إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عتبة إلى عتبات النص ليوسف الإدريسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عتبة إلى عتبات النص ليوسف الإدريسي

    عتبة إلى عتبات النص ليوسف الإدريسي

    بقلم : روفيا بوغنوط
    العتبات النصية بأجناسها الخطابية أول ما يشد البصر ، وقد تكون آخر شيء يبقى في الذاكرة حين ننسى النص يظل العنوان وهو واحد من بين عتبات النص يلفح الذاكرة يصر على البقاء.


    تحملنا هذه العتبات أو ما يصطلح عليه بالنصوص الموازية إلى متاهات التأويل تشدنا إليها، فأنى لنا أن نفلت من قبضة ذلك الإغراء والإغواء الذي لا ينتهي ، كلما اعتقدنا أننا تحررنا منها عادت وطوقتنا راسمة أمالا عراضا ، تقدم لنا قرابين العشق حتى لا ننسى لذة القراءة واللقاء،إنها فخاخ للعشق تحشد الأفكار وتشدها إليها، في كل ذلك تذكرنا أنها أهدتنا مفتاحا للدخول وفي الوقت نفسه تطالبنا بضريبة هذا الدخول ، ففي النهاية إقامتنا غير شرعية مادامت القراءة قراءات متعددة، قد تمنحنا تأشيرة سفر بلا رجعة تاركة إيانا نتخبط في متاهات التأويل بلا هوادة حتى ندرك أن ليس كل العتبات النصية حاملة لامتياز الشعرية، فكثيرا ما نلتقي بعتبات ونصوص موازية بلا نوايا دلالية


    النص الموازي "أفق قد يصغر القارئ عن الصعود إليه وقد يتعالى هو عن النزول لأي قارئ"1 ، حقل معرفي أخذ اهتماما كبيرا في الدراسات النقدية المعاصرة ، وكتاب الدكتور الناقد يوسف الإدريسي"عتبات النص بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر "الصادر عن منشورات مقاربات سنة 2008، يندرج في سياق حركة نقدية هامة لعبت فيها الدراسات المغربية دورا " في جعل هذه الحركة تبلور تعاقدا متناميا بالالتزام بالمعرفة والمنهج في تهيئ وضعية علمية تسمح بإنتاج التراكم النقدي"2 ،وهذه الجهود النقدية المعتبرة –ربما- تمنح الباحث ما يحرره من ضبابية الرؤية، فالعتبات محافل نصية قادرة على إنتاج الدلالة من خلال عملية التفاعل وإقامة علاقة جدلية بينها وبين النص الرئيس.


    من اللافت أن الإدريسي سيج كتابه "عتبات النص بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر" بعتبات نصية كان مركز ثقلها الإنتاجي الخطاب المقدماتي الذي عادت دباجته إلى ناقدين هما "عبد الجليل الأزدي " و القاص والروائي الناقد جمال بوطيب، وقد شكلت المقدمتان خطابا نقديا بينا ، حيث سعى الأزدي في تلك العتبة التي عنونها "بلاغة الاجتياز" والتي يرى بأنها "لا تقوم في العبور من العتبات إلى النص ، أو من الفاتحة إلى الخاتمة ، ,إنما في العبور بين النص والقارئ، بين الداخل والخارج، بين الفني والجمالي، بكيفية مفتوحة ديمقراطية وإيجابية ومناقضة لإعادة إنتاج النص المغلق،"3 إلى تبين ما لهذا المحفل النصي من أهمية وإن كنا ألفينا عبد الجليل الأزدي يفرد حديثه لعتبة واحدة هي عتبة "البداية السردية" مدرجا معها الخواتم خصوصا "أن النثر السردي التخييلي شكل مجالا مفضلا ومتميزا لهذا عبر إضاءة واستجلاء تكنيك كتابي على نحو شعائري غالبا ، وهو التكنيك الذي يطلب الوصف في المقام الأول والمساءلة والتأويل بعد ذلك "4، ومما يحسب للإدريسي حسب قول عبد الجليل الأزدي أن مقاربته تقع "ضمن هذا الشكل من العبور والاجتياز... التي جمعت بين المشاغل النظرية ودراسة حالة محددة ،علاوة على أنها صيغت في سياق أكاديمي جامعي يعود إلى بداية التسعينيات ، وذلك قبل أن تنبري العديد من المصنفات للاهتمام بهذا الموضوع "5 ويشير الأزدي إلى جهد عدد من الأساتذة في الجامعة المغربية كان لهم السبق في نهاية السبعينيات في الاهتمام بهذا الحقل المعرفي وإن كانت كما يقول "ظلت رهينة التقاليد الشفوية"6 لأنها شكلت مجموعة محاضرات ألقيت على الطلبة ولم تخرج عن هذا السياق ، ونعتقد أنه جهد طيب لو كتبت له الطباعة ، كان ليضيف إلى الدرس النقدي المغربي والعربي الكثير. عموما لم تخرج مقدمة الأزدي عن البيان النقدي -على اقتضابها - وشكلت عتبة مهمة لعتبات الإدريسي.


    ثاني عتبة مقدماتية حظيت بها عتبات الإدريسي كانت من توقيع القاص والروائي جمال بوطيب والتي يعنونها هو الآخر بعنوان لافت –وكأننا به قد تواطأ مع الأزدي في وضع عناوين لافتة للمقدمات- " الانتباه المزدوج" مقدمة /عتبة كتبت بنفس نقدي بعيد عن التقريظ- وهو هنا يتفق مع عبد الجليل الأزدي - الذي عادة ما يلازم كتاب المقدمات خصوصا حين تكون بين المقدم والمقدم له /المؤلف سابق معرفة أو صداقة ،مما يحول بعض المقدمات إلى خطاب حجاجي دفاعي ينحاز لصاحب المتن الروائي أو الشعري أو النقدي وهي مقدمات تقريظية لا تضيف للنص شيئا ،أول ما افتتح به جمال بوطيب خطابه المقدماتي كلمات لفيلب لان "ينبغي أن ننتبه إلى النص الموازي وأن ننتبه منه "7 هو نفس التحذير الذي قدمه جيرار جينت " علينا أن نحذر العتبات"*مفاد هذا التحذير أولفت الانتباه حسب بوطيب يعود إلى "أن دراسة المتوازيات هي دراسة لمنطقها ، وثانيا أن الاهتمام بها ينبغي أن يكون دونما مبالغة ، أي أنه يعي ازدواجية الاهتمام بالمناص إن خطورة أو استسهالا، فلا يمكن المروق أمام عتبة نصية ، كما لا يمكن بالمقابل إيلاؤها أكثر مما تستحق"8 ، وبوطيب بكلامه هذا لم يجانب الصواب وربما- لنا


    أن نتفق معه ، لكن ما يلفت الانتباه استعماله لثلاثة مصطلحات دفعة واحدة مما يجعل منها


    بالضرورة مقابلا للمصطلح الأجنبي() وهي المتوازيات ، المناص ، العتبة النصية ، وهو ما يعكس فوضى المصطلح في النقد العربي وعدم وجود مصطلح واحد للمقابل الأجنبي ، وإن كنا لسننا بصدد الحديث عن إشكالية المصطلح لكن نشير إلى هذا الإشكال من باب لفت الانتباه حتى نحذر هذه الفوضى


    يشيد جمال بوطيب بجهد الإدريسي الذي قدم اشتغالا تطبيقيا على نص روائي عربي " الآن..هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى" للروائي عبد الرحمن منيف "رواية بالغة وبليغة : بنيانها مرصوص وعمقها مخصوص وعتباتها فصوص ، وهي قبل كل هذا نص لاحق لنص سابق هو يتيمة دهر أدب السجون المسماة "شرق المتوسط" "9 ، لقد قدم يوسف الإدريسي بكتابه هذا اشتغالا مزدوجا بين "التنظير والممارسة من جهة ، والتنظير الغربي والعربي من جهة ثانية ، والوعي بالاكتمال النظري في التراث العربي من جهة ثالثة، مواطن تجعل بحث الباحث الدكتور يوسف الإدريسي بحثا يحقق بعد نظر يسمح للقارئ بمساءلة المتن التطبيقي بهدوء" 10 والحق يقال إن جهد الإدريسي في الإحاطة بعتبات النص بوصفها عناصر نظرية في الثقافة العربية الإسلامية جدير بالإشادة.


