تتعثر. لم تعتد الكعب العالي بعد. أحدهم ابتسم لها. أهو نزار؟!. ماذا جاء به الى مثل هذه الأمكنة؟. لا عجب. فمراهق حاول تقبيلها مراراً لن يمتنع عن السهر في الحانات. ماذا كانت ستخسر لو قبلته؟. حتى أمها لم تقبل ثغرها يوماً. بدأت تؤنب نفسها. أيرغب بتقبيلها الآن كما في السابق؟. الآن لقد أصبحت أنضج. لن ترفض. ولن تشترط عليه الزواج. لكن فليبادر. ولكن كيف عساه يعرفها وقد مضى على اخر لقاء بينهما اكثر من ثلاثين خريفاً؟. عندما اخبرها بأن خوفها الدائم سيدمر حياتها. عندما اخبرها بأنه وحده سيكون والدها. سيكون أمها. سيكون حبيبها ووطنها الكبير بما فيه غرفتها الصغيرة!.
    الفتاة التي جلست بجانبه وبدأت ترتشف الشراب من كأسه أعلمتها بأنه ليس نزار أيضاً. ألن تجد رجلاً ممن توقعت؟. ألن تجد ولو واحداً ممن جاءت تبحث عنهم؟!. وجدت لنفسها مطرحاً بجانب البار. ما زالت تتأمل وجوه الرجال. وجدت صورتها منعكسة على أحد ألواح الديكور. ما هذا؟. كان من الأفضل لو صبغت شعرها في صالون تزيين نسائي. فمن الطبيعي أن تفشل في أول مرة. لكن عبق الدخان كان يموه ما لم يخف من شيبها. اذا ما الذي يمنع هؤلاء من الاقتراب؟!.
    انه أبو عماد. شعرت براحة مباغتة. تنفست الصعداء وأرادت أن تحييه. لكنها فضلت أن يبادر هو. اقترب من طاولتها متجهاً الى الحمامات . لم ينتبه لها. غصت بدمعة. تذكرت حرقة قلبها عندما عينوا مديرة للمدرسة التي تعمل بها بدلاً منه وقبل أن تتمكن من اكتشاف إن كان يريد زوجة ثانية أو لا!. ستحاول لفت نظره عندما يخرج. انها فرصتها الآن. ستقبل ولو بورقة عرفية. ستقبل وان لن يؤمن لها مسكناً. ستقبل بغير مهر. ستقبل ولو تزوجها الليلة فقط. لم تنتبه لخروجه الا بعد ابتعاده. تنحنحت. أرادت أن تلحق به. لكن أبو عماد لم يكن أشقر. لم يكن قصيراً. لم يكن بغير كرش. ابتسمت. ضحكت من جديد. لم تكد تلهي ناظريها حتى جاءها أحد الرجال. رغم شيبه وصوته ورائحة الويسكي في نفسه الا أنها شعرت بغبطة لم تشعر بها مذ كانت طفلة لآخر مرة. عندما قدمت لها احدى الجمعيات الخيرية لعبة "باربي"مكسورة طالما حلمت بها.
    سألها: تبدين وحيدة مثلي.
    - (ابتسمت بدلع وتاهت بعينيها) : لم نعد كذلك الآن.
    - لم يستطع أن يداري دهشته ومفاجأته الشديدتين. لم يعرف بماذا يرد: أتسمحين لي أن أقدم لك مشروباً
    - ابتسمت موافقة.
    ما عساه يريد؟ رجل ببزته الباهظة لن يكتفي بجلسة مشروب. ماذا يريد بعد ذلك؟ ترى كيف هو قصره؟ كم عدد الطوابق؟ كيف عساه يكون تصميم السلالم بين الطوابق؟ ما لون الستائر؟ كيف هي الاضاءة؟ أيملك "جاكوزي" كما في المسلسلات؟ شعرت بأمان لم تشعر به مذ كانت طفلة لآخر مرة. حين احتضنتها مديرة المدرسة الجديدة بعد دفن والدتها ووعدتها بأنها ستكون أماً لها. وبأن جميع المدرسات هن أخوات لها. شعرت برغبة في البكاء من لذة الفرح. من كان يصدق بأن حلمها سيتحقق بهذي السهولة؟!. أرادت أن تحمد الله وتشكره. لم تكد تفتح يديها حتى جاء برفقة الويسكي وصحن الجزر. ناولها قطعة بيمناه. مدت له يسراها. نقل الجزرة الى يسراه ثم أعطاها اياها. وقعت القطعة من يديهما. بريق ما خطف بصرها. ما عساه يكون هذا الذي يزين اصبعه الأيسر؟. متزوج!. لم تتمكن من أن تداري خيبتها. شعور بالخزلان لم تشعر به مذ كانت طفلة لآخر مرة. عندما رأت أمها تشطف أدراج البناية التي تسكن بها صديقتها بالمدرسة. هي التي كانت تخبرها بأنها موظفة في الحكومة.