    ومما يضاف للناقد أيضا وعيه باشتغال العتبات "فلم يغرق في الاهتمام بالعتبات ، ,إنما جعلها مكونا تحليليا لا ينبغي تجاوزه مع احتراز منها باعتبار بعض من مكوناتها –إن لم نقل كلها –


    مقاطع إديولوجية بتعبير بارثي"11 فالنص الموازي/العتبات خطاب أساسي ومساعد سخر لخدمة شيء آخر هو النص، هذا ما أكسبه بعدا تداوليا و قوة انجازية وعلى "الباحث أن يعي حدودها وتطبيقاتها ومرجعياتها "12 و الإدريسي حسب ما قدم به جمال بوطيب قد وفق في الانتباه إلى هذه الازدواجية التي تلف العتبات النصية و"لعل أهم ما يميز الكتاب هو سعي مؤلفه إلى خلق تآلف بين الدلالي واللساني في خلق السرديات من خلال مكون هو العتبات .. بتفاصيلها الصغرى من عناوين وعناوين داخلية ، ومقتبسات ووظائفها"13 لقد عمل بوطيب على تتبع إشغال الإدريسي على العتبات النصية في الخطاب السردي فقدم بالمقابل خطابا تقديميا نقديا -على اقتضابه- وعتبة نصية عملت على الوشاية باستراتيجية الكتابة عند يوسف الإدريسي


    ثالث عتبة تصادفنا داخل هذا المتن النقدي عتبة التقديم الذاتي الجدير بالذكر أن عبد الجليل الأزدي عنون عتبته "بتصدير"و جمال بوطيب وضعها قيد عنوان "تقديم" مما يفضي إلى أن الإدريسي سيج عتبات كتابه بطريقة إستراتيجية أو كما قال جمال بوطيب" عتبات النص كتاب يمكنه هو الآخر – وغير بعيد من مضامينه المعرفية واشتغالاته المنهجية – بما يميزه به صاحبه من نصوص موازية عليا : تصدير ، تقديم ، تذييل أن يكون محط دراسة وتحليل"14 ، مع هذا الاشتغال الملفت للانتباه إلا أننا لم نطمئن إلى مصطلح "التصدير " والذي يأتي عادة بمعنى "نقشة كتابية على حجارة بناء ، استشهاد في صدر الكتاب"15 هي تلك الكتابة المحفورة على مبنى أو تمثال أو عبارة توجيهية ، أو فكرة لكتاب ، إنها تقنية تلخص فكرة المؤلف سواء كانت له أو لغيره توضع في صدر الكتاب وبالضرورة يحق لنا - في اعتقادنا – أن نطلق على تصدير الأزدي تقديم لأنه أقرب إلى المقدمة منه إلى التصدير


    نعود إلى عتبة /مقدمة الإدريسي مع أنه اسـتكتب لعتبة نصه قلمين نقديين إلا أنه لم يطمئن عليها فأردفها بتوقيع من قلمه وقد أخذت بعدا أكاديميا بحثا استعرض فيها أقسام كتابه كما أبرز ما للعتبات من أهمية وإن كنا لم نجد أي إحالة من قبله لسبب انتخاب مصطلح عتبات ليعتلي عرش العنونة وإن كان يستعمل مصطلح النص الموازي ، والموازيات النصية على غرار عبد الرحيم العلام في كتابه الفوضى الممكنة " ، يبدو أن الإدريسي تجنب إشكالية المصطلح عن سبق رصد و ترصد خصوصا أنه وجه اهتمامه إلى عتبات النص في الثقافة العربية الإسلامية والتنظير الغربي لخطاب العتبات وأقصى تعامل النقد العربي مع هذا الحقل المعرفي


    من النصوص الموازية التي أحاطت بعتبات الإدريسي عتبة التصدير التي استجلبها من سياقات مختلفة كان أولها ل "التهانوي : كشاف اصطلاحات الفنون" "الواجب على من شرع في شرح كتاب ما أن يتعرض لأشياء قبل الشروع في المقصود ، يسميها قدماء الحكماء الرؤوس الثمانية ، أحدها الغرض (..) وثانيها المنفعة (..) وثالثها السمة (..) ورابعها المؤلف (..) وخامسها أنه من أي علم هو (..) وسادسها أنه من أية مرتبة هو (..) وسابعها القسمة(...)وثامنها الأنحاء التعليمية (...)"وهو ما يعكس وعي الإدريسي -الذي يحسب له – بالشذرات المتفرعة من التراث العربي ، ثاني عتبة بنت عتبة التصدير مستجلبة من المتن الروائي " (...) آخر شيء يتم اختياره عادة هو العنوان ، ويمكن استنتاجه من السياق(..)" وهو ما يعكس سلطة المتن الروائي عند الإدريسي ،ففي النهاية نحن ننطلق في مقاربتنا من النص الموازي إلى النص الرئيس و العكس ،و لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نسقط من حساباتنا أن العتبات وضعت بالأساس لخدمة النص أو كما يقول جيرار جينت لا يوجد فيل من غير فيال ولا فيال من غير فيل16 ، وقد نتفق مع علي المتقي في أن "قيمة العتبات تكمن في ما توحي به من احتمالات تثير في القارئ شهية القراءة وهذا يتحقق قبل قراءة نص الرواية " 17إلا أننا نقول قد يتحقق ذلك – في اعتقادنا- على مستوى الجمهور الذي تغريه الأغلفة والعناوين لاقتناء المؤلف ولكن على مستوى القارئ يصبح بناء التأويل والدلالة قائما على أساس حركة الذهاب والإياب من النص إلى العتبة ومن العتبة إلى النص والجمهور ليس بالضرورة قارئا للنص الروائي ، مما يجعلنا نخالف علي المتقي في الجزء الثاني من مقولته " ينبغي قراءة صورة الغلاف بوصفها عتبة لها وظائف معينة باستقلال عن الرواية "18 ذلك أن الوحدات الغرافيكية للغلاف تشتغل على بلاغة بصرية تغري وتغوي باقتناء الرواية لكن على مستوى التأويل لن نتمكن من الوصول إلى الدلالة إلا عبر الحركة السابقة الذكر(نحن ننطلق من البنية السطحية إلى البنية العميقة) ،وعلى ما يبدو لم يرض علي المتقي في مقاله" انطباعات حول عتبات النص ليوسف الإدريسي " عن تحليل الإدريسي لبعض العتبات (المقتبسات ) فالمتقي يصر على مقاربة العتبات/ المقتبسات في ذاتها أولا ثم ربطها بسياقها الذي وضعت فيه والحق يقال إننا نتفق مع المتقي في هذا التصور فالمقتبسات تطرح إشكالية الكلام المقول سلفا فلا تنفك عتبات التصدير/المقتبسات تضعنا أمام المساءلة هل تحافظ هذه المقولات على دلالتها الأصلية أم نشأت لها دلالات أخرى بفضل التحويل والتهجير النصي الذي خضعت له. كما أن عبد الرحمن منيف لم يستحضر تلك المقتبسات من باب الترف النصي فقد وضعها بالأساس خدمة للنص وإن لم يتمكن الإدريسي من الحفر في دلالتها وعلاقتها بالمتن ، فذلك لا يعني أن قراءتها انطلاقا من المتن الروائي تقيد التأويل والتحليل

    أما ما نأخذه على الإدريسي هو اعتماده في مقاربة عتبة العنونة على ما صرح به عبد الرحمن منيف في أحد نصوصه الفوقية أو البعدية باصطلاح الإدريسي، في رأينا تلك العتبة تعكس صورة المؤلف القارئ لنصه –اعتمد على حوار لعبد الرحمن منيف منشور في بيان اليوم الثقافي ،عدد ، 39 مارس1992 –وبالتالي فتلك الحوارات على أهميتها قيدت التأويلات التي كانت لتخلق لو اعتمد على تفضية عتبة العنونة انطلاقا من البنية المعجمية والتركيبة –وهو ما أنجزه- ثم البنية الدلالية الناتجة من علاقة العنوان بالنص دون الحاجة إلى قراءة منيف لنصه/الحوار، وعموما تبقى إستراتيجية ارتضاها الإدريسي في قراءة وتأويل عتبات النص ، ولا نلزمه بتصورنا على الإطلاق ، فالرواية "نص أدبي متخيل وليست نصا علميا تشفع له ضرورة العلم والالتزام بالمنطق، بأن يكون عنوانه مطابقا ، بل إن الرواية تؤثث عناوينها بالبلاغة، والإشراقات الشعرية ،كما تعمد إلى لعبة المراوغة والايهام"18


    و في الختام لنا أن نقول يبقى النص الموازي حقلا معرفيا جديرا بالاحتفال النقدي لكن في غمرة هذا الاحتفال ينبغي أن نحذر منه فقد تأخذنا العتبات النصية إلى مزالق نقدية تعتيمية ويبقى كتاب الدكتور يوسف الإدريسي موطن قراءة ومناسبة احتفاء على حد قول جمال بوطيب.

    الهوامش:
    1 - بسام قطوس : سيمياء العنوان، ط1 ،وزارة الثقافة، الأردن ،2001 ، ص6
    2 - نبيل منصر : الخطاب الموازي للقصيدة العربية، ط1، درا توبقال، المغرب ، 2007 ، ص6
    3 - يوسف الإدريسي : عتبات النص بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر، ط1 منشورات مقاربات ، المغرب ،2008 ،ص9/10
    4 - المصدر نفسه : ص7
    5 - المصدر نفسه : ص10
    6 - المصدر نفسه : الصفحة نفسها


    *Gérard genette Seuils , éditions du seuil, paris, p376

    7 - المصدر نفسه : ص11
    8 - المصدر نفسه :الصفحة نفسها
    9 - المصدر نفسه: الصفحة نفسها
    10 - المصدر نفسه : ص11
    11 - المصدر نفسه :ص12
    12 - المصدر نفسه: ص12
    13 - المصدر نفسه : ص12
    14 - المصدر نفسه : ص13
    15 - جروان السابق : معجم اللغات انجليزي –فرنسي –عربي ، ط1 ،درا سابق للنشر، بيروت ، دس ، ص336

    - 16 Gérard genette seuil ,p376

    17- علي المتقي : انطباعات حول عتبات النص ليوسف الإدريسي، متاح على الشبكة ، مدونة علي
    moutaki.jeeran.com المتقي ،09 أفريل2009 ،
    18 - المرجع نفسه : متاح على الشبكة
    19 – شعيب حليفي ك هوية العلامات في العتبات وبناء التأويل ، ط1 ، درا الثقافة ، الدار البيضاء /المغرب، 2005 ، ص33

    وطني علمني ان حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء
    وطني علمني ان التاريخ البشري بدون حب عويل ونكاح في الصحراءhttp://www.wahitalibdaa.com/image.ph...ine=1272034613

  • #2
    عتبة إلى عتبات النص ليوسف الإدريسي

    عتبة إلى عتبات النص ليوسف الإدريسي

    بقلم : روفيا بوغنوط
    العتبات النصية بأجناسها الخطابية أول ما يشد البصر ، وقد تكون آخر شيء يبقى في الذاكرة حين ننسى النص يظل العنوان وهو واحد من بين عتبات النص يلفح الذاكرة يصر على البقاء.


    تحملنا هذه العتبات أو ما يصطلح عليه بالنصوص الموازية إلى متاهات التأويل تشدنا إليها، فأنى لنا أن نفلت من قبضة ذلك الإغراء والإغواء الذي لا ينتهي ، كلما اعتقدنا أننا تحررنا منها عادت وطوقتنا راسمة أمالا عراضا ، تقدم لنا قرابين العشق حتى لا ننسى لذة القراءة واللقاء،إنها فخاخ للعشق تحشد الأفكار وتشدها إليها، في كل ذلك تذكرنا أنها أهدتنا مفتاحا للدخول وفي الوقت نفسه تطالبنا بضريبة هذا الدخول ، ففي النهاية إقامتنا غير شرعية مادامت القراءة قراءات متعددة، قد تمنحنا تأشيرة سفر بلا رجعة تاركة إيانا نتخبط في متاهات التأويل بلا هوادة حتى ندرك أن ليس كل العتبات النصية حاملة لامتياز الشعرية، فكثيرا ما نلتقي بعتبات ونصوص موازية بلا نوايا دلالية


    النص الموازي "أفق قد يصغر القارئ عن الصعود إليه وقد يتعالى هو عن النزول لأي قارئ"1 ، حقل معرفي أخذ اهتماما كبيرا في الدراسات النقدية المعاصرة ، وكتاب الدكتور الناقد يوسف الإدريسي"عتبات النص بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر "الصادر عن منشورات مقاربات سنة 2008، يندرج في سياق حركة نقدية هامة لعبت فيها الدراسات المغربية دورا " في جعل هذه الحركة تبلور تعاقدا متناميا بالالتزام بالمعرفة والمنهج في تهيئ وضعية علمية تسمح بإنتاج التراكم النقدي"2 ،وهذه الجهود النقدية المعتبرة –ربما- تمنح الباحث ما يحرره من ضبابية الرؤية، فالعتبات محافل نصية قادرة على إنتاج الدلالة من خلال عملية التفاعل وإقامة علاقة جدلية بينها وبين النص الرئيس.


    من اللافت أن الإدريسي سيج كتابه "عتبات النص بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر" بعتبات نصية كان مركز ثقلها الإنتاجي الخطاب المقدماتي الذي عادت دباجته إلى ناقدين هما "عبد الجليل الأزدي " و القاص والروائي الناقد جمال بوطيب، وقد شكلت المقدمتان خطابا نقديا بينا ، حيث سعى الأزدي في تلك العتبة التي عنونها "بلاغة الاجتياز" والتي يرى بأنها "لا تقوم في العبور من العتبات إلى النص ، أو من الفاتحة إلى الخاتمة ، ,إنما في العبور بين النص والقارئ، بين الداخل والخارج، بين الفني والجمالي، بكيفية مفتوحة ديمقراطية وإيجابية ومناقضة لإعادة إنتاج النص المغلق،"3 إلى تبين ما لهذا المحفل النصي من أهمية وإن كنا ألفينا عبد الجليل الأزدي يفرد حديثه لعتبة واحدة هي عتبة "البداية السردية" مدرجا معها الخواتم خصوصا "أن النثر السردي التخييلي شكل مجالا مفضلا ومتميزا لهذا عبر إضاءة واستجلاء تكنيك كتابي على نحو شعائري غالبا ، وهو التكنيك الذي يطلب الوصف في المقام الأول والمساءلة والتأويل بعد ذلك "4، ومما يحسب للإدريسي حسب قول عبد الجليل الأزدي أن مقاربته تقع "ضمن هذا الشكل من العبور والاجتياز... التي جمعت بين المشاغل النظرية ودراسة حالة محددة ،علاوة على أنها صيغت في سياق أكاديمي جامعي يعود إلى بداية التسعينيات ، وذلك قبل أن تنبري العديد من المصنفات للاهتمام بهذا الموضوع "5 ويشير الأزدي إلى جهد عدد من الأساتذة في الجامعة المغربية كان لهم السبق في نهاية السبعينيات في الاهتمام بهذا الحقل المعرفي وإن كانت كما يقول "ظلت رهينة التقاليد الشفوية"6 لأنها شكلت مجموعة محاضرات ألقيت على الطلبة ولم تخرج عن هذا السياق ، ونعتقد أنه جهد طيب لو كتبت له الطباعة ، كان ليضيف إلى الدرس النقدي المغربي والعربي الكثير. عموما لم تخرج مقدمة الأزدي عن البيان النقدي -على اقتضابها - وشكلت عتبة مهمة لعتبات الإدريسي.


    ثاني عتبة مقدماتية حظيت بها عتبات الإدريسي كانت من توقيع القاص والروائي جمال بوطيب والتي يعنونها هو الآخر بعنوان لافت –وكأننا به قد تواطأ مع الأزدي في وضع عناوين لافتة للمقدمات- " الانتباه المزدوج" مقدمة /عتبة كتبت بنفس نقدي بعيد عن التقريظ- وهو هنا يتفق مع عبد الجليل الأزدي - الذي عادة ما يلازم كتاب المقدمات خصوصا حين تكون بين المقدم والمقدم له /المؤلف سابق معرفة أو صداقة ،مما يحول بعض المقدمات إلى خطاب حجاجي دفاعي ينحاز لصاحب المتن الروائي أو الشعري أو النقدي وهي مقدمات تقريظية لا تضيف للنص شيئا ،أول ما افتتح به جمال بوطيب خطابه المقدماتي كلمات لفيلب لان "ينبغي أن ننتبه إلى النص الموازي وأن ننتبه منه "7 هو نفس التحذير الذي قدمه جيرار جينت " علينا أن نحذر العتبات"*مفاد هذا التحذير أولفت الانتباه حسب بوطيب يعود إلى "أن دراسة المتوازيات هي دراسة لمنطقها ، وثانيا أن الاهتمام بها ينبغي أن يكون دونما مبالغة ، أي أنه يعي ازدواجية الاهتمام بالمناص إن خطورة أو استسهالا، فلا يمكن المروق أمام عتبة نصية ، كما لا يمكن بالمقابل إيلاؤها أكثر مما تستحق"8 ، وبوطيب بكلامه هذا لم يجانب الصواب وربما- لنا


    أن نتفق معه ، لكن ما يلفت الانتباه استعماله لثلاثة مصطلحات دفعة واحدة مما يجعل منها


    بالضرورة مقابلا للمصطلح الأجنبي() وهي المتوازيات ، المناص ، العتبة النصية ، وهو ما يعكس فوضى المصطلح في النقد العربي وعدم وجود مصطلح واحد للمقابل الأجنبي ، وإن كنا لسننا بصدد الحديث عن إشكالية المصطلح لكن نشير إلى هذا الإشكال من باب لفت الانتباه حتى نحذر هذه الفوضى


    يشيد جمال بوطيب بجهد الإدريسي الذي قدم اشتغالا تطبيقيا على نص روائي عربي " الآن..هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى" للروائي عبد الرحمن منيف "رواية بالغة وبليغة : بنيانها مرصوص وعمقها مخصوص وعتباتها فصوص ، وهي قبل كل هذا نص لاحق لنص سابق هو يتيمة دهر أدب السجون المسماة "شرق المتوسط" "9 ، لقد قدم يوسف الإدريسي بكتابه هذا اشتغالا مزدوجا بين "التنظير والممارسة من جهة ، والتنظير الغربي والعربي من جهة ثانية ، والوعي بالاكتمال النظري في التراث العربي من جهة ثالثة، مواطن تجعل بحث الباحث الدكتور يوسف الإدريسي بحثا يحقق بعد نظر يسمح للقارئ بمساءلة المتن التطبيقي بهدوء" 10 والحق يقال إن جهد الإدريسي في الإحاطة بعتبات النص بوصفها عناصر نظرية في الثقافة العربية الإسلامية جدير بالإشادة.