    كيف اعتقدت ولو للحظة أن مقصده سيكون شريفاً!. تذكرت حديثها مع بائع اليانصيب الذي وعدته بالحلوان ان هي ربحت ولو الف ليرة. فأخبرها بأنه لن يقبل منها فلساً ان هي ربحت أكثر من ذلك. أجاب سؤالها بأنه يرى جميع الأغنياء فاقدي الشرف.
    خطر في بالها أن تسرع اليه وتخبره أنها ربحت عشرة آلاف ليرة. عله يطمع بها ويطلب يدها للزواج. ماذا لو كانت نفسه عزيزة عليه؟. أيمكنها أن تطلب يده للزواج؟. ما العيب؟. فهي تكبره بعشر سنوات!. عليها أن تكون صاحبة المبادرة. ولكنه. لربما سيعتبرها غنية. سيعتقد أنها بلا شرف. اذا عليها أن ......
    قاطع صمتها بكأس الويسكي سائلاً اياها ان كانت المرة الأولى التي تأتي بها الى هنا!
    ويسكي؟. أتشرب الويسكي؟ هي التي كانت تحلم بعلبة بيبسي بيدي طالبة في المدرسة التي تعمل بها!. أتشرب الويسكي؟. ستثمل. سيستجرها الى منزله. لن تتمكن من التأمل في ابداع قصره. لن تتمكن من تمييز لون الستائر والفراش. لن يعطيها فرصة تجربة الجاكوزي. لن يكون الأمر كما في أفلام رشدي اباظة. لن يكتفي بالعناق. ولا بالرقص. ولا بالقبل. لن يكتفي بأن يغفيها بين ذراعيه كما كانت تحلم دائماً.
    أعاد عليها السؤال محاولاً اسقائها بيديه. تلامست اليدين. رجفة لم تشعر بها مذ كانت طفلة لآخر مرة. حين قبل أحد الشيوخ جبينها سائلاً الله أن يباركها. أهي مباركة الآن؟!. يريدها لليلة فقط. ستخسر أغلا ما عندها. ستخسر الشيء الوحيد الذي تملكه. ستفقد شرفها وتصبح من الأغنياء. سيرفض بائع اليانصيب أن يرد عليها التحيات. ولكنها في المقابل ستحصل على بيجامة تختبئ بها. ستحصل على غني يحميها من باقي الأغنياء. ستحصل على أخ. على أم وحبيب. ستحصل على رشدي اباظة. على نزار وأبو عماد في رجل واحد ولليلة واحدة. ولكن الفاتورة غالية جداً
    ما خطبك؟. ألن تشاركيني المشروب.؟
    أخيراً قررت أن تخوض المغامرة. أمسكت بكلتا يديها يده التي تمسك كأسها. تأملت عينيه المغريتين. انها مصممة على بلوغ حضنه. لن تفكر بالخطأ والصواب, لن تفكر بالخطأ والصواب, لن تفكر بالخطأ والصواب. انكسر الكأس في يديها ويده. تلطخت يديها بدم يده. مسحتهما بفستانها الأحمر. لم تدر بنفسها عندما خرجت من باب الحانة الا عندما انكسر كعبها العالي. خلعت حذاءها. استمرت بالركض. تمنت أن تجد والدها في البيت ليضربها. تمنت أن تجد امها لتمنعها من الدخول. تمنت أن تجد أخاً يقتلها. لم تبكي . لم يكن الطريق طويلاً كما كان عندما جاءت الى الصالة. قصرها الصغير كان بانتظارها. بدأت تفكر من أين ستبدأ بالوضوء. حاولت أن تتذكر اتجاه القبلة. تحولت بتفكيرها ما بين الاستغفار او الشكر لله أنه خلصها في آخر لحظة. دخلت غرفتها الوحيدة. كانت السكين أقرب لها من صنبور الماء. حملتها. لطختها بدم الرجل الذي لم ينشف بعد عن يدها. قررت أن تمزجه بدمها. طالماً أرادت أن يمزج دمها بدم رجل في ابن لها. قد فاتها أن تصبح أماً. فلتمزج دمها بدمه على نصل السكين. جلست في فراشها تحاول اتخاذ قرار هو الأول في حياتها. أحقاً حان الوقت لأن توقف حياتها؟!. تصادفت عيناها بالقرآن الكريم الذي يغطيه الغبار بجانب وسادتها. أغمضت عينيها. فتحتهما بسرعة. قامت واغتسلت ولبست ثوبها الأسود الذي ما زالت ترتديه مذ كانت طفلةلآخر مرة. حين قدمته لها احدى جاراتها في عيد الأضحى. زينت شعرها. ارتدت حجابها وسارعت الى مدرستها. وفي الطريق, قررت أنها سوف لن تكون طفلة لآخر مرة.


  • #2
    رد: طفلة لآخر مرة ... (محاولتي الأولى)

    مشكور يا Daddy Long Legs عالثقة التي منحتها لنا

    لنشاركك رأينا في ما أسميتها تجربة..أو محاولة أولى....

    ما أود أن أذكره ها هنا أن قراءتي للقصة القصير العربية نادرة

    و تقتصر على ما قرأته في فترة الطفولة....

    الا أنني استمتعت جدا بما قرأت و أعدت قراءته ثانية...

    وجدت نفسي أمام شخص قاريء أولا و كاتب ثانيا,,,,

    متواضع رأيي و لست خبيرة بهذا الأمر الا أنه مجرد الاستمتاع بشيء أقرأه

    يدفعني الى القول أن من أقرأ له شخص متمرس...

    الاستمرار في الكتابة من شأنه أن يجعلك تتجاوز الكثير من الثغرات التي يمكن لناقد

    مهتم بهذا النوع من الكتابة أن يجدها...

    أنا من الناس الذين سينتظرون ما ستتحفنا به لاحقا لأستمتع بقراءته كما هو الحال هنا...

    بالتوفيق ان شاء الله ...

    لك الود و الورد

    تعليق


    • #3
      رد: طفلة لآخر مرة ... (محاولتي الأولى)

      سيدتي كل الشكر لك وكلماتك التي تركت أجمل أثر في نفسي .
      أتمنى أن اكون على قدر معاني هذه التوصيفات وألف شكر على شعور بالنجاح أمدتني به كلماتك لم أشعر به مذ فترة طويلة

      كل الود

      تعليق


      • #4
        رد: طفلة لآخر مرة ... (محاولتي الأولى)

        صباح الخير
        قصة جميلة ومتقنة, وبالرغم من أني لم أعتد على أن يستخدم الكاتب لقباً بهذه الغرابة, ومن باب الفائدة نستخدم أسماءنا الحقيقية لنحافظ على حقنا الأدبي بما نكتب, والا ضاعت الملكية الادبية وسط هذه المتاهة, قلم واعد وشكراً للمشاركة , وهل من مزيد ؟!!
        لأن النص لم يجعلني أشعر ولو للحظة أنها المحاولة الأولى في الكتابة, واذا كانت الاولى بهذه الحنكة فكيف ستكون باقي المحاولات؟!!!
        ودمتم بكل مودة واحترام بالغين

        تعليق

        يعمل...
        X