    ومما يضاف للناقد أيضا وعيه باشتغال العتبات "فلم يغرق في الاهتمام بالعتبات ، ,إنما جعلها مكونا تحليليا لا ينبغي تجاوزه مع احتراز منها باعتبار بعض من مكوناتها –إن لم نقل كلها –


    مقاطع إديولوجية بتعبير بارثي"11 فالنص الموازي/العتبات خطاب أساسي ومساعد سخر لخدمة شيء آخر هو النص، هذا ما أكسبه بعدا تداوليا و قوة انجازية وعلى "الباحث أن يعي حدودها وتطبيقاتها ومرجعياتها "12 و الإدريسي حسب ما قدم به جمال بوطيب قد وفق في الانتباه إلى هذه الازدواجية التي تلف العتبات النصية و"لعل أهم ما يميز الكتاب هو سعي مؤلفه إلى خلق تآلف بين الدلالي واللساني في خلق السرديات من خلال مكون هو العتبات .. بتفاصيلها الصغرى من عناوين وعناوين داخلية ، ومقتبسات ووظائفها"13 لقد عمل بوطيب على تتبع إشغال الإدريسي على العتبات النصية في الخطاب السردي فقدم بالمقابل خطابا تقديميا نقديا -على اقتضابه- وعتبة نصية عملت على الوشاية باستراتيجية الكتابة عند يوسف الإدريسي


    ثالث عتبة تصادفنا داخل هذا المتن النقدي عتبة التقديم الذاتي الجدير بالذكر أن عبد الجليل الأزدي عنون عتبته "بتصدير"و جمال بوطيب وضعها قيد عنوان "تقديم" مما يفضي إلى أن الإدريسي سيج عتبات كتابه بطريقة إستراتيجية أو كما قال جمال بوطيب" عتبات النص كتاب يمكنه هو الآخر – وغير بعيد من مضامينه المعرفية واشتغالاته المنهجية – بما يميزه به صاحبه من نصوص موازية عليا : تصدير ، تقديم ، تذييل أن يكون محط دراسة وتحليل"14 ، مع هذا الاشتغال الملفت للانتباه إلا أننا لم نطمئن إلى مصطلح "التصدير " والذي يأتي عادة بمعنى "نقشة كتابية على حجارة بناء ، استشهاد في صدر الكتاب"15 هي تلك الكتابة المحفورة على مبنى أو تمثال أو عبارة توجيهية ، أو فكرة لكتاب ، إنها تقنية تلخص فكرة المؤلف سواء كانت له أو لغيره توضع في صدر الكتاب وبالضرورة يحق لنا - في اعتقادنا – أن نطلق على تصدير الأزدي تقديم لأنه أقرب إلى المقدمة منه إلى التصدير


    نعود إلى عتبة /مقدمة الإدريسي مع أنه اسـتكتب لعتبة نصه قلمين نقديين إلا أنه لم يطمئن عليها فأردفها بتوقيع من قلمه وقد أخذت بعدا أكاديميا بحثا استعرض فيها أقسام كتابه كما أبرز ما للعتبات من أهمية وإن كنا لم نجد أي إحالة من قبله لسبب انتخاب مصطلح عتبات ليعتلي عرش العنونة وإن كان يستعمل مصطلح النص الموازي ، والموازيات النصية على غرار عبد الرحيم العلام في كتابه الفوضى الممكنة " ، يبدو أن الإدريسي تجنب إشكالية المصطلح عن سبق رصد و ترصد خصوصا أنه وجه اهتمامه إلى عتبات النص في الثقافة العربية الإسلامية والتنظير الغربي لخطاب العتبات وأقصى تعامل النقد العربي مع هذا الحقل المعرفي


    من النصوص الموازية التي أحاطت بعتبات الإدريسي عتبة التصدير التي استجلبها من سياقات مختلفة كان أولها ل "التهانوي : كشاف اصطلاحات الفنون" "الواجب على من شرع في شرح كتاب ما أن يتعرض لأشياء قبل الشروع في المقصود ، يسميها قدماء الحكماء الرؤوس الثمانية ، أحدها الغرض (..) وثانيها المنفعة (..) وثالثها السمة (..) ورابعها المؤلف (..) وخامسها أنه من أي علم هو (..) وسادسها أنه من أية مرتبة هو (..) وسابعها القسمة(...)وثامنها الأنحاء التعليمية (...)"وهو ما يعكس وعي الإدريسي -الذي يحسب له – بالشذرات المتفرعة من التراث العربي ، ثاني عتبة بنت عتبة التصدير مستجلبة من المتن الروائي " (...) آخر شيء يتم اختياره عادة هو العنوان ، ويمكن استنتاجه من السياق(..)" وهو ما يعكس سلطة المتن الروائي عند الإدريسي ،ففي النهاية نحن ننطلق في مقاربتنا من النص الموازي إلى النص الرئيس و العكس ،و لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نسقط من حساباتنا أن العتبات وضعت بالأساس لخدمة النص أو كما يقول جيرار جينت لا يوجد فيل من غير فيال ولا فيال من غير فيل16 ، وقد نتفق مع علي المتقي في أن "قيمة العتبات تكمن في ما توحي به من احتمالات تثير في القارئ شهية القراءة وهذا يتحقق قبل قراءة نص الرواية " 17إلا أننا نقول قد يتحقق ذلك – في اعتقادنا- على مستوى الجمهور الذي تغريه الأغلفة والعناوين لاقتناء المؤلف ولكن على مستوى القارئ يصبح بناء التأويل والدلالة قائما على أساس حركة الذهاب والإياب من النص إلى العتبة ومن العتبة إلى النص والجمهور ليس بالضرورة قارئا للنص الروائي ، مما يجعلنا نخالف علي المتقي في الجزء الثاني من مقولته " ينبغي قراءة صورة الغلاف بوصفها عتبة لها وظائف معينة باستقلال عن الرواية "18 ذلك أن الوحدات الغرافيكية للغلاف تشتغل على بلاغة بصرية تغري وتغوي باقتناء الرواية لكن على مستوى التأويل لن نتمكن من الوصول إلى الدلالة إلا عبر الحركة السابقة الذكر(نحن ننطلق من البنية السطحية إلى البنية العميقة) ،وعلى ما يبدو لم يرض علي المتقي في مقاله" انطباعات حول عتبات النص ليوسف الإدريسي " عن تحليل الإدريسي لبعض العتبات (المقتبسات ) فالمتقي يصر على مقاربة العتبات/ المقتبسات في ذاتها أولا ثم ربطها بسياقها الذي وضعت فيه والحق يقال إننا نتفق مع المتقي في هذا التصور فالمقتبسات تطرح إشكالية الكلام المقول سلفا فلا تنفك عتبات التصدير/المقتبسات تضعنا أمام المساءلة هل تحافظ هذه المقولات على دلالتها الأصلية أم نشأت لها دلالات أخرى بفضل التحويل والتهجير النصي الذي خضعت له. كما أن عبد الرحمن منيف لم يستحضر تلك المقتبسات من باب الترف النصي فقد وضعها بالأساس خدمة للنص وإن لم يتمكن الإدريسي من الحفر في دلالتها وعلاقتها بالمتن ، فذلك لا يعني أن قراءتها انطلاقا من المتن الروائي تقيد التأويل والتحليل

    أما ما نأخذه على الإدريسي هو اعتماده في مقاربة عتبة العنونة على ما صرح به عبد الرحمن منيف في أحد نصوصه الفوقية أو البعدية باصطلاح الإدريسي، في رأينا تلك العتبة تعكس صورة المؤلف القارئ لنصه –اعتمد على حوار لعبد الرحمن منيف منشور في بيان اليوم الثقافي ،عدد ، 39 مارس1992 –وبالتالي فتلك الحوارات على أهميتها قيدت التأويلات التي كانت لتخلق لو اعتمد على تفضية عتبة العنونة انطلاقا من البنية المعجمية والتركيبة –وهو ما أنجزه- ثم البنية الدلالية الناتجة من علاقة العنوان بالنص دون الحاجة إلى قراءة منيف لنصه/الحوار، وعموما تبقى إستراتيجية ارتضاها الإدريسي في قراءة وتأويل عتبات النص ، ولا نلزمه بتصورنا على الإطلاق ، فالرواية "نص أدبي متخيل وليست نصا علميا تشفع له ضرورة العلم والالتزام بالمنطق، بأن يكون عنوانه مطابقا ، بل إن الرواية تؤثث عناوينها بالبلاغة، والإشراقات الشعرية ،كما تعمد إلى لعبة المراوغة والايهام"18


    و في الختام لنا أن نقول يبقى النص الموازي حقلا معرفيا جديرا بالاحتفال النقدي لكن في غمرة هذا الاحتفال ينبغي أن نحذر منه فقد تأخذنا العتبات النصية إلى مزالق نقدية تعتيمية ويبقى كتاب الدكتور يوسف الإدريسي موطن قراءة ومناسبة احتفاء على حد قول جمال بوطيب.

    الهوامش:
    1 - بسام قطوس : سيمياء العنوان، ط1 ،وزارة الثقافة، الأردن ،2001 ، ص6
    2 - نبيل منصر : الخطاب الموازي للقصيدة العربية، ط1، درا توبقال، المغرب ، 2007 ، ص6
    3 - يوسف الإدريسي : عتبات النص بحث في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر، ط1 منشورات مقاربات ، المغرب ،2008 ،ص9/10
    4 - المصدر نفسه : ص7
    5 - المصدر نفسه : ص10
    6 - المصدر نفسه : الصفحة نفسها


    *Gérard genette Seuils , éditions du seuil, paris, p376

    7 - المصدر نفسه : ص11
    8 - المصدر نفسه :الصفحة نفسها
    9 - المصدر نفسه: الصفحة نفسها
    10 - المصدر نفسه : ص11
    11 - المصدر نفسه :ص12
    12 - المصدر نفسه: ص12
    13 - المصدر نفسه : ص12
    14 - المصدر نفسه : ص13
    15 - جروان السابق : معجم اللغات انجليزي –فرنسي –عربي ، ط1 ،درا سابق للنشر، بيروت ، دس ، ص336

    - 16 Gérard genette seuil ,p376

    17- علي المتقي : انطباعات حول عتبات النص ليوسف الإدريسي، متاح على الشبكة ، مدونة علي
    moutaki.jeeran.com المتقي ،09 أفريل2009 ،
    18 - المرجع نفسه : متاح على الشبكة
    19 – شعيب حليفي ك هوية العلامات في العتبات وبناء التأويل ، ط1 ، درا الثقافة ، الدار البيضاء /المغرب، 2005 ، ص33

    وطني علمني ان حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء
    وطني علمني ان التاريخ البشري بدون حب عويل ونكاح في الصحراءhttp://www.wahitalibdaa.com/image.ph...ine=1272034613

    تعليق


    • #3
      رد: عتبة إلى عتبات النص ليوسف الإدريسي

      حول المنزع العقلي في أدب الجاحظ

      نواصل عرض مقتطفات من دراسة أعدّها جمع من أساتذة العربيّة:
      من تجليات المنهج العلمي عند الجاحظ
      o دراسة طبائع الحيوان و أساليب عيشه و البيئات التي يعيش فيها و طرق تكاثره و غذائه و أصنافه و جوانب من سلوكه و خصائصه…
      و هذه الملاحظة هي في الأساس ملاحظة حسية مباشرة ( فبينا نحن عنده إذ دخل عليه بعض من يجلب الأفاعي من سجستان و يعمل الترياقات. فقال له : حدثهم بالذي حدثتني به من عين الأفعى … /… و زعم بعضهم أن لبعض الحيات لسانين، و هذا عندي غلط، و أظن أنه لما رأى افتراق طرفي اللسان قضى بأن، لها لسانين فهي ملاحظة حسية تعتمد على الحواس و على رأسها البصر ، مع ما قد يجر إليه ذلك من خطإ أو توهم ( لعمري إن الحواس لتخطْئ . o لكنه من جهة أخرى تجريب علمي يرقى إلى مستوى تعمد العالم وضع الظاهرة التي يرصدها موضع الاختبار عن سابق قصد و تحكم في ظروف إجراء ذلك الاختبار، يقول معترضا على بعض الروايات المتصلة بقتل النمل: و قد جربنا ذلك فوجدناه باطلا. و لعل من أوضح الأمثلة على استخدام المنهج التجريبي ما أورده في باب الحيات أيضا في سياق تجربة النور المنبعث من عيون بعض الأفاعي ، يقول أبو عثمان رواية عن محمد بن الجهم عن أحد بائعي الأفاعي و صناع ترياقها، بعد أن رأى في ظلام الليل وهو نائم ضياء ينبعث من مكان ترك فيه رأس إحدى الأفاعي : فقمت فقدحت نارا و أخذت المصباح معي ، ومضيت نحو السرير فلم أجد تحته إلا رأس أفعى، فأطفأت السراج و نمت، و فتحت عيني فإذا ذلك الضوء على حاله، فنهضت فصنعت كصنيعي الأول، حتى فعلت ذلك مرارا ، قال : فقلت لآخر مرة : لا أرى شيئا إلا رأس أفعى. فلو نحيته فنحيته و أطفأت السراج ثم رجعت إلى منامي، ففتحت عيني فلم أر الضوء، فعلمت أنه من عين الأفعى … . o يتجلى الطابع العلمي للملاحظة في ما يصاحبها من عملية انتقاء و تركيز تهدف إلى عزل الظاهرة أو الواقعة التي يراد درسها أو تجريبها (عما سواها من الظواهر و الوقائع الأخرى التي لا تستوقف الباحث و لا تستدعي اهتمامه)، و التي تثير الحيرة العلمية وحب الاستكشاف لديه، و تسليط الذهن عليها بغية تعرفها وفهم خصائصها. o أما الخطوة الثالثة من خطوات المنهج العلمي: فهي أن الباحث بعد التجربة يخلص إلى الاستنباط العقلي، ثم يعيد التجربة مرة ثانية أو مرارا ليتأكد من صحة ذلك الاستنباط و من تطابق التجربة الواقعية مع الاستنتاج النظري : ) ثم سألت عن ذلك – أي النور المنبعث من عين الأفعى –فإذا الأمر حق . و إذا هو مشهور في أهل هذه الصناعة (. و قد يخلص إلى تعميم قانون عن طريق الاستقراء كما في قوله بعد حديثه عن قوة الأفاعي : و كل شيء ممسوح البدن ليس بذي أيد و لا أرجل، فإنه يكون شديد البدن كالسمك و الحية ) الحيوان ( . o التعليل أو البحث عن الأسباب، و من المعروف أن هذا سمة من أهم سمات التفكير العلمي، فبالسؤال لم ? يفسر العلم العلاقة بين الأشياء و الظواهر، و يربط بينها في تنظيمات فكرية تساعد على تقدم العلوم و تراكم المعارف ، و التعليل أو ربط الأسباب بمسبباتها من أنماط التفكير التي تكثر في كتابات الجاحظ. إذ نلحظها على مستوى الفكرة و المضمون، كما نلحظها على مستوى اللغة و المبنى )كما سيرد لاحقا (… o التفكير المنظم و التدرج المخطط مظهر آخر من مظاهر التفكير العلمي و العقلانية، ويتجلى هذا في مواضع كثيرة من أبحاثه حول الحيوان، كما يتجلى في رسائله، مثلما نجد ذلك في التدرج الذي يسلكه عند توضيح أهمية الترغيب و الترهيب( النفس مطبوعة على حب الخيرات و اجتناب المكاره + و الخيرات موفورة  التأديب ضروري و إلا اختلت الحياة و فسدت/ و التأديب وسيلته الأمر و النهي – و الأمر و النهي وسيلته الترغيب و الترهيب- و هما موافقان لما طبع الله عليه النفس (. o قيام المنهج التجريبي على الملاحظة المنظمة للظواهر الطبيعية المراد رصدها، وهذه الملاحظة تكون من طريقين : الخبر( قال أبو إسحاق - زعم ابن أبي العجوز-حدثني صديق لي … ) و العيان ( و قد رأيت بيض الحيات و كسرتها لأتعرف ما فيها (. و من أمثلة العيان كذلك قوله : و في الذبان طبع كطبع الجعلان..فهو صنع غريب عجيب (يقصد تماوتها ثم عودتها إلى الحركة ( ، و لولا أن العيان قهر أهله لكانوا خلقاء أن يدفعوا الخبر عنه . ثم يقول: و جربت أنا ذلك في الخنفساء، فوجدت الأمر فيها قريبا من صفة الجعل ( . o التفكير النقدي: وهو تفكير تحليلي استدلالي نجد له أمثلة متعددة في تمحيص الجاحظ الروايات وتجريحها و إصدار الأحكام بترجيح صحتها أو خطئها أو الشك فيها ، فقد أخضع الجاحظ ما تناهى إلى علمه من المرويات للنقد و التحليل و التقييم ، ورفض ما لا يتفق مع العقل ، و ما لا يثبت بدليل : يقول إثر رده على صاحب المنطق أرسطو ) الحيوان – 1 –185 (: و أما الذين ذكروا السمع و المسبار، فليس في ظاهر كلامهم دليل على ما ادعى عليهم الناس من هذا التركيب المختلف… فأدينا الذي قالوا، و أمسكنا عن الشهادة، إذ لم نجد عليها دليلا
      وطني علمني ان حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء
      وطني علمني ان التاريخ البشري بدون حب عويل ونكاح في الصحراءhttp://www.wahitalibdaa.com/image.ph...ine=1272034613

      تعليق


      • #4
        رد: عتبة إلى عتبات النص ليوسف الإدريسي

        حول المنزع العقلي في أدب الجاحظ

        نواصل عرض مقتطفات من دراسة أعدّها جمع من أساتذة العربيّة:
        من تجليات المنهج العلمي عند الجاحظ
        o دراسة طبائع الحيوان و أساليب عيشه و البيئات التي يعيش فيها و طرق تكاثره و غذائه و أصنافه و جوانب من سلوكه و خصائصه…
        و هذه الملاحظة هي في الأساس ملاحظة حسية مباشرة ( فبينا نحن عنده إذ دخل عليه بعض من يجلب الأفاعي من سجستان و يعمل الترياقات. فقال له : حدثهم بالذي حدثتني به من عين الأفعى … /… و زعم بعضهم أن لبعض الحيات لسانين، و هذا عندي غلط، و أظن أنه لما رأى افتراق طرفي اللسان قضى بأن، لها لسانين فهي ملاحظة حسية تعتمد على الحواس و على رأسها البصر ، مع ما قد يجر إليه ذلك من خطإ أو توهم ( لعمري إن الحواس لتخطْئ . o لكنه من جهة أخرى تجريب علمي يرقى إلى مستوى تعمد العالم وضع الظاهرة التي يرصدها موضع الاختبار عن سابق قصد و تحكم في ظروف إجراء ذلك الاختبار، يقول معترضا على بعض الروايات المتصلة بقتل النمل: و قد جربنا ذلك فوجدناه باطلا. و لعل من أوضح الأمثلة على استخدام المنهج التجريبي ما أورده في باب الحيات أيضا في سياق تجربة النور المنبعث من عيون بعض الأفاعي ، يقول أبو عثمان رواية عن محمد بن الجهم عن أحد بائعي الأفاعي و صناع ترياقها، بعد أن رأى في ظلام الليل وهو نائم ضياء ينبعث من مكان ترك فيه رأس إحدى الأفاعي : فقمت فقدحت نارا و أخذت المصباح معي ، ومضيت نحو السرير فلم أجد تحته إلا رأس أفعى، فأطفأت السراج و نمت، و فتحت عيني فإذا ذلك الضوء على حاله، فنهضت فصنعت كصنيعي الأول، حتى فعلت ذلك مرارا ، قال : فقلت لآخر مرة : لا أرى شيئا إلا رأس أفعى. فلو نحيته فنحيته و أطفأت السراج ثم رجعت إلى منامي، ففتحت عيني فلم أر الضوء، فعلمت أنه من عين الأفعى … . o يتجلى الطابع العلمي للملاحظة في ما يصاحبها من عملية انتقاء و تركيز تهدف إلى عزل الظاهرة أو الواقعة التي يراد درسها أو تجريبها (عما سواها من الظواهر و الوقائع الأخرى التي لا تستوقف الباحث و لا تستدعي اهتمامه)، و التي تثير الحيرة العلمية وحب الاستكشاف لديه، و تسليط الذهن عليها بغية تعرفها وفهم خصائصها. o أما الخطوة الثالثة من خطوات المنهج العلمي: فهي أن الباحث بعد التجربة يخلص إلى الاستنباط العقلي، ثم يعيد التجربة مرة ثانية أو مرارا ليتأكد من صحة ذلك الاستنباط و من تطابق التجربة الواقعية مع الاستنتاج النظري : ) ثم سألت عن ذلك – أي النور المنبعث من عين الأفعى –فإذا الأمر حق . و إذا هو مشهور في أهل هذه الصناعة (. و قد يخلص إلى تعميم قانون عن طريق الاستقراء كما في قوله بعد حديثه عن قوة الأفاعي : و كل شيء ممسوح البدن ليس بذي أيد و لا أرجل، فإنه يكون شديد البدن كالسمك و الحية ) الحيوان ( . o التعليل أو البحث عن الأسباب، و من المعروف أن هذا سمة من أهم سمات التفكير العلمي، فبالسؤال لم ? يفسر العلم العلاقة بين الأشياء و الظواهر، و يربط بينها في تنظيمات فكرية تساعد على تقدم العلوم و تراكم المعارف ، و التعليل أو ربط الأسباب بمسبباتها من أنماط التفكير التي تكثر في كتابات الجاحظ. إذ نلحظها على مستوى الفكرة و المضمون، كما نلحظها على مستوى اللغة و المبنى )كما سيرد لاحقا (… o التفكير المنظم و التدرج المخطط مظهر آخر من مظاهر التفكير العلمي و العقلانية، ويتجلى هذا في مواضع كثيرة من أبحاثه حول الحيوان، كما يتجلى في رسائله، مثلما نجد ذلك في التدرج الذي يسلكه عند توضيح أهمية الترغيب و الترهيب( النفس مطبوعة على حب الخيرات و اجتناب المكاره + و الخيرات موفورة  التأديب ضروري و إلا اختلت الحياة و فسدت/ و التأديب وسيلته الأمر و النهي – و الأمر و النهي وسيلته الترغيب و الترهيب- و هما موافقان لما طبع الله عليه النفس (. o قيام المنهج التجريبي على الملاحظة المنظمة للظواهر الطبيعية المراد رصدها، وهذه الملاحظة تكون من طريقين : الخبر( قال أبو إسحاق - زعم ابن أبي العجوز-حدثني صديق لي … ) و العيان ( و قد رأيت بيض الحيات و كسرتها لأتعرف ما فيها (. و من أمثلة العيان كذلك قوله : و في الذبان طبع كطبع الجعلان..فهو صنع غريب عجيب (يقصد تماوتها ثم عودتها إلى الحركة ( ، و لولا أن العيان قهر أهله لكانوا خلقاء أن يدفعوا الخبر عنه . ثم يقول: و جربت أنا ذلك في الخنفساء، فوجدت الأمر فيها قريبا من صفة الجعل ( . o التفكير النقدي: وهو تفكير تحليلي استدلالي نجد له أمثلة متعددة في تمحيص الجاحظ الروايات وتجريحها و إصدار الأحكام بترجيح صحتها أو خطئها أو الشك فيها ، فقد أخضع الجاحظ ما تناهى إلى علمه من المرويات للنقد و التحليل و التقييم ، ورفض ما لا يتفق مع العقل ، و ما لا يثبت بدليل : يقول إثر رده على صاحب المنطق أرسطو ) الحيوان – 1 –185 (: و أما الذين ذكروا السمع و المسبار، فليس في ظاهر كلامهم دليل على ما ادعى عليهم الناس من هذا التركيب المختلف… فأدينا الذي قالوا، و أمسكنا عن الشهادة، إذ لم نجد عليها دليلا
        وطني علمني ان حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء
        وطني علمني ان التاريخ البشري بدون حب عويل ونكاح في الصحراءhttp://www.wahitalibdaa.com/image.ph...ine=1272034613

        تعليق


        • #5
          رد: عتبة إلى عتبات النص ليوسف الإدريسي

          منزلة العقل و قيمته
          عند الجاحظ


          هذه بعض المقتطفات من دراسة أعدّها جمع من أساتذة العربيّة اعرضها على تلاميذ الرّابعة آداب لعلّهم يجدون فيها بعض النّفع: إعلاء الجاحظ المعتزلي من شأن العقل:
          -العقل سلاح حارب به الجاحظ الكثير من الأوهام و الخرافات و الاعتقادات الساذجة وغير ذلك من الظواهر التي لا تخضع للمنطق…
          ميزة ميز الله بها الإنسان عن سائر المخلوقات ، و فضيلة كرمه بها. العقل أداة المعرفة و وسيلة الإنسان إلى اكتساب العلوم، و بقدر اتساع حاجة المرء إلى المعارف و ارتقاؤه فيها ، يكون اتساع عقله و ارتقائه. فالعقل و المعرفة لهما عند الجاحظ طابع وظيفي. العقل حكم على صحة العلم بالمدركات: الحواس لا تكون حجة على العقل، لكن العقل حجة عليها. فعلوم العقل هي الحاكمة على علوم الإدراك الحسي : فلا تذهب إلى ما تريك العين، و اذهب إلى ما يريك العقل. وللأمور حكمان ، حكم ظاهر للحواس، و حكم باطن للعقول ، و العقل هو الحجة . الدليل السمعي تابع للدليل العقلي، عملا بمبدإ أسبقية العقل على النقل الذي آثرته المعتزلة. بالعقل يتوصل إلى معرفة الظواهر الطبيعية من حوله، و أحوال الاجتماع الإنساني والأخلاق و القيم، فيتبين حكمة الخالق في خلقه كما يتبين الخير والشر فيكون العقل سبيل إلى التوصل إلى حكمة الخالق: اعلم أن الجبل ليس بادل على الله من الحصاة، و لا الفلك المشتمل على عالمنا هذا بأدل على الله من بدن الإنسان ، و أن صغير ذلك ودقيقه كعظيمه وجليله،و لم تفترق الأمور في حقائقها ، و إنما افترق المفكرون فيها . كما قال : فإياك أن تسيء؛ الظن بشيء من الحيوان لاضطراب الخلق و لتفاوت التركيب و لأنه مشنوء في العين أو لأنه قليل النفع و الرد؛ فإن الذي يظن أنه أقلها نفعا لعله أن يكون أكثرها ردا، فإلا يكن ذلك من جهة عاجل أمر الدنيا، كان ذلك في أجل ثواب الدين و عقابه، فهما باقيان و منافع الدنيا فانية زائلة . كما يقول متحدثا عن الحكمة من خلق بعض الحشرات : فأما خلق البعوضة و النملة و الفراشة والذرة و الذباب و الجعلان و اليعاسيب و الجراد ، فإياك أن تتهاون بشأن هذا الجند … و فيها معتبر لمن اعتبر و موعظة لمن فكر، و صلاح لمن استبصر… و حجة صادقة و آية واضحة و سبب إلى الصبر و الفكرة. و هما جماع الخير في باب المعرفة و الإبانة. و في باب الأجر و عظم المثوبة ) الحيوان (.الإنسان مسؤول عن استخدام ميزة العقل التي ميزه الله بها لحكمة بالغة، وتوظيفها في اجتلاب الخير و إطاعة أوامر الخالق، و في اجتناب الشر والمعصية ليفوز بالسعادة في الدنيا و الآخرة.يقول مخاطبا الإنسان : فإنك مسؤول عن هذه الفضيلة لأنها لم تجعل لعبا و لم تترك هملا . فالعقل وسيلة الإنسان للاختيار و الاختبار، و أداته لتمييز الخير من الشر، العقل ضرورة من ضرورات التكليف الإلهي نابعة من الإيمان بمسؤولية الإنسان عن أفعاله. على أنه يعترضنا في ثنايا كتابات الجاحظ الموسوعية – و خصوصا كتاب الحيوان – العديد من الأخبار و الروايات و التعليلات التي تخالف العقل والمنطق، مثل قوله حديثه عن الذباب الذي يخلق من التعفن، و من الباقلاء إذا عتقت في الأقباء، و عن الفراش يخرج من تحت صمامة الآنية المغلقة حين يقول في حكاية الشيخ و الباقلاء)الحيوان( : و قد علمنا أن الإنسان يأكل الطعام و يشرب الشراب وليس فيهما حية و لا دودة فيخلق منها في جوفه ألوان من الحيات و أشكال من الديدان من غير ذكر و لا أنثى…. و بعد فنحن ننزع الصمامة من رؤوس الآنية التي يكون فيها بعض الشراب، فنجد هناك من الفراش ما لم يكن عن ذكر و لا أنثى… و إنما ذلك لاستحالة بعض أجزاء الهواء و ذلك الشراب، إذا انضم عليه ذلك الوعاء… لّذلك فلا بد من وضع الآراء و التمحيصات العلمية للجاحظ في إطارها التاريخي من تقدم العلوم في ذلك العصر. و يظل الجاحظ- على الرغم من ذلك- المفكر الذي سلط العقل حكما على سائر ما يعترضه من قضايا بما في ذلك المسائل الاعتقادية التي أراد أن يكون العقل حجة لها، تؤيدها و لا تتعارض معها،لأن الغاية من العقل هي الإيمان و البرهنة على حكمة الخالق.
          وطني علمني ان حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء
          وطني علمني ان التاريخ البشري بدون حب عويل ونكاح في الصحراءhttp://www.wahitalibdaa.com/image.ph...ine=1272034613

          تعليق


          • #6
            رد: عتبة إلى عتبات النص ليوسف الإدريسي

            منزلة العقل و قيمته
            عند الجاحظ


            هذه بعض المقتطفات من دراسة أعدّها جمع من أساتذة العربيّة اعرضها على تلاميذ الرّابعة آداب لعلّهم يجدون فيها بعض النّفع: إعلاء الجاحظ المعتزلي من شأن العقل:
            -العقل سلاح حارب به الجاحظ الكثير من الأوهام و الخرافات و الاعتقادات الساذجة وغير ذلك من الظواهر التي لا تخضع للمنطق…
            ميزة ميز الله بها الإنسان عن سائر المخلوقات ، و فضيلة كرمه بها. العقل أداة المعرفة و وسيلة الإنسان إلى اكتساب العلوم، و بقدر اتساع حاجة المرء إلى المعارف و ارتقاؤه فيها ، يكون اتساع عقله و ارتقائه. فالعقل و المعرفة لهما عند الجاحظ طابع وظيفي. العقل حكم على صحة العلم بالمدركات: الحواس لا تكون حجة على العقل، لكن العقل حجة عليها. فعلوم العقل هي الحاكمة على علوم الإدراك الحسي : فلا تذهب إلى ما تريك العين، و اذهب إلى ما يريك العقل. وللأمور حكمان ، حكم ظاهر للحواس، و حكم باطن للعقول ، و العقل هو الحجة . الدليل السمعي تابع للدليل العقلي، عملا بمبدإ أسبقية العقل على النقل الذي آثرته المعتزلة. بالعقل يتوصل إلى معرفة الظواهر الطبيعية من حوله، و أحوال الاجتماع الإنساني والأخلاق و القيم، فيتبين حكمة الخالق في خلقه كما يتبين الخير والشر فيكون العقل سبيل إلى التوصل إلى حكمة الخالق: اعلم أن الجبل ليس بادل على الله من الحصاة، و لا الفلك المشتمل على عالمنا هذا بأدل على الله من بدن الإنسان ، و أن صغير ذلك ودقيقه كعظيمه وجليله،و لم تفترق الأمور في حقائقها ، و إنما افترق المفكرون فيها . كما قال : فإياك أن تسيء؛ الظن بشيء من الحيوان لاضطراب الخلق و لتفاوت التركيب و لأنه مشنوء في العين أو لأنه قليل النفع و الرد؛ فإن الذي يظن أنه أقلها نفعا لعله أن يكون أكثرها ردا، فإلا يكن ذلك من جهة عاجل أمر الدنيا، كان ذلك في أجل ثواب الدين و عقابه، فهما باقيان و منافع الدنيا فانية زائلة . كما يقول متحدثا عن الحكمة من خلق بعض الحشرات : فأما خلق البعوضة و النملة و الفراشة والذرة و الذباب و الجعلان و اليعاسيب و الجراد ، فإياك أن تتهاون بشأن هذا الجند … و فيها معتبر لمن اعتبر و موعظة لمن فكر، و صلاح لمن استبصر… و حجة صادقة و آية واضحة و سبب إلى الصبر و الفكرة. و هما جماع الخير في باب المعرفة و الإبانة. و في باب الأجر و عظم المثوبة ) الحيوان (.الإنسان مسؤول عن استخدام ميزة العقل التي ميزه الله بها لحكمة بالغة، وتوظيفها في اجتلاب الخير و إطاعة أوامر الخالق، و في اجتناب الشر والمعصية ليفوز بالسعادة في الدنيا و الآخرة.يقول مخاطبا الإنسان : فإنك مسؤول عن هذه الفضيلة لأنها لم تجعل لعبا و لم تترك هملا . فالعقل وسيلة الإنسان للاختيار و الاختبار، و أداته لتمييز الخير من الشر، العقل ضرورة من ضرورات التكليف الإلهي نابعة من الإيمان بمسؤولية الإنسان عن أفعاله. على أنه يعترضنا في ثنايا كتابات الجاحظ الموسوعية – و خصوصا كتاب الحيوان – العديد من الأخبار و الروايات و التعليلات التي تخالف العقل والمنطق، مثل قوله حديثه عن الذباب الذي يخلق من التعفن، و من الباقلاء إذا عتقت في الأقباء، و عن الفراش يخرج من تحت صمامة الآنية المغلقة حين يقول في حكاية الشيخ و الباقلاء)الحيوان( : و قد علمنا أن الإنسان يأكل الطعام و يشرب الشراب وليس فيهما حية و لا دودة فيخلق منها في جوفه ألوان من الحيات و أشكال من الديدان من غير ذكر و لا أنثى…. و بعد فنحن ننزع الصمامة من رؤوس الآنية التي يكون فيها بعض الشراب، فنجد هناك من الفراش ما لم يكن عن ذكر و لا أنثى… و إنما ذلك لاستحالة بعض أجزاء الهواء و ذلك الشراب، إذا انضم عليه ذلك الوعاء… لّذلك فلا بد من وضع الآراء و التمحيصات العلمية للجاحظ في إطارها التاريخي من تقدم العلوم في ذلك العصر. و يظل الجاحظ- على الرغم من ذلك- المفكر الذي سلط العقل حكما على سائر ما يعترضه من قضايا بما في ذلك المسائل الاعتقادية التي أراد أن يكون العقل حجة لها، تؤيدها و لا تتعارض معها،لأن الغاية من العقل هي الإيمان و البرهنة على حكمة الخالق.
            وطني علمني ان حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء
            وطني علمني ان التاريخ البشري بدون حب عويل ونكاح في الصحراءhttp://www.wahitalibdaa.com/image.ph...ine=1272034613

            تعليق


            • #7
              رد: عتبة إلى عتبات النص ليوسف الإدريسي

              لجاحظ،المفكر المنهجي
              الموضوعية و الشك المنهجي

              o الموضوعية و التجرد:
              الشــــك :
              الشك المنهجي إذن إستراتيجية في اكتساب المعرفة و منهج لتقدم العلوم ، فهو الذي يضمن الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى أكثر تثبتا و أقرب إلى اليقين، يقول على لسان أستاذه إبراهيم النظام : ” و لم يكن يقين قط حتى كان قبله شك، و لم ينتقل أحد عن اعتقاد إلى اعتقاد غيره حتى يكون بينهما حال شك ” .
               عدم الاغترار بظواهر الأشياء أو الاستناد على المظاهر في تقييم الأمور : ” أوصيك أيها القارئ المتفهم و أيها المستمع المنصت المصيخ، أن لا تحقر شيئا أبدا لصغر جثته، ولا تستصغر قدره لقلة ثمنه” ) الحيوان (” .  الانطلاق في بحث المسألة بحثا عقليا من رفض الانقياد للمسلمات أو التسليم بصحة الأفكار المسبقة مهما تكن راسخة أو شائعة و مهما يكن ثبات الرواة و الثقة في علمهم : “زعم أبن أبي العجوز أن الدساس تلد، و كذلك خبرني به محمد بن أيوب بن جعفر عن أبيه و خبرني به الفضل بن إسحاق بن سليمان، فإن كان خبرهما عن إسحاق. فقد كان إسحاق من معادن العلم ” إلى أن يقول : “و لم أكتب هذا لتقر به …. ” . بحثه عن المعلومة في مظانها و مصادرها الأصلية، و اتصاله بأصحابها المتخصصين فيها، و أمثلة ذلك كثيرة منها : “و سمعت حديثا من شيوخ ملاحي الموصل… ” “وخبرني من يصيد العصافير … و شكا إلي حواء مرة … ” التحري و الاقتصاد في الحكم : كثيرا ما يميل الجاحظ إلى الترجيح و التغليب أو الشك و الاستبعاد، و لعل ذلك من مظاهر تواضعه العلمي و تقديره للثقات الذين يروي عنهم من أفذاذ العلماء في عصره، كما في قوله : ” و لا أدري أي الخبرين أبعد، أخبر ابن غالب في تفسيخ الثوب )يقصد تقطع الثوب بتأثير سم الأفعي( أو خبر ابن المثنى في سلامة الفروج على الأفعى ” أو كقوله في نهاية روايته لخبر الحية صيادة العصافير : ” فهذه أعجوبة من أعاجيب ما في الحيات” .و لا تكاد تعترضك في كلام الجاحظ أحكام مطلقة، أو آراء نهائية مؤكدة، إلا متى كان الغلط فيها بينا، كموقفه من ذلك الأعرابي الذي ادعى وجود حية برأسين، فسأله محاجا : ” من أيهما تأكل ” و لما أجابه بأنها تتعشى بفم و تتغدى بفم، علق قائلا : ” فإذا به أكذب البرية ” . استقلاله الفكري و عدم تبعيته لأحد مهما تعظم مكانته العلمية، إلا متى أقر بصحة رأي من آراء أساتذته و وافقه، فقد رد على أرسطو في كثير من المواضع التي نقل فيها و من أمثلة ذلك قوله : “و قد سمعنا ما قال صاحب المنطق من قبل… وما يليق بمثله أن يخلد على نفسه في الكتب شهادات لا يحققها الامتحان ” )” الحيوان “1/ 185( اعتماد الشك منهجا في البحث و سبيلا إلى المعرفة الممحصة المتثبتة،( و هو ليس تشككا فلسفيا ناتجا عن انعدام الأيمان بوجود حقائق أو معارف ثابتة، كما هو الحال عند الفلاسفة المتشككين من أمثال شوبنهاور، و إنما هو منهج في التفكير و تمش في البحث يقرب الجاحظ المفكر و العالم من شخصيات أخرى عرفها تاريخ الفكر العلمي في العصور اللاحقة من أمثال الفرنسي “ريني ديكارت” و الإنقليزي “فرنسيس بيكون ” . و الشك أيضا دربة تكتسب بالمران و تتعلم، إذ يحتاج المتعلم أو المتدرب على البحث إلى أن يمتلك القدرة على تبين مواضع الضعف في الخبر أو الرأي أو الظاهرة، والمهارة في تعرف مواطن التهافت التي لا تستقيم معها الحجة، و لا تثبت أمام تسليط العقل و النظر : “فاعرف مواضع الشك و حالاتها الموجبة له، لتعرف بها مواضع اليقين والحالات الموجبة له، و تعلم الشك في المشكوك فيه تعلما. فلو لم يكن في ذلك إلا تعلم التوقف ثم التثبت … ” . اعتماد التجريح و الطعن في مواضع الضعف في الروايات لدحض ما يتعارض مع العقل بحجج منطقية و علمية تستند إلى طبائع الأشياء، كما فعل في نقد الرواية المتصلة”بحية بلعنبر” التي تظل مركوزة في رمل الهاجرة كأنها عود ثابت حتى تصطاد ما يقع على رأسها من العصافير ، و قد قال بعد إيراده الرواية :و في هذا الحديث من العجب أن تكون هذه الحية تهتدي لمثل هذه الحيلة، و فيه جهل الطائر بفرق ما بين الحيوان و العود )مسألة الحدود الدنيا و القصوى للغريزة عند الحيوان و إلى أي حد يمكن الحديث عن “ذكاء الحيوان” و فيه قلة اكتراث الحية للرمل الذي عاد كالجمر … ثم يشتمل على ثلث الحية ساعات من النهار ..و الرمل على هذه الصفة .. ”
              رفض التسرع في الحكم و التعجل بالتصديق أو التكذيب قبل التثبت : ” و لا يعجبني الإقرار بهذا الخبر، كما لا يعجبني الإنكار له “. و يظهر ذلك في إيراد الروايات بسند صحيح ثابت كما سمعها أو نقلها إليه الثقات من أصحابه و شيوخه من دون أي حكم مسبق لها أو عليها ، مثل إيراده تفصيلات حول طريقة الحية في اصطياد العصافير، و طرح وجهات النظر المختلفة في المسألة التي يدرسها طرحا موضوعيا من غير تدخل أو إصدار حكم إلا بعد التمحيص و الشك و التحليل، كما فعل حين أورد الروايات المختلفة التي سمعها عن طريقة ولادة الأفعى.
              وطني علمني ان حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء
              وطني علمني ان التاريخ البشري بدون حب عويل ونكاح في الصحراءhttp://www.wahitalibdaa.com/image.ph...ine=1272034613

              تعليق


              • #8
                رد: عتبة إلى عتبات النص ليوسف الإدريسي

                لجاحظ،المفكر المنهجي
                الموضوعية و الشك المنهجي

                o الموضوعية و التجرد:
                الشــــك :
                الشك المنهجي إذن إستراتيجية في اكتساب المعرفة و منهج لتقدم العلوم ، فهو الذي يضمن الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى أكثر تثبتا و أقرب إلى اليقين، يقول على لسان أستاذه إبراهيم النظام : ” و لم يكن يقين قط حتى كان قبله شك، و لم ينتقل أحد عن اعتقاد إلى اعتقاد غيره حتى يكون بينهما حال شك ” .
                 عدم الاغترار بظواهر الأشياء أو الاستناد على المظاهر في تقييم الأمور : ” أوصيك أيها القارئ المتفهم و أيها المستمع المنصت المصيخ، أن لا تحقر شيئا أبدا لصغر جثته، ولا تستصغر قدره لقلة ثمنه” ) الحيوان (” .  الانطلاق في بحث المسألة بحثا عقليا من رفض الانقياد للمسلمات أو التسليم بصحة الأفكار المسبقة مهما تكن راسخة أو شائعة و مهما يكن ثبات الرواة و الثقة في علمهم : “زعم أبن أبي العجوز أن الدساس تلد، و كذلك خبرني به محمد بن أيوب بن جعفر عن أبيه و خبرني به الفضل بن إسحاق بن سليمان، فإن كان خبرهما عن إسحاق. فقد كان إسحاق من معادن العلم ” إلى أن يقول : “و لم أكتب هذا لتقر به …. ” . بحثه عن المعلومة في مظانها و مصادرها الأصلية، و اتصاله بأصحابها المتخصصين فيها، و أمثلة ذلك كثيرة منها : “و سمعت حديثا من شيوخ ملاحي الموصل… ” “وخبرني من يصيد العصافير … و شكا إلي حواء مرة … ” التحري و الاقتصاد في الحكم : كثيرا ما يميل الجاحظ إلى الترجيح و التغليب أو الشك و الاستبعاد، و لعل ذلك من مظاهر تواضعه العلمي و تقديره للثقات الذين يروي عنهم من أفذاذ العلماء في عصره، كما في قوله : ” و لا أدري أي الخبرين أبعد، أخبر ابن غالب في تفسيخ الثوب )يقصد تقطع الثوب بتأثير سم الأفعي( أو خبر ابن المثنى في سلامة الفروج على الأفعى ” أو كقوله في نهاية روايته لخبر الحية صيادة العصافير : ” فهذه أعجوبة من أعاجيب ما في الحيات” .و لا تكاد تعترضك في كلام الجاحظ أحكام مطلقة، أو آراء نهائية مؤكدة، إلا متى كان الغلط فيها بينا، كموقفه من ذلك الأعرابي الذي ادعى وجود حية برأسين، فسأله محاجا : ” من أيهما تأكل ” و لما أجابه بأنها تتعشى بفم و تتغدى بفم، علق قائلا : ” فإذا به أكذب البرية ” . استقلاله الفكري و عدم تبعيته لأحد مهما تعظم مكانته العلمية، إلا متى أقر بصحة رأي من آراء أساتذته و وافقه، فقد رد على أرسطو في كثير من المواضع التي نقل فيها و من أمثلة ذلك قوله : “و قد سمعنا ما قال صاحب المنطق من قبل… وما يليق بمثله أن يخلد على نفسه في الكتب شهادات لا يحققها الامتحان ” )” الحيوان “1/ 185( اعتماد الشك منهجا في البحث و سبيلا إلى المعرفة الممحصة المتثبتة،( و هو ليس تشككا فلسفيا ناتجا عن انعدام الأيمان بوجود حقائق أو معارف ثابتة، كما هو الحال عند الفلاسفة المتشككين من أمثال شوبنهاور، و إنما هو منهج في التفكير و تمش في البحث يقرب الجاحظ المفكر و العالم من شخصيات أخرى عرفها تاريخ الفكر العلمي في العصور اللاحقة من أمثال الفرنسي “ريني ديكارت” و الإنقليزي “فرنسيس بيكون ” . و الشك أيضا دربة تكتسب بالمران و تتعلم، إذ يحتاج المتعلم أو المتدرب على البحث إلى أن يمتلك القدرة على تبين مواضع الضعف في الخبر أو الرأي أو الظاهرة، والمهارة في تعرف مواطن التهافت التي لا تستقيم معها الحجة، و لا تثبت أمام تسليط العقل و النظر : “فاعرف مواضع الشك و حالاتها الموجبة له، لتعرف بها مواضع اليقين والحالات الموجبة له، و تعلم الشك في المشكوك فيه تعلما. فلو لم يكن في ذلك إلا تعلم التوقف ثم التثبت … ” . اعتماد التجريح و الطعن في مواضع الضعف في الروايات لدحض ما يتعارض مع العقل بحجج منطقية و علمية تستند إلى طبائع الأشياء، كما فعل في نقد الرواية المتصلة”بحية بلعنبر” التي تظل مركوزة في رمل الهاجرة كأنها عود ثابت حتى تصطاد ما يقع على رأسها من العصافير ، و قد قال بعد إيراده الرواية :و في هذا الحديث من العجب أن تكون هذه الحية تهتدي لمثل هذه الحيلة، و فيه جهل الطائر بفرق ما بين الحيوان و العود )مسألة الحدود الدنيا و القصوى للغريزة عند الحيوان و إلى أي حد يمكن الحديث عن “ذكاء الحيوان” و فيه قلة اكتراث الحية للرمل الذي عاد كالجمر … ثم يشتمل على ثلث الحية ساعات من النهار ..و الرمل على هذه الصفة .. ”
                رفض التسرع في الحكم و التعجل بالتصديق أو التكذيب قبل التثبت : ” و لا يعجبني الإقرار بهذا الخبر، كما لا يعجبني الإنكار له “. و يظهر ذلك في إيراد الروايات بسند صحيح ثابت كما سمعها أو نقلها إليه الثقات من أصحابه و شيوخه من دون أي حكم مسبق لها أو عليها ، مثل إيراده تفصيلات حول طريقة الحية في اصطياد العصافير، و طرح وجهات النظر المختلفة في المسألة التي يدرسها طرحا موضوعيا من غير تدخل أو إصدار حكم إلا بعد التمحيص و الشك و التحليل، كما فعل حين أورد الروايات المختلفة التي سمعها عن طريقة ولادة الأفعى.
                وطني علمني ان حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء
                وطني علمني ان التاريخ البشري بدون حب عويل ونكاح في الصحراءhttp://www.wahitalibdaa.com/image.ph...ine=1272034613

                تعليق

                يعمل...
                X